الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رواه مسلم.
{الفصل الثاني}
975-
(10) عن أبي أمامة، قال:((قيل يا رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الدعاء أسمع؟ قال: جوف الليل الآخر، ودبر الصلوات المكتوبات)) . رواه الترمذي.
976-
(11) وعن عقبة بن عامر، قال:((أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقرأ بالمعوذات في دبر كل صلاة)) .
ــ
يحتمل صدور ذلك في أوقات متعددة، وأن يكون على سبيل التخيير، أو يفترق بافتراق الأحوال-انتهى. (رواه مسلم) وأخرجه أيضاً النسائي، والبيهقي في الدعوات كلهم من طريق عطاء بن يزيد، عن أبي هريرة، قاله السيوطي. وأخرجه مالك في الموطأ من هذا الطريق موقوفاً على أبي هريرة.
975-
قوله: (أي الدعاء أسمع) أي أوفق إلى السماع، أو أقرب إلى الإجابة، فإن السمع قد يجيء بمعنى الإجابة، يقال: سمع الأمير قوله، أي إجابة وأعطى سؤاله. (جوف الليل) روى بالرفع وهو الأكثر على أنه خبر مبتدأ محذوف، أو مبتدأ خبره محذوف على حذف مضاف وإقامة المضاف إليه مقامه مرفوعاً، أي دعاء جوف الليل أسمع، وروي بنصب "جوف" عل الظرفية أي في جوفه. (الآخر) صفة جوف فيتبعه في الإعراب. قيل: والجوف الآخر من الليل هو وسط النصف الآخر من الليل- بسكون السين لا بالتحريك- (دبر الصلوات المكتوبات) عطف على "جوف" تابع له في الأعراب. والحديث فيه تصريح بأن جوف الليل الآخر، ودبر الصلوات المكتوبات من أوقات الإجابة، وسيأتي هذا الحديث في باب التحريض على قيام الليل. (رواه الترمذي) أي في الدعوات من طريق ابن جريح، عن عبد الرحمن بن سابط، عن أبي أمامة، وقال: حديث حسن- انتهى. قلت: رجاله ثقات، إلا أن ابن جريح مدلس، وقد رواه عن عبد الرحمن بالعنعنة، وأيضاً في سماع عبد الرحمن بن سابط عن أبي أمامة كلام، قال الحافظ في الإصابة (ج3: ص148) في القسم الرابع من حرف العين: أما هو أي عبد الرحمن بن سابط فتابعي، كثير الإرسال، ويقال: لا يصح له سماع من صحابي، أرسل عن النبي صلى الله عليه وسلم كثيراً، وعن معاذ وعباس بن أبي ربيعة، وسعد بن أبي وقاص، والعباس بن عبد المطلب، وأبي ثعلبة، فيقال: إنه لم يدرك أحداً منهم. قال الدوري: سئل ابن معين هل سمع من سعد؟ فقال: لا. قيل: من أبي أمامة؟ قال: لا. قيل: من جابر؟ قال: لا. قلت: وقد أدرك هذين –انتهى.
976-
قوله: (أن أقرأ بالمعوذات) بكسر الواو المشددة وتفتح. (في دبر كل صلاة) أي فريضة. والحديث في
رواه أحمد وأبو داود والنسائي والبيهقي في "الدعوات الكبير".
977-
(12) وعن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لأن أقعد مع قوم يذكرون الله من صلاة الغداة حتى تطلع الشمس، أحب إليّ من أن أعتق أربعة من ولد إسماعيل. ولأن أقعد مع قوم يذكرون الله
ــ
مسند أحمد (ج4: ص155، 204) وفي سنن أبي داود والنسائي والمستدرك للحاكم (ج1: ص253) والدعوات الكبير للبيهقي بلفظ المعوذات، وفي فضائل القرآن من جامع الترمذي وصحيح ابن حبان كما في الحصن بلفظ المعوذتين، فعلى الأول إما أن نذهب إلى أن أقل الجمع اثنان، وإما أن يدخل سورة الإخلاص وحدها، أو مع الكافرين في المعوذتين، إما تغليباً، أو؛ لأن كلتيهما براءة من الشرك، والتجاء إلى الله تعالى، ففيهما التبرئ عن الشرك، والتعوذ به منه. وقيل المراد بالمعوذات الآيات المتضمنة للاستعاذة لفظاً أو معنى، فيدخل فيها سورة الإخلاص، وسورة الكافرون أيضاً، فإن فيهما معنى التعوذ، وقيل: المراد الكلمات المعوذة. (رواه أحمد)(ج4: ص155، 201) . (وأبو داود) وسكت عنه هو والمنذري. (والنسائي) الخ. وأخرجه أيضاً الترمذي في فضائل القرآن، وقال: حسن غريب. وابن حبان في صحيحه والحاكم (ج1: ص253) وقال صحيح على شرط مسلم. ووافقه الذهبي.
977-
قوله: (لأن أقعد) بفتح الهمزة أي لقعودي، واللام للابتداء، وقيل: للقسم. (مع قوم يذكرون الله) لم يقل ذاكراً معهم لإفادة أن ذلك لا يتوقف على ما إذا ذكر معهم، بل الاستماع يقوم مقام الذكر، فما بالك بما إذا ذكر معهم؛ لأنهم القوم لا يشقى جليسهم، والذكر يعم الدعاء، وتلاوة القرآن، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ويلحق به ما في معناه، كدرس العلوم الشرعية. (من صلاة الغداة) أي الصبح. (من أن أعتق) بضم الهمزة وكسر التاء. (أربعة) أنفس. (من ولد إسماعيل) خص بني إسماعيل لشرفهم على غيرهم من العرب، والعرب أفضل الأمم، ولقربهم منه عليه الصلاة والسلام، لكونه صلى الله عليه وسلم من أولاد إسماعيل. وفي الحديث أوضح دليل لما ذهب إليه الشافعي من أنه يجوز ضرب الرق على العرب، إذ لو امتنع رقهم لم يقل صلى الله عليه وسلم أن هذا أحب إليه من عتقهم. وتأويل الحنفية هذا الحديث بأن إطلاق الأرقاء والعتق عليهم على الفرض والتقدير، وبأنه يمكن أن يسبى بالاشتباه، وأن المراد بالعتق إنقاذهم من الشدائد والمهالك، بعيد خلاف الظاهر، فلا يلتفت إليه. قال التوربشتي: معرفة وجه التخصيص في الرقاب على الأربعة يقيناً لا يوجد تلقينه إلا من قبل الرسول صلى الله عليه وسلم، وعلينا التسليم، عرفنا ذلك أو لم نعرف، ويحتمل أن يكون ذلك؛ لانقسام العمل الموعود عليه على أربعة أقسام: ذكر الله تعالى، والقعود له، والاجتماع عليه، وحبس النفس من حين يصلي إلى أن تطلع الشمس. وقال ابن الملك: الأربعة هي القعود أي لذكر الله، وكونه مع قوم يذكرون الله، وكون ذلك من الغدوة أو العصر، واستمراره إلى الطلوع أو الغروب، وقيل: خص الأربعة؛ لأن فيه ذكر القعود، والذكر، والاستمرار إلى طلوع الشمس
من صلاة العصر إلى أن تغرب الشمس، أحب إليّ من أن أعتق أربعة)) . رواه أبوداود.
978-
(13) وعنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من صلى الفجر في جماعة، ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس، ثم صلى ركعتين، كانت له كأجر حجة وعمرة. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تامة، تامة، تامة)) . رواه الترمذي.
ــ
وصلاة ركعتين أو أربع كما في رواية. (من صلاة العصر) أي من بعد صلاة العصر. (من أن أعتق أربعة) أي من ولد إسماعيل، فإن الحديث رواه أبويعلى أيضاً، وزاد في الموضعين " أربعة من ولد إسماعيل، دية كل رجل منهم اثنا عشر ألفاً". والحديث دليل على أن الذكر أفضل من العتق والصدقة. (رواه أبوداود) في العلم وسكت عنه. وقال المنذري: في إسناده موسى بن خلف العمي البصري، وقد استشهد به البخاري، وأثنى عليه غير واحد من المتقدمين، وتكلم فيه ابن حبان البستي-انتهى. وقال الحافظ العراقي: إسناده حسن. والحديث أخرجه أبويعلى أيضاً. وقال في الموضعين: أحب إليّ من أعتق أربعة من ولد إسماعيل دية كل واحد منهم اثنا عشر ألفاً. قال الهيثمي بعد ذكره: وفيه محتسب أبوعائذ، وثقة ابن حبان، وضعفه غيره، وبقية رجاله ثقات-انتهى.
978-
قوله: (ثم قعد يذكر الله) أي استمر في مكانه ومسجده الذي صلى فيه مشتغلاً بالذكر. (ثم صلى ركعتين) قال الطيبي: أي ثم صلى بعد أن ترتفع الشمس قدر رمح حتى يخرج وقت الكراهة، وهذه الصلاة تسمى صلاة الإشراق، وهي أول الضحى-انتهى. قلت: وقع في حديث معاذ عند أبي داود: حتى يسبح ركعتي الضحى، وكذا وقع في حديث أبي أمامة، وعتبة بن عبد عند الطبراني. (كانت) أي المثوبة. (قال) أي أنس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(تامة تامة تامة) صفة لحجة وعمرة، كررها ثلاثاً للتأكيد، وقيل: أعاد القول لئلا يتوهم أن التأكيد بالتمام، وتكراره من قول أنس، قال الطيبي: هذا التشبيه من باب إلحاق الناقص بالكامل ترغيباً للعامل، أو شبه استيفاء أجر المصلي تاماً بالنسبة إليه باستيفاء أجر الحاج تاماً بالنسبة إليه. وأما وصف الحج والعمرة بالتمام فإشارة إلى المبالغة-انتهى. (رواه الترمذي) وحسنه، وفي سنده أبوظلال هلال بن أبي هلال، ويقال: هلال بن أبي مالك. واختلف أيضاً في اسم أبيه القسملى البصري الأعمى، ضعفه أكثرهم، وجعله البخاري مقارب الحديث فيما رواه الترمذي عنه، وقال الذهبي في الميزان، والحافظ في تهذيب التهذيب: قال البخاري: عنده مناكير. وقال الذهبي في الكنى: واهٍ بمرة. وقال الحافظ في التقريب: ضعيف مشهور بكنيته-انتهى. وإنما حسن الترمذي حديثه لشواهده، منها: حديث أبي أمامة عند الطبراني، قال المنذري في الترغيب، والهيثمي في مجمع الزوائد (ج10: ص104) : إسناده جيد، ومنها: حديث أبي أمامة، وعتبة بن عبد عند الطبراني أيضاً. قال المنذري: وبعض رواته مختلف فيه. قال: وللحديث شواهد كثيرة-انتهى. وقال الهيثمي بعد