الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَدْ يَهْرُبُ فَإِذَا زَوَّجَهُ لَمْ يَهْرُبْ وَقَالَ فِي الرِّسَالَةِ فِي آخِرِ بَابِ الْأَقْضِيَةِ: وَلِلْوَصِيِّ أَنْ يَتَّجِرَ بِأَمْوَالِ الْيَتَامَى وَيُزَوِّجَ إمَاءَهُمْ قَالَ الْقَلْشَانِيُّ لِسُقُوطِ نَفَقَةِ الْإِمَاءِ عَنْ الْيَتَامَى: وَاخْتُلِفَ هَلْ لَهُ تَزْوِيجُ ذُكُورِ الْمَمَالِيكِ؟ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ الْجَوَازُ وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ الْعَبْدُ مِدْيَانًا بِالصَّدَاقِ وَالْوَلَدُ لِغَيْرِهِ وَيَشْتَغِلُ بِالزَّوْجَةِ وَيَتْرُكُ الْأَيْتَامَ وَحَمَلَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ الرِّسَالَةَ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ انْتَهَى.
وَمَا ذَكَرَهُ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ يُشِيرُ بِهِ لِكَلَامِهَا الْمُتَقَدِّمِ وَقَالَ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ إثْرَ كَلَامِهَا الْمُتَقَدِّمِ: زَادَ فِي الْأُمِّ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ وَمِنْ أَجْنَبِيَّيْنِ وَيُرِيدُ بِقَوْلِهِ: عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ إذَا خَافَ أَنْ يَأْبَقُوا إذَا لَمْ يَقَعْ تَزْوِيجٌ انْتَهَى.
[فَرْعٌ نِكَاح الْأَمَةُ الْمُخْدِمَةُ]
(فَرْعٌ)، وَأَمَّا الْأَمَةُ الْمُخْدِمَةُ فَإِنْ كَانَ مَرْجِعُهَا إلَى حُرِّيَّةٍ؛ فَلَيْسَ لَهُ جَبْرُهَا وَلَا يُزَوِّجُهَا إلَّا بِرِضَاهَا قَالَ فِي النَّوَادِرِ: يُرِيدُ وَرِضَى الْمُخْدِمِ وَلَيْسَ ذَلِكَ لِلْمُخْدَمِ قَالَهُ فِي تَرْجَمَةِ مَنْ يُكْرَهُ عَلَى النِّكَاحِ مِمَّنْ فِيهِ بَقِيَّةُ رِقٍّ وَانْظُرْهُ فِي رَسْمِ الْأَقْضِيَةِ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ النِّكَاحِ وَنَصُّ مَا فِي النَّوَادِرِ قَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ أَخَدَمَ أَمَتَهُ رَجُلًا وَمَرْجِعُهَا إلَى حُرِّيَّةٍ بَعْدَ الْأَجَلِ وَلَا يُزَوِّجُهَا إلَّا بِرِضَاهَا يُرِيدُ وَرِضَى الْمُخْدِمِ وَلَيْسَ ذَلِكَ لِلْمُخْدَمِ أَيْضًا انْتَهَى.
فَفُهِمَ مِنْهُ إذَا أَخَدَمَهَا مَرَّةً وَمَرْجِعُهَا إلَيْهِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ لَا يُزَوِّجَهَا إلَّا بِرِضَا الْمُخْدِمِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (لَا عَكْسُهُ)
ش: يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ لَا يُجْبَرُ السَّيِّدُ عَلَى تَزْوِيجِ الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ إلَّا إذَا قَصَدَ الْإِضْرَارَ وَقَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَتَبِعَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَيَكُونُ عَكَسَهَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَمَعْنَى جَبْرِهِ مَا أَشَارَ إلَيْهِ فِي التَّوْضِيحِ أَنَّهُ يُؤْمَرُ بِالتَّزْوِيجِ، أَوْ الْبَيْعِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ أَنْ لَا يُجْبَرَ عَلَى زَوَاجِهِمَا إنْ احْتَاجَا وَإِنْ قَصَدَ إضْرَارَهُمَا وَنَصُّ كَلَامِ التَّوْضِيحِ عِنْدَ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ فَالْمَالِكُ يُجْبِرُ الْأَمَةَ وَالْعَبْدَ وَلَا يُجْبَرُ هُوَ لَهُمَا قَوْلُهُ وَلَا يُجْبَرُ هُوَ لَهُمَا أَيْ إذَا طَلَبَا الزَّوَاجَ وَأَبَى هُوَ ذَلِكَ فَلَا يُجْبَرُ؛ لِأَنَّهُ يَتَضَرَّرُ بِالتَّزْوِيجِ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَوَّازِيَّةِ: وَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّ الْعَبْدَ وَالْمُكَاتَبَ مُحْتَاجَانِ إلَى النِّكَاحِ وَأَنَّ السَّيِّدَ ضَارٌّ بِهِمَا فَلَا يُقْضَى عَلَى السَّيِّدِ بِنِكَاحِهِمَا عَبْدُ الْحَمِيدِ وَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَكَانَ بَعْضُ الشُّيُوخِ يَقُولُ: الصَّوَابُ عِنْدِي أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْعَبْدِ لِاشْتِدَادِ الضَّرَرِ بِهِ؛ إذْ ذَاكَ ضَرَرٌ فِي الدِّينِ وَضَرَرٌ فِي الدُّنْيَا وَكَانَ بَعْضُ الْمُذَاكِرِينَ يَقُولُ: اُنْظُرْ إلَى مَا قَالَهُ ابْنُ خُوَيْزِ مَنْدَادٍ فِي الْحُرِّ إذَا كَانَ لَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى التَّسَرِّي وَلَهُ حَاجَةٌ إلَى النِّكَاحِ يَخَافُ مِنْهُ الْعَنَتَ أَنَّ النِّكَاحَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ وَإِذَا كَانَ وَاجِبًا فَالْعَبْدُ يُشَارِكُهُ فِيهَا وَلِأَنَّ بَعْضَ أَصْحَابِنَا أَوْجَبَهُ لِلْأَبِ عَلَى ابْنِهِ انْتَهَى.
وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُؤْمَرُ بِالتَّزْوِيجِ، أَوْ الْبَيْعِ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» انْتَهَى كَلَامُ التَّوْضِيحِ وَقَالَ فِي الْعُتْبِيَّةِ فِي رَسْمِ شَكَّ فِي طَوَافِهِ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ السُّلْطَانِ وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ الْعَبْدِ يَشْكُو الْعُزْبَةَ فَيَسْأَلُ سَيِّدَهُ أَنْ يَبِيعَهُ لِذَلِكَ وَيَقُولُ: وَجَدْت مَوْضِعًا لَيْسَ عَلَى سَيِّدِهِ أَنْ يَبِيعَهُ وَلَوْ جَازَ ذَلِكَ لَقَالَ ذَلِكَ الْمُخْدَمُ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: وَهَذَا كَمَا قَالَ إنَّهُ لَيْسَ عَلَى الرَّجُلِ وَاجِبٌ أَنْ يَبِيعَ عَبْدَهُ مِمَّنْ يُزَوِّجُهُ إذَا سَأَلَهُ ذَلِكَ وَشَكَا الْعُزْبَةَ وَإِنَّمَا يُرْغَبُ فِي ذَلِكَ وَيُنْدَبُ وَلَيْسَ امْتِنَاعُهُ مِنْهُ مِنْ الضَّرَرِ الَّذِي يَجِبُ بِهِ بَيْعُهُ عَلَيْهِ، كَمَا لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُزَوِّجَهُ وَاجِبًا إذَا سَأَلَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ قَوْلَ اللَّهِ عز وجل {وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ} [النور: 32] لَيْسَ عَلَى الْوُجُوبِ إنَّمَا هُوَ أَمْرٌ بِالْإِنْكَاحِ عَلَى سَبِيلِ الْحَضِّ وَالتَّرْغِيبِ وَإِنَّمَا يُبَاعُ عَلَيْهِ إذَا ظَهَرَ ضَرَرُهُ مِنْ تَجْوِيعِهِ وَتَعْرِيَتِهِ وَتَكْلِيفِهِ مِنْ الْعَمَلِ مَا لَا يُطِيقُ وَضَرْبِهِ فِي غَيْرِ الْحَقِّ إذَا تَكَرَّرَ مِنْهُ ذَلِكَ، أَوْ كَانَ شَدِيدًا مُنْهِكًا وَهَذَا مِمَّا لَا أَعْلَمُ فِيهِ اخْتِلَافًا انْتَهَى.
وَنَقَلَ فِي النَّوَادِرِ كَلَامَ الْعُتْبِيَّةِ فِي آخِرِ كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ الثَّانِي فِي تَرْجَمَةِ الرِّفْقِ بِالْمَمْلُوكِ.
وَالنَّهْكُ الْمُبَالَغَةُ فِي الْعُقُوبَةِ قَالَ فِي الصِّحَاحِ نَهَكَهُ السُّلْطَانُ عُقُوبَةً يَنْهَكُهُ نَهْكًا وَنَهْكَةً إذَا بَالَغَ فِي عُقُوبَتِهِ انْتَهَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[فَرْعٌ جَبْرُ الرَّقِيقِ عَلَى النِّكَاحِ]
(فَرْعٌ) قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ فِي شَرْحِ مَسْأَلَةِ عَقْدِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ عَلَى الْأَمَةِ الْمُشْتَرَكَةِ: وَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يُزَوِّجَ الْأَمَةَ لِطُولِ غَيْبَةِ
سَيِّدِهَا، أَوْ لِعَضْلِهَا انْتَهَى.
ص (وَلَا مَالِكِ بَعْضٍ، وَلَهُ الْوِلَايَةُ وَالرَّدُّ) ش يَعْنِي أَنَّ مَالِكَ بَعْضِ الرَّقِيقِ لَيْسَ لَهُ جَبْرُهُ عَلَى النِّكَاحِ سَوَاءٌ كَانَ الْبَعْضُ الْآخَرُ حُرًّا، أَوْ رَقِيقًا إلَّا إذَا اتَّفَقَ الْمَالِكَانِ عَلَى الْجَبْرِ فَلَهُمَا ذَلِكَ وَإِذَا انْتَفَى عَنْ مَالِكِ الْبَعْضِ الْجَبْرُ فَلَهُ الْوِلَايَةُ عَلَى الْأَمَةِ وَلَهُ رَدُّ نِكَاحِهَا وَنِكَاحِ الْعَبْدِ إذَا تَزَوَّجَهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ وَيُشْكِلُ عَلَيْهِ أَنَّ كَلَامَهُ يَقْتَضِي إذَا زَوَّجَ الْأَمَةَ الْمُشْتَرَكَةَ أَحَدُ السَّيِّدَيْنِ أَنَّ لِلْآخَرِ الْإِجَازَةَ وَالرَّدَّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ قَالَ فِي النِّكَاحِ الْأَوَّلِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: وَلَا يُنْكَحُ أَمَةٌ، أَوْ عَبْدٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ إلَّا بِإِذْنِهِمَا فَإِنْ عَقَدَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ لِلْأَمَةِ بِصَدَاقٍ مُسَمًّى لَمْ يَجُزْ وَإِنْ أَجَازَهُ السَّيِّدُ الْآخَرُ وَيُفْسَخُ وَإِنْ دَخَلَ وَيَكُونُ بَيْنَ السَّيِّدَيْنِ الصَّدَاقُ الْمُسَمَّى إنْ دَخَلَ فَإِنْ نَقَصَ عَنْ صَدَاقِ الْمِثْلِ أَتَمَّ لِلْغَائِبِ نِصْفَ صَدَاقِ الْمِثْلِ إنْ لَمْ يَرْضَ بِنِصْفِ التَّسْمِيَةِ انْتَهَى.
وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ: يَنْدَفِعُ الْإِشْكَالُ بِأَنْ يَكُونَ الْأَلِفُ وَاللَّامُ فِي الْوِلَايَةِ وَالرَّدِّ لِلْعَهْدِ يَعْنِي أَنَّ الْوِلَايَةَ الْمَعْهُودَةَ فِي الْأَمَةِ الْمَمْلُوكَةِ جَمِيعًا لِشَخْصٍ وَاحِدٍ وَالرَّدُّ الَّذِي لِلسَّيِّدِ فِي رَقِيقِ الْإِنَاثِ وَالذُّكُورِ كُلٌّ عَلَى حَسَبِ مَا تَقَرَّرَ فِيهِ وَإِنَّمَا لَمْ يَصِحَّ هَذَا؛ لِأَنَّ الْوِلَايَةَ الْمَعْهُودَةَ فِي الْأَمَةِ الْمَمْلُوكَةِ جَمِيعًا لِشَخْصٍ وَاحِدٍ وِلَايَةُ الْجَبْرِ وَقَدْ نَفَاهَا وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: وَإِذَا نَكَحَ الْأَبْعَدُ مَعَ وُجُودِ الْمُجْبِرِ لَمْ يَجُزْ وَلَوْ أَجَازَهُ كَالْأَبِ، وَمِثْلُهُ السَّيِّدُ فِي أَمَتِهِ عَلَى الْأَرْجَحِ وَلَوْ كَانَ شَرِيكًا قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَقِيلَ: يَجُوزُ فِي الْأَمَةِ لِخِفَّةِ الْأَمْرِ فِيهَا وَالْأَصَحُّ وَمُقَابِلُهُ رِوَايَتَانِ.
(فَرْعٌ) وَعَلَى الْمَشْهُورِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ فَسْخِهِ فَإِنْ فُسِخَ قَبْلَ الْبِنَاءِ سَقَطَ الصَّدَاقُ عَنْ الزَّوْجِ وَرَجَعَ بِهِ إنْ اسْتَهْلَكَتْهُ، أَوْ مَا نَقَصَ إنْ تَجَهَّزَتْ بِهِ وَإِنْ لَمْ يُسَاوِهِ الْجَهَازُ رَجَعَ عَلَى الَّذِي زَوَّجَهُ إنْ غَرَّهُ وَلَمْ يُعْلِمْهُ أَنَّهُ شَرِيكٌ يُرِيدُ وَيَأْخُذُ الْجَهَازَ وَإِنْ فُسِخَ بَعْدَهُ وَإِنْ أَجَازَهُ الشَّرِيكُ فَإِنَّمَا لَهُ نِصْفُ الْمُسَمَّى وَإِنْ لَمْ يُجِزْهُ، أَوْ أَجَازَهُ وَلَمْ يَرْضَ بِالصَّدَاقِ فَالْمَشْهُورُ أَنَّ لَهُ الْأَكْثَرَ مِنْ الْمُسَمَّى وَصَدَاقِ الْمِثْلِ وَيَرْجِعُ الزَّوْجُ بِالزَّائِدِ عَلَى الَّذِي زَوَّجَهُ إنْ غَرَّهُ وَيُرِيدُ الْجَهَازَ بِأَنْ قَالَ: هِيَ حُرَّةٌ، أَوْ هِيَ لِي وَحْدِي وَالشَّاذُّ لِأَشْهَبَ أَنَّ مَالَهُ نِصْفُ الْمُسَمَّى ابْنُ الْمَوَّازِ وَلَا شَيْءَ لِلْعَاقِدِ مِنْ الصَّدَاقِ إنْ غَرَّهُ فَإِنْ قَالَ هِيَ حُرَّةٌ، أَوْ هِيَ لِي وَحْدِي قَالَ الشَّيْخَانِ أَبُو مُحَمَّدٍ وَأَبُو الْحَسَنِ: وَإِذَا رَجَعَ عَلَى الْغَارِّ بِمَا دَفَعَ إلَيْهِ تَرَكَ لَهُ رُبُعَ دِينَارٍ وَقِيلَ: لَا يَتْرُكُ لَهُ شَيْئًا وَهَذَا إذَا رَضِيَ الشَّرِيكَانِ فِي الْأَمَةِ بِقَسْمِ الْمَالِ وَإِنْ أَبَاهَا أَحَدُهُمَا فَعَلَى الزَّوْجِ أَنْ يُكْمِلَ لَهَا صَدَاقَ الْمِثْلِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَيَكُونُ بِيَدِهَا فَإِذَا اقْتَسَمَاهُ رَجَعَ عَلَى الَّذِي زَوَّجَهَا مِنْهُ بِمَا اسْتَفْضَلَ فِي نِصْفِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ غَرَّهُ وَبِجَمِيعِ الزَّيْدِ إنْ غَرَّهُ كَمَا ذَكَرْنَاهُ اهـ. كَلَامُ التَّوْضِيحِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُخَرَّجَ هَذَا مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِنَفْيِهِ عَنْهُ الْجَبْرَ وَهَذَا مُجْبَرٌ إذَا وَافَقَهُ شَرِيكُهُ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: الْمَالِكُ وَلَوْ تَعَدَّدَ يُجْبِرُ عَبْدَهُ وَأَمَتَهُ اهـ. وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ فَيَكُونُ دَاخِلًا فِي قَوْلِهِ بَعْدُ: وَبِأَبْعَدَ مَعَ أَقْرَبَ إنْ لَمْ يُجْبِرْ انْتَهَى.
فَتَحَصَّلَ مِنْ هَذَا أَنَّ مَالِكَ الْبَعْضِ وَلَوْ انْتَفَى عَنْهُ الْإِجْبَارُ فَلَا تَنْتَفِي عَنْهُ الْوِلَايَةُ سَوَاءٌ كَانَ الْبَعْضُ الْآخَرُ مِلْكًا لِآخَرَ، أَوْ حُرًّا فَإِنْ تَزَوَّجَ الْعَبْدُ، أَوْ الْأَمَةُ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَإِنْ كَانَ الْبَعْضُ الْآخَرُ مِلْكًا لِآخَرَ فَتَقَدَّمَ حُكْمُهُ وَإِنْ كَانَ حُرًّا فَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: وَمَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ لَا يُجْبَرُ وَلَكِنَّهُ كَمَالِكِ الْجَمِيعِ فِي الْوِلَايَةِ وَالرَّدِّ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: لِأَنَّ الْبَعْضَ الْحُرَّ لَا تَصَرُّفَ لَهُ فِيهِ قَالَ فِي الْبَيَانِ: لَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ وَقَوْلُهُ كَمَالِكِ الْجَمِيعِ فِي الْوِلَايَةِ عَلَى الْأَمَةِ وَفِي رَدِّ نِكَاحِ الْعَبْدِ، أَوْ الْأَمَةِ إذَا تَزَوَّجَهَا بِغَيْرِ إذْنِ السَّيِّدِ انْتَهَى.
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: يَعْنِي أَنَّ الْمُعْتَقَ بَعْضُهُ وَالْمُعْتَقَ بَعْضُهَا سَوَاءٌ كَانَ الْجُزْءُ الْعَتِيقُ يَسِيرًا أَوْ كَثِيرًا لَا يُجْبَرُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا عَلَى التَّزْوِيجِ؛ إذْ لَا تَسَلُّطَ لِلْمَالِكِ إلَّا عَلَى الْجُزْءِ الرَّقِيقِ فَلَوْ أَجْبَرَ السَّيِّدُ الْأَمَةَ، أَوْ الْعَبْدَ الْمَذْكُورَيْنِ عَلَى النِّكَاحِ لَكَانَ مُتَصَرِّفًا فِي مَالِهِ وَمَالِ غَيْرِهِ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ: وَلَكِنَّهُ كَمَالِكِ الْجَمِيعِ وَيَفْتَرِقَانِ فِي الْإِجْبَارِ خَاصَّةً وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْأَمَةِ الْمُعْتَقِ بَعْضُهَا، وَأَمَّا الْعَبْدُ الْمُعْتَقُ بَعْضُهُ فَلَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ إلَّا الْجَبْرُ خَاصَّةً فَإِذَا انْتَفَى الْجَبْرُ لَمْ
يَبْقَ هُنَاكَ مَانِعٌ فَقَالَ: وَلَكِنَّهُ كَمَالِكِ الْجَمِيعِ فِي الْوِلَايَةِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْأَمَةِ وَفِي الرَّدِّ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْعَبْدِ، أَوْ وَلِيِّهِمَا انْتَهَى. وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ مَنْ بَعْضُهَا حُرٌّ إذَا تَزَوَّجَتْ بِغَيْرِ إذْنِ مَنْ لَهُ الْبَعْضُ فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ غَايَتَهَا أَنْ تَكُونَ كَأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ فِي الْأَمَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَالْمُخْتَارُ وَلَا أُنْثَى بِشَائِبَةٍ وَمُكَاتَبٍ)
ش: تَصَوُّرُهُ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ ظَاهِرٌ وَحَيْثُ انْتَفَى إجْبَارُ السَّيِّدِ عَنْهُمْ فَلَا تَنْتَفِي وِلَايَتُهُ عَنْهُمْ وَلَهُ فَسْخُ النِّكَاحِ إنْ وَقَعَ بِغَيْرِ إذْنِهِ قَالَ الْمُتَيْطِيُّ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ الْأَقْوَالَ الْأَرْبَعَةَ الَّتِي ذَكَرَهَا الشَّارِحُ وَاخْتِيَارُ اللَّخْمِيِّ وَلَا يَجِبُ لِأَحَدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ أَنْ يُنْكَحَ إلَّا بِإِذْنِ السَّيِّدِ انْتَهَى.
وَفِي النِّكَاحِ الْأَوَّلِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ فِي تَرْجَمَةِ نِكَاحِ الْخَصِيِّ وَالْعَبْدِ وَلَا يَتَزَوَّجُ مُكَاتَبٌ وَلَا مُكَاتَبَةٌ بِغَيْرِ إذْنِ السَّيِّدِ لِرَجَاءِ فَضْلٍ، أَوْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَعِيبُهُمَا إذَا عَجَزَ فَإِنْ فَعَلَا فَلِلسَّيِّدِ فَسْخُهُ انْتَهَى.
ص (وَجَبْرُ الْمَجْنُونَةِ)
ش: قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُلْحَقَ بِالْأَبِ الْقَاضِي وَهَذَا إذَا كَانَتْ لَا تُفِيقُ، وَأَمَّا إذَا أَفَاقَتْ أَحْيَانًا فَلْتُنْتَظَرْ إفَاقَتُهَا انْتَهَى.
وَفِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ لِمُصَنِّفِهَا مَا نَصُّهُ: وَلَا يُزَوِّجُ غَيْرُ الْأَبِ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ إلَّا بِإِذْنٍ وَمَنْ لَا إذْنَ لَهَا كَالْمَجْنُونَةِ وَالسَّفِيهَةِ لَا يُزَوِّجُهَا إلَّا مَنْ لَهُ وِلَايَةُ الْإِجْبَارِ وَالْحَاكِمُ وَالْبُلُوغُ الْمُعْتَبَرُ فِي الْإِذْنِ بُلُوغُ الْمَحِيضِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ، أَوْ بُلُوغُ ثَمَانِ عَشْرَةَ سَنَةً وَاخْتُلِفَ فِي الْإِنْبَاتِ فَاعْتَبَرَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُحْتَاجَةِ لِدَفْعِ الضَّرَرِ وَلَمْ يَعْتَبِرْهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَقَالَ: إنْ زُوِّجَتْ فُسِخَ وَإِنْ بَنَى بِهَا، وَقَالَ غَيْرُهُ: لَا يُفْسَخُ؛ لِأَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ انْتَهَى وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى الْبُلُوغِ عِنْدَ قَوْلِهِ: فَالْبَالِغُ.
ص (وَالْبِكْرُ)
ش: وَيُسْتَحَبُّ لِلْأَبِ اسْتِئْذَانُهَا قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ فِي الْعَارِضَةِ: بِوَاسِطَةٍ لَا مُشَافَهَةٍ؛ لِأَنَّهَا إنْ اسْتَحْيَتْ مِنْ ذِكْرِ النِّكَاحِ مَرَّةً اسْتَحْيَتْ مِنْ ذِكْرِهِ مَعَ أَبِيهَا مِرَارًا وَقَالَ فِيهَا قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ «آمِرُوا النِّسَاءَ فِي بَنَاتِهِنَّ» : هَذَا غَيْرُ لَازِمٍ بِالْإِجْمَاعِ وَإِنَّمَا هُوَ مُسْتَحَبٌّ فَرُبَّمَا يَكُونُ عِنْدَ أُمِّهَا رَأْيٌ صَدَرَ عَنْ عِلْمٍ بِهَا، أَوْ بِالزَّوْجِ وَلِأَنَّهُ إذَا كَانَ بِرِضَاهَا حَسُنَتْ صُحْبَةُ زَوْجِ ابْنَتِهَا
ص (إلَّا لِ كَخَصِيٍّ)
ش: اُنْظُرْ مَا قَالَهُ هُنَا مَعَ قَوْلِهِ فِيمَا يَأْتِي: وَلِلْأُمِّ التَّكَلُّمُ فِي تَزْوِيجِ الْأَبِ.
ص (وَهَلْ إنْ لَمْ يَتَكَرَّرْ الزِّنَا؟ تَأْوِيلَانِ) ش قَالَ فِي الْعَارِضَةِ هَذَا إذَا كَانَتْ مَشْهُورَةً
مَحْدُودَةً، وَأَمَّا إنْ كَانَتْ غَيْرَ مَشْهُورَةٍ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُرَتَّبَ نِكَاحٌ عَلَى مَا لَمْ يَثْبُتْ، بَلْ يَجِبُ الْحَدُّ عَلَى مَنْ ذَكَرَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص " وَهُوَ فِي الثَّيِّبِ وَلِيٌّ "
ش: وَهَلْ يُقَدَّمُ عَلَى الْوَلِيِّ، أَوْ يُقَدَّمُ عَلَيْهِ الْوَلِيُّ؟
قَوْلَانِ وَالْقَوْلُ بِتَقْدِيمِ الْوَصِيِّ قَالَ فَضْلٌ: هُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ الْمَدَنِيِّينَ وَالْمِصْرِيِّينَ انْتَهَى مِنْ التَّوْضِيحِ.
وَقَالَ ابْنُ سَلْمُونٍ: وَصِيُّ الْأَبِ أَوْلَى مِنْ الْأَوْلِيَاءِ فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَيُشَاوَرُ الْوَلِيُّ انْتَهَى.
وَقَالَ فِي الْإِرْشَادِ: وَوَصِيُّ الْأَبِ مُقَدَّمٌ فِي الْبِكْرِ، وَفِي الثَّيِّبِ أُسْوَتُهُمْ انْتَهَى
ص " فَالْبَالِغُ "
ش: قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ: السَّبَبُ الثَّالِثُ مِنْ أَسْبَابِ الْوِلَايَةِ الْعُصُوبَةُ كَالْبُنُوَّةِ وَالْأُخُوَّةِ وَالْجُدُودَةِ وَالْعُمُومَةِ وَلَا تُفِيدُ إلَّا تَزْوِيجَ الْعَاقِلَةِ الْبَالِغَةِ بِرِضَاهَا، ثُمَّ قَالَ: الْبُلُوغُ الْمُعْتَبَرُ فِي التَّزْوِيجِ هُوَ الْحَيْضُ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: أَوْ بُلُوغُ ثَمَانِ عَشْرَةَ سَنَةً وَاخْتُلِفَ فِي الْإِنْبَاتِ، ثُمَّ إنْ تَزَوَّجَتْ بِهِ فَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: يُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ: لَا يُفْسَخُ إذَا أَنْبَتَتْ، وَقَالَ الشَّيْخُ زَرُّوق فِي كِتَابِ الْحَجِّ: فَأَمَّا الِاحْتِلَامُ وَالْحَيْضُ وَالْحَمْلُ فَلَا اخْتِلَافَ فِي كَوْنِهَا عَلَامَاتٍ وَيُصَدَّقُ فِي الْإِخْبَارِ عَنْهَا نَفْيًا طَالِبًا كَانَ أَوْ مَطْلُوبًا.
اُنْظُرْ بَقِيَّةَ كَلَامِهِ فِي بَابِ الْحَجِّ وَفِي الْبُرْزُلِيِّ وَسُئِلَ السُّيُورِيُّ عَنْ الْبِكْرِ الْيَتِيمَةِ تُرِيدُ النِّكَاحَ وَتَدَّعِي أَنَّهَا حَائِضٌ هَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهَا، أَوْ يُنْظَرُ إلَيْهَا هَلْ أَنْبَتَتْ أَمْ لَا؟ اهـ. وَسُئِلْت عَنْ بِكْرٍ غَابَ أَبُوهَا وَدَعَتْ إلَى التَّزْوِيجِ وَادَّعَتْ الْبُلُوغَ؟ فَأَجَبْت: إذَا غَابَ الْأَبُ عَنْ ابْنَتِهِ الْبِكْرِ غَيْبَةَ انْقِطَاعٍ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يُرْتَجَى قُدُومُهُ، أَوْ غَابَ غَيْبَةً طَوِيلَةً وَكَانَتْ الْمَسَافَةُ بَعِيدَةً كَالشَّهْرَيْنِ وَنَحْوِهِمَا وَدَعَتْ الْبِنْتُ الْبِكْرُ إلَى التَّزْوِيجِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يُزَوِّجُهَا إذَا كَانَتْ بَالِغًا، وَلِلْبُلُوغِ خَمْسُ عَلَامَاتٍ: الِاحْتِلَامُ، وَالْإِنْبَاتُ، وَالْحَيْضُ، وَالْحَمْلُ، وَالسِّنُّ وَهُوَ ثَمَانِ عَشْرَةَ سَنَةً عَلَى الْمَشْهُورِ وَيُقْبَلُ قَوْلُهَا فِي ذَلِكَ إذَا أَشْبَهَ، وَأَمَّا إنْ كَانَتْ غَيْرَ بَالِغٍ فَلَا تُزَوَّجُ إلَّا إذَا خِيفَ عَلَيْهَا الْفَسَادُ، أَوْ احْتَاجَتْ إلَى النَّفَقَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
ص " وَالْأَصَحُّ إنْ دَخَلَ وَطَالَ "
ش: هَذَا الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ أَنَّهُ إذَا زُوِّجَتْ الْيَتِيمَةُ وَلَمْ يَخَفْ عَلَيْهَا الْفَسَادُ، أَوْ لَمْ تَبْلُغْ عَشْرَ سِنِينَ، أَوْ لَمْ
يُشَاوَرْ الْقَاضِي فُسِخَ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ مَا لَمْ يَطُلْ بَعْدَ الدُّخُولِ وَهُوَ الَّذِي قَالَ فِي الْمُتَيْطِيَّةِ إنَّهُ الْمَشْهُورُ وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ: الْمَشْهُورُ أَنَّهُ يُفْسَخُ أَبَدًا وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَعَزَاهُ إلَى مَالِكٍ وَقَالَ قَبْلَ هَذَا الْكَلَامِ: وَإِذَا فُسِخَ هَذَا النِّكَاحُ عَلَى قَوْلِ مَنْ فَسَخَهُ فَالْفَسْخُ فِيهِ بِطَلَاقٍ وَمَا طَلَّقَ فِيهِ الزَّوْجُ قَبْلَ الْفَسْخِ؛ لَزِمَهُ وَيَكُونُ فِيهِ الْمِيرَاثُ بَيْنَهُمَا إنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْفَسْخِ وَيَكُونُ فِيهِ جَمِيعُ الصَّدَاقِ الْمُسَمَّى فِي الْمَوْتِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ وَنِصْفُهُ إنْ طَلَّقَ قَبْلَ الدُّخُولِ وَقَبْلَ الْفَسْخِ اهـ. وَنَحْوُهُ فِي الْمُتَيْطِيَّةِ وَابْنِ سَلْمُونٍ
ص (وَقُدِّمَ ابْنٌ فَابْنُهُ)
ش: يَعْنِي أَنَّ الِابْنَ مُقَدَّمٌ عَلَى سَائِرِ الْأَوْلِيَاءِ وَكَذَلِكَ ابْنُ الِابْنِ وَإِنْ سَفَلَ.
(تَنْبِيهٌ) هَذَا إذَا لَمْ تَكُنْ الِابْنَةُ فِي حِجْرِ أَبِيهَا، أَوْ فِي حِجْر وَصِيٍّ لَهَا، أَمَّا إنْ كَانَتْ فِي حِجْرِ أَبِيهَا، أَوْ وَصِيِّهَا فَالْأَبُ مُقَدَّمٌ عَلَى الِابْنِ وَكَذَلِكَ الْوَصِيُّ وَوَصِيُّ الْوَصِيِّ قَالَهُ فِي الْوَثَائِقِ الْمَجْمُوعَةِ وَطُرَرِ ابْنِ عَاتٍ وَذَكَرَهُ فِي شَرْحِ رَجَزِ ابْنِ عَاصِمٍ.
ص (فَحَاكِمٌ)
ش: لَا بُدَّ مِنْ إثْبَاتِ فُصُولٍ عِنْدَ زَوَاجِهَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ النَّوَادِرِ وَصَاحِبُ التَّلْقِينِ وَصَاحِبُ الْمُفِيدِ وَالْمُتَيْطِيُّ وَابْنُ سَلْمُونٍ وَابْنُ فَرْحُونٍ فِي تَبْصِرَتِهِ وَالْبَرْزَلِيُّ وَغَيْرِهِمْ قَالَ فِي الْمُتَيْطِيَّةِ: فَصْلٌ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلثَّيِّبِ وَلِيٌّ مِمَّنْ ذَكَرْنَا وَرَفَعَتْ أَمْرَهَا إلَى السُّلْطَانِ وَهِيَ ثَيِّبٌ وَزَعَمَتْ أَنَّهَا لَا وَلِيَّ لَهَا وَأَنَّهَا ثَيِّبٌ مَالِكَةٌ أَمْرَ نَفْسِهَا خِلْوٌ مِنْ زَوْجٍ وَفِي غَيْرِ عِدَّةٍ مِنْهُ كَلَّفَهَا الْإِمَامُ إثْبَاتَ ذَلِكَ قَالَ فَضْلُ بْنُ مَسْلَمَةَ: وَتُثْبِتُ عِنْدَهُ أَنَّهَا حُرَّةٌ وَهَكَذَا ذَكَرَهُ أَصْبَغُ فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ وَأَنَّهَا لَا تُصَدَّقُ أَنَّهَا لَا زَوْجَ لَهَا حَتَّى تُثْبِتَ أَنَّهَا خِلْوٌ مِنْ زَوْجٍ وَفِي غَيْرِ عِدَّةٍ مِنْهُ وَأَنَّهَا حُرَّةٌ مَخَافَةَ أَنْ تَكُونَ أَمَةَ قَوْمٍ، قَالَ الْبَاجِيُّ: وَهَذَا عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يَقُولُ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَهُوَ أَشْهَبُ وَغَيْرُهُ: إنَّ النَّاسَ بَيْنَ حُرٍّ وَعَبْدٍ، وَأَمَّا عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ الَّذِي يَقُولُ: إنَّ النَّاسَ أَحْرَارٌ فَلَا تَحْتَاجُ إلَى أَنْ تُثْبِتَ أَنَّهَا حُرَّةٌ، فَإِذَا ثَبَتَ مَا ذَكَرْنَا وَحَضَرَتْ مَعَ الْخَاطِبِ عِنْدَهُ وَاتَّفَقَا عَلَى النِّكَاحِ وَالصَّدَاقِ وَأَقَرَّتْ عِنْدَهُ بِالرِّضَا وَالتَّفْوِيضِ؛ عَقَدَ نِكَاحَهَا، أَوْ قَدَّمَ مَنْ يُبَاشِرُ عَقْدَهُ اهـ.، ثُمَّ قَالَ:
وَقَوْلُنَا فِي الْمَرْأَةِ: إنَّهَا خِلْوٌ مِنْ زَوْجٍ وَفِي غَيْرِ عِدَّةٍ مِنْهُ وَأَنْ لَا وَلِيَّ لَهَا وَأَنَّ ذَلِكَ فِي عِلْمِ مَنْ شَهِدَ بِهِ هُوَ الصَّوَابُ؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ قَدْ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ لَهَا وَلِيٌّ، أَوْ زَوْجٌ وَلَا يَعْلَمُهُ الشُّهُودُ اهـ. وَمَا ذَكَرَهُ عَنْ فَضْلِ بْنِ مَسْلَمَةَ نَحْوُهُ لِلْبَرْزَلِيِّ وَنَصُّهُ: وَزَادَ
فَضْلُ بْنُ مَسْلَمَةَ فِي وَثَائِقِهِ أَنَّهَا حُرَّةٌ وَذَكَرَهُ أَصْبَغُ فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ؛ إذْ لَعَلَّهَا مَمْلُوكَةٌ الْبَاجِيّ هَذَا عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ: إنَّ النَّاسَ بَيْنَ حُرٍّ وَعَبْدٍ وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ: إنَّهُمْ أَحْرَارٌ فَلَا يُحْتَاجُ اهـ.
وَذَكَرَهَا أَيْضًا فِي الْمَسَائِلِ الْمَلْقُوطَةِ عَنْ الْجُزُولِيِّ وَذَكَرَ أَيْضًا تُثْبِتُ أَنَّهَا حُرَّةٌ وَذَكَرَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ أَنَّهُ لَا يُحْتَاجُ إلَى ذَلِكَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَذَكَرَ فِي الْبَابِ الثَّامِنِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ التَّبْصِرَةِ أَنَّهَا لَا تَحْتَاجُ إلَى إثْبَاتِ الْحُرِّيَّةِ وَقَالَ فِي التَّبْصِرَةِ أَيْضًا فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ مِنْ الْقِسْمِ الثَّالِثِ فِي الرُّكْنِ السَّادِسِ: مَسْأَلَةٌ قَالَ ابْنُ رَاشِدٍ فِي الْمَذْهَبِ: يَنْبَغِي لِلْحَاكِمِ أَنْ لَا يُمَكِّنَ الْمَرْأَةَ مِنْ النِّكَاحِ إلَّا بَعْدَ ثُبُوتِ مَا يَتَوَصَّلُ بِهِ إلَى ذَلِكَ وَذَلِكَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: الْأَوَّلُ الْبِكْرُ الْيَتِيمَةُ الْبَلَدِيَّةُ إذَا أَرَادَتْ الزَّوَاجَ كَلَّفَهَا إثْبَاتَ يُتْمِهَا وَبَكَارَتِهَا وَبُلُوغِهَا وَخُلُوِّهَا مِنْ زَوْجٍ، وَأَنَّهُمْ مَا عَلِمُوا أَنَّ أَبَاهَا أَوْصَى بِهَا إلَى أَحَدٍ وَأَنْ لَا أَحَدَ مِنْ الْقُضَاةِ قَدَّمَ عَلَيْهَا مُقَدَّمًا وَتُثْبِتُ أَيْضًا أَنَّ الْأَوْلَى بِنَسَبٍ لَهَا، أَوْ أَنَّ لَهَا وَلِيًّا فَهُوَ أَحَقُّ بِعَقْدِ النِّكَاحِ عَلَيْهَا وَيُثْبِتُ كَفَاءَةَ الزَّوْجِ وَأَنَّ الصَّدَاقَ صَدَاقُ مِثْلِهَا عَلَى مِثْلِهِ قَالَ فَضْلُ بْنُ مَسْلَمَةَ وَأَنَّهَا حُرَّةٌ وَيَسْمَعُ الشُّهُودُ مِنْهَا رِضَاهَا بِالزَّوْجِ وَبِالصَّدَاقِ وَأَنَّهَا فَوَّضَتْ لِلْقَاضِي فِي إنْكَاحِهَا بِذَلِكَ وَسَمَاعُهُمْ مِنْهَا صَمْتًا لَا نُطْقًا.
الثَّانِي: الثَّيِّبُ الْبَلَدِيَّةُ.
وَإِذَا طَلَبَتْ الثَّيِّبُ الْبَلَدِيَّةُ الزَّوَاجَ كَلَّفَهَا أَنْ تُثْبِتَ أَصْلَ الزَّوْجِيَّةِ وَطَلَاقَ الزَّوْجِ لَهَا، أَوْ وَفَاتَهُ عَنْهَا وَأَنَّهَا لَمْ تُخْلَفْ زَوْجًا، أَوْ تَخَلَّلَ ذَلِكَ طُولٌ وَأَنْ لَا وَلِيَّ لَهَا.
الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ الْأَبُ غَيْرَ مَعْرُوفٍ وَيَأْتِي إلَى الْحَاكِمِ لِيُزَوِّجَ ابْنَتَهُ فَقَدْ كَلَّفَهُ بَعْضُ قُضَاةِ الْعَصْرِ أَنْ يُثْبِتَ أَنَّ لَهُ ابْنَةً اهـ.
وَذَكَرَ فِي الْمَسَائِلِ الْمَلْقُوطَةِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مَسْأَلَةً وَنَصُّهَا: وَإِذَا قَدِمَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ بَلَدٍ بَعِيدٍ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ أَنْ تُكَلَّفَ الْبَيِّنَةَ فَقَالَتْ: لَا زَوْجَ لِي فَإِنَّهَا تُصَدَّقُ وَذَكَرَهَا أَبُو مُحَمَّدٍ فِي النَّوَادِرِ وَفِي الْأَحْكَامِ لِابْنِ أَبِي زَمَنِينَ وَقَالَ الْبَاجِيّ فِي وَثَائِقِهِ: إذَا قَالَتْ كَانَ لِي زَوْجٌ فَفَارَقَنِي فِي الطَّرِيقِ وَلَا أَدْرِي أَحَيٌّ هُوَ، أَوْ مَيِّتٌ فَلَهَا أَنْ تَقِفَ إلَى الشُّهُودِ وَتُطَلِّقَ نَفْسَهَا لِعُسْرِ النَّفَقَةِ وَلَا تَرْجِعُ إلَى الْقَاضِي؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْضِي إلَّا بِبَيِّنَةٍ اهـ. مِنْ التَّقْيِيدِ عَلَى التَّهْذِيبِ لِأَبِي إبْرَاهِيمَ الْأَعْرَجِ اهـ. كَلَامُ الْمَسَائِلِ الْمَلْقُوطَةِ وَفِي بَابِ الطَّلَاقِ عَلَى الْغَائِبِ لِعَدَمِ النَّفَقَةِ مَسَائِلُ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى.
(تَنْبِيهَانِ الْأَوَّلُ) الْفُصُولُ الَّتِي يُحْتَاجُ إلَى إثْبَاتِهَا عِنْدَ الْحَاكِمِ إذَا أَرَادَ أَنْ يُزَوِّجَ إذَا كَانَ الْقَاضِي هُوَ الْمُتَوَلِّيَ لِلْعَقْدِ فَتُثْبَتُ عِنْدَهُ وَإِنْ كَانَ الْقَاضِي قَدَّمَ رَجُلًا لِلْمَنَاكِحِ فَإِنْ كَانَ فَوَّضَ إلَيْهِ إثْبَاتَ تِلْكَ الْفُصُولِ فَتُثْبَتُ عِنْدَهُ وَإِلَّا؛ لَمْ يَصِحَّ لَهُ تَزْوِيجُ الْمَرْأَةِ حَتَّى تَثْبُتَ تِلْكَ الْفُصُولُ عِنْدَ الْقَاضِي وَيُعْلِمُهُ الْقَاضِي بِذَلِكَ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي نَوَازِلِهِ.
(الثَّانِي) فَإِنْ زَوَّجَهَا الْقَاضِي مِنْ غَيْرِ إثْبَاتِ مَا ذَكَرَ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُفْسَخُ حَتَّى يُثْبِتَ مَا يُوجِبُ فَسْخَ النِّكَاحِ فِي الْمَوَانِعِ فَإِنَّ هَذِهِ مَوَانِعُ يُطْلَبُ انْتِفَاؤُهَا قَبْلَ إيقَاعِ الْعَقْدِ، وَإِذَا وَقَعَ الْعَقْدُ؛ لَمْ يُفْسَخْ حَتَّى يَثْبُتَ مَا يُوجِبُ رَفْعَهُ وَلَمْ أَرَ فِي ذَلِكَ نَصًّا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص " وَصَحَّ بِهَا فِي دَنِيَّةٍ مَعَ خَاصٍّ لَمْ يُجْبَرْ كَشَرِيفَةٍ دَخَلَ وَطَالَ "
ش: إنَّمَا تَكَلَّمَ الْمُصَنِّفُ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَعْدَ الْوُقُوعِ وَلَمْ يَذْكُرْ حُكْمَ الْإِقْدَامِ عَلَى ذَلِكَ قَالَ فِي أَوَائِلِ النِّكَاحِ الْأَوَّلِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: يُكْرَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ الرَّجُلُ امْرَأَةً بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيٍّ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ: يَعْنِي وَلِيٍّ خَاصٍّ، ثُمَّ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَإِنْ فَعَلَ كُرِهَ لَهُ وَطْؤُهَا حَتَّى يُعْلِمَ وَلِيَّهَا فَيُجِيزَ، أَوْ يَفْسَخَ، قَالَ أَبُو الْحَسَنِ: حَمَلَ بَعْضُ الشُّيُوخِ الْكَرَاهَةَ عَلَى بَابِهَا وَهُوَ عِنْدِي مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّهُ قَالَ: يُعَاقَبُ، وَكَيْفَ يُعَاقَبُ عَلَى الْمَكْرُوهِ؟ ، وَيَحْسُنُ أَنْ يُقَالَ: وَكُرِهَ لَهُ وَطْؤُهَا عَلَى الْمَنْعِ اهـ. وَإِنْ اطَّلَعَ عَلَى ذَلِكَ فَلَا شَكَّ أَنْ يُوقَفَ حَتَّى يَنْظُرَ هَلْ يُجِيزُهُ الْوَلِيُّ، أَوْ يَرُدُّهُ؟ قَالَهُ اللَّخْمِيّ فِيمَا إذَا كَانَ الْوَلِيُّ غَائِبًا غَيْبَةً قَرِيبَةً وَنَقَلَهُ عَنْهُ أَبُو الْحَسَنِ وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى الْمَنْعِ وَفِيهَا قَبْلَ الْكَلَامِ الْمُتَقَدِّمِ قِيلَ لِمَالِكٍ: مَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيٍّ بِشُهُودٍ أَيُضْرَبُ أَحَدٌ مِنْهُمْ؟ فَقَالَ: أَدَخَلَ بِهَا؟ قَالُوا: لَا، وَأَنْكَرَ الشُّهُودُ أَنْ يَكُونُوا حَضَرُوا
فَقَالَ: لَا عُقُوبَةَ عَلَيْهِمْ ابْنُ الْقَاسِمِ إلَّا أَنِّي رَأَيْتُ مِنْهُمْ أَنَّهُ لَوْ دَخَلَ بِهَا لَعُوقِبَتْ الْمَرْأَةُ وَالزَّوْجُ وَاَلَّذِي أَنْكَحَ وَيُؤَدَّبُ الشُّهُودُ أَيْضًا إنْ عَلِمُوا اهـ. قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ قَوْلُهُ: وَأَنْكَرَ الشُّهُودُ إلَخْ أَيْ أَنْكَرُوا أَنْ يَكُونُوا عَلِمُوا أَنَّ هَذَا النِّكَاحَ لَا يَجُوزُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: وَيُؤَدَّبُ الشُّهُودُ إنْ عَلِمُوا هَكَذَا قَالَ أَبُو الْحَسَنِ وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ فَاعِلَ أَنْكَرَ ضَمِيرًا يَعُودُ إلَى مَالِكٍ أَيْ وَأَنْكَرَ مَالِكٌ أَنْ يَكُونَ الشُّهُودُ يَحْضُرُونَ مِثْلَ هَذَا اهـ.
قَالَ أَبُو الْحَسَنِ كَمَا قَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: أَنْتُمْ تَقْرَءُونَ الْعِلْمَ وَتَشْهَدُونَ عَلَى مِثْلِ هَذَا اهـ؟ ،.
قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَقَيَّدَ الْبَاجِيُّ عَدَمَ عُقُوبَتِهِمْ قَبْلَ الْبِنَاءِ بِمَا إذَا كَانَ النِّكَاحُ مَشْهُورًا اهـ. وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مَشْهُورًا فَهُوَ نِكَاحُ سِرٍّ وَهُوَ يُعَاقَبُ فِيهِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ قَالَ اللَّخْمِيُّ: أَرَى أَنَّهُ لَا عُقُوبَةَ عَلَى الزَّوْجَيْنِ إذَا كَانَا مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ وَذَلِكَ مَذْهَبُهُمَا، أَوْ كَانَا مُقَلِّدَيْنِ مَنْ يَرَى ذَلِكَ، أَوْ كَانَا يَجْهَلَانِ وَيَظُنَّانِ ذَلِكَ جَائِزًا وَإِنْ كَانَا مِمَّنْ يَعْتَقِدُ فَسَادَ ذَلِكَ فَتُسْتَحْسَنُ الْعُقُوبَةُ وَكَذَلِكَ الْبَيِّنَةُ إذَا عَلِمَتْ أَنَّهَا تَزَوَّجَتْ بِوِلَايَةِ الْإِسْلَامِ يُنْظَرُ إلَى مَذْهَبِهِمَا، أَوْ مَنْ يُقَلِّدَانِهِ اهـ مِنْ أَبِي الْحَسَنِ.
وَقَالَ الشَّيْخُ زَرُّوق فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ: يَعْنِي أَنَّ عَقْدَ صَاحِبِ الْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ مَعَ وُجُودِ الْوَلِيِّ الْمُجْبِرِ وَهُوَ الْأَبُ وَالْمَالِكُ وَالْوَصِيُّ الَّذِي جُعِلَ لَهُ ذَلِكَ فَالنِّكَاحُ بَاطِلٌ يُفْسَخُ مُطْلَقًا عِيَاضٌ: اتِّفَاقًا وَكَذَلِكَ الْخَاصُّ لِغَيْرِ الْمُجْبِرِ مَعَ الْمُجْبِرِ يَبْطُلُ عَقْدُهُ إلَّا مَا تَقَدَّمَ فِي الْكَافِلِ وَالْحَاكِمِ فِي الْفَضْلِ.
(تَنْبِيهَانِ الْأَوَّلُ) الدَّنِيَّةُ كَالسَّوْدَاءِ والمسلمانية وَالْمُعْتَقَةِ قَالَ الشَّيْخُ زَرُّوق فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ: وَمَنْ فِي مَعْنَاهُمَا مِمَّنْ لَا يُرْغَبُ فِيهِ بِحَسَبٍ وَلَا مَالٍ وَلَا جَمَالٍ.
(الثَّانِي) يَصِحُّ الْعَقْدُ بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ فِي الدَّنِيَّةِ وَلَوْ تَوَلَّى الزَّوْجُ الْعَقْدَ بِنَفْسِهِ كَمَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ وَسَيَأْتِي كَلَامُهُ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَابْنُ عَمٍّ وَنَحْوُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص " وَإِنْ قَرُبَ فَلِلْأَقْرَبِ، أَوْ الْحَاكِمِ إذَا غَابَ الرَّدُّ "
ش: يَعْنِي إذَا اطَّلَعَ عَلَى النِّكَاحِ الَّذِي عُقِدَ بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ مَعَ وُجُودِ الْوِلَايَةِ الْخَاصَّةِ فِي الشَّرِيفَةِ وَكَانَ ذَلِكَ بِالْقُرْبِ فَلِلْوَلِيِّ الْخَاصِّ أَنْ يَرُدَّهُ وَسَوَاءٌ دَخَلَ بِهَا، أَوْ لَمْ يَدْخُلْ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إذَا أَجَازَهُ الْوَلِيُّ؛ جَازَ دَخَلَ الْوَلِيُّ أَمْ لَا وَإِذَا أَرَادَ فَسْخَهُ بِحِدْثَانِ الدُّخُولِ فَذَلِكَ لَهُ فَأَمَّا إنْ طَالَتْ إقَامَتُهُ مَعَهَا وَوَلَدَتْ الْأَوْلَادَ؛ أَمْضَيْتُهُ إنْ كَانَ صَوَابًا وَلَمْ يُفْسَخْ وَقَالَهُ مَالِكٌ اهـ. فَعُلِمَ مِنْ كَلَامِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ إذَا دَخَلَ وَطَالَ لَمْ يَفْسَخْ وَهُوَ الَّذِي قَدَّمَهُ الْمُؤَلِّفُ وَعُلِمَ أَيْضًا أَنَّهُ إنْ لَمْ يَطُلْ؛ لَهُ الْإِجَازَةُ وَالرَّدُّ دَخَلَ أَمْ لَا وَبَقِيَ مَا إذَا لَمْ يَدْخُلْ وَطَالَ فَفَهِمَ ابْنُ التَّبَّانِ عَنْهُ أَنَّهُ إذَا طَالَ تَحَتَّمَ فَسْخُهُ عِنْدَهُ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ ابْنُ يُونُسَ وَنَصُّهُ تَحْصِيلُ مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيهَا أَنَّهُ إذَا طَالَ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلَا بُدَّ مِنْ فَسْخِهِ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْبِنَاءِ فَلَا بُدَّ مِنْ إجَازَتِهِ وَإِنَّمَا يُخَيَّرُ الْوَلِيُّ فِي الْقُرْبِ كَذَا كَانَ يُدَرِّسُهُ بَعْضُ مَنْ لَقِيتُهُ مِنْ بَعْضِ شُيُوخِنَا اهـ. وَكَذَا قَالَ عَنْهُ فِي التَّوْضِيحِ وَنَصُّهُ وَاخْتَلَفَ الشُّيُوخُ فِي فَهْمِ هَذَا الْقَوْلِ فَقَالَ ابْنُ التَّبَّانِ إنْ كَانَ قَبْلَ الْبِنَاءِ بِالْقُرْبِ؛ فَلِلْوَلِيِّ إجَازَتُهُ وَفَسْخُهُ وَإِنْ طَالَ قَبْلَهُ؛ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا الْفَسْخُ وَإِنْ كَانَ بِقُرْبِ الْبِنَاءِ فَلَيْسَ لِلْوَلِيِّ أَيْضًا فَسْخُهُ وَإِجَازَتُهُ وَإِنْ طَالَ بَعْدَهُ فَلَيْسَ لَهُ فَسْخُهُ قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ وَقَالَ غَيْرُ ابْنِ التَّبَّانِ: إنَّهُ مُخَيَّرٌ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَإِنْ طَالَ، عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ اهـ. وَإِلَى هَذَيْنِ التَّأْوِيلَيْنِ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ: وَفِي تَحَتُّمِهِ إنْ طَالَ قَبْلَهُ تَأْوِيلَانِ
وَقَوْلُهُ: " أَوْ الْحَاكِمِ إنْ غَابَ " ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَنْتَقِلُ الْأَمْرُ فِي ذَلِكَ إلَى الْحَاكِمِ إذَا غَابَ الْوَلِيُّ الْأَقْرَبُ وَلَا يَنْتَقِلُ لِلْأَبْعَدِ وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ قَرُبَتْ غَيْبَتُهُ، أَوْ بَعُدَتْ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فِيمَا إذَا قَرُبَتْ غَيْبَتُهُ، بَلْ يَكْتُبُ إلَيْهِ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَإِذَا اسْتَخْلَفَتْ امْرَأَةٌ عَلَى نَفْسِهَا رَجُلًا فَزَوَّجَهَا وَلَهَا وَلِيَّانِ أَحَدُهُمَا أَقْعَدُ بِهَا مِنْ الْآخَرِ فَلَمَّا عَلِمَا أَجَازَهُ الْأَبْعَدُ وَرَدَّهُ الْأَقْعَدُ فَلَا قَوْلَ هُنَا لِلْأَبْعَدِ بِخِلَافِ الَّتِي زَوَّجَهَا الْأَبْعَدُ وَكَرِهَ الْأَقْعَدُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ نِكَاحٌ عَقَدَهُ وَلِيٌّ وَهَذَا نِكَاحٌ
عَقَدَهُ غَيْرُ وَلِيٍّ فَلَا يَكُونُ فَسْخُهُ إلَّا بِيَدِ الْأَقْعَدِ فَإِنْ غَابَ الْأَقْعَدُ وَأَرَادَ الْأَبْعَدُ فَسْخَهُ نَظَرَ فِيهِ السُّلْطَانُ فَإِنْ كَانَتْ غَيْبَةُ الْأَقْعَدِ قَرِيبَةً؛ بَعَثَ إلَيْهِ وَانْتَظَرَهُ وَلَمْ يُعَجِّلْ وَإِنْ كَانَتْ غَيْبَتُهُ بَعِيدَةً نَظَرَ السُّلْطَانُ كَنَظَرِ الْغَائِبِ فِي الرَّدِّ وَالْإِجَازَةِ وَكَانَ أَوْلَى مِنْ الْوَلِيِّ الْحَاضِرِ اهـ. وَقَالَ أَيْضًا بَعْدَهُ بِنَحْوِ الْوَرَقَةِ وَإِنْ كَانَ وَلِيُّهَا غَائِبًا وَقَدْ اسْتَخْلَفَتْ رَجُلًا فَزَوَّجَهَا فَرَجَعَ أَمْرُهَا إلَى الْإِمَامِ قَبْلَ قُدُومِ وَلِيِّهَا نَظَرَ الْإِمَامُ فِي ذَلِكَ وَبَعَثَ إلَى وَلِيِّهَا إنْ قَرُبَ فَيُفَرِّقُ، أَوْ يَتْرُكُ وَإِنْ بَعُدَ؛ نَظَرَ الْإِمَامُ كَنَظَرِهِ فِي الرَّدِّ وَالْإِجَازَةِ، وَقَالَ غَيْرُهُ: إنْ بَعُدَتْ غَيْبَةُ الْوَلِيِّ لَمْ يُنْتَظَرْ وَيَنْبَغِي أَنْ يُفَرِّقَ الْإِمَامُ بَيْنَهُمَا وَيَأْتَنِفَ نِكَاحَهَا مِنْهُ إنْ أَرَادَتْهُ وَلَا يَنْبَغِي إنْ ثَبَتَ نِكَاحٌ عَقَدَهُ غَيْرُ وَلِيٍّ فِي ذَاتِ الْحَالِ وَالْقَدْرِ اهـ.
(فَرْعٌ) قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي هَذَا الْمَحَلِّ: وَإِذَا أَرَادَ الْوَلِيُّ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا فَعِنْدَ الْإِمَامِ إلَّا أَنْ يَرْضَى الزَّوْجُ بِالْفِرَاقِ دُونَهُ اهـ.
ص " وَبِأَبْعَدَ مَعَ أَقْرَبَ إنْ لَمْ يُجْبِرْ " ش يَعْنِي أَنَّ النِّكَاحَ يَصِحُّ إذَا عَقَدَهُ الْأَبْعَدُ مَعَ وُجُودِ الْأَقْرَبِ إذَا لَمْ يَكُنْ مُجْبِرًا وَلَوْ كَانَ الْأَبْعَدُ هُوَ الْحَاكِمَ قَالَ فِي أَوَائِلِ النِّكَاحِ الْأَوَّلِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلِيٌّ فَزَوَّجَهَا الْقَاضِي مِنْ نَفْسِهِ، أَوْ مِنْ ابْنِهِ بِرِضَاهَا جَازَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ وَإِنْ كَانَ لَهَا وَلِيٌّ فَزَوَّجَهَا الْقَاضِي مِنْ نَفْسِهِ، أَوْ مِنْ ابْنِهِ بِرِضَاهَا وَأَصَابَ وَجْهَ النِّكَاحِ وَلَمْ يَكُنْ جَوْرٌ فَلَيْسَ لِوَلِيِّهَا فَسْخُ ذَلِكَ أَبُو الْحَسَنِ: قَوْلُهُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ مَفْهُومُهُ مَنْ لَهَا وَلِيٌّ فَلَيْسَ بِوَلِيٍّ لَهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ الْقَاضِي وَلِيُّ كُلِّ وَاحِدٍ اهـ. وَقَوْلُهُ إنْ لَمْ يُجْبِرْ أَيْ فَإِنْ كَانَ الْوَلِيُّ الْقَرِيبُ مُجْبِرًا فَلَا يَصِحُّ تَزْوِيجُ الْبَعِيدِ وَالْمُجْبِرُ هُوَ الْأَبُ وَالْوَصِيُّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَلَوْ أَنْكَحَ بِكْرًا ذَاتَ وَصِيٍّ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهَا فَفِي تَحَتُّمِ الْفَسْخِ وَإِجَازَتِهِ بِإِجَازَةِ الْوَصِيِّ.
ثَالِثُهَا: إنْ كَانَ نَظَرَ لَمْ يَفْسَخْ لِعِيَاضٍ عَنْ ظَاهِرِهَا وَابْنِ شَعْبَانَ وَبَعْضِ الشُّيُوخِ اهـ. وَالْمَالِكُ أَيْضًا مُجْبِرٌ كَمَا تَقَدَّمَ.
(تَنْبِيهٌ) فَإِذَا تَعَدَّدَ الْأَوْصِيَاءُ وَكَانَ وَصِيٌّ وَمُشْرِفٌ فَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْأَجْوِبَةِ: لَيْسَ إنْكَاحُ أَحَدِ الْوَصِيَّيْنِ دُونَ إذْنِ صَاحِبِهِ بِمَنْزِلَةِ إنْكَاحِ الْوَصِيِّ دُونَ إذْنِ الْمُشْرِفِ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّيْنِ وَلِيَّانِ جَمِيعًا كَالسَّيِّدَيْنِ فِي الْأَمَةِ لَا يَجُوزُ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَنْفَرِدَ بِالْعَقْدِ عَلَيْهَا دُونَ صَاحِبِهِ إلَّا أَنْ يُوَكِّلَهُ عَلَى ذَلِكَ فَإِنْ فَعَلَ؛ كَانَ الْعَقْدُ فَاسِدًا كَنِكَاحٍ عَقَدَهُ غَيْرُ وَلِيٍّ، وَأَمَّا الْمُشَاوَرُ فَلَيْسَ بِوَلِيٍّ وَلَا لَهُ مِنْ وِلَايَةِ الْعَقْدِ شَيْءٌ، وَإِنَّمَا لَهُ الْمُشَاوَرَةُ فَإِنْ أَنْكَحَ الْوَلِيُّ دُونَ إذْنِهِ فَالْعَقْدُ صَحِيحٌ إلَّا أَنَّهُ مَوْقُوفٌ عَلَى إجَازَتِهِ فَإِنْ مَاتَ الْمُشْرِفُ وَقَفَ عَلَى نَظَرِ الْقَاضِي انْتَهَى وَنَقَلَهُ ابْنُ سَلْمُونٍ فِي أَوَائِلِهِ.
وَفِي النَّوَادِرِ: إذَا عَقَدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْوَلِيَّيْنِ عَلَى وَلِيَّتِهِ فَنِكَاحُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَرْدُودٌ إلَّا أَنْ يَأْذَنَ كُلُّ وَاحِدٍ لِصَاحِبِهِ فَيَكُونَ لِلْأَوَّلِ مِنْهُمَا، وَذَلِكَ فِي الْوَصِيَّيْنِ وَالسَّيِّدَيْنِ انْتَهَى بِالْمَعْنَى.
(تَنْبِيهٌ) لَوْ فُرِضَ لِلْبِنْتِ أَبَوَانِ كَمَا فِي مَسَائِلِ الْقَافَةِ فَانْظُرْ هَلْ يَكُونَانِ كَالْوَصِيَّيْنِ؟ وَانْظُرْ فِي بَابِ الْوَصَايَا كَلَامَ الْمُدَوَّنَةِ.
(تَنْبِيهٌ) يُسْتَثْنَى مِنْ مَسْأَلَةِ الْمُؤَلِّفِ عَضْلُ الْوَلِيِّ وَمَسْأَلَةُ الْكَافِلِ عَلَى أَحَدِ الْأَقْوَالِ.
ص " وَرِضَا الْبِكْرِ