المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌(46) باب صلاة الخوف

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(47) باب صلاة العيدين

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(48) باب في الأضحية

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(49) باب العتيرة

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(50) باب صلاة الخسوف

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(51) باب في سجود الشكر

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌(52) باب الاستسقاء

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(53) باب في الرياح

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(5) كتاب الجنائز

- ‌(1) باب عيادة المريض وثواب المرض

- ‌{الفصل الأول}

- ‌((الفصل الثاني))

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(2) باب تمنى الموت وذكره

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(3) باب ما يقال عند من حضره الموت

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(4) باب غسل الميت وتكفينه

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(5) باب المشي بالجنازة والصلاة عليها

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(6) باب دفن الميت

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(7) باب البكاء على الميت

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(8) باب زيارة القبور

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

الفصل: ‌(46) باب صلاة الخوف

(46) باب صلاة الخوف

ــ

(باب صلاة الخوف) أي أحكام الصلاة عند الخوف من الكفار، ولما كان لصلاة الخوف أحكام وصفة تختص بها بخلاف الصلوات التي عم الناس معرفتها دعت الحاجة إلى بيان صفتها وأحكامها، وههنا عدة أبحاث نوردها مجملاً؛ ليكون الطالب على بصيرة. الأول: أنهم اختلفوا في أي سنة نزل بيان صلاة الخوف؟ فقال الجمهور: إن أول ما صليت في غزوة ذات الرقاع، واختلف أهل السير في أي سنة كانت هي، فقال عامة أهل السير: ابن إسحاق وابن عبد البر وغيرهما أنها كانت بعد بني النضير والخندق في جمادى الأولى سنة أربع، وقال ابن سعد وابن حبان: في عاشر المحرم سنة خمس. وقال أبومعشر: بعد بني قريظة في آخر السنة الخامسة وأول التي تليها، وقال البخاري: بعد خيبر في السنة السابعة، وهو الراجح عند ابن القيم والحافظ، وذهب ابن القيم إلى أن أول صلاة صليت للخوف بعسفان، وكانت في عمرة الحديبية، وهي بعد الخندق وقريظة سنة ست، وصليت بذات الرقاع أيضاً فعلم أنها بعد الخندق وبعد عسفان، وقد بسط الكلام في الهدي في الاستدلال لذلك، وإليه جنح الحافظ في الفتح حيث قال بعد الاستدلال لهذا القول: وإذا تقرر أن أول ما صليت صلاة الخوف بعسفان وكانت في عمرة الحديبية، وهي بعد الخندق وقريظة وقد صليت صلاة الخوف في غزوة ذات الرقاع، وهي بعد عسفان فتعين تأخرها عند الخندق وعن قريظة وعن الحديبية أيضاً فيقوى القول بأنها بعد خيبر؛ لأن غزوة خيبر كانت عقب الرجوع من الحديبية – انتهى. الثاني: أنهم اتفقوا على أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصل صلاة الخوف بغزوة الخندق، واختلفوا في سبب ذلك، فقيل: كانت تلك الغزوة بعد نزول صلاة الخوف، وأنه أخر الصلاة يومئذٍ نسياناً، يدل عليه ما روى أحمد من حديث ابن لهيعة عن أبي جمعة حبيب بن سباع، قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الأحزاب صلى المغرب، فلما فرغ قال هل علم أحد منكم إني صليت العصر؟ قالوا: لا يا رسول الله! ما صليتها، فأمر المؤذن فأقام فصلى العصر، ثم أعاد المغرب، قال الحافظ: وفي صحته نظر؛ لأنه مخالف لما في الصحيحين من قوله صلى الله عليه وسلم لعمر: ((والله ما صليتها)) ، ويمكن الجمع بينهما بتكلف، وقيل: أخرها عمداً؛ لأنه كان مشغولاً بالقتال، والاشتغال بالقتال والمسايفة يمنع الصلاة، قاله صاحب الهداية والطحاوي وأبوبكر الجصاص الرازي، وقيل: لأنه لم يكن أمر

ص: 1

...........................

ــ

حينئذٍ أن يصلي صلاة الخوف راكباً، فقد روي عن أبي سعيد الخدري قال: كنا مع رسول الله يوم الخندق، فشغلنا

، الحديث، وفي آخره: وذلك قبل أن ينزل عليه {فإن خفتم فرجالاً أو ركباناً} ، أخرجه أحمد والنسائي والطيالسي وعبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وأبويعلى والبيهقي في السنن والطحاوي، وقيل: لتعذر الطهارة، وقيل: لأنه كان في حضر، وحكم صلاة الخوف أن تكون في السفر، قاله ابن الماجشون. وقيل: أخرها عمداً؛ لأنه كانت قبل نزول صلاة الخوف، ذهب إليه الجمهور، كما قال ابن رشد، وبه جزم ابن القيم في الهدي، والحافظ في الفتح، والقرطبي في شرح مسلم، وعياض في الشفاء، والزيلعي في نصب الراية، وابن القصار. وهذا هو الراجح عندنا. الثالث: أن جمهور العلماء متفقون على أن حكمها باقٍ بعد النبي صلى الله عليه وسلم، وحكي عن المزني من الشافعية أنها منسوخة حيث لم يصلها النبي صلى الله عليه وسلم يوم الخندق فتأخيره في غزة الخندق دال على نسخ صلاة الخوف، قال ابن القصار: هذا قول من لا يعرف السنن؛ لأن صلاة الخوف نزلت بعد الخندق، وحكي عن أبي يوسف: أنها كانت تختص برسول الله صلى الله عليه وسلم لقوله تعالى: {وإذا كنت فيهم

} الاية [4: 102] . جوزت بشرط كونه صلى الله عليه وسلم فيهم فإذا خرج من الدنيا انعدم الشرط؛ ولأنها لما فيها من كثرة ما ينافي الصلاة، كالذهاب والمجيء والأعمال الكثيرة شرعت لرغبة الناس إلى الصلاة خلفه صلى الله عليه وسلم وميل كل أحد إلى بركة الاقتداء به، وأما بعده صلى الله عليه وسلم ففيم يرغب، فصلاة الخوف بجماعة واحدة، وإمام واحد مقصورة على عهده صلى الله عليه وسلم، وأجيب عن الآية بأنها قيد واقعي نحو قوله تعالى: إن خفتم في صلاة المسافر وتخصيص النبي صلى الله عليه وسلم بالخطاب لا يوجب تخصيصه بالحكم ما لم يقم دليل على اختصاصه به؛ ولأن الصحابة أنكروا على مانعي الزكاة قولهم إن الله تعالى خص نبيه بأخذ الزكاة بقوله: {خذ من أموالهم صدقة

} [9: 103]، وقال ابن العربي: شرط كونه فيهم إنما ورد لبيان الحكم لا لوجوده أي بين لهم بفعلك؛ لأنه أوضح من القول – انتهى. وأيضاً ما ثبت في حق النبي صلى الله عليه وسلم ثبت في حقنا ما لم يقم دليل على اختصاصه به، فإن الله تعالى أمر باتباعه، وأيضاً فإن الصحابة أجمعوا على صلاة الخوف، فروي أن علياً صلى صلاة الخوف ليلة الهرير، وصلاها أبوموسى الأشعري بأصبهان بأصحابه، وروي أن سعيد بن العاص كان أميراً على الجيش بطبرستان، فقال: أيكم صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف؟ فقال حذيفة: أنا، فقدمه فصلى بهم، قال الزيلعي: دليل الجمهور وجوب الاتباع والتأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم، وقوله:((صلوا كما رأيتموني أصلي)) ، والأفعال المنافية إنما هي لأجل الضرورة، وهي موجودة بعده صلى الله عليه وسلم، وقد وردت صلاة الخوف من قوله – عليه الصلاة والسلام، كما رواه البخاري في صحيحه في تفسير سورة البقرة في باب قوله:{فإن خفتم فرجالاً أو ركباناً} [2: 239] بسنده عن نافع أن عبد الله بن عمر كان سئل عن صلاة الخوف قال:

ص: 2

............................

ــ

يتقدم الإمام وطائفة من الناس

الحديث، وفي آخره قال نافع: لا أرى عبد الله بن عمر ذكر ذلك إلا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. الرابع: أن صلاة الخوف جائزة في الحضر إذا احتيج إلى ذلك بنزول العدو قريباً من البلد، قال به الجمهور: الشافعي وأحمد وأبوحنيفة ومالك في المشهور عنه، وحكي عنه أنها لا تجوز في الحضر، وبه قال ابن الماجشون، وقال أصحابه: يجوز، كما قال الجمهور، وهو الحق؛ لأن قوله تعالى: {وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة

} الآية [4: 102] عام في كل حال. الخامس: أن الخوف لا يؤثر في عدد الركعات في حق الإمام والمأموم جميعاً في قول أكثر أهل العلم، منهم ابن عمر والنخعي ومالك والشافعي وأحمد وأبوحنيفة وأصحابه وسائر أهل العلم من علماء الأمصار لا يجيزون ركعة. وقال ابن عباس والحسن البصري وعطاء وطاؤس ومجاهد والحكم بن عتيبة وقتادة وإسحاق والضحاك والثوري: أنها ركعة عند شدة القتال يومئ إيماءً، واستدل لهم بما روي عن حذيفة أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى صلاة الخوف بهؤلاء ركعة وبهؤلاء ركعة ولم يقضوا. أخرجه أحمد وأبوداود والنسائي والأثرم، وصححه ابن حبان، ومثله عند النسائي وابن خزيمة عن ابن عباس، وعند النسائي والأثرم عن زيد بن ثابت، وبما روي عن ابن عباس قال:((فرض الله الصلاة على لسان نبيكم في الحضر أربعاً وفي السفر ركعتين وفي الخوف ركعة)) أخرجه أحمد ومسلم وغيرهما، قلت: وأول الجمهور بأن المراد به ركعة مع الإمام، وليس في نفي الثانية، وفيه أنه لا منافاة بين وجوب واحدة، والعمل باثنتين حتى يحتاج إلى التأويل للتوفيق لجواز أنهم عملوا بالأحب والأولى، وأيضاً يرد هذا التأويل قوله: لم يقضوا، وأما تأويلهم لم يقضوا بأن المراد منه أنهم لم يعيدوا الصلاة بعد الأمن فبعيد جداً. السادس: ذكر أبوداود في سننه لصلاة الخوف ثمانية أوجه، وكذا ابن حبان في صحيحه، وزاد تاسعاً، وقال: ليس بينها تضاد، ولكنه صلى الله عليه وسلم صلى صلاة الخوف مراراً، والمرء مباح له أن يصلي ما شاء عند الخوف من هذه الأنواع، وهي من الاختلاف المباح، وقال ابن حزم: صح فيها أربعة عشر وجهاً، وبينها في جزء مفرد، وقال ابن العربي في القبس: جاء فيها روايات كثيرة أصحها ست عشرة رواية مختلفة ولم يبينها، وقال النووي في شرح مسلم نحوه ولم يبينها أيضاً، وقد بينها العراقي في شرح الترمذي، وزاد وجهاً آخر فصارت سبعة عشر وجهاً، لكن قال يمكن أن تتداخل، وقال ابن القيم: أصولها ست صفات بلغها بعضهم أكثر، وهؤلاء كلما رأوا اختلاف الرواة في قصة جعلوا ذلك وجهاً من فعل النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما هو من اختلاف الرواة، قال الحافظ: وهذا هو المعتمد، وإليه أشار شيخنا (العراقي) بقوله: يمكن أن تتداخل، وحكى ابن القصار المالكي أن النبي صلى الله عليه وسلم صلاها عشر مرات، وقال ابن العربي: صلاها أربعاً وعشرين مرة، وقال الزيلعي في نصب الراية (ج2 ص247) ذكر بعض الفقهاء: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلاها في عشر مواضع والذي استقر عند أهل السير

ص: 3

......................................

ــ

والمغازي أربعة مواضع: ذات الرقاع وبطن نخل وعسفان وذي قرد، فحديث ذات الرقاع أخرجه البخاري وغيره عن سهل بن أبي حثمة، وفي لفظ للبخاري عمن صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم، وحديث بطن نخلة أخرجه النسائي عن جابر قال: ((كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ببطن نخل والعدو بيننا وبين القبلة

)) الحديث، وحديث عسفان أخرجه أبوداود والنسائي عن أبي عياش الزرق، وحديث ذي قرد أخرجه النسائي عن ابن عباس أنه صلى الله عليه وسلم صلى بذي قرد

الحديث. السابع: قال ابن قدامة: يجوز أن يصلى صلاة الخوف على كل صفة صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال أحمد: كل حديث يروى في أبواب صلاة الخوف فالعمل به جائز، وقال: ستة أوجه أو سبعة، يروى فيها كلها جائزة، وقال الأثرم: قلت لأبي عبد الله (الإمام أحمد) تقول بالأحاديث كلها، كل حديث في موضعه أو تختار واحداً منها؟ قال: أنا أقول من ذهب إليها كلها فحسن، وأما حديث سهل فأنا أختاره، ثم بين ابن قدامة هذه الوجوه الستة وقال بعد ذكر الوجه السادس: وهو أن يصلي بكل طائفة ركعة ولا تقضي شيئاً ما لفظه فهذه الصلاة يقتضي عموم كلام أحمد جوازها؛ لأنه ذكر ستة أوجه ولا أعلم وجهاً سادساً سواها، وأصحابنا ينكرون ذلك – انتهى. قلت: الصفات الثابتة في الأحاديث الصحيحة كلها جائزة عند جميع العلماء، وإنما الاختلاف عندهم فيما هي أولى وأفضل إلا ثلاث صور، فإنه قد أولها من لا يقول بها على تقدير ثبوتها، كما سيأتي، قال السهيلي: اختلف العلماء في الترجيح، فقالت طائفة يعمل منها بما كان أشبه بظاهر القرآن، وقال طائفة: يجتهد في طلب الأخير منها فإنه الناسخ لما قبله، وقالت طائفة: يؤخذ بأصحها نقلاً وأعلاها رواة، وقالت طائفة: يؤخذ بجميعها على حسب اختلاف أحوال الخوف، فإذا اشتد الخوف أخذ بأيسرها مؤنة – انتهى. قلت: ورجح أحمد والشافعي ما روي عن يزيد بن رومان عن صالح بن خوات عمن صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو الحديث الثاني من هذا الباب لسلامة الصفة المذكورة فيه من كثرة المخالفة، ولكونها أحوط لأمر الحرب، واختار مالك ما روي عن ابن مسعود عند أبي داود بسند ضعيف، وما روي عن ابن عمر عند البخاري وغيره، وهو الحديث الأول من الباب، وفي دلالتهما على مذهب أبي حنيفة ومحمد خفاء، كما سيأتي، ولم يختر إسحاق شيئاً على شيء، وبه قال الطبري وغير واحد منهم ابن المنذر وسرد ثمانية أوجه، وأما الصور الثلاث المختلف فيها فالأول منها أن يصلي الإمام بكل طائفة صلاة منفردة ويسلم بها، فيكون الإمام في الثانية متنفلاً يؤم المفترضين، وأوله بعض الحنفية بما لا يلتفت إليه وأنكر بعضهم ثبوته، وهو مردود أيضاً، والثاني أن يصلي بالطائفة الأولى ركعتين ولا يسلم ثم تسلم الطائفة، وتنصرف ولا تقضي شيئاً وتأتي الطائفة الأخرى فيصلي بهم ركعتين ويسلم بها ولا تقضي شيئاً فيكون له أربع ركعات

ص: 4