الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بشيء يدلك على آثرها، لأنها لم تبق عامرة بعد وفاة المتوكل ولا سكنها أحد بعده. قال اليعقوبي (وولى محمد المنتصر بن المتوكل (يعني بعد وفاة أبيه) فانتقل إلى سر من رأى، وأمر الناس جميعاً بالانتقال عن الماحوزة وان يهدموا المنازل ويملوا النقض إلى سر من رأى فانتقل الناس وحملوا نقض المنازل إلى سر من رأى وخربت قصور الجعفري ومساكنه وأسواقه في أسرع مدة وصار الموضع موحشاً لا أنيس به ولا ساكن فيه، والديار بلاقع كأنها لم تعرف ولم تسكن.) فهذا
هو السبب الوحيد لإهمال ذكر الجعفرية وعفاء رسمها واندراس أثرها. - ويوجد اليوم في تكريت قوم يعرفون (بالجعافرة) والبعض يسميهم (بالجعفرية) وتظن جماعة من أهل العراق انهم بقية من بقايا أولئك القوم الذين نزلوا بالجعفرية أيام المتوكل وبقى هذا الاسم عليهم. - والحقيقة انهم ليسوا كما يظن بهم، بل هم من ولد رجل اسمه جعفر وقد انتسبوا إليه وهو جدهم الخامس.
إلى هنا ينتهي ما كان في غربي سامراء من الإطلال الدوارس المعروفة الأسماء عند أهل تلك الديار. وهو فوق كل علم عليم.
كاظم الدجيلي
مغاصات اللؤلؤ
إن برزخ بناما الواقع في العالم الجديد كان في حين من الزمان زاهراً
مملوءاً بالأصداف النفيسة حتى أن سفيل جلب في سنة واحدة كمية وافرة جداً من اللؤلؤ وكان بينها لآلئ حسنة ذات قيمة عظيمة قادرة الوجود ولكن واهاً على تلك الأراضي الجميلة المزدانة بأنواع الأشجار فقد أصبحت خراباً بعد أن كانت زاهية وذلك اثر ما آتاه فريق من بني البشر من التعديات الفظيعة على سكان تلك البقاع الضعفاء المساكين الذين كانوا يقاسون من الذل والهوان، ما تقشعر له الأبدان، وينفر من سماعه الإنسان.
فكم هندي صار هدفاً لسهام المسيطرين الذين دوخوا تلك الربوع عندما اكتشفها كولمبس العظيم، وكم منهم لم يعط قوت يومه يطوي نهاره وليله صائماً خائر القوى، وكم منهم صار فريسة سائغة لكلاب الماء وتماسيحه المفترسة. وكم منهم ضربه سيده سياطاً ذلك السيد الفاقد المروءة والشهامة حتى مزقت لحمانه واسلت دماءه، وكم منهم انزل رغم انفه ليغطس في البحر ويستخرج الجواهر المدفونة في قعره فغاص مضطراً كارهاً ولم ير نور الشمس ثانية تخلصاً من العذابات الأليمة والقصاصات الشديدة، وكم منهم هرب ولم يوقف له على اثر، وكم منهم نجا بنفسه تاركاً وراءه عائلته المحبوبة تتضور جوعاً، وكم من الأطفال والنساء العاجزات لعبت بهم أيدي العبث والفناء.
فشطوط اللؤلؤ تجردت هناك من أصدافها رحمةً بأولئك الأقوام النحسي الطالع وانتقاماً من ذوي المطامع الاشعبية الذين همهم الوحيد في هذه الدنيا جمع الأموال ولو سبب ذلك انقراض القبائل والشعوب
الضعيفة ودمار الأمصار العامرة وخرابها.
ولحسن الحظ لم يحدث عندنا في الشرق ولا في غيره ما حدث عند إخواننا في العالم الجديد من الضغط والعبودية الجائرة، وعليه فمغاصات اللؤلؤ والمرجان لم تزل حتى يومنا هذا زاهية بالأصداف البديعة وهذه المغاصات هي في بحر هولاندا والمكسيك وشطوط اليابان والخليج الفارسي وجزيرة سيلان وقد وصف الأخيرة منها بلينوس الروماني العالم بالطبيعيات الذائع الصيت صاحب كتاب علم المواليد المشهور منذ آلفي سنة تقريباً بقوله (جزيرة ذات ذهب خالص ولآلئ لا نظير لها. جزيرة يغشاها النخل الذي لا يموت. جزيرة هي كالملكة جالسة على عرش المياه الساطعة بأشعة الشمس. جزيرة من غياضها تفوح رائحة القرفة الذكية ومن غاباتها تتضوع الأرجاء بشذا عبير أطيابها العطرية).
إن أكبر مغاص للؤلؤ في جزيرة سيلان هو الشواطئ التي تبعد عنها نحو عشرين ميلا فيراها الإنسان مقفرة طول السنة إلا في شهري شباط وآذار فيوجد فيها من طلاب الكنوز النفيسة والجواهر الثمينة أقوام شتى مختلفة اللغات متباينو الدرجات قد آتوا من ممالك ومدن عديدة وجميعهم ساعون لغرض واحد وهو احتكار اللؤلؤ. فهناك التاجر والمسافر والكاتب والعامل والغواص الوطني الخ.
أما كيفية استخراج اللؤلؤ هناك فهو عندما تجنح الشمس إلى مغاربها يطلق مدفع إشارة إلى إنزال القوارب في الماء ومباشرة العمل. وفي كل قارب
نحو عشرين رجلاً، عشرة منهم تجذف والعشرة الثانية تغطس متناوبة أما الغطس فلا يبدأ إلا حينما يقتنص بازي الضوء غراب الظلام.
وفي اسفل كل زورق خمسة أحجار حمراء. وفي وسط كل منها ثقب فيه حبل متين فإذا غاص الغواص يضع قدمه اليمنى بثبات على الحجر ويتمسك بالحبل فيهبط حالاً إلى قعر البحر معه سلة أو كيس مربوط حول عنقه ثم يأخذ يجمع الأصداف التي حواليه بسرعة تحاكي وميض البرق بدون أن يلتفت يميناً أو شمالاً خوفاً من رؤية عدوه الأزرق. واعلم أن بعض الغواصين يبقون تحت سطح البحر دقيقة واحدة وآخرون دقيقتين وغيرهم ثلاث دقائق أو أربعاً أو خمساً الخ إلى أن تضيق بهم الحال فيحركون الحبل الذي بيدهم إشارة إلى أكتافهم بما لديهم والى ضيق ذرعهم فيسرع رفقائهم الذين في القارب إلى جذبهم إلى فوق.
وكل من يبقى تحت الماء اكثر من اللازم يصاب غالبا بأنه في بدنه حتى أن اغلب الغواصين، ألم اقل كلهم، حينما يرفعون إلى وجه البحر يرعفون بل ربما تسيل الدماء من أفواههم وآذانهم ولكن قل من يفتكر منهم بهذه المسألة الخطرة. أما الذي يخيفهم ويفزعهم هو ذلك العدو الألد اعني به القرش أو الكوسج لا غير. هذا وكل من الغواصين يغوص في اليوم من أربعين إلى خمسين مرة تقريباً وإذا امتلأت القوارب يقفل أصحابها راجعين إلى الشواطئ حيث يفرغون الوسق ثم يستأنفون العمل على هذه الصورة يومياً إلى أن ينتهي فصل استخراج اللؤلؤ.
أما استخراج اللؤلؤ في الكويت والبحرين وفي ثغور خليج فارس
فهو في كل سنةٍ يزداد
ازدياداً باهراً وينمو نمواً عظيماً على ما ذكره عبد العزيز أفندي ابن احمد الرشيد البداح الكويتي وقد قال: (إن تعبه عظيم، ونصبه جسيم، وتقسم سفنه قسمين: قسم يكون صاحب السفينة هو الذي يعطي البحرية ما تحتاجون إليه من الدراهم ويكون إعطاؤها إياهم منجماً ومرتباً. وذلك قبل السفر وبعده: فما قبل السفر يسمى في اصطلاحهم سلفاً وما بعده تسقاماً. والغالب أن من اخذ بهذه الصفة تحسب عليه العشرة اثني عشر، فإذا أعطى صاحب السفينة للبحرية بهذه الصفة يكون له خمس قيمة اللؤلؤ ونصف الخمس لأجل السفينة. والنصف الآخر لأجل إعطاء الدراهم. والقسم الثاني أن يعطى صاحب السفينة سفينة لقوم يسافرون فيها ولا يعطيهم شيئاً من الدراهم فهذا القسم يكون لصاحب السفينة نصف خمس قيمة اللؤلؤ لأجل السفينة وهذا القسم قليل إذ الغالب هو القسم الأول. وأما من حيث البحرية فقسمان أيضاً قسم يباشرون استخراج اللؤلؤ بأنفسهم ويسمون هؤلاء في اصطلاحهم غاصة. وقسم يباشرون فيه الغوص على حساب غيرهم.
وأما كيفية الغوص فأنواع: نوع يغوص الإنسان به بحجر في عنقه شبه الزبيل يجعل فيه الصدف المستخرج من البحر. ونوع يغوص الإنسان وفي رجله حجر فإذا وصل إلى الأرض نزعه من رجله ثم مضى لأجل الصدف وليس معه حبل. ثم إذا ضاق نفسه خرج، ونوع يغوص الإنسان وفي رجله حجر ومعه حبل فإذا وصل إلى الأرض نزع