الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رواه أبوداود وابن ماجه.
{الفصل الثالث}
1029-
(9) عن عمران بن حصين: ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى العصر وسلم في ثلاث ركعات، ثم دخل منزله. فقام إليه رجل يقال له الخرباق،
ــ
ناسياً لم تبطل صلاته - انتهى. (رواه أبوداود وابن ماجه) وأخرجه أيضاً أحمد (ج4: ص253، 254) والدارقطني والبيهقي (ج2: ص343) ومداره في جميع طرقه على جابر الجعفي، وهو ضعيف جداً. وقد قال أبوداود: ليس في كتابي عن جابر الجعفي إلا هذا الحديث. وقال المنذري: في إسناده جابر الجعفي، ولا يحتج به- انتهى. وأخرج أحمد (ج4: ص247- 253) والترمذي وصححه وأبوداود والبيهقي (ج2: ص338) عن زياد بن علاقة، قال: صلى بنا المغيرة بن شعبة، فلما صلى ركعتين قام. ولم يجلس، فسبح به من خلفه، فأشار إليهم أن قوموا، فلما فرغ من صلاته سلم ثم سجد سجدتين وسلم. ثم قال: هكذا صنع بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأخرجه البيهقي (ج2: ص344) أيضاً من طريق عامر عن المغيرة.
1029-
قوله: (صلى العصر) وفي رواية الطحاوي: صلى بهم الظهر. وفي رواية لأحمد والبيهقي: صلى الظهر أو العصر بالشك. قلت: الجزم قاض على الشك. ثم رواية العصر أرجح لتوافق أكثر الروايات عليها، ولأنها مخرجة في صحيح مسلم وأبي داود والنسائي وابن ماجه ومسند أحمد. (وسلم في ثلاث ركعات) وفي رواية معتمر عن خالد الحذاء عند أحمد (ج4: ص431) : صلى ثلاث ركعات فسلم. وفي رواية شعبة عن خالد عند أحمد أيضاً: صلى ثلاث ركعات ثم سلم. ولفظ الكتاب أصح وأرجح لتوافق أكثر الرواة عن خالد الحذاء عليه. وهم: إسماعيل بن علية عند مسلم وأحمد، وعبد الوهاب الثقفي عند مسلم أيضاً وابن ماجه والبيهقي، ويزيد بن زريع عند أبي داود والنسائي والبيهقي. ومسلمة بن محمد عند أبي داود. (ثم دخل منزله) وفي رواية فدخل الحجرة. فيه أن ترك استقبال القبلة والمشي الكثير سهواً لا يبطل الصلاة. (فقام إليه) أي في أثناء دخول منزله. (رجل يقال له الخرباق) بكسر الخاء المعجمة، وسكون الراء بعدها موحدة، وفي آخره قاف، اسمه. قال ابن حجر: أسلم في أواخر زمن النبي صلى الله عليه وسلم، وعاش حتى روى عنه متأخروا التابعين، وهو ذو اليدين السابق، كما قاله المحققون، وغير ذي الشمالين خلافاً لمن وهم فيه، كالزهري والطيبي هنا - انتهى. قلت: ما ذكره ابن حجر من أن الخرباق اسم ذي اليدين السابق هو صنيع من يوحد حديث أبي هريرة بحديث عمران، وإلى توحيد الحديثين ذهب الأكثر، وهو الذي رجحه الحافظ، وعده من الحنفية السندي الأظهر، وصاحب فيض الباري الأصوب، وقواه النيموي في تعليق
وكان في يديه طول، فقال: يا رسول الله! فذكر له صنيعه، فخرج غضبان يجر رداءه، حتى انتهى إلى الناس، فقال: أصدق هذا؟ قالوا: نعم. فصلى ركعة، ثم سلم، ثم سجد سجدتين، ثم سلم)) .
ــ
آثار السنن، وهو الظاهر عندي أيضاً، لكن الخرباق ذا اليدين السلمي هذا غير ذي الشمالين عمير بن عبد عمرو ابن نضلة الخزاعي المستشهد ببدر، لا كما زعمه الحنفية أنهما رجل واحد. (وكان في يديه طول) أي بالنسبة إلى سائر الناس، ولذا كان يقال له ذو اليدين. وفي رواية لمسلم: فقام رجل بسيط اليدين. (فذكر له صنيعه) أي من تسليمه في ثلاث ركعات، وأن ذلك هل هو لنسيان أو لقصر الصلاة. (فخرج) أي من منزله. (غضبان) لأمر. (يجر رداءه) أي مستعجلاً يعني لكثرة اشتغاله بشأن الصلاة خرج يجر رداءه، ولم يتمهل ليلبسه. (ثم سلم) أي للتحلل من الصلاة. (ثم سجد سجدتين) أي للسهو بعد السلام. (ثم سلم) لسجود السهو. هذا، وقد تقدم أنه ذهب الأكثر إلى أن حديث أبي هريرة في قصة ذي اليدين، وحديث عمران هذا قضية واحدة. وجنح ابن خزيمة ومن تبعه كالنووي وأبي حاتم بن حبان إلى التعدد. قال الحافظ في الفتح: والحامل لهم على ذلك الاختلاف الواقع في السياقين. ففي حديث أبي هريرة إن السلام وقع من اثنتين، وأنه صلى الله عليه وسلم قام إلى خشبة في المسجد. وفي حديث عمران أنه سلم من ثلاث ركعات وأنه دخل منزله لما فرغ من الصلاة. فأما الأول فقد حكى العلائي أن بعض شيوخه حمله على أن المراد به أنه سلم في ابتداء الركعة الثالثة. (يعني في إرادة ابتداء الثالثة) واستبعده، ولكن طريق الجمع يكتفي فيها بأدنى مناسبة، وليس بأبعد من دعوى تعدد القصة، فإنه يلزم منه كون ذي اليدين في كل مرة استفهم النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، واستفهم النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة عن صحة قوله. وأما الثاني فلعل الراوي لما رآه تقدم من مكانه إلى جهة الخشبة ظن أنه دخل منزله لكون الخشبة كانت في جهة منزله. فإن كان كذلك، وإلا فرواية أبي هريرة أرجح لموافقة ابن عمر له على سياقه، كما أخرجه الشافعي وأبوداود وابن ماجه وابن خزيمة، ولموافقة ذي اليدين نفسه له على سياقه كما أخرجه أبوبكر الأثرم وعبد الله بن أحمد في زيادات المسند، وأبوبكر بن أبي حثمة وغيرهم. وقد تقدم ما يدل على أن محمد بن سيرين راوي الحديث عن أبي هريرة كان يرى التوحيد بينهما، وذلك أنه قال في آخر حديث أبي هريرة: نبئت أن عمران بن حصين قال: "ثم سلم" - انتهى كلام الحافظ. وقال السندي: في حاشية النسائي كلام المصنف يشير إلى أن الواقعة متحدة، وهو أظهر. وعلى هذا كونه سلم من ركعتين أو ثلاث، وكذا كونه دخل البيت أو قعد في ناحية المسجد وغير ذلك مما اشتبه على الرواة لطول الزمان. ويحتمل تعدد الواقعة. وقال في حاشية ابن ماجه: الظاهر أن اختلاف الرواية ليس محمله اختلاف الواقعة، بل محمله نسيان بعض الرواة بعض الكيفيات بمضي الأزمنة، وهم ما كانوا يكتبون الوقائع، بل كانوا يحفظونها بالقلب. وهذا غير مستبعد عند من تتبع الأحاديث. قلت: وذهب بعض العلماء إلى ترجيح حديث أبي هريرة على حديث عمران
رواه مسلم.
1030-
(10) وعن عبد الرحمن بن عوف، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من صلى صلاة يشك في النقصان، فليصل حتى يشك في الزيادة)) . رواه أحمد.
ــ
كما رأيت في كلام الحافظ. ولعل الإمام البخاري جنح إليه كما يفهم من صنيعه، حيث أخرج حديث أبي هريرة في صحيحه، وأعرض عن حديث عمران بن حصين. والله اعلم. (رواه مسلم) وأخرجه أيضاً أحمد (ج4: ص427- 431- 441) وأبوداود والنسائي وابن ماجه والطحاوي والبيهقي. وفي الباب عن ابن عباس عند البزار والطبراني في الكبير. وفي سنده إسماعيل بن أبان الغنوي العامري، وهو متروك. وله حديث آخر عندهما أيضاً مختصر من الأول. وفي سنده جابر الجعفي وثقه شعبة والثوري وضعفه الناس، كذا في مجمع الزوائد (ج2: ص152) .
1030-
قوله: (من صلى صلاة يشك في النقصان) يعني أنه يشك في الرباعية مثلاً بأنه صلى ثلاثاً أو أربعاً. (فليصل) أي فليبن على الأقل المتيقن، فيجعلها في الصورة المذكورة ثلاثاً ويصلي ركعة أخرى. (حتى يشك في الزيادة) أي يشك في أنه صلى أربعاً أو خمساً لاحتمال أن يكون قد صلى في الواقع أربعاً، وتكون التي زادها ركعة خامسة. فمن بني على الثلاث وصلى ركعة أخرى فهو يشك الآن أنها رابعة أو خامسة، وهذا هو المراد بالشك في الزيادة. والحاصل أن جعل الشك في جانب الزيادة أولى من جعله في جانب النقصان. (رواه أحمد) في (ج1: ص195) عن محمد بن يزيد عن إسماعيل بن مسلم المكي عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس أنه كان يذاكر عمر شأن الصلاة، فانتهى إليهم عبد الرحمن بن عوف، فقال: ألا أحدثكم بحديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالوا: بلى، قال: فأشهد إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من صلى. الحديث. وإسماعيل بن مسلم المكي ضعيف. وهذه الرواية من زيادات أبي بكر أحمد بن جعفر بن حمدان بن مالك القطيعي، راوي المسند عن عبد الله بن أحمد. قال القطيعي: قال أبوعبد الرحمن، يعني عبد الله بن أحمد. وجدت هذا الحديث في كتاب أبي بخط يده ثنا محمد بن يزيد الخ. وأخرجه أيضاً إسحاق بن راهوية والهيثم بن كليب في مسنديهما، والبيهقي في سننه (ج2: ص333- 346) بلفظ: إذا كان أحدكم في شك من النقصان في صلاته فليصل حتى يكون في شك من الزيادة، وفي إسنادهم أيضاً إسماعيل بن مسلم المكي. وهذا حديث مختصر من حديث طويل أخرجه أحمد (ج1: ص190) والترمذي وصححه. وأبوداود وابن ماجه والبيهقي (ج2: ص332) من حديث كريب عن عبد الله بن عباس عن عبد الرحمن بن عوف. وقد ذكرنا لفظه في شرح حديث أبي هريرة أول أحاديث الفصل الأول