المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌{الفصل الثالث} 889- (15) عن عوف بن مالك، قال: ((قمت مع - مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح - جـ ٣

[عبيد الله الرحماني المباركفوري]

فهرس الكتاب

- ‌(10) باب صفة الصلاة

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(11) باب ما يقرأ بعد التكبير

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(12) باب القراءة في الصلاة

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(13) باب الركوع

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(14) باب السجود وفضله

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(15) باب التشهد

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(16) باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وفضلها

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(17) باب الدعاء في التشهد

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(18) باب الذكر بعد الصلاة

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(19) باب مالا يجوز من العمل في الصلاة وما يباح منه

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(20) باب السهو

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(21) باب سجود القرآن

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(22) باب أوقات النهي

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(23) باب الجماعة وفضلها

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

الفصل: ‌ ‌{الفصل الثالث} 889- (15) عن عوف بن مالك، قال: ((قمت مع

{الفصل الثالث}

889-

(15) عن عوف بن مالك، قال:((قمت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما ركع مكث قدر سورة (البقرة) ويقول في ركوعه: سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة)) رواه النسائي.

890-

(16) وعن ابن جبير، قال: ((سمعت أنس بن مالك يقول: ما صليت وراء أحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أشبه صلاة بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم

ــ

889-

قوله: (قمت) أي مصلياً. (مع رسول الله صلى الله عليه وسلم) أي ليلة. (فلما ركع مكث) بضم الكاف وفتحها، أي لبث في ركوعه. قال في القاموس: المكث- مثلثاً، ويحرك- اللبث، والفعل كنصر وكرم. (قدر سورة البقرة) وفي رواية أبي داود: قمت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة؛ فقام فقرأ سورة البقرة، لا يمر بآية رحمة إلا وقف فسأل، ولا يمر بآية عذاب إلا وقف فتعوذ، قال: ثم ركع بقدر قيامه. وكذا في رواية للنسائي. (سبحان ذي الجبروت والملكوت) هما مبالغة الجبر، وهو القهر، والغلبة. والملك، وهو التصرف، أي صاحب القهر والتصرف البالغ كل منهما غايته. (والكبرياء) من الكبر- بكسر الكاف- وهو العظمة، فيكون على هذا عطفها عليه في الحديث عطف تفسير، وقيل: الكبرياء عبارة عن كمال الذات وكمال الوجود قولان، ولا يوصف بها إلا الله تعالى. وقيل: الكبرياء عبارة عن كمال الذات، والعظمة عن كمال الصفات. وقيل: الكبرياء الترفع والتنزه عن كل نقص، والعظمة تجاوز القدر عن الإحاطة. ويدل على الفرق بينهما الحديث القدسي في الصحيح:((الكبرياء ردائي، والعظمة إزاري، فمن نازعني فيهما قصمته)) . أي كسرته وأهلكته. (والعظمة) زاد أبوداود في روايته: ثم سجد بقدر قيامه، ثم قال في سجوده مثل ذلك، الخ. ورواية النسائي: ثم سجد بقدر ركوعه، يقول في سجوده، الخ. والحديث يدل على مشروعية هذا الذكر في الركوع والسجود، وتطويلهما بقدر القيام للقراءة، وكان فعله صلى الله عليه وسلم في ذلك مختلفاً، فتارة يمكث فيهما بقدر قيامه للقراءة؛ فيستوي القيام والركوع والسجود، وفي أكثر الأحيان يكون القيام أطول من الركوع والسجود. وقيل: كان إذا طول القيام طول الذكر فيهما. وكان إذا خفف القيام خفف الذكر فيهما، والله أعلم. (رواه النسائي) أخرج النسائي هذا الحديث مختصراً ومطولاً، وأخرجه أيضاً أحمد، وأبوداود، لكن مطولاً فقط. وسكت عنه أبوداود، والمنذري، وقال الشوكاني: رجال إسناده ثقات.

890-

قوله: (وعن ابن جبير) هو سعيد بن جبير- بضم الجيم وفتح الموحدة وسكون الياء- ابن هشام الأزدي الوالبي مولاهم، أبومحمد، ويقال: أبوعبد الله الكوفي أحد الأعلام، كان فقيهاً، عابداً، فاضلاً، ورعاً، إماماً، حجة

ص: 198

من هذا الفتى- يعني عمر بن عبد العزيز- قال: قال: فحزرنا ركوعه عشر تسبيحات، وسجوده عشر تسبيحات)) رواه أبوداود، والنسائي.

ــ

على المسلمين. قال الحافظ: هو ثقة، ثبت، فقيه، من أوساط التابعين، قتل بين يدي الحجاج في شعبان سنة خمس وتسعين بواسط، ولم يكمل الخمسين، ثم مات الحجاج بعده في رمضان من السنة المذكورة، ولم يسلط بعده على قتل أحد لدعاء سعيد بعد ما قال الحجاج له: اختر يا سعيد! اختر أي قتلة أقتلك؟ قال: اختر لنفسك يا حجاج! والله لا تقتلني قتلة إلا قتلك الله مثلها في الآخرة، إلى آخر ما جرى الكلام بينهما. حتى قال سعيد بعد أن كب على وجهه للذبح وشهد بالشهادتين: اللهم لا تسلطه على أحد يقتله بعدي. وقد بسط قصة قتله ابن خلكان فارجع إليه. (من هذا الفتى يعني عمر ابن عبد العزيز) أي ابن مروان بن الحكم بن العاص الأموي أمير المؤمنين، أمه أم عاصم بنت عاصم بن عمر بن الخطاب. ولي امرأة المدينة للوليد، وكان مع سليمان كالوزير، وولى الخلافة بعده، فعد مع الخلفاء الراشدين. مات في رجب سنة إحدى ومائة، وله أربعون سنة. ومدة خلافته سنتان ونصف، كذا في التقريب. قال ابن حجر: وعمر بن عبد العزيز أدرك أنساً، وأخذ عنه؛ لأنه ولد سنة إحدى وستين، وأنس توفي سنة إحدى وتسعين. (قال) أي ابن جبير (قال) أي أنس (فحزرنا) بحاء مهملة ثم زاي معجمة مفتوحتين، ثم راء مهملة، أي قدرنا وخمنا. (ركوعه) وفي أبي داود والنسائي"في ركوعه" أي بزيادة "في" قبل "ركوعه" يعني ركوع عمر. (عشر تسبيحات) المراد بالتسبيح هنا هو التسبيح المعروف، أي سبحان ربي العظيم، وسبحان ربي الأعلى. قيل: فيه حجة لمن قال: إن كمال التسبيح عشر تسبيحات فلا يزيد الإمام على هذا القدر، ولا ينقص من ثلاث تسبيحات، كما تقدم. قال الشوكاني: والأصح أن المنفرد يزيد في التسبيح ما أراد، وكلما زاد كان أولى. والأحاديث الصحيحة في تطويله صلى الله عليه وسلم ناطقة بهذا. وكذلك إذا كان المؤتمون لا يتأذون بالتطويل-انتهى. قلت: الأولى للإمام بل المتعين أن يخفف في التسبيح في تمام، أي لا يطول في الركوع والسجود ما شاء، وإن كان المؤتمون لا يتآذون بالتطويل؛ لأمره صلى الله عليه وسلم بالتخفيف مطلقاً، ولأنه لا يدري ما يطرأ عليهم. قال ابن عبد البر: ينبغي لكل إمام أن يخفف لأمره صلى الله عليه وسلم، وإن علم قوة من خلفه؛ فإنه لا يدري ما يحدث عليهم من حادث، وشغل وعارض وحاجة وحدث، وغيره-انتهى. (رواه أبوداود، والنسائي) وأخرجه أيضاً أحمد. قال الشوكاني: الحديث رجال إسناده كلهم ثقات إلا عبد الله بن إبراهيم بن عمر بن كيسان أبويزيد الصنعاني، قال أبوحاتم: صالح الحديث. وقال النسائي: ليس به بأس، وليس له عند أبي داود، والنسائي إلا هذا الحديث- انتهى. قلت: وذكره ابن حبان في الثقات. وقال الحافظ في التقريب: صدوق، وسكت على حديثه أبوداود، والمنذري. قلت: وفي سنده أيضاً وهب بن ماوس وهو مستور كما في التقريب وذكره ابن حبان في الثقات.

ص: 199

891-

(17) وعن شقيق، قال:((إن حذيفة رأى رجلاً لا يتم ركوعه ولا سجوده، فلما قضى صلاته دعاه، فقال له حذيفة: ما صليت. قال: وأحسبه قال: ولو مت مت على غير الفطرة التي فطر الله محمداً صلى الله عليه وسلم)) . رواه البخاري.

892-

(18) وعن أبي قتادة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أسوأ الناس سرقة

ــ

891-

قوله: (عن شقيق) أي ابن سلمة التابعي أبي وائل الكوفي مخضرم، روى عن الخلفاء، وحذيفة وغيرهم، اتفقوا على توثيقه وجلالته، وقد تقدم ترجمته أبسط من هذا. (رأى رجلاً) لم يعرف اسمه لكن عند ابن خزيمة، وابن حبان أنه كندي (لا يتم ركوعه ولا سجوده) جملة وقعت صفة لرجلاً، وفي رواية عبد الرزاق: فجعل ينقر ولا يتم ركوعه. (فلما قضى) أي أدى الرجل (صلاته) الناقصة الركوع والسجود (دعاه) لم أجد هذا اللفظ في البخاري. (فقال) وفي البخاري: فلما قضى صلاته قال (له) أي للرجل (ما صليت) أي صلاة صحيحة، وما نافية. وقال القسطلاني: نفي للحقيقة كقوله صلى الله عليه وسلم للمسيء صلاته: فإنك لم تصل. وقال أيضاً: نفي عنه الصلاة؛ لأن الكل ينتفي بانتفاء الجزء، فانتفاء تمام الركوع والسجود يلزم منه انتفاء الركوع والسجود المستلزم؛ لانتفاء الصلاة (قال) أي شقيق (وأحسبه) أي أظن حذيفة. (قال) للرجل (ولو مت) أي على هذه الحالة وميم "مت" مضمومة، ويجوز كسرها على لغة من يقول: مات يمات، كخاف يخاف. والأصل موت ـ بكسر العين ـ كخوف، فجاء مضارعه على يفعل ـ بفتح العين ـ فعلى هذه الحالة يلزم أن يقال في الماضي المسند إلى التاء مت، بكسر الميم (مت على غير الفطرة) أي الطريقة، أو السنة أو الملة (التي فطر الله) أي خلق عليها (محمداً صلى الله عليه وسلم) الحديث دليل على افتراض الطمأنينة في الركوع والسجود، وعلى أن الإخلال بها مبطل لصلاة، وعلى تكفير تارك الصلاة؛ لأن ظاهره أن حذيفة نفى الإسلام عمن أخل ببعض أركانها فيكون نفيه عمن أخل بها كلها أولى، وهذا بناء على أن المراد بالفطرة الدين، وقد أطلق الكفر على من لم يصل، كما رواه مسلم، وهو إما على حقيقته عند قوم، وإما على المبالغة في الزجر عند آخرين. وقال الخطابي: الفطرة الملة والدين، أراد بهذا الكلام توبيخه على سوء فعله ليرتدع في المستقبل من صلاته عن مثل فعله، ولم يرد به أن تركه لذلك مخرج له من دين الإسلام. وقد تكون الفطرة بمعنى السنة كما جاء: خمس من الفطرة: السواك - الحديث. قال الحافظ: ويرجحه وروي من وجه آخر عند البخاري بلفظ "سنة محمد صلى الله عليه وسلم ". وهذه الزيادة تدل على أن حديث حذيفة المذكور مرفوع،؛ لأن قول الصحابي:"سنة محمد صلى الله عليه وسلم " يفيد ذلك، وقد مال إليه قوم، وخالفه آخرون، والأول هو الراجح. (رواه البخاري) وأخرجه أيضاً أحمد والنسائي.

892-

قوله: (أسوأ الناس) أي أقبحهم وأشرهم (سرقة) بكسر الراء وتفتح أيضاً على ما في القاموس، وهو

ص: 200

الذي يسرق من صلاته. قالوا: يا رسول الله! وكيف يسرق من صلاته؟ قال: لا يتم ركوعها ولا سجودها)) . رواه أحمد.

893-

(19) وعن النعمان بن مرة، ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما ترون في الشارب

ــ

مصدر منصوب على التمييز، قال الراغب: السرقة: أخذ ما ليس له أخذه في خفاء، وصار ذلك في الشرع لتناول الشيء من موضع مخصوص وقدر مخصوص. (الذي يسرق من صلاته) خبر أسوأ (وكيف يسرق من صلاته؟ قال: لا يتم ركوعها ولا سجودها) زاد في المسند (ج5: ص310) : أو قال لا يقيم صلبه في الركوع والسجود. قال الطيبي: جعل جنس السرقة نوعين متعارفاً وغير متعارف، وهو ما ينقص من هذا الركن الطمأنينة، ثم جعل غير المتعارف أسوأ من المتعارف، وإنما كان أسوأ؛ لأن السارق إذا أخذ مال الغير ربما ينتفع به في الدنيا، ويستحل من صاحبه، أو تقطع يده فيتخلص من العقاب في الآخرة، بخلاف هذا السارق، فإنه سرق حق نفسه من الثواب، وأبدل منه العقاب في العقبى، وليس في يده سوى الضرر والتعقب-انتهى. والحديث يدل على افتراض الطمأنينة في الركوع والسجود؛ لأنه صلى الله عليه وسلم جعل ترك إقامة الصلب في الركوع والسجود، وعدم إتمامهما أقبح أنواع السرق، وجعل الفاعل لذلك أسوأ من تلبس بهذه الوظيفية الخسيسة التي لا أوضع ولا أخبث منها، تنفيراً عن ذلك، وتنبيهاً على تحريمه، وقد صرح صلى الله عليه وسلم بعدم إجزاء صلاة من لا يقيم صلبه في الركوع والسجود، ونفي حقيقة الصلاة عمن لم يتم ركوعه وسجوده كما تقدم، والأحاديث في هذا الباب كثيرة، كلها ترد على من لم يقل بافتراض الطمأنينة فيهما. (رواه أحمد) (ج5: ص310) وأخرجه أيضاً الدارمي وابن خزيمة والحاكم، وقال صحيح الإسناد. والطبراني في الكبير والأوسط. قال الهيثمي في مجمع الزوائد (ج2: ص120) : رجاله رجال الصحيح، وأخرج نحوه أحمد والبزار وأبويعلى عن أبي سعيد الخدري، والطبراني في الكبير والأوسط، وابن حبان في صحيحه، والحاكم، وصححه عن أبي هريرة، والطبراني في الثلاثة بإسناد جيد عن عبد الله بن مغفل.

893-

قوله: (عن النعمان بن مرة) الأنصاري الزرقي المدني ثقة من كبار التابعين، ووهم من عده في الصحابة. قال العسكري: لا صحبة له، وذكره البخاري ومسلم في التابعين. وقال أبوحاتم، حديثه مرسل. قال ابن عبد البر: ليس للنعمان عند مالك غير هذا الحديث. (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم) قال ابن عبد البر: هكذا الرواية عن مالك مرسلاً، والحديث يتصل ويستند من وجوه صحاح من حديث أبي سعيد وأبي هريرة-انتهى. (ما ترون) بفتح التاء، أي تعتقدون وفي نسخة بضمها، أي تظنون، وهذا اختبار منه صلى الله عليه وسلم بمسائل العلم على حسب ما يختبر به العالم أصحابه، ويحتمل أنه أراد به تقريب التعليم عليهم فقرر معهم حكم قضايا يسهل عليهم ما أراد تعليمهم إياه؛ لأنه صلى الله عليه وسلم إنما قصد أن يعلمهم أن الإخلال بإتمام الركوع والسجود كبيرة، وهي أسوأ حالاً مما تقرر عندهم أنه فاحشة، قاله الباجي. (في الشارب) أي للخمر.

ص: 201

والزاني، والسارق وذلك قبل أن تنزل فيهم الحدود- قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: هن فواحش وفيهن عقوبة، وأسوأ السرقة الذي يسرق من صلاته. قالوا: وكيف يسرق من صلاته يا رسول الله؟ قال: لا يتم ركوعها ولا سجودها)) رواه مالك وأحمد. وروى الدارمي نحوه.

ــ

(وذلك) أي قال النعمان: وذلك السؤال. (قبل أن تنزل) بصيغة المجهول. (فيهم الحدود) أي آياتها. والمراد غير الشارب؛ لأنه لم ينزل فيه شيء، قاله أبوعبد الملك. (قالوا) أي الصحابة. (الله ورسوله أعلم) هذا كمال تأدب منهم حيث ردوا العلم إلى الله عزوجل ورسوله صلى الله عليه وسلم. (قال) صلى الله عليه وسلم. (هن) أي تلك المعاصي. (فواحش) جمع فاحشة، وهي ما فحش أي اشتد وكبر قبحه من الذنوب، والمعنى أنها ذنوب كبائر. (وفيهن عقوبة) تطلق على ما يعاقب به المعتدي، ولا تختص بجنس ولا قدر، أي فيهن عقوبة أخروية، أو ستنزل، والتنوين للتعظيم. (وأسوأ السرقة) قال ابن عبد البر: رواية الموطأ بكسر الراء، والمعنى: أسوأ السرقة سرقة من يسرق صلاته، وقد جاء في القرآن {ولكن البر من آمن بالله} [2: 177] ، أي ولكن البر بر من آمن بالله، ومن روى بفتح الراء فالسرقة جمع سارق كالكفرة والفسقة – انتهى. وعلى هذا قوله:(الذي يسرق من صلاته) خبر بلا تأويل، وأما على الرواية الأولى فيحتاج إلى حذف المضاف كما بينه ابن عبد البر. قال الطيبي: قوله: "أسوأ السرقة" مبتدأ، و"الذي يسرق" خبره على حذف مضاف، أي سرقة الذي يسرق، ويجوز أن يكون السرقة - بفتح الراء- جمع سارق كفاجر وفجرة، ويؤيده حديث أبي قتادة: أسوأ الناس سرقة- انتهى. (وكيف يسرق) أحد (صلاته) وفي بعض النسخ "صلاته" بالنصب. (لا يتم ركوعها ولا سجودها) خصهما بالذكر؛ لأن الإخلال يقع فيهما غالباً. وسماه سرقة باعتبار أنه خيانة فيما أؤتمن به. قال الباجي: ويحتمل أن يقال: إنه يسرقها من الحفظة المؤكلين بحفظه-انتهى. . (رواه مالك) عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن النعمان بن مرة مرسلاً. قال ابن عبد البر: لم يختلف رواة مالك في إرسال هذا الحديث عن النعمان، وقال الحافظ في الإصابة (ج3: ص590) في القسم الرابع من حرف النون: ليس للنعمان عند مالك غير هذا الحديث. واختلف فيه على مالك وغيره، وللمتن شاهد من حديث الحسن عن عمران بن حصين أخرجه البخاري في الأدب المفرد، وآخر من حديث أبي سعيد الخدري، أخرجه أبوداود الطيالسي في مسنده، وآخر عن أبي هريرة بمعناه. وروى النعمان هذا الحديث عن علي وجرير وأنس-انتهى. (وأحمد) كذا في النسخ الحاضرة عندنا، ويظهر من كلام القاري: أنه لم تتفق النسخ الموجودة عنده على ذكر لفظ "أحمد"، بل لم يجده إلا في نسخة صحيحة عنده. والظاهر أن ذكره خطأ من الناسخ، والقرينة على هذا أنه لم يعز هذا الحديث الحافظ في الإصابة، والمنذري في الترغيب إلى أحمد، ولا ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد. وهذا يدل على أنه ليس من زوائد مسند أحمد لكونه مروياً في الموطأ، والله أعلم،. (وروى الدارمي نحوه) أي معناه دون لفظه. والظاهر أن هذا وهم من المصنف؛ لأنه لم يرو

ص: 202