الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
825-
(8) وعن أبي هريرة، قال: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نهض من الركعة الثانية استفتح القراءة
بالحمد لله رب العالمين، ولم يسكت)) هكذا في صحيح مسلم، وذكره الحميدى في أفراده.
وكذا صاحب الجامع عن مسلم وحده.
{الفصل الثالث}
826-
(9) عن جابر، قال: ((كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا استفتح الصلاة كبر، ثم قال: إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له، وبذلك أمرت
ــ
ابن المديني كما نقله عنه البخاري، وما ذكر في هذا الحديث من الاختلاف بين سمرة وعمران في السكتتين هو حكاية من الحسن عن سمرة سماعاً منه، لا أنه كان حاضراً حينما جرى بين سمرة وعمران هذا الاختلاف. والحديث قد حسنه الترمذي. قال الشوكاني: وقد صحح الترمذي حديث الحسن عن سمرة في مواضع من سننه، منها حديث:(نهى عن بيع الحيوان بالحيوان نسئة)، وحديث:(جار الدار أحق بدار الجار)، وحديث:(لا تلاعنوا بلعنة الله ولا بغضب الله ولا بالنار)، وحديث:(الصلاة الوسطى صلاة العصر) ، فكان هذا الحديث على مقتضى تصرفه جديراً بالتصحيح، وقد قال الدارقطني: رواة الحديث كلهم ثقات- انتهى. وقيل: إنما حسنه الترمذي للخلاف في سماع الحسن من سمرة، والله أعلم.
820-
قوله: (إذا نهض) أي قام. (من الركعة الثانية) أي من أجلها. (استفتح القراءة بالحمد لله رب العالمين) المراد السورة المختصة، فلا يدل على أن البسملة ليست منها، قاله الطيبي. (ولم يسكت) أي للثناء ودعاء الاستفتاح والتعوذ. قال الشوكاني: الحديث يدل على عدم مشروعية السكتة قبل القراءة في الركعة الثانية، وكذلك عدم مشروعية التعوذ فيها، وحكم ما بعدها من الركعات حكمها، فتكون السكتة قبل القراءة مختصة بالركعة الأولى، وكذلك التعوذ قبلها، وقد رجح صاحب الهدي الاقتصار على التعوذ في الأولى لهذا الحديث واستدل لذلك بأدلة فليراجع. (هكذا في صحيح مسلم، وذكره الحميدي في إفراده) أي في مفردات مسلم ومختصاته. (وكذا صاحب الجامع) أي للأصول وهو ابن الأثير. (عن مسلم وحده) فإيراد صاحب المصابيح هذا الحديث في الفصل الثاني دون الفصل الأول غير مناسب لقاعدته. قال ميرك: والعجب أن الحاكم أخرجه في مستدركه (ج1: ص215، 216) وقال: على شرطهما، وأقره الذهبي فلم يستدركه. قال القاري: لعل الحاكم رواه بسند غير سند مسلم، وكان رجاله على شرطهما- انتهى. وأخرج النسائي عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم كانت له سكتة إذا افتتح الصلاة، وفيه إشارة إلى أن السكتة إنما هي في الركعة الأولى عند افتتاحها.
826-
قوله: (إذا استفتح الصلاة كبر) أي للتحريمة. (ومحياي ومماتي) أي أحوالي فيهما. (وبذلك) أي
وأنا أول المسلمين. اللهم اهدني لأحسن الأعمال، وأحسن الأخلاق، لا يهدي لأحسنها إلا أنت، وقني سيء الأعمال، وسيء الأخلاق، لا يقي سيئها إلا أنت)) رواه النسائي.
827-
(10) وعن محمد بن مسلمة: ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قام يصلي تطوعاً، قال: الله أكبر،
وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفاً، وما أنا من المشركين)) . وذكر الحديث
مثل حديث جابر، إلا أنه
ــ
الإخلاص. (وأنا أول المسلمين) كذا في جميع النسخ الموجودة عندنا. وفي النسائي: "وأنا من المسلمين"، وأما ما هنا "أول المسلمين" فهي رواية الدارقطني، وهي الصواب. قال الطيبي: هذا أي: "أنا أول المسلمين" لفظ التنزيل حكاية عن قول إبراهيم عليه الصلاة والسلام، وإنما قال:"لأن إسلام كل نبي مقدم على إسلام أمته- انتهى. والظاهر من القرآن أن نبينا عليه الصلاة والسلام مأمور بهذا القول، فإنه تعالى قال له: {قل إن صلاتي ونسكي} [6: 162] الآية، لكن كان يقول هذا تارة، و"أنا من المسلمين" أخرى تواضعاً حيث عد نفسه واحداً منهم، كما قال: احشرني في زمرة المساكين، قال القاري. (لا يهدي لأحسنها) أي المذكورات من النوعين. (وقني) بكسر القاف، أمر من وقى يقي. (سيء الأعمال) الخ. في العدول عن الأسوء المقابل للأحسن إلى السيء نكتة لا تخفى. (رواه النسائي) وأخرجه أيضاً الدارقطني. (ص112) وسنده صحيح.
827-
قوله: (وعن محمد بن مسلمة) بفتح الميم واللام، ابن سلمة الأنصاري الحارثي الدوسي، أبوعبد الله المدني صحابي مشهور. قال ابن عبد البر: كان من أفضل الصحابة، وهو أحد الثلاثة الذين قتلوا كعب بن الأشرف، شهد المشاهد كلها إلا تبوك، واستخلفه النبي صلى الله عليه وسلم في بعض غزواته على المدينة، ولم يشهد الجمل ولا صفين. وكان من الذين أسلموا على يد مصعب بن عمير، وهو أكبر من اسمه محمد من الصحابة، له ستة عشر حديثاً، انفرد له البخاري بحديث. مات بالمدينة سنة (43) وقيل غير ذلك، وهو ابن (77) سنة. وقال ابن شاهين عن أبي داود: قتله أهل الشام لكونه اعتزل عن معاوية في حروبه. (إذا قام يصلي تطوعاً) قال القاري: ظاهره يؤيد مذهبنا المختار أنه يقرأ: "بوجهت وجهي" في النوافل والسنن. وقال صاحب اللمعات: هو دليل على المخصوصية بالتطوع كما هو مذهبنا- انتهى. قلت: قد تقدم الجواب عن هذا الاستدلال فتذكر. قال شيخنا في أبكار المنن (ص116) : ليس فيه دليل على المخصوصية بالتطوع، كيف وقد ثبت في أكثر روايات على أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا قام إلى الصلاة المكتوبة قال وجهت وجهي، الخ. وقد تقدم ذكر هذه الروايات، على أنه لو كان في هذا دليل على المخصوصية بالتطوع لكان الدعاء الذي اختاره الحنفية للفرض أيضاً مخصوصاً بالتطوع، فإن الترمذي وأبا داود قد رويا عن أبي سعيد الخدري، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قام من الليل كبر، ثم يقول: سبحانك اللهم وبحمدك- الحديث. (وذكر) أي محمد بن مسلمة. (الحديث مثل حديث جابر، إلا أنه) أي محمداً.