الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بغداد قديم إذ قد ورد في تاريخ الآشوريين قبل المسيح بألف وتسعين سنة. فقد جاء في التواريخ المسمارية الخط المكتوبة على الآجر: أن الملك أشور بلكلا رتق ما فتقه أبوه فأخذه بغداد واكتسح أنحاء بابل واضطر الملك مردوخ شايكزر مايي على أن يطلب الصلح.
وقد وجد العلماء في نفس بغداد أجراً كثيرا مكتوبا عليه اسم بغداد وبعض الوقائع التي جرت فيها، وعليه فالقول أن اللفظة فارسية أو أرمية أو غير ذلك هو من باب التكلم على أساس غير ثبت. وأما معناها في اللغة الآشورية فلم يهتد إليه العلماء فلعل التبحر في هذه اللغة يكشف القناع عن حقيقة معناه.
وأما أسماء بغداد واختلاف اللغات فيها فقد رأيت أنها كثيرة تبلغ العشرين وهي: بغداد. وبغذاذ، وبغداذ. وبغذاد، وبغدان، وبغدين، ومغذان، ومغدان، وبغدام، ومغدام، وبغذان، وبهداد، والزوراء، ومدينة السلام، ودار السلام، وقبة الإسلام، وحاضرة العباسببن، ودار الخلافة، ودار الأمارة العباسية، وأم العراق. إلى غير هذه الأسماء ما يستغني عن ذكرها.
رزوق عيسى
نقد كتاب تاريخ آداب اللغة العربية
1 -
تمهيد
إذا بحثت عن كتبة العرب في هذا العصر وجدتهم كثيرين
وفيهم المعرب والجاري على طريقة الكتابة في عصر انحطاط اللغة. والجاري إلى أساليب أهل هذا العصر. والجاهل الذي لا يدري ما يكتب، أما إذا فتشت عن الكاتب البليغ المبتدع للمعاني، والمبتكر للمواضيع، فانك لا تجده إلا بشق النفس ونعني بالمبتدع المبتكر من يكتب في المواضيع لم يسبقه إليها أحد فينقلها عنه من يجيء بعده من الكتبة أو ينقلها الأجانب إلى لغاتهم إقراراً بفضل المؤلف وعلمه وابتكاره المباحث.
وممن نفتخر بقلمه وعلمه الكاتب والمؤرخ الشهير جرجي أفندي زيدان صاحب مجلة الهلال والتأليف المختلفة المواضيع، والذي نقلت عدة كتب من تصانيفه إلى لغات الأجانب. فإذا قلنا أنه هو العربي الوحيد الذي اقر بفضله علما الإفرنج لنقلهم بعض أسفاره إلى ألسنتهم لما غالينا في كلامنا، ولما تعدينا الحقيقة.
على أن سماع هذه الكلمات بشق على كثيرين من الحساد. ولهذا اخذ بعضهم يتنقصونه ويغضون منه ظناً منهم انهم أن فعلوا هذا الفعل يزيدونه قدراً ويسبونه إلى الفضل ويتفوقون عليه كل التفوق، ونسوا قول الشاعر:
ترى متى تشتفي الحساد من رجل
…
تريد خفضاً له والله يرفعه
إذا قضى الله أمراً لا يرد وان
…
أجرى عطاء فمن في الأرض يمنعه
ألف جرجي أفندي زيدان عدة كتب وروايات حظيت غاية الحظوة عند العامة والخاصة، ومن الكتب التي وقعت احسن موقع
عندهم هذا كتابه الأخير وهو: (آداب اللغة العربية) فلما وقف عليه الحساد جاشت في صدورهم أبحر الغيظ وأخذت الحزازة تزداد شدة وأذى. حتى انهم اخذوا يتعرضون لما يمس شرفه وشخصه في انتقادهم لهذا الكتاب الجليل عوضاً من أن يذكروا ما فيه من المغامز والأغلاط لتصحح في الطبعة الثانية.
هذا وأننا وأن أجللنا المؤلف وتأليفه فأننا لا نريد بهذا الإجلال أن نعصمه من الخطأ أو نجعل مصنفاته بعيدة عن شوائب النقص والخلل فالإنسان لكونه إنساناً ينزله الوهم وينتابه الزلل، على حد ما قيل: الإنسان، محل النسيان.
وكتاب تاريخ آداب اللغة العربية من المؤلفات التي تطرق إليها السقط على أنواعه ونحن نقسمه إلى ثلاث طوائف: 1 - أغلاط الطبع والأصول العربية 2 - أغلاط التعبير 3 - الأوهام في جدة الآراء. ونحن نأتي بذكر كل طائفة على حدة لتتضح الأمور للقارئ فنقول:
2 -
أغلاط الطبع والأصول العربية
كنا نظن أن مطابع بغداد وحدها تأتينا بأعاجيب الأغلاط وما كنا نخال أن سائر المطابع تلد مثل ذلك النتاج الغريب. فان أغلاط هذا الكتاب كثيرة تعد بالعشرات وتكاد تبلغ المائة. وكان الأجدر بمتولي طبع هذا السفر الجليل أن يصونه عن مثل هذه الشوائب المخلة به. لاسيما لأنه ينتظر أن يقع في أيدي الكثيرين من علماء وجهلاء. ولهذا كان يحسن بان ينزه عن كل ما يشوه محاسنه. من
ذلك ما ورد في ص 11 قوله الاحافير وهي لفظة لاحظ لها من العربية بهذا المعنى والأحسن أن يقال: الآثار المدفونة. أو المندرجات أو الرقم بضمتين جمع رقيم. لان الاحافير جمع احفار جمع حفر وهو التراب المخرج من المحفور لا غير.
وقوله ص 120 وقد تعاصر البابليون والمصريون. والأصح: وقد عاصر البابليون المصريون لان لاوجود للتفاعل في مادة ع ص ر. وقوله في تلك ص: فيها قائمة بأسماء، والأصح: قائمة أسماء، واحسن منه: ذكر أسماء وقوله: ورقة. وهي اسم بلدة قديمة في العراق. والأصح: وركاء بالكاف لا بالقاف وراءها ألف ممدودة (راجع معجم ياقوت. ومجلة المشرق 5: 675.
وجاء ص13: بغدد، والأصح بغداد، والمتحف، والأصح دار المتحف. وعثر النقابون أمس على بقايا هذه المكتبة مكتبة بين النهرين. أو على بقايا مكتبة بين النهرين هذه. أو نحو ذلك.
وورد في ص14: فالتمدن الإسلامي مدين لآداب اليونان في اكثر العلوم الطبيعية. فهذا تعبير إفرنجي، ولو قال: فلآداب اليونان فضل على التمدن الإسلامي في اكثر العلوم الطبيعية، لكان افصح وأحلى عبارة.
ومن هذا الباب باب الوهم قوله في ص15: تجد لكل أمة خصائص في شعائر ومداركها تمتاز بها عن سواها، والمطلوب في
هذا المقام شواعرها بدل شعائرها. وهذه غير تلك وبالعكس. وفي ص17 الشعر الغنائي والأصح الغنائي وفي ص30 والزراقة للزرافة وفي
ص40 الطياهج للطباهج والسكنجين والخلنجين في السكنجين والخلنجين والمزنجوش في المرزنجوش وفي ص45: وكان الهذيليون وهم قبيلة من مضر يجعلون الحاء عيناً ويسمونها العجعجة (كذا). والأصح الفحفحة بفاءين عوض العينين. وقال: ومنها الجعجعة (كذا) في قضاعة وهي أن يجعلوا الياء المشددة جيناً (كذا) والأصح العجعجة. . . جيماً. ثم أن تقييد القول يجعل الياء المشددة جيماً هو موافق لبعض اللغويين والحق أن قلب الياء جيماً غير خاص بالياء المشددة بل بمطلق الياء. راجع التاج مادة ع ج ع ج. وقوله: الاسننطاء في لغة سعد بن بكر وهي أن يقولوا أنطى بدل أعطى. وليس هذا الكلام بصحيح وإنما الصحيح هو: أن الاستنطاء في لغة سعد بن بكر وهذيل والازد وقيس والأنصار جعل العين الساكنة نوناً إذا جاورت الطاء (لا في انطى فقط بل كلما شابه اللفظ) وما انطى إلا من باب التمثيل هنا. وان كان الاستنطاء مشتق من ذلك فهذا من باب تعميم التسمية. (راجع المزهر 1: 109).
وقوله ص46: ليس في جزيرة فقط بل في كل بلد دخله الإسلام. والأصح أن يقال: ليس في الجزيرة فقط (أي في جزيرة بلاد العرب) بل. . .