الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فإذا قام رسول الله صلى الله عليه وسلم قام الرجال)) . رواه البخاري. وسنذكر حديث جابر بن سمرة في باب الضحك إن شاء الله تعالى.
{الفصل الثاني}
956-
(11) عن معاذ بن جبل، قال: ((أخذ بيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إني لأحبك يا معاذ! فقلت:
وأنا أحبك يا رسول الله! قال: فلا تدع أن تقول دبر كل صلاة:
ــ
أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا سلم لم يقعد إلا مقدار ما يقول: اللهم أنت السلام، ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام. وسيأتي الكلام في ذلك. وفي الحديث أنه لا بأس بحضور النساء الجماعة في المسجد. (رواه البخاري) باللفظ المذكور في "باب خروج النساء إلى المساجد بالليل والغلس". وأخرجه أيضاً أحمد وأبوداود والنسائي وابن ماجه بألفاظ متقاربة. قوله:(وسنذكر حديث جابر بن سمرة) يعني الذي ذكره صاحب المصابيح هنا بلفظ: كان يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقوم من مصلاه الذي يصلي فيه الصبح حتى يطلع الشمس، وكانوا يتحدثون فيأخذون في أمر الجاهلية. (أي يتحدثون بما جرى قبل الإسلام) فيضحكون ويبتسم. (في باب الضحك) قال القاري: لا يخفى أن إبقاءه في هذا الباب أولى من تغيير المصنف المفتقر إلى الاعتذار المتضمن للاعتراض، فإن الحديث الطويل إذا كان مشتملاً على أمور مختلفة يصلح لكل باب إيراده فيه لمناسبة أمر ما، ولهذا أورد البخاري حديثاً واحداً في أبواب كثيرة في كتابه، مع أن أول هذا الحديث أولى بهذا المقام-انتهى. قلت: صنيع المصنف أي تغييره وإيراده حديث جابر بن سمرة في باب الضحك أولى من صنيع البغوي، فإنه لا تعلق له بالدعاء في التشهد صراحة بخلاف الضحك، فإنه مذكور فيه صريحاً فهو أنسب وأولى بباب الضحك.
956-
قوله: (إني لأحبك يا معاذ) فيه مزيد تشريف منه صلى الله عليه وسلم لمعاذ رضي الله عنه، وترغيب له فيما يريد أن يلقى عليه من الذكر. (قال فلا تدع) نهى عن ودعه إلا أنه هجر ماضيه في الأكثر استغناء عنه بترك، وقد ورد قليلاً، وقرئ:{ما ودعك ربك} [93: 3] أي إذا كنت تحبني، أو إذا كان بيني وبينك محاببة، أو إذا أردت ثبات هذه المحبة فلا تترك، والنهي أصله التحريم، فيدل على وجوب الدعاء بهذه الكلمات، وقيل: إنه نهي إرشاد. (أن تقول في دبر كل صلاة) أي في آخرها قبل الخروج منها؛ لأن دبر الحيوان منه. وقيل: أي عقبها وخلفها؛ لأن دبر الصلاة بعدها قال في القاموس: الدبر- بضمتين- نقيض القبل ومن كل شيء عقبه. وإيراد المصنف هذا الحديث في الباب المشتمل على الدعاء في التشهد يدل على أنه أراد المعنى الأول، ويؤيده رواية أحمد بلفظ: "إني أوصيك بكلمات تقولهن في كل
رب أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك)) . رواه أحمد وأبو داود والنسائي، إلا أن أباداود لم يذكر: قال معاذ: وأنا أحبك.
957-
(12) وعن عبد الله بن مسعود، قال: ((إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسلم عن يمينه: السلام عليكم
ورحمة الله، حتى يرى بياض خده الأيمن، وعن يساره: السلام عليكم ورحمة الله،
ــ
صلاة"، ورواية النسائي بلفظ: "فلا تدع ن تقول في كل صلاة"، لكن يشكل عليه إيراده لأدعية وأذكار مقيدة بذلك في باب الذكر بعد الصلاة كحديث المغيرة، وحديث أبي هريرة، وحديث كعب بن عجرة، ونحو ذلك. (رب أعني على ذكرك) قال الطيبي: هو قريب من معنى حديث ربيعة بن كعب في باب السجود حين سأل مرافقته صلى الله عليه وسلم، فقال "أعني على نفسك بكثرة السجود"، حيث على المحبة به بملازمة الذكر، والمرافقة بكثرة السجود، فقوله: "أعني على ذكرك" المطلوب منه شرح الصدر، وتيسير الأمر، وإطلاق اللسان، وإليه يلمح قول الكليم عليه الصلاة والسلام: {رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني، يفقهوا قولي} [20: 25- 27] إلى قوله: {كي نسبحك كثيراً ونذكرك كثيراً} [20: 33، 34] ، وقوله: (وشكرك) المطلوب منه توالي النعم المستجلبة لتوالي الشكر، وإنما طلب المعاونة عليه؛ لأنه عسر جداً، ولذلك قال تعالى: {وقليل من عبادي الشكور} [34: 13] . وقوله: (وحسن عبادتك) المطلوب منه التجرد عما يشغله عن الله، ويلهيه عن ذكر الله وعن عبادته ليتفرغ لمناجاة الله كما أشار إليه سيد المرسلين صلوات الله عليه: "وقرة عيني في الصلاة" وأخبر عن هذا المقام بقوله: "الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه"-انتهى. ووجه تخصيص الوصية بهذه الكلمات أنها مشتملة على جميع خير الدنيا والآخرة. (رواه أحمد)(ج5: ص244، 245، 247) . (وأبوداود والنسائي) وسكت عنه أبوداود والمنذري. وقال الحافظ في بلوغ المرام: سنده قوي. وقال النووي: إسناده صحيح، ذكره ميرك. والحديث أخرجه أيضاً ابن حبان وابن خزيمة في صحيحيهما والحاكم، وقال: صحيح على شرط الشيخين. قال الشوكاني: وهذا الحديث مسلسل بالمحبة كما ذكرته في إتحاف الأكابر بإسناد الدفاتر.
957-
قوله: (كان يسلم عن يمينه) أي مجاوزاً نظره عن يمينه كما يسلم على من في يمينه. (السلام عليكم ورحمة الله) إما حال مؤكده، أي يسلم قائلاً:"السلام عليكم" أو جملة استئنافية على تقدير "ماذا كان يقول". (حتى يرى بياض خده الأيمن) بضم الياء المثناة من تحت من قوله: "يرى" مبنياً للمجهول، و"بياض" بالرفع على النيابة و"الأيمن" بالجر على أنه صفة لخده. (وعن يساره) فيه مشروعية تسليمتين للخروج عن الصلاة، وأن يكون التسليم أولاً إلى جهة اليمين ثم إلى جهة اليسار. (السلام عليكم ورحمة الله) قال الحافظ في التلخيص (ص104) : وقع في صحيح ابن حبان من حديث ابن مسعود زيادة: "وبركاته"، وهي عند ابن ماجه أيضاً، وهي عند أبي داود أيضاً في حديث وائل بن حجر فيتعجب من ابن الصلاح
حتى يرى بياض خده الأيسر)) . رواه أبوداود والنسائي والترمذي، ولم يذكر الترمذي: حتى
يرى بياض خده.
958-
(13) ورواه ابن ماجه، عن عمار بن ياسر.
959-
(14) وعن عبد الله بن مسعود، قال:((كان أكثر انصراف النبي صلى الله عليه وسلم من صلاته إلى شقه الأيسر إلى حجرته))
ــ
حيث يقول: إن هذه الزيادة ليست في شيء من كتب الحديث-انتهى. قلت: حديث وائل بن حجر بزيادة "وبركاته" قد سكت عنه أبوداود. وقال الحافظ في بلوغ المرام بعد ذكره: "رواه أبوداود بإسناد صحيح" ولكن ليس فيه زيادة "وبركاته" إلا في اليمين فقط. وأما رواية ابن ماجه لحديث ابن مسعود بزيادة "وبركاته" فليست موجودة في نسخ السنن التي بأيدينا من طبعات الهند ومصر، فكلها خالية عن هذه الزيادة. ونقل الأمير اليماني عن الحافظ: أن ابن رسلان قال في شرح السنن: لم أجدها في ابن ماجه. وهذا يؤيد النسخ الموجودة الحاضرة عندنا إلا أنه قال الأمير اليماني: راجعنا سنن ابن ماجه من نسخة صحيحة مقروءة فوجدنا فيه ما لفظه: باب التسليم حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير: حدثنا عمر بن عبيد، عن ابن إسحاق، عن الأحوص، عن عبد الله: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسلم عن يمينه وعن شماله حتى يرى بياض خده: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته-انتهى بلفظه. وهذا يؤيد ما ذكره الحافظ في التلخيص من رواية ابن ماجه لهذه الزيادة في حديث ابن مسعود، وهذا كله يدل على اختلاف نسخ ابن ماجه في ذكر هذه الزيادة، وكيف ما كان الأمر لا عذر عن القول بها بعد صحة إسناد حديث وائل، وثبوتها عند ابن حبان، إذ هي زيادة عدل غير منافية، وعدم ذكرها في رواية غيره ليست رواية لعدمها، ولما ذكر النووي أن زيادة "وبركاته" فردة، ساق الحافظ في "تلقيح الأفكار تخريج الأذكار" طرقاً كثيرة لهذه الزيادة، وقال بعد أن ساق تلك الطرق: فهذه عدة طرق تثبت بها "وبركاته"، بخلاف ما يوهمه كلام الشيخ أنها رواية فردة-انتهى. (رواه أبوداود والنسائي والترمذي) وصححه وأخرجه أيضاً أحمد وابن ماجه والدارقطني وابن حبان، وله ألفاظ، وأصله في صحيح مسلم. قال العقيلي: الأسانيد صحاح ثابتة في حديث ابن مسعود في تسليمتين، ولا يصح في تسليمة واحدة شيء. (ولم يذكر الترمذي حتى يرى بياض خده) أي في الوجهين.
958-
قوله: (ورواه ابن ماجه عن عمار بن ياسر) أي لا عن ابن مسعود، وهذا من أوهام المصنف، فإن ابن ماجه رواه عن ابن مسعود وعمار كلتيهما، وحديث عمار أخرجه أيضاً الدارقطني، قال السندي: إسناده حسن.
959-
قوله: (كان أكثر انصراف النبي صلى الله عليه وسلم من صلاته إلى شقه الأيسر إلى حجرته) قال الطيبي: كان باب
رواه في شرح السنة.
960-
(15) وعن عطاء الخراساني، عن المغيرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يصلي الإمام في الموضع الذي صلى فيه حتى يتحول))
ــ
حجرته مفتوحاً إلى المسجد عن يسار المحراب، فهو ينصرف إلى جانب يساره ويدخل حجرته. (رواه) أي البغوي. (في شرح السنة) قال ميرك نقلاً عن التصحيح: حديث ابن مسعود هذا ليس من الكتب، ورواه صاحب المصابيح في شرح السنة، ولكن يؤيده ما قدمنا من حديث ابن مسعود عند مسلم بلفظ: أكثر ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينصرف عن شماله. زاد أبوداود في روايته: قال عمارة. (أي ابن عمير راوي الحديث عن الأسود عن عبد الله) : أتيت المدينة بعد. (أي بعد سماع الحديث من الأسود) فرأيت منازل النبي صلى الله عليه وسلم. (أي بيوته) عن يساره. (أي عن يسار النبي صلى الله عليه وسلم في حال أداء الصلاة، فقد بين عمارة وجه انصرافه إلى جانب اليسار، بأن حاجته كانت إلى جهة اليسار.
960-
قوله: (عن عطاء الخراساني) هو عطاء بن أبي مسلم أبوأيوب أو أبوعثمان نزيل الشام، واسم أبيه ميسرة. وقيل: عبد الله، صدوق يهم كثيراً، ويرسل، ويدلس، قال الطبراني: لم يسمع من الصحابة إلا من أنس، فهو من صغار التابعين. مات سنة خمس وثلاثين ومائة، لم يصح أن البخاري أخرج له، كذا في التقريب، وقد وثقه ابن معين، وأبوحاتم والدارقطني، وقال النسائي: ليس به بأس، روى عنه مالك وغيره. (عن المغيرة) بن شعبة. (لا يصلي) نفي بمعنى النهي. (الإمام) ليس التقييد بالإمام لتخصيصه بذلك بل يعم المأموم والمنفرد، والدليل على ذلك ما رواه أحمد وأبوداود وابن ماجه عن أبي هريرة رفعه: أيعجز أحدكم أن يتقدم أو يتأخر، أو عن يمينه أو عن شماله في الصلاة يعني في السبحة. فسوق هذا الحديث يقتضي العموم، كيف والخطاب مع المقتدين، وكان صلى الله عليه وسلم هو الإمام يومئذٍ. (في الموضع الذي صلى) أي الفرض. (فيه حتى يتحول) أي ينتقل إلى موضع، وهذا جاء للتأكيد، فإن قوله:"لا يصلي في موضع صلى فيه" أفاد ما أفاده. وعند ابن ماجه: لا يصلي الإمام في مقامه الذي صلى فيه المكتوبة حتى يتنحى عنه. وروى ابن أبي شيبة بإسناد حسن عن علي، قال: من السنة: أن لا يتطوع الإمام حتى يتحول من مكانه. قيل: نهى عن ذلك لئلا يتوهم أنه بعد في المكتوبة، يعني أنه كره ذلك خشية التباس النافلة بالفريضة كما يشير إليه حديث معاوية عند مسلم، وسنذكر لفظه، وقيل: العلة في ذلك أن يشهد له الموضعان بالطاعة، ولذلك يستحب تكثير محال العبادة، فإن مواضع السجود تشهد له كما في قوله تعالى:{يومئذ تحدث أخبارها} [99: 4] أي تخبر بما عمل عليها، وهذه العلة تقتضى أن ينتقل إلى الفرض من موضع نفله، وأن ينتقل لكل صلاة يفتحها من أفراد النوافل، فإن لم ينتقل فينبغي أن يفصل بالكلام لما روى مسلم عن السائب: أنه صلى مع معاوية الجمعة، فتنفل بعدها في مقامه، فقال له معاوية: إذا صليت الجمعة فلا تصلها بصلاة حتى تتكلم أو