المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

ولم أجد في "الصحيحين" ولا في الجمع بين الصحيحين "سلام - مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح - جـ ٣

[عبيد الله الرحماني المباركفوري]

فهرس الكتاب

- ‌(10) باب صفة الصلاة

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(11) باب ما يقرأ بعد التكبير

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(12) باب القراءة في الصلاة

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(13) باب الركوع

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(14) باب السجود وفضله

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(15) باب التشهد

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(16) باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وفضلها

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(17) باب الدعاء في التشهد

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(18) باب الذكر بعد الصلاة

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(19) باب مالا يجوز من العمل في الصلاة وما يباح منه

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(20) باب السهو

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(21) باب سجود القرآن

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(22) باب أوقات النهي

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(23) باب الجماعة وفضلها

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

الفصل: ولم أجد في "الصحيحين" ولا في الجمع بين الصحيحين "سلام

ولم أجد في "الصحيحين" ولا في الجمع بين الصحيحين "سلام عليك" و"سلام علينا" بغير ألف ولام، ولكن رواه صاحب "الجامع" عن الترمذي.

{الفصل الثاني}

917-

(5) عن وائل بن حجر، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ثم جلس فافترش رجله اليسرى، ووضع يده اليسرى على فخذه اليسرى،

ــ

أخرجه أيضاً الدارقطني في إحدى روايتيه بتعريف السلام فيهما. وأخرجه ابن حبان في صحيحه بتعريف السلام الأول وتنكير الثاني. وأخرجه الطبراني بتنكير الأول وتعريف الثاني. (ولا في الجمع) أي للحميدي. (بين الصحيحين) وكأنه لم يقل بينهما؛ لأنه علم، والعلم لا يتغير. ("سلام عليك" و"سلام علينا" بغير ألف ولام) قيل: أصل "سلام عليك" سلمت سلاماً عليك، ثم حذفت الفعل وأقيم المصدر مقامه، وعدل عن النصب إلى الرفع على الابتداء لإفادة الثبوت والدوام، ثم زيدت "ال" للعهد الذهني، وقد تقدم توجيهه. (ولكن رواه) ابن الأثير (صاحب الجامع) أي للأصول الست. (عن الترمذي) وقد تقدم أن النسائي أيضاً رواه منكراً، وكذا الشافعي وأحمد والدارقطني في إحدى روايتيهما. ومقصود المصنف أن ذكر البغوي حديث ابن عباس بتنكير السلام في الموضعين في الصحاح مخالف لما في صحيح مسلم، ثم لا يخفى ما في قول المصنف "رواه صاحب الجامع" من التسامح، فإن الصحيح أن يقول: ذكره أو أورده صاحب الجامع؛ لأن ابن الأثير ليس من الرواة.

917-

قوله: (عن رسول الله صلى الله عليه وسلم) أي مرفوعاً في كيفية جلسته للتشهد، والأظهر أن يقول المصنف: عن وائل بن حجر أنه قال في صفة صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثم جلس، الخ. (قال) أي وائل بن حجر. (ثم جلس) أي النبي صلى الله عليه وسلم وهذا عطف على ما ترك ذكره في الكتاب من صدر الحديث، وهو أن وائل بن حجر قال، قلت: لأنظرن إلى صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف يصلي، قال: فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستقبل القبلة، فكبر، فرفع يديه حتى حاذتا بأذنيه، ثم أخذ شماله بيمينه، فلما أراد أن يركع رفعهما مثل ذلك، قال: ثم جلس. (فافترش رجله اليسرى) أي وجلس على باطنها، ونصب اليمنى، ففي رواية الطحاوي، وسعيد بن منصور: فرش قدمه اليسرى على الأرض، وجلس عليها. واستدل به الحنفية على تفضيل الافتراش في التشهدين، وأجيب بأن هذا الحديث محمول على التشهد الأول لحديث أبي حميد المتقدم في صفة الصلاة، ولما رواه النسائي في "باب موضع اليدين عند الجلوس للتشهد الأول " عن وائل بن حجر، قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرأيته يرفع يديه إذا افتتح الصلاة- الحديث. وفيه "وإذا جلس في الركعتين أضجع اليسرى، ونصب اليمنى" الخ. (ووضع يده اليسرى على فخذه اليسرى) أي ممدودة غير مقبوضة. وفي رواية للنسائي: وضع كفه اليسرى

ص: 239

وحد مرفقه اليمنى على فخذه اليمنى، وقبض ثنتين، وحلق حلقة، ثم رفع إصبعه، فرأيته يحركها يدعو بها)) . رواه أبوداود والدارمي.

ــ

على فخذه وركبته اليسرى. (وحد مرفقة) بصيغة الماضي مشددة الدال، عطف على الأفعال السابقة و"على" بمعنى "عن"، أي رفع مرفقه عن فخذه، وجعل عظم مرفقه كأنه رأس وتد، أو "على" بمعناه و"الحد" المنع والفصل بين الشيئين، ومنه سمي المناهي حدود الله. والمعنى: فصل بين مرفقه وجنبه، ومنع أن يلتصقا في حال استعلائهما على الفخذ. وجوز أن يكون "حد" اسماً مرفوعاً مضافاً إلى المرفق على الابتداء، خبره "على فخذه" والجملة حال، أو اسما منصوباً عطفاً على مفعول "وضع" أي وضع يده اليسرى على فخذه اليسرى ووضع حد مرفقه اليمنى، على فخذه اليمنى، وهذا الوجه هو الموافق لما في رواية للنسائي من قوله: وجعل حد مرفقه الأيمن على فخذه اليمنى، أي جعل غاية المرفق وطرفه مستعلياً على الفخذ مرتفعاً عنه. قال الشوكاني: والمراد كما قال في شرح المصابيح: أن يجعل عظم مرفقه كأنه رأس وتد. قال ابن رسلان: يرتفع طرف مرفقه من جهة العضد عن فخذه، حتى يكون مرتفعاً عنه، كما يرتفع الوتد عن الأرض، ويضع طرفه الذي من جهة الكف على طرف فخذه الأيمن. وجوز بعضهم أنه ماض من التوحيد، أي جعل مرفقه منفرداً عن فخذه، أي رفعه، وهذا أبعد الوجوه. (وقبض ثنيتين) أي الخنصر والبنصر من أصابع يده اليمنى. (وحلق) بتشديد اللام. (حلقه) بسكون اللام وتفتح، أي جعل الإبهام والوسطى كالحلقة. (ثم رفع إصبعه) أي المسبحة كما تقدم. (فرأيته) أي النبي صلى الله عليه وسلم. (يحركها) فيه أن تحريك المسبحة سنة، وقد أخذ به قوم. وذهب الجمهور إلى عدم التحريك لحديث ابن الزبير التالي، ولخلو غالب الروايات عن التحريك، قالوا: والمراد بالتحريك في حديث وائل هو حركة الإشارة لا حركة أخرى بعد الرفع للإشارة. قال البيهقي: يحتمل أن يكون مراده بالتحريك الإشارة بها لا تكرير تحريكها حتى لا يعارض حديث ابن الزبير. قال الشوكاني: ومما يرشد إلى ما ذكره البيهقي رواية أبي داود لحديث وائل، فإنها بلفظ: وأشار بالسبابة- انتهى. قلت: وإليه يظهر ميل النسائي حيث ترجم على رواية عبد الله بن الزبير التي فيها: أشار بالسبابة لا يجاوز بصره إشارته، بلفظ "موضع البصر عند الإشارة وتحريك السبابة" فكأنه أشار بصنيعه إلى أن المراد بتحريك السبابة حركة الإشارة، لا تكرير تحريكها؛ لأنه لم يذكر في هذا الباب رواية التحريك، بل اكتفى بذكر رواية الإشارة. وجمع بعضهم بين الروايتين بحملهما على أوقات مختلفة، فقال: كان يحركها تارة ولا يحركها أخرى. وقال بعضهم: حديث وائل أصح وأقوى من حديث ابن الزبير، وأيضاً حديث وائل مثبت وذاك ناف والمثبت مقدم على النافي فلا يجوز أن يعارض به حديث وائل. (يدعو بها) أي يشير بها، أي يرفعهما في دعائه، أي تشهده، سمي التشهد دعاء لاشتماله عليه. (رواه أبوداود) إلخ. وأخرجه أيضاً أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن خزيمة، والبيهقي. والحديث سكت عنه أبوداود، والمنذري. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.

ص: 240

918-

(6) وعن عبد الله بن الزبير. قال: ((كان النبي صلى الله عليه وسلم يشير بإصبعه إذا دعا، ولا يحركها)) رواه أبوداود والنسائي. وزاد أبوداود: ولا يجاوز بصره إشارته.

919-

(7) وعن أبي هريرة، قال:((إن رجلا كان يدعو بإصبعيه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أحد أحد)) رواه الترمذي والنسائي، والبيهقي في "الدعوات الكبير".

920-

(8) وعن ابن عمر، قال:((نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجلس الرجل في الصلاة وهو معتمد على يده)) .

ــ

918-

قوله: (إذا دعا) أي تشهد، واستدل به على استمرار الرفع إلى آخر التشهد. وقد قدمنا أن الراجح أن يديم الرفع والإشارة إلى أن ينصرف من الصلاة بالسلام، وقد صرح شيخ مشائخنا السيد نذير حسين المحدث الدهلوي في بعض فتاواه بأن المصلي يستمر على الرفع إلى آخر الدعاء بعد التشهد، وقد نقل صاحب "غاية المقصود" فتواه بتمامها. (ولا يحركها) تقدم الكلام فيه آنفاً. (رواه أبوداود) وسكت عنه هو والمنذري. (والنسائي) وأخرجه أيضاً أحمد، وابن حبان في صحيحه. وقال النووي: إسناده صحيح. (ولا يجاوز بصره) بضم الراء. (إشارته) بالنصب على المفعولية، أي بل كان يتبع بصره إشارته؛ لأنه الأدب الموافق للخضوع. والمعنى لا ينظر إلى السماء حين الإشارة إلى التوحيد، بل ينظر إلى إصبعه، ولا يجاوز بصره عنها. وهذه الزيادة أخرجها النسائي أيضاً.

919-

قوله: (إن رجلاً) قيل هو سعد بن أبي وقاص كما في رواية أبي داود والنسائي من حديث أبي صالح عن سعد قال: مر علي النبي صلى الله عليه وسلم، وأنا أدعوا بإصبعي، فقال: أحد أحد، وأشار بالسبابة. (كان يدعو) أي يشير. (بإصبعيه) الظاهر أنهما المسبحتان. (أحد أحد) كرر للتأكيد في التوحيد. أي أشر بإصبع واحدة؛ لأن الذي تدعوه واحد، وهو الله تعالى، وأصله وحد أمر مخاطب من التوحيد، وهو القول بأن الله تعالى واحد، قلبت الواو همزة. وإيراد المصنف هذا الحديث في التشهد يدل على أنه حمله على الإشارة في جلسة التشهد، وعليه حمله النسائي أيضاً حيث أورد حديث أبي هريرة هذا، وحديث سعد في التشهد، وترجم عليهما "باب النهي عن الإشارة بإصبعين، وبأي إصبع يشير؟ " وأخرجه الترمذي في الدعوات كالبيهقي، وصنيعهما يدل على أنهما حملاه على الدعاء، لا على الإشارة في التشهد، بل عداه أدباً من جملة آداب الدعاء، وهو الذي فهمه أبوداود حيث أخرج حديث سعد في الدعاء. ولا شك أن الحديث يحتمل كلا المعنيين، لكن الاحتمال الثاني الذي ذهب إليه الترمذي وأبوداود والبيهقي أي حمله على أدب الدعاء أظهر. (رواه الترمذي) أي في الدعوات وحسنه. (والنسائي) في الصلاة. ونقل المنذري تحسين الترمذي وأقره، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.

920-

قوله: (وهو معتمد) أي متكيء. (على يده) قال القاري: وفي نسخة "على يديه" وقال ابن رسلان في شرح

ص: 241

رواه أحمد وأبوداود. وفي رواية له: ((نهى أن يعتمد الرجل على يديه إذا نهض في الصلاة)) .

ــ

السنن: الرواية الصحيحة "يديه" يعني بل يضعهما على ركبتيه وفخذيه، فالمراد بقوله: أن يجلس الرجل في الصلاة وهو معتمد على يده، هو أن يضع يده في التشهد على الأرض، ويتكيء عليها. وقيل: هو أن يجلس الرجل في الصلاة، ويرسل اليدين إلى الأرض من فخذيه، والأول أقرب إلى اللفظ، ووجه الكراهة أن ذلك من شأن المتكبرين، وبه يزول استواء الجلوس، وظاهر النهي التحريم، وقد تقدم شيء من الكلام فيه في شرح قول ابن عمر قبل باب التشهد. (رواه أحمد) (ج2: ص147) . (أبوداود) وسكت عنه. (وفي رواية له) أي لأبي داود. (نهى أن يعتمد) أي يتكىء. (الرجل على يديه إذا نهض) أي قام. (في الصلاة) بل ينهض على صدور قدميه من غير اعتماد على الأرض، واحتج بهذه الرواية الحنفية ومن وافقهم على أن المصلي لا يعتمد على يديه عند قيامه، ويعتمد على ظهور القدمين، لكن هذه الرواية شاذة، والرواية الصحيحة هي الأولى، وذلك لأن حديث ابن عمر هذا في النهي عن الاعتماد على اليد في الصلاة. رواه أبوداود عن أربعة من شيوخه: الإمام أحمد بن حنبل، وأحمد بن محمد بن شبوية، ومحمد بن رافع، ومحمد ب عبد الملك الغزال، واللفظ الأول لفظ أحمد بن حنبل، والرواية الثانية لابن عبد الملك، ولفظ ابن شبوية: نهى أن يعتمد الرجل على يده في الصلاة، ولفظ ابن رافع:"نهى أن يصلي الرجل وهو معتمد على يده"، ووضعه في باب الرفع من السجود ظناً منه أن الحديث في النهي عن الاعتماد في الرفع من السجود. والفرق بين هذه الروايات أن رواية ابن شبوية وابن رافع مطلقة، يعني أنها تدل على النهي عن الاعتماد على اليد في الصلاة مطلقاً، سواء كان في الجلوس أو النهوض، وإن كان ذكر ابن رافع حديثه في "باب الرفع من السجود" يدل على أنه حمله على حالة النهوض من السجود، لكن لفظ الحديث عام، والظاهر أن المراد منه أن يضع يديه على ركبتيه بعد الرفع من السجدة، وأما رواية أحمد بن حنبل فهي مقيدة بحالة الجلوس، فإنها تدل على أن النهي عن الاعتماد على اليد في حالة الجلوس، يعني إذا جلس في الصلاة سواء كان في التشهدين أو بين السجدتين، أو في جلسة الاستراحة، فلا يعتمد على يديه، وكذا رواية ابن عبد الملك أيضاً مقيدة لكن بحالة النهوض، وهي تدل على أن النهي عن الاعتماد على اليد في حالة النهوض من السجود، فقد تعارض القيدان، والحديث واحد، ورواية ابن عبد الملك شاذة لمخالفته من هو أوثق منه، وهو الإمام أحمد بن حنبل، فإنه إمام ثقة، مشهور العدالة، ومحمد بن عبد الملك- وهو ابن زنجويه البغدادي أبوبكر الغزال- وإن وثقة النسائي لكنه دون أحمد بن حنبل بمراتب، وقد ذكر الحافظ في تهذيب التهذيب في ترجمة عبد الملك عن ابن أبي حاتم أنه قال: وهو صدوق، وقال مسلمة: ثقة، كثير الخطأ- انتهى. فلا شك أن أحمد بن حنبل أقوى وأوثق من ابن عبد الملك، فتقدم روايته لكونها أرجح على رواية ابن عبد الملك. ويرجح رواية الإمام أحمد أيضاً ما في البخاري من حديث مالك بن الحويرث بلفظ: واعتمد على الأرض، وعند الشافعي: واعتمد بيديه على الأرض، والله أعلم. ثم رأيت الشيخ أحمد محمد شاكر قد بسط الكلام في شرح هذا

ص: 242

921-

(9) وعن عبد الله بن مسعود، قال:((كان النبي صلى الله عليه وسلم في الركعتين الأوليين كأنه على الرضف حتى يقوم)) رواه الترمذي وأبوداود والنسائي.

ــ

الحديث في شرحه للمسند (ج9: ص157- 162) ورجح لفظ رواية الإمام أحمد، وقد أجاد وأصاب، فعليك أن تراجعه.

921-

قوله: (كان النبي صلى الله عليه وسلم في الركعتين الأوليين) أي فيما بعدهما وهو التشهد الأول من صلاة ذات أربع أو ثلاث، وهذا لفظ أبي داود، ولفظ الترمذي: كان إذا جلس في الركعتين الأوليين. ولفظ النسائي: كان النبي صلى الله عليه وسلم في الركعتين. قال السندي: المراد في جلوس الركعتين في غير الثنائية، يدل عليه قوله: حتى يقوم. (كأنه) جالس. (على الرضف) بفتح الراء وسكون الضاد المعجمة بعدها فاء، الحجارة التي حميت بالشمس أو النار، واحدتها رضفة، وهذا كناية عن تخفيف الجلوس. قال المظهر: أراد به تخفيف التشهد الأول وسرعة القيام في الثلاثية والرباعية، يعني لا يلبث في التشهد الأول كثيراً بل يخففه ويقوم مسرعاً كمن هو قاعد على حجر حار، فيكون مكتفيا بالتشهد دون الصلاة والدعاء. (حتى يقوم) وفي رواية النسائي: قلت: حتى يقوم؟ قال: ذاك يريد. قال السندي: "حتى" للتعليل بقرينة الجواب بقوله: ذاك يريد، ولا يناسب هذا الجواب كون "حتى" للغاية فليتأمل- انتهى. قال الترمذي: والعمل على هذا عند أهل العلم، يختارون أن لا يطيل الرجل القعود في الركعتين الأوليين، ولا يزيد على التشهد شيئاً في الركعتين الأوليين، وقالوا: إن زاد على التشهد فعليه سجدتا السهو، هكذا روى عن الشعبي وغيره- انتهى. وهو الذي اختاره أبوحنيفة، وقال الشافعي: لا بأس أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، قلت: الظاهر أن لا يزيد على التشهد، لكن لو زاد لا يجب عليه سجدتا السهو؛ لأنه لم يقم دليل شرعي على وجوب سجدة السهو على من زاد على التشهد في القعدة الأولى. (رواه الترمذي وأبوداود والنسائي) وأخرجه أيضاً أحمد والشافعي والحاكم من طريق أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود عن أبيه. قال الترمذي: هذا حديث حسن، إلا أن أبا عبيدة لم يسمع من أبيه- انتهى. فالحديث منقطع، وإنما حسنه الترمذي مع انقطاعه لشواهده. قال الحافظ في التلخيص (ص101) بعد عزو الحديث إلى الشافعي وأحمد والأربعة، والحاكم: هو منقطع؛ لأن أباعبيدة لم يسمع من أبيه. قال شعبة عن عمرو بن مرة: سألت أباعبيدة هل تذكر من عبد الله شيئا؟ قال: لا. رواه مسلم وغيره. وروى ابن أبي شيبة من طريق تميم بن سلمة: كان أبوبكر إذا جلس في الركعتين كأنه على الرضف. إسناده صحيح. وعن ابن عمر نحوه، ثم قال: وروى أحمد وابن خزيمة من حديث ابن مسعود: علمه التشهد، فكان يقول إذا جلس في وسط الصلاة، وفي آخرها على وركه اليسرى "التحيات" إلى قوله "عبده ورسوله" قال: ثم إن كان في وسط الصلاة نهض حين يفرغ من تشهده، وإن كان في آخرها دعا بعد تشهده بما شاء الله أن يدعو ثم يسلم- انتهى. فهذه الروايات شواهد لحديث الباب حديث ابن مسعود.

ص: 243