الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إما مدارسهم فهي مدارس خاصة بهم تشمل جميع المطالب وتجمع في ردهاتها كل طالب على السواء. فالتلميذ يأخذ أي كتاب كان أو أي كتاب أراد قراءته ثم يحضر المدرسة
ويقرأه على المعلم الموجود فيها بدون أن ينتظم في سلك حلقةٍ تتلقى العلم معاً من الأستاذ في وقتٍ محدود كما في المر الجاري في المكاتب العصرية المنتظمة.
(وبيوت أكثرهم ليست إلا مدارس ونوادي علم. إذ ترى فيهم من ينضم إلى رفيقٍ ثانٍ له أو إلى ثالث أو أكثر حسبما يتفقون عليه فيجتمعون في بيتٍ واحد منهم. أو انهم يجتمعون في كل يوم في بيت غير البيت الأول في بيت الرفيق على التوالي فيتدارسون في الكتب التي وقعت بأيديهم وهكذا يفعلون حتى النهاية على ما كان جارياً في سالف الزمن في أنديتهم ومجالسهم ومجتمعاتهم).
سليمان الدخيل: صاحب جريدة الرياض ومنشئها.
التأسل والتأسن
للإفرنج لفظة وهي يريدون بها خاصية تكون في الكائنات الحية من شأنها أن تنقل صفاتها وفصولها إلى من يخلفها أو يعقبها، تلك الصفات والفصول الراجعة إلى هيئة جسمها أو تركيب بنيتها مادياً أو أدبياً أو عقلياً.
وقد تظهر هذه المميزات في الابن رأساً بعد أن كانت في الأب. وقد لا تظهر في الابن قدماً بل تنتقل إلى الحفيد أو إلى ما وراءه بعد
فترةٍ في النسب أو فتراتٍ لا تظهر فيها تلك الفصول وكل ذلك يحسب من باب الوراثة.
والعرب يسمون هذه الخاصية (التأسن والتأسل) على ما نراه قال في تاج العروس: تأسن أباه: أخذ أخلاقه. نقله الجوهري عن أبي عمرو. وقال اللحياني: إذا نزع إليه في الشبه. وأنشد ابن بري رحمه الله تعالى لبشير الفريري:
تأسن نريد فعل عمرو وخالدٍ
…
أبوة صدق من فرير وبحتر
وقال في لسان العرب: يقال: هو على آسانٍ من أبيه. أي على شمائل من أبيه وأخلاق من أبيه. واحدها أسن مثل خلق وأخلاق. . . وقال ابن الأعرابي: السن: الشبه وجمعه آسان. وأنشد:
تعرب في أوجهها البشائر
…
آسان كل أفقٍ مشاجر آه
والبيت الأول يدلك كل الدلالة يدلك كل الدلالة على المعنى الذي يعقده الإفرنج بلفظتهم ونحن نظن أن التأسن لغة في التأسل. والعرب كثيراً ما تعاقب بين النون واللام. قال في اللسان تأسل أباه: نزع إليه في الشبه كتأسنه. وقولهم: هو على آسالٍ من أبيه مثل آسانٍ أي على شبه من أبيه وعلامات وأخلاق. قال ابن السكيت: ولم أسمع بواحد الآسال) اهـ.
ونظن أيضاً أن أصل (التأسل) بالسين: التأصل بالصاد. ومعناه العود إلى الأصل. وهو المعنى المطلوب من وضع هذه اللفظة. واللغويون يقولون: تأصل الشيء: صار ذا أصل أو ثبت أو رسخ أصله. وهذا
أيضاً يتحصل من الوراثة المذكورة. على أنه لم يسمع في كلامهم: هو على آصال من أبيه. ولم يقولوا في جمع أصل: آصالاً بل أصولاً وآصلاً. وهذا لا يمنع منبت اللفظة لأن العرب قد تتصرف بالمصحف والمحرف حتى تجعله أصلاً
حياً قائماً بنفسه. وتميت الأصل الذي نما منه هذا الفرع على حد ما يفعل الزراعون بأنبتتهم وأشجارهم.
وخلاصة البحث أن لفظة (التأسل) أو (التأسن) هي أحسن حرف يقوم بمؤدى الكلمة الإفرنجية (آتافسم وهي مشتقة عندهم من آتافس أي الجد الرابع أو أب الجد الثالث. ومعناه. (العود إلى الجد الأكبر).
وقد أثبت الباحثون اليوم أن التأسن لا يكون في الإنسان فقط بل في الحيوان أيضاً وحتى في النبات. وهذا ما يشاهده كل منا إذا ما تدبر بعض ما يقع تحت ناظريه فقد رأينا مرارا كلاباً ولدت من آباء هي بنات آوى تنزع دائماً إلى أصلها. كما ثبت لنا أحياناً أننا قد ركبنا نارنجاً على كبادٍ. فرجع كباداً بعد حين. وكم من مرة أردنا أن نركب توتاً شامياً على توت عراقي فعاد الشامي عراقياً نازعاً إلى أصله.