المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[تنبيه من واجبات الطواف] - مواهب الجليل في شرح مختصر خليل - جـ ٣

[الحطاب]

فهرس الكتاب

- ‌[فَرْعٌ الِاسْتِنَابَةِ فِي الْعُمْرَةِ]

- ‌[فَرْعٌ النِّيَابَةُ فِي الْحَجِّ إنْ كَانَتْ بِغَيْرِ أُجْرَةٍ]

- ‌[فَرْعٌ عَيَّنَ الْمَيِّتُ لِلْحَجِّ عَبْدًا أَوْ صَبِيًّا]

- ‌[أَحْرَمَ قَبْلَ مِيقَاتِهِ الْمَكَانِيِّ]

- ‌[فَرْعٌ مَنْ أَحْرَمَ مِنْ ذِي الْحَلِيفَة]

- ‌[فَرْعٌ نَذَرَ أَنْ يَصُومَ بَعْضًا أَوْ يَعْتَكِفَ اللَّيْلَ دُونَ النَّهَارِ]

- ‌[فَرْعٌ شَكَّ هَلْ أَفْرَدَ أَوْ قَرَنَ]

- ‌[فَائِدَةٌ مُثَلَّثَاتُ الْحَجِّ]

- ‌[تَنْبِيهَانِ الْقَارِن بَيْن الْحَجّ وَالْعُمْرَة وَالدَّاخِل قَبْل أشهر الْحَجّ]

- ‌[فَرْعٌ تَمَتَّعَ ثُمَّ ذَكَرَ بَعْدَ أَنْ حَلَّ مِنْ حَجِّهِ أَنَّهُ نَسِيَ شَوْطًا]

- ‌[تَنْبِيه مِنْ وَاجِبَاتِ الطَّوَافِ]

- ‌[تَنْبِيهَاتٌ نَوَى طَوَافَ الْقُدُومِ وَاعْتَقَدَ أَنَّهُ سُنَّةٌ]

- ‌[فَرْعٌ نَسِيَ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ وَسَهَا عَنْ ذَكَرِهِمَا]

- ‌[فَرْعٌ أَحْرَمَ بَعْدَ سَعْيِهِ بِعُمْرَةٍ]

- ‌[فَرْعٌ قَدِمَ عَرَفَاتٍ وَهُوَ نَائِمٌ فِي مَحْمَلِهِ وَأَقَامَ فِي نَوْمِهِ حَتَّى دَفَعَ النَّاسُ وَهُوَ مَعَهُمْ]

- ‌[فَرْعٌ شَرِبَ مُسْكِرًا حَتَّى غَابَ عَقْلُهُ اخْتِيَارًا وَفَاته الْوُقُوف بعرفة]

- ‌[تَنْبِيه سَوْقَ الْهَدْيِ]

- ‌[فَرْعٌ التَّنَفُّلُ فِي الْبَيْتِ الحرام]

- ‌[فَرْعٌ الرَّمْي بالحجر الْمُتَنَجِّس]

- ‌[فَصْلٌ تُخَالِفُ الْمَرْأَةُ الرَّجُلَ فِي عَشَرَةِ أَشْيَاءَ فِي الْحَجِّ]

- ‌[فَرْعٌ الْمَرْأَة الْمُحْرِمَة تَجَافِي رِدَائِهَا عَنْ وَجْهِهَا]

- ‌[فَرْعٌ كَانَ الْمِيقَاتُ لَا يُوجَدُ فِيهِ النَّعْلُ لِلشِّرَاءِ فَهَلْ يَلْزَمُهُ أَنْ يُعِدَّهَا قَبْلَ ذَلِكَ]

- ‌[فَرْعٌ فِي تَرْكَ الِاسْتِظْلَالِ يَوْمِ عَرَفَةَ]

- ‌[فَرْعٌ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ أَنَّ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَتَسَوَّكَ]

- ‌[فَائِدَةٌ لَا بَأْسَ أَنْ يُحْرِمَ الرَّجُلُ فِي البركانات وَالطَّيَالِسَةِ الْكُحْلِيَّةِ]

- ‌[فَرْعٌ نَوْمُ الْمُحْرِمُ عَلَى شَيْءٍ مَصْبُوغٍ]

- ‌[فَرْعٌ فِي مَنْ أَحْرَمَ فِي ثَوْبٍ فِيهِ لُمْعَةٌ مِنْ الزَّعْفَرَانِ]

- ‌[فَرْعٌ الثَّوْبِ إذَا كَانَ غَيْرَ جَدِيدٍ هَلْ يُحْرِمُ فِيهِ وَلَا يَغْسِلُهُ]

- ‌[فَرْعٌ التَّحَرِّي فِي ثَوْبَيْ إحْرَامِهِ حِلَّ مِلْكِهِمْ وخلوصية أَصْلِهِمَا]

- ‌[فَرْعٌ الْإِحْرَامُ فِي ثَوْبٍ فِيهِ عَلَمُ حَرِيرٍ]

- ‌[فَرْعٌ الرَّجُلِ يُحْرِمُ فِي ثَوْبٍ فِيهِ رِيحُ الْمِسْكِ وَالطِّيبِ]

- ‌[فَرْعٌ الْإِحْرَامَ فِي ثَوْبٍ مُصَبَّغٍ بِدُهْنٍ]

- ‌[فَرْعٌ حُكْم الْحَشَائِشُ وَشَبَهُهُ مِمَّا يُشَمُّ وَلَا يُتَطَيَّبُ بِهِ لِلْمُحْرِمِ]

- ‌[فَرْعٌ فِي لُبْسُ السَّرَاوِيلِ لِلْمُحْرِمَةِ وَغَيْرِ الْمُحْرِمَةِ]

- ‌[فَرْعٌ لَا بَأْسَ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يُنَقِّيَ مَا تَحْتَ أَظَافِرِهِ مِنْ الْوَسَخِ]

- ‌[فَرْعٌ إذَا قَطَّرَ الْمُحْرِم فِي أُذُنَيْهِ بَانًا غَيْرَ مُطَيَّبٍ لِوَجَعٍ أَوْ جَعَلَهُ فِي فِيهِ]

- ‌[فَرْعٌ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَأْتَدِمَ بِالزَّيْتِ والشيرج وَيَسْتَعِطَ بِهِمَا]

- ‌[فَرْعٌ شُرْبُ الْمُحْرِمُ مَا فِيهِ طِيبٌ]

- ‌[فَرْعٌ فِي الدَّهْنِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ]

- ‌[فَرْعٌ افْتَدَى الْمُحْرِم مِنْ شَيْءٍ قَبْلَ فِعْلِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْإِحْرَامَ مَانِعٌ مِنْ الِاصْطِيَادِ وَعَقْدِ النِّكَاحِ]

- ‌[فَرْعٌ إذَا أَوْدَعَ حَلَالٌ حَلَالًا صَيْدًا بِالْحِلِّ ثُمَّ أَحْرَمَ رَبُّهُ]

- ‌[فَرْعٌ ابْتَاعَ حَلَالَانِ بِالْخِيَارِ ثُمَّ أَحْرَمَا بَعْدَ عَقْدِ الْبَيْعِ]

- ‌[تَنْبِيهَاتٌ أَرْسَلَهُ عَلَى بَعِيدٍ مِنْ الْحَرَمِ فَقَتَلَهُ قُرْبَ الْحَرَمِ]

- ‌[فَرْعٌ طَرْدُ الْمُحْرِم الصَّيْدِ عَنْ طَعَامِهِ أَوْ رَحْلِهِ]

- ‌[فَرْعٌ الصَّيْد إذَا ذُبِحَ لِيُبَاعَ لِلْمُحْرِمِ أَوْ لِيُهْدَى لَهُ]

- ‌[حُكْم صِيد حَلَّ لِحِلٍّ وَإِنْ أَحْرَمَ بَعْدَ ذَلِكَ]

- ‌[تَنْبِيهَانِ صَادَ الْحَمَامَ فِي الْحِلِّ ثُمَّ أَدْخَلَهُ الْحَرَمَ]

- ‌[فَرْعٌ لَا بَأْسَ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَذْبَحَ الْأَنْعَامَ كُلَّهَا]

- ‌[فَرْعٌ إذَا وَجَبَ عَلَى الْمُحْرِم هَدَيَانِ]

- ‌[فَرْعٌ صَامَ الْمُحْرِم ثَلَاثَةً ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ صَوْمِ السَّبْعَةِ]

- ‌[فَرْعٌ إذَا سِيقَ الْهَدْيُ فِي إحْرَامٍ]

- ‌[فَائِدَةٌ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ هِيَ يَوْمُ النَّحْرِ وَثَلَاثَةٌ بَعْدَهُ]

- ‌[فَرْعٌ إذَا كَانَ الْهَدْيُ مِمَّا يُقَلَّدُ وَيُشْعَرُ]

- ‌[فَرْعٌ الْأَحْسَنُ أَنْ يُبَاشِرَ الْهَدْي ذَلِكَ بِنَفْسِهِ وَأَنْ يُحْرِمَ إذَا دَخَلَ بِهِ]

- ‌[تَنْبِيهٌ فِي الرَّجُلِ يُحْرِمُ بِعُمْرَةٍ وَيَسُوقُ فِيهَا الْهَدْيَ ثُمَّ يَبْدُو لَهُ فَيُرْدِفُ الْحَجَّ]

- ‌[فَرْعٌ وَيُسْتَحَبُّ لِهَذِهِ الْمُرْدِفَةِ أَنْ تَعْتَمِرَ بَعْدَ فَرَاغِهَا مِنْ الْقِرَانِ]

- ‌[فَرْعٌ مِنًى كُلُّهَا مَنْحَرٌ]

- ‌[فَرْعٌ إذَا لَمْ يَهْتَدِ الْمُحْرِم لِلذَّبْحِ بِنَفْسِهِ]

- ‌[فَرْعٌ حُكْمَ بَيْعِ شَيْءٍ مِنْ لَحْمِ الْهَدْيِ وَالِاسْتِئْجَارِ بِهِ]

- ‌[فَرْعٌ إذَا نَحَرَ الْهَدْيَ غَيْرُ صَاحِبِهِ عَنْ صَاحِبِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مِنْ مَنَعَهُ عَدُوٌّ أَوْ فِتْنَةٌ عَنْ الْحَجّ]

- ‌[فَرْعٌ إذَا أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِي الْإِحْرَامِ فَأَحْرَمَ وَكَانَ لَا يَسْتَطِيعُ الْمَسِيرَ]

- ‌[بَابُ الذَّكَاةِ]

- ‌[فَرْعٌ ذَبِيحَةُ الْعَبْدِ]

- ‌[فَرْعٌ ذَبِيحَةُ الْأَقْلَفِ]

- ‌[فَرْعٌ ذَبِيحَةُ الْأَخْرَسِ]

- ‌[فُرُوعٌ لَوْ غَلَبَتْهُ قَبْلَ تَمَامِ الذَّكَاةِ فَقَامَتْ ثُمَّ أَضْجَعَهَا وَأَتَمَّ الذَّكَاةَ]

- ‌[فَرْعٌ ذَبِيحَةُ الْغُلَامِ أَبُوهُ نَصْرَانِيٌّ وَأُمُّهُ مَجُوسِيَّةٌ]

- ‌[فَرْعٌ الذَّبْحُ لِعَوَامِرِ الْجَانِّ]

- ‌[فَرْعٌ صَيْدَ الْجَاهِلِ لِحُدُودِ الصَّيْدِ]

- ‌[فَرْعٌ إذَا مَاتَ الصَّيْدُ فِي أَفْوَاهِ الْكِلَابِ مِنْ غَيْرِ بَضْعٍ]

- ‌[فَرْعٌ الْخَيْلُ فِي الذَّكَاةِ كَالْبَقَرِ]

- ‌[فَرْعٌ نَحَرَ مَا يُذْبَحُ أَوْ بِالْعَكْسِ نَاسِيًا]

- ‌[فَرْعٌ فِي مِنْ يَذْبَحُ الْحَمَامَ وَالطَّيْرَ وَهُوَ قَائِمٌ]

- ‌[فَرْعٌ فِي خِفَّةِ ذَبْحِ شَاةٍ وَأُخْرَى تَنْظُرُ]

- ‌[فَرْعٌ فِي رَجُلٍ قَدْ أَضْجَعَ شَاةً وَهُوَ يَحُدُّ شَفْرَةً]

- ‌[فَرْعٌ فِي كَرَاهَةِ أَكْلِ الْبَقَرِ تُعَرْقَبُ عِنْدَ الذَّبْحِ]

- ‌[السَّفِينَةَ إذَا وَثَبَتَ فِيهَا سَمَكَةٌ فَوَقَعَتْ فِي حِجْرِ إنْسَانٍ]

- ‌[فَرْعٌ قَالَ رَبُّ الصَّيْد نَدَّ مِنِّي مُنْذُ يَوْمَيْنِ وَقَالَ الصَّائِدُ لَا أَدْرِي مَتَى نَدَّ مِنْكَ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ فِي مِنْ رَهَنَ أَصْلًا وَحَوَّزَ لِلْمُرْتَهِنِ رَسْمَهُ الْمَكْتُوبَ فَتَلِفَ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ]

- ‌[فَرْعٌ أَكْلِ الْمَشِيمَةِ]

- ‌[فَرْعٌ أَكُلّ مَا فِي بَطْن الدَّجَاجَةُ]

- ‌[فَرْعٌ الْخَشَاشَ لَا يُؤْكَلُ إلَّا بِذَكَاةٍ]

- ‌[بَابٌ الْمُبَاحُ طَعَامٌ طَاهِرٌ]

- ‌[فَائِدَةٌ أَسْمَاءُ الْأَنْبِذَةِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ]

- ‌[تَنْبِيهٌ حُكْم أَكْلِ الْمَيْتَةِ لِلْعَاصِيَّ بِسَفَرِهِ]

- ‌[فَرْعٌ إذَا أُكِلَ الْخِنْزِيرُ يُسْتَحَبُّ لَهُ تَذْكِيَتُهُ]

- ‌[فَرْعٌ وَلَوْ وَجَدَ حِمَارًا أَهْلِيًّا لَأَكَلَهُ وَلَمْ يَأْكُلْ الصَّيْدَ]

- ‌[فَرْعٌ يُوجَدُ فِي وَسَطِ صُفَارِ الْبَيْضِ أَحْيَانًا نُقْطَةُ دَمٍ هَلْ هِيَ طَاهِرَة]

- ‌[فَرْعٌ إذَا وُجِدَتْ الْخَمْر عِنْد أَحَد مِنْ الْمُسْلِمِينَ]

- ‌[فُرُوعٌ فِي شَرَابُ خَلِيطَيْنِ]

- ‌[بَابٌ فِي الْأُضْحِيَّةُ]

- ‌[فَرْعٌ حُكْم الْأُضْحِيَّة إذَا أسلم بَعْد الْفَجْر مِنْ يَوْم الْفِطْر]

- ‌[فَرْعٌ فِي التَّضْحِيَةَ بِالْخُنْثَى]

- ‌[فَرْعٌ اشْتَرَى أُضْحِيَّتَهُ عَنْ نَفْسِهِ ثُمَّ نَوَى أَنْ يُشْرِكَ فِيهَا أَهْلَ بَيْتِهِ]

- ‌[فَرْعٌ يَلْزَمُ الْإِنْسَانَ أَنْ يُضَحِّيَ عَمَّنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ]

- ‌[فَرْعٌ وَلَهُ أَنْ يُدْخِلَ فِي أُضْحِيَّتِهِ مَنْ بَلَغَ مِنْ وَلَدِهِ]

- ‌[فَرْعٌ هَلْ يُدْخِلَ يَتِيمَهُ مَعَهُ فِي أُضْحِيَّتِهِ]

- ‌[فَرْعٌ الْأُضْحِيَّةِ بِذَاتِ الدِّبْرَةِ الْكَبِيرَةِ]

- ‌[فَرْعٌ لِلْغُزَاةِ أَنْ يُضَحُّوا مِنْ غَنَمِ الرُّومِ]

- ‌[فَرْعٌ فِي تَسْمِينِ الْأُضْحِيَّة]

- ‌[فَرْعٌ اشْتَرَى أُضْحِيَّة ثُمَّ تَرَكَهَا وَاشْتَرَى أَفْضَلَ مِنْهَا فَأَتَى يَوْمُ النَّحْرِ وَالْأُولَى أَفْضَلُ]

- ‌[فَرْعٌ لَا بَأْسَ أَنْ يُعْطِيَ أُمَّهُ أُضْحِيَّتَهُ]

- ‌[فُرُوعٌ الْأَوَّلُ اشْتَرَى الْأُضْحِيَّة وَذَبَحَهَا ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ فَأَجَازَ رَبُّهَا الْبَيْعَ]

- ‌[الثَّانِي غَصَبَ شَاةً وَذَبَحَهَا أُضْحِيَّة وَأَخَذَ رَبُّهَا مِنْهُ الْقِيمَةَ هَلْ تُجْزِيهِ]

- ‌[الثَّالِثُ فِي تَعَدَّى رَجُلٌ عَلَى لَحْمِ أُضْحِيَّة]

- ‌[فَرْعٌ دَهْنِ الْخَرَّازِ شِرَاكَ النِّعَالِ بِدُهْنِ أُضْحِيَّتِهِ]

- ‌[فَرْعٌ إذَا ذُبِحَتْ الْأُضْحِيَّة وَقَامَ عَلَيْهِ الْغُرَمَاءُ فَهَلْ لِصَاحِبِهَا أَنْ يَأْخُذَهَا]

- ‌[الْعَقِيقَة]

- ‌[فُرُوعٌ إذَا ذَبَحَ الْعَقِيقَةَ أَوْقَعَ عَلَيْهِ الِاسْمَ]

- ‌[الْأَذَان فِي أُذُنِ الصَّبِيِّ الْمَوْلُودِ]

- ‌[فُرُوعٌ الْأَوَّلُ وَلَا يَجْعَلَ الْعَقِيقَة صَنِيعًا يَدْعُو النَّاسَ إلَيْهِ]

- ‌[الثَّانِي وَافَقَ يَوْمُ عَقِيقَةِ وَلَدِهِ يَوْمَ الْأَضْحَى وَلَا يَمْلِكُ إلَّا شَاةً]

- ‌[الثَّالِثُ الضَّحِيَّةِ وَالْعَقِيقَةِ هَلْ يطعم مِنْهَا أَحَدٌ مِمَّنْ عَلَى غَيْرِ الْإِسْلَامِ]

- ‌[الرَّابِعُ ادِّخَارِ لَحْمِ الْعَقِيقَةِ]

- ‌[الْخَامِسُ حُكْمُ لَحْمِ وَجِلْد الْعَقِيقَة]

- ‌الْخِتَانِ

- ‌[تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ خِتَانُ الْخُنْثَى الْمُشْكِلُ]

- ‌[الثَّانِي حُكْم الْغُرْلَةُ وَهِيَ مَا يُقْطَعُ فِي الْخِتَانِ]

- ‌[بَابٌ فِي الْيَمِينُ]

- ‌[تَنْبِيهٌ الْيَمِينُ تَحْقِيقُ مَا لَمْ يَجِبْ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْيَمِينِ هَلْ تَنْعَقِدُ بِإِنْشَاءِ كَلَامِ النَّفْسِ وَحْدَهُ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ اللَّفْظِ]

- ‌[فَرْعٌ لُزُومِ الْيَمِينِ بِاَللَّهِ]

- ‌[فَرْعٌ حَلَفَ بِاَللَّهِ بِشَيْءٍ مِنْ اللُّغَاتِ وَحَنِثَ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إذَا قِيلَ لَهُ تَزَوَّجْ فُلَانَةَ فَقَالَ لَهَا الذِّمَامُ لَا أَتَزَوَّجُهَا]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إبْرَارُ الْمُقْسِمِ وَالْمُقْسَمِ بِهِ فِيهِ مَعْنَيَانِ]

- ‌[فَرْعٌ إذَا حَلَفَ عَلَى رَجُلٍ ليفعلن فَامْتَنَعَ]

- ‌[تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ لَا لَغْوَ وَلَا غَمُوسَ فِي مُسْتَقْبَلٍ]

- ‌[الثَّانِي الْإِلْغَاءُ فِي الْيَمِينِ لِمَكْرٍ أَوْ قَطْعٍ حَقٍّ]

- ‌[الثَّالِثُ الْحَلِفِ عَلَى الشَّكِّ وَالظَّنِّ]

- ‌[الرَّابِعُ الْغَمُوسُ تَكُونُ فِي الطَّلَاقِ]

- ‌[الْخَامِسُ لِمَاذَا سُمِّيَتْ الْيَمِين غَمُوسًا]

- ‌[تَنْبِيهٌ الْجَمْعُ بَيْنَ الْخِصَالِ الْأَرْبَعَةِ فِي الْكَفَّارَةِ الْوَاحِدَةِ]

- ‌[فَرْعٌ إذَا حَلَفَ عَلَى غَيْرِهِ ليفعلن فَأَكْرَهَهُ عَلَى الْفِعْلِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ قَالَ الْمَشْيُ إلَى مَكَّةَ لَا فَعَلْت وَلَا يُرِيدُ بِهَا الْيَمِينَ]

- ‌[فُرُوعٌ قَالَ وَاَللَّه لَأَعْتِقَن عَبِيدِي وَقَالَ أَرَدْت بَعْضَهُمْ عَلَى سَبِيلِ التَّخْصِيصِ]

- ‌[قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَقَالَ أَرَدْت مِنْ الْوِلَادَةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ فِيمَنْ سُئِلَ عَنْ شَيْءٍ فَقَالَ عَلِيَّ فِيهِ يَمِينٌ وَهُوَ كَاذِبٌ]

- ‌[فَرْعٌ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ لَهُ مَاءً لِمَنْ امْتَنَّ عَلَيْهِ بِمَا يَأْخُذُهُ مِنْهُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْحَالِفُ ليفعلن فِعْلًا هُوَ عَلَى حِنْثٍ حَتَّى يَفْعَلَهُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إذَا حَلَفَ ليشترين دَارَ زَيْدٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ حَلَفَ أَنْ لَا يُكَلِّمَ فُلَانًا فِي الْمَوْسِمِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ حَلَفَ لَا أَدَخَلَ الدَّارَ وَلَا أَكَلَ الطَّعَامَ فِي هَذَا الْعِيدِ]

- ‌[فَرْعٌ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَلَا يَقُوم حَتَّى يَنْتَهِي مِنْ وُضُوئِهِ فلما انْتَهَى تَذْكُر نِسْيَانه التَّمَضْمُض]

- ‌[فَرْعٌ حَلَفَ بِالْحَلَالِ عَلَيْهِ حَرَامٌ إنْ أَكَلَ شَيْئًا مِمَّا يَشْتَرِيهِ أَبُوهُ]

- ‌[فَرْعٌ إذَا أَتَى بِلَفْظِ كُلٍّ فِي الْيَمِين هَلْ يحنث]

- ‌[فَرْعٌ حَلَفَ الْحَالِفُ أَنْ يَشْرَبَ مَاءً صِرْفًا فَشَرِبَ مَاءً مِنْ آبَارِ الصَّحَارِي الْمُتَغَيِّرِ]

- ‌[فَرْعٌ عَاتَبَتْهُ امْرَأَتُهُ فَقَالَتْ تَأْكُلُ مِنْ غَزْلِي فَحَلَفَ أَنْ لَا يَأْكُلَ مِنْ عَمَلِهَا ثُمَّ أَكُلّ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ حَلَفَ بِطَلَاقِ زَوْجَتِهِ إنْ قَضَى اللَّهُ حَاجَتَهُ]

- ‌[فُرُوعٌ الْأَوَّلُ حَلَفَ لَا آكُلُ كِبَاشًا بِالنِّعَاجِ وَالصِّغَارِ مُطْلَقًا]

- ‌[الثَّانِي الْحَالِفُ عَلَى اللَّحْمِ ثُمَّ أَكُلّ الرَّأْسِ]

- ‌[الثَّالِثُ حَلَفَ لَا آكُلُ لَحْمًا فَأَكَلَ قَدِيدًا]

- ‌[فَرْعٌ حَلَفَ أَنْ لَا يَأْكُلَ فَاكِهَةً هَلْ يحنث بِالْعِنَبِ]

- ‌[فَرْعٌ حَلَفَ عَلَى اللَّبَنِ الْحَلِيبِ]

- ‌[فَرْعٌ وَهَبَهُ رَجُلٌ شَاةً ثُمَّ مَنَّ بِهَا عَلَيْهِ فَحَلَفَ أَنْ لَا يَشْرَبَ مِنْ لَبَنِهَا]

- ‌[فَرْعٌ حَلَفَ أَنْ لَا يَنْفَعَ فُلَانًا شَيْئًا وَهُوَ وصى لِرَجُلٍ مَاتَ]

- ‌[فَرْعٌ حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَنْفَعُ أَخَاهُ فَاحْتَاجَ أَوْلَادُ أَخِيهِ فَأَعْطَاهُمْ شَيْئًا]

- ‌[فُرُوعٌ حَلَفَ لَا سَاكَنَهُ وَهُمَا فِي دَارٍ]

- ‌[آذَاهُ جَارُهُ فَحَلَفَ لَا سَاكَنْتُكَ أَوْ قَالَ جَاوَرْتُكَ فِي هَذِهِ الدَّارِ]

- ‌[فَرْعٌ سَكَنَ مَنْزِلًا لِامْرَأَتِهِ فَمَنَّتْ عَلَيْهِ فَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ لَيَنْتَقِلَنَّ]

- ‌[فَرْعٌ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ هَذِهِ الدَّارَ فَأَدْخَلَ يَدَهُ أَوْ رَأْسَهُ]

- ‌[فَرْعٌ حَلَفَ ليقضين فُلَانًا حَقَّهُ فِي الْأَجَلِ الْفُلَانِيِّ فَأَعْطَاهُ رَهْنًا]

- ‌[فَرْعٌ حَلَفَ ليدخلن هَذِهِ الدَّارَ فَقَامَ عَلَى ظَهْرِ بَيْتٍ مِنْهَا]

- ‌[فَرْعٌ حَلَفَ لَا أُكَلِّمُ فُلَانًا أَيَّامًا فَهَلْ يُلْغَى الْيَوْمُ الَّذِي حَلَفَ فِيهِ]

- ‌[تَنْبِيهٌ حَلَفَ فِي دَرَاهِمَ أَنَّ زَوْجَتَهُ أَخَذَتْهَا فَثَبَتَ أَنَّ أَخَذَهَا غَيْرُهَا]

- ‌[مَسْأَلَةٌ حَلَفَ بِالْبَيْتِ الْمُقَدَّسِ لَا لَعِبْتُ مَعَكَ شِطْرَنْجًا إلَّا هَذَا الدَّسْتَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي النَّذْرِ]

- ‌[فَرْعٌ فِي مَنْ سُئِلَ أَمْرًا فَقَالَ عَلَيَّ فِيهِ صَدَقَةٌ أَوْ مَشْيٌ كَاذِبًا إنَّمَا يُرِيدُ أَنْ يَمْنَعَهُ]

- ‌[فَرْعٌ أَدَاءِ النَّذْرِ الْمُعَلَّقِ عَلَى أَمْرٍ بِحُضُورِهِ وَاضِحٌ وَبِحُضُورِ بَعْضِهِ]

- ‌[فَرْعٌ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ صِيَامٌ وَلَمْ يُسَمِّهِ أَوْ قَالَ صَدَقَةٌ]

- ‌[فَرْعٌ نَذَرَ إطْعَامَ مَسَاكِينَ أَيُطْعِمُ كُلَّ مِسْكِينٍ خَمْسَ تَمَرَاتٍ]

- ‌[فُرُوعٌ نَذَرَ شَيْئًا مُعَيَّنًا وَكَانَ ذَلِكَ جَمِيعَ مَالِهِ]

- ‌[قَالَ لِرَجُلٍ كُلُّ مَالٍ أَمْلِكُهُ صَدَقَةٌ إنْ فَعَلْتَ كَذَا فَحَنِثَ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْإِنْسَانِ إلَّا قُوتُ يَوْمِ الْفِطْرِ وَقَدْ نَذَرَ إخْرَاجَهُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ عَادَةُ الشَّيْبِيِّينَ تَقْدِيمِ الْأَكْبَرِ فَالْأَكْبَرِ فِي كَوْنِ مِفْتَاحِ الْكَعْبَةِ عِنْدَهُ]

- ‌[تَنْبِيهٌ الْحَجَبِيُّونَ بَطْنٌ مِنْ قُرَيْشٍ مَنْسُوبُونَ إلَى حَجَبَةِ الْكَعْبَةِ]

- ‌[فَوَائِدُ كَانُوا يَقُولُونَ لَا يَفْتَحُ الْكَعْبَةَ إلَّا الْحَجَبَةُ]

- ‌[سُنَّة الْمَكِّيِّينَ إذَا ثَقَلَ لِسَانُ الصَّبِيِّ]

- ‌[فَرْعٌ كَلَّمَهُ فَحَنِثَ بِالْحَجِّ وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُدْرِكَ الْحَجَّ]

- ‌[فُرُوعٌ الْأَوَّلُ قَالَ أَنَا أَضْرِبُ بِمَالِي أَوْ بِشَيْءٍ مِنْهُ بِعَيْنِهِ حَطِيمَ الْكَعْبَةِ أَوْ الرُّكْنَ]

- ‌[الفرع الثَّانِي النَّذْرُ لِلْكَعْبَةِ]

- ‌[الفرع الثَّالِثُ وَنَذْرُ شَيْءٍ لِمَيِّتٍ صَالِحٍ مُعَظَّمٍ فِي نَفْسِ النَّاذِرِ]

- ‌[تَنْبِيهَاتٌ فَرَّقَ بَيْنَ قَوْلِهِ لِحُرٍّ أَنَا أُهْدِيكَ وَقَوْلِهِ لِعَبْدِ غَيْرِهِ هُوَ هَدْيٌ]

- ‌[لَا وَفَاءَ لِنَذْرٍ فِي مَعْصِيَةٍ وَلَا فِيمَا لَا يَمْلِكُهُ الْعَبْدُ]

- ‌[فَرْعٌ فِي نَاذِرِ زِيَارَتِهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[مَسْأَلَةٌ حُكْمُ مَا زِيدَ فِي مَسْجِدِهِ عليه السلام حُكْمُ الْمَزِيدِ فِيهِ فِي الْفَضْلِ]

- ‌[كِتَابُ الْجِهَادِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ حَضَّ الشَّرْعُ عَلَى تَمَنِّي الشَّهَادَةِ وَرَغَّبَ فِيهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ أَيَغْزُو بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ]

- ‌[فُرُوعٌ أَقَرَّ الْأَسِيرُ أَنَّهُ زَنَى وَدَامَ عَلَى إقْرَارِهِ وَلَمْ يَرْجِعْ أَوْ شُهِدَ عَلَيْهِ]

- ‌[قَتَلَ الْأَسِيرُ أَحَدًا مِنْهُمْ خَطَأً وَقَدْ كَانَ أَسْلَمَ وَالْأَسِيرُ لَا يَعْلَمُ]

- ‌[قَتَلَ الْمُسْلِمُ مُسْلِمًا فِي حَالِ الْقِتَالِ وَقَالَ ظَنَنْتُهُ مِنْ الْكُفَّارِ]

- ‌[فَرْعٌ غَزَا رَجُلٌ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ دِيوَانِهِ بِأُجْرَةٍ]

- ‌[فَرْعٌ وَادَعَ الْإِمَامُ مَلِكَ الْقَرْيَةِ هَلْ يَكُونُ ذَلِكَ لِبَقِيَّتِهِمْ]

- ‌[فَرْعٌ وَيَعْتِقُ قَاتِلُ الْحَرْبِيّ رَقَبَةً]

- ‌[فَرْعٌ فِي الْقَوْمِ يَغْنَمُونَ الرَّقِيقَ هَلْ يُشْتَرَى مِنْهُمْ وَهُمْ لَمْ يُؤَدُّوا خُمُسًا]

- ‌[فَرْعٌ افْتَرَقَ الْجَيْشُ قَبْلَ قَسْمِ الْغَنِيمَةِ]

- ‌[فَرْعٌ خَرَجَ عَبْدٌ وَحُرٌّ أوذمي وَمُسْلِمٌ لِلتَّلَصُّصِ]

- ‌[تَنْبِيهٌ إذَا ثَبَتَ أَنَّ فِي الْغَنِيمَةِ مَالَ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ]

- ‌[فَصْلٌ فِي عَقْدُ الْجِزْيَةِ]

- ‌[فَرْعٌ بِمَا تَثْبُتُ الْجِزْيَةُ لِمُدَّعِيهَا]

- ‌[فَرْعٌ غَصَبَ جَارِيَةً ثُمَّ مَاتَتْ بَعْدَ أَنْ بَاعَهَا الْغَاصِبُ]

- ‌[بَابٌ الْمُسَابَقَةُ بِجُعْلٍ فِي الْخَيْلِ وَالْإِبِلِ]

- ‌[فَرْعٌ فِيمَنْ تَطَوَّعَ بِإِخْرَاجِ شَيْءٍ للمتصارعين وللمتسابقين]

- ‌[كِتَابُ النِّكَاحِ]

- ‌[بَاب خصائص النَّبِيّ]

- ‌[بَابٌ خُصَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِوُجُوبِ الضُّحَى وَالْأَضْحَى وَالتَّهَجُّدِ وَالْوِتْرِ]

- ‌[فَرْعٌ أُبِيحَ لَهُ عليه السلام أَخْذُ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ مِنْ الْجَائِعِ وَالْعَطْشَانِ]

- ‌[فَرْعٌ يُكْرَهُ لِقَارِئِ حَدِيثِهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَقُومَ لِأَحَدٍ]

- ‌[تَنْبِيهَانِ فِي خصائص النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصْلٌ نُدِبَ لِمُحْتَاجٍ ذِي أُهْبَةٍ نِكَاحُ بِكْرٍ]

- ‌[فَرْعٌ هَلْ يُسْتَحَبُّ لِلْمَرْأَةِ نَظَرُ الرَّجُلِ]

- ‌[فَرْعٌ النَّظَرُ لِلشَّابَّةِ الْأَجْنَبِيَّةِ الْحُرَّةِ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ]

- ‌[تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ تَوْكِيلِ الْمَرْأَةِ الثَّيِّبِ مَنْ يَعْقِدُ نِكَاحَهَا]

- ‌[التَّنْبِيه الثَّانِي شَهَادَةُ الْخَاطِبَيْنِ فِي النِّكَاح]

- ‌[التَّنْبِيه الثَّالِثُ شَهَادَةُ الْوَصِيِّ فِي النِّكَاحِ]

- ‌[التَّنْبِيه الرَّابِعُ أَخَذَ الْأُجْرَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ فِي النِّكَاح]

- ‌[تَنْبِيهَاتٌ خَطَبَ فِي الْعِدَّةِ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا بَعْدَهَا]

- ‌[كَانَ الزَّوْجُ النَّاكِحُ فِي الْعِدَّةِ غَيْرَ عَالِمٍ بِالتَّحْرِيمِ]

- ‌[وَطْءَ الصَّبِيِّ لِلْمُعْتَدَّةِ]

- ‌[تَزَوَّجَتْ فِي الْعِدَّةِ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا آخَرُ بَعْدَ خُرُوجِهَا مِنْ الْعِدَّةِ]

- ‌[تَزَوَّجَ شَخْصٌ امْرَأَةً ثُمَّ ادَّعَتْ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا فِي الْعِدَّةِ]

- ‌[فَرْعٌ تَزَوَّجَ امْرَأَةً طَلَّقَهَا رَجُلٌ قَبْلَهُ ثُمَّ اسْتَرَابَ فِي أَنَّهُ نَكَحَهَا قَبْلَ تَمَامِ عِدَّتِهَا]

- ‌[فَرْعٌ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَأَخْرَجَ دِينَارًا فَقَالَ اشْتَرُوا بِهِ طَعَامًا]

- ‌[تَنْبِيهٌ الْخِيَارُ فِي عَقْدٌ النِّكَاحُ]

- ‌[تَنْبِيهٌ لِلْوَصِيِّ أَنْ يُنْكِحَ إمَاءَ الْيَتَامَى وَعَبِيدَهُمْ]

- ‌[فَرْعٌ نِكَاح الْأَمَةُ الْمُخْدِمَةُ]

- ‌[فَرْعٌ جَبْرُ الرَّقِيقِ عَلَى النِّكَاحِ]

- ‌[فَرْعٌ أَرَادَ الْأَبُ أَنْ يَرْجِعَ عَنْ تَرْشِيدِهَا وَيَرُدَّهَا فِي وِلَايَتِهِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ]

- ‌[فَسْخ النِّكَاح بِلَا طَلَاق]

- ‌[فَرْعٌ تَزَوَّجَهَا أَحَدُهُمَا بَعْدَ زَوْجٍ كَانَتْ عِنْدَهُ عَلَى طَلْقَتَيْنِ]

- ‌[تَنْبِيهَاتٌ حُكْم نِكَاح الشِّغَارُ]

- ‌[فَسْخُ النِّكَاحِ لِعَيْبِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ]

- ‌[هَلْ يَفْتَقِرُ فَسْخُ النِّكَاحِ الْفَاسِدِ إلَى حُكْمِ حَاكِمٍ]

- ‌[تَنْبِيهٌ طَلَاقَ الصَّبِيِّ لَا يَلْزَمُ وَلَا يُخْبَرُ الْوَلِيُّ فِيهِ]

- ‌[فَرْعٌ لَا يُبَاعُ الْعَبْدُ فِي نَفَقَةِ زَوْجَتِهِ]

- ‌[فَرْعٌ إذَا وَطِئَ الصَّغِيرُ بِمِلْكِ الْيَمِينِ أَوْ قَبَّلَ أَوْ بَاشَرَ]

- ‌[فَرْعٌ طَلَّقَهَا طَلَاقًا رَجْعِيًّا وَأَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَ خَامِسَةً]

- ‌[فَرْعَانِ الْأَوَّلُ بَاعَ أَمَةً وَطِئَهَا ثُمَّ تَزَوَّجَ أُخْتَهَا فَلَمْ يَطَأْهَا حَتَّى اشْتَرَى الْمَبِيعَةَ]

- ‌[الفرع الثَّانِي زَوَّجَ أُمَّ وَلَدِهِ ثُمَّ اشْتَرَى أُخْتَهَا فَوَطِئَهَا ثُمَّ رَجَعَتْ إلَيْهِ أُمُّ وَلَدِهِ]

- ‌[فَرْعٌ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ ثَلَاثًا ثُمَّ وَطِئَهَا فَحَمَلَتْ عَارِفًا بِالتَّحْرِيمِ]

- ‌[فَرْعٌ كَانَ الزَّوْجَانِ مُسْلِمَيْنِ فَارْتَدَّ أَحَدُهُمَا بَعْدَ طَلَاقِ الثَّلَاثِ]

- ‌[نِيَّةُ الْمُطَلِّقِ وَنِيَّتُهَا لَغْوٌ وَإِنَّمَا الْمُعْتَبَرُ نِيَّةُ الْمُحَلِّلِ]

- ‌[زَوَّجَهَا لِعَبْدِهِ لِيَسْأَلَهُ طَلَاقَهَا بَعْدَ وَطْئِهَا]

- ‌[فَرْعٌ إذَا دُفِعَتْ إلَيْهِ جَارِيَةٌ لِيَسْتَخْدِمَهَا هَلْ يَجُوزُ نِكَاحِهِ لَهَا]

- ‌[فَرْعٌ أَرَادَ أَنْ يُزَوِّجَ أَمَةَ عَبْدِهِ مِنْهُ]

- ‌[فَرْعٌ اشْتَرَى أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ الْآخَرَ بِخِيَارٍ]

- ‌[فَرْعٌ اشْتَرَى زَوْجٌ أُمَّهُ أَوْ امْرَأَةَ أَبِيهِ]

- ‌[فَرْعٌ اشْتَرَى أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ الْآخَرَ وَهُوَ مُكَاتَبٌ]

- ‌[فَرْعٌ أَمَة تَحْتَ حُرٍّ وَلَدَتْ أَوْلَادًا لَهُ وَأَرَادُوا بَيْعَهَا وَوَلَدَهَا]

- ‌[فَرْعٌ لَا تَنْكِحُ الْأَمَةَ إلَّا بِشَرْطَيْنِ]

- ‌[فَرْعٌ تَزَوَّجَ أَمَةً ثُمَّ أَعْتَقَ سَيِّدُ الْأَمَةِ وَلَدَهُ مِنْهَا]

- ‌[فَرْعٌ تَزَوَّجَ رَجُلٌ حُرَّةً فَأَقَرَّتْ لِرَجُلٍ أَنَّهَا أَمَتُهُ]

- ‌[فُرُوعٌ الْأَوَّلُ لَيْسَ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تُلْزِمَ زَوْجَهَا الْعَزْلَ عَنْهَا]

- ‌[الفرع الثَّانِي الْقَسْمِ بَيْنَ الزَّوْجَاتِ]

- ‌[الفرع الثَّالِثُ حُكْم شَرب الْأَدْوِيَةِ لِتَقْلِيلِ النَّسْل]

- ‌[فَرْعٌ نِكَاحِ مَنْ حَضَرَ الزَّحْفَ أَوْ رَكِبَ الْبَحْرَ]

- ‌[فَرْعٌ الْمُتَزَوِّج فِي مَرَض الْمَوْت هَلْ تَرِثهُ زَوْجَته]

- ‌[فَرْعٌ الْإِقْرَارُ بِالنِّكَاحِ فِي الْمَرَضِ أَوْ فِي الصِّحَّةِ]

- ‌[فَرْعٌ حُكْمُ نِكَاحِ التَّفْوِيضِ]

- ‌[فَرْعٌ لَا خِيَارَ لِلزَّوْجَةِ إنْ كَانَ الزَّوْج خُنْثَى مَحْكُومًا لَهُ بِالرُّجُولِيَّةِ]

- ‌[فَرْعٌ وَطِئَهَا ثُمَّ اعْتَرَضَ عَنْهَا]

- ‌[فَائِدَةٌ فِيمَا يُعَالَجُ بِهِ الْمُعْتَرَضُ عَنْ الزَّوْجَةِ]

- ‌[تَنْبِيهٌ الْكِبَرُ الْمَانِعُ مِنْ الْوَطْءِ]

- ‌[فَرْعٌ وَجَدَهَا سَوْدَاءَ أَوْ عَرْجَاءَ أَوْ عَمْيَاءَ وَادَّعَى أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا عَلَى السَّلَامَةِ]

- ‌[فَرْعٌ إذَا وَصَفَهَا وَلِيُّهَا حِينَ الْخِطْبَةِ بِأَنَّهَا عَذْرَاء]

- ‌[فَرْعٌ ويصدق الزَّوْج إنْ ادَّعَى فِيهَا الْوَطْءَ]

- ‌[تَنْبِيهٌ لَوْ نَكَلَ قَبْلَ الْأَجَلِ ثُمَّ أَتَى الْأَجَلُ فَادَّعَى الزَّوْج أَنَّهُ أَصَابَ]

- ‌[تَنْبِيهٌ وَإِنْ اخْتَارَ الزَّوْج إمْسَاكَهَا]

- ‌[فَرْعٌ زَوَّجَ السَّيِّدُ أَمَتَهُ عَلَى أَنَّهَا ابْنَتُهُ أَوْ ابْنَةُ عَمِّهِ فَدَخَلَ الزَّوْجُ وَأَوْلَدَهَا]

- ‌[فَرْعٌ اشْتَرَى جَارِيَةً مِنْ رَجُلٍ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهَا لَيْسَتْ لَهُ فَوَطِئَهَا]

- ‌[فَرْعٌ لَوْ اسْتَهْلَكَ الْأَبُ الدِّيَةَ ثُمَّ أَعْدَمَ]

- ‌[فَرْعٌ لَوْ هَرَبَ الْقَاتِلُ أَوْ اُقْتُصَّ مِنْهُ فِي الْعَمْدِ]

- ‌[فَرْعٌ لَوْ قُتِلَ خَطَأً اقْتَصَّ الْأَبُ عَنْ سَائِرِ وَرَثَتِهِ]

- ‌[فَصْلٌ تَزَوَّجَتْ وَهِيَ مُعْتَقٌ بَعْضُهَا وَكَمُلَ عِتْقُهَا بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ لَهَا الْخِيَارَ]

- ‌[تَنْبِيهٌ إذَا عَتَقَ جَمِيعُهَا تَحْتَ الْعَبْدِ]

- ‌[فَرْعٌ ادَّعَى وَطْأَهَا بَعْدَ عِلْمِهَا بِالْعِتْقِ وَأَكْذَبَتْهُ]

- ‌[فَرْعٌ بِيعَ زَوْجُهَا قَبْلَ عِتْقِهَا فَظَنَّتْ أَنَّ ذَلِكَ طَلَاقٌ ثُمَّ عَتَقَتْ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الصَّدَاقُ]

- ‌[فَرْعٌ بَيَانِ السِّكَّةِ إنْ كَانَ الصَّدَاقُ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ]

- ‌[فَرْعٌ الزَّوْجُ الْمَرِيضُ الَّذِي لَا يَقْدِرُ عَلَى جِمَاعٍ]

- ‌[تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ الدُّخُولَ بِالْهَدِيَّةِ]

- ‌[التَّنْبِيه الثَّانِي لَهُ عَلَى مَلِيئَةٍ رُبْعُ دِينَارٍ]

- ‌[فَرْعٌ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَطْلُبَهُ بِحَمِيلٍ بِوَجْهِهِ]

- ‌[فَرْعٌ إذَا مَضَتْ آجَالُ التَّلَوُّمِ وَلَمْ يَثْبُتْ إعْسَارُ الزَّوْج]

- ‌[فَرْعٌ وَيَحْضُرُ الزَّوْجُ لِضَرْبِ أَوَّلِ آجَالِهِ]

- ‌[فَرْعٌ هَلْ يُشْتَرَطُ فِي التَّأْجِيلِ إقَامَةُ النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ]

- ‌[فَرْعٌ إذَا كَانَ الزَّوْجُ غَيْرَ بَالِغٍ]

- ‌[تَنْبِيهٌ فِي اسْتِحْقَاقِ الْمَهْرِ بِالْوَطْءِ فِي الدُّبْرِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْمَرْأَةُ إذَا اُشْتُهِرَتْ بِالسِّفَاحِ وَإِبَاحَةِ فَرْجِهَا لِغَيْرِ زَوْجِهَا]

- ‌[فَرْعٌ أَنْكَرَ الزَّوْجُ الْخَلْوَةَ وَلَمْ تَقُمْ لَهُ بَيِّنَةٌ]

- ‌[فَرْعٌ بَنَى بِزَوْجَتِهِ ثُمَّ طَلَّقَهَا وَادَّعَى عَدَمَ الْمَسِيسِ]

- ‌[فَرْعٌ إذَا اسْتَهْلَكَتْ الذِّمِّيَّةُ صَدَاقهَا مِنْ الْخَمْرَ]

- ‌[تَنْبِيهٌ النِّكَاحَ الْفَاسِدَ لِصَدَاقِهِ]

- ‌[فَرْعٌ دَعَا الزَّوْجُ فِي النِّكَاحَ الْفَاسِدَ لِصَدَاقِهِ إلَى الْبِنَاءِ وَالنَّفَقَةِ]

- ‌[فَرْعٌ فِيمَنْ يَكْتَسِبُ مَالًا حَرَامًا فَيَتَزَوَّجُ بِهِ]

- ‌[فَرْعَانِ الْأَوَّلُ نَكَحَ بِنَقْدٍ مُقَدَّمٍ وَكَالِئٍ إلَى مَا يَكْلَأُ النَّاسُ]

- ‌[الفرع الثَّانِي اخْتَلَفَ الزَّوْجُ وَالْوَلِيُّ فِي أَجَلِ الْكَالِئِ فَقَالَ الشُّهُودُ نَسِينَاهُ]

- ‌[فَرْعٌ تَزَوَّجَ أَمَةَ رَجُلٍ وَابْنَتَهُ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ أَوْ امْرَأَةً وَأَمَتَهَا]

- ‌[فَرْعٌ قَالَ الْمُوَثِّقُ فِي الْكِتَابِ النَّقْدُ مِنْ الصَّدَاقِ كَذَا]

- ‌[فَرْعٌ لَوْ سَمَّى لَهَا الصَّدَاق فِي مَرَضِهِ ثُمَّ صَحَّ ثُمَّ مَاتَ]

- ‌[فَرْعٌ حُكْم الصَّدَاق إذَا أُكْرِهَ الرَّجُلُ عَلَى أَنْ يَزْنِيَ بِامْرَأَةٍ مُكْرَهَةٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ تَوَافَقَ الزَّوْجُ وَالْمَرْأَةُ عَلَى النِّكَاحِ عَلَى شُرُوطٍ]

- ‌[فَرْعٌ اشْتَرَطَ أَبُو الزَّوْجَةِ عَلَى صِهْرِهِ أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا]

- ‌[فَرْعٌ لِلرَّجُلِ السَّفَرُ بِزَوْجَتِهِ]

- ‌[فَرْعٌ شَرَطَ لِزَوْجَتِهِ أَنْ لَا يَتَسَرَّى مَعَهَا]

- ‌[فَرْعٌ لِلزَّوْجَةِ التَّصَرُّفُ فِي مَهْرِهَا بِالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ]

- ‌[فَرْعٌ أَعْتَقَتْ عَبْدَهَا وَلَا مَالَ لَهَا غَيْرُهُ فَرَدَّ الزَّوْجُ عِتْقَهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا أَوْ مَاتَ]

- ‌[تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ مَا الْحُكْمِ لَوْ قَامَ الْأَبَ بِدَعْوَى الْعَارِيَّةِ بَعْدَ كَمَالِ السَّنَةِ]

- ‌[التَّنْبِيه الثَّانِي إذَا ادَّعَى أَنَّ الَّذِي دَخَلَتْ بِهِ عَارِيَّةٌ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ]

- ‌[التَّنْبِيه الثَّالِثُ ادَّعَى الرَّجُلُ أَنَّ جِهَازَ ابْنَتِهِ عَارِيَّةٌ قَبْلَ السَّنَةِ]

- ‌[فَرْعٌ إذَا أَعْطَتْهُ مَالًا عَلَى أَنْ يُمْسِكَهَا ثُمَّ فَارَقَهَا عَاجِلًا]

- ‌[فَصْلٌ إذَا تَنَازَعَا فِي الزَّوْجِيَّةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى الْمَرْأَةِ عَلَى عَيْنِهَا أَوْ كَانُوا يَعْرِفُونَهَا]

- ‌[فَرْعٌ لَوْ قَالَ فِي يَتِيمَةٍ بَعْدَ أَنْ بَلَغَتْ وَقَالَتْ قَبْلَهُ]

- ‌[تَنْبِيهٌ الْعَبْدُ وَالْجَارِيَةُ يَدَّعِيَانِ الْحُرِّيَّةَ]

- ‌[فَرْعٌ أَقَامَتْ الْمَرْأَةُ عَلَى الرَّجُلِ الْمُنْكِرِ شَاهِدَيْنِ وَلَمْ يَأْتِ بِدَافِعٍ]

- ‌[فَرْعٌ فِي مَنْ اُحْتُضِرَ فَقَالَ لِي امْرَأَةٌ بِمَكَّةَ سَمَّاهَا ثُمَّ مَاتَ فَطَلَبَتْ مِيرَاثَهَا مِنْهُ]

- ‌[فَرْعٌ تَدَاعَى رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ فِي شَيْءٍ مِنْ أُمُورِ الزَّوْجِيَّةِ وَأَقَرَّ بِالزَّوْجِيَّةِ]

- ‌[فَرْعٌ إذَا أَخَذَتْ بِالصَّدَاقِ رَهْنًا ثُمَّ سَلَّمَتْهُ]

- ‌[فَرْعٌ لَوْ كَانَ مَا تَنَازَعَ فِيهِ الزَّوْجَانِ مِمَّا يَكُونُ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ]

- ‌[فَرْعٌ لَوْ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الزَّوْجَيْنِ بَيِّنَةً فِي شَيْءٍ أَنَّهُ لَهُ]

- ‌[تَنْبِيهَانِ نَكَلَ مَنْ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ الْيَمِينُ مِنْ الزَّوْجِ]

- ‌[فَرْعٌ طَلَّقَهَا وَعَلَيْهَا ثِيَابٌ وَطَالَبَتْهُ بِالْكِسْوَةِ]

الفصل: ‌[تنبيه من واجبات الطواف]

الْمَذْهَبِ فَمَنْ طَافَ مُحْدِثًا مُتَعَمِّدًا أَوْ جَاهِلًا أَوْ نَاسِيًا لَمْ يَصِحَّ طَوَافُهُ وَرَجَعَ إلَى ذَلِكَ مِنْ بَلَدِهِ عَلَى الْمَعْرُوفِ خِلَافًا لِلْمُغِيرَةِ، أَمَّا طَهَارَةُ الْخَبَثِ فَعَدَّهَا غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ مِنْ شُرُوطِهِ قَالُوا: كَالصَّلَاةِ وَيَعْنُونَ بِذَلِكَ أَنَّهَا وَاجِبَةٌ مَعَ الذِّكْرِ وَالْقُدْرَةِ سَاقِطَةٌ مَعَ الْعَجْزِ وَالنِّسْيَانِ وَجَعَلَهَا ابْنُ عَرَفَةَ شَرْطَ كَمَالٍ فِيهِ، وَذَكَرَ فِي صِحَّةِ طَوَافِ مَنْ طَافَ بِهَا عَامِدًا، وَإِعَادَتِهِ أَبَدًا قَوْلَيْنِ، وَسَيَأْتِي لَفْظُهُ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: أَوْ عَلِمَ بِنَجَسٍ وَالظَّاهِرُ مِنْ الْقَوْلَيْنِ: هُوَ الْقَوْلُ بِالْإِعَادَةِ أَبَدًا، وَهُوَ الَّذِي يُفْهَمُ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَكَلَامِ أَئِمَّةِ الْمَذْهَبِ قَالَ سَنَدٌ: إنْ قُلْنَا: إزَالَةُ النَّجَاسَةِ شَرْطٌ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْإِطْلَاقِ فَكَذَلِكَ فِي الطَّوَافِ، وَإِنْ قُلْنَا: شَرْطٌ مَعَ الذِّكْرِ فَكَذَلِكَ فِي الطَّوَافِ أَيْضًا، وَإِنْ قُلْنَا: لَيْسَتْ بِشَرْطٍ بِحَالٍ فَكَذَلِكَ أَيْضًا انْتَهَى.

أَمَّا مَنْ طَافَ بِهَا نَاسِيًا، فَإِنْ ذَكَرَ فِي أَثْنَاءِ الطَّوَافِ فَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ يَطْرَحُهَا وَيَبْنِي، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ، وَإِنْ ذَكَرَ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ الطَّوَافِ وَقَبْلَ رَكْعَتَيْنِ، فَإِنَّهُ لَا يُعِيدُ الطَّوَافَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ قَالَ: لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ صَلَّى بِنَجَاسَةٍ ثُمَّ رَآهَا بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ قَالَ: وَيَقْلَعُ الثَّوْبَ وَيُصَلِّي الرَّكْعَتَيْنِ بِثَوْبٍ طَاهِرٍ، هَكَذَا نَقَلَ ابْنُ يُونُسَ وَابْنُ رُشْدٍ فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ، وَالْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُمْ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: فَإِنْ ذَكَرَهَا بَعْدَهُ وَقَبْلَ رَكْعَتَيْهِ، فَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ: ابْتَدَأَهُ فَظَاهِرُهُ أَنَّ ابْنَ رُشْدٍ ذَكَرَهُ عَلَى أَنَّهُ الْمَذْهَبُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا قَالَ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ كَلَامَ ابْنِ الْقَاسِمِ: وَالْقِيَاسُ أَنْ يَسْتَأْنِفَ، وَقَالَ أَشْهَبُ: يُعِيدُ الطَّوَافَ وَالسَّعْيَ فِيمَا قَرُبَ إنْ كَانَ وَاجِبًا، وَإِنْ تَبَاعَدَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَيُهْدِي، وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ، وَإِنْ ذَكَرَ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ الرَّكْعَتَيْنِ فَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ يُعِيدُهُمَا بِالْقُرْبِ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ إنْ شَاءَ اللَّهُ، وَقَدْ فَرَّعَ أَهْلُ الْمَذْهَبِ الْكَلَامَ عَلَى الطُّهْرَيْنِ، أَمَّا السَّتْرُ فَلَمْ يَذْكُرُوا مِنْ فُرُوعِهِ إلَّا الْقَلِيلَ، قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي مَنَاسِكِهِ: الثَّالِثُ: سَتْرُ الْعَوْرَةِ، وَحُكْمُهُ أَيْضًا فِي الطَّوَافِ حُكْمُ الطَّهَارَةِ، وَحُكْمُ مَنْ صَلَّى بِثَوْبٍ نَجِسٍ أَوْ طَافَ بِهِ انْتَهَى.

وَذَكَرَ ابْنُ مُعَلَّى فِي مَنْسَكِهِ عَنْ النَّوَوِيِّ أَنَّ الْمَرْأَةَ الْمَكْشُوفَةَ إذَا طَافَتْ، وَهِيَ مَكْشُوفَةُ الرِّجْلِ أَوْ شَيْءٍ مِنْهَا أَوْ شَعْرِ رَأْسِهَا لَمْ يَصِحَّ طَوَافُهَا، وَإِنْ طَافَتْ كَذَلِكَ، وَرَجَعَتْ فَقَدْ رَجَعَتْ بِلَا حَجٍّ، وَلَا عُمْرَةٍ، قَالَ ابْنُ مُعَلَّى: وَظَاهِرُ مَذْهَبِنَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ صِحَّةُ حَجِّهَا؛ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: إذَا صَلَّتْ الْحُرَّةُ بَادِيَةَ الشَّعْرِ أَوْ الْوَجْهِ أَوْ الصَّدْرِ أَوْ ظُهُورِ قَدَمَيْنِ أَعَادَتْ فِي الْوَقْتِ، وَالْإِعَادَةُ إنَّمَا هِيَ مِنْ بَابِ الِاسْتِحْبَابِ إنْ كَانَتْ بِمَكَّةَ أَوْ حَيْثُ يُمْكِنُهَا الْإِعَادَةُ فَلْتُعِدْ عَلَى جِهَةِ الِاسْتِحْبَابِ انْتَهَى.

(قُلْتُ:) وَالظَّاهِرُ: أَنَّهَا لَا يُسْتَحَبُّ لَهَا الْإِعَادَةُ، وَلَوْ كَانَتْ بِمَكَّةَ؛ لِأَنَّ بِالْفَرَاغِ مِنْ الطَّوَافِ خَرَجَ وَقْتُهُ، كَمَا تَقَدَّمَ فِيمَنْ طَافَ بِنَجَاسَةٍ نَاسِيًا فَتَأَمَّلْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[تَنْبِيه مِنْ وَاجِبَاتِ الطَّوَافِ]

(تَنْبِيهٌ) : قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ إثْرَ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ: مِنْ وَاجِبَاتِ الطَّوَافِ شُرُوطُ الصَّلَاةِ إلَّا الْكَلَامَ مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَشْرَبَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُسْتَثْنَ مِنْ شُرُوطِ الصَّلَاةِ إلَّا الْكَلَامُ، وَقَدْ أَجَازُوهُ إذَا اُضْطُرَّ إلَى ذَلِكَ انْتَهَى.

وَمَفْهُومُهُ: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إذَا لَمْ يُضْطَرَّ إلَى ذَلِكَ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، قَالَ فِي الْجَلَّابِ: وَلَا يَتَحَدَّثُ مَعَ أَحَدٍ فِي طَوَافِهِ، وَلَا يَأْكُلُ، وَلَا يَشْرَبُ فِي أَضْعَافِهِ، قَالَ التِّلِمْسَانِيُّ فِي أَثْنَاءِ شَرْحِهِ: وَيُكْرَهُ أَنْ يَشْرَبَ الْمَاءَ إلَّا أَنْ يَضْطَرَّهُ الْعَطَشُ فَحَمَلَ قَوْلَهُ لَا يَشْرَبُ عَلَى الْكَرَاهَةِ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْأَكْلِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مِثْلُهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَبَطَلَ بِحَدَثٍ بِنَاءٌ)

ش: يَعْنِي أَنَّ طَهَارَةَ الْحَدَثِ شَرْطٌ فِي ابْتِدَاءِ الطَّوَافِ وَدَوَامِهِ فَمَنْ أَحْدَثَ فِي أَثْنَاءِ طَوَافِهِ فَقَدْ بَطَلَ طَوَافُهُ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ الْبِنَاءُ عَلَى مَا مَضَى مِنْهُ إذَا تَطَهَّرَ، وَلَوْ كَانَ قَرِيبًا، وَسَوَاءٌ كَانَ حَدَثُهُ غَلَبَةً أَوْ سَهْوًا أَوْ عَمْدًا، وَسَوَاءٌ كَانَ الطَّوَافُ وَاجِبًا أَوْ تَطَوُّعًا، فَإِنْ كَانَ الطَّوَافُ وَاجِبًا تَوَضَّأَ وَاسْتَأْنَفَهُ، وَإِنْ كَانَ تَطَوُّعًا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ إعَادَتُهُ إلَّا أَنْ يَتَعَمَّدَ الْحَدَثَ، فَإِنْ تَوَضَّأَ وَبَنَى عَلَى مَا طَافَهُ فَهُوَ كَمَنْ لَمْ يَطُفْ، هَكَذَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَقَالَ

ص: 68

ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ: إذَا أَحْدَثَ فِي الطَّوَافِ فَلْيَتَوَضَّأْ، وَيَبْنِي قَالَ ابْنُ يُونُسَ: وَرِوَايَةُ ابْنِ حَبِيبٍ هَذِهِ ضَعِيفَةٌ، وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ يُونُسَ: أَنَّ لَهُ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ ابْتِدَاءً عَلَى رِوَايَةِ ابْنِ حَبِيبٍ، وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ: أَنَّ خِلَافَ ابْنِ حَبِيبٍ إنَّمَا هُوَ بَعْدَ الْوُقُوعِ، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ، وَقَدْ نَصَّ ابْنُ حَبِيبٍ فِي الْوَاضِحَةِ عَلَى أَنَّهُ إذَا انْتَقَضَ وُضُوءُهُ، وَهُوَ يَطُوفُ أَنَّهُ يَقْطَعُ وَيَبْتَدِئُ الطَّوَافَ مِنْ أَوَّلِهِ إنْ كَانَ وَاجِبًا، وَهُوَ مُخَيَّرٌ فِي التَّطَوُّعِ، وَنَقَلَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ صَاحِبِ النَّوَادِرِ وَالْبَاجِيُّ أَنَّهُمَا نَقَلَا عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ أَنَّهُ قَالَ: إنْ انْتَقَضَ وُضُوءُهُ قَبْلَ رَكْعَتَيْنِ يَبْتَدِئُ الطَّوَافَ إنْ كَانَ وَاجِبًا، وَهُوَ مُخَيَّرٌ فِي التَّطَوُّعِ انْتَهَى.

فَإِذَا كَانَ يَبْتَدِئُهُ إذَا انْتَقَضَ وُضُوءُهُ قَبْلَ الرَّكْعَتَيْنِ فَأَحْرَى أَنْ يَبْتَدِئَهُ إذَا انْتَقَضَ فِي أَثْنَائِهِ، وَلَمْ أَقِفْ فِي مُخْتَصَرِ الْوَاضِحَةِ عَلَى حُكْمِ مَا إذَا لَمْ يَقْطَعْ وَيَبْنِي، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ:) لَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ حُكْمَ مَنْ انْتَقَضَ وُضُوءُهُ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ الرَّكْعَتَيْنِ وَالْحُكْمُ فِيهِ أَنَّهُ يَتَوَضَّأُ وَيُعِيدُ الطَّوَافَ، فَإِنْ تَوَضَّأَ وَصَلَّى الرَّكْعَتَيْنِ وَسَعَى، فَإِنَّهُ يُعِيدُ الطَّوَافَ وَالرَّكْعَتَيْنِ وَالسَّعْيَ مَا دَامَ بِمَكَّةَ أَوْ قَرِيبًا مِنْهَا، فَإِنْ تَبَاعَدَ مِنْ مَكَّةَ فَلْيَرْكَعْهَا بِمَوْضِعِهِ وَيَبْعَثْ بِهَدْيٍ، قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: لَا تُجْزِئُهُ الرَّكْعَتَانِ الْأُولَيَانِ انْتَهَى مِنْ ابْنِ يُونُسَ (الثَّانِي:) إذَا قُلْنَا: لَا يَجُوزُ لِلْمُحْدِثِ الْبِنَاءُ فَجَاءَ وَبَنَى عَلَى مَا طَافَ أَوَّلًا ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ لَهُ الْبِنَاءُ عَلَى مَا قَبْلَ الْحَدَثِ فَالظَّاهِرُ: أَنَّ لَهُ أَنْ يَبْنِيَ عَلَى مَا طَافَهُ الْآنَ، وَيُكْمِلَ سَبْعَةَ أَشْوَاطٍ، وَيُجْزِئُهُ، وَكَذَا أَيْضًا مَنْ شَرَعَ فِي سَبْعٍ فَطَافَ بَعْضَهُ فَلَمَّا وَصَلَ لِلْحَجَرِ الْأَسْوَدِ فِي بَعْضِ الْأَشْوَاطِ ظَنَّ أَنَّهُ قَدْ أَكْمَلَهُ فَنَوَى سَبْعًا أُخَرَ ثُمَّ تَذَكَّرَ فَالظَّاهِرُ: أَنَّهُ يَبْنِي عَلَى مَا طَافَهُ أَوَّلًا إنْ كَانَ الطَّوَافُ نَافِلَةً، وَمِثْلُهُ أَيْضًا غَفَلَ عَنْ الْأَوَّلِ بِالْكُلِّيَّةِ، وَلَمْ يَخْطُرْ بِبَالِهِ لَا كَمَالُهُ، وَلَا عَدَمُهُ غَيْرَ أَنَّهُ لَمَّا وَصَلَ إلَى الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ ظَنَّ أَنَّهُ كَمَا جَاءَ لِيَبْتَدِئَ الطَّوَافَ فَنَوَى حِينَئِذٍ طَوَافَ سَبْعٍ ثُمَّ تَذَكَّرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَالظَّاهِرُ: أَنَّهُ يَبْنِي هُنَا أَيْضًا عَلَى مَا طَافَهُ أَوَّلًا، وَيُكْمِلُ سَبْعَةَ أَشْوَاطٍ، وَيُجْزِئُهُ إنْ كَانَ الطَّوَافُ نَافِلَةً، أَمَّا إنْ كَانَ الطَّوَافُ الْأَوَّلُ فَرِيضَةً، وَاَلَّذِي نَوَاهُ نَافِلَةً فَالْأَمْرُ مُحْتَمَلٌ، وَالْأَحْوَطُ أَنَّهُ يَبْتَدِئُ الطَّوَافَ، وَقَدْ قَالَ فِي الطِّرَازِ فِي شَرْحِ الْمَسْأَلَةِ الثَّامِنَةَ عَشْرَ فِي بَابِ حُكْمِ مِنًى وَالرَّمْيِ: لَوْ اعْتَقَدَ شَخْصٌ أَنَّهُ فِي الشَّوْطِ السَّابِعِ ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ الْخَامِسُ أَنَّهُ يُتِمُّ عَلَى ذَلِكَ، وَلَا يَقُولُ أَحَدٌ أَنَّهُ يُعِيدُ انْتَهَى.، وَاَللَّهُ أَعْلَم.

(الثَّالِث) : وَقَعَ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ هُنَا فِي الْكَبِيرِ وَالْوَسَطِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ الْمَشْهُورَ، وَذَكَرَ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ أَنَّهُ يَتَوَضَّأُ، وَيَبْنِي مَا نَصُّهُ: وَكَذَلِكَ إذَا أَحْدَثَ فِي السَّعْيِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ تَشْبِيهٌ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ، وَأَنَّ مَنْ أَحْدَثَ فِي أَثْنَاءِ السَّعْيِ يَقْطَعُ وَيَبْنِي وَيَبْتَدِئُ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَلَيْسَ هَذَا مُرَادَهُ رحمه الله وَإِنَّمَا هُوَ رَاجِعٌ إلَى قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ وَمُرَادُهُ: أَنَّ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ حَبِيبٍ فِي الطَّوَافِ مِنْ الْوُضُوءِ وَالْبِنَاءِ هُوَ الْمَذْهَبُ فِي السَّعْيِ إذَا أَحْدَثَ فِي أَثْنَائِهِ، وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِأَنَّهُ يَبْتَدِئُ السَّعْيَ إلَّا أَنَّ بَيْنَ الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ فَرْقًا مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى، وَهُوَ أَنَّ هَذَا فِي الطَّوَافِ وَاجِبٌ؛ لِأَنَّ الطَّهَارَةَ شَرْطٌ فِي صِحَّتِهِ وَتُسْتَحَبُّ فِي السَّعْيِ؛ لِأَنَّ الطَّهَارَةَ لَيْسَتْ شَرْطًا فِي صِحَّتِهِ، وَإِنَّمَا هِيَ مُسْتَحَبَّةٌ، فَلَوْ أَتَمَّ سَعْيَهُ، وَهُوَ مُحْدِثٌ أَجْزَأَهُ، وَلَمْ يَذْكُرْ الشَّارِحُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ قَوْلَ ابْنِ حَبِيبٍ فَتَقَوَّى الْإِشْكَالُ فِي كَلَامِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الرَّابِعُ:) مَنْ شَرَعَ فِي الطَّوَافِ ثُمَّ رَفَضَهُ فِي أَثْنَائِهِ، هَلْ يَرْتَفِضُ وَيَبْطُلُ كَالصَّلَاةِ أَوْ لَا يَبْطُلُ بِالرَّفْضِ كَالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَالْوُضُوءِ لَمْ أَقِفْ الْآنَ عَلَى نَصٍّ فِي الْمَسْأَلَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ ذَلِكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَجَعَلَ الْبَيْتَ عَنْ يَسَارِهِ)

ش: يَعْنِي أَنَّ مِنْ وَاجِبَاتٍ الطَّوَافِ وَشُرُوطِهِ أَنْ يَجْعَلَ الْبَيْتَ عَلَى يَسَارِهِ، فَلَوْ طَافَ وَجَعَلَ الْبَيْتَ عَلَى يَمِينِهِ أَوْ طَافَ، وَوَجْهُهُ إلَى الْبَيْتِ أَوْ ظَهْرُهُ لَمْ يُجْزِهِ طَوَافُهُ، وَهُوَ كَمَنْ لَمْ يَطُفْ فَيَرْجِعُ لِذَلِكَ مِنْ بَلَدِهِ، وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَابْنِ حَنْبَلٍ؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم طَافَ كَذَلِكَ، وَقَالَ «خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ»

ص: 69

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إنَّ ذَلِكَ سُنَّةٌ مَنْ تَرَكَهُ صَحَّ طَوَافُهُ وَيُعِيدُ مَا دَامَ بِمَكَّةَ، فَإِنْ خَرَجَ إلَى بَلَدِهِ لَزِمَهُ دَمٌ هَكَذَا نُقِلَ عَنْهُ فِي الطِّرَازِ، فَإِنْ قِيلَ: فَلِمَ جَعَلْتُمْ التَّرْتِيبَ هُنَا وَاجِبًا وَجَعَلْتُمُوهُ فِي الْوُضُوءِ سُنَّةً فَالْجَوَابُ أَنَّهُ هُنَا مَطْلُوبٌ إجْمَاعًا، وَلَمْ يَنْقُلْ أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ أَنَّهُ طَافَ مَنْكُوسًا، أَمَّا الْوُضُوءُ فَقَدْ وَرَدَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ مَا أُبَالِي بِأَيِّ أَعْضَائِي بَدَأْتُ إذَا أَتْمَمْتُ وُضُوئِي هَكَذَا نَقَلَ الشَّارِحُ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الصَّغِيرِ (تَنْبِيهٌ) : فَلَوْ جَعَلَ الْبَيْتَ عَنْ يَسَارِهِ وَلَكِنَّهُ طَافَ مَنْكُوسًا فَرَجَعَ الْقَهْقَرَى مِنْ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ إلَى الْيَمَانِي فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ وَكَلَامُ صَاحِبِ الطِّرَازِ وَغَيْرِهِ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ (فَائِدَةٌ) : حِكْمَةُ جَعْلِ الطَّائِفِ الْبَيْتَ عَلَى يَسَارِهِ لِيَكُونَ قَلْبُهُ إلَى جِهَةِ الْبَيْتِ، وَقَالَ فِي الذَّخِيرَةِ: فَلَوْ جَعَلَهُ عَلَى يَمِينِهِ لَمْ يَصِحَّ، وَلَزِمَتْهُ الْإِعَادَةُ؛ لِأَنَّ جَنْبَيْ بَابِ الْبَيْتِ نِسْبَتُهُمَا إلَيْهِ كَنِسْبَةِ يَمِينِ الْإِنْسَانِ وَيَسَارِهِ إلَيْهِ فَالْحَجَرُ مَوْضِعُ الْيَمِينِ؛ لِأَنَّهُ يُقَابِلُ يَسَارَ الْإِنْسَانِ، وَبَابُ الْبَيْتِ وَجْهُهُ، فَلَوْ جَعَلَ الْبَيْتَ عَلَى يَمِينِهِ لَأَعْرَضَ عَنْ بَابِ الْبَيْتِ الَّذِي هُوَ وَجْهُهُ، وَلَوْ جَعَلَهُ عَلَى يَسَارِهِ أَقْبَلَ عَلَى الْبَابِ، وَلَا يَلِيقُ بِالْآدَابِ الْإِعْرَاضُ عَنْ وُجُوهِ الْأَمَاثِلِ، وَتَعْظِيمُ بَيْتِ اللَّهِ تَعْظِيمٌ لَهُ انْتَهَى.

ص (وَخُرُوجُ كُلِّ الْبَدَنِ عَنْ الشَّاذَرْوَانِ)

ش: الشَّاذَرْوَانُ بِفَتْحِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ، وَهُوَ بِنَاءٌ لَطِيفٌ جِدًّا مُلْصَقٌ بِحَائِطِ الْكَعْبَةِ قَالَهُ النَّوَوِيُّ، وَقَالَ ابْنُ رُشَيْدٍ فِي رِحْلَتِهِ: الشَّاذَرْوَانُ لَفْظَةٌ عَجَمِيَّةٌ هِيَ فِي لِسَانِ الْفُرْسِ بِكَسْرِ الذَّالِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُصَنِّفَ مَشَى فِي كُتُبِهِ كُلِّهَا عَلَى أَنَّ الشَّاذَرْوَانَ مِنْ الْبَيْتِ مُعْتَمِدًا فِي ذَلِكَ عَلَى مَا قَالَهُ صَاحِبُ الطِّرَازِ وَابْنُ شَاسٍ، وَمَنْ تَبِعَهُمَا مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ قَالَ صَاحِبُ الطِّرَازِ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَسُئِلَ عَنْ مَمَرِّ الطَّائِفِ فِي الْحِجْرِ فَقَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَيْسَ بِطَوَافٍ وَيُلْغِيهِ وَيَبْنِي عَلَى مَا طَافَ، وَهَذَا أَبْيَنُ؛ لِأَنَّ الطَّوَافَ إنَّمَا شُرِعَ بِجَمِيعِ الْبَيْتِ إجْمَاعًا، فَإِذَا سَلَكَ فِي طَوَافِهِ الْحِجْرِ أَوْ عَلَى جِدَارِهِ أَوْ عَلَى شَاذَرْوَانِ الْبَيْتِ لَمْ يُعْتَدَّ بِذَلِكَ، وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَطُفْ بِجَمِيعِ الْكَعْبَةِ، وَقَدْ حَيَّزَ ذَلِكَ بِالْحَوَاجِزِ لِاسْتِكْمَالِ الطَّوَافِ وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يُجْزِئُهُ انْتَهَى.

وَعِنْدَ ابْنِ شَاسٍ مِنْ شُرُوطِ الطَّوَافِ أَنْ يَكُونَ جَمِيعُ بَدَنِهِ خَارِجًا عَنْ الْبَيْتِ فَلَا يَمْشِي عَلَى شَاذٍّ رُوَاتِهِ وَتَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ الْقَرَافِيُّ فِي الذَّخِيرَةِ وَابْنُ جُزَيٍّ فِي قَوَانِينِهِ وَابْنُ جَمَاعَةَ التُّونُسِيُّ وَابْن الْحَاجِبِ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنُ هَارُونَ فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ وَابْنُ رَاشِدٍ فِي اللُّبَابِ وَأَظُنُّ أَنَّهُمَا وَافَقَا عَلَى ذَلِكَ فِي شَرْحَيْهِمَا عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا لَوْ خَالَفَا لَنَقَلَ ذَلِكَ عَنْهُمْ الْمُصَنِّفُ وَابْنُ فَرْحُونٍ، وَنَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ كَلَامَ ابْنِ شَاسٍ وَقَبِلَهُ، وَلَمْ يَتَعَقَّبْهُ مَعَ كَثْرَةِ تَعَقُّبِهِ لَهُ فِيمَا لَا يَكُونُ مُوَافِقًا لِنُقُولِ الْمَذْهَبِ بَلْ جَزَمَ فِي فَصْلِ الِاسْتِقْبَالِ بِأَنَّهُ مِنْ الْبَيْتِ وَتَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ الْأَبِيُّ وَمِمَّنْ تَبِعَ ابْنَ شَاسٍ ابْنُ مُعَلَّى وَالتَّادَلِيُّ وَغَيْرَهُمَا، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَقَدْ أَنْكَرَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ كَوْنَ الشَّاذَرْوَانِ مِنْ الْبَيْتِ فَمِنْ الْمَالِكِيَّةِ الْعَلَامَةُ الْخَطِيبُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ رُشَيْدٍ بِضَمِّ الرَّاءِ وَفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ بَعْدَهَا يَاءُ تَصْغِيرٍ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي رِحْلَتِهِ وَبَالَغَ فِي إنْكَارِهِ، وَقَالَ: لَا تُوجَدُ هَذِهِ التَّسْمِيَةُ، وَلَا ذُكِرَ مُسَمَّاهَا فِي حَدِيثٍ صَحِيحٍ، وَلَا سَقِيمٍ، وَلَا عَنْ صَحَابِيٍّ، وَلَا عَنْ أَحَدٍ مِنْ السَّلَفِ فِيمَا عَلِمْتُ، وَلَا لَهَا ذِكْرٌ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ الْمَالِكِيِّينَ الْمُتَقَدِّمِينَ وَالْمُتَأَخِّرِينَ إلَّا مَا وَقَعَ فِي جَوَاهِرِ ابْنِ شَاسٍ وَتَبِعَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ ذَلِكَ مَنْقُولٌ مِنْ كُتُبِ الشَّافِعِيَّةِ وَأَقْدَمُ مَنْ ذَكَرَهُ فِيمَا وَقَفْتُ عَلَيْهِ الْمُزَنِيّ، وَوَقَعَ لَهَا ذِكْرٌ مُقْتَطَفٌ فِي كِتَابِ الصَّرِيحِ مِنْ شَرْحِ الصَّحِيحِ لِلْقَاضِي أَبِي بَكْرِ بْنِ الْعَرَبِيِّ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِبَيَانِ حُكْمٍ، وَهُوَ أَقْدَمُ مِنْ ابْنِ شَاسٍ قَالَ: شَاهَدْتُ الْكَعْبَةَ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَثَمَانِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ مَكْشُوفَةً فَلَمْ تُسْتَرْ ذَلِكَ الْعَامَ لِأَمْرٍ بَيِّنَاهُ فِي كِتَابِ تَرْتِيبِ الرِّحْلَةِ فَتَأَمَّلْتُهَا مِرَارًا وَقِسْتُ خَارِجَهَا وَالْحِجْرُ الشَّاذَرْوَانُ ثُمَّ قَالَ وَلْنَرْجِعْ إلَى

ص: 70

الْكَلَامِ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَنَقُولُ: انْعَقَدَ إجْمَاعُ أَهْلِ الْعِلْمِ قَبْلَ طُرُوُّ هَذَا الِاسْمِ الْفَارِسِيِّ عَلَى أَنَّ الْبَيْتِ مُتَمَّمٌ عَلَى قَوَاعِدِ إبْرَاهِيمَ مِنْ جِهَةِ الرُّكْنَيْنِ الْيَمَانِيَّيْنِ وَلِذَلِكَ اسْتَلَمَهُمَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم دُونَ الْآخَرَيْنِ، وَعَلَى أَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ لَمَّا نَقَضَ الْبَيْتَ وَبَنَاهُ إنَّمَا زَادَ فِيهِ مِنْ جِهَةِ الْحِجْرِ، وَأَنَّهُ أَقَامَهُ عَلَى الْأُسُسِ الظَّاهِرَةِ الَّتِي عَايَنَهَا الْعُدُولُ مِنْ الصَّحَابَةِ وَكُبَرَاءِ التَّابِعِينَ

وَوَقَعَ الِاتِّفَاقُ عَلَى أَنَّ الْحَجَّاجَ لَمْ يَنْقُضْ إلَّا جِهَةَ الْحِجْرِ خَاصَّةً ثُمَّ نُقِلَ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي الْحَسَنِ الْقَابِسِيِّ وَالْقَاضِي عِيَاضٍ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ وَابْنِ الصَّبَّاغِ وَالنَّوَوِيِّ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ التَّصْرِيحُ بِأَنَّ الرُّكْنَيْنِ الْيَمَانِيَيْنِ عَلَى قَوَاعِدِ إبْرَاهِيمَ ثُمَّ نُقِلَ عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ فِي كِتَابِ الْمَسَالِكِ وَالْمَمَالِكِ أَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ لَمَّا هَدَمَ الْكَعْبَةَ أَلْصَقَهَا بِالْأَرْضِ مِنْ جَوَانِبِهَا وَظَهَرَتْ أُسُسُهَا وَأَشْهَدَ النَّاسَ عَلَيْهَا وَرَفَعَ الْبِنَاءَ عَلَى ذَلِكَ الْأَسَاسِ ثُمَّ ذُكِرَ عَنْ ابْنِ عَبْدِ رَبِّهِ فِي كِتَابِهِ الْعَقْدِ وَعَنْ ابْنِ تَيْمِيَّةَ مِنْ الْحَنَابِلَةِ أَنَّ الشَّاذَرْوَانَ إنَّمَا جُعِلَ عِمَادًا لِلْبَيْتِ قَالَ: وَهَذَا أَمْرٌ لَا يَحْتَاجُ عِنْدِي إلَى نَقْلٍ، وَالْمُتَشَكِّكُ فِيهِ كَمَنْ شَكَّ فِي قَاعِدَةٍ مِنْ قَوَاعِدِ الشَّرِيعَةِ الْمَعْرُوفَةِ عِنْدَ جَمِيعِ الْأُمَّةِ وَمِمَّنْ أَنْكَرَ ذَلِكَ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ الْإِمَامُ الْعَلَامَةُ أَبُو الْعَبَّاسِ الْقَبَّابُ فِي شَرْحِ قَوَاعِدِ الْقَاضِي عِيَاضٍ وَسَيَأْتِي كَلَامُهُ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَنَصَبَ الْمُقَبِّلُ قَامَتَهُ وَتَبِعَ ابْنَ رُشَيْدٍ وَالْقِبَابَ عَلَى ذَلِكَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي مَنَاسِكِهِ وَشَرَحَهُ، قَالَ: وَاعْلَمْ أَنَّ ابْنَ شَاسٍ هُوَ الْمَتْبُوعُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ثُمَّ ذَكَرَ كَلَامَ ابْنِ رَشِيدٍ وَزَادَ عَلَيْهِ وَسَيَأْتِي عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَنَصَبَ الْمُقَبِّلُ قَامَتَهُ شَيْءٌ مِنْ كَلَامِهِمَا وَكَلَامِ ابْنِ جَمَاعَةَ الشَّافِعِيِّ.

(قُلْتُ:) وَقَوْلُ ابْنُ رَشِيدٍ وَابْنِ فَرْحُونٍ أَنَّ ابْنَ شَاسٍ هُوَ الْمَتْبُوعُ فِي ذَلِكَ، وَأَنَّهُ أَقْدَمُ مَنْ ذَكَرَهَا مِنْ الْمَالِكِيَّةِ لَيْسَ كَذَلِكَ، كَمَا تَقَدَّمَ مِنْ كَلَامِ صَاحِبِ الطِّرَازِ، وَهُوَ أَقْدَمُ مِنْ ابْنِ شَاسٍ وَقَوْلُ ابْنِ رَشِيدٍ: إنَّ أَقْدَمَ مَنْ ذَكَرَهَا مِنْ الشَّافِعِيَّةِ الْمُزَنِيّ لَيْسَ كَذَلِكَ، وَقَدْ نَقَلَ ابْنُ جَمَاعَةَ الشَّافِعِيُّ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ فِي الْأُمِّ أَنَّهُ لَوْ طَافَ عَلَى شَاذَرْوَانِ الْكَعْبَةِ أَعَادَ مَعَ أَنَّ ابْنَ جَمَاعَةَ مِمَّنْ رَجَّحَ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْبَيْتِ قَالَ فِي مَنْسَكِهِ الْكَبِيرِ: الَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْبَيْتِ، كَمَا نَقَلَهُ السُّرُوجِيُّ عَنْ الْحَنَفِيَّةِ وَاخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ مُحَقِّقِي الْعُلَمَاءِ، وَقَالَ ابْنُ مُسْدِيٍّ فِي مَنْسَكِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: الطَّوَافُ عَلَى الشَّاذَرْوَانِ جَائِزٌ، وَالْبَيْتُ هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ الْبِنَاءِ الْقَائِمِ وَيُرْوَى نَحْوُ ذَلِكَ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ وَالدَّلِيلُ عَلَى الِاحْتِيَاطِ أَرْجَحُ انْتَهَى.

(قُلْتُ:) وَبِالْجُمْلَةِ فَقَدْ كَثُرَ الِاضْطِرَابُ فِي الشَّاذَرْوَانِ وَصَرَّحَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَئِمَّةِ الْمُقْتَدَى بِهِمْ بِأَنَّهُ مِنْ الْبَيْتِ فَيَجِبُ عَلَى الشَّخْصِ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ فِي طَوَافِهِ ابْتِدَاءً، وَأَنَّهُ إنْ طَافَ وَبَعْضُ بَدَنِهِ فِي هَوَائِهِ أَنَّهُ يُعِيدُ مَا دَامَ بِمَكَّةَ، فَإِنْ لَمْ يَتَذَكَّرْ ذَلِكَ حَتَّى بَعُدَ عَنْ مَكَّةَ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُلْزَمَ بِالرُّجُوعِ لِذَلِكَ مُرَاعَاةً لِمَنْ يَقُولُ: إنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْبَيْتِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(تَنْبِيهٌ) : ذَكَرَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ عَنْ الْأَزْرَقِيِّ أَنَّ عَرْضَ الشَّاذَرْوَانِ ذِرَاعٌ قَالَ: وَقَدْ نَقَصَ عَمَّا ذَكَرَهُ الْأَزْرَقِيُّ فِي الْجِهَاتِ قَالَ: فَتَجِبُ إعَادَتُهُ، وَيَجِبُ أَنْ يَحْتَرِزَ مِنْ ذَلِكَ الزَّائِدِ وَأَلَّفَ فِي ذَلِكَ تَأْلِيفًا سَمَّاهُ اسْتِقْصَاءَ الْبَيَانِ فِي مَسْأَلَةِ الشَّاذَرْوَانِ نَحْوُ نِصْفِ الْكُرَّاسِ هَذَا مُلَخَّصُهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَسِتَّةُ أَذْرُعٍ مِنْ الْحِجْرِ)

ش: يَعْنِي أَنَّ مِنْ شَرْطِ صِحَّةِ الطَّوَافِ أَنْ يَخْرُجَ الطَّائِفُ بِجَمِيعِ بَدَنِهِ عَنْ مِقْدَارِ سِتَّةِ أَذْرُعٍ مِنْ الْحِجْرِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ الْبَيْتِ، كَمَا وَرَدَ ذَلِكَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ وَالْحِجْرُ بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْجِيمِ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ الْمَعْرُوفُ قَالَ النَّوَوِيُّ وَحَكَى بَعْضُهُمْ فَتْحَ الْحَاءِ وَسُمِّيَ حِجْرًا لَاسْتَدَارَتْهُ، وَهُوَ مَحُوطٌ مُدَوَّرٌ عَلَى صُورَةِ نِصْفِ دَائِرَةٍ خَارِجٌ عَنْ جِدَارِ الْكَعْبَةِ فِي جِهَةِ الشَّامِ وَيُقَالُ: لَهُ الْجُدْرُ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَسُكُونِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ، وَهُوَ مِنْ وَضْعِ الْخَلِيلِ عليه الصلاة والسلام، وَعَلَى مَا ذَكَرَهُ الْأَزْرَقِيُّ فِي خَبَرٍ رَوَاهُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: وَجَعَلَ إبْرَاهِيمُ عليه الصلاة والسلام -

ص: 71

الْحِجْرَ إلَى جَانِبِ الْبَيْتِ عَرِيشًا مِنْ أَرَاكٍ تَقْتَحِمُهُ الْعَنْزُ، وَكَانَ زَرْبًا لِغَنَمِ إسْمَاعِيلَ عليه الصلاة والسلام ثُمَّ إنَّ قُرَيْشًا أَدْخَلَتْ فِيهِ أَذْرُعًا مِنْ الْكَعْبَةِ، كَمَا سَيَأْتِي وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ: سِتَّةُ أَذْرُعٍ بِإِثْبَاتِ التَّاءِ فِي الْعَدَدِ؛ لِأَنَّ الذِّرَاعَ تُذَكَّرُ وَتُؤَنَّثُ، قَالَ فِي الصِّحَاحِ: ذِرَاعُ الْيَدِ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ، وَتَبِعَ الْمُصَنِّفَ رحمه الله فِي التَّقْيِيدِ بِسِتَّةِ أَذْرُعٍ اللَّخْمِيُّ، وَإِنْ كَانَ اللَّخْمِيُّ لَمْ يُصَرِّحْ فِي كِتَابِ الْحَجِّ بِسِتَّةِ أَذْرُعٍ إلَّا أَنَّهُ صَرَّحَ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ بِأَنَّ الَّذِي مِنْ الْبَيْتِ فِي الْحِجْرِ هُوَ مِقْدَارُ سِتَّةِ أَذْرُعٍ، وَكَلَامُهُ فِي كِتَابِ الْحَجِّ يَقْتَضِي أَنَّ ذَلِكَ الْقَدْرَ هُوَ الَّذِي يُطْلَبُ الْخُرُوجُ عَنْهُ فِي الطَّوَافِ وَنَصُّهُ: لَا يُطَافُ فِي الْحِجْرِ، وَإِنْ طَافَ فِيهِ لَمْ يُجْزِهِ، فَإِنَّ الْمَوْضِعَ الَّذِي يَنْصَرِفُ النَّاسُ مِنْهُ يَلِي الْبَيْتَ، وَهُوَ مِنْ الْبَيْتِ فَكَأَنَّمَا طَافَ بِبَعْضِ الْبَيْتِ، وَلَوْ تَسَوَّرَ مِنْ الطَّرَفِ لَأَجْزَأَهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْبَيْتِ، وَلَيْسَ بِحَسَنٍ لَهُ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ انْتَهَى.

، وَقَدْ أَسْقَطَ الْمُصَنِّفُ رحمه الله هُنَا، وَفِي التَّوْضِيحِ وَالْمَنَاسِكِ مِنْ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ قَوْلَهُ: وَلَيْسَ بِحَسَنٍ أَنْ يَفْعَلَ مَعَ أَنَّ ذَلِكَ مُتَعَيَّنٌ؛ لِأَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ فِيهِ بَأْسٌ وَكَلَامُ اللَّخْمِيِّ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَيْسَ بِحَسَنٍ، وَغَيْرُ الْحَسَنِ مَكْرُوهٌ أَوْ خِلَافُ الْأَوْلَى.

(قُلْتُ:) وَكَلَامُ أَصْحَابِنَا الْمُتَقَدِّمِينَ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الطَّوَافُ إلَّا مِنْ وَرَاءِ الْحِجْرِ جَمِيعِهِ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَلَا يُعْتَدُّ بِمَا طَافَ فِي دَاخِلِ الْحِجْرِ وَيَبْنِي عَلَى مَا طَافَ خَارِجًا مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَذَّكَّرْ حَتَّى رَجَعَ إلَى بَلَدِهِ فَلْيَرْجِعْ، وَهُوَ كَمَنْ لَمْ يَطُفْ قَالَ صَاحِبُ الطِّرَازِ فِي شَرْحِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ: لِأَنَّ الطَّوَافَ إنَّمَا شُرِعَ بِجَمِيعِ الْبَيْتِ إجْمَاعًا، فَإِذَا سَلَكَ فِي طَوَافِهِ الْحِجْرَ أَوْ عَلَى جِدَارِهِ أَوْ عَلَى شَاذَرْوَانِ الْبَيْتِ لَمْ يُعْتَدَّ بِذَلِكَ، وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ انْتَهَى.

فَصَرَّحَ بِأَنَّهُ إذَا طَافَ عَلَى جِدَارِ الْحِجْرِ أَنَّهُ لَا يُعْتَدُّ بِذَلِكَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ كَلَامُهُ فِي شَرْحِ مَسْأَلَةِ الشَّاذَرْوَانِ، وَقَالَ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ فِي الْمَعُونَةِ، وَلَا يُجْزِئُ الطَّوَافُ دَاخِلَ الْحِجْرِ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ لِقَوْلِهِ: صلى الله عليه وسلم «الْحِجْرُ مِنْ الْبَيْتِ» ، وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهُ مِنْ الْبَيْتِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَطُوفَ فِيهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: 29] وَذَلِكَ: يَقْتَضِي اسْتِيفَاءَ جَمِيعِهِ وَلِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم طَافَ خَارِجَ الْحِجْرِ، وَقَالَ:«خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» وَاعْتِبَارًا بِالطَّوَافِ دَاخِلَ الْبَيْتِ انْتَهَى.

وَقَالَ فِي التَّلْقِينِ: ثُمَّ يَطُوفُ خَارِجَ الْحِجْرِ، وَقَالَ ابْنُ عَسْكَرٍ فِي عُمْدَتِهِ لَمَّا ذَكَرَ شُرُوطَ الطَّوَافِ وَأَنْ يَطُوفَ مِنْ وَرَاءِ الْحِجْرِ، وَقَالَ ابْنُ بَشِيرٍ: وَلَا يُجْزِئُ الطَّوَافُ فِي الْحِجْرِ فَمَنْ طَافَ فِيهِ كَانَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ طَافَ بِبَعْضِ الْبَيْتِ، وَقَالَ ابْنُ شَاسٍ: الْوَاجِبُ الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ بِجَمِيعِ بَدَنِهِ خَارِجًا عَنْ الْبَيْتِ فَلَا يَمْشِي عَلَى شَاذَرْوَانِهِ، وَلَا فِي دَاخِلِ الْحِجْرِ، فَإِنَّ بَعْضَهُ مِنْ الْبَيْتِ، وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ لَمَّا ذَكَرَ وَاجِبَاتِ الطَّوَافِ: الثَّالِثُ: أَنْ يَطُوفَ خَارِجَهُ لَا فِي مِحْوَطِ الْحِجْرِ، وَلَا شَاذَرْوَانِهِ، وَقَالَ ابْنُ جُزَيٍّ الرَّابِعُ: أَنْ يَكُونَ بِجَمِيعِ بَدَنِهِ خَارِجًا عَنْ الْبَيْتِ فَلَا يَمْشِي عَلَى الشَّاذَرْوَانِ، وَلَا عَلَى الْحِجْرِ، وَذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ كَلَامَ اللَّخْمِيِّ بِتَمَامِهِ، وَعَزَاهُ لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَيُشْبِهُ أَنَّهُ جَعَلَهُ تَقْيِيدًا، وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ فِي شُرُوطِ الطَّوَافِ: وَكَوْنُهُ خَارِجَ الْبَيْتِ فَلَا يُجْزِئُ دَاخِلَ الْحِجْرِ ثُمَّ ذَكَرَ مَسْأَلَةَ مَنْ ابْتَدَأَ مِنْ غَيْرِ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ ثُمَّ ذَكَرَ كَلَامَ اللَّخْمِيِّ بِتَمَامِهِ، وَلَمْ يُنَبِّهْ عَلَى أَنَّهُ تَقْيِيدٌ لِمَا قَبْلَهُ، وَلَا خِلَافَ، وَقَالَ ابْنُ مُسْدِيٍّ فِي مَنْسَكِهِ، أَمَّا قَوْلُنَا: وَيَطُوفُ مِنْ وَرَاءِ حِجْرِ إسْمَاعِيلَ فَهُوَ الْإِجْمَاعُ ثُمَّ اخْتَلَفُوا، فَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: يَطُوفُ مِنْ وَرَاءِ الْحِجْرِ اسْتِحْبَابًا، وَقَالَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ بِالْوُجُوبِ اسْتِبْرَاءً؛ لِأَنَّ بَعْضَ الْحِجْرِ مِنْ الْبَيْتِ مُقَدَّرٌ غَيْرُ مَعْلُومِ الْعَيْنِ ثُمَّ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ مَنْ طَافَ بِبِنَاءِ الْبَيْتِ الظَّاهِرِ، وَلَمْ يَدْخُلْ الْحِجْرَ فِي طَوَافِهِ أَنَّهُ يُعِيدُ الطَّوَافَ مَا دَامَ بِمَكَّةَ ثُمَّ اخْتَلَفُوا، فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَمَنْ تَبِعَهُ: يُعِيدُ اسْتِحْبَابًا، وَقَالَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ: يُعِيدُ وُجُوبًا؛ لِأَنَّهُ كَمَنْ لَمْ يَطُفْ، فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ حَتَّى انْصَرَفَ إلَى بِلَادِهِ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُوَ كَمَنْ لَمْ يَطُفْ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ

ص: 72

وَإِسْحَاقُ وَدَاوُد وَغَيْرُهُمْ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَقَالُوا: عَلَيْهِ أَنْ يَرْجِعَ مِنْ حَيْثُ كَانَ يَطُوفُ مِنْ وَرَاءِ الْحِجْرِ انْتَهَى.

إذَا عُلِمَ ذَلِكَ فَاَلَّذِي يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ أَصْحَابِنَا الْمُتَقَدِّمِينَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الطَّوَافُ فِي شَيْءٍ مِنْ الْحِجْرِ، وَلَا عَلَى جِدَارِهِ، وَذَلِكَ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - عَلَى وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ مِنْهُمَا: أَنَّهُ قَدْ اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَاتُ فِي الْحِجْرِ، فَقَالَ ابْنُ جَمَاعَةَ الشَّافِعِيُّ: قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ إنَّ الرِّوَايَاتِ اضْطَرَبَتْ فِي الْحِجْرِ فَفِي رِوَايَةٍ أَنَّهُ مِنْ الْبَيْتِ، وَفِي رِوَايَةٍ سِتَّةُ أَذْرُعٍ مِنْ الْحِجْرِ، وَفِي أُخْرَى سِتٌّ أَوْ نَحْوُهَا، وَفِي رِوَايَةٍ خَمْسَةٌ وَيُرْوَى قَرِيبٌ مِنْ تِسْعٍ وَكُلُّ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ فِي الصَّحِيحِ، فَإِذَا طَافَ فِي شَيْءِ مِنْ الْحِجْرِ يَكُونُ فِي شَكٍّ مِنْ أَدَاءِ الْوَاجِبِ، وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ مِنْ قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ: مَنْ طَافَ بِالْبَيْتِ فَلْيَطُفْ مِنْ وَرَاءِ الْحِجْرِ (الثَّانِي:) أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم طَافَ بِالْحِجْرِ، وَقَالَ «خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» وَهَكَذَا فَعَلَ الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ وَغَيْرُهُمْ مِنْ الصَّحَابَةِ، وَمَنْ بَعْدَهُمْ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: وَذَلِكَ يَقْتَضِي وُجُوبَ الطَّوَافِ مِنْ خَارِجِ الْحِجْرِ سَوَاءٌ كَانَ كُلُّهُ مِنْ الْبَيْتِ أَوْ بَعْضُهُ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُ مِنْ الْبَيْتِ فَالْمُعْتَمَدُ فِي بَابِ الْحَجِّ الِاقْتِدَاءُ بِفِعْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَوَجَبَ الطَّوَافُ بِجَمِيعِهِ انْتَهَى.

(قُلْتُ:) وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَلَا يُعْتَدُّ بِمَا طَافَ دَاخِلَ الْحِجْرِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ شَامِلٌ لِسِتَّةِ أَذْرُعٍ، وَلِمَا زَادَ عَلَيْهَا، وَهُوَ الَّذِي يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ أَصْحَابِنَا، كَمَا تَقَدَّمَ، وَاَلَّذِي قَالَهُ اللَّخْمِيُّ رحمه الله إنَّمَا هُوَ تَفَقُّهٌ مِنْهُ عَلَى عَادَتِهِ فِي اخْتِيَارِهِ لِمَا يَقْتَضِيهِ الدَّلِيلُ وَالْقِيَاسُ، وَإِنْ خَالَفَ الْمَنْصُوصَ عَنْ مَالِكٍ وَقَوْلُهُ: وَلَيْسَ بِحَسَنٍ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَبِمَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ مِنْهُمْ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَأَبُوهُ وَالْبَغَوِيُّ وَصَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ وَبِالْقَوْلِ الْآخَرِ قَالَ جَمَاهِيرُ الشَّافِعِيَّةِ قَالَ النَّوَوِيُّ، وَهُوَ الصَّوَابُ، وَاحْتَجَّ شَيْخُ شُيُوخِنَا الْقَاضِي تَقِيُّ الدِّينِ الْفَاسِيُّ الْمَالِكِيُّ فِي تَارِيخِ مَكَّةَ لِمَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ وَالرَّافِعِيُّ بِأَنَّ أَفْعَالَهُ صلى الله عليه وسلم فِي الْحَجِّ مِنْهَا مَا هُوَ وَاجِبٌ، وَمِنْهَا مَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ، فَطَوَافُهُ خَارِجَ الْحِجْرِ مَا يَكُونُ وَاجِبًا إلَّا بِدَلِيلٍ، وَلَا دَلِيلَ إلَّا مَا وَقَعَ فِي بَعْضِ رِوَايَةِ عَائِشَةَ أَنَّ «الْحِجْرَ مِنْ الْبَيْتِ» ، وَهِيَ رِوَايَةٌ مُطْلَقَةٌ فَتُحْمَلُ عَلَى الرِّوَايَاتِ الْمُقَيَّدَةِ، وَيُحْمَلُ طَوَافُهُ خَارِجَ الْحِجْرِ لِيُزِيلَ عَنْ غَيْرِهِ مَشَقَّةَ الِاحْتِرَازِ عَنْ تَحْرِيرِ السِّتَّةِ أَذْرُعٍ وَنَحْوِهَا وَمَشَقَّةَ تَسَوُّرِ جِدَارِ الْحِجْرِ خُصُوصًا لِلنِّسَاءِ، وَمِثْلُ ذَلِكَ يُقَالُ: فِي طَوَافِ الْخُلَفَاءِ، وَمَنْ بَعْدَهُمْ فَيَكُونُ الطَّوَافُ هَكَذَا مَطْلُوبًا مِنْهُ مُتَأَكَّدًا لَا وُجُوبًا لِعَدَمِ نُهُوضِ الدَّلَالَةِ عَلَى الْوُجُوبِ مِنْ طَوَافِهِ صلى الله عليه وسلم، فَإِنْ خَالَفَ إنْسَانٌ وَتَسَوَّرَ عَلَى جِدَارِ الْحِجْرِ فَطَافَ فِيمَا لَيْسَ مِنْ الْكَعْبَةِ خُصُوصًا عَلَى رِوَايَةِ سَبْعَةِ أَذْرُعٍ فَفِي الْجَزْمِ بِفَسَادِ طَوَافِهِ نَظَرٌ كَبِيرٌ مِمَّا لَا يَنْهَضُ عَلَيْهِ دَلِيلٌ انْتَهَى.

مُخْتَصَرًا وَآخِرُهُ بِاللَّفْظِ (قُلْتُ:) فِيمَا قَالَهُ رحمه الله نَظَرٌ؛ لِأَنَّ أَفْعَالَهُ صلى الله عليه وسلم مَحْمُولَةٌ عَلَى الْوُجُوبِ حَتَّى يَدُلَّ دَلِيلٌ عَلَى النَّدْبِ لَا سِيَّمَا فِي بَابِ الْحَجِّ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ لَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى اشْتِرَاطِ الطَّهَارَةِ فِي الطَّوَافِ ثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَةِ جَابِر أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي آخِرِ حَجَّتِهِ «لِتَأْخُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» قَالَ أَصْحَابُنَا فِي الْحَدِيثِ دَلِيلَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ طَوَافَهُ صلى الله عليه وسلم بَيَانٌ لِلطَّوَافِ الْمُجْمَلِ فِي الْقُرْآنِ الثَّانِي: قَوْلُهُ: صلى الله عليه وسلم «لِتَأْخُذُوا عَنِّي» يَقْتَضِي وُجُوبَ كُلِّ مَا فَعَلَهُ إلَّا مَا قَامَ دَلِيلٌ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِهِ انْتَهَى.

(قُلْتُ:) وَلَا سِيَّمَا فِي الطَّوَافِ الَّذِي ثَبَتَتْ فَرْضِيَّتُهُ بِالْقُرْآنِ مُجْمَلًا، وَلَمْ يُعْلَمْ بَيَانُهُ إلَّا مِنْ فِعْلِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم فَتُحْمَلُ أَفْعَالُهُ فِيهِ عَلَى الْوُجُوبِ إلَّا مَا دَلَّ دَلِيلٌ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِهِ كَاسْتِلَامِ الْحَجَرِ وَالِاضْطِبَاعِ، وَقَدْ اسْتَدَلَّ أَئِمَّةُ مَذْهَبِنَا وَغَيْرُهُمْ عَلَى وُجُوبِ كَثِيرٍ مِنْ أَفْعَالِ الْحَجِّ بِفِعْلِهِ صلى الله عليه وسلم لِذَلِكَ مَعَ قَوْلِهِ:«خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» إذَا عُلِمَ ذَلِكَ فَاَلَّذِي يَظْهَرُ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - وُجُوبُ الطَّوَافِ مِنْ وَرَاءِ مِحْوَطِ الْحِجْرِ، وَإِنْ طَافَ دَاخِلَهُ يُعِيدُ طَوَافَهُ، وَلَوْ تَسَوَّرَ

ص: 73

الْجِدَارَ وَطَافَ وَرَاءَ السِّتَّةِ الْأَذْرُعِ أَوْ السَّبْعَةِ، وَهَذَا مَا دَامَ بِمَكَّةَ، فَإِنْ عَادَ إلَى بِلَادِهِ، وَكَانَ طَوَافُهُ مِنْ وَرَاءِ السِّتَّةِ الْأَذْرُعِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُؤْمَرَ بِالْعَوْدِ مُرَاعَاةً لِمَنْ يَقُولُ بِالْإِجْزَاءِ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي مَسْأَلَةِ الشَّاذَرْوَانِ، وَقَدْ تَبِعَ الْمُصَنِّفَ عَلَى التَّقْيِيدِ بِالسِّتَّةِ الْأَذْرُعِ صَاحِبُ الشَّامِلِ وَغَيْرُهُ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَقَدْ تَبِعْتُهُمْ فِي الْمَنَاسِكِ الَّتِي كُنْتُ جَمَعْتهَا ثُمَّ ظَهَرَ لِي الْآنَ خِلَافُ ذَلِكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

(تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ:) قَوْلُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَيَبْنِي عَلَى مَا طَافَ خَارِجًا مِنْهُ قَالَ أَبُو إبْرَاهِيمَ الْأَعْرَجُ فِي طُرَرِهِ عَلَى التَّهْذِيبِ يَعْنِي يَبْنِي عَلَى الْأَشْوَاطِ الْكَامِلَةِ، أَمَّا بَعْضُ الشَّوْطُ فَلَا نَقَلَهُ عَنْهُ التَّادَلِيُّ وَابْنُ فَرْحُونٍ فِي مَنْسَكَيْهِمَا، وَلَمْ يُنَبِّهْ عَلَى ذَلِكَ أَبُو الْحَسَنِ، وَلَا صَاحِبُ الطِّرَازِ، وَلَا غَيْرُهُمَا مِنْ شُرَّاحِ الْمُدَوَّنَةِ فِيمَا عَلِمْتُ وَالظَّاهِرُ بِأَنَّهُ يَبْنِي عَلَى مَا طَافَ خَارِجًا عَنْهُ، وَلَوْ كَانَ بَعْضَ شَوْطٍ إلَّا أَنْ يُرِيدَ أَبُو إبْرَاهِيمَ إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ فِي ذَلِكَ الشَّوْطِ بَلْ طَافَ بَعْدَهُ شَوْطًا أَوْ أَشْوَاطًا ثُمَّ تَذَكَّرَ، فَإِنَّهُ إنَّمَا يَبْنِي عَلَى الْأَشْوَاطِ الْكَامِلَةِ، وَهُوَ مُرَادُهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الثَّانِي:) قَدْ تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ أَنَّ فِي اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ فِي السِّتَّةِ الْأَذْرُعِ قَوْلَيْنِ وَتَقَدَّمَ أَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ الْقَوْلَيْنِ وَالرَّاجِحَ مِنْهُمَا: أَنَّهُ لَا يَصِحُّ اسْتِقْبَالُهَا، فَإِنْ قِيلَ: لَا يَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ الْخِلَافُ فِي صِحَّةِ الطَّوَافِ فِيهَا عَلَى ذَلِكَ الْخِلَافِ، وَإِذَا صَحَّحْتُمْ عَدَمَ الِاسْتِقْبَالِ فَيَنْبَغِي أَنْ تُصَحِّحُوا الطَّوَافَ فِيهَا قُلْنَا: أَمَّا عَلَى مَا رَجَّحْنَاهُ هُنَا مِنْ مَنْعِ الطَّوَافِ بِهِ كُلِّهِ فَلَا يَرِدُ السُّؤَالُ؛ لِأَنَّا إنَّمَا مَنَعْنَاهُ لِفِعْلِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم، أَمَّا عَلَى مَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ وَغَيْرُهُ فَالْجَوَابُ أَنَّهُ اُحْتِيطَ فِي كُلٍّ مِنْ الْبَابَيْنِ فَمَنَعُوا الصَّلَاةَ فِيهِ لِعَدَمِ الْقَطْعِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْبَيْتِ وَمَنَعُوا الطَّوَافَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ بِحَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ مِنْ الْبَيْتِ

(الثَّالِثُ:) قَالَ الْقَاضِي تَقِيُّ الدِّينِ الْفَاسِيُّ: سِعَةُ فَتْحَةِ الْحِجْرِ الشَّرْقِيَّةِ يَعْنِي الَّتِي تَلِي الْمَقَامَ خَمْسَةُ أَذْرُعٍ، وَكَذَلِكَ سِعَةُ الْغَرْبِيَّةِ بِزِيَادَةِ الْقِيرَاطِ، وَذَلِكَ بِذِرَاعِ الْحَدِيدِ، وَذَكَرَ ابْنُ جُبَيْرٍ فِي رِحْلَتِهِ أَنَّ سِعَةَ فَتْحَةِ الْحِجْرِ سِتَّةُ أَذْرُعٍ بِذِرَاعِ الْيَدِ، وَقَدْ ذَرَعْتُ ذَلِكَ فَرَأَيْتُهُ قَرِيبًا مِنْ ذَلِكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَنَصَبَ الْمُقَبِّلُ قَامَتَهُ)

ش: هَذِهِ الدَّقِيقَةُ الَّتِي نَبَّهَ عَلَيْهَا النَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ مُتَأَخِّرِي الشَّافِعِيَّةِ وَبَنَوْهُ عَلَى أَنَّ الشَّاذَرْوَانَ مِنْ الْبَيْتِ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي إيضَاحِهِ: وَيَن أَنْ يُنْتَبَهَ هُنَا لِدَقِيقَةٍ، وَهِيَ أَنَّ مَنْ قَبَّلَ الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ فَرَأْسُهُ فِي حَالِ التَّقْبِيلِ فِي جُزْءٍ مِنْ الْبَيْتِ فَيَلْزَمُهُ أَنْ يُثَبِّتَ قَدَمَهُ فِي مَوْضِعِهِمَا حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ التَّقْبِيلِ وَيَعْتَدِلَ قَائِمًا؛ لِأَنَّهُ لَوْ زَالَتْ قَدَمَاهُ عَنْ مَوْضِعِهِمَا إلَى جِهَةِ الْبَابِ قَلِيلًا ثُمَّ لَمَّا فَرَغَ مِنْ التَّقْبِيلِ اعْتَدَلَ عَلَيْهِمَا فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي زَالَتَا إلَيْهِ وَمَضَى مِنْ هُنَاكَ لَكَانَ قَدْ قَطَعَ جُزْءًا مِنْ طَوَافِهِ، وَيَدُهُ فِي هَوَاءِ الشَّاذَرْوَانِ فَتَبْطُلُ طَوْفَتُهُ تِلْكَ انْتَهَى.

وَنَقَلَهُ ابْنُ مُعَلَّى ثُمَّ نُقِلَ عَنْ غَيْرِ النَّوَوِيِّ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ يَنْبَغِي لِلطَّائِفِ أَنْ يَحْتَرِزَ فِي حَالِ اسْتِلَامِهِ الْحَجَرَ وَالرُّكْنَ الْيَمَانِيَ مِنْ هَذَا الشَّاذَرْوَانِ؛ لِأَنَّهُ إنْ طَافَ وَيَدُهُ وَرَأْسُهُ فِي هَوَاءِ الشَّاذَرْوَانِ أَوْ وَطِئَهُ بِرِجْلِهِ لَمْ يَصِحَّ طَوَافُهُ فَالْوَاجِبُ عَلَى الطَّائِفِ أَنْ يُثَبِّتَ قَدَمَيْهِ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ تَقْبِيلِهِ وَيَعْتَدِلَ قَائِمًا ثُمَّ يَمْشِيَ، قَالَ: وَهَذِهِ مِنْ الدَّقَائِقِ النَّفِيسَةِ، وَكَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ يَرْجِعُونَ بِلَا حَجٍّ بِسَبَبِ الْجَهْلِ بِمَا قُلْنَاهُ، قَالَ ابْنُ مُعَلَّى بَعْدَ نَقْلِهِ هَذَا الْكَلَامَ: قُلْتُ: وَقَدْ نَبَّهَ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ عَلَى التَّحَفُّظِ مِنْ الشَّاذَرْوَانِ كَابْنِ الْحَاجِبِ وَغَيْرِهِ، أَمَّا هَذِهِ الدَّقِيقَةُ الَّتِي حَذَّرَتْ الشَّافِعِيَّةُ مِنْهَا وَبَالَغَتْ فِي الْإِيضَاحِ عَلَى التَّنْبِيهِ عَلَيْهَا فَلَمْ أَرَ أَحَدًا مِنْ الْمَالِكِيَّةِ نَبَّهَ عَلَيْهَا غَيْرَ شَيْخِنَا الْفَقِيهِ الْمُحَقِّقِ أَبِي يَحْيَى بْنِ جَمَاعَةَ، فَقَالَ فِي كِتَابِهِ الْمُسَمَّى بِتَذْكِرَةِ الْمُبْتَدِي مَا نَصُّهُ: وَإِذَا قَبَّلَ الطَّائِفُ الْحَجَرَ وَقَفَ حَتَّى يَعْتَدِلَ قَائِمًا وَحِينَئِذٍ يَأْخُذُ فِي السَّيْرِ، قَالَ ابْنُ مُعَلَّى: فَيَجِبُ التَّحَفُّظُ مِنْ ذَلِكَ عِنْدَ التَّقْبِيلِ انْتَهَى.

كَلَامُهُ، وَنَقَلَهُ التَّادَلِيُّ أَيْضًا وَقَبَّلَهُ، وَنَقَلَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي مَنَاسِكِهِ وَشَرْحِهِ كَلَامَ التَّادَلِيِّ وَجَعَلَ قَوْلَ ابْنِ مُعَلَّى، وَقَدْ نَبَّهَ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ عَلَى قَوْلِهِ: إلَّا شَيْخَنَا الْفَقِيهَ الْمُحَقِّقَ مِنْ كَلَامِ التَّادَلِيِّ وَكَأَنَّهُ لَمْ يَقِفْ عَلَى

ص: 74

كَلَامِ ابْنِ مُعَلَّى فِي مَنْسَكِهِ فَظَنَّ أَنَّهُ مِنْ كَلَامِ التَّادَلِيِّ، وَقَدْ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى مَا ذَكَرَهُ ابْنُ مُعَلَّى وَالتَّادَلِيُّ فِي مَنَاسِكِهِ وَتَوْضِيحِهِ قَالَ فِي مَنْسَكِهِ وَلِكَوْنِ الشَّاذَرْوَانِ مِنْ الْبَيْتِ قَالُوا يَنْتَبِهُ عِنْدَ تَقْبِيلِ الْحَجَرِ إلَى نُكْتَةٍ، وَهُوَ أَنَّهُ لَا يَطُوفُ، وَهُوَ مُطَأْطِئُ الرَّأْسِ بَلْ يُثَبِّتُ قَدَمَيْهِ ثُمَّ يَرْجِعُ وَيَطُوفُ؛ لِأَنَّهُ إنْ طَافَ مُطَأْطِئَ الرَّأْسِ يَكُونُ قَدْ طَافَ بَعْضَ الطَّوَافِ، وَبَعْضُهُ فِي الْبَيْتِ انْتَهَى.

وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِي الْمَنَاسِكِ: ثُمَّ يَرْجِعُ أَيْ: يَرْجِعُ قَائِمًا، وَلَيْسَ مُرَادُهُ يَرْجِعُ إلَى جِهَةِ خَلْفِهِ، كَمَا يَفْعَلُهُ بَعْضُ النَّاسِ فَيُؤْذِي الطَّائِفِينَ بِذَلِكَ، كَمَا يَأْتِي فِي كَلَامِ ابْنِ جَمَاعَةَ الشَّافِعِيِّ وَيُبَيِّنُ ذَلِكَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي تَوْضِيحِهِ قَالَ: قَالَ بَعْضُهُمْ: إذَا قَبَّلَ الْحَجَرَ فَلْيُثَبِّتْ قَدَمَيْهِ ثُمَّ يَرْجِعْ قَائِمًا، كَمَا كَانَ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَبِّلَهُ ثُمَّ يَمْشِيَ، وَهُوَ مُطَأْطِئُ الرَّأْسِ لِئَلَّا يَحْصُلَ بَعْضُ الطَّوَافِ، وَلَيْسَ جَمِيعُ بَدَنِهِ خَارِجًا عَنْ الْبَيْتِ انْتَهَى.

(قُلْتُ:) وَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ، وَمَنْ نَبَّهَ عَلَى هَذِهِ الدَّقِيقَةِ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّ مَنْ لَمْ يَنْتَبِهْ لَهَا وَطَافَ، وَرَأْسُهُ أَوْ يَدُهُ فِي هَوَاءِ الشَّاذَرْوَانِ أَنَّ طَوَافَهُ ذَلِكَ لَا يَصِحُّ، فَإِنْ تَنَبَّهَ لِذَلِكَ بِالْقُرْبِ عَادَ، وَمَشَى ذَلِكَ الْقَدْرَ، وَإِنْ أَكْمَلَ الْأُسْبُوعَ فَيَبْطُلُ ذَلِكَ الشَّوْطُ، وَيَصِيرُ حُكْمُهُ حُكْمَ مَنْ تَرَكَ جُزْءًا مِنْ طَوَافِهِ.

(قُلْتُ:) ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُلَاحَظَ فِي ذَلِكَ مَا ذَكَرْنَاهُ فِي الْكَلَامِ عَلَى الشَّاذَرْوَانِ، وَأَنَّ مِنْ لَمْ يَنْتَبِهْ لِذَلِكَ حَتَّى بَعُدَ عَنْ مَكَّةَ أَنْ لَا يَلْزَمَ بِالرُّجُوعِ لِذَلِكَ مُرَاعَاةً لِلْخِلَافِ فِي الشَّاذَرْوَانِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(تَنْبِيهٌ) : قَالَ ابْنُ رُشَيْدٍ فِي رِحْلَتِهِ - لَمَّا ذَكَرَ هَذِهِ الدَّقِيقَةَ -: فَهَذِهِ الدَّقِيقَةُ تَغِيبُ عَنْ الصَّحَابَةِ، وَمَنْ بَعْدَهُمْ فَلَا يَتَنَبَّهْ أَحَدٌ لَهَا، وَلَا نَبَّهَ حَتَّى نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّ هَذَا لَمِنْ الْبَعِيدِ الْقَصِيِّ فِي الْغَايَةِ، وَقَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ: إنَّ هَذَا لَمِنْ الْأَمْرِ الْبَعِيدِ الَّذِي لَا تَسْكُنُ إلَيْهِ نَفْسُ عَاقِلٍ انْتَهَى.

وَقَالَ الْقَبَّابُ: وَقَدْ حَذَّرَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ الشَّاذَرْوَانِ، وَذَكَرَ بَعْضَ كَلَامِهِمْ ثُمَّ قَالَ: وَلَوْ كَانَ، كَمَا قَالُوا لَحَذَّرَ مِنْهُ السَّلَفُ الصَّالِحُ لِعُمُومِ الْبَلْوَى بِذَلِكَ مَعَ كَثْرَةِ وُقُوعِهِ، فَتَرْكُهُمْ ذِكْرَهُ دَلِيلٌ أَنَّ مِثْلَهُ مُغْتَفَرٌ وَالتَّوَقِّي مِنْهُ أَوْلَى، أَمَّا أَنَّ ذَلِكَ مُبْطِلٌ فَبَعِيدٌ انْتَهَى.

وَقَالَ ابْنُ جَمَاعَةَ الشَّافِعِيُّ: وَلَوْ كَانَ مَا ذَكَرَ الشَّافِعِيَّةُ أَنَّهُ يَنْبَغِي الِاحْتِرَازُ مِنْهُ عِنْدَ تَقْبِيلِ الْحَجَرِ مُعْتَبَرًا لَنَبَّهَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الصَّحَابَةَ عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ مِمَّا تَمَسُّ الْحَاجَةُ إلَيْهِ، وَلَمْ يُنْقَلْ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلٍ، وَلَا فِعْلٍ، وَلَا الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ، وَلَا الصَّحَابَةُ رضي الله عنهم مَعَ تَوَفُّرِ الدَّوَاعِي عَلَى النَّقْلِ وَلَيْتَ مَنْ يَعْتَبِرُ ذَلِكَ يَقِفُ عِنْدَ مَا قَالُوهُ بَلْ يَزِيدُ بَعْضُ الْمُتَنَطِّعِينَ مِنْهُمْ فَيَتَأَخَّرُ خُطْوَةً أَوْ أَكْثَرَ مِنْهَا إلَى جِهَةِ وَرَائِهِ بَعْدَ تَقْبِيلِ الْحَجَرِ فَرُبَّمَا آذَى مَنْ خَلْفَهُ بِتَأَخُّرِهِ فَلْيَحْذَرْ مِنْ ذَلِكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (دَاخِلَ الْمَسْجِدِ)

ش: مَنْصُوبٌ عَلَى الْحَالِ مِنْ الطَّوَافِ وَالْمَعْنَى أَنَّ مِنْ شُرُوطِ الطَّوَافِ أَنْ يَكُونَ دَاخِلَ الْمَسْجِدِ، فَلَوْ طَافَ خَارِجَهُ لَمْ يُجْزِهِ ابْنُ رُشْدٍ، وَلَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ (قُلْتُ:) وَمِثْلُهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

مَنْ طَافَ عَلَى سَطْحِ الْمَسْجِدِ، وَهَذَا ظَاهِرٌ، وَلَمْ أَرَهُ مَنْصُوصًا وَصَرَّحَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَفِيَّةُ بِأَنَّهُ يَجُوزُ الطَّوَافُ عَلَى سَطْحِ الْمَسْجِدِ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِذَلِكَ الْحَنَابِلَةُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَوَلَاءٌ)

ش: يَعْنِي أَنَّ مِنْ شُرُوطِ الطَّوَافِ الْمُوَالَاةُ قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ، وَلَا يُفَرِّقُ بَيْنَ أَجْزَاءِ الطَّوَافِ، فَإِنْ فَعَلَ ابْتَدَأَ إلَّا أَنْ يُفَرِّقَ لِضَرُورَةٍ كَصَلَاةِ الْفَرْضِ تُقَامُ عَلَيْهِ، وَهُوَ فِي الطَّوَافِ انْتَهَى.

وَهَذَا فِي التَّفْرِيقِ الْكَثِيرِ، أَمَّا فِي التَّفْرِيقِ الْيَسِيرِ فَقَدْ صَرَّحَ اللَّخْمِيُّ بِأَنَّهُ مُغْتَفَرٌ قَالَ: وَيُوَالِي بَيْنَ الطَّوَافِ وَالرُّكُوعِ وَالسَّعْيِ، فَإِنْ فَرَّقَ الطَّوَافَ مُتَعَمِّدًا لَمْ يُجْزِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ التَّفْرِيقُ يَسِيرًا أَوْ يَكُونَ لِعُذْرٍ، وَهُوَ عَلَى طَهَارَةٍ، فَإِنْ انْتَقَضَتْ طَهَارَتُهُ تَوَضَّأَ وَاسْتَأْنَفَ الطَّوَافَ مِنْ أَوَّلِهِ سَوَاءٌ اُنْتُقِضَتْ طَهَارَتُهُ تَعَمُّدًا أَوْ غَلَبَةً انْتَهَى.

وَصَرَّحَ صَاحِبُ الطِّرَازِ أَيْضًا بِأَنَّ التَّفْرِيقَ الْيَسِيرَ لَا يُفْسِدُ الطَّوَافَ، وَنَصُّهُ: الطَّائِفُ يَخْرُجُ لِلْمَكْتُوبَةِ عِنْدَ الْجَمِيعِ؛ لِأَنَّ الطَّوَافَ لَا يَفْسُدُ بِالتَّفْرِيقِ الْيَسِيرِ، وَلَا سِيَّمَا إذَا كَانَ لِعُذْرٍ انْتَهَى.

ثُمَّ قَالَ لَمَّا ذَكَرَ قَوْلَ أَشْهَبَ: إنَّهُ يَبْنِي إذَا صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ، وَجْهُهُ أَنَّهُ عِبَادَةٌ

ص: 75

لَا يُفْسِدُهَا التَّفْرِيقُ الْيَسِيرُ مَعَ الذِّكْرِ فِي حَالٍ فَلَا يُنَافِيهَا، وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ: أَنَّهُ لَا يَبْنِي؛ لِأَنَّهُ قَطَعَهُ لِفِعْلٍ لَمْ يَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ وُجُوبُهُ فَامْتَنَعَ عَلَيْهِ بِنَاؤُهُ انْتَهَى.

فَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ إنَّمَا امْتَنَعَ الْبِنَاءُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ إذَا صَلَّى عَلَى الْجِنَازَةِ؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِفِعْلٍ آخَرَ غَيْرِ مَا هُوَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ فَصْلٌ طَوِيلٌ، وَقَالَ بَعْدَ ذَلِكَ فِيمَا إذَا خَرَجَ لِنَفَقَةٍ نَسِيَهَا: رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ يَبْتَدِئُ، وَلَمْ يُفَصِّلْ، هَلْ طَالَ أَوْ قَصَرَ؟ وَعَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ: إنْ لَمْ يَطُلْ بَنَى، وَهُوَ أَعْذَرُ مِنْ الَّذِي خَرَجَ لِلْجِنَازَةِ، وَالْقِيَاسُ: أَنَّهُ يَبْنِي فِي يَسِيرِ التَّفْرِيقِ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ لَكِنْ يُكْرَهُ مِنْهُ مَا لَا يَكُونُ لِعُذْرٍ وَحَاجَةٍ وَيُسْتَحَبُّ فِي ذَلِكَ أَنْ يَبْتَدِئَ أَيْ: وَلَمْ يَجْرِ فِيهِ التَّفْرِيقُ الْيَسِيرُ مَعَ الذِّكْرِ لِمَا جَاوَزَهُ لِلْفَرِيضَةِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا خَرَجَ لِفَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ، وَالْجَمَاعَةُ لَيْسَتْ بِفَرْضٍ فَيَجْزِي فِي يَسِيرِ التَّفْرِيقِ فِي الْعَمْدِ عَلَى حُكْمِ الطَّهَارَةِ لَا عَلَى حُكْمِ الصَّلَاةِ، وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمَوَّازِيَّةِ: لَا بَأْسَ بِشُرْبِ الْمَاءِ فِي الطَّوَافِ لِمَنْ يُصِيبُهُ ظَمَأٌ انْتَهَى.

(قُلْتُ:) الظَّاهِرُ: أَنَّ قَوْلَهُمْ: يَبْتَدِئُ إذَا خَرَجَ لِنَفَقَةٍ نَسِيَهَا إنَّمَا يُرِيدُونَ إذَا خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ، أَمَّا مَنْ نَسِيَ نَفَقَةً أَوْ شَيْئًا فِي طَرَفِ الْمَسْجِدِ فَخَرَجَ مِنْ الطَّوَافِ وَأَخَذَهُ فَلَا يَبْطُلُ بِذَلِكَ طَوَافُهُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ سَبْعًا مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ مَنْ وَقَفَ فِي الطَّوَافِ لَحْظَةً لَمْ يَبْطُلْ بِذَلِكَ طَوَافُهُ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: الْوُقُوفُ لِلْحَدِيثِ فِي السَّعْيِ وَالطَّوَافِ أَشَدُّ مِنْهُ بِغَيْرِ وُقُوفٍ، وَهُوَ فِي الطَّوَافِ الْوَاجِبِ أَشَدُّ انْتَهَى.

مِنْ التَّادَلِيِّ فَعُلِمَ مِنْ كَلَامِ صَاحِبِ الطِّرَازِ أَنَّ التَّفْرِيقَ الْيَسِيرَ لَا يَبْطُلُ بِهِ الطَّوَافُ، وَلَوْ كَانَ لِغَيْرِ عُذْرٍ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.

ص (وَابْتَدَأَ إنْ قَطْعَ الْجِنَازَةَ وَنَفَقَةً)

ش: يَعْنِي أَنَّ مَنْ قَطَعَ طَوَافَهُ وَصَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ أَوْ قَطَعَهُ لِطَلَبِ نَفَقَةٍ، فَإِنَّهُ يَبْتَدِئُ الطَّوَافَ مِنْ أَوَّلِهِ وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الطَّوَافُ وَاجِبًا أَوْ تَطَوُّعًا، وَالْمُصَنِّفُ رحمه الله إنَّمَا تَكَلَّمَ هُنَا عَلَى الْحُكْمِ بَعْدَ الْوُقُوعِ، وَلَمْ يَذْكُرْ حُكْمَ قَطْعِ الطَّوَافِ لِذَلِكَ أَمَّا الْجِنَازَةُ فَلَا شَكَّ فِي الْمَنْعِ مِنْ الْقَطْعِ لَهَا عَلَى الْمَشْهُورِ قَالَ فِي مَنَاسِكِهِ: وَلَا يَقْطَعُ لِجِنَازَةٍ خِلَافًا لِأَشْهَبَ، وَقَالَ فِي تَوْضِيحِهِ: الْخِلَافُ فِي الْبِنَاءِ لَا فِي الْقَطْعِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقَعُ لِلْجِنَازَةِ ابْتِدَاءً، وَلَمْ أَرَ فِي ذَلِكَ خِلَافًا انْتَهَى.

وَانْظُرْ لَوْ تَعَيَّنَتْ الْجِنَازَةُ وَخَشِيَ عَلَى الْمَيِّتِ التَّغَيُّرَ فَالظَّاهِرُ حِينَئِذٍ الْقَطْعُ، وَفِي كَلَامِ صَاحِبِ الطِّرَازِ إشَارَةٌ إلَى ذَلِكَ وَتَقَدَّمَ كَلَامُهُ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَوَلَاءٌ، وَفِي كَلَامِ أَبِي الْحَسَنِ الصَّغِيرِ أَيْضًا إشَارَةٌ إلَى أَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَتَعَيَّنْ، وَإِذَا قُلْنَا: يَقْطَعُ إذَا تَعَيَّنَتْ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ حِينَئِذٍ يَبْنِي أَيْضًا عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

، أَمَّا الْقَطْعُ لِنَفَقَةٍ إذَا نَسِيَهَا، فَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ: قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ مَذْهَبَ الْمُدَوَّنَةِ عَدَمُ الْخُرُوجِ لِلنَّفَقَةِ لِقَوْلِهِ: وَلَا يَخْرُجُ إلَّا لِصَلَاةِ الْفَرِيضَةِ، وَأَنَّ الْقَوْلَ فِيهَا بِالْبِنَاءِ مُخَرَّجٌ عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ فِي الْجِنَازَةِ: وَلَوْ قَالُوا بِجَوَازِ الْخُرُوجِ لِلنَّفَقَةِ لَكَانَ أَظْهَرَ، كَمَا أَجَازُوا قَطْعَ الصَّلَاةِ لِمَنْ أُخِذَ لَهُ مَالٌ لَهُ بَالٌ، وَهَذَا أَشَدُّ حُرْمَةً وَجَعَلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْخِلَافَ فِي الْقَطْعِ، وَلَيْسَ بِظَاهِرٍ اهـ وَجَزَمَ فِي مَنَاسِكِهِ بِمَا بَحَثَهُ فِي تَوْضِيحِهِ فَقَالَ: وَيَقْطَعُ إذَا نَسِيَ نَفَقَتَهُ، كَمَا فِي الصَّلَاةِ لَكِنْ لَا يَبْنِي عَلَى الْمَشْهُورِ انْتَهَى.

، وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ثُمَّ الْقَطْعُ فِيمَنْ خَرَجَ لِلنَّفَقَةِ إنَّمَا هُوَ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - إذَا خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ، كَمَا نَبَّهْتُ عَلَى ذَلِكَ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَوَلَاءٌ.

ص (أَوْ نَسِيَ بَعْضَهُ إنْ فَرَغَ سَعْيُهُ)

ش: يُرِيدُ وَطَالَ الْأَمْرُ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ السَّعْيِ أَوْ انْتَقَضَ وُضُوءُهُ، أَمَّا إنْ تَذَكَّرَ بِأَثَرِ فَرَاغِهِ مِنْ السَّعْيِ، وَلَمْ يُنْتَقَضْ وُضُوءُهُ، فَإِنَّهُ يَبْنِي عَلَى مَا طَافَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ، وَقَدْ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الشَّارِحُ وَعِبَارَةُ ابْنِ الْحَاجِبِ كَعِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ وَاعْتِرَاضُهَا فِي التَّوْضِيحِ بِمَا ذَكَرْنَا وَنَصُّهُ فِي قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ: فَإِنْ كَمَّلَ سَعْيَهُ ابْتَدَأَ الطَّوَافَ عَلَى الْمَشْهُورِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْمَشْهُورَ إذَا ذُكِرَ بِمُجَرَّدِ الْفَرَاغِ مِنْ سَعْيِهِ أَنَّهُ يَبْتَدِئُ، وَاَلَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ إنَّمَا يَبْتَدِئُ إذَا طَالَ أَمْرُهُ بَعْدَ إكْمَالِ سَعْيِهِ أَوْ انْتَقَضَ وُضُوءُهُ انْتَهَى.

(تَنْبِيهٌ) : قَالَ سَنَدٌ: إنْ قِيلَ: كَيْفَ يَبْنِي بَعْدَ فَرَاغِ السَّعْيِ، وَهَذَا تَفْرِيقٌ كَثِيرٌ يَمْنَعُ مِثْلُهُ الْبِنَاءَ فِي

ص: 76

الصَّلَاةِ؟ قُلْنَا: لَمَّا كَانَ السَّعْيُ مُرْتَبِطًا بِالطَّوَافِ حَتَّى لَا يَصِحَّ دُونَهُ جَرَى مَعَهُ مِثْلَ مَجْرَى الصَّلَاةِ الْوَاحِدَةِ فَمَنْ تَرَكَ سَجْدَةً مِنْ الْأُولَى ثُمَّ قَرَأَ فِي الثَّانِيَةِ الْبَقَرَةَ عَادَ إلَى سُجُودِ الْأُولَى، وَإِنَّمَا يُرَاعَى الْقُرْبُ مِنْ الْبُعْدِ لِلْحَالَةِ الَّتِي فَرَغَ فِيهَا مِنْ السَّعْيِ، فَإِنْ قَرُبَ مِنْهَا بَنَى، وَإِنْ بَعُدَ ابْتَدَأَ، وَيَرْجِعُ ذَلِكَ إلَى الْعُرْفِ انْتَهَى.

بِاخْتِصَارٍ (قُلْتُ:) فَإِذَا كَانَ الطَّوَافُ لَا سَعْيَ بَعْدَهُ كَطَوَافِ الْإِفَاضَةِ وَالْوَدَاعِ وَالتَّطَوُّعِ فَيُرَاعَى الْقُرْبُ وَالْبُعْدُ مِنْ فَرَاغِهِ مِنْ الطَّوَافِ فَتَأَمَّلْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَقَطَعَهُ لِلْفَرِيضَةِ)

ش: ظَاهِرُهُ وُجُوبُ الْقَطْعِ لِلْفَرِيضَةِ، وَهُوَ كَذَلِكَ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ أَنَّهُ مُخَيَّرٌ، وَكَلَامُهُمْ يَقْتَضِي وُجُوبَ الْقَطْعِ لِقَوْلِ الْأَبْهَرِيِّ فِي تَعْلِيلِ الْبِنَاءِ إذَا قَطَعَ لِلْفَرِيضَةِ؛ لِأَنَّ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ صَلَاةٌ، وَلَا يَجُوزُ لِمَنْ فِي الْمَسْجِدِ أَنْ يُصَلِّيَ بِغَيْرِ صَلَاةِ الْإِمَامِ الْمُؤْتَمِّ بِهِ إذَا كَانَ يُصَلِّي الْمَكْتُوبَةَ؛ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ خِلَافًا عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ، وَهُوَ مُقْتَضَى الْعُتْبِيَّةِ وَهَكَذَا أَشَارَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إلَى أَنَّ ظَاهِرَ نُصُوصِهِمْ وُجُوبُ الْقَطْعِ انْتَهَى.

، وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ ظَاهِرُ سَمَاعِ الْقَرِينَيْنِ يَقْطَعُهُ لِإِقَامَةِ الْفَرْضِ، قَالَ ابْنُ رُشْدٍ اتِّفَاقًا أَمْرُهُ بِالْقَطْعِ لَا تَخْيِيرُهُ وَقَوْلُ ابْنِ الْجَلَّابِ: لَا بَأْسَ بِقَطْعِهِ يَقْتَضِي تَخْيِيرَهُ انْتَهَى.

(قُلْتُ:) يَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُ الْجَلَّابِ وَابْنِ الْحَاجِبِ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ نَفْيُ تَوَهُّمِ قَطْعِ هَذِهِ الْعِبَادَةِ لِعِبَادَةٍ أُخْرَى فَتَتَّفِقُ النُّقُولُ، وَقَدْ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ ابْنُ فَرْحُونٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ:) قَوْلُهُ: قَطَعَهُ الضَّمِيرُ لِلطَّوَافِ سَوَاءٌ كَانَ فَرِيضَةً أَوْ نَافِلَةً فَيَقْطَعُهُ لِإِقَامَةِ الصَّلَاةِ الْفَرِيضَةِ، وَلَا يَقْطَعُ الطَّوَافَ الْفَرْضَ لِغَيْرِ الْفَرِيضَةِ، فَلَوْ كَانَ فِي طَوَافٍ وَاجِبٍ وَخَشِيَ أَنْ تُقَامَ صَلَاةُ الصُّبْحِ، وَتَفُوتَهُ رَكْعَتَا الْفَجْرِ لَمْ يَقْطَعْ الطَّوَافَ لِذَلِكَ نَعَمْ اسْتَخَفَّ فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ أَنْ يَقْطَعَ الطَّوَافَ التَّطَوُّعَ إذَا خَافَ أَنْ تَفُوتَهُ رَكْعَتَا الْفَجْرِ فَيُصَلِّيَ الْفَجْرَ ثُمَّ يَبْنِيَ عَلَى طَوَافِهِ وَسَيَأْتِي فِي التَّنْبِيهِ الثَّانِي كَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ فِي ذَلِكَ (الثَّانِي:) : هَذَا الْفِعْلُ مَأْمُورٌ بِهِ عِنْدَ الْوُقُوعِ، أَمَّا ابْتِدَاءً فَالْأَوْلَى بِالشَّخْصِ أَنْ لَا يَشْرَعَ فِي الطَّوَافِ إذَا خَافَ أَنْ تُقَامَ الصَّلَاةُ، وَكَذَلِكَ إذَا خَافَ أَنْ تَفُوتَهُ رَكْعَتَا الْفَجْرِ، قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ: الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ صَلَاةٌ إلَّا أَنَّهُ أُبِيحَ فِيهِ الْكَلَامُ وَالشُّغْلُ الْيَسِيرُ فَلَا يَصِحُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَتْرُكَ طَوَافَهُ الْوَاجِبَ لِشَيْءٍ إلَّا لِلصَّلَاةِ الْفَرِيضَةِ وَاسْتُخِفَّ لَهُ أَنْ يَتْرُكَ طَوَافَهُ النَّافِلَةَ، وَإِنْ كَانَ الِاخْتِيَارُ لَهُ أَنْ لَا يَفْعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَلَا يَنْبَغِي لِلرَّجُلِ أَنْ يَدْخُلَ فِي الطَّوَافِ إذَا خَشِيَ أَنْ تُقَامَ الصَّلَاةُ قَبْلَ أَنْ يَفْرُغَ مِنْ طَوَافِهِ، وَلَا أَنْ يَدْخُلَ فِي طَوَافِ التَّطَوُّعِ إذَا خَشِيَ أَنْ تَفُوتَهُ رَكْعَتَا الْفَجْرِ إنْ أَكْمَلَ طَوَافَهُ انْتَهَى.

وَنَقَلَهُ عَنْهُ التَّادَلِيُّ وَغَيْرُهُ (الثَّالِثُ:) قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي شَرْحِ ابْنِ الْحَاجِبِ هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ الطَّائِفُ صَلَّى تِلْكَ الصَّلَاةَ أَمَّا لَوْ صَلَّى فِي بَيْتِهِ ثُمَّ أَتَى الْمَسْجِدَ فَدَخَلَ الطَّوَافَ فَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ: لَهُ أَنْ لَا يَقْطَعَ وَيَعْتَدَّ بِصَلَاتِهِ الَّتِي فِي بَيْتِهِ حَكَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ فِي مُخْتَصَرِ الْوَاضِحَةِ عَنْهُ انْتَهَى.

(قُلْتُ:) لَيْسَ كَلَامُهُ فِي مُخْتَصَرِ الْوَاضِحَةِ صَرِيحًا فِيمَا ذَكَرَهُ، فَإِنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ مَسْأَلَةَ مَنْ أُقِيمَتْ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ، وَهُوَ فِي الطَّوَافِ، قَالَ: يَقْطَعُ، وَلَمْ يَذْكُرْ هَذَا التَّقْيِيدَ، ثُمَّ قَالَ فِي تَرْجَمَةِ غَائِبِ الطَّوَافِ وَاسْتِلَامِ الرُّكْنِ مَا نَصُّهُ: وَسَأَلْتُهُ عَمَّنْ صَلَّى الْعَصْرَ فِي بَيْتِهِ بِمَكَّةَ ثُمَّ جَاءَ الْمَسْجِدَ فَطَافَ، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ الْإِمَامُ تِلْكَ الصَّلَاةَ؟ فَقَالَ: لَا يَرْكَعُ الرَّكْعَتَيْنِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ قُلْتُ: لِمَ، وَهُوَ يُصَلِّي مَعَ الْإِمَامِ؟ قَالَ: أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ شَاءَ تَرَكَ الْإِمَامَ، وَكَانَتْ صَلَاتُهُ هِيَ الَّتِي صَلَّى فِي بَيْتِهِ؟ انْتَهَى.

(قُلْتُ:) فَقَوْلُهُ: إنْ شَاءَ تَرَكَ الْإِمَامَ يَعْنِي قَبْلَ أَنْ تُقَامَ الصَّلَاةُ، أَمَّا إذَا أُقِيمَتْ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ، فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُصَلِّيَهَا مَعَ الْإِمَامِ، كَمَا تَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي بَابِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي وُجُوبِ الْقَطْعِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ صَلَّى تِلْكَ الصَّلَاةَ أَوْ لَمْ يَكُنْ صَلَّاهَا فَتَأَمَّلْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الرَّابِعُ:) قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي مَنَاسِكِهِ: إذَا تَقَرَّرَ أَنَّهُ يَقْطَعُ إذَا أُقِيمَتْ عَلَيْهِ الْفَرِيضَةُ فَهَلْ يَقْطَعُ إذَا أُقِيمَتْ صَلَاةُ أَحَدِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ أَوْ الْمُعْتَبَرُ إمَامُ الْمَقَامِ؟ فَالْجَوَابُ

ص: 77

أَنَّ ذَلِكَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَصْلٍ، وَهُوَ: هَلْ هَذِهِ الْمَقَامَاتُ كَمَسَاجِدَ مُسْتَقِلَّةٍ بِأَئِمَّةٍ رَاتِبِينَ أَوْ الْإِمَامُ الرَّاتِبُ هُوَ إمَامُ الْمَقَامِ، وَهُوَ الْأَوَّلُ، وَمَا عَدَاهُ كَجَمَاعَةٍ بَعْدَ جَمَاعَةٍ فِي مَسْجِدٍ أَوْ إمَامٍ رَاتِبٍ فَعَلَى الْأَوَّلِ يَقْطَعُ الطَّوَافَ إذَا أُقِيمَتْ عَلَيْهِ صَلَاةُ أَحَدِهِمْ، وَعَلَى الثَّانِي: لَا يَقْطَعُ لِغَيْرِ صَلَاةِ الْأَوَّلِ وَيَكُونُ الثَّانِي أَوْ الثَّالِثُ: وَالرَّابِعُ: كَرَجُلٍ وَاحِدٍ صَلَّى بِجَمَاعَةٍ فِي الْمَسْجِدِ بَعْدَ صَلَاةِ الْإِمَامِ فَيَجِبُ قَطْعُ الطَّوَافِ لِأَجْلِهِ ثُمَّ ذَكَرَ فَتْوَى جَمَاعَةٍ مِنْ شُيُوخِ الْمَذْهَبِ بِأَنَّ صَلَاتَهُمْ جَائِزَةٌ لَا كَرَاهَةَ فِيهَا إذْ مَقَامَاتُهُمْ كَمَسَاجِدَ مُتَعَدِّدَةٍ لِأَمْرِ الْإِمَامِ بِذَلِكَ، وَأَنَّ غَيْرَهُمْ خَالَفَ فِي ذَلِكَ، وَقَالَ: إنَّ الْإِمَامَ الرَّاتِبَ هُوَ إمَامُ الْمَقَامِ، وَلَا أَثَرَ لِأَمْرِ الْخَلِيفَةِ فِي رَفْعِ الْكَرَاهَةِ، وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي بَابِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ كَلَامَهُمْ وَكَلَامَ الْمُخَالِفِ فِي ذَلِكَ، وَهُوَ الشَّيْخُ أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ الْحُبَابِ وَبَيَّنَّا أَنَّ الْحَقَّ فِي ذَلِكَ هُوَ مَا ذَكَرَهُ الْمُخَالِفُ، فَإِذَا عُلِمَ ذَلِكَ فَلَا يَقْطَعُ لِإِقَامَةِ صَلَاةِ الْإِمَامِ الْأَوَّلِ الَّذِي هُوَ الرَّاتِبُ عَلَى أَنَّ فِي تَصْوِيرِ الْقَطْعِ لِغَيْرِ الْإِمَامِ الْأَوَّلِ بُعْدًا؛ لِأَنَّ صَلَاةَ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ مُتَّصِلَةٌ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ إلَّا أَنْ يُفْرَضَ أَنَّهُ حَصَلَ فَصَلَّى بَيْنَ صَلَاتِهِمْ حَتَّى شَرَعَ شَخْصٌ فِي طَوَافٍ وَطَافَ بَعْدَهُ فِي ذَلِكَ الْفَضْلِ، أَمَّا مَنْ صَلَّى مَعَ الْإِمَامِ الْأَوَّلِ فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنَّهُ يَنْتَظِرُ صَلَاةَ بَقِيَّةِ الْأَئِمَّةِ حَتَّى يَفْرُغُوا؛ لِأَنَّهُ عِنْدَ مَنْ يَقُولُ: تَجُوزُ صَلَاتُهُمْ كَأَنَّهُمْ أَئِمَّةٌ فِي مَسَاجِدَ مُتَعَدِّدَةٍ فَلَا يُقَالُ: لِمَنْ صَلَّى مَعَ إمَامٍ لَا تَتَنَفَّلْ، وَلَا تَطُفْ حَتَّى يَفْرُغَ بَقِيَّةُ الْأَئِمَّةِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.

(الْخَامِسُ:) إذَا دَخَلَ الْخَطِيبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ فَالظَّاهِرُ: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ حِينَئِذٍ أَنْ يَشْرَعَ فِي طَوَافٍ لَا وَاجِبٍ، وَلَا تَطَوُّعٍ قَالَ سَنَدٌ فِي الْقَادِمِ إذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ: بَدَأَ بِطَوَافِ الْقُدُومِ إلَّا أَنْ يَجِدَ الْإِمَامَ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ أَوْ يَجِدَ الْإِمَامَ فِي صَلَاةِ الْفَرْضِ، فَإِنَّهُ يُصَلِّيهَا مَعَهُ ثُمَّ يَطُوفُ، وَكَذَلِكَ إذَا خَافَ فَوَاتَ وَقْتِ الْمَكْتُوبَةِ، فَإِنَّهُ يُصَلِّيهَا ثُمَّ يَطُوفُ انْتَهَى.

فَقَوْلُهُ: فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ يَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ مَا يَعُمُّ الصَّلَاةَ وَالْخُطْبَةَ، وَمَا قَبْلَ ذَلِكَ مِنْ حِينِ دُخُولِ الْإِمَامِ الْمَسْجِدَ، وَمَنْ شَرَعَ فِي الطَّوَافِ ثُمَّ دَخَلَ الْخَطِيبُ عَلَيْهِ، وَهُوَ فِي أَثْنَاءِ الطَّوَافِ فَلَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّهُ يُتِمُّ طَوَافَهُ إلَى أَنْ يَشْرَعَ الْإِمَامُ فِي الْخُطْبَةِ، فَإِنْ أَكْمَلَ طَوَافَهُ لَمْ يَرْكَعْ وَيُؤَخِّرْ الرَّكْعَتَيْنِ حَتَّى يَفْرُغَ الْإِمَامُ مِنْ الصَّلَاةِ، وَإِنْ لَمْ يُكْمِلْ طَوَافَهُ قَبْلَ شُرُوعِ الْإِمَامِ فِي الْخُطْبَةِ، فَإِنَّهُ يَقْطَعُ حِينَئِذٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(السَّادِسُ) : مَنْ ذَكَرَ فِي الطَّوَافِ صَلَاةَ فَرِيضَةٍ وَخَافَ فَوَاتَ وَقْتِهَا، فَإِنْ كَانَ الطَّوَافُ نَافِلَةً فَلَا إشْكَالَ فِي قَطْعِهِ، وَالظَّاهِرُ: أَنَّهُ يَبْنِي بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ الْفَرِيضَةِ، وَإِنْ كَانَ طَوَافُهُ فَرِيضَةً فَالظَّاهِرُ أَنَّ حُكْمَهُ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ خَوْفَ فَوَاتِ الْوَقْتِ آكَدُ مِنْ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَقْطَعُهُ لِإِقَامَةِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ فَتَأَمَّلْهُ، وَفِي كَلَامِ الشَّيْخِ أَبِي الْحَسَنِ الصَّغِيرِ إشَارَةٌ إلَى ذَلِكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَنُدِبَ كَمَالُ الشَّوْطِ)

ش: يَعْنِي أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلطَّائِفِ إذَا خَرَجَ لِلْفَرِيضَةِ أَنْ يَخْرُجَ عَلَى تَمَامِ شَوْطٍ، وَهُوَ إذَا بَلَغَ الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ قَالَهُ فِي الطِّرَازِ، وَنَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ، وَنَقَلَهُ غَيْرُهُ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ: أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ إتْمَامُ الشَّوْطِ، وَلَوْ أَحْرَمَ الْإِمَامُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ وَقَوْلُهُ فِي الْجَلَّابِ: لَا بَأْسَ أَنْ يَطُوفَ بَعْدَ إقَامَةِ الصَّلَاةِ شَوْطًا أَوْ شَوْطَيْنِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ بِالصَّلَاةِ يُرِيدُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْأَشْوَاطِ الْكَامِلَةِ فَلَا يَبْتَدِئُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ فِي شَوْطٍ إذَا أَكْمَلَ الشَّوْطَ الَّذِي هُوَ فِيهِ (فَرْعٌ) : فَإِنْ خَرَجَ قَبْلَ، كَمَالِ الشَّوْطِ فَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ: ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ أَنَّهُ يَبْنِي مِنْ حَيْثُ قَطَعَ وَاسْتَحَبَّ ابْنُ حَبِيبٍ أَنْ يَبْتَدِئَ ذَلِكَ الشَّوْطَ انْتَهَى.

(قُلْتُ:) وَيَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُ ابْنِ حَبِيبٍ عَلَى الْوِفَاقِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الطِّرَازِ (فَرْعٌ) : إذَا خَرَجَ لِلْفَرِيضَةِ، فَإِنَّهُ يَبْنِي قَبْلَ أَنْ يَتَنَفَّلَ قَالَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ قَالَ ابْنُ الْحَاجِّ: فَإِنْ تَنَفَّلَ قَبْلَ أَنْ يُتِمَّ طَوَافَهُ ابْتَدَأَهُ، وَنَقَلَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي مَنَاسِكِهِ (قُلْتُ:) وَكَذَا لَوْ جَلَسَ بَعْدَ الصَّلَاةِ

ص: 78

جُلُوسًا طَوِيلًا لِذِكْرٍ أَوْ حَدِيثٍ، فَإِنَّهُ يَسْتَأْنِفُ الطَّوَافَ لِتَرْكِ الْمُوَالَاةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَبَنَى إنْ رَعَفَ)

ش: يَعْنِي أَنَّ مَنْ رَعَفَ فِي الطَّوَافِ، فَإِنَّهُ يَخْرُجُ لِغَسْلِ الدَّمِ، فَإِذَا غَسَلَ الدَّمَ رَجَعَ، وَبَنَى عَلَى طَوَافِهِ، وَلَمْ يَشْتَرِطُوا فِيهِ الشُّرُوطَ الْمَذْكُورَةَ فِي الرُّعَافِ فِي الصَّلَاةِ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ هُنَا أَنْ لَا يُجَاوِزَ الْمَكَانَ الْقَرِيبَ إلَى مَكَان أَبْعَدَ مِنْهُ بِكَثِيرٍ وَأَنْ لَا يَبْعُدَ الْمَكَانُ جِدًّا (تَنْبِيهٌ) قَوْلُهُ: إنْ رَعَفَ الْأَحْسَنُ أَنْ لَوْ قَالَ: كَأَنْ رَعَفَ بِالْكَافِ لِيُفِيدَ أَنَّهُ إذَا قَطَعَهُ لِلْفَرِيضَةِ، كَمَا إذَا رَعَفَ، فَإِنَّهُ يَبْنِي بِخِلَافِ النُّسْخَةِ الَّتِي بِإِسْقَاطِ الْكَافِ، فَإِنَّهَا لَا تُفِيدُ إلَّا أَنَّهُ يَبْنِي إنْ رَعَفَ، وَلَا يَعْلَمُ مَا يَفْعَلُ إذَا قَطَعَهُ لِلْفَرِيضَةِ، هَلْ يَبْنِي أَمْ يَبْتَدِئُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (أَوْ عَلِمَ بِنَجَسٍ)

ش: يَعْنِي أَنَّ مَنْ عَلِمَ بِنَجَاسَةٍ فِي ثَوْبِهِ أَوْ بَدَنِهِ، وَهُوَ فِي أَثْنَاءِ الطَّوَافِ، فَإِنَّهُ يُزِيلُهَا وَيَبْنِي عَلَى مَا مَضَى مِنْ طَوَافِهِ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ خِفَّةُ أَمْرِ الطَّوَافِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ الْمَذْهَبَ فِي الصَّلَاةِ الْقَطْعُ انْتَهَى.

(قُلْتُ:) لَا خَفَاءَ فِي خِفَّةِ أَمْرِ الطَّوَافِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الصَّلَاةِ، فَإِنَّ الْمَذْهَبَ أَنَّ مَنْ أَحْدَثَ فِي الصَّلَاةِ قَطَعَهَا، وَلَا يَجُوزُ لَهُ الْبِنَاءُ عَلَى رِوَايَةِ ابْنِ حَبِيبٍ، وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ، مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ الْبِنَاءِ هُوَ الَّذِي جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ مُعَلَّى فِي مَنَاسِكِهِ، وَلَمْ يَحْكِيَا غَيْرَهُ، وَقَالَ فِي الشَّامِلِ: إنَّهُ الْأَصَحُّ وَحَكَى الشَّيْخُ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ عَنْ أَشْهَبَ أَنَّهُ يَبْتَدِئُ الطَّوَافَ، وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ التُّونُسِيُّ فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ: وَإِنْ ذَكَرَ فِي الطَّوَافِ أَنَّ الثَّوْبَ الَّذِي عَلَيْهِ نَجَسٌ فَعَلَى مَذْهَبِ أَصْبَغَ يَخْلَعُهُ وَيَبْتَدِئُ وَيُشْبِهُهُ أَنْ يَبْنِيَ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ: إذَا فَرَغَ مِنْ الطَّوَافِ لَمْ يُعِدْ الطَّوَافَ انْتَهَى.

فَلَعَلَّ ابْنَ الْحَاجِبِ وَابْنَ مُعَلَّى اعْتَمَدَا عَلَى مَا قَالَهُ التُّونُسِيُّ أَوْ رَأَيَا مَا يُقَوِّيهِ، وَكَذَلِكَ الْمُصَنِّفُ، وَيَن وَاَلَّذِي قَالَهُ الْمُصَنِّفُ ظَاهِرٌ، وَقَدْ أَجَازَ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ لِمَنْ عَلِمَ بِنَجَاسَةٍ فِي صَلَاتِهِ أَنْ يَطْرَحَهَا، وَيَبْنِيَ بَلْ تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ عَنْ اللَّخْمِيِّ وَصَاحِبِ الطِّرَازِ: أَنَّهُمَا نَقَلَا عَنْ أَشْهَبَ: أَنَّهُ أَجَازَ فِي الصَّلَاةِ لِمَنْ خَرَجَ لِغَسْلِ النَّجَاسَةِ أَنْ يَغْسِلَهَا وَيَبْنِيَ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ غَرِيبًا، وَمُرَادُ الْمُصَنِّفِ: أَنَّهُ إذَا عَلِمَ بِالنَّجَاسَةِ فَطَرَحَهَا مِنْ غَيْرِ غَسْلٍ وَاحْتَاجَتْ إلَى غَسْلٍ، وَكَانَ ذَلِكَ قَرِيبًا، وَلَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ، أَمَّا مَنْ طَالَ فَيَبْطُلُ الطَّوَافُ لِعَدَمِ الْمُوَالَاةِ وَأَنْكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ مِنْ الْبِنَاءِ، وَنَصُّهُ: وَشَرْطُ، كَمَالِهِ يَعْنِي الطَّوَافَ طَهَارَةُ الْخَبَثِ لِسَمَاعِ الْقَرِينَيْنِ يُكْرَهُ بِثَوْبٍ نَجِسٍ، وَفِيهَا إذَا ذَكَرَ أَنَّهُ طَافَ وَاجِبًا بِنَجَاسَةٍ لَمْ يُعِدْهُ كَذِكْرِهِ بَعْدَ وَقْتِ الصَّلَاةِ ابْنُ رُشْدٍ الْقِيَاسُ: أَنَّ ذِكْرَهَا فِيهِ ابْتَدَأَ ابْنُ عَرَفَةَ حَكَاهُ الشَّيْخُ عَنْ أَشْهَبَ قَالَ عَنْهُ وَبَعْدَهُ أَعَادَهُ وَالسَّعْيُ إنْ قَرُبَ، وَإِلَّا اُسْتُحِبَّ هَدْيُهُ وَذَكَرَهُ عَنْهُ ابْنُ رُشْدٍ دُونَ اسْتِحْبَابِ الْهَدْيِ، وَقَالَ: لَيْسَ هَذَا بِالْقِيَاسِ، وَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ: إنَّ ذِكْرَهَا فِيهِ لَا أَعْرِفُهُ انْتَهَى.

(قُلْتُ:) وَكَأَنَّهُ لَمْ يَقِفْ عَلَى كَلَامِ أَبِي إِسْحَاقَ التُّونُسِيِّ السَّابِقِ، وَالْجَارِي عَلَى عَادَتِهِ فِي مِثْلِ هَذَا أَنْ يَقُولَ: لَا أَعْرِفُهُ إلَّا قَوْلَ فُلَانٍ كَذَا وَكَذَا (فَرْعٌ) : قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَلَوْ طَافَ بِهَا عَامِدًا فَفِي صِحَّتِهِ وَإِعَادَتِهِ أَبَدًا قَوْلَانِ أَخَذَ ابْنُ رُشْدٍ مِنْ سَمَاعِ الْقَرِينَيْنِ يُكْرَهُ بِثَوْبٍ نَجِسٍ وَتَخْرِيجُهُ عَلَى الصَّلَاةِ انْتَهَى.

(قُلْتُ:) تَقَدَّمَ أَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَكَلَامِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ هُوَ الْقَوْلُ بِالْإِعَادَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَأَعَادَ رَكْعَتَيْهِ بِالْقُرْبِ)

ش: يَعْنِي أَنَّ مَنْ طَافَ بِنَجَاسَةٍ، وَلَمْ يَذْكُرْهَا إلَّا بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ الطَّوَافِ وَرَكْعَتَيْهِ، فَإِنَّهُ يُعِيدُ الرَّكْعَتَيْنِ فَقَطْ إنْ كَانَ قَرِيبًا هَكَذَا نَقَلَهُ ابْنُ يُونُسَ وَابْنُ رُشْدٍ فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَزَادَ قَيْدًا آخَرَ، وَهُوَ أَنْ لَا يَنْتَقِضَ وُضُوءُهُ، وَقَالَ: فَإِنْ انْتَقَضَ وُضُوءُهُ أَوْ طَالَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِزَوَالِ الْوَقْتِ، وَلَمْ يُبَيِّنْ ابْنُ يُونُسَ وَابْنُ رُشْدٍ، هَلْ إعَادَتُهُمَا بِالْقُرْبِ عَلَى جِهَةِ الْوُجُوبِ أَوْ الِاسْتِحْبَابِ، وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ يَقُولُ: يُعِيدُهُمَا

ص: 79

اسْتِحْبَابًا وَأَصْبَغُ يَقُولُ بِنَفْيِ الْإِعَادَةِ (تَنْبِيهٌ) : لَمْ نَقِفْ عَلَى حَدِّ الْقُرْبِ لِأَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنْ يَحُدَّ بِمَا تَقَدَّمَ فِي حَدِّ الْقُرْبِ الَّذِي يَجُوزُ لَهُ فِيهِ الْبِنَاءُ إذَا نَسِيَ بَعْضَ الطَّوَافِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ نَسِيَ بَعْضَهُ إنْ فَرَغَ مِنْ سَعْيِهِ

ص (وَعَلَى الْأَقَلِّ إنْ شَكَّ)

ش: قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ، وَفِي الْمُوَطَّإِ وَشَكُّ النَّقْصِ كَتَحَقُّقِهِ الْبَاجِيُّ يُحْتَمَلُ أَنَّ الشَّكَّ بَعْدَ تَمَامِهِ غَيْرُ مُؤَثِّرٍ وَسَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ تَخْفِيفَ مَالِكٍ لِلشَّكِّ قَبُولُ خَبَرِ رَجُلَيْنِ طَافَا مَعَهُ الشَّيْخُ، وَفِي رِوَايَةٍ قَبُولُ خَبَرِ رَجُلٍ مَعَهُ الْبَاجِيُّ عَنْ الْأَبْهَرِيِّ الْقِيَاسُ: إلْغَاءُ قَوْلِ غَيْرِهِ وَبِنَاؤُهُ عَلَى يَقِينِهِ كَالصَّلَاةِ، وَقَالَهُ عَبْدُ الْحَقِّ وَفَرَّقَ الْبَاجِيُّ بِأَنَّهَا عِبَادَةٌ شُرِعَتْ فِيهَا الْجَمَاعَةُ وَالطَّوَافُ عِبَادَةٌ لَمْ يُشْرَعْ فِيهَا الْجَمَاعَةُ فَيُعْتَبَرُ قَوْلُ مَنْ لَيْسَ مَعَهُ فِيهَا كَالْوُضُوءِ وَالصَّوْمِ انْتَهَى.

(قُلْتُ:) اخْتَصَرَ ابْنُ عَرَفَةَ رحمه الله كَلَامَ الْمُوَطَّإِ جِدًّا حَتَّى إنَّهُ قَدْ يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ فِي الشَّكِّ فِي حَالِ الطَّوَافِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَنَصُّهُ: قَالَ مَالِكٌ: وَمَنْ شَكَّ فِي طَوَافِهِ بَعْدَ أَنْ رَكَعَ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ فَلِيُعِدْ فَلْيُتِمَّ طَوَافَهُ عَلَى الْيَقِينِ ثُمَّ يُعِيدُ الرَّكْعَتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَا صَلَاةَ لِطَوَافٍ إلَّا بَعْدَ إكْمَالِ السَّبْعِ انْتَهَى.

(قُلْتُ:) ، وَهَذَا - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - مَا لَمْ يَسْتَنْكِحْهُ ذَلِكَ، فَإِنْ اسْتَنْكَحَهُ قَلِيلُهُ عَنْهُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَقَدْ قَالَ الْجُزُولِيُّ فِي بَابٍ جَامِعٍ فِي الصَّلَاةِ: الْإِلْهَاءُ يُتَصَوَّرُ فِي جَمِيعِ الْأَفْعَالِ فِي الْوُضُوءِ وَالصَّلَاةِ وَالْغُسْلِ وَالْعِصْمَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَالِاسْتِنْكَاحُ بَلَاءٌ وَدَوَاؤُهُ الْإِلْهَاءُ فَمَنْ لَمْ يَقْبَلْ الدَّوَاءَ فَمُبْتَدِعٌ فَتَحَصَّلَ مِنْ هَذَا أَنَّ الْمَنْصُوصَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ يَبْنِي عَلَى الْأَقَلِّ سَوَاءٌ شَكَّ، وَهُوَ فِي الطَّوَافِ أَوْ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْهُ بَلْ تَقَدَّمَ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ سَبْعًا عَنْ الْمَوَّازِيَّةِ أَنَّهُ إذَا شَكَّ فِي إكْمَالِ طَوَافِهِ بَعْدَ رُجُوعِهِ لِبَلَدِهِ أَنَّهُ يَرْجِعُ لِذَلِكَ مِنْ بَلَدِهِ فَقَوْلُ الْبَاجِيِّ: يُحْتَمَلُ أَنَّ الشَّكَّ بَعْدَ تَمَامِهِ غَيْرُ مُؤَثِّرٍ بَحْثٌ مِنْهُ مُقَابِلٌ لِلْمَنْصُوصِ، وَكَذَلِكَ قَوْلُ الْأَبْهَرِيِّ الْقِيَاسُ إلْغَاءُ قَوْلِ غَيْرِهِ بَحْثٌ مِنْهُ وَالْمَنْصُوصُ أَنَّهُ يَقْبَلُ خَبَرَ مَنْ مَعَهُ، كَمَا تَقَدَّمَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَجَازَ بِسَقَائِفَ لِزَحْمَةٍ، وَإِلَّا عَادَ، وَلَمْ يَرْجِعْ لَهُ، وَلَا دَمَ)

ش يَعْنِي أَنَّ مَنْ طَافَ فِي سَقَائِفِ الْمَسْجِدِ لِزِحَامٍ، فَإِنَّ طَوَافَهُ جَائِزٌ، قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ:، وَمَنْ طَافَ وَرَاءَ زَمْزَمَ أَوْ سَقَائِفِ الْمَسْجِدِ مِنْ زِحَامِ النَّاسِ فَلَا بَأْسَ، وَإِنْ طَافَ فِي سَقَائِفِهِ بِغَيْرِ زِحَامٍ وَنَحْوِهِ أَعَادَ الطَّوَافَ، وَقَالَ أَشْهَبُ: لَا يَصِحُّ الطَّوَافُ فِي السَّقَائِفِ، وَلَوْ لِزِحَامٍ، وَهُوَ كَالطَّوَافِ مِنْ خَارِجِ الْمَسْجِدِ، قَالَ سَحْنُونٌ: وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَنْتَهِي الزِّحَامُ إلَى السَّقَائِفِ انْتَهَى.

(قُلْتُ:) ، وَلَمْ نَسْمَعْ قَطُّ أَنَّ الزِّحَامَ انْتَهَى إلَيْهَا بَلْ لَا يُجَاوِزُ النَّاسُ مَحِلَّ الطَّوَافِ الْمُعْتَادِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا أَعَادَهُ، وَإِنْ طَافَ فِي السَّقَائِفِ لَا لِزِحَامٍ بَلْ لِحَرٍّ أَوْ مَطَرٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ وَيُعِيدُ طَوَافَهُ مَا دَامَ بِمَكَّةَ، فَإِنْ رَجَعَ إلَى بَلَدِهِ لَمْ يَرْجِعْ لِأَجْلِ الطَّوَافِ، وَلَا دَمَ عَلَيْهِ أَمَّا مَا ذَكَرَهُ مِنْ عَدَمِ وُجُوبِ الدَّمِ فَهُوَ جَائِزٌ عَلَى مَا نَقَلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَنْ الْبَاجِيِّ وَتَبِعَهُ فِي التَّوْضِيحِ، وَاَلَّذِي نَقَلَهُ ابْنُ بَشِيرٍ وَابْنُ شَاسٍ وُجُوبُ الدَّمِ قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ: وَلَا يَطُوفُ مِنْ وَرَاءِ زَمْزَمَ، وَلَا مِنْ وَرَاءِ السَّقَائِفِ، فَإِنْ فَعَلَ مُخْتَارًا أَعَادَ مَا دَامَ بِمَكَّةَ، فَإِنْ عَادَ إلَى بَلَدِهِ فَهَلْ يُجْزِئُهُ الْهَدْيُ أَوْ يَرْجِعُ لِلْأَشْيَاخِ قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا: الْإِجْزَاءُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ طَافَ بِالْبَيْتِ، الثَّانِي: يَرْجِعُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ طَافَ فِي غَيْرِ الْمَوْضِعِ الَّذِي شُرِعَ فِيهِ الطَّوَافُ انْتَهَى.

وَقَالَ ابْنُ شَاسٍ: وَلَا يَطُوفُ مِنْ وَرَاءِ زَمْزَمَ، وَلَا مِنْ وَرَاءِ السَّقَائِفِ، فَإِنْ فَعَلَ مُخْتَارًا أَعَادَ مَا دَامَ بِمَكَّةَ، فَإِنْ رَجَعَ إلَى بَلَدِهِ فَهَلْ يُجْزِئُهُ الْهَدْيُ أَوْ يَلْزَمُهُ الرُّجُوعُ؟ قَوْلَانِ لِلْمُتَأَخِّرِينَ انْتَهَى.

وَنَقَلَ كَلَامَهُمَا فِي التَّوْضِيحِ، وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَفِيهَا لَا بَأْسَ بِهِ مِنْ وَرَاءِ زَمْزَمَ لِزِحَامٍ، وَفِي صِحَّتِهِ فِي سَقَائِفَ لَهُ أَيْ: لِلزِّحَامِ قَوْلَا ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ، وَلَا لِزِحَامٍ فِي عَدَمِ رُجُوعِهِ لَهُ مِنْ بَلَدِهِ قَوْلَا الشَّيْخِ وَابْنِ شَبْلُونٍ وَخَرَّجَهُمَا الصَّقَلِّيُّ عَلَى قَوْلَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ مُتَمِّمًا قَوْلَ الشَّيْخِ بِالدَّمِ، وَنَقْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ تَفْسِيرَ الْبَاجِيِّ بِعَدَمِ الدَّمِ لَمْ أَجِدْهُ انْتَهَى.

وَقَالَ عَبْدُ الْحَقِّ فِي تَهْذِيبِهِ: قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا مِنْ أَهْلِ بَلَدِنَا فِيمَنْ

ص: 80

طَافَ فِي سَقَائِفِ الْمَسْجِدِ مِنْ غَيْرِ زِحَامٍ وَرَجَعَ إلَى بَلَدِهِ فَيُجْزِئُهُ، وَلَا دَمَ فِي هَذَا، وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي كِتَابِ النُّكَتِ اخْتِلَافَ أَبِي مُحَمَّدٍ وَابْنِ شَبْلُونٍ، هَلْ يَرْجِعُ لِذَلِكَ مِنْ بَلَدِهِ أَوْ لَا عَلَى مَا ذَكَرْتُ عَنْهُمَا انْتَهَى.

وَلَمْ يَذْكُرْ فِي كِتَابِ النُّكَتِ عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ سُقُوطَ الدَّمِ، وَلَا وُجُوبَهُ، أَمَّا ابْنُ يُونُسَ، فَإِنَّهُ فَسَّرَ كَلَامَ أَبِي مُحَمَّدٍ بِأَنَّهُ يُجْزِئُهُ مَعَ الدَّمِ، كَمَا نَقَلَهُ عَنْهُ ابْنُ عَرَفَةَ، وَقَالَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ طَافَ رَاكِبًا، وَنَقَلَ أَبُو الْحَسَنِ كَلَامَ ابْنِ يُونُسَ، وَنَقَلَ عَنْ اللَّخْمِيِّ أَنَّهُ يُجْزِئُهُ، وَعَلَيْهِ دَمٌ، وَلَمْ أَقِفْ عَلَى ذَلِكَ فِي كَلَامِ اللَّخْمِيِّ بِنَفْيٍ، وَلَا إثْبَاتٍ، وَنَصُّهُ: وَلَا يَطُوفُ فِي الْحِجْرِ، وَلَا مِنْ وَرَاءِ زَمْزَمَ، وَلَا فِي سَقَائِفِ الْمَسْجِدِ ثُمَّ قَالَ: وَإِنْ طَافَ فِي سَقَائِفِ الْمَسْجِدِ مِنْ زِحَامٍ أَجْزَأَهُ، وَإِنْ فَعَلَ اخْتِيَارًا أَوْ فِرَارًا مِنْ الشَّمْسِ أَعَادَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمَجْمُوعَةِ: لَا يُجْزِئُهُ إنْ كَانَ فِرَارًا مِنْ الشَّمْسِ قَالَ أَشْهَبُ: وَهُوَ كَالطَّائِفِ مِنْ خَارِجِ الْمَسْجِدِ، وَعَلَى قَوْلِهِمَا: لَا يُجْزِئُ الطَّائِفُ مِنْ وَرَاءِ زَمْزَمَ؛ لِأَنَّهُ يَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ، كَمَا حَالَتْ أُسْطُوَانَاتُ السَّقَائِفِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ انْتَهَى.

فَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِعَدَمِ الرُّجُوعِ فَضْلًا عَنْ لُزُومِ الدَّمِ إذَا عُلِمَ ذَلِكَ فَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مُوَافِقٌ لِمَا ذَكَرَهُ عَبْدُ الْحَقِّ فِي تَهْذِيبِهِ وَلَكِنَّ الظَّاهِرَ وُجُوبُ الدَّمِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ:) لَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ حُكْمَ الطَّوَافِ مِنْ وَرَاءِ زَمْزَمَ، وَجَعَلَ اللَّخْمِيُّ حُكْمَهُ حُكْمَ الطَّوَافِ فِي السَّقَائِفِ، وَخَرَّجَهُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ فِي الطَّوَافِ فِيهَا وَنَصُّهُ: وَلَا يُطَافُ فِي الْحِجْرِ، وَلَا مِنْ وَرَاءِ زَمْزَمَ، وَلَا فِي سَقَائِفِ الْمَسْجِدِ ثُمَّ قَالَ: فَإِنْ طَافَ فِي سَقَائِفِ الْمَسْجِدِ مِنْ زِحَامٍ أَجْزَأَهُ، وَإِنْ فَعَلَ اخْتِيَارًا أَوْ فِرَارًا مِنْ الشَّمْسِ أَعَادَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمَجْمُوعَةِ: لَا يُجْزِئُهُ إنْ كَانَ فِرَارًا مِنْ الشَّمْسِ قَالَ أَشْهَبُ: وَهُوَ كَالطَّائِفِ مِنْ خَارِجِ الْمَسْجِدِ، وَعَلَى قَوْلِهِمَا: لَا يَجُوزُ الطَّوَافُ مِنْ وَرَاءِ زَمْزَمَ؛ لِأَنَّهُ يَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ، كَمَا حَالَتْ أُسْطُوَانَاتُ السَّقَائِفِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ انْتَهَى.

وَرَدَّهُ صَاحِبُ الطِّرَازِ بِأَنَّ زَمْزَمَ فِي جِهَةٍ وَاحِدَةٍ فَلَا تُؤَثِّرُ كَالْمَقَامِ وَحَفْرٍ فِي الْمَطَافِ، وَنَصُّهُ: وَخَرَّجَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ الطَّوَافَ مِنْ وَرَاءِ زَمْزَمَ عَلَى مَنْعِ أَشْهَبَ فِي السَّقَائِفِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ زَمْزَمَ فِي بَعْضِ الْجِهَاتِ عَارِضٌ فِي طَرِيقِ الطَّائِفِينَ فَلَا يُؤَثِّرُ فِي الْمَقَامِ، وَحَفْرٍ فِي الْمَطَافِ؛ لِأَنَّ زَمْزَمَ فِي حِيَالَتِهِ كَأُسْطُوَانَاتِ السَّقَائِفِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَإِنَّ زَمْزَمَ فِي جِهَةٍ مَخْصُوصَةٍ كَأَنَّهُ عَارِضٌ عَرَضَ فِي بَعْضِ طَرِيقِ الطَّائِفِينَ فَلَا يُؤَثِّرُ كَالْمَقَامِ وَكَخَشَبِ الْوَقِيدِ وَكَحَفْرٍ فِي الْمَطَافِ وَشِبْهِ ذَلِكَ بِخِلَافٍ الْأُسْطُوَانَاتِ الدَّائِرَةِ بِالسَّقَائِفِ، فَإِنَّهَا كَالْحَاجِزِ الدَّائِرِ الْخَارِجِ عَنْ سِلْكِ الطَّائِفِينَ انْتَهَى.

وَنَقَلَهُ الْقَرَافِيُّ بِاخْتِصَارٍ وَنَصُّهُ، قَالَ سَنَدٌ: وَخَرَّجَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ الْمَنْعَ مِنْ وَرَاءِ زَمْزَمَ عَلَى مَنْعِ أَشْهَبَ فِي السَّقَائِفِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ زَمْزَمَ فِي بَعْضِ الْجِهَاتِ عَارِضٌ فِي طَرِيقِ الطَّائِفِينَ فَلَا يُؤَثِّرُ كَالْمَقَامِ أَوْ حَفْرٍ فِي الْمَطَافِ انْتَهَى.

وَعَزَا فِي التَّوْضِيحِ الْفَرْقَ الْمَذْكُورَ لِلْقَرَافِيِّ وَتَبِعَ اللَّخْمِيَّ فِي إلْحَاقِ زَمْزَمَ بِالسَّقَائِفِ ابْنُ بَشِيرٍ وَابْنُ شَاسٍ وَاقْتَصَرَا عَلَى مَا قَالَهُ، وَتَقَدَّمَ كَلَامُهُمَا، وَتَبِعَهُمْ عَلَى ذَلِكَ ابْنُ الْحَاجِبِ إلَّا أَنَّهُ حَكَى فِي ذَلِكَ قَوْلَيْنِ، وَجَعَلَ الْأَشْهَرَ مِنْهُمَا اللُّحُوقَ، فَقَالَ: دَاخِلَ الْمَسْجِدِ لَا مِنْ وَرَائِهِ، وَلَا مِنْ وَرَاءِ زَمْزَمَ وَشِبْهِهِ عَلَى الْأَشْهَرِ إلَّا مِنْ زِحَامٍ انْتَهَى.

، وَأَنْكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ انْتَهَى.

فَقَالَ: وَأَلْحَقَ اللَّخْمِيُّ بِهَا أَيْ: بِالسَّقَائِفِ مَا وَرَاءَ زَمْزَمَ وَرَدَّهُ سَنَدٌ بِأَنَّ زَمْزَمَ فِي جِهَةٍ وَاحِدَةٍ فَقَطْ فَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ: مِنْ وَرَاءِ زَمْزَمَ وَشِبْهِهِ عَلَى الْأَشْهَرِ إلَّا مِنْ زِحَامٍ لَا أَعْرِفُهُ انْتَهَى.

وَسَبَقَهُ إلَى الْإِنْكَارِ الْمَذْكُورِ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ وَنَصُّهُ فِي شَرْحِ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ الْمَذْكُورِ، قَالَ ابْنُ هَارُونَ: لَا خِلَافَ أَنَّهُ إذَا طَافَ خَارِجَ الْمَسْجِدِ نَفَى الْإِجْزَاءَ، وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُهُ: عَلَى الْأَشْهَرِ عَائِدٌ عَلَى زَمْزَمَ وَشِبْهُهُ وَشِبْهُ زَمْزَمَ قُبَّةُ الشَّرَابِ وَيُحْمَلُ قَوْلُهُ: عَلَى الْأَشْهَرِ عَلَى مَا إذَا فَعَلَ ذَلِكَ لَا عَلَى الِابْتِدَاءِ، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرَ كَلَامِهِ، وَانْظُرْ كَيْفَ شَهَّرَ الْمُصَنِّفُ عَدَمَ الْإِجْزَاءِ فِي زَمْزَمَ وَشِبْهِهِ، وَالْخِلَافُ فِيهِ عَلَى

ص: 81

مَا نَقَلَ ابْنُ شَاسٍ وَغَيْرُهُ لِلْمُتَأَخِّرِينَ وَلِكَوْنِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ لَمْ يَتَكَلَّمَا عَلَى زَمْزَمَ خَرَّجَهُ اللَّخْمِيُّ عَلَى قَوْلِهِمَا فِي السَّقَائِفِ انْتَهَى كَلَامُ التَّوْضِيحِ.

(قُلْتُ:) مَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ وَخَرَّجَهُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ، وَقَالَ بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَئِمَّةِ الْمَذْهَبِ الْمُتَأَخِّرِينَ كَابْنِ بَشِيرٍ وَابْنِ شَاسٍ وَتَبِعَهُمْ عَلَيْهِ ابْنُ الْحَاجِبِ مِنْ أَنَّ حُكْمَ زَمْزَمَ حُكْمُ السَّقَائِفِ هُوَ الظَّاهِرُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَوْلُهُ فِي التَّوْضِيحِ: وَيُحْمَلُ قَوْلُهُ: عَلَى الْأَشْهَرِ عَلَى مَا إذَا فَعَلَ ذَلِكَ لَا عَلَى الِابْتِدَاءِ أَشَارَ بِهِ لِقَوْلِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فِي شَرْحِهِ لِهَذَا الْمَحِلِّ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ يَعْنِي ابْنَ الْحَاجِبِ أَنَّ فِي جَوَازِ الطَّوَافِ مِنْ وَرَاءِ زَمْزَمَ قَوْلَيْنِ مَشْهُورَيْنِ وَأَشْهَرُهُمَا عَدَمُ الْجَوَازِ إلَّا مِنْ عُذْرٍ، وَاَلَّذِي حَكَاهُ غَيْرُهُ، وَهُوَ أَقْرَبُ إلَى التَّحْقِيقِ أَنَّ الْقَوْلَيْنِ إنَّمَا هُمَا بَعْدَ الْوُقُوعِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: يُجْزِئُ مَعَ الْعُذْرِ، وَقَالَ أَشْهَبُ: لَا يُجْزِئُ انْتَهَى.

(الثَّانِي:) فُهِمَ مِنْ احْتِجَاجِ سَنَدٍ بِجَوَازِ مِنْ وَرَاءِ زَمْزَمَ لِكَوْنِهَا فِي جِهَةٍ وَاحِدَةٍ كَالْمَقَامِ أَنَّ الطَّوَافَ مِنْ خَلْفِ الْمَقَامِ لَا يُؤَثِّرُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَكَذَلِكَ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - الطَّوَافُ مِنْ خَلْفِ الْأَسَاطِينِ الَّتِي فِي نَاحِيَةِ الطَّوَافِ لَا يُؤَثِّرُ فِيمَا يَظْهَرُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الثَّالِثُ:) تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ التَّوْضِيحِ فِي شِبْهِ زَمْزَمَ أَنَّهُ كَقُبَّةِ الشَّرَابِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَوَجَبَ كَالسَّعْيِ قَبْلَ عَرَفَةَ) ش لَمَّا ذَكَرَ أَنَّ الطَّوَافَ رُكْنٌ فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، وَكَانَ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الطَّوَافَ الرُّكْنِيَّ فِي الْحَجِّ هُوَ طَوَافُ الْإِفَاضَةِ، وَأَنَّهُ بَعْدَ الْفَجْرِ يَوْمَ النَّحْرِ نَبَّهَ عَلَى أَنَّ الطَّوَافَ يَجِبُ فِي الْحَجِّ أَيْضًا عَلَى مَنْ أَحْرَمَ بِهِ مِنْ الْحِلِّ وَيُسَمَّى طَوَافَ الْقُدُومِ وَنَبَّهَ عَلَى أَنَّ مَحِلَّهُ قَبْلَ عَرَفَةَ، وَأَنَّهُ يَجِبُ تَقْدِيمُهُ قَبْلَ الْخُرُوجِ إلَى عَرَفَةَ، وَكَذَلِكَ يَجِبُ تَقْدِيمُ السَّعْيِ مَعَهُ عَلَى مَنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ مِنْ الْحِلِّ فَأَفَادَ كَلَامُهُ شَيْئَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ الطَّوَافَ وَاجِبٌ وَالثَّانِي: أَنَّهُ يَجِبُ إيقَاعُهُ قَبْلَ عَرَفَةَ فَأَمَّا تَسْمِيَتُهُ طَوَافَ الْقُدُومِ وَاجِبًا فَقَدْ صُرِّحَ بِذَلِكَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالرِّسَالَةِ وَغَيْرِهِمَا، وَذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُ وَقَبَلُوهُ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَقَدْ أَطْلَقَ عَلَيْهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ الْوُجُوبَ وَزَعَمَ غَيْرُ وَاحِدٍ أَنَّهُ لَيْسَ بِوَاجِبٍ، وَأَنَّ إطْلَاقَ الْوُجُوبِ عَلَيْهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى سَبِيلِ الْمَجَازِ، وَهُوَ بَعِيدٌ لِمَنْ تَأَمَّلَ لَفْظَهُ مَعَ تَكْرَارِهِ لِذَلِكَ وَاعْلَمْ أَنَّ طَوَافَ الْقُدُومِ مِنْ أَفْعَالِ الْحَجِّ الَّتِي اخْتَلَفَتْ عِبَارَةُ أَهْلِ الْمَذْهَبِ فِيهَا فَمِنْهُمْ مِنْ يُعَبِّرُ عَنْهَا بِالْوُجُوبِ وَبَعْضُهُمْ بِالسُّنَّةِ وَالتَّحْقِيقُ فِيهَا أَنَّهَا وَاجِبَةٌ، وَأَنَّ فِي إطْلَاقِ السُّنَّةِ عَلَيْهَا مُسَامَحَةً، كَمَا بَيَّنْتُ ذَلِكَ أَوَّلَ الْبَابِ، وَفِي الْكِتَابِ الَّذِي جَمَعْتُهُ فِي الْمَنَاسِكَ الْمُسَمَّى هِدَايَةُ السَّالِكِ الْمُحْتَاجِ إلَى بَيَانِ أَفْعَالِ الْمُعْتَمَرِ وَالْحَاجِّ، وَفِي قَوْلِهِ: وَجَبَ إشَارَةٌ إلَى الْمُغَايِرَةِ بَيْنَ هَذَا الطَّوَافِ وَطَوَافِ الْإِفَاضَةِ، فَإِنَّ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ رُكْنٌ، وَهَذَا وَاجِبٌ، وَلَيْسَ بِرُكْنٍ، أَمَّا كَوْنُهُ يَجِبُ إيقَاعُهُ قَبْلَ عَرَفَةَ فَهَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ، وَكَذَا إيقَاعُ السَّعْيِ بَعْدَهُ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: وَهُوَ مَحِلُّهُمَا اتِّفَاقًا فَمَنْ تَرَكَهُ أَوْ تَرَكَ تَقْدِيمَ السَّعْيِ بَعْدَهُ، وَكَانَ قَدْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ مِنْ الْحِلِّ، وَلَيْسَ بِمُرَاهِقٍ، وَلَا حَائِضٍ، وَلَا نَاسٍ فَعَلَيْهِ الدَّمُ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَإِنْ تَرَكَ ذَلِكَ نِسْيَانًا فَلَا دَمَ عَلَيْهِ عَلَى الْمَشْهُورِ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ فِي تَوْضِيحِهِ وَمَنَاسِكِهِ وَحَكَى ابْنُ الْحَاجِبِ فِي سُقُوطِ الدَّمِ قَوْلَيْنِ، وَعَزَا السُّقُوطَ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَعَزَا فِي التَّوْضِيحِ الْقَوْلَ بِاللُّزُومِ لِابْنِ الْجَلَّابِ وَالْأَبْهَرِيِّ، وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَاللَّخْمِيِّ وَالتُّونُسِيِّ نَاسِيهِ كَعَامِدِهِ انْتَهَى.

وَفِي كَلَامِ أَبِي إِسْحَاقَ التُّونُسِيِّ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَذْهَبَ الْمُدَوَّنَةِ لُزُومُ الدَّمِ وَصَرَّحَ ابْنُ الْجَلَّابِ بِأَنَّ مَذْهَبَ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنْ لَا دَمَ عَلَيْهِ قَالَ، وَإِنْ تَرَكَ الطَّوَافَ وَالسَّعْيَ نَاسِيًا، وَالْوَقْتُ وَاسِعٌ يَعْنِي أَنَّهُ غَيْرُ مُرَاهِقٍ فَلَا دَمَ عَلَيْهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَالْقِيَاسُ عِنْدِي أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الدَّمُ بِخِلَافِ الْمُرَاهِقِ وَكَذَا قَالَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ الْأَبْهَرِيُّ.

ص (إنْ أَحْرَمَ مِنْ الْحِلِّ)

ش: يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ مِنْ الْحِلِّ، فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ طَوَافُ الْقُدُومِ وَتَعْجِيلُ السَّعْيِ بَعْدَهُ سَوَاءٌ كَانَ آفَاقِيًّا أَوْ مَكِّيًّا أَوْ غَيْرَهُ مِنْ الْمُقِيمِينَ إذَا خَرَجُوا

ص: 82

لِلْحِلِّ قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ، وَهُمَا أَيْ: الطَّوَافُ وَالسَّعْيُ وَاجِبَانِ قَبْلَ عَرَفَةَ عَلَى مَنْ أَحْرَمَ مِنْ الْحِلِّ غَيْرَ مُرَاهِقٍ، وَلَوْ خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ حَاضِرًا أَوْ غَيْرَهُ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: يُؤْمَرُ بِهِمَا كُلُّ مَنْ أَحْرَمَ مِنْ الْحِلِّ، وَهُوَ غَيْرُ مُرَاهِقٍ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ أَوْ غَيْرِهَا، وَهُوَ مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ: حَاضِرًا أَوْ غَيْرُهُ وَلِأَنَّهُ قَادِمٌ عَلَى مَكَّةَ، وَقَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ: قَوْلُهُ: وَلَوْ خَرَجَ يَعْنِي أَنَّ طَوَافَ الْقُدُومِ وَالسَّعْيَ يَجِبَانِ عَلَى الْقَادِمِ الْآفَاقِيِّ، وَعَلَى الْمَكِّيِّ وَغَيْرِهِ مِنْ الْمُقِيمِينَ إذَا خَرَجُوا إلَى الْحِلِّ فَأَحْرَمُوا مِنْهُ ثُمَّ دَخَلُوا إلَى مَكَّةَ انْتَهَى.

وَقَالَ سَنَدٌ: كُلُّ مَنْ أَحْرَمَ مِنْ مَنْزِلِهِ مِنْ الْحَرَمِ فَهُوَ كَمَنْ أَحْرَمَ مِنْ مَكَّةَ فِي تَأْخِيرِ الطَّوَافِ، وَإِنْ أَحْرَمَ هَؤُلَاءِ مِنْ الْحِلِّ فَلْيُعَجِّلُوهُ إلَّا أَنْ يَكُونُوا مُرَاهِقِينَ انْتَهَى.

إذَا عَلِمْتَ هَذَا، فَقَوْلُهُ فِي التَّوْضِيحِ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ: وَلَوْ خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ أَيْ: أَنَّهُمَا يَجِبَانِ عَلَى الْقَادِمِ، وَلَوْ كَانَ مَكِّيًّا خَرَجَ إلَى الْمِيقَاتِ لَا مَفْهُومَ لَهُ أَعْنِي قَوْلَهُ خَرَجَ لِلْمِيقَاتِ؛ لِأَنَّهُ إذَا خَرَجَ لِلْحِلِّ، وَأَحْرَمَ بِالْحَجِّ مِنْهُ وَجَبَ عَلَيْهِ طَوَافُ الْقُدُومِ وَتَعْجِيلُ السَّعْيِ بَعْدَهُ، كَمَا عُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (، وَإِلَّا سَعَى بَعْدَ الْإِفَاضَةِ)

ش: أَيْ: وَإِنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ مِنْ الْحَرَمِ أَوْ أَحْرَمَ بِهِ مِنْ الْحِلِّ وَلَكِنَّهُ مُرَاهِقٌ أَوْ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ مِنْ الْحِلِّ ثُمَّ أَرْدَفَ الْحَجَّ عَلَيْهَا فِي الْحَرَمِ، فَإِنَّهُ لَا يُطْلَبُ بِطَوَافِ الْقُدُومِ، وَإِذَا لَمْ يُطْلَبْ بِطَوَافِ الْقُدُومِ، فَإِنَّهُ يُؤَخِّرُ السَّعْيَ إلَى طَوَافِ الْإِفَاضَةِ؛ لِأَنَّهُ سَيَأْتِي أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ السَّعْيُ عَقِبَ أَحَدِ طَوَافِي الْحَجِّ فَلَمَّا سَقَطَ طَوَافُ الْقُدُومِ تَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ عَقِبَهُ طَوَافُ الْإِفَاضَةِ (فُرُوعٌ الْأَوَّلُ:) قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَمَتَى يَكُونُ الْحَاجُّ مُرَاهِقًا إنْ قَدِمَ يَوْمَ عَرَفَةَ أَحْبَبْتُ تَأْخِيرَ طَوَافِهِ، وَإِنْ قَدِمَ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ أَحْبَبْتُ تَعْجِيلَهُ، وَلَهُ فِي التَّأْخِيرِ سِعَةُ مُحَمَّدٍ، وَفِي الْمُخْتَصَرِ عَنْ مَالِكٍ إنْ قَدِمَ يَوْمَ عَرَفَةَ فَلْيُؤَخِّرْهُ إنْ شَاءَ، وَإِنْ شَاءَ طَافَ وَسَعَى، وَإِنْ قَدِمَ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ وَمَعَهُ أَهْلٌ فَلْيُؤَخِّرْ إنْ شَاءَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ أَهْلٌ فَلْيَطُفْ، وَلْيَسْعَ، وَمَعْنَى ذَلِكَ: أَنَّ الِاشْتِغَالَ يَوْمَ عَرَفَةَ بِالتَّوَجُّهِ إلَى عَرَفَةَ أَوْلَى، أَمَّا يَوْمُ التَّرْوِيَةِ فَمَنْ كَانَ مَعَهُ أَهْلٌ كَانَ فِي شُغْلٍ مِمَّا لَا بُدَّ لِلْمُسَافِرِ بِالْأَهْلِ مِنْهُ انْتَهَى.

وَقَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ: لِأَنَّهُ بِأَهْلِهِ فِي شُغْلٍ، وَحَالُ الْمُنْفَرِدِ أَخَفُّ، وَقَالَ قَبْلَهُ: وَالْمُرَاهِقُ هُوَ الَّذِي يَضِيقُ وَقْتُهُ عَنْ إيقَاعِهِ طَوَافَ الْقُدُومِ وَالسَّعْيَ، مَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْ أَحْوَالِهِ وَيَخْشَى فَوَاتَ الْحَجِّ إنْ تَشَاغَلَ بِذَلِكَ فَلَهُ تَأْخِيرُ الطَّوَافِ ثُمَّ ذَكَرَ مَا قَالَهُ أَشْهَبُ، وَنَقَلَهُ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمُخْتَصَرِ انْتَهَى مِنْ مَنَاسِكِهِ.

(الثَّانِي:) حُكْمُ مَنْ أَحْرَمَ بِالْقِرَانِ مِنْ الْحِلِّ حُكْمُ مَنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ مِنْ الْحِلِّ فِي وُجُوبِ طَوَافِ الْقُدُومِ عَلَيْهِ، وَتَعْجِيلِ السَّعْيِ بَعْدَهُ، فَإِنْ تَرَكَ ذَلِكَ، وَهُوَ غَيْرُ مُرَاهِقٍ فَعَلَيْهِ الدَّمُ، وَإِنْ كَانَ مُرَاهِقًا فَلَا دَمَ عَلَيْهِ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ (الثَّالِثُ:) إذَا أَرْدَفَ الْحَجَّ عَلَى الْعُمْرَةِ فِي الْحِلِّ فَحُكْمُهُ حُكْمُ مَنْ أَحْرَمَ بِالْقِرَانِ مِنْ الْحِلِّ فِي وُجُوبِ طَوَافِ الْقُدُومِ وَالسَّعْيِ بَعْدَهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مُرَاهِقًا، وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الرَّابِعُ:) إذَا أَحْرَمَ بِالْقِرَانِ مِنْ مَكَّةَ أَوْ بِالْعُمْرَةِ مِنْ مَكَّةَ ثُمَّ أَرْدَفَ عَلَيْهَا حَجَّةً وَصَارَ قَارِنًا، فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْخُرُوجُ لِلْحِلِّ عَلَى الْمَشْهُورِ، فَإِذَا دَخَلَ مِنْ الْحِلِّ لَا يَطُوفُ، وَلَا يَسْعَى؛ لِأَنَّهُ أَحْرَمَ مِنْ مَكَّةَ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ عِنْدَ قَوْلِهِ: وَلَهَا، وَلِلْقِرَانِ الْحِلُّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الْخَامِسُ:) مَنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ أَوْ بِالْقِرَانِ مِنْ الْحِلِّ وَمَضَى إلَى عَرَفَاتٍ، وَلَمْ يَدْخُلْ مَكَّةَ، وَلَيْسَ بِمُرَاهِقٍ، فَإِنَّهُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ تَرَكَ طَوَافَ الْقُدُومِ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ الدَّمُ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي مَنَاسِكِهِ يُوهِمُ سُقُوطَ الدَّمِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَإِلَّا فَدَمٌ إنْ قَدِمَ، وَلَمْ يَعُدْ)

ش: أَيْ: وَإِنْ لَمْ يُؤَخِّرْ سَعْيَهُ إلَى طَوَافِ الْإِفَاضَةِ بَلْ قَدَّمَهُ قَبْلَ الْخُرُوجِ إلَى عَرَفَةَ إثْرَ طَوَافٍ طَافَهُ، فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ بِأَنْ يُعِيدَ السَّعْيَ إثْرَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ، فَإِنْ لَمْ يُعِدْهُ حَتَّى رَجَعَ إلَى بَلَدِهِ فَعَلَيْهِ دَمٌ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ شَامِلٌ لِلْمُرَاهِقِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُرَاهِقَ إذَا قَدَّمَ الطَّوَافَ وَالسَّعْيَ أَجْزَأَهُ، وَلَا يُؤْمَرُ بِإِعَادَةِ السَّعْيِ

ص: 83

لِأَنَّهُ أَتَى بِمَا هُوَ الْأَصْلُ فِي حَقِّهِ؛ لِأَنَّ التَّأْخِيرَ فِي حَقِّهِ رُخْصَةٌ وَلِذَلِكَ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: الشِّبْهُ بَيْنَ الْمُرَاهِقِ وَبَيْنَ غَيْرِهِ إنَّمَا هُوَ فِي مُطْلَقِ السُّقُوطِ، وَإِلَّا فَالطَّوَافُ سَاقِطٌ فِي حَقِّ الْمُرَاهِقِ لِلْمَشَقَّةِ وَخَوْفِ فَوَاتِ عَرَفَةَ حَتَّى لَوْ تَجَشَّمَ الْمَشَقَّةَ وَغَرَّرَ فَأَدْرَكَ فَطَافَ وَسَعَى لَكَانَ آتِيًا بِمَا هُوَ مَشْرُوعٌ فِي حَقِّهِ بِالْأَصْلِ، أَمَّا مَنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ مِنْ مَكَّةَ فَلَمْ يُشْرَعْ لَهُ طَوَافُ الْقُدُومِ انْتَهَى.

، وَقَدْ نَبَّهَ الشَّارِحُ عَلَى هَذَا، وَقَالَ لَعَلَّ قَوْلَهُ إنْ قَدِمَ فِيهِ إيمَاءٌ لِذَلِكَ؛ لِأَنَّ مِثْلَ هَذَا لَا يُقَالُ فِيهِ: قَدِمَ بَلْ أَوْقَعَهُ فِي مَحِلِّهِ الَّذِي خُوطِبَ بِهِ فِي الْأَصْلِ انْتَهَى.

، مَا قَالَهُ ظَاهِرٌ انْتَهَى.

، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(تَنْبِيهٌ) : قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: وَلَوْ سَعَى وَرَجَعَ إلَى بَلَدِهِ مُقْتَصِرًا أَجْزَاءَهُ، وَعَلَيْهِ دَمٌ عَلَى الْمَشْهُورِ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَفِيهَا يُؤَخِّرُ الْمُحْرِمُ مِنْ مَكَّةَ سَعْيَهُ لِآخِرِ إفَاضَتِهِ، فَإِنْ طَافَ وَسَعَى قَبْلَ وُقُوفِهِ أَعَادَ سَعْيَهُ إثْرَهَا، وَإِنْ لَمْ يُعِدْ كَفَاهُ، وَأَيْسَرُ شَأْنِهِ هَدْيٌ، وَشَاذٌّ قَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ هَدْيٌ عَلَى الْمَشْهُورِ لَا أَعْرِفُهُ إلَّا تَخْرِيجَ التُّونُسِيِّ مِنْ عَدَمِهِ فِيهَا عَلَى مُفِيضٍ مُحْدِثٍ طَافَ تَطَوُّعًا بِطَهَارَةٍ وَيُفَرَّقُ بِتَقْدِيمِ نِيَّةِ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ فَيُحْكَمُ بِانْسِحَابِهَا انْتَهَى.

(قُلْتُ:) ذَكَرَهُ اللَّخْمِيُّ فِي كِتَابِ الْحَجِّ الْأَوَّلِ فِي بَابِ مَوَاقِيتِ الْحَجِّ، وَنَصُّهُ: وَاخْتُلِفَ فِيمَنْ أَفْرَدَ الْحَجَّ مِنْ مَكَّةَ ثُمَّ طَافَ وَسَعَى قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ إلَى عَرَفَةَ، هَلْ يَحْتَسِبُ بِذَلِكَ؟ فَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ: إذَا رَجَعَ مِنْ عَرَفَةَ طَافَ لِلْإِفَاضَةِ وَسَعَى، فَإِنْ هُوَ لَمْ يَفْعَلْ حَتَّى رَجَعَ إلَى بَلَدِهِ رَأَيْتُ السَّعْيَ الْأَوَّلَ يُجْزِئُهُ، وَعَلَيْهِ الدَّمُ، وَذَلِكَ أَيْسَرُ شَأْنِهِ عِنْدِي، وَقَالَ ابْنُ الْقَصَّارِ: وَقَدْ رَوَى عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ إذَا كَانَ قَدْ طَافَ وَسَعَى ثُمَّ فَرَغَ مِنْ حَجِّهِ وَرَجَعَ إلَى بَلَدِهِ أَجْزَأَهُ وَأَجَازَ ذَلِكَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّ الطَّوَافَ بِانْفِرَادِهِ لَيْسَ مِنْ شَرْطِهِ أَنْ يُؤْتَى بِهِ مِنْ الْحِلِّ، وَكَذَلِكَ السَّعْيُ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ كَانَ الصَّوَابُ أَنَّهُ جَائِزٌ حَسْبَمَا رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ انْتَهَى.

ص (ثُمَّ السَّعْيُ سَبْعًا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْهُ الْبَدْءُ مَرَّةً، وَالْعَوْدُ أُخْرَى)

ش هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى الْإِحْرَامِ فِي قَوْلِهِ: وَرُكْنُهُمَا الْإِحْرَامُ يَعْنِي أَنَّ الرُّكْنَ الثَّالِثَ مِنْ الْأَرْكَانِ الَّتِي يَشْتَرِكَ فِيهَا الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ السَّعْيُ، وَهُوَ آخِرُ أَرْكَانِ الْعُمْرَةِ وَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ: وَتَنْقَضِي الْعُمْرَةُ بِالطَّوَافِ وَالسَّعْيِ وَالْحِلَاقِ أَوْ التَّقْصِيرِ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ: أَيْ: كَمَالُ الْعُمْرَةِ، وَنَصُّهُ: اعْلَمْ أَنَّ الْعُمْرَةَ هِيَ إحْرَامٌ وَسَعْيٌ وَطَوَافٌ وَحَلْقٌ وَالثَّلَاثَةُ الْأُوَلُ أَرْكَانٌ، وَالرَّابِعُ: يُجْبَرُ بِالدَّمِ فَقَوْلُهُ: يَعْنِي ابْنَ الْحَاجِبِ تَنْقَضِي الْعُمْرَةُ أَيْ: كَمَالُ الْعُمْرَةِ، وَإِلَّا فَالْعُمْرَةُ تَصِحُّ بِدُونِ الْحِلَاقِ انْتَهَى، وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ السَّعْيَ رُكْنٌ هُوَ الْمَعْرُوفُ مِنْ الْمَذْهَبِ فَمَنْ تَرَكَ السَّعْيَ أَوْ شَوْطًا مِنْهُ أَوْ ذِرَاعًا مِنْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ صَحِيحَتَيْنِ أَوْ فَاسِدَتَيْنِ رَجَعَ لَهُ مِنْ بَلَدِهِ، وَرَوَى ابْنُ الْقَصَّارِ عَنْ الْقَاضِي إسْمَاعِيلَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ السَّعْيَ وَاجِبٌ يُجْبَرُ بِدَمٍ إذَا رَجَعَ لِبَلَدِهِ وَالرِّوَايَةُ الْمَذْكُورَةُ عَنْ مَالِكٍ هِيَ: مَنْ تَرَكَ السَّعْيَ حَتَّى تَبَاعَدَ، وَأَطَالَ وَأَصَابَ النِّسَاءَ أَنَّهُ يُهْدِي وَيُجْزِيهِ فَفَهِمَهَا صَاحِبُ الطِّرَازِ أَنَّهُ غَيْرُ رُكْنٍ عِنْدَهُ وَفَهِمَهَا اللَّخْمِيُّ وَابْنُ رُشْدٍ عَلَى أَنَّهُ قَالَ مُرَاعَاةً لِلْخِلَافِ.

وَيَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي التَّوْضِيحِ أَنَّهُ رُكْنٌ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ، وَأَنَّ الْقَوْلَ بِالرُّجُوعِ مُرَاعَاةً لِلْخِلَافِ وَصَرَّحَ بِذَلِكَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي شَرْحِهِ، وَهُوَ بَعِيدٌ وَانْظُرْ ابْنَ عَرَفَةَ وَلِلسَّعْيِ شُرُوطٌ مِنْهَا: كَوْنُهُ سَبْعَةَ أَشْوَاطٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْكَلَامِ عَلَى الطَّوَافِ أَنَّ مَنْ تَرَكَ مِنْ السَّعْيِ شَيْئًا، وَلَوْ ذِرَاعًا يَرْجِعُ لَهُ مِنْ بَلَدِهِ، وَمِنْهَا كَوْنُهُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ، فَلَوْ سَعَى فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْمَحِلِّ بِأَنْ دَارَ مِنْ سُوقِ اللَّيْلِ أَوْ نَزَلَ مِنْ الصَّفَا وَدَخَلَ مِنْ الْمَسْجِدِ لَمْ يَصِحَّ سَعْيُهُ، وَالْوَاجِبُ فِيهِ السَّعْيُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ، وَلَا يَجِبُ الصُّعُودُ عَلَيْهِمَا بَلْ هُوَ مُسْتَحَبٌّ، كَمَا سَيَأْتِي قَالَ سَنَدٌ: وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ إلْصَاقُ الْعَقِبَيْنِ بِالصَّفَا بَلْ أَنْ يَبْلُغَهُمَا مِنْ غَيْرِ تَحْدِيدٍ وَمَنْ شُرُوطِهِ الْبَدْءُ مِنْ الصَّفَا

، فَإِنْ بَدَأَ مِنْ الْمَرْوَةِ لَمْ يُعْتَدَّ بِذَلِكَ الشَّوْطِ الْأَوَّلِ، فَإِنْ اعْتَدَّ بِهِ فَهُوَ كَمَنْ تَرَكَ شَوْطًا مِنْ سَعْيِهِ، وَقَوْلُهُ: مِنْهُ الْبَدْءُ أَفَادَ أَنَّ الْبَدْءَ

ص: 84

مِنْ الصَّفَا، وَأَنَّهُ يَحْسِبُ ذَلِكَ شَوْطًا، وَيَحْسِبُ الْعَوْدَ شَوْطًا آخَرَ.

ص (وَصِحَّتُهُ بِتَقَدُّمِ طَوَافٍ وَنَوَى فَرِيضَتَهُ، وَإِلَّا فَدَمٌ)

ش يَعْنِي أَنَّ شَرْطَ صِحَّةِ السَّعْيِ أَنْ يَتَقَدَّمَهُ طَوَافٌ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: وَذَلِكَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَالْمَذْهَبُ شَرْطُ كَوْنِهِ بَعْدَ طَوَافٍ انْتَهَى.

، فَلَوْ سَعَى مِنْ غَيْرِ طَوَافٍ لَمْ يَجْزِهِ ذَلِكَ السَّعْيُ بِلَا خِلَافٍ وَقَوْلُهُ: وَنَوَى فَرْضِيَّتَهُ، وَإِلَّا فَدَمٌ يَعْنِي، وَيَجِبُ فِي الطَّوَافِ الَّذِي سَعَى بَعْدَهُ أَنْ يَكُونَ فَرْضًا، فَإِنْ أَوْقَعَ السَّعْيَ بَعْدَ طَوَافٍ لَيْسَ بِفَرْضٍ فَعَلَيْهِ دَمٌ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إثْرَ كَلَامِهِ الْمُتَقَدِّمِ: ثُمَّ اُخْتُلِفَ، هَلْ يُشْتَرَطُ مَعَ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ مَعَ أَحَدِ الطَّوَافَيْنِ إمَّا طَوَافَ الْقُدُومِ، وَإِمَّا طَوَافَ الْإِفَاضَةِ، وَيَكْفِي فِيهِ أَيُّ طَوَافٍ كَانَ، وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ إثْرَ كَلَامِهِ الْمُتَقَدِّمِ، وَفِي شَرْطِ وُجُوبِهِ قَوْلَانِ لِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَلَهَا انْتَهَى.

وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ: مِنْ شَرْطِ صِحَّةِ السَّعْيِ أَنْ يَتَقَدَّمَهُ طَوَافٌ وَاخْتُلِفَ، هَلْ مِنْ شَرْطِهِ أَنْ يَكُونَ وَاجِبًا أَوْ يَكْفِيَ أَيُّ طَوَافٍ كَانَ لِقَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَإِذَا طَافَ حَاجٌّ أَوَّلَ دُخُولِهِ مَكَّةَ لَا يَنْوِي بِهِ تَطَوُّعًا، وَلَا فَرِيضَةً لَمْ يُجْزِهِ سَعْيُهُ إلَّا بَعْدَ طَوَافٍ يَنْوِي بِهِ طَوَافَ الْفَرِيضَةِ، فَإِنْ لَمْ يَتَبَاعَدْ رَجَعَ فَطَافَ وَسَعَى، وَإِنْ فَرَغَ مِنْ حَجِّهِ ثُمَّ رَجَعَ إلَى بَلَدِهِ وَتَبَاعَدَ وَجَامَعَ النِّسَاءَ أَجْزَأَهُ ذَلِكَ، وَعَلَيْهِ دَمٌ، وَالدَّمُ فِي هَذَا خَفِيفٌ انْتَهَى.

فَتَخْفِيفُهُ لِلدَّمِ يَقْتَضِي أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِشَرْطٍ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: إلَى الِاشْتِرَاطِ يَرْجِعُ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ، وَهَذَا هُوَ الْمَنْصُوصُ فِي الْمَذْهَبِ انْتَهَى.

، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ الِاشْتِرَاطَ لَلَزِمَهُ الرُّجُوعُ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ الْعَدَمُ عَلَى أَنَّ سَنَدًا اعْتَرَضَ عَلَى الْبَرَاذِعِيُّ قَوْلَهُ: وَلَمْ يَنْوِ فَرْضًا، وَلَا تَطَوُّعًا لَمْ يُجْزِهِ، وَقَالَ: إنَّمَا قَالَ فِي الْكِتَابِ: وَلَمْ يَنْوِ حَجًّا ثُمَّ سَعَى فَلَا أُحِبُّ لَهُ سَعْيَهُ إلَّا بَعْدَ طَوَافٍ يَنْوِي بِهِ الْفَرْضَ، فَإِنْ رَجَعَ إلَى بَلَدِهِ أَوْ جَامَعَ رَأَيْتُهُ مُجْزِيًا عَنْهُ، وَعَلَيْهِ دَمٌ انْتَهَى كَلَامُ التَّوْضِيحِ يَعْنِي أَنَّ سَنَدًا اعْتَرَضَ عَلَى الْبَرَاذِعِيُّ فِي قَوْلِهِ: لَمْ يُجْزِهِ، فَإِنَّهُ قَالَ فِي الطِّرَازِ: لَوْ لَمْ يَكُنْ مُجْزِيًا لَوَجَبَ أَنْ يَرْجِعَ لَهُ مِنْ بَلَدِهِ، كَمَا لَوْ طَافَ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ وَسَعَى، وَلَمْ يُعِدْ سَعْيُهُ حَتَّى رَجَعَ إلَى بَلَدِهِ وَأَجَابَ الْعَوْفِيُّ عَنْ الْبَرَاذِعِيّ بِأَنَّ الْإِجْزَاءَ مَعْنَاهُ الِاكْتِفَاءُ، وَهُوَ لَا يَكْتَفِي بِمَا فَعَلَهُ قَرِيبًا كَانَ أَوْ بَعِيدًا فَفِي الْقُرْبِ يُعِيدُهُ، وَفِي الْبُعْدِ يَجْبُرُهُ بِالدَّمِ قَالَ: وَإِنَّمَا الِاعْتِرَاضُ عَلَى الْبَرَاذِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ فِي الْأُمِّ لَمْ يَنْوِ بِطَوَافِهِ لِحَجِّهِ، وَبَدَّلَهَا هُوَ بِقَوْلِهِ: فَرِيضَةً، وَلَا تَطَوُّعًا، وَهَذِهِ الْعِبَارَةُ إنَّمَا تُطْلَقُ عَلَى الْعَابِثِ أَوْ الذَّاهِلِ ثُمَّ قَالَ: وَيُمْكِنُ أَنْ يَنْتَصِرَ لَهُ بِأَنَّهُ أَرَادَ أَنَّهُ لَمْ يُعَيِّنْ نِيَّتَهُ حِينَ الطَّوَافِ أَنَّهُ تَطَوُّعٌ، وَلَا قُدُومَ فَلَا يَكْتَفِي بِهِ، وَإِنْ تَبَاعَدَ أَجْزَأَهُ إذْ لَمْ يَخْلُ عَنْ نِيَّةِ التَّقَرُّبِ بِهِ، وَقَرِينَتُهُ حَالَ الْحَاجِّ لَا سِيَّمَا مِنْ الْبِلَادِ الْبَعِيدَةِ أَنَّهُ إنَّمَا يَطُوفُ تَقَرُّبًا بِاَللَّهِ تَعَالَى، وَأَقَلُّ دَرَجَاتِ هَذِهِ النِّيَّةِ التَّطَوُّعُ فَلِهَذَا سَاغَ أَنْ يَكْتَفِيَ بِهِ انْتَهَى.

يَعْنِي مَعَ الْبُعْدِ (قُلْتُ:) ، وَاَلَّذِي رَأَيْتُهُ فِي الْأُمِّ، كَمَا قَالَ الْبَرَاذِعِيُّ وَنَصُّهَا: قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا دَخَلَ مَكَّةَ فَطَافَ بِالْبَيْتِ أَوَّلَ مَا دَخَلَ مَكَّةَ لَا يَنْوِي بِطَوَافِهِ هَذَا فَرِيضَةً، وَلَا تَطَوُّعًا ثُمَّ يَسْعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ؟ قَالَ: لَا أَرَى أَنْ يُجْزِيَهُ سَعْيُهُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ إلَّا بَعْدَ طَوَافٍ يَنْوِيَ بِهِ طَوَافَ الْفَرِيضَةِ الَّذِي دَخَلَ بِهِ، فَإِنْ فَرَغَ مِنْ حَجِّهِ، وَرَجَعَ إلَى بَلَدِهِ وَتَبَاعَدَ، وَجَامَعَ النِّسَاءَ رَأَيْتُ ذَلِكَ مُجْزِيًا عَنْهُ وَرَأَيْتُ عَلَيْهِ الدَّمَ، وَالدَّمُ فِي هَذَا خَفِيفٌ عِنْدِي، قَالَ: وَإِنْ كَانَ لَمْ يَتَبَاعَدْ رَأَيْتُ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ وَيَسْعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ انْتَهَى.

وَهَكَذَا نَقَلَهُ يُونُسُ، وَنَقَلَ الْعَوْفِيُّ عَنْ الْأُمِّ مِثْلَ مَا قَالَ سَنَدٌ وَاخْتِصَارُ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ قَرِيبٌ مِنْ ذَلِكَ، وَلَعَلَّ نُسَخَ الْأُمِّ مُخْتَلِفَةٌ، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

فَعُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَنَوَى فَرِيضَتَهُ، وَإِلَّا فَدَمٌ الطَّوَافُ الَّذِي يَقَعَ بَعْدَهُ السَّعْيُ يَجِبُ أَنْ يَنْوِيَ فَرْضِيَّتَهُ بِأَنْ يَكُونَ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ أَوْ طَوَافَ الْقُدُومِ بِالْحَجِّ أَوْ طَوَافَ الْعُمْرَةِ، فَإِنْ أَوْقَعَهُ بَعْدَ طَوَافٍ لَا يَنْوِي فَرْضِيَّتَهُ كَطَوَافِ الْوَدَاعِ أَوْ طَوَافِ تَطَوُّعٍ، كَمَنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ مِنْ مَكَّةَ وَطَافَ وَسَعَى، فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ بِإِعَادَتِهِ بَعْدَ

ص: 85