الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النُّزُولِ إلَى جُدَّةَ وَإِلَى تَحْصِينِهَا بِالْمَدَافِعِ وَالْآلَاتِ وَأَقَامُوا بِهَا مُدَّةً، ثُمَّ لَمْ يَظْهَرْ لَهُمْ خَبَرٌ وَلَمْ يَأْتِ مِنْهُمْ أَحَدٌ بَعْدَ تِلْكَ السَّنَةِ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ، غَيْرَ أَنَّهُ فِي بَعْضِ السِّنِينَ يُذْكَرُ أَنَّ بَعْضَ مَرَاكِبَ مِنْهُمْ فِي الْبَحْرِ فِي طَرِيقِ عَدَنَ وَسَوَاحِلِ الْيَمَنِ إلَى سَنَةِ تِسْعٍ وَأَرْبَعِينَ وَتِسْعِمِائَةٍ، فَجَاءَ مِنْهُمْ بَعْضُ أَغْرِبَةٍ فِي تِلْكَ السَّنَةِ إلَى أَنْ وَصَلُوا إلَى سَاحِلِ جُدَّةَ، وَأَخَذُوا بَعْضَ الْجُلَّابِ الْوَاصِلَةِ إلَى جُدَّةَ مِنْ الشَّامِ وَمَنْ الْيَمَنِ، وَفِيهَا جَمَاعَةٌ مِنْ الْحُجَّاجِ فَكَّ اللَّهُ أَسْرَهُمْ وَنَصَرَ الْمُسْلِمِينَ وَأَلْهَمَهُمْ رُشْدَهُمْ وَخَذَلَ الْكَفَرَةَ وَرَدَّ كَيْدَهُمْ فِي نَحْرِهِمْ آمِينَ آمِينَ
ص (إلَّا الْمُتَصَدَّقَ بِهِ عَلَى مُعَيَّنٍ فَالْجَمِيعُ)
ش: ذَكَرَ هَذَا الْفَرْعَ فِي النَّوَادِرِ، وَنَقَلَهُ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ عَنْهَا، وَذَكَرَ عَبْدُ الْحَقِّ فِي كِتَابِ الْهِبَاتِ مِنْ النُّكَتِ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ قَالَ عَنْهُ وَيُتْرَكُ لَهُ مِنْهُ شَيْءٌ كَمَا يُتْرَكُ لِمَنْ فَلَّسَ وَأَخِذَ مَالُهُ مَا يَعِيشُ بِهِ هُوَ وَأَهْلُهُ الْأَيَّامَ، انْتَهَى.
(فَرْعٌ) قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَإِنْ قَالَ: ثُلُثُ مَالِي أَوْ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ أَوْ أَكْثَرُ، فَلْيُخْرِجْ جَمِيعَ مَا سَمَّى مَا لَمْ يَقُلْ مَالُهُ كُلُّهُ، انْتَهَى.
وَالضَّابِطُ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ حَيْثُ أَبْقَى لِنَفْسِهِ شَيْئًا لَزِمَهُ مَا نَذَرَ وَحَيْثُ لَمْ يُبْقِ لَزِمَهُ الثُّلُثُ، وَإِنَّمَا لَزِمَهُ إذَا نَذَرَ جَمِيعَهُ لِشَخْصٍ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحِقَّ لَهُ مُعَيَّنٌ يُطَالِبُ بِهِ، وَإِنَّمَا لَزِمَهُ فِيمَا إذَا نَذَرَ شَيْئًا مُعَيَّنًا وَكَانَ ذَلِكَ جَمِيعَ مَالِهِ كَمَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ أَبْقَى شَيْئًا، وَلَوْ ثِيَابَ بَدَنِهِ وَمَا لَمْ يَعْلَمْ بِهِ مِنْ الْمَالِ فَتَأَمَّلْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
. ص (وَكَرَّرَ إنْ أَخْرَجَ وَإِلَّا فَقَوْلَانِ)
ش: يَعْنِي أَنَّهُ إذَا حَلَفَ بِمَالِهٍ وَأَخْرَجَ ثُلُثَهُ، ثُمَّ حَلَفَ بِمَالِهِ، فَإِنَّهُ يُكَرِّرُ إخْرَاجَ ثُلُثِهِ وَكَذَلِكَ ثَالِثًا وَرَابِعًا، هَذَا إذَا كَانَتْ يَمِينُهُ الثَّانِيَةُ وَحِنْثُهَا بَعْدَ الْحِنْثِ وَالْإِخْرَاجِ، فَإِنْ كَانَتْ يَمِينُهُ وَحِنْثُهُ بَعْدَ الْحِنْثِ فِي الْأُولَى وَقَبْلَ الْإِخْرَاجِ فَفِيهَا قَوْلَانِ، وَإِنْ كَانَتْ يَمِينُهُ الثَّانِيَةُ قَبْلَ الْحِنْثِ وَالْإِخْرَاجِ، فَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ اخْتَلَفَ نَظَرُ الشُّيُوخِ هَلْ يَجْرِي فِيهِ الْقَوْلَانِ أَوْ لَا، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْبَاجِيِّ أَنَّهُ يَجْرِي فِيهِ الْقَوْلَانِ، قَالَ فِي التَّوْضِيحِ الْبَاجِيُّ، وَإِذَا قُلْنَا يَكْفِي ثُلُثٌ وَاحِدٌ، فَقَالَ: يَحْيَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ سَوَاءٌ كَانَتْ أَيْمَانُهُ فِي أَوْقَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ أَوْ أَيْمَانٍ مُخْتَلِفَةٍ فَحَنِثَ فِيهَا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ أَوْ حَنِثَ فِيهَا حِنْثًا بَعْدَ حِنْثٍ، انْتَهَى. قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَلَوْ كَرَّرَهُ قَبْلَ حِنْثِهِ فَفِي لُزُومِ ثُلُثٍ وَاحِدٍ لِجَمِيعِ الْأَيْمَانِ، وَلَوْ اخْتَلَفَتْ وَتَعَدَّدَتْ أَوْقَاتُهَا أَوْ أَوْقَاتُ حِنْثِهَا حَنِثَ فِي بَعْضِهَا فَأَخْرَجَ ثُلُثَهُ، ثُمَّ حَنِثَ فِي بَقِيَّتِهَا كَتَكَرُّرِهَا بِعِتْقِ عَبْدٍ مُعَيَّنٍ، أَوْ لِأَوَّلِ حِنْثِهِ ثُلُثُهُ، وَلِثَانِيهِ ثُلُثُ مَا بَقِيَ نَقْلًا ابْنُ رُشْدٍ عَنْ سَمَاعِ يَحْيَى بْنِ الْقَاسِمِ قَائِلًا: كَانَتْ أَيْمَانُهُ فِي أَيَّامٍ مُتَفَرِّقَةٍ أَوْ غَيْرِ مُتَفَرِّقَةٍ أَوْ كَانَ حِنْثُهُ كَذَلِكَ وَعَنْ سَمَاعِ أَبِي زَيْدٍ مُحْتَمَلًا كَوْنُهُ لِابْنِ الْقَاسِمِ أَوْ لِابْنِ كِنَانَةَ، انْتَهَى.
ص (وَمَا سَمَّى، وَإِنْ مُعَيَّنًا أَتَى عَلَى الْجَمِيعِ)
ش: وَفِي مَسَائِلِ الْقَابِسِيِّ فِيمَنْ حَلَفَ بِصَدَقَةِ رَبْعِهِ، وَلَا شَيْءَ لَهُ غَيْرُهُ، وَعَلَيْهِ الْحَجُّ أَنَّهُ يَأْخُذُ مِنْ ثَمَنِ الرَّبْعِ مَا يَحُجُّ بِهِ نَفَقَةً بِلَا تَرَفُّهٍ، وَلَا إسْرَافٍ، وَلَا هَدِيَّةٍ، وَلَا تَفَضُّلٍ عَلَى أَحَدٍ، وَمَا فَضَلَ مِنْ ثَمَنِهِ تَصَدَّقَ بِهِ، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ كَفَّارَاتُ أَيْمَانٍ تَسْتَغْرِقُ ثَمَنَ الرَّبْعِ الَّذِي حَلَفَ بِصَدَقَتِهِ، وَلَيْسَ لَهُ غَيْرُهُ، فَإِنَّهُ يَبْدَأُ بِكَفَّارَاتِ الْأَيْمَانِ، وَلَا تُؤَخَّرُ فَمَا فَضَلَ عَنْهَا كَانَ فِي الْيَمِينِ بِالصَّدَقَةِ، وَإِنْ أَيْسَرَ قَبْلَ النَّظَرِ فِي ذَلِكَ فَكَفَّارَةُ الْأَيْمَانِ فِي يُسْرِهِ، وَالرَّبْعُ يُصْرَفُ فِي يَمِينِهِ الَّتِي حَلَفَ، انْتَهَى.
[مَسْأَلَةٌ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْإِنْسَانِ إلَّا قُوتُ يَوْمِ الْفِطْرِ وَقَدْ نَذَرَ إخْرَاجَهُ]
(مَسْأَلَةٌ) إذَا
لَمْ يَكُنْ لِلْإِنْسَانِ إلَّا قُوتُ يَوْمِ الْفِطْرِ لَا يَلْزَمُهُ إخْرَاجُهُ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ، وَلَوْ نَذَرَ إخْرَاجَهُ لَزِمَهُ، قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ فِي كِتَابِ الْحَجِّ فِي قَوْلِهِ: وَفِي رُكُوبِهَا الْبَحْرَ وَالْمَشْيِ الْبَعِيدِ.
ص (كَهَدْيٍ)
ش: يَعْنِي أَنَّهُ إذَا نَذَرَ هَدْيَ شَيْءٍ مِمَّا يُهْدَى كَالْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ وَكَانَ يُمْكِنُ وُصُولُهُ لَزِمَهُ إرْسَالُهُ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ وُصُولُهُ بِيعَ وَعَوَّضَ بِهِ مِنْ مَكَّةَ أَوْ مِنْ أَيِّ مَوْضِعٍ، فَإِنْ ابْتَاعَهَا مِنْ مَكَّةَ فَلْيُخْرِجْهَا إلَى الْحِلِّ ثُمَّ يُدْخِلْهَا إلَى الْحَرَمِ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ، وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ اللَّخْمِيُّ يَشْتَرِي مِنْ حَيْثُ يَرَى أَنَّهُ يَبْلُغُهُ لَا يُؤَخِّرُ إلَى مَوْضِعٍ أَغْلَى إلَّا أَنْ لَا يَجِدَ مَنْ يَسُوقُهُ، فَلَا بَأْسَ أَنْ يُؤَخِّرَ إلَى مَكَّةَ، وَلَوْ وَجَدَ مِثْلَ الْأَوَّلِ بِبَعْضِ الطَّرِيقِ لَمْ يُؤَخِّرْ لِأَفْضَلَ مِنْهُ بِمَكَّةَ.
(قُلْتُ) فِيهَا لِمَالِكٍ يَشْتَرِي بِثَمَنِ الشَّاةِ شَاةً بِمَكَّةَ، وَلِابْنِ الْقَاسِمِ فِيمَا لَا يَصِلُ مِنْ إبِلٍ يَشْتَرِي بِثَمَنِهَا مِنْ الْمَدِينَةِ أَوْ مِنْ مَكَّةَ أَوْ مِنْ حَيْثُ أَحَبَّ، وَلَهُ أَيْضًا فِيمَا لَا يَبْلُغُ مِنْ بَقَرٍ يَشْتَرِي بِثَمَنِهَا هَدْيًا مِنْ حَيْثُ يَبْلُغُ وَيُجْزِئُهُ عِنْدَ مَالِكٍ مِنْ مَكَّةَ أَوْ الْمَدِينَةِ أَوْ مِنْ حَيْثُ أَحَبَّ مِنْ حَيْثُ يَبْلُغُ، انْتَهَى.
ص (وَلَوْ مَعِيبًا عَلَى الْأَصَحِّ)
ش: أَيْ يَلْزَمُ بَعْثُ الْهَدْيِ، وَلَوْ كَانَ مَعِيبًا عَلَى الْأَصَحِّ، وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ وَانْظُرْ مَنْ صَحَّحَهُ، وَظَاهِرُ قَوْلِ أَشْهَبَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُعَوِّضَهُ بِالسَّلِيمِ إذَا عَيَّنَهُ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يُعَيِّنْهُ فَالِاتِّفَاقُ عَلَى أَنَّهُ يَلْزَمُهُ السَّلِيمُ، وَإِذَا قُلْنَا يَلْزَمُ بَعْثُ الْمَعِيبِ وَتَعَذَّرَ وُصُولُهُ وَبَاعَهُ فَهَلْ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ شِرَاءُ السَّلِيمِ أَمْ لَا؟ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ السَّلِيمُ.
ص (وَلَهُ فِيهِ إذَا بِيعَ الْإِبْدَالُ بِالْأَفْضَلِ) ش الضَّمِيرُ فِي فِيهِ يَتَعَيَّنُ رَدُّهُ إلَى قَوْلِهِ: كَهَدْيٍ يَعْنِي أَنَّهُ لَهُ فِيهِ خَاصَّةً إبْدَالُهُ بِالْأَفْضَلِ، بِخِلَافِ الْفَرَسِ وَالسِّلَاحِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِثَمَنِهِ إذَا لَمْ يَصِلْ غَيْرُ جِنْسِهِ مِنْ سِلَاحٍ وَكُرَاعٍ، وَلَوْ كَانَ الِاحْتِيَاجُ إلَى الْغَيْرِ أَكْثَرَ، انْتَهَى.
. ص (، وَإِنْ كَانَ كَثَوْبٍ بِيعَ وَكُرِهَ بَعْثُهُ وَأُهْدِيَ بِهِ)
ش: أَيْ فَإِنْ كَانَ مَا نَذَرَهُ هَدْيًا مِمَّا لَا يُهْدَى، مِثْلُ الثَّوْبِ وَالْعَبْدِ وَالدَّابَّةِ بَاعَهُ وَعَوَّضَ بِثَمَنِهِ هَدْيًا، فَإِنْ لَمْ يَبِعْهُ وَبَعَثَهُ كُرِهَ لَهُ ذَلِكَ وَبَاعَهُ وَأَهْدَى بِهِ، فَقَوْلُهُ: وَأَهْدَى بِهِ يَعْنِي، فَإِنْ فَعَلَ الْمَكْرُوهَ وَبَعَثَهُ بِيعَ هُنَاكَ وَاشْتُرِيَ بِهِ هَدْيٌ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَهُوَ مَبْنِيٌّ لِلْمَفْعُولِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَهَلْ اُخْتُلِفَ هَلْ يُقَوِّمُهُ إلَخْ)
ش: مَا حَمَلَهُ عَلَيْهِ بَهْرَامُ هُوَ
الظَّاهِرُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (فَإِنْ عَجَزَ عَوَّضَ الْأَدْنَى)
ش: قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: أَيْ فَإِنْ قَصُرَ الثَّمَنُ فِي مَسْأَلَةِ الْهَدْيِ وَالْجِهَادِ عَنْ شِرَاءِ الْمِثْلِ فَإِنَّهُ يُعَوِّضُ الْأَدْنَى ابْنُ هَارُونَ، وَلَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ اهـ. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَمَا الْتَزَمَ إخْرَاجَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مِمَّا يَصْلُحُ بِعَيْنِهِ لِلْجِهَادِ أَوْ حَلَفَ بِهِ كَالْهَدْيِ فِي إخْرَاجِ عَيْنِهِ أَوْ ثَمَنِهِ إنَّ تَعَذَّرَ وُصُولُهُ لِمَحَلِّهِ، إلَّا إنَّهُ لَا يَشْتَرِي بِثَمَنِهِ إلَّا مِثْلَهُ لِاخْتِلَافِ الْمَنَافِعِ فِيهِ التُّونُسِيُّ، فَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ مِثْلَهُ اشْتَرَى بِهِ أَقْرَبَ غَيْرِهِ إلَيْهِ، فَإِنْ قَصُرَ عَنْهُ فَكَمَا لَا يَصْلُحُ فِيهَا كَعَبْدِهِ يَبِيعُهُ وَيَدْفَعُ ثَمَنَهُ مَنْ يَغْزُو بِهِ مِنْ مَوْضِعِهِ إنْ وُجِدَ وَإِلَّا بَعَثَ بِهِ إلَيْهِ، انْتَهَى.
فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ فَإِنْ عَجَزَ يَعْنِي، فَإِنْ عَجَزَ ثَمَنُ مَا نَذَرَ أَنَّهُ هَدْيٌ وَلَمْ يُمْكِنْ وُصُولُهُ، وَلَا ثَمَنُ مَا نَذَرَ فِي السَّبِيلِ مِمَّا لَمْ يَصِلْ أَيْضًا أَوْ ثَمَنُ مَا لَا يُهْدَى عَنْ أَعْلَى الْهَدْيِ عَوَّضَ الْأَدْنَى، فَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ ذَلِكَ مِنْ أَدْنَى الْهَدْيِ وَهُوَ شَاةٌ، فَإِنَّهُ يُدْفَعُ لِخَزَنَةِ الْكَعْبَةِ
ص (ثُمَّ لِخَزَنَةِ الْكَعْبَةِ يُصْرَفُ فِيهَا إنْ احْتَاجَتْ وَإِلَّا تَصَدَّقَ بِهِ وَأَعْظَمَ مَالِكٌ أَنْ يُشْرَكَ مَعَهُمْ غَيْرُهُمْ؛ لِأَنَّهُ وِلَايَةٌ مِنْهُ عليه الصلاة والسلام)
ش: يَعْنِي أَنَّهُ إذَا عَجَزَ ثَمَنُ مَا لَا يُهْدَى عَنْ قِيمَةِ أَدْنَى الْهَدْيِ، وَهُوَ الشَّاةُ فَإِنَّهُ يَدْفَعُ لِخَزَنَةِ الْكَعْبَةِ يُصْرَفُ فِيهَا إنْ احْتَاجَتْ إلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِ فَيَتَصَدَّقُ بِهِ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: فَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ ذَلِكَ ثَمَنَ هَدْيٍ وَأَدْنَاهُ شَاةٌ أَوْ فَضُلَ مِنْهُ مَا لَا يَبْلُغُ ذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ يَبْعَثُهُ إلَى خَزَنَةِ الْكَعْبَةِ يُنْفَقُ عَلَيْهَا، وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ حَيْثُ شَاءَ، وَاسْتَشْكَلَ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ قَوْلَ مَالِكٍ بِأَنَّ الْكَعْبَةَ لَا تُنْقَضُ فَتُبْنَى، وَلَا يَكْسُوهَا إلَّا الْمُلُوكُ، وَيَأْتِيهَا مِنْ الطَّيِّبِ مَا فِيهِ كِفَايَةٌ، وَمَكَانِسُهَا خُوصٌ لَا تُسَاوِي إلَّا مَا لَا بَالَ لَهُ، فَلَمْ يَبْقَ إلَّا أَنْ تَأْكُلَهُ الْحَجَبَةُ، وَلَيْسَ مِنْ قَصْدِ النَّاذِرِ فِي شَيْءٍ، لَكِنْ وَقَعَ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ مَا يُزِيلُ هَذَا الْإِشْكَالَ، فَإِنَّهُ قَالَ بَعْدَ قَوْلِهِ: يُنْفَقُ عَلَيْهَا، فَإِنْ لَمْ تَحْتَجْ الْكَعْبَةُ إلَيْهِ تَصَدَّقَ بِهِ، وَسَاقَهُ ابْنُ يُونُسَ عَلَى أَنَّهُ تَفْسِيرٌ، وَنَبَّهَ الْمُصَنِّفُ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: إنْ احْتَاجَتْ وَإِلَّا تَصَدَّقَ بِهِ.
، ثُمَّ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: وَأَعْظَمَ مَالِكٌ إلَخْ إلَى مَسْأَلَةٍ تَتَعَلَّقُ بِخَزَنَةِ الْكَعْبَةِ، وَلَيْسَتْ مِنْ بَابِ النُّذُورِ، وَلَكِنْ ذَكَرَهَا فِي الْمُدَوَّنَةِ فِيهِ فَتَبِعَهُ الْمُصَنِّفُ كَغَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ
(وَلَمَّا تَعَرَّضَ الْمُصَنِّفُ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، فَلَا بَأْسَ أَنْ نَبْسُطَ الْقَوْلَ فِيهَا وَنَذْكُرَ مَا يَتَعَلَّقُ بِهَا مِنْ الْمَسَائِلِ وَالْأَحْكَامِ تَتْمِيمًا لِلْفَائِدَةِ إذْ لَيْسَ لَهَا مَحَلٌّ غَيْرُ هَذَا) فَأَقُولُ: الْخَزَنَةُ جَمْعُ خَازِنٍ، وَخَزَنَةُ الْكَعْبَةِ هُمْ بَنُو شَيْبَةَ يُقَالُ لَهُمْ: خَزَنَةٌ وَسَدَنَةٌ وَحَجَبَةٌ، مَنْصِبُهُمْ يُقَالُ لَهُ: حِجَابَةٌ وَسِدَانَةٌ وَخِزَانَةٌ بِكَسْرِ الْخَاءِ، قَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ فِي الْبَابِ الثَّامِنِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ كِتَابِ الْقُرْبَى: الْحِجَابَةُ مَنْصِبُ بَنِي شَيْبَةَ وَلَّاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إيَّاهَا كَمَا وَلَّى السِّقَايَةَ لِعَمِّهِ الْعَبَّاسِ رضي الله عنه، وَصَحَّ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«أَلَا إنَّ كُلَّ مَأْثُرَةٍ كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَهِيَ تَحْتَ قَدَمِي إلَّا سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَسِدَانَةَ الْبَيْتِ» وَالْمَأْثُرَةُ: الْمَكْرُمَةُ وَالْمَفْخَرَةُ الَّتِي تُؤْثَرُ عَنْهُمْ أَيْ تُرْوَى عَنْهُمْ وَتُذْكَرُ، وَالْمُرَادُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ إسْقَاطُهَا وَحَطُّهَا إلَّا هَاتَيْنِ الْمَأْثُرَتَيْنِ، وَسِدَانَةُ الْبَيْتِ خِدْمَتُهُ وَتَوَلِّي أَمْرِهِ وَفَتْحُ بَابِهِ وَإِغْلَاقُهُ، يُقَالُ: سَدَنَ يَسْدُنُ فَهُوَ سَادِنٌ وَالْجَمْعُ سَدَنَةٌ، ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا دَخَلَ مَكَّةَ عَامَ الْفَتْحِ قَالَ لِعُثْمَانَ بْنِ طَلْحَةَ: ائْتِ بِالْمِفْتَاحِ.
قَالَ: فَأَتَيْتُهُ بِهِ، ثُمَّ دَفَعَهُ إلَيَّ، وَقَالَ: خُذُوهَا يَا بَنِي أَبِي طَلْحَةَ خَالِدَةً تَالِدَةً لَا يَنْزِعُهَا مِنْكُمْ إلَّا ظَالِمٌ، ثُمَّ قَالَ: وَلَمْ يَزَلْ عُثْمَانُ يَلِي الْبَيْتَ إلَى أَنْ تُوُفِّيَ، فَدَفَعَ ذَلِكَ إلَى شَيْبَةَ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، وَهُوَ ابْنُ عَمِّهِ فَبَقِيَتْ الْحِجَابَةُ فِي بَنِي شَيْبَةَ، ثُمَّ ذَكَرَ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم دَفَعَ الْمِفْتَاحَ يَوْمَ الْفَتْحِ إلَى عُثْمَانَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ وَإِلَى ابْنِ عَمِّهِ شَيْبَةَ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، وَقَالَ: خُذُوهَا خَالِدَةً تَالِدَةً لَا يَنْزِعُهَا مِنْكُمْ إلَّا ظَالِمٌ قَالَ، ثُمَّ نَزَلَ عُثْمَانُ الْمَدِينَةَ فَأَقَامَ بِهَا إلَى أَنْ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ انْتَقَلَ إلَى مَكَّةَ فَسَكَنَهَا حَتَّى مَاتَ فِي أَوَّلِ خِلَافَةِ مُعَاوِيَةَ رضي الله عنه سَنَةَ اثْنَيْنِ وَأَرْبَعِينَ، وَقِيلَ: قُتِلَ بِأَجْنَادِينَ، ثُمَّ ذُكِرَ عَنْ الْوَاحِدِيِّ أَنَّ أَخْذَ الْمِفْتَاحِ مِنْ عُثْمَانَ وَرَدَّهُ إلَيْهِ وَنُزُولَ الْآيَةِ بِالْأَمْرِ بِرَدِّهِ