الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وصية عبد الرحمن الرواف:
وقفنا على وصية عبد الرحمن بن محمد بن رواف رأس أسرة الرواف وهو أول من جاء منهم من العيينة إلى بريدة وجميع أسرة الرواف أهل بريدة من ذريته.
وقد كتبها والمراد أملاها، أو رسم خطوطها العريضة في عام 1235 هـ أي بعد وصوله إلى بريدة بخمس وستين سنة لأن وصوله إلى بريدة كان في عام 1170 هـ.
وهذا يعني أنه من المعمرين، لأننا إذا افترضنا أنه وصل إلى بريدة وسنة خمس وعشرين سنة يكون عمره عند كتابة وصيته هذه تسعين سنة، وقد عمر لأنه بقي بعد كتابتها حيًّا سبع سنين ثم توفي في عام 1242 هـ فيكون عمره قد بلغ 97 سنة.
وفي هذه الوصية عدة أشياء لافتة للنظر أولها أنها بخط الشيخ الكبير القاضي الواسع الحركة والقضاء والولاية المعنوية وهو الشيخ قرناس بن عبد الرحمن قاضي الرس ثم صار بعد سقوط الدولة السعودية الأولى يتنقل في بلدان القصيم ويقضي بين أهله وكلهم يرضى به بل يدعون له على ذلك، وثانيها أن فيها عبارات وأشياء جيدة أو لنقل إنها جدية نوعًا ما على طريقة التوصيات التي يراد بها الوصايا التي يوصي بها الإنسان بعد موته.
منها قوله بعد الديباجة المعتادة: أوصى بثلث ماله بوجوه أعمال البر وهذا عام خصصه أو خصص بعضه بقوله: منه أربع ضحايا دوام أي أربع من الغنم تذبح في عيد الأضحى بصفة دائمة ما دام الدهر بمعنى أنها ليست مؤقتة بوقت معين، له بنفسه ثنتين ولوالده ولأمه واحدة، وعشيات جُمَع في رمضان، والجمع: جمع جمعة والمراد أيام الجمع في شهر رمضان وهو أمر كان القادرون من أهل نجد يوصون به ويتضمن إعداد طعام عشاء يوم الجمعة، أو ليلة الجمعة من رمضان يأكله القريب ولو لم يكن محتاجًا، وكذلك يطعم منه الفقير، له ولوالديه يريد أن ثوابه عند الله يكون له ولوالديه على الدوام، قدر خمسة أريل في كل رمضان.
ثم قال: ومن ثلث المذكور القليب المسماة (وْهَبَة) بمعنى هبة من الله، وقف على الضعيف بمعنى الفقير من أقاربه الأقرب فالأقرب والأحوج فالأحوج، والمراد بها القليب التي تزرع قمحًا وحبوبًا ويريد ما يأتي من
زرعها من ريع بمعنى دخل، ومعنى هذا بمفهوم الحال أنه إذا قل ريعها بمعنى دخلها فإنه يعطى للأقرب دون غيره الأبعد قرابة، إذا كان لا يكفي إلَّا للأول، ويعطى أيضًا للأحوج بمعنى الأكثر حاجة دون غيره الأقل حاجة.
ثم قال: فإن تساووا في الفاقة والقرب قدِّر بينهم أي قدر الوصي الذي أسماه الوكيل على تنفيذ هذه الوصية كل بحسبه بما يراه الوكيل بنظره، وما فضل منه عما ذكر يجعل منه للصوام كل سنة ستة أريل يشتري بها تمر يجعل نصفه في مسجد حويلان للصائم فيه، ونصفه في مسجد بريدة الجامع للصائم فيه، والمراد بالصائم في العبارتين الصائمين وليس صائمًا مفردًا ثم قال: وما فضل من ذلك من الثلث يجعله الوكيل في حجج لعبدالرحمن.
والحجج: جمع حجة إلى بيت الله الحرام، وقوله لعبد الرحمن يعني بنفسه، أي بنفس الوكيل: يحج بنفسه، أو يستنيب غيره من الورثة، أو غيرهم من الأجانب من يصلح.
والوكيل على جميع ذلك وتدبيره والنظر فيه ابنه عبد الله وهو الوكيل على ذلك ما دام حيًّا.
ثم قال: ولبناته الأربع خوات إبراهيم ستين ريال تنزع من رأس ماله، أي تؤخذ من رأس ماله قبل القسمة، لأجل أن الذكور - من أبنائه جايهم .... والمراد أن أبناءه من الذكور كان قد أعطاهم من ماله دون الإناث وهن البنات المذكورات، ولذلك قال: وهن إبراء للذمة وتحريًا للعدل ينزعن من الثلث وهن من رأس التركة، والبنات الأربع ستين الريال لهن على خمسة عشر هالسنين المذكورة.
ثم قال: والتفق اللي شري عبد الله والتفق هي البندق التي يرمي بها
يشري معها سيف بعشرة أريل يصيرن لإبراهيم - يعني ابنه إبراهيم - وهن كذلك من رأس التركة.
شهد على ذلك أوله وآخره عبد الله بن عبيد وإبراهيم بن عريكان وشهد وأثبته كاتبه قرناس بن عبد الرحمن حرر في جماد الأول سنة 1235 هـ خمس وثلاثين بعد المائتين والألف وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.
ثم استأنف قائلًا: وأيضًا استقر عبد الرحمن المذكور، واستقر هنا معناه أقر واعترف بأن ما في ذمة ابنه عبد الله له شيء من الأشياء لا نقود ولا غيره إلَّا ما كان من عقار
…
الخ.
والشاهدان هما عبد الله بن عبيد وإبراهيم بن عريكان لم أعرفهما من أهل بريدة وربما كانا حضرا مع الشيخ القاضي قرناس كاتب هذه الوصية كاتب هذه الوصية إلى بريدة وهما عدلان فشهدا بذلك.
وقبل أن يختم الكلام على هذه الوصية ننوه بأن معني اسم الكاتب وهو قرناس: الصقر، فالقرناس هو الصقر، وهذه تسمية عربية قديمة ذكرتها وأصولها في معجم:(الأصول الفصيحة للألفاظ الدارجة).
وهذه ورقة مداينة مختصرة بين عقل الرواف وبين سعيد آل حمد (السعيد المنفوحي).
والدين فيها كثير فهو ثلاثة آلاف وزنة تمر: شقر ومكتومي، يحل أجلهن بالضحية وهو شهر ذي الحجة سنة 1269 هـ وعشرة أريل أيضًا يحل أجلهن مع حلول التمر، وهن من نخل حويلان إن شاء الله.
وظاهر أنها مكتوبة في عام 1268 هـ لآن تأجيل الدين عندهم يكون في العادة لسنة واحدة.
ولكن المهم أن كاتب الورقة هو عمر بن سليم وهو أول من سكن بريدة من آل سليم.
والشاهد عليها هو ابنه العلامة الشيخ محمد بن عمر بن سليم.
كان صديقنا سليمان بن عبد الله الرواف مثقفًا حقًّا مطلعًا بالنسبة إلى أهل وقته في بريدة، وكان محبًا للتاريخ والإطلاع على الأحداث.
وكان أخبرني مرة أنه يكتب في تاريخ آل أبو عليان حكام بريدة السابقين وأنه قرأ ما كتبته عنهم في (معجم بلاد القصيم) وأنه أعجبه ذلك واستفاد منه.
وقال لي مرة: إنه يجمع الوثائق المتعلقة بأسرة الرواف، كما ذكر لي أنه يقوم بالكتابة عن شخصيات أسرة الرَّوَّاف.
وعندما نقل عملي من بريدة إلى الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة لم تكن صلتي تنقطع به إلَّا ما فرضه البعد في المكان.
وقد نقلت إلى الرياض بعد الجامعة الإسلامية في المدينة فاتصلت به مرة بالهاتف وقلت له: إنك ذكرت لي أنك تجمع الوثائق المتعلقة بأسرة الرواف، وقد وقفت أنا على وثيقة هي أقدم وثيقة ذكرتهم على الإطلاق، وأكاد أجزم أنك لم تعرف عنها شيئًا، لأنني لم أسمعك تتحدث عنها.
ثم قلت له: وفيما يتعلق بما ذكرته لي عن كونك تجمع شخصيات الرواف وتتكلم عليها أخبرك أنني عثرت على شخص من الرواف لا أشك في أنك لا تعرفه، بل ربما لا تعرف عنه شيئًا لذا سوف ارسل إليك وثائق ثلاثًا، الأولى: هي التي ذكرتها والأخريان فيهما ذكر الشخص من الرواف الذي لا تعرفه وهو عبد العزيز بن محمد الرواف.
وأرسلتها إليه مع كتاب.
فاتصل بي على أثر ذلك بالهاتف، وقال: كل ما ذكرته صحيح فتلك الوثيقة لم أكن اطلعت عليها، والشخصية التي ذكرتها وهي عبد العزيز بن محمد الرواف لم أكن أعرفه ولم أكن سمعت عنه شيئًا قبل كتابتك إليَّ وإطلاعي على الوثيقتين اللتين ذكرته وسوف أكتب لك كتابًا يتعلق بذلك.
ثم كتب إليَّ كتابه المذكور بعد هذا وهو مؤرخ في 4/ 8/ 1407 هـ وفيه يوضح آراءه في الوثائق التي أرسلتها إليه، وفي شخص عبد العزيز بن محمد الرواف.
ولي تعليق على هذه الوثيقة التي هي أقدم وثيقة عثرنا عليها فيها اسم رواف، ونحن لا نشك في أنه يوجد للرواف وثائق أقدم منها ولكنها لم تصل إلينا.
والتعليق عليها هو أنها في ظني لم تكتب في عام 1221 هـ ولكنها لم تكتب إلَّا بعد ذلك بعد أن رأى أهلها أن الأثر يحتاج إلى تسجيلها.
والدليل على ذلك أن أحد الشهود فيها هو عمر بن سليم وهو لم ينتقل إلى بريدة إلَّا في عام 1233 هـ أي في وقت حصار الدرعية، إلا إذا قيل: إنه ربما كان في زيارة لبريدة في ذلك التاريخ أي في سنة 1221 هـ وهذا بعيد.
وإضافة على أن معظم المبايعات والوثائق التي كتبها كاتبها سليمان بن سيف كانت تاريخها بعد ذلك.
ومن الشهود الذين ذكروا في القسم الأول منها عبدالرحيم الحمود وهو رأس أسرة العبدالرحيم الذين هم من آل أبو عليان وعهدنا شهاداته بعد ذلك التاريخ بكثير أي في العشر الرابعة من القرن الثالث عشر.
وبذلك يكون ما افترضه الأستاذ سليمان الرواف أنه قد يفهم من ذلك أنه عمر أكثر من 125 ليس واقعًا إلَّا إذا وجدنا دليلًا بنصه على ما ذكره غير ما ورد في هذه الوثيقة.
ومما قد يؤيد ما قلته أن ثمن القليب المسماة سمحه وهو ثمانية وستون ريالًا كان دينًا حالًا لعبد الرحمن الرواف على عقيل العلي.
أما عقيل المذكور فهو من بني عليان حسبما أعرفه وينبغي أن ننوه هنا إلى تعريف القليب التي قد يظن بعض القراء الذين لا يعرفون مثل هذه الأشياء على حقيقتها أنها مجرد قليب أي بئر فيها ماء والصحيح خلاف ذلك فالقليب في اصطلاحهم تكون مزارع واسعة للقمح تسقي من القليب ولا يكون فيها نخل في
العادة وإنما تتبعها أرض تزرع حقولًا من الحبوب، ولذلك حددت هنا بهذه الحدود الواسعة، فقالوا: يحدها من شمال قليب عبد الرحيم البديع، ومطرح قصر عبد الرحيم من جنوب ومن قبله ناحية قليب حسن ونظن أنه من الحسن الذين هم من بني عليان.
قالوا: ومن غرب إلى القور، والقور معروفة الآن وهي جمع قارة: الأرض الصخرية المرتفعة التي تشبه الجبل الصغير وتكثر في تلك الجهة من جهة الغرب التي هي جهة رياض البطين، وقالوا في حدودها من جهة الشرق، ويحدها من شرق إلى النفود ما قدها، أي ما حاذاها من الأرض الزراعية إلى النفود.
والقليب المذكورة معروفة الآن ولا تزال تسمى سمحه وتقع في المتينيات.
أما الوثيقة التي فيها ذكر عبد العزيز بن محمد الرواف فهي وثيقة مغارسة بين محمد الناصر (الصانع) جد أسرة الصانع المعروفين أهل بريدة وكان هذا الرجل ثريًا خلف أوقافًا من دكاكين وبيوت لا تزال بأيدي أسرته حتى الآن، ولذلك لا يؤثر في الوثيقة كونه لم يذكر لقب أسرة (الصانع) فهو معروف لنا من ذكره في وثائق أخرى، ذكرت اسم أسرته (الصانع) مع العلم بأننا هنا بصدد الكلام على عبد العزيز بن محمد الرواف.
وتفيد الوثيقة بأن محمد الناصر غارس عبد العزيز بن محمد الرواف على ملكه المعروف بحويلان
…
الخ.
والمغارسة أن يتفق مالك الأرض مع شخص آخر على أن يغرس فيها نخلًا ويسقيه وينميه لمدة معينة من السنين بينهما تكون في العادة عشر سنين، ثم يقتسمان ذلك النخل المغروس بعد انتهاء المدة.
ولكن المذكور في هذه المغارسة هو أن لعبد العزيز الرواف ثلث الغراس وهو النخل الذي غرسه ولمحمد الناصر ثلثاه، وربما كان ذلك راجعًا إلى أن المغارسة هي في أرض مجاورة لملك لمحمد الناصر بمعنى نخل له، وأنه ربما كان في ذلك تسهيل على مهمة الغرس.
وشرط المغارسة أن يغرس عبد العزيز مائتي فرخ من فراخ النخل وهي الصغيرة منه وأن ما مات قبل القسمة، فإن عبد العزيز يغرس بديلًا عنه.
وقد كتبوا شروطًا بينهم تعتبر في ذلك الزمان مهمة، ولكنها الآن ليست بذات أهمية، مثل نقل الدمال وإنما المهم ما جاء في الوثيقة من قولها: فإن بغي يتملك عبد العزيز ويشتهي الظهره - أي فسخ عقد المغارسة هذه - فلا لعبد العزيز تبعات يبيه (يبيها) - من محمد.
والوثيقة مكتوبة بخط سليمان بن سيف في شهر صفر مبتدأ سنة خمسين بعد المائتين والألف والمقصود بكون شهر صفر مبتدأ السنة أنه في القسم الأول من السنة، وإلا فإن مبتدأ السنة هو محرم كما هو معروف.
والشهود عليها هم صالح بن سيف وعبد الكريم النغيمشي ومحمد بن جميعة وفهد آل بطي فهم أربعة والعادة أن يكتفي بشاهد واحد مع الكاتب.
وهذه صورتها:
والوثيقة الأخرى التي تتعلق بعبد العزيز بن محمد الرواف تتضمن مبايعة بينه وبين محمد الناصر (الصانع) باع فيها عبد العزيز الرواف نصيبه المعروف من ملك - أي نخل - محمد - الصانع - الكائن بالقويطعة بحويلان الكاين تحت يد عبد العزيز بن رواف على وجه المغارسة، باع هالسهم المذكور المعروف وهو ثلث الملك المزبور باعه على محمد وما يتبعه من أرض ودار وبئر وطريق وغيره والغرسة معروفة بين البائع والمشتري، اشترى محمد من عبد العزيز بثمن معلوم قدره مائة ريال وأربعة وأربعين ريال فرانسه وهو دين ثابت بذمة عبد العزيز، وأقر محمد بأنه أبرأ عبد العزيز عن الدين الذي بذمته لا من تمر ولا من غيره ولا بقي بذمة عبد العزيز له شيء بعد ذلك.
والشهود فيها هم حسين البزيع ومحمد آل حمد، والظاهر أنه ابن دهَيِّم ومحمد السليمان - وهو ابن سيف - وشيء مهم أيضًا وهو أن قاضي بريدة الشيخ سليمان بن علي بن مقبل شهد به وأملاه، وشهد به - أيضًا - وكتبه سليمان بن سيف، حرر لخمس بقين من ربيع الثاني أي في اليوم الخامس والعشرين من شهر ربيع الثاني من سنة 1259 هـ.
وهذه صورتها:
ووجدت شهادة لعبد العزيز بن محمد بن رواف هذا ولكن بدون ذكر اسم والده على وصية لمحمد الناصر الصانع، وقد شهد بها عبد العزيز الرواف وحده مع كاتبها سليمان بن سيف.
ونقلها الشيخ القاضي محمد بن عبد الله بن سليم بخطه، وذلك في جمادي الثاني 1276 هـ. ثم نقلها من خطه ناصر السليمان بن سيف.
وهي مذكورة في ترجمة محمد الناصر (الصانع) في حرف الصاد مع ذكر صورتها هناك.
ووجدت لعبد العزيز الرواف شهادة أخرى في وثيقة أخرى وهي ورقة مبايعة بين عدد من الناس مذكورين في الوثيقة وبين محمد بن ناصر الصانع، وقد صرحت الوثيقة باسمه واسم أسرته وهي بخط محمد بن صالح العويصي وهي مكتوبة في عام 1251 هـ. وسيأتي نقلها أيضًا في ترجمة محمد بن ناصر الصانع، في حرف الصاد، إن شاء الله.
ووجدت أيضًا ذكرًا لعبد العزيز الرواف في وثيقة مبايعة بيت في بريدة ذكر أنه يحده من جنوب دار عبد العزيز الرواف والمبايعة تتضمن أن الثري المعروف في وقته سليمان بن صالح السالم اشتري من ناصر الجبر داره المعروفة بقبلي بريدة يحدها من شمال دار حسين البزيع ومن جنوب دار عبد العزيز الرواف ومن قبله السور ومن شرق السوق القائم والوثيقة مؤرخة الخمس بقين من صفر أي في اليوم الخامس والعشرين منه سنة ستين بعد المائتين والألف.
والشهود فيها جماعة وهم محمد السليمان بن سيف ومحمد آل حمد بن دهيِّم وعبد الله آل غنيمان.