الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَالنَّاسُ بِمِنًى قَالَ فَلِذَلِكَ جَاءَ سَابِقُ الْحَاجِّ يُخْبِرُ بِسَلَامَةِ النَّاسِ (قُلْت:) هَذَا أَصْلُ قُدُومِ الْمُبَشِّرِ عَنْ الْحَاجِّ، وَفِيهِ بَيَانُ السَّبَبِ فِي ذَلِكَ، وَأَنَّهُ كَانَ مِنْ زَمَنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ إلَّا أَنَّ الْمُبَشِّرَ الْآنَ يَخْرُجُ مِنْ مَكَّةَ يَوْمَ الْعِيدِ وَحَقُّهُ أَنْ لَا يَخْرُجَ إلَّا بَعْدَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، ثُمَّ رَأَيْتُ ابْنَ مَرْدُوَيْهِ أَخْرَجَ فِي السِّيرَةِ مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ أَبِي أَسِيدٍ أَرَاهُ رَفَعَهُ، قَالَ: تَخْرُجُ الدَّابَّةُ مِنْ أَعْظَمِ الْمَسَاجِدِ حُرْمَةً فَبَيْنَمَا هُمْ قُعُودٌ تَرْبُوا الْأَرْضُ فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إذْ تَصَعَّدَتْ قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ تَخْرُجُ حِينَ يَسْرِي الْإِمَامُ مِنْ جَمْعٍ، وَإِنَّمَا جُعِلَ سَابِقُ الْحَاجِّ لِيُخْبِرَ النَّاسَ أَنَّ الدَّابَّةَ لَمْ تَخْرُجْ فَهَذِهِ الرِّوَايَةُ تَقْتَضِي أَنَّ خُرُوجَ الْمُبَشِّرِ يَوْمَ الْعِيدِ وَاقِعٌ مَوْقِعَهُ انْتَهَى.
ص (وَتَقْدِيمُ الضَّعَفَةِ فِي الرَّدِّ لِلْمُزْدَلِفَةِ) ش أَيْ: تَقْدِيمُ الضَّعَفَةِ إلَى مِنًى فِي الرَّدِّ إلَى الْمُزْدَلِفَةِ أَوْ اللَّامُ بِمَعْنَى مِنْ كَقَوْلِهِمْ: سَمِعْتُ لَهُ صُرَاخًا أَيْ: مِنْهُ، وَنَحْوُهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِيمَا يَأْتِي فِي الْأَشْعَارِ مِنْ الرَّأْسِ لِلرَّقَبَةِ أَيْ: مِنْ الرَّقَبَةِ أَيْ: مِنْ جِهَةِ الرَّقَبَةِ قَالَ الشَّيْخُ زَرُّوق فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ: أَمَّا دَفْعُهُ مِنْ الْمَشْعَرِ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ فَسُنَّةٌ، وَلَا بَأْسَ بِتَقْدِيمِ الضَّعَفَةِ لَيْلًا كَنَفْرِهِمْ مِنْ عَرَفَةَ بَعْدَ الْغُرُوبِ وَقَبْلَ الْإِمَامِ انْتَهَى.
وَقَالَ غَيْرُهُ (تَنْبِيهٌ) قَالَ فِي التَّلْقِينِ، وَلِلْإِمَامِ أَنْ يُقَدِّمَ ضَعَفَةَ أَهْلِهِ لَيْلَةَ الْمُزْدَلِفَةِ إلَى مِنًى بِشَرْطِ الدَّمِ، وَقِيلَ: إنَّهَا رُخْصَةٌ لَهُ خُصُوصًا انْتَهَى.
، وَهُوَ مُشْكِلٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (مِنْ الزَّوَالِ لِلْغُرُوبِ) ش هَذَا وَقْتُ الْأَدَاءِ، وَالْوَقْتُ الْمُخْتَارُ مِنْهُ مِنْ الزَّوَالِ إلَى الِاصْفِرَارِ.
ص (وَصِحَّتُهُ بِحَجَرٍ كَحَصَى الْخَذْفِ) ش قَالَ ابْنُ هَارُونَ فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ شَاسٍ: يُشْتَرَطُ كَوْنُهَا حَجَرًا، وَلَا يُجْزِي غَيْرُ الْحَجَرِ، وَهُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ لَفْظِ الْحَصَى وَالْجِمَارِ إلَّا أَنَّ فِي عَدَمِ إجْزَاءِ غَيْرِهِ نَظَرًا انْتَهَى.
وَاسْتَحَبَّ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنْ يَكُونَ حَصَى الْجِمَارِ أَكْبَرَ مِنْ حَصَى الْخَذْفِ قَلِيلًا قَالَ فِي التَّوْضِيحِ قَالَ سَنَدٌ: وَكَانَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ يَرْمِي بِأَكْبَرَ مِنْ حَصَى الْخَذْفِ وَاسْتَشْكَلَ الشَّافِعِيُّ اسْتِحْبَابَ مَالِكٍ كَوْنَهَا أَكْبَرَ مَعَ مَا وَرَدَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَمَى بِمِثْلِ حَصَى الْخَذْفِ، وَأُجِيبُ بِوَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا لِلْبَاجِيِّ: أَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْهُ الْحَدِيثُ، وَالثَّانِي لِعَبْدِ الْحَقِّ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ بَلَغَهُ لَكِنْ اسْتَحَبَّ الزِّيَادَة عَلَى حَصَى الْخَذْفِ لِئَلَّا يُنْقِصَ الرَّامِي ذَلِكَ انْتَهَى.
وَقَالَ ابْنُ نَاجِي: قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ فَوْقَ الْفُسْتُقِ وَدُونَ الْبُنْدُقِ قَالَ الْفَاكِهَانِيُّ: سَمِعْتُ خَطِيبَ الْحَاجِّ بِمَكَّةَ يَقُولُهُ ثُمَّ رَأَيْتُهُ لِأَصْحَابِنَا انْتَهَى.
[فَرْعٌ الرَّمْي بالحجر الْمُتَنَجِّس]
(فَرْعٌ) : قَالَ فِي الزَّاهِي وَيَحْمِلُ حَصَى نَفْسِهِ، وَلَا يَسْتَعِينُ عَلَى حَمْلِهِ بِغَيْرِهِ، وَلَا يَغْسِلُ الْحَصَى.
ص (وَإِنْ بِمُتَنَجِّسٍ) ش يَعْنِي: الرَّمْيُ يَصِحُّ بِالْحَجَرِ الْمُتَنَجِّسِ يُرِيدُ، وَلَكِنَّهُ مَكْرُوهٌ، قَالَ فِي التَّوْضِيحِ قَالَ سَنَدٌ قَالَتْ الشَّافِعِيَّةُ: لَوْ رَمَى بِحَجَرٍ نَجِسٍ أَجْزَأَهُ قَالَ: وَلَيْسَ يَبْعُدُ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَلَكِنَّهُ يُكْرَهُ انْتَهَى.
وَلَفْظُ الطِّرَازِ قَالَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ: لَوْ رَمَى بِحَجَرٍ نَجِسٍ لَأَجْزَأَهُ، وَهَذَا لَا يَبْعُدُ عَلَى الْمَذْهَبِ فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَوَّازِيَّةِ فِي الْحَصَى يَلْتَقِطُهَا لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَغْسِلَهَا، وَلَوْ كَانَ تَحَقُّقُ النَّجَاسَةِ يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ لَكَانَ تَوَقُّعُهَا يُؤْذِنُ بِاسْتِحْبَابِ غَسْلِهَا إلَّا أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَرْمِيَ بِحَجَرٍ نَجَسٍ، وَإِنْ رَمَى بِهِ أَعَادَ، فَإِنْ وَقَعَ ذَلِكَ وَفَاتَ أَجْزَأَهُ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الرَّمْيُ بِالْحَصَى، وَقَدْ حَصَلَ فَوَقَعَ الْإِجْزَاءُ انْتَهَى.
وَلَيْسَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مَا يُفْهِمُ الْكَرَاهَةَ، وَلَا اسْتِحْبَابَ الْإِعَادَةِ، وَكَلَامُ صَاحِبِ الطِّرَازِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذَا الْفَرْعَ لَيْسَ بِمَنْصُوصٍ عَلَيْهِ لِمَالِكٍ، وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ، وَنَقَلَ ابْنُ الْحَاجِّ عَنْ مَالِكٍ الْإِجْزَاءَ فِي الْحَجَرِ النَّجِسِ.
ص (عَلَى الْجَمْرَةِ) ش قَالَ الْبَاجِيُّ الْجَمْرَةُ اسْمٌ لِمَوْضِعِ الرَّمْي
قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي شَرْحِهِ عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ: وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْجَمْرَةِ الْبِنَاءَ الْقَائِمَ، وَذَلِكَ: الْبِنَاءُ قَائِمٌ وَسَطَ الْجَمْرَةِ عَلَامَةً عَلَى مَوْضِعِهَا وَالْجَمْرَةُ اسْمٌ لِلْجَمِيعِ انْتَهَى.
وَقَالَ الشَّيْخُ زَرُّوق: وَمِنْ أَيِّ جِهَةٍ رَمَى الْجَمْرَةَ فِي مَرْمَاهَا صَحَّ الرَّمْيُ انْتَهَى مِنْ شَرْحِهِ عَلَى الْإِرْشَادِ.
ص (وَفِي إجْزَاءِ مَا وَقَفَ بِالْبِنَاءِ تَرَدُّدٌ) ش الظَّاهِرُ الْإِجْزَاءُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَأَعَادَ مَا حَضَرَ بَعْدَ الْمَنْسِيَّةِ، وَمَا بَعْدَهَا فِي يَوْمِهَا فَقَطْ) ش قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: فَلَوْ رَمَى مِنْ الْغَدِ ثُمَّ ذَكَرَ قَبْلَ مَغِيبِ الشَّمْسِ أَنَّهُ نَسِيَ حَصَاةً مِنْ الْجَمْرَةِ الْأُولَى بِالْأَمْسِ فَيَرْمِي الْأُولَى بِحَصَاةٍ وَالثِّنْتَيْنِ بِسَبْعٍ سَبْعٍ ثُمَّ يُعِيدُ رَمْيَ يَوْمِهِ؛ لِأَنَّهُ فِي بَقِيَّةٍ مِنْ وَقْتِهِ انْتَهَى.
، وَقَالَ ابْنُ هَارُونَ فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ قَوْلُهُ: يَرْمِي الْأُولَى بِحَصَاةٍ، وَقِيلَ: يَسْتَأْنِفُهَا بِسَبْعٍ حَكَى الْبَاجِيُّ أَنَّهُ قَوْلُ ابْنِ كِنَانَةَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَسَبَبُ الْخِلَافِ، هَلْ الْفَوْرُ وَاجِبٌ مُطْلَقًا أَوْ مَعَ الذِّكْرِ انْتَهَى.
وَانْظُرْ الطِّرَازَ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِعَةَ عَشْرَ مِنْ بَابِ حُكْمِ مِنًى مَعَ الرَّمْيِ وَإِعَادَتِهِ لِرَمْيِ مَا حَضَرَ وَقْتُهُ عَلَى جِهَةِ الِاسْتِحْبَابِ كَإِعَادَةِ الصَّلَاةِ الْوَقْتِيَّةِ إذَا صَلَّاهَا قَبْلَ مَنْسِيَّةٍ قَالَهُ ابْنُ هَارُونَ فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ وَنَصُّهُ إثْرَ كَلَامِهِ السَّابِقِ: وَقَوْلُهُ: يَعْنِي فِي الْمُدَوَّنَةِ ثُمَّ يُعِيدُ رَمْيَ يَوْمِهِ يَعْنِي اسْتِحْبَابًا فِي الْوَقْتِ، كَمَا يُعِيدُ صَلَاةَ وَقْتِهِ إذَا صَلَّاهَا قَبْلَ مَنْسِيَّتِهِ وَحَكَى ابْنُ شَاسٍ قَوْلًا آخَرَ أَنَّهُ لَا يُعِيدُ مَا رَمَاهُ فِي يَوْمِهِ انْتَهَى.
(فَرْعٌ) : سُئِلْتُ عَمَّنْ نَسِيَ رَمْيِ جِمَارِ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ مِنًى فَذَكَرَ ذَلِكَ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ الْيَوْمِ الثَّالِثِ بِقَدْرِ مَا يَسَعُ رَمْيَ الْجِمَارِ الثَّلَاثِ، هَلْ يَبْدَأُ بِرَمْيِ الْأَدَاءِ أَوْ بِرَمْيِ الْقَضَاءِ، فَإِنَّهُ إنْ رَمَى لِلْقَضَاءِ فَاتَ الْأَدَاءُ وَفَاتَ قَضَاؤُهُ، وَإِنْ رَمَى الْأَدَاءَ فَاتَ الْقَضَاءُ، وَكَذَلِكَ لَوْ وَقَعَ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْيَوْمِ الثَّالِثِ، هَلْ يَقُومُ الْقَضَاءُ، وَإِنْ أَدَّى إلَى فَوَاتِ الْأَدَاءِ فَأَجَبْتُ بِأَنِّي لَمْ أَقِفْ عَلَى نَصٍّ فِي الْمَسْأَلَةِ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي فِي غَيْرِ الْيَوْمِ الثَّالِثِ أَنَّهُ يُقَدِّمُ الْقَضَاءَ، وَإِنْ أَدَّى لِفَوَاتِ الْأَدَاءِ، كَمَا فِي الصَّلَاةِ الْحَاضِرَةِ وَالْمَنْسِيَّةِ، وَأَمَّا فِي الثَّالِثِ الَّذِي هُوَ رَابِعُ يَوْمِ النَّحْرِ فَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّهُ يُقَدِّمُ الْأَدَاءَ، وَقَدْ فَاتَ وَقْتُ الْأَدَاءِ حَيْثُ لَمْ يَبْقَ لِلْغُرُوبِ إلَّا مَا يَسَعُ رَمْيَ الْيَوْمِ الرَّابِعِ فَتَأَمَّلْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَنُدِبَ تَتَابُعُهُ) ش أَيْ: وَنُدِبَ تَتَابُعُ
الرَّمْي فِي الْجِمَارِ الثَّلَاثِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ التَّتَابُعَ أَيْ: الْفَوْرَ فِي رَمْيِ الْجِمَارِ مُسْتَحَبٌّ مُطْلَقًا أَيْ: مَعَ الذِّكْرِ وَعَدَمِهِ، وَهُوَ الَّذِي شَهَرَهُ ابْنُ بَشِيرٍ وَحَمَلَ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ الْمُدَوَّنَةَ عَلَيْهِ وَمَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فِي تَوْضِيحِهِ وَجَزَمَ بِهِ هُنَا فِي مَنَاسِكِهِ، وَقَبِلَ ذَلِكَ الشَّارِحُ فِي شُرُوحِهِ الثَّلَاثَةِ، وَكَذَلِكَ الْبِسَاطِيُّ وَالْأَقْفَهْسِيُّ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَيُوَالِي بَيْنَ الرَّمْيِ، وَلَا يَنْتَظِرُ بَيْنَ كُلِّ حَصَاتَيْنِ شَيْئًا قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ هَذَا عَلَى جِهَةِ الْأَوْلَى وَالْأَفْضَلِ إلَّا أَنَّهُ مِنْ شُرُوطِ صِحَّةِ الرَّمْيِ يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا يَأْتِي فِي مَسَائِلِ النِّسْيَانِ انْتَهَى.
وَيُشِيرُ بِمَسَائِل النِّسْيَانِ إلَى الْمَسَائِلِ الَّتِي ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ بَعْضَهَا بَعْدَ قَوْلِهِ: وَنُدِبَ تَتَابُعُهُ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: فَإِنْ تَرَكَ رَمْيَ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ أَوْ بَعْضَهَا يَوْمَ النَّحْرِ إلَى اللَّيْلِ فَلْيَرْمِهَا لَيْلًا، وَفِي نِسْيَانِ بَعْضِهَا يَرْمِي عَدَدَ مَا تَرَكَ، وَلَا يَسْتَأْنِفُ جَمِيعَ الرَّمْيِ، وَمَنْ رَمَى الْجِمَارَ الثَّلَاثَ بِخَمْسٍ خَمْسٍ يَوْمَ ثَانِي النَّحْرِ ثُمَّ ذَكَرَ مِنْ يَوْمِهِ رَمَى الْأُولَى بِحَصَاتَيْنِ ثُمَّ الْوُسْطَى بِسَبْعٍ ثُمَّ الْعَقَبَةَ بِسَبْعٍ، وَلَا دَمَ عَلَيْهِ، وَلَوْ ذَكَرَ مِنْ الْغَدِ رَمَى هَكَذَا وَلِيُهْدِ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْ مَالِكٍ، وَلَوْ رَمَى مِنْ الْغَدِ ثُمَّ ذَكَرَ قَبْلَ مَغِيبِ الشَّمْسِ أَنَّهُ نَسِيَ حَصَاةً مِنْ الْجَمْرَةِ الْأُولَى بِالْأَمْسِ فَلْيَرْمِ الْأُولَى بِحَصَاةٍ وَالِاثْنَيْنِ بِسَبْعٍ سَبْعٍ ثُمَّ يُعِيدُ رَمْيَ يَوْمِهِ؛ لِأَنَّهُ فِي بَقِيَّةٍ مِنْ وَقْتِهِ، وَعَلَيْهِ دَمٌ لِلْأَمْسِ، وَإِذَا ذَكَرَ ذَلِكَ بَعْدَ مَغِيبِ الشَّمْسِ مِنْ الْيَوْمِ الثَّانِي رَمَى عَنْ أَمْسِ، كَمَا ذَكَرْتُ، وَعَلَيْهِ فِيهِ دَمٌ، وَلَمْ يُعِدْ رَمْيَ يَوْمِهِ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ إلَّا بَعْدَ رَمْيِ يَوْمَيْنِ فَذَكَرَهُ قَبْلَ مَغِيبِ الشَّمْسِ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ رَمَى الْأُولَى بِحَصَاةٍ وَالِاثْنَتَيْنِ بِسَبْعٍ سَبْعٍ عَنْ أَوَّلِ يَوْمٍ وَأَعَادَ الرَّمْيَ عَنْ يَوْمِهِ هَذَا فَقَطْ؛ إذْ عَلَيْهِ رَمْيُ بَقِيَّةِ يَوْمِهِ، وَلَا يُعِيدُ رَمْيَ الْيَوْمِ الَّذِي بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ وَقْتَ الرَّمْيِ قَدْ مَضَى، وَإِنْ ذَكَرَ أَنَّهُ نَسِيَ حَصَاةً مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ، وَلَا يَدْرِي مِنْ أَيِّ جَمْرَةٍ فَقَالَ مَالِكٌ مَرَّةً يَرْمِي الْأُولَى بِحَصَاةٍ ثُمَّ يَرْمِي الْوُسْطَى وَالْعَقَبَةَ بِسَبْعٍ سَبْعٍ، وَبِهِ أَقُولُ ثُمَّ قَالَ: يَرْمِي كُلَّ جَمْرَةٍ بِسَبْعٍ سَبْعٍ انْتَهَى.
قَالَ فِي النُّكَتِ: وَفِي كِتَابِ الْأَبْهَرِيِّ قَالَ: وَمَنْ بَقِيَتْ بِيَدِهِ حَصَاةٌ فَلَمْ يَدْرِ مِنْ أَيِّ جَمْرَةٍ هِيَ فَلْيَرْمِ بِهَا الْأُولَى ثُمَّ يَرْمِي الْبَاقِيَتَيْنِ بِسَبْعٍ سَبْعٍ، وَقَدْ قِيلَ: إنَّهُ يَسْتَأْنِفُهُنَّ، وَالْأُولَى أَحَبُّ إلَيْنَا وَجْهُ قَوْلِهِ: يَأْتِي بِحَصَاةٍ لِلْأُولَى: جَوَازُ أَنْ تَكُونَ الْحَصَاةُ مِنْهَا، وَلَا يَصِحُّ رَمْيُ مَا بَعْدَهَا إلَّا بِتَمَامِهَا فَوَجَبَ فِي الِاحْتِيَاطِ أَنْ يَجْعَلَهَا مِنْ الْأُولَى لِيَكُونَ عَلَى يَقِينٍ، وَوَجْهُ أَنَّهُ يَسْتَأْنِفُهُنَّ: أَنَّهُ قَدْ انْقَطَعَ بِنَاءُ رَمْيِ الْأُولَى لِلْحَصَاةِ الَّتِي بَقِيَتْ فَوَجَبَ أَنْ يَبْتَدِئَ لِرَمْيِهِنَّ كُلِّهِنَّ حَتَّى يُوَالِيَ الرَّمْيَ انْتَهَى.
وَنَحْوُهُ فِي ابْنِ يُونُسَ، وَنَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ قَالَ: فَهَذَا يُكْرَهُ النَّقْصُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ، وَأَنَّ الْمُوَالَاةَ مَطْلُوبَةٌ فَيَكُونُ فِي الْكِتَابِ قَوْلَانِ انْتَهَى.
وَقَالَ ابْنُ بَشِيرٍ: فَإِنْ تَرَكَ حَصَاةً فَلَا يَخْلُو أَنْ يَذْكُرَ مَوْضِعَهَا أَوْ يَشُكَّ، فَإِنْ ذَكَرَ مَوْضِعَهَا فَهَلْ يُعِيدُ الْجَمْرَةَ مِنْ أَصْلِهَا أَوْ يَكْفِيهِ رَمْيُ حَصَاةٍ وَاحِدَةٍ؟ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا: أَنَّهُ لَا يُعِيدُ بَلْ يَرْمِي حَصَاةً وَاحِدَةً، وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَالثَّانِي: أَنَّهُ يُعِيدُ الْجَمْرَةَ مِنْ أَصْلِهَا، وَالثَّالِثُ: إذَا ذَكَرَهَا يَوْمَ الْأَدَاءِ أَعَادَهَا خَاصَّةً، وَإِنْ ذَكَرَهَا فِي يَوْمِ الْقَضَاءِ أَعَادَ الْجَمْرَةَ مِنْ أَصْلِهَا وَسَبَبُ الْخِلَافِ: هَلْ الْمُوَالَاةُ فِي الْجَمْرَةِ الْوَاحِدَةِ وَاجِبَةٌ أَوْ مُسْتَحَبَّةٌ فَمَنْ أَوْجَبَهَا أَوْجَبَ الْإِعَادَةَ لِلْكُلِّ، وَمَنْ لَمْ يُوجِبْهَا اجْتَزَأَ بِرَمْيِ مَا نَسِيَ خَاصَّةً، وَمَنْ فَرَّقَ فَلِأَنَّهُ رَأَى أَنَّ حُكْمَ الْقَضَاءِ وَالْأَدَاءِ مُخْتَلِفَانِ فَلَا يَجْتَمِعَانِ فِي جَمْرَةٍ وَاحِدَةٍ، وَإِنْ لَمْ يَدْرِ مَوْضِعَهَا فَقَوْلَانِ فِي الْكِتَابِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ يَرْمِي عَنْ الْأُولَى الْحَصَاةَ ثُمَّ يُعِيدُ مَا بَعْدَهَا، وَالثَّانِي: أَنَّهُ يَرْمِي عَنْ الْجَمِيعِ، وَلَا يَعْتَدُّ بِشَيْءٍ، وَقَدْ تَرَدَّدَ أَبُو الْحَسَنِ اللَّخْمِيُّ، هَلْ هَذَا الْخِلَافُ يُوجِبُ الِاخْتِلَافَ إذَا عَلِمَ مَوْضِعَهَا أَوْ يَكُونُ هَذَا بِخِلَافِ ذَلِكَ، وَهُوَ مُقْتَضَى الْكِتَابِ، وَالْفَرْقُ: أَنَّهُ إذَا عَلِمَ الْمَوْضِعَ قَصَدَ بِتِلْكَ الْحَصَاةِ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ، وَأَعَادَ مَا بَعْدَهُ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْمَوْضِعَ فَلَمْ تَحْصُلْ لَهُ صُورَةٌ يُعَوِّلُ فِيهَا عَلَى التَّرْتِيبِ، فَأَعَادَ الْجَمِيعَ فِي قَوْلٍ انْتَهَى.
وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: فَلَوْ كَانَتْ حَصَاةً لَمْ يَكْتَفِ بِرَمْيِ حَصَاةٍ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَثَالِثُهَا: إنْ كَانَتْ
فِي يَوْمِ الْقَضَاءِ اكْتَفَى، قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَلَوْ كَانَ الْمَنْسِيُّ حَصَاةً مِنْ إحْدَى الثَّلَاثِ وَيَذْكُرُ مِنْ يَوْمٍ أَوْ مِنْ الْغَدِ لَمْ يَكْتَفِ بِرَمْيِ حَصَاةٍ عَلَى الْمَشْهُورِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ إعَادَةِ الْجَمْرَةِ كُلِّهَا، وَقِيلَ: يَكْتَفِي بِرَمْيِ حَصَاةٍ وَيُعِيدُ بِسِتٍّ فِي الْجَمْرَةِ الْأُولَى بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْفَوْرَ فِي الْجَمْرَةِ وَاجِبٌ أَوْ مُسْتَحَبٌّ، وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ أَنَّ الْمَشْهُورَ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ، وَفِيهِ نَظَرٌ فَقَدْ صَرَّحَ الْبَاجِيّ وَابْنُ الْبَشِيرِ بِأَنَّ الِاكْتِفَاءَ هُوَ الْمَشْهُورُ، وَكَذَلِكَ قَالَ ابْنُ رَاشِدٍ وَغَيْرُهُ، وَبِهِ صَدَّرَ فِي الْجَوَاهِرِ وَقَوْلُهُ: فِي الْقَوْلِ الثَّالِثِ إنْ كَانَ يَوْمَ الْقَضَاءِ اكْتَفَى عَكْسُ الْمَنْقُولِ وَمِمَّنْ نَقَلَ الْعَكْسَ الْبَاجِيُّ وَابْنُ بَشِيرٍ وَابْنُ رَاشِدٍ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَقَدْ وَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ إنْ كَانَ يَوْمَ الْقَضَاءِ لَمْ يَكْتَفِ، وَهُوَ الصَّوَابُ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَوَجْهُهُ أَنَّهُ لَوْ قِيلَ: بِالِاكْتِفَاءِ فِي الْقَضَاءِ لَزِمَ أَنْ يَكُونَ بَعْضُ الْجَمْرَةِ أَدَاءً، وَبَعْضُهَا قَضَاءً بِخِلَافِ يَوْمِ الْأَدَاءِ إذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ عَلِمْت أَنَّ التَّرْتِيبَ وَالْفَوْرَ هُنَا عَلَى الْعَكْسِ مِنْ الْوُضُوءِ؛ لِأَنَّ التَّرْتِيبَ هُنَا وَاجِبٌ وَالْفَوْرَ لَيْسَ بِوَاجِبٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
انْتَهَى.
كَلَامُ التَّوْضِيحِ وَجَزَمَ بِذَلِكَ فِي مَنَاسِكِهِ فَقَالَ وَالْفَوْرُ فِي رَمْيِ حَصَاةِ الْجَمْرَةِ لَيْسَ بِوَاجِبٍ انْتَهَى.
إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَيَتَحَصَّلُ مِمَّا تَقَدَّمَ، وَمِنْ كَلَامِ صَاحِبِ الطِّرَازِ وَابْنِ هَارُونَ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ الْآتِي فِي الْفَوْرِ فِي رَمْيِ حَصَى الْجَمْرَةِ طَرِيقَتَانِ الْأُولَى: طَرِيقَةُ ابْنِ بَشِيرٍ وَأَبِي الْحَسَنِ الصَّغِيرِ وَالْمُصَنِّفِ هُنَا، وَفِي تَوْضِيحِهِ وَمَنَاسِكِهِ أَنَّ الْفَوْرَ مُسْتَحَبٌّ مُطْلَقًا عَلَى الْمَشْهُورِ سَوَاءٌ كَانَ ذَاكِرًا أَوْ نَاسِيًا، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ مِنْ مَسَائِلِ النِّسْيَانِ الَّتِي ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ بَعْضَهَا وَيُؤْخَذُ أَيْضًا مِمَّا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ أَوَّلِ مَسْأَلَةٍ مِنْ الْبَيَانِ عَنْ ابْنِ الْمَوَّازِ وَنَصُّهُ: قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: وَلَوْ رَمَى الْجِمَارَ بِحَصَاةٍ حَصَاةٍ كُلَّ جَمْرَةٍ حَتَّى أَتَمَّهَا بِسَبْعٍ سَبْعٍ فَلْيَرْمِ الثَّانِيَةَ بِسِتٍّ وَالثَّالِثَةَ بِسَبْعٍ، وَهُوَ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّ التَّرْتِيبَ يَصِحُّ لَهُ بِهَذَا فَلَمْ يَعْتَبِرْ ابْنُ رُشْدٍ فِي تَصْحِيحِ رَمْيِهِ إلَّا حُصُولَ التَّرْتِيبِ لَا الْفَوْرَ فَتَأَمَّلْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَالثَّانِيَةُ: طَرِيقَةُ صَاحِبِ الطِّرَازِ وَابْنِ هَارُونَ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّهُ اُخْتُلِفَ فِي الْفَوْرِ، هَلْ هُوَ شَرْطٌ مُطْلَقًا أَوْ شَرْطٌ مَعَ الذِّكْرِ، وَعَلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ، فَلَوْ فَرَّقَهُ عَامِدًا لَمْ يَجُزْ بِاتِّفَاقٍ، وَبِذَلِكَ صَرَّحَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فَقَالَ: لَوْ فَرَّقَهُ عَامِدًا لَمْ يَجْزِهِ لِاشْتِرَاطِ التَّتَابُعِ فِي رَمْيِ الْحَصَى مَعَ الِاخْتِيَارِ بِاتِّفَاقٍ انْتَهَى.
وَنَحْوُهُ فِي الطِّرَازِ وَنَصُّهُ: اُخْتُلِفَ فِي الْفَوْرِ، هَلْ شَرْطٌ مُطْلَقًا أَوْ شَرْطٌ مَعَ الذِّكْرِ ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ مَسْأَلَةِ الْمُدَوَّنَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَنَقَلَهُ عَنْهُ فِي الذَّخِيرَةِ وَنَحْوُهُ قَوْلُ ابْنِ هَارُونَ فِي الْقَوْلَةِ الَّتِي قَبْلَ هَذِهِ حَيْثُ قَالَ: وَسَبَبُ الْخِلَافِ، هَلْ الْفَوْرُ وَاجِبٌ مُطْلَقًا مَعَ الذِّكْرِ؟ فَفُهِمَ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يَتَّفِقُ عَلَى أَنَّهُ شَرْطٌ مَعَ الذِّكْرِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَرَمْيُهُ الْعَقَبَةَ أَوَّلَ يَوْمٍ طُلُوعَ الشَّمْسِ) ش هَذَا أَوَّلُ الْوَقْتِ الْمُخْتَارِ مِنْ وَقْتِ الْأَدَاءِ وَآخِرُهُ إلَى الزَّوَالِ وَأَوَّلُ وَقْتِ الْأَدَاءِ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَآخِرُهُ إلَى الْغُرُوبِ، وَيُكْرَهُ بَعْدَ الزَّوَالِ إلَى الْغُرُوبِ قَالَهُ ابْنُ بَشِيرٍ وَابْنُ هَارُونَ فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ وَنَصُّ ابْنِ هَارُونَ: وَأَمَّا رَمْيُ الْعَقَبَةِ فَيُسْتَحَبُّ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَيَجُوزُ بَعْدَ الْفَجْرِ إلَى الزَّوَالِ وَيُكْرَهُ بَعْدَ الزَّوَالِ إلَى الْغُرُوبِ مِنْ غَيْرِ دَمٍ وَاخْتُلِفَ فِي الدَّمِ إذَا ذُكِرَ فِي اللَّيْلِ، وَمَا بَعْدَهُ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ انْتَهَى.
وَقَالَ الْجُزُولِيُّ: وَيُكْرَهُ مِنْ الزَّوَالِ لِلْغُرُوبِ، وَمِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ إلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ انْتَهَى.
فَتَأَمَّلْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَإِلَّا إثْرَ الزَّوَالِ قَبْلَ الظُّهْرِ) ش قَالَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَالْوَاضِحَةِ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: فَلَوْ رَمَى بَعْدَ أَنْ صَلَّى الظُّهْرَ أَجْزَأَهُ زَادَ فِي الْوَاضِحَةِ، وَقَدْ أَسَاءَ انْتَهَى.
ص (وَتَحْصِيبُ الرَّاجِعِ لِيُصَلِّيَ أَرْبَعَ صَلَوَاتٍ) ش ظَاهِرُهُ كَانَ
يُقِيمُ بِمَكَّةَ أَمْ لَا، وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى ظَاهِرِ ابْنِ الْحَاجِّ قَالَ فِي مَنَاسِكِهِ مَسْأَلَةٌ: فَإِذَا وَصَلَ الْحَاجُّ مِنْ الْأَبْطَحِ إلَى مَكَّةَ تَنَفَّلَ بِالْبَيْتِ مُدَّةً، وَهُوَ أَفْضَلُ لَهُ مِنْ تَنَفُّلِهِ بِالصَّلَاةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَتَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَجَمْعٌ وَقَصْرٌ فِي كَلَامِ سَنَدٍ أَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ يُحَصِّبُونَ، وَهُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ إطْلَاقَاتِهِمْ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَطَوَافُ الْوَدَاعِ إنْ خَرَجَ لِكَالْجُحْفَةِ لَا كَالتَّنْعِيمِ) ش قَالَ ابْنُ مُعَلَّى قَالَ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ: أَفْعَالُ الْحَجِّ كُلُّهَا الْمَكِّيُّ وَالْآفَاقِيُّ فِيهَا سَوَاءٌ إلَّا فِي شَيْئَيْنِ: طَوَافِ الْقُدُومِ، وَطَوَافِ الْوَدَاعِ انْتَهَى.
وَقَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ: فَإِذَا دَخَلْت مَكَّةَ، وَقَدْ كُنْتَ طُفْت طَوَافَ الْإِفَاضَةِ، وَأَنْتَ تُرِيدُ الرَّحِيلَ فَطُفْ لِلْوَدَاعِ، وَإِنْ كُنْتُ تُرِيدُ الْإِقَامَةَ فَأَنْتَ فِي الطَّوَافِ بِالْخِيَارِ اهـ.
وَقَوْلُهُ: إنْ خَرَجَ لِكَالْجُحْفَةِ لَا كَالتَّنْعِيمِ يَعْنِي أَنَّ طَوَافَ الْوَدَاعِ مَشْرُوعٌ لِكُلِّ مَنْ خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ مَكِّيٌّ أَوْ غَيْرُهُ قَدِمَ لِنُسُكٍ أَوْ لِتِجَارَةٍ إنْ خَرَجَ لِمَكَانٍ بَعِيدٍ سَوَاءٌ كَانَ بِنِيَّةِ الْعَوْدَةِ أَمْ لَا، وَهُوَ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ بِقَوْلِهِ: إنْ خَرَجَ لِكَالْجُحْفَةِ، أَمَّا إنْ خَرَجَ لِمَكَانٍ قَرِيبٍ، فَإِنْ كَانَتْ نِيَّتُهُ الْعَوْدَةَ فَلَا طَوَافَ عَلَيْهِ كَمَنْ خَرَجَ لِيَعْتَمِرَ مِنْ التَّنْعِيمِ قَالَ سَنَدٌ: وَمَنْ خَرَجَ إلَى شَيْءٍ مِنْ الْمَنَازِلِ الْقَرِيبَةِ لِاقْتِضَاءِ دَيْنٍ أَوْ زِيَارَةِ أَهْلٍ وَشِبْهِ ذَلِكَ انْتَهَى.
، وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ لَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى مَنْ خَرَجَ لِلْجِعْرَانَةِ أَوْ التَّنْعِيمِ التُّونُسِيُّ: وَلَوْ خَرَجَ لِيُقِيمَ يَعْنِي بِهِمَا وَدَّعَ انْتَهَى.
وَانْظُرْ لَوْ كَانَ مَنْزِلُهُ بِذِي طُوًى وَنَحْوِهِ، هَلْ عَلَيْهِ طَوَافٌ أَمْ لَا، وَالظَّاهِرُ: أَنَّ عَلَيْهِ الطَّوَافَ (فَرْعٌ) : قَالَ سَنَدٌ لَيْسَ عَلَى مَنْ يَتَكَرَّرُ مِنْهُمْ الدُّخُولُ مِثْلُ الْحَطَّابِينَ، وَأَهْلِ الْبُقُولِ وَالْفَوَاكِهِ وَدَاعٌ، كَمَا لَا يَعْتَمِرُونَ إذَا قَدِمُوا وَتَرْكُ الْعُمْرَةِ أَشَدُّ مِنْ تَرْكِ الْوَدَاعِ وَإِسْقَاطُ الْوَدَاعِ عَمَّنْ خَرَجَ لِحَاجَةٍ قَرِيبَةٍ ثُمَّ يَعُودُ بَيِّنٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي عِدَادِ الْمُفَارِقِ وَالتَّارِكِ لِلْبَيْتِ بِخِلَافِ مَنْ خَرَجَ لِيُقِيمَ بِأَهْلِهِ فِي مَنْزِلِهِ انْتَهَى.
وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَطَوَافُ الْوَدَاعِ هُوَ طَوَافُ الصَّدْرِ مُسْتَحَبٌّ لِكُلِّ خَارِجٍ مِنْ مَكَّةَ لِبُعْدٍ مِنْهَا أَوْ مَسْكَنِهِ، وَلَوْ قَرُبَ مُطْلَقًا انْتَهَى.
فَكَلَامُ سَنَدٍ الْأَخِيرُ مَعَ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ يَشْهَدُ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ طَوَافَ الْوَدَاعِ عَلَى أَهْلِ ذِي طُوًى إذَا خَرَجُوا لِيُقِيمُوا بِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(تَنْبِيهٌ:) قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي مَنَاسِكِهِ: وَطَوَافُ الْوَدَاعِ يُسَمَّى طَوَافَ الصَّدْرِ، وَالْأَوَّلُ أَشْهَرُ، وَكَرِهَ مَالِكٌ فِي الْمَوَّازِيَّةِ أَنْ يُقَالَ: طَوَافُ الْوَدَاعِ قَالَ: وَلْيَقُلْ: الطَّوَافُ انْتَهَى.
وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَسُمِّيَ صَدْرًا إمَّا لِكَوْنِهِ يُصْدَرُ بَعْدَهُ لِلسَّفَرِ، وَإِمَّا لِكَوْنِهِ يَعْقُبُ الصَّدَرَ مِنْ مِنًى قَالَ عِيَاضٌ: وَالصَّدَرُ بِفَتْحِ الصَّادِ الرُّجُوعُ انْتَهَى.
وَقَالَ النَّوَوِيُّ بِفَتْحِ الصَّادِ وَالدَّالِ، وَيُطْلَقُ الصَّدْرُ عَلَى طَوَافِ الْإِفَاضَةِ قَالَ ابْنُ السَّيِّدِ وَيُقَالُ: وَدَاعٌ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَكَسْرِهَا، وَكَأَنَّ الْوَدَاعَ بِالْكَسْرِ مَصْدَرُ وَادَعْت وَبِالْفَتْحِ الِاسْمُ انْتَهَى.
وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يُقَالَ: طَوَافُ الْوَدَاعِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ مِنْ الْمُفَارِقِ فَكُرِهَ لَهُ اسْمُ الْمُفَارَقَةِ عَنْ ذَلِكَ الْمَحِلِّ الشَّرِيفِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(فَرْعٌ) : قَالَ سَنَدٌ: يُسْتَحَبُّ إذَا فَرَغَ مِنْ طَوَافِ وَدَاعِهِ أَنْ يَقِفَ بِالْمُلْتَزَمِ لِلدُّعَاءِ.
ص (وَإِنْ صَغِيرًا) ش يَعْنِي أَنَّ طَوَافَ الْوَدَاعِ يُؤْمَرُ بِهِ الْعَبْدُ وَالْحُرُّ وَالصَّغِيرُ وَالْكَبِيرُ وَالذَّكَرُ وَالْأُنْثَى، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَتَأَدَّى بِالْإِفَاضَةِ وَالْعُمْرَةِ)
ش: يَعْنِي أَنَّ طَوَافَ الْوَدَاعِ لَيْسَ مَقْصُودًا لِذَاتِهِ بَلْ الْمَقْصُودُ أَنْ يَكُونَ آخِرَ عَهْدِهِ بِالْبَيْتِ لِلْحَدِيثِ فَأَيُّ طَوَافٍ كَانَ أَجْزَأَهُ فَرْضًا أَوْ تَطَوُّعًا نَصَّ عَلَيْهِ اللَّخْمِيُّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَلَا يَرْجِعُ الْقَهْقَرَى) ش قَالَ فِي مَنَاسِكِهِ: وَلَا يَرْجِعُ فِي خُرُوجِهِ الْقَهْقَرَى؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ السُّنَّةِ، وَكَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ يَفْعَلُ ذَلِكَ هُنَا، وَفِي مَسْجِدِهِ صلى الله عليه وسلم، وَلَا أَصْلَ لِذَلِكَ فِي الشَّرْعِ
الشَّرِيفِ وَأَدَّتْ هَذِهِ الْبِدْعَةُ إلَى أَنْ صَارُوا يَفْعَلُونَهَا مَعَ مَشَايِخِهِمْ، وَعِنْدَ الْمَقَابِرِ الَّتِي يَحْتَرِمُونَهَا وَيَزْعُمُونَ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ الْأَدَبِ انْتَهَى.
ص (وَبَطَلَ بِإِقَامَةِ بَعْضِ يَوْمٍ لَا بِشُغْلٍ خَفَّ) ش ابْنُ عَرَفَةَ، وَفِيهَا يَسِيرُ شُغْلِهِ بَعْدَهُ قَبْلَ خُرُوجِهِ لَا يُبْطِلُهُ، وَإِنْ أَقَامَ بَعْضَ يَوْمٍ أَعَادَ اللَّخْمِيّ: هَذَا أَصْوَبُ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ شَعْبَانَ: مَنْ وَدَّعَ ثُمَّ أَقَامَ الْغَدَ بِمَكَّةَ فَهُوَ فِي سَعَةٍ أَنْ يَخْرُجَ، وَفِيهَا مَنْ وَدَّعَ وَأَقَامَ بِهِ كَرِيُّهُ بِذِي طُوًى يَوْمَهُ وَلَيْلَتَهُ لَمْ يَعُدْ زَادَ الشَّيْخُ فِي رِوَايَةِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَكَذَا مَنْ أَقَامَ بِالْأَبْطَحِ نَهَارَهُ انْتَهَى.، وَنَقَلَهُ سَنَدٌ وَلَفْظُهُ فِي ابْنِ الْحَاجِبِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَرَجَعَ لَهُ إنْ لَمْ يَخَفْ فَوَاتَ أَصْحَابِهِ) ش يَعْنِي أَنَّ مَنْ تَرَكَ طَوَافَ الْوَدَاعِ يَرْجِعُ لَهُ وَفَوَاتُهُ بِأَحَدِ أَمْرَيْنِ إمَّا بِتَرْكِهِ بِالْكُلِّيَّةِ بِأَنْ لَا يَفْعَلَهُ أَصْلًا، وَإِمَّا بِتَرْكِهِ حُكْمًا كَمَنْ طَافَ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ أَوْ لَمْ يُصَلِّ لَهُ رَكْعَتَيْنِ حَتَّى انْتَقَضَ وُضُوءُهُ بِالْأَوَّلِ قَالَ الْمُؤَلِّفُ: يَرْجِعُ إنْ لَمْ يَخَفْ فَوَاتَ أَصْحَابِهِ، وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَيَرْجِعُ لَهُ مَنْ لَمْ يَبْعُدْ، وَفِيهَا رَدَّ لَهُ عُمَرُ مِنْ مَرِّ الظَّهْرَانِ، وَلَمْ يَحُدَّ لَهُ مَالِكٌ أَكْثَرَ مِنْ الْقُرْبِ وَرَأَى أَنْ يَرْجِعَ مَا لَمْ يَخَفْ فَوَاتَ أَصْحَابِهِ أَوْ يَمْنَعُهُ كَرِيُّهُ، وَرَوَى الشَّيْخُ مَنْ بَلَغَ مَرَّ الظَّهْرَانِ لَمْ يَرْجِعْ لَهُ انْتَهَى.
وَنَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَالثَّانِي، وَهُوَ فَوَاتُهُ حُكْمًا لِتَرْكِهِ أَصْلًا قَالَ فِي الطِّرَازِ قَالَ مَالِكٌ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ: وَلَوْ كَانَ الطَّوَافُ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ فَخَرَجَ، وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَرْكَعَ الرَّكْعَتَيْنِ بِذِي طُوًى فَانْتَقَضَ وُضُوءُهُ، فَإِنْ تَبَاعَدَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ الْوَاجِبِ يُرِيدُ وَيَرْكَعُهُمَا، وَقَالَهُ فِي الْعُتْبِيَّةِ، وَلَوْ كَانَ قَرِيبًا فِي الْوَدَاعِ رَجَعَ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: يَسْتَأْنِفُ الطَّوَافَ انْتَهَى.
وَقَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي مَنَاسِكِهِ فَرْعٌ: وَلِطَوَافِ الْوَدَاعِ رَكْعَتَانِ، وَمَنْ نَسِيَهُمَا حَتَّى تَبَاعَدَ وَبَلَغَ بَلَدَهُ رَكَعَهُمَا، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ بِالْقُرْبِ، وَهُوَ عَلَى طَهَارَةٍ رَجَعَ فَرَكَعَهُمَا، وَإِنْ انْتَقَضَ وُضُوءُهُ ابْتَدَأَ الطَّوَافَ وَرَكْعَتَيْهِ، وَإِنْ كَانَ تَوْدِيعُهُ بَعْدَ الْعَصْرِ فَلَهُ أَنْ يَرْكَعَ الرَّكْعَتَيْنِ إذَا حَلَّتْ النَّافِلَةُ فِي الْحَرَمِ أَوْ خَارِجًا عَنْهُ انْتَهَى.
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(فَائِدَةٌ:) مَرُّ الظَّهْرَانِ هُوَ وَادِي مَرٍّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَكَّةَ سِتَّةَ عَشْرَ مِيلًا، وَقِيلَ: ثَمَانِيَةَ عَشْرَ، وَقِيلَ: أَحَدٌ وَعِشْرُونَ حَكَاهُ ابْنُ وَضَّاحٍ، وَذَكَرَ السُّهَيْلِيُّ خِلَافًا فِي تَسْمِيَتِهِ بِمَرٍّ فَقَالَ سُمِّيَ مَرًّا؛ لِأَنَّ فِي عُرُوقِ الْوَادِي مِنْ غَيْرِ لَوْنِ الْأَرْضِ شِبْهَ الْمِيمِ الْمَمْدُودِ بَعْدَهَا رَاءٌ خُلِقَتْ كَذَلِكَ قَالَ وَنُقِلَ عَنْ ذَرٍّ سُمِّيَتْ مَرًّا لِمَرَارَتِهَا، وَلَا أَدْرِي مَا صِحَّةُ هَذَا، وَنَقَلَ الْحَارِثِيُّ عَنْ الْكِنْدِيِّ أَنَّ مَرَّ اسْمٌ لِلْقَرْيَةِ وَالظَّهْرَانِ اسْمٌ لِلْوَادِي
ص (وَحَبْسُ الْكَرِيِّ وَالْوَلِيِّ لِحَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ قَدْرَهُ وَقُيِّدَ إنْ أَمِنَ، وَالرُّفْقَةُ فِي كَيَوْمَيْنِ) ش رُبَّمَا يُوهِمُ إتْيَانُهُ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ هُنَا أَنَّهَا مِنْ مَسَائِلِ الْوَدَاعِ، وَلَيْسَتْ هِيَ مِنْهُ إنَّمَا هِيَ مِنْ مَسَائِلِ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ، وَأَمَّا طَوَافُ الْوَدَاعِ، فَإِنَّهَا تَخْرُجُ فَلَا تُقِيمُ حَتَّى تَطْهُرَ وَتَطُوفَ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ، فَلَوْ نَفَرَتْ قَبْلَ طَوَافِ الْوَدَاعِ، وَهِيَ حَائِضٌ، فَإِنْ كَانَتْ بِقُرْبِ مَكَّةَ وَأَمْكَنَهَا الرُّجُوعُ فَعَلَتْ قَالَهُ سَنَدٌ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ: أَوْ نِفَاسٍ يَعْنِي سَوَاءٌ عَلِمَ أَنَّهَا حَامِلٌ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ، وَسَوَاءٌ كَانَتْ حَامِلًا حِينَ عَقَدَ الْكِرَاءَ أَوْ لَا هَذَا عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ وَرُوِيَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ عَنْ مَالِكٍ: لَا يُحْبَسُ عَلَى النُّفَسَاءِ؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ: لَمْ أَعْلَمْ أَنَّهَا حَامِلٌ، وَأَمَّا الْحَيْضُ فَلَا كَلَامَ لَهُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ شَأْنِ النِّسَاءِ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَقَوْلُهُ: قَدْرَهُ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: مُدَّةَ مَا يُحْكَمُ لَهَا بِالْحَيْضِ مَعَ الِاسْتِظْهَارِ فَيُحْبَسُ عَلَى الْمُبْتَدَأَةِ خَمْسَةَ عَشْرَ يَوْمًا، وَعَلَى الْمُعْتَادَةِ عَادَتَهَا، وَالِاسْتِظْهَارُ ابْنِ الْمَوَّازِ وَاخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٌ فِي الْحَائِضِ فَقَالَ مَرَّةً: يُحْبَسُ عَلَيْهَا خَمْسَةَ عَشْرَ يَوْمًا، وَقَالَ مَرَّةً: خَمْسَةَ عَشْرَ وَتَسْتَظْهِرُ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ، وَقَالَ مَرَّةً: شَهْرًا وَنَحْوَهُ اللَّخْمِيُّ، وَلَيْسَ هَذَا بِالْبَيِّنِ؛ لِأَنَّهَا إذَا جَاوَزَتْ الْخَمْسَةَ عَشْرَ يَوْمًا أَوْ السَّبْعَةَ عَشْرَ يَوْمًا كَانَتْ فِي
مَعْنَى الطَّاهِرِ تُصَلِّي وَتَصُومُ وَيَأْتِيهَا زَوْجُهَا انْتَهَى.
، وَقَالَ سَنَدٌ: وَهَذَا عِنْدَهُمْ فِي حَيْضِ الْحَامِلِ، وَأَمَّا الْحَامِلُ فَلَا يَدُومُ بِهَا الْحَيْضُ هَكَذَا، وَخَرَجَ قَوْلُهُ: فِي الْحَامِلِ عَلَى اخْتِلَافِ الْقَوْلِ فِي مَبْلَغِ حَيْضِهَا انْتَهَى.
قَالَ فِي التَّوْضِيحِ قَالَ فِي الْبَيَانِ: وَيُحْبَسُ فِيهَا فِي النِّفَاسِ سِتِّينَ يَوْمًا انْتَهَى.
، وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: ابْنُ رُشْدٍ عَلَى الْأَوَّلِ يَعْنِي الْقَوْلَ بِأَنَّهَا يُحْبَسُ عَلَيْهَا أَيَّامَهَا الْمُعْتَادَةَ وَالِاسْتِظْهَارُ إنْ زَادَ دَمُهَا فَظَاهِرُهَا تَطُوفُ كَمُسْتَحَاضَةٍ وَتَأَوَّلَهَا الشَّيْخُ بِمَنْعِهِ وَفَسْخِ كِرَائِهَا انْتَهَى.
وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ فَرْعٌ: إذَا قُلْنَا: بِرِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ فَتَجَاوَزَ الدَّمُ مُدَّةَ الْحَبْسِ، فَهَلْ تَطُوفُ أَوْ يُفْسَخُ الْكِرَاءُ؟ قَوْلَانِ انْتَهَى.
وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا تَطُوفُ، وَلَا وَجْهَ لِلْفَسْخِ؛ لِأَنَّ مُدَّةَ الْحَبْسِ هُوَ أَقْصَى مُدَّةِ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
انْتَهَى كَلَامُ التَّوْضِيحِ وَقَوْلُهُ: وَقُيِّدَ إنْ أَمِنَ هَذَا التَّقْيِيدَ نُسِبَ لِلتُّونُسِيِّ وَابْنِ اللَّبَّادِ وَالشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي زَيْدٍ وَيَعْنِي بِهِ أَنَّهُ إنَّمَا يُحْبَسُ مَعَ أَمْنِ الطَّرِيقِ، وَأَمَّا مَعَ عَدَمِ الْأَمْنِ فَلَا يُحْبَسُ الْكَرِيُّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: قَالَ اللَّخْمِيُّ يُخْتَلَفُ، هَلْ يَفْسَخُ أَوْ يُكْرِي عَلَيْهَا؟ انْتَهَى.
(فَرْعٌ) : قَالَ فِي التَّوْضِيحِ قَالَ مَالِكٌ فِي الْعُتْبِيَّةِ: وَإِذَا شَرَطَتْ عَلَيْهِ عُمْرَةً فِي الْمُحَرَّمِ، فَحَاضَتْ قَبْلَهَا لَا يُحْبَسُ عَلَى هَذَا كَرِيُّهَا، وَلَا يُوضَعُ مِنْ الْكِرَاءِ شَيْءٌ قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ: لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْحَجُّ انْتَهَى.
، وَنَقَلَهُ سَنَدٌ، وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: سَمِعَ الْقَرِينَانِ: لَوْ شَرَطَتْ عَلَيْهِ عُمْرَةً فِي الْمُحَرَّمِ بَعْدَ حَجِّهَا لَمْ يُحْبَسْ لِحَيْضِهَا قَبْلَهَا قِيلَ: أَيُوضَعُ لَهَا مِنْ الْكِرَاءِ شَيْءٌ؟ قَالَ لَا أَدْرِي مَا هَذَا؟ ابْنُ رُشْدٍ إنَّمَا حُبِسَ فِي الْحَجِّ لِامْتِنَاعِ خُرُوجِهَا قَبْلَ إفَاضَتِهَا وَإِمْكَانِهِ فِي الْعُمْرَةِ لِعَدَمِ إحْرَامِهَا بِهَا (قُلْت:) مَفْهُومُهُ إنْ أَحْرَمَتْ حُبِسَ قَالَ الصَّوَابُ فِيمَا وَقَفَ فِيهِ مَالِكٌ إنْ أَبَتْ الرُّجُوعَ وَأَبَى الصَّبْرَ عَلَيْهَا فُسِخَ كِرَاءُ مَا بَقِيَ لِحَقِّهَا فِي الْعُمْرَةِ؛ لِأَنَّهَا عَلَيْهَا سُنَّةٌ وَاجِبَةٌ، وَإِنْ كَانَتْ قَدْ نَذَرَتْهَا فَأَوْضَحُ انْتَهَى.
(فَرْعٌ) : اُسْتُحْسِنَ فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ إذَا حُبِسَ الْكَرِيُّ لِلنُّفَسَاءِ أَنْ تُعِينَهُ بِالْعَلَفِ وَأَمَّا الْحَائِضُ فَلَا قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ.
ص (وَكُرِهَ رَمْيٌ بِمَرْمِيٍّ بِهِ) ش يَعْنِي أَنَّ الرَّمْيَ بِالْحَصَى الْمَرْمِيِّ بِهِ مَكْرُوهٌ سَوَاءٌ رَمَى بِهِ هُوَ أَوْ غَيْرُهُ (فَرْعٌ:) قَالَ اللَّخْمِيّ لَوْ كَرَّرَ الرَّمْيَ بِحَصَاةٍ وَاحِدَةٍ سَبْعًا لَمْ يُجْزِهِ وَنَاقَشَهُ ابْنُ عَرَفَةَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (كَأَنْ يُقَالَ: لِلْإِفَاضَةِ طَوَافُ الزِّيَارَةِ) ش ذَكَرَ عَبْدُ الْحَقِّ فِي التَّهْذِيبِ أَنَّ مَالِكًا كَرِهَ أَيْضًا أَنْ تُسَمَّى أَيَّامُ مِنًى أَيَّامَ التَّشْرِيقِ، وَاسْتَحَبَّ أَنْ تُسَمَّى بِالْأَيَّامِ الْمَعْلُومَاتِ انْتَهَى.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ فِي مُخْتَصَرِهِ فِي كِتَابِ الْجَامِعِ فِي بَابِ الْقِرَاءَةِ وَالذِّكْرِ وَأَنْكَرَ مَالِكٌ أَنْ يُقَالَ صَلَاةُ الْعَتَمَةِ وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ، وَقَالَ: يَقُولُ اللَّهُ - تَعَالَى -: {وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشَاءِ} [النور: 58]، وَقَالَ عز وجل {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} [البقرة: 203] انْتَهَى.
ص (أَوْ زُرْنَا قَبْرَهُ عليه السلام) ش الْكَرَاهَةُ بَاقِيَةٌ، وَلَوْ سَقَطَ لَفْظُ الْقَبْرِ نَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ سَنَدٍ، وَقَالَ الْبِسَاطِيُّ إنَّهُ يَجُوزُ وَأَحْسَنُ الْعِلَلِ فِي ذَلِكَ، وَفِي كَرَاهَةِ طَوَافِ الزِّيَارَةِ مَا قَالَهُ سَنَدٌ اسْتَعْظَمَ مَالِكٌ رحمه الله إطْلَاقَ هَذِهِ اللَّفْظَةِ فِي حَقِّهِ صلى الله عليه وسلم، وَفِي حَقِّ بَيْتِ اللَّهِ - تَعَالَى - مِنْ حَيْثُ إنَّهَا إنَّمَا تُسْتَعْمَلُ بَيْنَ الْأَكْفَاءِ، وَفِي السَّعْيِ الْغَيْرِ الْوَاجِبِ، وَيُعَدُّ الزَّائِرُ مُتَفَضِّلًا عَلَى مَنْ زَارَهُ، وَلَا يَقُولُ مَنْ ذَهَبَ إلَى السُّلْطَانِ لِإِقَامَةِ مَا يَجِبُ مِنْ حَقِّهِ: أَتَيْت السُّلْطَانَ لِأَزُورَهُ، وَلَا زُرْت السُّلْطَانَ، وَلِأَنَّ مَنْ سَعَى يَطْلُبُ حَاجَةً مِنْ عِنْدِ أَحَدِ يُعَدُّ زَائِرًا، وَكَذَا لَا يَسْعَوْنَ فِي الْحَجِّ لِحَوَائِجِهِمْ وَقَضَاءِ فَرَائِضِهِمْ وَعِبَادَةِ مَوْلَاهُمْ، وَكَذَلِكَ فِي مُشَاهَدَةِ الرَّسُولِ وَالصَّلَاةِ فِي مَسْجِدِهِ إنَّمَا يَطْلُبُونَ بِذَلِكَ الْفَضْلَ مِنْ اللَّهِ - تَعَالَى - وَالرَّحْمَةَ فَلَيْسُوا زَائِرِينَ عَلَى الْحَقِيقَةِ انْتَهَى.
ص (وَرُقِيُّ الْبَيْتِ أَوْ عَلَيْهِ أَوْ مِنْبَرِهِ عليه الصلاة والسلام بِنَعْلٍ) ش مُرَادُهُ بِرُقِيِّ الْبَيْتِ دُخُولُهُ وَقَوْلُهُ: أَوْ عَلَيْهِ أَيْ: عَلَى ظَهْرِهِ أَوْ عَلَى مِنْبَرِهِ صلى الله عليه وسلم وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا كَرَاهَةَ فِي رُقِيِّ دَرَجِ الْبَيْتِ وَكَرِهَ مَالِكٌ أَنْ يَجْعَلَ نَعْلَهُ فِي الْبَيْتِ إذَا جَلَسَ يَدْعُو وَلْيَجْعَلْهَا فِي