الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بكالوريوس في الشريعة الإسلامية من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض عام 1412 هـ.
ماجستير في السياسة الشرعية (شعبة الأنظمة) من المعهد العالي للقضاء بالرياض عام 1421 هـ.
أستاذ مساعد في المعهد العالي للقضاء بالرياض ومستشار مدير جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
عضو الجمعية الفقهية السعودية.
الرّميح:
من أهل بريدة جاءوا إليها من القرعاء وهم أبناء عم لأبا الخيل والصقير والنجيدي والقرعاوي والزبن والحويطي.
منهم عيسى بن رميح بن عيسى الرميح كان من كبار عقيل تجار الإبل، وحصل على ثروة كبيرة في الشام واشتغل بالتجارة فيما بين العراق والشام وبين العراق والقصيم، ثم بين القصيم ومكة المكرمة.
ويقال إن سبب ثروته أنه تعامل مع عبد الله بن مسفر صاحب مالية الشريف حسين وهو غير عبد الله بن مسفر المعروف في بريدة.
وأنه كان يبيع إبلًا على الشريف حسين بأرباح جيدة.
وقال لي أحد الإخباريين إن الشريف إبان الثورة العربية حيث كان تسلم أموالًا مقابل عمله ضد الأتراك كان أوعز للشيخ عيسى الرميح بشراء إيل وبضائع أخرى من نجد يحضرها إلى مكة المكرمة، وإن الشيخ عيسى الرميح حصل من ذلك على أرباح جيدة.
وقد رأى عيسى الرميح رحمه الله أن يستثمر الأموال التي حصل عليها في مشروع يعود بالنفع المالي والديني عن طريق الثواب الجزيل - فبدأ بإجراء عين كانت تجري في القديم، وهي في منطقة كانت فيها عيون تجري في القديم، وذلك في بلدة قصيباء في شمال القصيم، مع علمه بصعوبة ذلك وأنها تستهلك أموالًا كثيرة، ولكن بلغنا عنه أنه قال: إن العين الجارية التي يغرس عليها النخل هي من أفضل الأعمال، فالنخل يأكل منه أهله ويأكل منه الضيف وحتى الذي يمر به من دون أهله حتى اللصوص قد يأخذون منه خفية فيكون في ذلك أجر لصاحبه، لاسيما إذا سامحهم.
وقال: حتى الطيور والسباع تأكل من ثمرة النخل ما دامت عليه لم تجدَّ وتكنز.
أما التمر إذا أدرك جداده وأخذ من النخل فإنه يكنز ويأكل منه الناس طيلة العام.
وهكذا كان، فقد أجرى العين المذكورة، ولكنه صار مقصدًا للأضياف وبخاصة من البوادي الذين كانوا يقدمون إلى بريدة أو يصدرون عنها في وقت كانت فيه بريدة من أكبر أسواق البيع والشراء على الأعراب.
فكان أولئك الأعراب وهو لا يعرف أحدًا منهم وغيرهم من المسافرين يقصدون عيسى الرميح في قصيباء ليأكلوا من ضيافته السخية، وليناموا في قهوته في فصل الشتاء البارد.
سمعت والدي رحمه الله أكثر من مرة يثني على عيسى الرميح، ويصفه بالكرم، ويقول: إنه أجرى عين الماء وغرس عليها نخلًا ولكن الأضياف أكلوه حتى لحقه الدين.
ولم أكن فهمت معنى هذا إلَّا في كثرة المسافرين من الأعراب وغيرهم الذين يمرون به يستضيفونه حتى حدثني الشيخ عبد الله بن صالح المحسن من
أهل الشيحية وكان والده فلاحًا فيها، وقد عين الشيخ عبد الله مدرسًا لدينا في المعهد الثانوي التابع للجامعة الإسلامية في المدينة المنورة فكان حدثني بذلك أثناء وجوده بمعهد الجامعة.
قال: عندما كنت مع أهلي في الشيحية شرد لنا بعير كان أهلي يتركونه يرعى حولهم ويعود في الليل، ولكنه في ليلة من الليالي لم يعد، فطلبوا مني أن أبحث عنه حالما يطلع الفجر، قال: فأعطتني أمي تميرات أكلتها حالما غادرت الشيحية بحثًا عن البعير الضائع لكوني بحاجة لها، ولكي أتخلص من حملها بيدي.
قال: وسألت كل من صادفت على قلة من صادفتهم عن البعير فكلهم أشاروا إلى جهة الشمال الشرقي، ولكنني لم أجد البعير.
وعندما غربت الشمس كنت في حالة بائسة من التعب والجوع، وكان الوقت في آخر الشتاء فلم أجد إلَّا أن أذهب إلى قصيباء فدلني أحدهم على محل عيسى الرميح ونصحني بالذهاب إليه.
قال: فوجدته جالسًا في صدر المجلس والقهوة الحارة المبهرة بالهيل تعطر رائحتها المكان والنار واقفة - أي موقدة بالحطب الجزل، فسلمت عليه فرد عليَّ السلام، ولم يلق لي بالًا لأنني وجدت أعرابًا يصل عددهم إلى بضعة عشر قد سبقوني إليه، ثم جاء بعدي ثلاثة أو أربعة وهو يعرف كما يعرف غيره أن أولئك القادمين عليه، وأنا منهم كانوا في غاية الجوع والحاجة إلى الطعام، ولا يمكن أن يطبخ لهم طعامًا، لأن عددهم غير معروف إذْ قد يزيدون.
فجاء اثنان من أهل قصيباء ذوي اللون الأسود الذين يعملون عند عيسى بمثابة العمال وليسوا مماليك له، وهما يحملان زبيلًا مليئًا من التمر أظن أن فيه خمسين وزنة أي نحو 75 كيلو قرامًا من التمر، وقال: سموا، أي سمو الله وابدءوا بالأكل.
قال لي الشيخ عبد الله بن محسن فاقبلنا عليه إقبال الإبل العطشى على الماء
وأكلنا أكلًا لم أكل مثله من التمر من مدة طويلة، وكذلك باقي الأضياف، ثم نمنا في قهوته أي مكان القهوة من بيته شبعانين ودفيانين ورويانين من القهوة.
وفيما يتعلق بكرم عيسى الرميح خاصة غير ما ذكرناه، وغير ما هو معروف به ما حدثني به سليمان بن علي المقبل الملقب أبو حنيفة، قال:
كان عيسى الرميح قد قدم معه حملتان من العراق، والحملة الواحدة هي مجموعة من الإبل ما بين السبعين إلى الثمانين محملة بالأطعمة من القمح والتمن - الأرز - وكان يفرغ ما على أحمال الإبل في بيت كبير له غير بعيد من بيت آل مشيقح في غرب بريدة القديمة فرأي وهو مع الحملة وهي تدخل إلى بريدة رجلًا راكبًا بعيرًا يسرع في سيره من أجل أن يلحق الحدرة والحدرة هي القافلة من المسافرين على إبل إلى العراق والكويت والعادة أن الراكب المنفرد على بعيره يتخلف عنها يومًا إذا لم يكن له شغل معها يعوقه.
وكانت الحدرة قد بدأت السير أمس، فسأل عيسى بن رميح عن الراكب هذا من هو؟
فقيل له: هذا سليمان الضويان ذاهب مع الحدرة إلى العراق من أجل أن يحضر معه حملًا من العيش - القمح - لأن الزروع هذا العام - كما يعلم عيسى وغيره - قد أصابتها جائحة أتلفت محصولها فاضطر الناس إلى الحصول على الحبوب من العراق فقال عيسى الرميح: سليمان الضويان اللي يقول الناس بالمثل بعائلته: "لو ركب الفقر حصان ما لحق الضوَّيان" يروح للعراق يجيب حمل عيش، والله ما يروح سليمان الضويان للعراق لأجل ها الجمل، يا ولد، عطه حمل عيش وهو حمل بعير من القمح! ! !
ولم يسافر سليمان الضويان إلى العراق لأن حاجته قضيت بسبب كرم عيسى الرميح.
وعيسى الرميح كريم من قوم مشهورين بالكرم، وهم أهل القرعاء من آل نجيد ومن لحق بهم.
وقد سمعت من أكثر من واحد من الأشياخ أن أهل القرعاء هؤلاء يتميزون بثلاث خصال أحدها: الكرم، والثانية البر بالوالدين، والثالثة قد تأتي مناسبة من المناسبات لذكرها في هذا الكتاب.
ووجدنا شاهدًا بل شواهد لما ذكر عن الدَّيْن الذي لحق عيسى الرميح بسبب أن البدو أكلوه أي أكلوا ماله حتى لحقه الدين.
وذلك أن البدو إذا قربوا من المدن كان لا بد لهم من أن يضيفوا أهل القرى أي يكونون ضيوفًا عليهم لأن المدن ليس فيها طعام يباع في تلك الأزمان، ولا يوجد فيها فنادق ينزلها الغريب ليوم أو يومين أو نحوهما، وإنما يذهب الغريب إلى المسجد ينام فيه، ولكن المسجد ليس فيه طعام.
وعيسى الرميح كان مقيمًا في قصيباء التي هي في الطريق الرئيسي من الشمال إلى بريدة وبالعكس فينزل الأعراب ضيوفًا عليه في ذهابهم إلى بريدة وإيابهم منها.
والشواهد المذكورة في وثائق تتضمن استدانة عيسى الرميح من بعض التجار مثل فهد بن علي الرشودي زعيم بريدة في وقته، كما في هذه الوثيقة.
أول من طبع كتابًا علميًا في وقته:
وعيسى الرميح هو أول من طبع كتابًا علميًا بنفقته من أهل بريدة ووزع نسخه على طلبة العلم مجانًا، حيث جعله وقفًا لله تعالى، ويعرف (بمجموع ابن رميح).
وهو كتاب مفيد لأنه جمع رسائل عديدة لم تكن طبعت بعد، وانتفع به خلق في وقت لم يكن يتيسر فيه لطلبة العلم أن يحصلوا على كتاب نافع، بسبب قلة الكتب المطبوعة، وبسبب ضيق ذات اليد عندهم، وكنت ممن انتفع بهذا المجموع في صغري، بل كان سميري الذي لا يكاد يفارقني، حصلت من أحدهم على نسخة منه بالمجان.
ولا يطبع مثل هذا الكتاب بنفقته إلَّا طالب علم أو محب للعلم مستمع للعلماء.
بعد وفاة عيسى الرميح جاء إلى بريدة من بغداد شخص يقال له ابن مسفر ومعه أوراق تقول: إن في ذمة عيسى الرميح له ثلاثة آلاف جنيه ذهبية وطلب أن يعطى ذلك من تركة عيسى ولم يكن عيسى خلف إلا العين التي في قصيباء.
فأخرج الجماعة لجنة ثمنوها بستمائة ألف، فلم يرض بذلك، وقال: اللجنة غير عادلة وكان الأمير آنذاك في بريدة والقصيم عبد الله بن مساعد.
ثم بيعت بالحراج بمائة وثمانين ألف ريال، اشتراها عبد العزيز السديري أمير القريات بهذا الثمن.
توفي عيسى الرميح عام 1353 هـ.
ومنهم ابنه عبد الرحمن بن عيسى الرميح كان رغم نشأته في كنف والده عيسى الرميح في قصيباء وبعده النسبي عن مجالس طلبة العلم فإنه يحب العلماء والطلبة ويقرأ الكتب ويناقش في المسائل العلمية.
ولذلك عينه الشيخ صالح العمري عندما كان معتمدًا للمعارف في القصيم في وظيفة (مدير مدرسة الاسياح) فكان أول مدير لها وقد تولى افتتاحها ثم تركها وتدرج في وظائف الحكومة حتى وصل إلى وظيفة (أمير مدينة الخبر) في المنطقة الشرقية.
مات عبد الرحمن المذكور في عام 1388 هـ.
ومنهم السفير محمد بن منصور الرميح عمل سفيرًا للمملكة العربية السعودية في عدة بلدان.
ووالده منصور الرميح كنت أعرفه وقت أن كان شيخًا في نحو الستين من عمره ساكنًا في بريدة، وكان فلاحًا في نخل الشقيري الواقع في غربي بريدة.
ويقال: إنه رأى أن (ملح الشقة) الذي يقال له (ملح ضاري) لا يستغل الاستغلال الأمثل فطلب من الملك عبد العزيز أن تستغله الحكومة على يده، ولكن الأمر بلغ إلى جماعة أهل بريدة وعلى رأسهم فهد بن علي الرشودي فطلبوا منه عدم المضي في ذلك، حذرًا من أن يمنع من أخذ المنح منه الفقراء الذين يحصلون عليه بالمجان، فتركه، ونسي الموضوع.
وجدت ورقة تفيد بأن منصور الرميح ثري قد أعطى نقودًا لعبد الله بن علي السالم يستثمرها له بجزء من ربحها.
وها هي بخط ناصر السليمان بن سيف:
ومنهم رميح المنصور الرميح المدير العام لمصلحة الأرصاد الجوية وحماية البيئة.
ومنهم الأستاذ رميح بن سليمان الرميح التحق بمؤسسة الخطوط السعودية في شهر جمادي الثانية من عام 1370 هـ وتقلب في عدة وظائف فيها حتى وصل إلى وظيفته العليا فيها وهي (المدير العام للخطوط الجوية السعودية) وذلك بتاريخ 22/ 11/ 1382 هـ إلى 25/ 11/ 1387 هـ حيث عين مستشارًا لوزير الدفاع والطيران رئيس مجلس الإدارة للخطوط السعودية.