الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحيطان وهو جدار محفوظ احسن الحفظ بالنسبة إلى سائر الأسوار ويشرف على تلك الاخربة كلها. أما نحت هذا الأسد فهو وان لم يكن متقناً أتم الإتقان إلا أن سمت هذا السبع حسن أي حسن حتى انه يخال الناظر إليه أنه يرى عظمة بابل السابقة السامقة التي يمثلها
أبدع تمثيل ملك الحيوانات هذا، ويصورها لأهل عصرنا هذا كما تصورها أهل تلك القرون الخالية.
وفي زاوية هذا الصرح المنيع تبتدئ الجادة السلطانية التي كانت تؤدي السائر فيها إلى عدوة الفرات التي تتشطط الجهة الشرقية من القصر الثالث الذي يسميه اليوم المهندسون (قصر الجنوب الشرقي) وهذه الجادة عريضة بعرض طرقنا الإفرنجية العمومية ومحدودة بحائطين عظيمين هائلين، وقارعتها مفروشة بطبقة قير ثخينة وعليها آجر عريض تكسير وجهه المربع خمسون سنتيمتراً وثخنه اثنا عشر سنتيمتراً.
وفي وسط الجادة بين القصرين قصر الشمال الشرقي وقصر الجنوب الشرقي.
الأب لويس الكرملي
إعراب الشرارات
ذكر حضرة الكاتب الألمعي سليمان أفندي الدخيل هؤلاء الإعراب في مقالته (بعض الإعراب غير المنسوبة) ص309 ووعدنا القراء أن نوافيهم معرفتنا لهؤلاء الأقوام فنقول:
1.
عددهم ومحل وجودهم ووصف بلادهم
الذي سمعناه نحن عن عدد هؤلاء الأقوام انه يتردد بين الستين والثمانيين ألف نسمة، يأوون جميعهم إلى خيم يحيكونها من وبر الجمال ويضربونها في الديار الواقعة بين مواب (متصرفية معان الحالية) والبلقاء شرقاً بين خليج الفارس غراباً وشمالاً إلى غرب. واسم تلك الديار (ارض السرحان وارض الصوان والحماد)
أما أراضي السرحان (والسرحان بكسر فسكون) فأكثرها سوداء مثل حلك الغراب، بركانية الأصل والتركيب، كلها حرار، وسميت بأراضي السرحان والسرحان هو الذئب والأسد لان الإعراب يتوهمون أن الذئاب والأسود تكثر فيه وتفتك بالمسافرين.
وأما أراضي الصوان فبعضها حرار وبعضها عبلاء وحمراء قليلاً. وسميت بأراضي الصوان لكثرته هناك. وهي متوفرة الحصى واسعة الأكتاف مترامية الأطراف وأكثرها سهول وحزون. لأنه يرى فيها هضاب وتلال. ويبلغ طولها من شمال إلى الجنوب نحو خمسة أيام على الهجين، وعرضها من الشرق إلى الغرب نحو مسير ثلاثة أيام. وتبعد عن الكرك شرقاً نحو ستة أيام على ذلك السير، ونحو ذلك من مادبا. ومادبا قرية نصرانية في سهول البلقاء.
وأما الحماد (وزان سحاب) فهو أرض واسعة واقعة في جنوبي تدمر ممتدة من وادي الفرات إلى جبال حوران عرضاً. وأما طولاً فلا يعرف
له قرار متفق عليه. وقيل: أن تحت اسم الحماد ينطوي أراضي أو وادي السرحان وأراضي الصوان، لان الحماد صقع تكسير سطح اكثر من خمسمائة ألف كيلومتر مربع وهو عبارة عن كل شنخوبة جزيرة العرب من الشمال أي بين جبال عبر الأردن وجبال ديار أدوم والحرار غرباً، وبين جبل شمر جنوباً، وسهول الفرات شرقاً وشمالاً، والحماد هو الذي يسميه بعضهم (بادية العرب) وفريق منهم (بادية الشام) وارض العراق (شولاً) وهذا الصقع وان كان عبارة عن فلواتٍ وفدافد، إلا أن أدنى مطر يسقط عليها ينبتها كلأ ووافراً ترعاه ماشية الإعرابي ومن ذلك
اسمه الحماد لمحمدة ارضه، وحسنه.
2 -
زرعهم وطعامهم
قد رأيت أن هذه الأراضي فلوات قاحلة لا زرع فيها من زرع ابن آدم، بل أن ما ينبت فيها بعض الأنبتة الضعيفة من جنس الحشائش ولاسيما نوع منها يتغذون بحبوبه اسمه (السمح) بفتح وسكون. وتلك الحبوب تشبه السمسم أو الخشخاش بلونها وقدرها. ونوع آخر اسمه الدخن (بضم فسكون) وحبته صغيرة جدا تشبه حبة القريص ولونها أحمر جداً. وهو غير الدخن المعروف بهذا الاسم في العراق. فمن حبوب هذين النبتين يتقوم طعام الشرارات إذ يطحنونها ويتخذون منها أقراصاً ثم يخبزونها. وهم يظنون أن من يأكل خبز الحنطة أربعين سنة تنهكه الأمراض وتتمزعه الأسقام ولهذا يسمونه (خبز الأوجاع) ويكرهونه اشد الكراهية حتى انهم لا يبقونه عندهم في البيت لاعتقادهم أن مجرد وجوده فيه مجلبة للأضرار والأدواء على أصحاب الديار. وهم يرون انهم إذا حرموا حب السمح أو الدخن
فالأحسن لهم أن يأكلوا خبز الشعير. بيد أنني شاهدت فقراء منهم يأكلون خبز الحنطة بشوق وارتياح كما يأكله غيرهم من أعراب سائر القبائل والعشائر.
ومن أطعمتهم نوع من العجر النباتية اسمها التمر (وزان سكر) تشبه البطاطة وهي تجيء عفواً في الصحراء في شرقي معان.
وفي الجوف أنواع النخل إلا أن الشرارات لا يذوقون تمرها لأنها راجعة إلى ملاكين آخرين، ولهذا فليس لهم شيء يذكر سوى ما يقتنونه من غنمهم ومواشيهم. وإذا وقع في بلادهم الجراد فرحوا اعظم الفرح لأنهم يفضلونه على سائر الأطعمة والألوان.
وفي أراضيهم تنبت أنواع الحمض والأشواك كالعاقول وغيره فتكون طعام الجمال.
وهم يكثرون من شرب لبن النوق حتى انه كثيراً ما يتفق لهم انهم يبقون أياماً عديدة بدون آكل وشرب ماء لاعتمادهم على جرعة من اللبن المذكور.
وفي ديار الشرارات ملح كثير وهو يغزر في بقعة اسمها (ارض السيار) بتشديد الياء. وهناك كثير من الإعراب يحملون منه الأقدار العظيمة فيذهبون به إلى سائر قبائل وعشائر البوادي المبثوثة في ديار مؤاب وسهول البلقاء وحزون السلط. وقد شاهدت هذا الملح فوجدته احسن بكثير من ملح جبل أسدم الواقع في الزاوية الجنوبية الغربية من البحر
الميت.
3 -
المطر
المطر القليل في تلك الأرجاء، ألا أن الضباب يكثر عندهم في أيام الشتاء ومثله الندى والسدى فيقوم ذلك كله مقام الأمطار الغزار. على انه يرى فيها عدة ينابيع وعيون ماء شديدة الاندفاع وفي بعض أراضيها من المياه المخزونة ما يكفيك أدنى حفر لتقع على حائر وافر الماء.
4 -
حيواناتهم
مال هؤلاء الرجال: الحمر والهجان والجمال. وقد سمعت بعضهم يقول أن بعض اتتاتتئم (تلد ولدين) وعندهم عدد غير يسير من جياد الخيل العراب. ولهم أيضاً شئ من البغال. يسمون بلسانهم البغل الذي أبوه حصان وأمه أتان (سيسي) وتجمع على سياسي وكلا اللفظيين بتشديد الياء ويقوم مقام السرج عندهم ضرب من الجلال يتخذ من الجلد يعلقون به ركابات بسيطة يسوونها من قشر الحمض ويضفرونها ضفراً أو يبرمونها برماً ويعلقون بالطرف الأسفل من كل جهةٍ من جهتي الراكب عودة مستديرة
أو كالمستديرة يقطعنها من الحمض فيتخذونها بمنزلة الركابات التي نتخذها نحن لخيلنا.
أما سائمنهم فهي البقر والغنم وهي قليلة عندهم. ولبغض هذه الغنم أربعة أو ستة قرون وهي وان تكن نادرة فانك لا تشاهد مثلها في الديار المجاورة للمدن.
5 -
لباسهم
يلبس رجال الشرارات مئزراً من جلد الجمال يسترون به عورتهم. والشيوخ منهم يستشعرون شعاراً من وبر الجمال يستر جسدهم من فوق إلى اسفل. وأما نساؤهم فلباسهن كلباس الرجال إلا أن مآزرهن مزركشة الأهداب والذباذب.
6 -
نقودهم
هؤلاء الأعراب لا يعرفون من النقود إلا المجيدي. وهم يقيسون كل الدراهم من كبيرة وصغيرة على هذا النقد. فربما اخذوا ما ليس بمجيدي واعتبروه مجيدياً لكونه بقدره. وفي المعاملات التي هي أدنى من مجيدي يقولون: نصف مجيدي وربع مجيدي ونصف ربع
المجيدي. وما عدا ذلك لا يعرفون شيئاً.
7 -
القراءة والكتابة عندهم
لا تجد فيهم من يحسن القراءة والكتابة بل ولا من يميز حرفاً من حرف. وإذا اضطر أحدهم في معاملاته إلى التعبير عن أفكاره اتخذ الرسول كتاباً ناطقاً وأنفذه صاحبه.