الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{الفصل الثاني}
1036-
(6) عن عمرو بن العاص، قال:((اقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم خمس عشرة سجدة في القرآن، منها ثلاث في المفصل، وفي سورة "الحج" سجدتين))
ــ
1036-
قوله (عن عمرو بن العاص قال اقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم) كذا في بعض النسخ بلفظ: اقرآني، وهكذا وقع في جامع الأصول (ج6: ص361) وفي بعض نسخ المشكوة، اقرأه أي عمراً. وفي المصابيح، عن عمرو بن العاص، أن النبي صلى الله عليه وسلم اقرأه. وكذا وقع في سنن أبي داود وابن ماجه والبيهقي (ج2: ص316) . (خمس عشرة سجدة) قال الطيبي: أي حمله أن يجمع في قراءته خمس عشرة سجدة. (في القرآن) قال الجزري في النهاية: إذا قرأ الرجل القرآن، أو الحديث على الشيخ يقول اقرأني فلان، أي حملني أن أقرا عليه- انتهى. وفيه دليل على أن مواضع السجود، خمسة عشرة موضعاً. وإليه ذهب أحمد والليث وإسحاق وابن وهب من المالكية، وابن المنذر من الشافعية، وطائفة من أهل العلم. قال الطيبي: اختلفوا في عدة سجدات القرآن، فقال: أحمد خمس عشرة آخذاً، بظاهر حديث عمرو بن العاص، فادخل سجدة"ص" فيها. وقال الشافعي أربع عشرة سجدة، منها ثنتان في الحج، وثلاث في المفصل، وليست سجدة "ص" منهن، بل هي سجدة شكر. وقال أبوحنيفة: أربع عشرة، فأسقط الثانية من الحج، واثبت سجدة "ص". وقال مالك: إحدى عشرة، فأسقط سجدة "ص". وسجدات المفصل- انتهى. قال الشيخ في شرح الترمذي بعد نقل كلام الطيبي: الظاهر هو ما ذهب إليه الإمام أحمد وهو مذهب الشافعي، أيضاً على ما حكاه الترمذي، وهو رواية عن مالك، ومذهب الليث وغيره، كما تقدم. واعلم أن أول مواضع السجود، خاتمة الأعراف. وثانيهما، عند قوله في الرعد:"بالغدو والآصال". وثالثها، عند قوله في النحل:"ويفعلون ما يؤمرون". ورابعها، عند قوله في بني إسرائيل:"ويزيدهم خشوعا". وخامسها، عند قوله في مريم:"خروا سجداً وبكياً". وسادسها عند قوله في الحج: "إن الله يفعل ما يشاء". وسابعها عند قوله في الفرقان: "وزادهم نفورا". وثامنها عند قوله في النحل: "رب العرش العظيم". وتاسعها عند قوله في الم تنزيل: "وهم لا يستكبرون". وعاشرها عند قوله في ص: "وخر راكعاً وأناب". وعند الحنفية، يسجد عقيب قوله "وحسن مآب". الحادي عشر عند قوله في حم السجدة:"إن كنتم إياه تعبدون". وقال أبوحنيفة والشافعي والجمهور عند قوله: "وهم لا يسأمون". والثاني عشر، والثالث عشر، والرابع عشر، سجدات المفصل. والخامس عشر السجدة الثانية من الحج. كذا في النيل. (منها ثلاث في المفصل) وهي "النجم" و"انشقت" و"إقرأ"، وقد علم محالها. (وفي سورة الحج سجدتين) أي
(1)
وفي نسخة "إقراء"
رواه أبوداود وابن ماجه.
1037-
(7) وعن عقبة بن عامر، قال:((قلت. يا رسول الله! فضلت سورة "الحج" بأن فيها سجدتين؟ قال نعم، ومن لم يسجدها فلا يقرأ هما))
ــ
أي وذكر في الحج، أو اقرأه في الحج، سجدتين. أي عقب ما يشاء، وتفلحون. قال السندي: ومن لا يقول بالثانية يحملها على السجدة الصلاتية لقرانها بالركوع، ويعتذر عن هذا الحديث، بأن في إسناده ابن منين وهو مجهول، كما قاله ابن القطان، لكن قد جاء أحاديث متعددة في الباب، فيؤيد بعضها بعضاً، بحيث يصير الكل حجة - انتهى. قلت الظاهر: أن هذا الحديث حسن، كما ستعرف. وأما حمل السجدة الثانية على سجدة الصلاتية، فسيأتي جوابه مع بسط الكلام في المسألة. (رواه أبوداود وابن ماجه) وأخرجه أيضاً الدارقطني والحاكم والبيهقي، كلهم من طريق الحارث بن سعيد العتقي عن عبد الله بن منين عن عمرو بن العاص، وقد سكت عنه أبوداود والمنذري. وقال الحافظ في التلخيص: حسنه المنذري والنووي، وضعفه عبد الحق وابن القطان - انتهى. قال عبد الحق في أحكامه، وعبد الله ابن منين لا يحتج به، قال ابن القطان: وذلك لجهالته، فإنه لا يعرف. روى عنه غير الحارث بن سعيد، وهو رجل لا يعرف له حال، فالحديث من أجله لا يصح. كذا في نصب الراية (ج2: ص180) قلت: عبد الله بن منين بنون مصغراً، وثقه يعقوب بن سفيان، كما في تهذيب التهذيب والتقريب. والحارث بن سعيد العتقي، قال الحافظ في التقريب: إنه مقبول. فالظاهر أن الحديث لا ينحط عن درجة الحسن.
1037-
قوله: (فضلت) بتقدير همزة الاستفهام. ففي المسند "أفضلت" وهو بضم الفاء من التفضيل. (ومن لم يسجدهما) أي السجدتين. (فلا يقرأهما) أي آيتي السجدة. قال العلامة الشيخ أحمد شاكر، في تعليقه على الترمذي (ج2: ص471) : ذهب بعض العلماء إلى أن المراد بالحديث ظاهر اللفظ، وأن من أتى على آية السجدة، ولم يرد السجود ترك الآية. وعن ذلك استدل به بعضهم على وجوب سجود التلاوة. وأجاب بعض القائلين بأنها سنة، بأن ترك تلاوتها لئلا يتضرر القارئ بترك سنة السجود. وهذا كله عندي غير جيد. بل هو خطأ؛ لأن هذا الكلام من كلام العرب، لا يراد به ظاهره، إنما هو تقريغ وزجر كقوله صلى الله عليه وسلم:"إذا لم تستح فاصنع ما شئت" وأمثال ذلك، مما يعرف من قفة كلام العرب ومناحيهم. وإنما يريد صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث، أن يحض القاري على السجود في الآيتين. فكما أنه لا ينبغي له أن يترك قراءتهما، لا ينبغي له إذا قرأ هما أن يدع السجود فيهما - انتهى. والحديث نص كالحديث السابق أن في سورة الحج سجدتين، وإليه ذهب أحمد والشافعي وإسحاق وأبوثور وابن المنذر، وهو قول عمر وعلي وعبد الله بن عمرو أبي موسى وأبي الدرداء وعمار وأبي عبد الرحمن السلمي
رواه أبوداود والترمذي.
ــ
وأبي العالية وزر. وقال ابن عباس: فضلت سورة الحج بسجدتين، قال ابن قدامة بعد ذكر هؤلاء الصحابة والتابعين: لم نعرف لهم مخالفاً في عصرهم، فيكون إجماعاً. وقال أبوإسحاق: أدركت الناس منذ سبعين سنة، يسجدون في الحج سجدتين. وقال ابن عمر: لو كنت تاركاً إحداهما لتركت الأولى. وذلك لأن الأولى إخبار، والثانية أمر. واتباع الأمر أولى - انتهى. وروى البيهقي في المعرفة، وأبوداود في المراسيل عن خالد بن معدان قال:"فضلت سورة الحج بسجدتين". وفي هذا كله رد صريح على أبي حنيفة وغيره، ممكن أنكر السجدة الأخيرة من سورة الحج، محتجاً بأن آخر الحج السجود فيها، سجود الصلاة لاقترانه بالركوع بخلاف الأولى. فإن السجود فيها مجرد عن ذكر الركوع. ولهذا لم يكن قوله تعالى:{يا مريم اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين} [43:3] من مواضع السجدات بالاتفاق. قال ابن الهمام: والسجدة الثانية في الحج، للصلاة عندنا، لأنها مقرونة بالأمر بالركوع. والمعهود في مثله من القرآن كونه من أوامر، ما هو ركن الصلاة بالاستقراء نحو {اسجدي واركعي مع الراكعين} انتهى. قلت: لا عبرة بمثل هذا الاستقراء، والرأي الفاسد بعد ما ثبت السجدة الأخيرة من سورة الحج بالأحاديث وآثار الصحابة. فالحق أن في سورة الحج سجدتين، كما ذهب إليه الشافعي وأحمد. قال الإمام ابن القيم في إعلام الموقعين (ج2: ص8) : فأما الرأي فيدخل على فساده وجوه. منها، أنه مردود بالنص. ومنها أن اقتران الركوع بالسجود في هذا الموضع لا يخرجه عن كونه موضع سجدة. كما أن اقترانه بالعبادة التي هي أعم من الركوع، لا يخرجه عن كونه سجدة، وقد صح سجوده في النجم، وقد قرن السجود فيها بالعبادة، كما قرنه بالعبادة في سورة الحج، والركوع لم يزده إلا تاكيداً. ومنها أن أكثر السجدات المذكورة في القرآن متناولة لسجود الصلاة، ثم بينها، ثم قال: فإرادة سجود الصلاة بآية السجدة لا تمنع كونها سجدة، بل تؤكدها وتقويها. ثم ذكر ما يوضح ذلك. ثم قال: وهذا السجود شرعه الله ورسوله عبودية عند تلاوة هذه الآيات وإستماعها، وقربة إليه، وخضوعاً لعظمته، وتذللاً بين يديه. واقتران الركوع ببعض آياته مما يؤكد ذلك ويقويه، لا يضعفه ويوهيه وأما قوله تعالى. {يا مريم اقنتي لربك} الخ، فإنما لم يكن موضع سجدة؛ لأنه خبر خاص عن قول الملائكة، لامرأة بعينها أن تديم العبادة لربها بالقنوت، وتصلي له بالركوع والسجود، فهو خير عن قول الملائكة لها ذلك، وإعلام من الله تعالى لنا، أن الملائكة قالت ذلك لمريم. فسياق ذلك غير سياق آيات السجدات - انتهى. (رواه أبوداود والترمذي) وأخرجه أيضاً ابن عبد الحكم في فتوح مصر (ص289) وأحمد في المسند (ج4: ص151-155) والدارقطني (ص157)، والحاكم (ج1: ص221- ج2: ص290) والبيهقي (ج2: ص317) كلهم من طريق ابن لهيعة، عن مشرع بن هاعان عن عقبة بن عامر. وقد ذكر الحاكم، أنه تفرد به ابن لهيعة. وأكده الحاكم، بأن الرواية صحت فيه من قول عمر وابنه وابن مسعود وابن عباس وأبي الدرداء وأبي موسى وعمار. ثم
وقال: هذا حديث ليس إسناده بالقوى. وفي المصابيح: "فلا يقرأها" كما في شرح السنة.
1038-
(8) وعن ابن عمر: ((أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد في صلاة الظهر، ثم قام فركع، فرأوا أنه قرأ "تنزيل" السجدة)) .
ــ
ساقها موقوفة عنهم. وأكده البيهقي، بما رواه في المعرفة من طريق خالد بن معدان مرسلاً. (وقال) أي الترمذي" (هذا حديث ليس إسناده بالقوي) أي للكلام الذي يذكر في ابن لهيعة وابن هاعان. والظاهر أن الحديث حسن، وإسناده قوي. قال ابن القيم: حديث ابن لهيعة يحتج منه، بما رواه عنه عبادلة كعبد الله بن وهب وعبد الله بن المبارك وعبد الله بن يزيد المقرئ. قال أبوزرعة: كان ابن المبارك وابن وهب، يتبعان أصوله وقال عمرو بن علي: من كتب عنه قبل احتراق كتبه، مثل ابن المبارك وابن المقرئ، أصح ممن كتب بعد احتراقها. قال ابن وهب: كان ابن لهيعة صادقاً. وقد انتقى النسائي هذا الحديث من جملة حديثه، وأخرجه واعتمده، وقال ما أخرجت من حديث ابن لهيعة قط إلا حديثاً واحداً، يعني هذا الحديث، ثم ذكره - انتهى كلام ابن القيم مختصراً. وهذا الحديث، مما رواه عبد الله بن وهب وعبد الله بن يزيد المقرئ مع الآخرين، عن ابن لهيعة، فهو مما يحتج به من أحاديثه. وأما مشرح بن هاعان، فقال الحافظ في التقريب: إنه مقبول. وقال الذهبي في الميزان: صدوق لينه ابن حبان. وقال عثمان بن سعيد عن ابن معين: ثقة. وقال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس به. فالظاهر أن الحديث لا ينزل عن درجة الحسن. وقد اعتضد بحديث عمرو بن العاص المتقدم، وبرواية خالد بن معدان المرسلة، وبآثار الصحابة. وقال ميرك: كما في المرقاة الحديث صحيح. (وفي المصابيح فلا يقرأها كما في شرح السنة) أي بإعادة الضمير إلى السورة. والمعنى أنه لا يقرأها بكمالها، وقيل: الضمير لآية السجدة. قال ميرك: نقلاً عن التصحيح، كذا وقع في أكثر نسخ المصابيح، فلا يقرأها بغير ميم، وهو غلط. والذي ثبت في أصول روايتنا، فلا يقرأهما بالتثنية - انتهى. وقال التوربشتي: كذا وجدناها في نسخ المصابيح، وهو غلط. والصواب فلا يقرأهما بإعادة الضمير إلى السجدتين، وكذا وجدنا في كتابي أبي داود والترمذي وغيرهما من كتب أهل الحديث. قلت: الأمر كما قال ميرك والتوربشتي.
1038-
قوله: (سجد) أي سجدة التلاوة (في صلاة الظهر) وفي رواية أحمد، في الركعة الأولى من صلاة الظهر. (ثم قام فركع) قال ابن الملك: يعني لما قام من السجود إلى القيام ركع، ولم يقرأ شيئاً من باقي السورة، وإن كانت القرأة جائزة. قال القاري: بل القراءة أفضل، ولعلها كانت الصلاة تطول، أو تركها لبيان الجواز، مع أنه لا نص في عدم قراءته عليه السلام آخر السورة، ثم أنه لم يكتف بالركوع، وإن كان جائز أيضاً، كما هو مذهبنا اختيار للعمل بالأفضل - انتهى. قلت: لا بد للقول بالاكتفاء بالركوع عن السجود من دليل من كتاب أو سنة، ولا يكفي في مثل هذا القياس. (فرأوا) أي علموا. (أنه قرأ تنزيل السجدة) بنصب تنزيل على المفعولية،
رواه أبوداود.
1039-
(9) وعنه: ((أنه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ علينا القرآن، فإذا مر بالسجدة، كبر وسجد وسجدنا معه)) .
ــ
وبرفعه على الحكاية. والسجدة مجرورة. ويجوز نصبها بتقدير أعني، ورفعها بتقدير هو. والمعنى سمعوا بعض قراءته، لأنه كان قد يرفع صوته ببعض ما يقرأ به في الصلوات السرية، ليعلموا سنية قراءة تلك السورة. والحديث يدل على مشروعية سجود التلاوة في الصلاة السرية. وقد تقدم الكلام في ذلك. (رواه أبوداود) من طريق معتمر ويزيد بن هارون وهشيم عن سليمان التيمي عن أمية عن أبي مجلز عن ابن عمر. قال أبوداود: قال محمد بن عيسى يعني شيخه: لم يذكر أمية أحد إلا معتمر. وسكت عنه المنذري، والحديث أخرجه أيضاً أحمد (ج2: ص83) والطحاوي والحاكم (ج1: ص221) لكن بإسقاط أمية بين سليمان وأبي مجلز. قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي، ورواه البيهقي (ج2: ص322) على الوجهين. قال الحافظ في التلخيص (ص114) بعد أن نسب الحديث لأبي داود والحاكم: وفيه أمية شيخ لسليمان التيمي، رواه له عن أبي مجلز، وهو لا يعرف، قاله أبوداود في رواية الرملي عنه. وفي رواية الطحاوي عن سليمان عن أبي مجلز، قال: ولم أسمعه منه، لكنه عند الحاكم بإسقاطه. ودلت رواية الطحاوي على أنه مدلس - انتهى. وقال الذهبي في الميزان (ج1: ص128) : أمية عن أبي مجلز لاحق لا يدرى من ذا. وعنه سليمان التيمي، والصواب إسقاطه من بينهما - انتهى. وفي تهذيب التهذيب (ج1: ص373) أمية عن أبي مجلز عن ابن عمر في الصلاة، قاله معتمر بن سليمان عن أبيه. ورواية غير واحد عن سليمان التيمي عن أبي مجلز، قال الحافظ بعد ذكر قول أبي داود المتقدم في رواية الرملي: ويحتمل أن هذا تصحيف من أحد الرواة، كان عن المعتمر عن أبيه، فظنه عن أمية، ثم كرر وذكر أبيه، والله أعلم. لكن وقع عند أحمد عن يزيد بن هارون عن سليمان عن أبي مجلز به ثم قال: قال سليمان: ولم أسمعه من أبي مجلز. وحكى الدارقطني: أن بعضهم رواه عن المعتمر. فقال عن أبيه، عن أبي أمية، وزيفه، ثم جوز إن كان محفوظاً أن يكون المراد به عبد الكريم بن أبي المخارق، فإنه يكنى أبا أمية، وهو بصري، والله أعلم - انتهى. قلت: قد تحصل من هذا كله أن أمية هذا مجهول، وأن معتمر بن سليمان تفرد بذكره، والصواب أن يكون سليمان عن أبي مجلز بإسقاط أمية بينهما، كما روى غير واحد من أصحاب سليمان. وكذا وقع عند أحمد والطحاوي والحاكم، وعند أبي داود والبيهقي أيضاً في رواية غير المعتمر. وأن سليمان لم يسمع هذا الحديث من أبي مجلز، كما صرح به في رواية أحمد والطحاوي والبيهقي. وأنه دلس في رواية الحاكم. وعلى هذا فالسند منقطع. وفي تصحيح الحاكم لهذا الحديث عندي كلام، والله أعلم.
1039-
قوله: (فإذا مر بالسجدة كبر وسجد وسجدنا معه) فيه أن المستمع للقرآن إذا قرئ بحضرته
السجدة، سجد مع القاري. وفيه أنه يشرع التكبير، لسجود التلاوة. وإليه ذهب الشافعي وأحمد وأصحاب الرأي، سواء كان في الصلاة أو غيرها. وبه قال مالك: إذا سجد في الصلاة، واختلف عنه في غير الصلاة، وكان الثوري يعجبه هذا الحديث. قال أبوداود: يعجبه لأنه كبر. أي لأن فيه ذكر التكبير. ولم يرد ذكر التكبير لسجود التلاوة إلا في هذا الحديث. وهل هو تكبير الافتتاح أو النقل؟ قال الأمير اليماني: الأول أقرب، ولكنه يجتزئ بها عن تكبيرة النقل لعدم ذكر تكبيرة أخرى. وقيل: يكبر له. وعدم الذكر ليس دليلاً. وقال في الشرح الكبير (ج1: ص793) : لا يشرع في ابتداء السجود أكثر من تكبيرة. وقال الشافعي: إذا سجد خارج الصلاة كبر تكبيرتين للافتتاح والسجود، كما لو صلى ركعتين. ولنا حديث ابن عمر، وظاهره أنه كبر واحدة، ولأن معرفة ذلك من الشرع، ولم يرد به، ولأنه سجود منفرد، فلم يشرع فيه تكبيران كسجود السهو، وقياسهم يبطل بسجود السهو. وقياس هذا على سجود السهو أولى من قياسه على الركعتين لشبه به، ولأن الإحرام بركعتين يتخلل بينه وبين السجود أفعال كثيرة، فلذلك لم يكتف بتكبيرة الإحرام، عن تكبيرة السجود بخلاف هذا - انتهى. ويشرع أيضاً التكبير لرفع الرأس من سجود التلاوة عند الشافعي وأحمد وأصحاب الرأي في الصلاة وغيرها. ولا دليل على ذلك إلا اعتباره بسجدة الصلاة، وبسجود السهو بعد السلام. واختلفوا في رفع اليدين مع تكبير السجود، فعند الحنفية لا يرفع سواء كان في الصلاة أو غيرها. وقال الشافعي وأحمد: يرفع يديه في تكبيرة الابتداء إن سجد خارج الصلاة؛ لأنه تكبيرة الإحرام، وإن كان في الصلاة فكذلك، نص عليه أحمد لما روى وائل بن حجر: أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يكبر إذا خفض، ويرفع يديه في التكبير. قال أحمد: هذا يدخل في هذا كله. ورواية أخرى عنه لا يرفع يديه في الصلاة، اختاره القاضي. قال في الشرح الكبير: وهو قياس المذهب لقول ابن عمر: وكان لا يفعل ذلك في السجود، متفق عليه. ويتعين تقديمه على حديث وائل بن حجر؛ لأنه أخص منه، ولذلك قدم عليه في سجود الصلاة كذلك ههنا - انتهى. واختلفوا أيضاً في التشهد والتسليم بعد سجود التلاوة والقيام قبله. فذهبت الحنفية إلى أنه لا تشهد فيه، ولا تسليم. واختلفوا في القيام، فقيل: يستحب أن يقوم فيسجد، روي ذلك عن عائشة، ولأن الخرور الذي مدح به أولئك فيه أكمل. وقيل: لا يستحب القيام. كذا في المرقاة. والمشهور عن أحمد أن التسليم واجب. وروي عنه أنه لا تسليم فيه، قال أحمد: أما التسليم فلا أدري ما هو؟ لأنه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم فيه سلام. واختلف قول الشافعي فيه. وأما التشهد فنص أحمد على أنه لا يفتقر إليه، لأنه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا عن أحد من أصحابه. واختار أبوالخطاب أنه يفتقر إلى التشهد قياساً على الصلاة كذا في الشرح الكبير. والحق عندنا أنه لا يشرع الرفع مع تكبير السجود، سواء كان في الصلاة أو في غيرها، وكذا
رواه أبوداود.
1040-
(10) وعنه أنه قال: ((إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ عام الفتح سجدة، فسجد الناس كلهم، منهم الراكب والساجد على الأرض، حتى إن الراكب ليسجد على يده)) رواه أبوداود.
ــ
لا يشرع فيه التشهد والتسليم والقيام؛ لأن معرفة ذلك من الشارع. ولم ينقل فيه شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يجزئ القياس فيه. (رواه أبوداود) وأخرجه البيهقي (ج2: ص325) من طريقه، وسنده لين، لأنه من رواية عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب العمري. وقد تكلم فيه غير واحد. وقال الذهبي: صدوق في حفظه شيء. وأخرج له مسلم مقروناً بأخيه عبيد الله بن عمر. والحديث أخرجه الحاكم أيضاً، لكن من رواية أخيه عبيد الله المصغر، وهو ثقة، ولهذا قال: حديث صحيح على شرط الشيخين. ووافقه الذهبي. قال الحافظ: وأصله في الصحيحين من حديث ابن عمر بلفظ آخر.
1040-
قوله: (قرأ عام الفتح) أي فتح مكة. (سجدة) أي آية سجدة، بانضمام ما قبلها أو بعدها، أو منفرداً لبيان الجواز. (والساجد) أي ومنهم الساجد. (على الأرض) متعلق بالساجد، ولما كان الراكب لا يسجد على الأرض جعل غير الساجد عليها قسيماً له. ففيه إيماء إلى أن الراكب لا يلزمه النزول للسجود على الأرض. (حتى إن الراكب) بكسر إن وتفتح. (ليسجد على يده) أي الموضوعة على السرج أو غيره، ليجد الحجم حالة السجدة، قال القاري: والحديث نص في جواز سجود الراكب على يده، في سجود التلاوة. وهو يدل على جواز سجود التلاوة، لمن كان راكباً من دون نزول، لأن التطوعات على الراحلة جائزة. وهذا منها. قال ابن قدامة في المغني (ج1: ص658) : إذا كان على الراحلة في السفر، جاز أن يومئ بالسجود، حيث كان وجهه كصلاة النافلة، فعل ذلك علي وسعيد بن زيد وابن عمر وابن الزبير والنخعي وعطاء. وبه قال مالك والشافعي وأصحاب الرأي. وقد روى أبوداود عن ابن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ عام الفتح، الحديث. ولأنها لا تزيد على صلاة التطوع، وهي تفعل على الراحلة، وإن كان ماشياً سجد على الأرض. وبه قال أبوالعالية وأصحاب الرأي، لما ذكرنا من الحديث والقياس. وقال الأسود بن يزيد وعطاء ومجاهد: يومئ، وفعله علقمة وأبوعبد الرحمن السلمي - انتهى. (رواه أبوداود) وأخرجه أيضاً الحاكم والبيهقي، كلهم من طريق مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير عن نافع عن ابن عمر. وقد سكت عنه أبوداود. وقال الحاكم: حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه، فإنهما لم يخرجا عن مصعب بن ثابت، ولم يذكراه بجرح، وأقره الذهبي. وقال المنذري: في إسناده مصعب بن ثابت، وقد ضعفه غير واحد من الأئمة - انتهى. قلت: ضعفه أحمد وابن معين. وقال النسائي والدارقطني: ليس بالقوي. وقال أبوحاتم: صدوق كثير الغلط ليس بالقوي. وقال الحافظ في التقريب: لين الحديث، وكان عابداً.
1041-
(11) وعن ابن عباس. ((أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يسجد في شيء من المفصل منذ تحول إلى المدينة))
رواه أبوداود.
1043-
(12) وعن عائشة، قالت:((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في سجود القرآن بالليل: "سجد وجهي للذي خلقه، وشق سمعه وبصره بحوله وقوته"))
ــ
1041-
قوله: (لم يسجد في شيء، من المفصل منذ تحول إلى المدينة) قد احتج به لمالك في ترك السجود في المفصل، وتعقب بأنه حديث ضعيف، لا يصلح للإحتجاج. كما ستعرف. وإن صح لم يلزم منه حجة، لأن الأحاديث المقدمة مثبتة، وهي مقدمة على النفي، ولا سيما مع إجماع العلماء، على أن إسلام أبي هريرة، كان سنة سبع من الهجرة، وهو يقول في حديثه السابق: سجدنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في {إذا السماء انشقت} و {إقرأ باسم ربك} . (رواه أبوداود) وأخرجه أيضاً ابن السكن في صحيحه، والبيهقي (ج2: ص33) وفي إسناده أبوقدامة الحارث بن عبيد الايادي البصري، عن مطر الوراق. وأبوقدامة قال أحمد بن حنبل: مضطرب الحديث. وقال ابن معين: ضعيف. وقال النسائي: ليس بذاك القوي. وقال أبوحاتم: ليس بالقوي. يكتب حديثه ولا يحتج به. وقال ابن حبان: كان ممن كثر وهمه، حتى خرج من جملة من يحتج بهم إذا انفردوا. وقال الساجي: صدوق عنده مناكير، واستشهد به البخاري متابعة في موضعين. ومطر الوراق كان سيء الحفظ، حتى كان يشبه في سوء الحفظ بمحمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، وقد عيب على مسلم إخراج حديثه، وقال المنذري: في إسناده أبوقدامة، لا يحتج بحديثه، وقد صح أن أبا هريرة سجد مع النبي صلى الله عليه وسلم في السنة السابعة من الهجرة - انتهى. وقال ابن عبد البر: هذا حديث منكر. وأبوقدامة ليس بشيء. وأبوهريرة لم يصحب النبي صلى الله عليه وسلم إلا بالمدينة، وقد رآه يسجد في "الانشقاق" و"العلق" – انتهى. وقال النووي: حديث ضعيف، لا يصح الاحتجاج به. وقال عبد الحق في أحكامه: إسناده ليس بالقوي، ويروى مرسلاً. والصحيح حديث أبي هريرة. (يعني الذي تقدم آنفاً) ، وإسلامه متأخر.
1042-
قوله: (في سجود القرآن) أي في سجود التلاوة. (بالليل) حكاية للواقع لا للتقييد به. (سجد وجهي) بفتح الياء وسكونها. (الذي خلقه وشق سمعه وبصرة) تخصيص بعد تعميم، أي فتحهما وأعطاؤهما الإدراك وأثبت لهما الإمداد بعد الإيجاد. (بحوله) أي بصرفه الآفات عنهما. (وقوته) أي قدرته بالثبات، والإعانة عليهما. والحديث أخرجه الحاكم والبيهقي، وصححه ابن السكن، وقال في آخره:"ثلاثا"، وزاد الحاكم
رواه أبوداود والترمذي والنسائي. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
1043-
(13) وعن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: ((جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله! رأيتني الليلة، وأنا نائم كأني أصلي خلف الشجرة، فسجدت، فسجدت الشجرة لسجودي، فسمعتها تقول: اللهم اكتب لي بها عندك أجراً، وضع عني بها وزراً، واجعلها لي عندك ذخراً، وتقبلها مني كما تقبلتها من عبدك داود.
ــ
"فتبارك الله أحسن الخالقين" وزاد البيهقي "وصوره" بعد قوله: خلقه. ولمسلم نحوه من حديث علي في سجود الصلاة، وللنسائي أيضاً نحوه من حديث جابر في سجود الصلاة أيضاً. وفيه وفي الحديث الآتي دليل على مشروعية الذكر في سجود التلاوة بما اشتملا عليه، ويقول ذلك فيه، في الصلاة فريضة كانت أو نافلة وفي غير الصلاة. ولا حجة لمن حمله على خارج الصلاة، أو على النافلة. (رواه أبوداود والترمذي والنسائي) وأخرجه أيضاً الدارقطني والحاكم (ج1 ص220) ، والبيهقي (ج2 ص225) ، وابن السكن، وسكت عنه أبوداود، وقال الحاكم: على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي. (وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح) نقل المنذري كلام الترمذي هذا وأقره.
1043-
قوله: (جاء رجل) هو أبوسعيد الخدري، كما جاء مصرحاً به، من روايته، عند أبي يعلى والطبراني في الأوسط، ذكرها الهيثمي، في مجمع الزوائد (ج2 ص284-285)، وقال: وفيه اليمان بن نصر، قال الذهبي: مجهول. (رأيتني ليلة) أي أبصرت ذاتي البارحة. (وأنا نائم) حال فاعل أو مفعول. وفي رواية البيهقي: رأيت البارحة فيما يرى النائم. (فسجدت) أي سجدة تلاوة في سورة "ص" كما في رواية البيهقي. (فسمعتها) أي الشجرة. (اكتب لي) أي أثبت لأجلي. (بها) أي بسبب هذه السجدة أو بمقابلتها. والضمير للسجدة المفهومة من سجدت. (عندك) ظرف لأكتب. (وضع) أي أحطط، كما في رواية ابن ماجه. وفي حديث أبي سعيد المذكور حط، ووقع في بعض نسخ المشكاة: حط، بدل وضع، وهو غلط، فإن الرواية بلفظ: ضع. وكذا وقع في المصابيح. (وزراً) أي ذنباً. (واجعلها لي عندك ذخراً) أي كنزاً. قيل: ذخراً بمعنى أجراً، وكرر لأن مقام الدعاء يناسب الإطناب. وقيل: الأول طلب كتابة الأجر، وهذا طلب بقائه سالماً من محبط ومبطل. قال القاري: هذا هو الأظهر. (كما تقبلتها من عبدك داود) فيه إيماء إلى أن سجدة "ص" للتلاوة. قال السيوطي في قوت المغتذي على جامع الترمذي: قال القاضي أبوبكر بن العربي: عسير علي في هذا الحديث أن يقول أحد ذلك، فإن فيه طلب قبول مثل ذلك القبول،
قال ابن عباس: فقرأ النبي صلى الله عليه وسلم سجدة ثم سجد، فسمعته وهو يقول: مثل ما أخبره الرجل، عن قول الشجرة)) رواه الترمذي، وابن ماجه، إلا أنه لم يذكر:(وتقبلها مني كما تقبلتها من عبدك داود) . وقال الترمذي: هذا حديث غريب.
ــ
وأين ذلك اللسان، وأين تلك النية. قلت: ليس المراد المماثلة من كل وجه، بل في مطلق القبول، وقد ورد في دعاء الأضحية "وتقبل مني كما تقبلت من إبراهيم خليلك، ومحمد نبيك" وأين المقام من المقام، ما أريد بهذا إلا مطلق القبول. وفيه إيماء إلى الإيمان بهؤلاء الأنبياء. وإذا ورد الحديث بشيء اتبع، ولا إشكال- انتهى. قال السندي: ولا يخفى، أن اعتبار التشبيه في مطلق القبول، يجعل الكلام قليل الجدوى. ولو قيل: وتقبلها مني قبولاً، مثل ما تقبلتها من عبدك داود، في أن كلاً منهما فرد من أفراد مطلق القبول، لم يكن في التشبيه كثير فائدة، ولم يكن إلا تطويل بلا طائل. والأقرب أن يعتبر التشبيه في الكمال، ويعتبر الكمال في قبول، كل بحسب مرتبته- انتهى. (فقرأ النبي صلى الله عليه وسلم سجدة) أي آية سجدة سورة "ص"، كما في حديث أبي سعيد الخدري. قال ابن حجر: يحتمل أنه قصدها ليبين مشروعية ما سمعه أبوسعيد بالفعل، الذي هو أبلغ من القول، وأن يكون قراءته وقعت اتفاقاً، فبين مشروعية ذلك فيها. (رواه الترمذي وابن ماجه) وأخرجه أيضاً ابن حبان وابن خزيمة في صحيحهما، والحاكم (ج1 ص219-220) والبيهقي (ج2 ص320) . (وقال الترمذي: هذا حديث غريب) وفي نسخة الشيخ محمد عابد السندي: هذا حديث حسن غريب، كما ذكره الشيخ أحمد محمد شاكر في تعليقه على الترمذي. وفي سنده محمد بن يزيد بن خنيس عن الحسن بن محمد بن عبيد الله بن أبي يزيد. ومحمد بن يزيد هذا مقبول، قاله الحافظ في التقريب. وقال أبوحاتم: كان شيخاً صالحاً كتبنا عنه بمكة. وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: كان من خيار الناس، ربما أخطا، يجب أن يعتبر بحديثه إذا بين السماع في خبره- انتهى. قلت: روى محمد بن يزيد هذا الحديث، عن الحسن بن محمد بلفظ التحديث عند الترمذي والحاكم. وأما الحسن بن محمد، فقال العقيلي لا يتابع على حديثه، وليس بمشهور النقل. وحكى الذهبي عمن لم يسمعه: أن فيه جهالة، ولم يرو عنه غير ابن خنيس. وذكره ابن حبان في الثقات، وأخرج هو وابن خزيمة حديثه في صحيحهما. وقال الخليلي لما ذكر حديثه: هذا حديث غريب صحيح من حديث ابن جريج، قصد أحمد بن حنبل محمد بن يزيد بن خنيس وسأل عنه، وتفرد به الحسن بن محمد المكي، وهو ثقة، نقل ذلك الحافظ في تهذيب التهذيب (ج2 ص319) . وقال الحاكم بعد إخراجه: هذا حديث صحيح، رواته مكيون، لم يذكر واحد منهم يخرج، وهو من شرط الصحيح، ولم يخرجاه. وقال الذهبي: صحيح ما في رواته مجروح- انتهى. وقد ظهر بهذا كله أن هذا الحديث لا ينحط عن درجة الحسن. وهو يدل على صحة ما في مخطوطة الشيخ محمد عابد السندي من قول الترمذي: هذا حديث حسن غريب.