الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْحِلِّ، ثُمَّ أَدْخَلُوهُ إلَى الْحَرَمِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ سَوَاءٌ كَانَ الذَّابِحُ مُقِيمًا فِي الْحَرَمِ، أَوْ كَانَ عَابِرَ سَبِيلٍ، وَقَالَ سَنَدٌ إذَا صَادَ الْحَلَالُ صَيْدًا فِي الْحِلِّ، فَأَدْخَلَهُ الْحَرَمَ لَهُ صُورَتَانِ: الْأُولَى: أَنْ يَكُونَ الْحَرَمُ مَوْضِعَ قَرَارِهِ، أَوْ بَاعَهُ مِمَّنْ هُوَ مُسْتَقِرٌّ فِيهِ، فَقَالَ مَالِكٌ: لَهُ ذَبْحُهُ وَالثَّانِيَةُ: أَنْ يَدْخُلَ بِهِ الْحَرَمَ عَابِرُ سَبِيلٍ، فَلَا يَذْبَحُهُ فِيهِ، وَأَطْلَقَ الشَّافِعِيُّ الْقَوْلَ، وَالِاسْتِفْصَالُ أَظْهَرُ؛ لِأَنَّ الرُّخْصَةَ إنَّمَا كَانَتْ لِمَوْضِعِ الضَّرُورَةِ، فَتُخْتَصَرُ بِقَدْرِ الضَّرُورَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ: وَيُرْسِلُهُ وَإِنْ أَكَلَهُ قَبْلَ خُرُوجِهِ مِنْ الْحَرَمِ قَبْلَ أَنْ يُرْسِلَهُ، فَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ، وَقَالَ عَنْ أَشْهَبَ أَنَّهُ خَالَفَهُ فِيهِ إذَا أَكَلَهُ بَعْدَ خُرُوجِهِ مِنْ الْحَرَمِ انْتَهَى.
، وَنَقَلَ فِي التَّوْضِيحِ كَلَامَ سَنَدٍ وَقَبِلَهُ، وَجَعَلَهُ تَقْيِيدًا لِقَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَذْبَحَ الْحَلَالُ فِي الْحَرَمِ الْحَمَامَ وَالصَّيْدَ يَدْخُلُهُ مِنْ الْحِلِّ، وَلَمْ يُكْرَهُ الْإِعْطَاءُ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِهِ: لِأَنَّهُمْ لَوْ مَنَعُوا ذَلِكَ لَشَقَّ عَلَيْهِمْ لِطُولِ أَمْرِهِمْ، وَلِهَذَا قَالَ سَنَدٌ: وَأَمَّا الْعَابِرُ بِالصَّيْدِ الْحَرَمَ، وَهُوَ عَابِرُ سَبِيلٍ، فَلَا يَذْبَحُهُ فِيهِ لِعَدَمِ الضَّرُورَةِ إلَى آخِرِ كَلَامِ سَنَدٍ الْمُتَقَدِّمِ، وَلَمْ يَذْكُرْ خِلَافَهُ، وَكَذَلِكَ ابْنُ فَرْحُونٍ وَجَعَلَ اللَّخْمِيُّ مَا فِي الْعُتْبِيَّةِ مُخَالِفًا لِمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَلَكِنَّهُ رَجَّحَ مَا فِي الْعُتْبِيَّةِ، ثُمَّ زَادَ، فَقَالَ فِي آخِرِ كَلَامِهِ وَالْجَارِي عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّ شَأْنَ أَهْلِ مَكَّةَ يَطُولُ أَنْ يُمْنَعَ الطَّارِئُ الَّذِي مُقَامُهُ أَيَّامُ الْحَجِّ، ثُمَّ يَنْصَرِفُ وَيُبَاحُ لِلْمَكِّيِّ وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ كَلَامَ الْمُدَوَّنَةِ أُخِذَ مِنْ مَفْهُومِ طُولِ أَمْرِهِمْ مَنْعُهُ لِمَنْ دَخَلَ غَيْرَ مَكِّيٍّ، وَلَمْ يَعْزُهُ لِلَّخْمِيِّ وَلَا لِغَيْرِهِ
[تَنْبِيهَانِ صَادَ الْحَمَامَ فِي الْحِلِّ ثُمَّ أَدْخَلَهُ الْحَرَمَ]
(تَنْبِيهَانِ الْأَوَّلُ) : نَقَلَ ابْنُ جَمَاعَةَ فِي الْبَابِ التَّاسِعِ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الصَّغِيرِ أَنَّهُ إذَا صَادَ الْحَمَامَ فِي الْحِلِّ، ثُمَّ أَدْخَلَهُ الْحَرَمَ لَا يَجُوزُ ذَبْحُهُ لِأَهْلِ مَكَّةَ، وَمَا ذَكَرَهُ هُوَ الْمَذْهَبُ كَمَا عَلِمْتَهُ، وَفِي كَلَامِ أَبِي الْحَسَنِ مَا يَقْتَضِي أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ لَيْسَ لَهُ فَائِدَةٌ، فَإِنَّهُ قَالَ إثْرَهُ: وَمَا قَالَهُ هَذَا الشَّيْخُ لَيْسَ بِصَحِيحٍ بَلْ لَهُ ذَبْحُهُ وَأَكْلُهُ فِي الْحَرَمِ؛ لِأَنَّ شَأْنَ أَهْلِ مَكَّةَ يَطُولُ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي آخِرِ الْحَجِّ الثَّالِثِ انْتَهَى. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الثَّانِي) : قَالَ الشَّارِحُ: فِي شَرْحِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَيْ يَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَذْبَحَ فِي الْحَرَمِ مَا صِيدَ فِي الْحِلِّ وَقَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ هَكَذَا قَالَ فِي الْوَسَطِ وَنَحْوُهُ فِي الصَّغِيرِ وَقَالَ فِي الْكَبِيرِ: يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ وَالْحَلَالِ أَنْ يَذْبَحَ فِي الْحَرَمِ مَا صِيدَ فِي الْحِلِّ انْتَهَى.
(قُلْت) : وَلَا شَكَّ أَنَّ ذِكْرَ الْمُحْرِمِ سَبْقُ قَلَمٍ مِنْهُ رحمه الله إذْ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْمُحْرِمَ لَا يَجُوزُ لَهُ ذَبْحُ الصَّيْدِ مُطْلَقًا لَا فِي الْحِلِّ، وَلَا فِي الْحَرَمِ سَوَاءٌ صَادَهُ هُوَ، أَوْ غَيْرُهُ، وَسَوَاءٌ صِيدَ فِي الْحِلِّ، أَوْ فِي الْحَرَمِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَلَيْسَ الْإِوَزُّ وَالدَّجَاجُ بِصَيْدٍ)
ش: قَالَ سَنَدٌ: يُخْتَلَفُ فِي دَجَاجِ الْحَبَشِ وَتُسَمَّى الدَّجَاجَةَ السَّنْدِيَّةَ وَهِيَ تُشْبِهُ الدَّجَاجَ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي دَجَاجِ الْحَبَشَةِ الْجَزَاءُ؛ لِأَنَّهَا وَحْشِيَّةٌ وَعَنْ ابْنِ حَنْبَلٍ لَا جَزَاءَ فِيهِ، وَمُقْتَضَى الْمَذْهَبِ أَنْ يُنْظَرَ فَإِنْ كَانَتْ مِمَّا يَطِيرُ كَانَتْ عَلَى حُكْمِ الْحَمَامِ الَّذِي فِي الدُّورِ انْتَهَى. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[فَرْعٌ لَا بَأْسَ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَذْبَحَ الْأَنْعَامَ كُلَّهَا]
(فَرْعٌ) : لَا بَأْسَ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَذْبَحَ الْأَنْعَامَ كُلَّهَا نَقَلَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ وَغَيْرُهُ.
ص (وَحَرُمَ بِهِ قَطْعُ مَا يَنْبُتُ بِنَفْسِهِ)
ش: أَيْ وَحَرُمَ بِالْحَرَمِ قَطْعُ مَا يَنْبُتُ أَيْ النَّبَاتُ الَّذِي جِنْسُهُ يَنْبُتُ بِنَفْسِهِ، وَلَوْ اسْتَنْبَتَهُ النَّاسُ كَمَا لَوْ اسْتَنْبَتَ الْبُقُولُ الْبَرِّيَّةِ، وَشَجَرَةُ أُمِّ غَيْلَانِ وَشِبْهُ ذَلِكَ وَظَاهِرُ عُمُومِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الِاحْتِشَاشَ فِي الْحَرَمِ حَرَامٌ، وَقَدْ صَرَّحَ فِي الْمُدَوَّنَةِ بِأَنَّهُ مَكْرُوهٌ قَالَ فِيهَا: وَجَائِزٌ الرَّعْيُ فِي حَرَمِ مَكَّةَ وَحَرَمِ الْمَدِينَةِ فِي الْحَشِيشِ
وَالشَّجَرِ وَأَكْرَهُ أَنْ يَحْتَشَّ فِي الْحَرَمِ حَلَالٌ، أَوْ حَرَامٌ خِيفَةَ قَتْلِ الدَّوَابِّ وَكَذَلِكَ الْمُحْرِمُ فِي الْحِلِّ، فَإِنْ سَلِمُوا مِنْ قَتْلِ الدَّوَابِّ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ، وَأَكْرَهُ لَهُمْ ذَلِكَ «وَنَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ الْخَبْطِ وَقَالَ هُشُّوا وَارْعَوْا» وَقَالَ مَالِكٌ: الْهَشُّ تَحْرِيكُ الشَّجَرِ بِالْمِحْجَنِ لِيَقَعَ الْوَرَقُ، وَلَا يَخْبِطُ، وَلَا يَعْضُدُ وَالْعَضْدُ الْكَسْرُ انْتَهَى.
وَظَاهِرُ كَلَامِ أَبِي الْحَسَنِ: أَنَّ الْكَرَاهَةَ عَلَى بَابِهَا، فَإِنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِهِ خِيفَةَ قَتْلِ الدَّوَابِّ: أَمَّا لَوْ تَيَقَّنَ أَنَّهُ يَقْتُلُهَا لَمُنِعَ، وَصَرَّحَ بِذَلِكَ سَنَدٌ فَقَالَ: إذَا أَرَادَ أَنْ يَحْتَشَّ لِمَاشِيَتِهِ لَمْ يَحْرُمْ عَلَيْهِ ذَلِكَ لِمَكَانِ قَطْعِ الْحَشِيشِ، وَإِنَّمَا يُخْشَى عَلَيْهِ قَتْلُ الدَّوَابِّ وَمَنَعَ الشَّافِعِيُّ الِاحْتِشَاشَ، فَنَقُولُ مَا جَازَ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يُسَلِّطَ عَلَيْهِ مَاشِيَتَهُ لِلرَّعْيِ جَازَ لَهُ أَنْ يَجْمَعَهُ لَهَا كَأَوْرَاقِ الشَّجَرِ، وَلَوْ لَمْ يَجُزْ قَلْعُهُ لِمَاشِيَةٍ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يُسَلِّطَهَا عَلَيْهِ، وَلَمَّا جَازَ لَهُ أَنْ يُسَلِّطَ مَاشِيَتَهُ عَلَى أَوْرَاقِ الشَّجَرِ جَازَ لَهُ أَنْ يَهُشَّهَا، وَيَجْمَعَ إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ، فَمَنْ قَدَرَ أَنْ لَا يَحْتَشَّ، فَلَا يَحْتَشَّ لِيَخْرُجَ مِنْ الْخِلَافِ، وَمِنْ عُمُومِ النَّهْيِ، وَهُوَ وَجْهُ الْكَرَاهَةِ انْتَهَى.
وَحَمَلَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْكَرَاهَةَ عَلَى التَّحْرِيمِ، فَقَالَ، وَأَمَّا الِاخْتِلَاءُ، وَهُوَ حَصَادُ الْكَلَإِ الرَّطْبِ، فَالْأَقْرَبُ أَنَّ الْكَرَاهَةَ هُنَا يَعْنِي فِي كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ عَلَى التَّحْرِيمِ هَذَا هُوَ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ، وَعَلَى ذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُ مَالِكٍ، وَلَيْسَ فِي قَوْلِهِ لِمَكَانِ دَوَابِّهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْكَرَاهَةَ عَلَى بَابِهَا؛ لِأَنَّ مَقْصُودَهُ أَنَّ النَّهْيَ عَنْ الِاخْتِلَاءِ مُعَلَّلٌ بِخِيفَةِ قَتْلِ الدَّوَابِّ إذْ لَوْ كَانَ أَخْذُهُ مَمْنُوعًا مُطْلَقًا لِمَا جَازَ الرَّعْيُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَالَ أَبُو عُمَرَ فِي الْكَافِي: وَلَا يَجُوزُ لِحَلَالٍ، وَلَا لِحَرَامٍ قَطْعُ شَيْءٍ مِنْ شَجَرِ الْحَرَمِ الْمُبَاحِ، وَلَا كَسْرُهُ، وَلَا أَنْ يَحْتَشَّ فِي الْحَرَمِ وَلَا بَأْسَ بِقَطْعِ كُلِّ مَا غَرَسَهُ الْآدَمِيُّونَ مِنْ النَّخْلِ وَالشَّجَرِ، وَقَدْ رُخِّصَ فِي الرَّعْيِ فِي الْحَرَمِ، وَفِي الْهَشِّ مِنْ شَجَرَةٍ لِلْغَنَمِ انْتَهَى. فَظَاهِرُ قَوْلِهِ لَا يَجُوزُ الْمَنْعُ، وَفِي رَسْمِ كُتِبَ عَلَيْهِ ذِكْرُ حَقٍّ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الْحَجِّ لَا بَأْسَ أَنْ يَخْبِطَ الْمُحْرِمُ لِبَعِيرِهِ مِنْ غَيْرِ الْحَرَمِ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: الْخَبْطُ أَنْ يَضْرِبَ بِعَصَاهُ الشَّجَرَ فَيُسْقِطَ وَرَقَهُ لِبَعِيرِهِ، وَذَلِكَ جَائِزٌ فِي الْحِلِّ لِلْحَلَالِ وَالْمُحْرِمِ إذْ يَأْمَنُ فِي ذَلِكَ الْمُحْرِمُ قَتْلَ الدَّوَابِّ بِخِلَافِ الِاحْتِشَاشِ، وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِي الْحَرَمِ لِحَلَالٍ وَلَا حَرَامٍ، وَإِنَّمَا الَّذِي يَجُوزُ لَهُمَا فِيهِ الْهَشُّ، وَهُوَ أَنْ يَضَعَ الْمِحْجَنَ فِي الْغُصْنِ، فَيُحَرِّكَهُ حَتَّى يُسْقِطَ وَرَقَهُ انْتَهَى، فَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ أَنَّ الْخَبْطَ لَا يَجُوزُ فِي الْحَرَمِ أَنَّ الِاحْتِشَاشَ لَا يَجُوزُ أَيْضًا، فَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ مَشَى عَلَى قَوْلِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، وَمَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ وَصَاحِبِ الْكَافِي (تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ) : اعْلَمْ أَنَّ هَذَا أَنَّمَا هُوَ فِي قَطْعِهِ لِلْبَهَائِمِ، ثُمَّ قَالَ سَنَدٌ فِي الِاحْتِجَاجِ عَلَى جَوَازِ الرَّعْيِ: أَمَّا قَطْعُ الْحَشِيشِ، فَنَحْنُ لَا نَمْنَعُهُ لِلْمَاشِيَةِ، وَإِنَّمَا نَمْنَعُهُ لِغَيْرِ ذَلِكَ بِأَنْ يَدَّخِرَهُ، أَوْ يُفْرِغَ الْأَرْضَ مِنْهُ انْتَهَى.
(الثَّانِي) : فُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ يُفْرِغَ الْأَرْضَ مِنْهُ أَنَّ ذَلِكَ مَمْنُوعٌ، وَهَذَا إذَا كَانَ ذَلِكَ لِغَيْرِ مَصْلَحَةٍ، وَأَمَّا لَوْ أَرَادَ أَنْ يَبْنِيَ فِي مَوْضِعٍ، أَوْ يَغْرِسَ فِيهِ جَازَ لَهُ ذَلِكَ قَالَ التَّادَلِيُّ: لَمَّا ذَكَرَ الْمُسْتَثْنَيَاتِ، وَجُمْلَةُ الْمُسْتَثْنَيَاتِ مِنْ الْحَرَمِ عَلَى اخْتِلَافٍ فِي بَعْضِهَا الْإِذْخِرُ وَالسَّنَا وَالسِّوَاكُ وَالْعَصَا وَالْهَشُّ وَالْقَطْعُ لِلْبِنَاءِ وَالْقَطْعُ لِإِصْلَاحِ الْحَوَائِطِ، وَذَكَرَهَا ابْنُ فَرْحُونٍ فِي مَنَاسِكِهِ (الثَّالِثُ) : عُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّ اجْتِنَاءَ ثَمَرِ الْأَشْجَارِ الَّتِي تَنْبُتُ بِنَفْسِهَا جَائِزٌ (الرَّابِعُ) : يُفْهَمُ مِنْ إطْلَاقِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ مَا يَنْبُتُ بِنَفْسِهِ أَنَّهُ يَحْرُمُ قَطْعُهُ وَلَوْ اسْتُنِبْتَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْبَاجِيُّ، وَذَكَرَهُ صَاحِبُ الْجَوَاهِرِ وَابْنُ الْحَاجِبِ عَلَى أَنَّهُ الْمَذْهَبُ، وَبِذَلِكَ حَلَّلْنَا كَلَامَهُ فِي أَوَّلِ الْقَوْلَةِ، وَلِذَلِكَ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي مَنَاسِكِهِ: كَمَا يُسْتَنْبَتُ، وَإِنْ لَمْ يُعَالَجْ
ص (وَالْجَزَاءُ بِحُكْمِ عَدْلَيْنِ فَقِيهَيْنِ بِذَلِكَ)
ش: يَعْنِي أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْجَزَاءِ حُكْمُ حَكَمَيْنِ وَتُشْتَرَطُ فِيهِمَا الْعَدَالَةُ، وَيُشْتَرَطُ فِيهِمَا الْفِقْهُ بِأَحْكَامِ الصَّيْدِ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِي ذَلِكَ إذْنُ الْإِمَامِ لَهُمَا، وَلَا يُجْزِي أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا الْقَاتِلَ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ حُكْمَ الْحُكْمَيْنِ شَرْطٌ فِي إجْزَاءِ الصَّيْدِ مُطْلَقًا مِثْلًا كَانَ، أَوْ طَعَامًا، أَوْ
صِيَامًا وَلَا أَعْلَمُ خِلَافًا فِي اشْتِرَاطِ الْأَوَّلَيْنِ، وَأَمَّا الصَّوْمُ فَصَرَّحَ ابْنُ الْحَاجِبِ بِاشْتِرَاطِ ذَلِكَ فِيهِ، فَقَالَ: وَلَا يُخْرِجُ مِثْلًا وَلَا طَعَامًا وَلَا صِيَامًا إلَّا بِحُكْمِ عَدْلَيْنِ فَقِيهَيْنِ، وَذَكَرَ صَاحِبُ الطِّرَازِ فِي ذَلِكَ خِلَافًا بَعْدَ أَنْ قَالَ أَمَّا اسْتِحْبَابُهُ، فَلَا يَخْتَلِفُ الْمَذْهَبُ فِيهِ إذْ لَا يَحِلُّ بِشَيْءٍ إذْ فِيهِ مَزِيدُ احْتِيَاطٍ، ثُمَّ ذَكَرَ عَنْ الْبَاجِيِّ أَنَّهُ قَالَ الْأَظْهَرُ عِنْدِي اسْتِئْنَافُ الْحُكْمِ فِي الصَّوْمِ؛ لِأَنَّ تَقْدِيرَ الْأَيَّامِ بِالْأَمْدَادِ مَوْضِعُ اجْتِهَادٍ، فَقَدْ خَالَفَ فِيهِ بَعْضُ الْكُوفِيِّينَ، وَبِالْحُكْمِ يَتَخَلَّصُ مِنْ الْخِلَافِ وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ بَلْ صَرِيحُهُ أَنَّ الصَّوْمَ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْحُكْمُ، وَنَصُّهُ: وَشَرْطُ الْجَزَاءِ فِي الْمِثْلِ وَالْإِطْعَامِ كَوْنُهُ بِحَكَمَيْنِ وَلَمْ يُحْكَ فِي ذَلِكَ خِلَافًا، فَتَأَمَّلْهُ (فَرْعٌ) : قَالَ سَنَدٌ: وَلَا بُدَّ فِي ذَلِكَ مِنْ لَفْظِ الْحُكْمِ، وَالْأَمْرِ بِالْجَزَاءِ.
ص (أَوْ إطْعَامٌ بِقِيمَةِ الصَّيْدِ) ش أَيْ بِقَدْرِ قِيمَةِ الصَّيْدِ مِنْ الطَّعَامِ، وَلَيْسَ الْمَعْنَى أَنَّهُ يُقَوِّمُ الصَّيْدَ بِدَرَاهِمَ مَثَلًا، ثُمَّ يَشْتَرِي بِتِلْكَ الْقِيمَةِ بَلْ الْمَطْلُوبُ أَنْ يُقَوِّمَ الصَّيْدَ أَوَّلَ الْأَمْرِ بِالطَّعَامِ، وَلَوْ قَوَّمَ بِالدَّرَاهِمِ، ثُمَّ اشْتَرَى بِهَا طَعَامًا أَجْزَأَ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَحْكُمَا عَلَيْهِ بِالطَّعَامِ، فَلْيُقَوِّمَا الصَّيْدَ نَفْسَهُ حَيًّا بِطَعَامٍ، وَلَا يُقَوِّمَانِ جَزَاءَهُ مِنْ النِّعَمِ، وَلَوْ قَوَّمَ الصَّيْدَ بِدَرَاهِمَ، ثُمَّ اشْتَرَى بِهَا طَعَامًا رَجَوْتُ أَنْ يَكُونَ وَاسِعًا وَلَكِنَّ تَقْوِيمَهُ بِالطَّعَامِ أَصْوَبُ انْتَهَى.
وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: قَالَ فِي الْكَافِي: لَوْ قَوَّمَ بِدَرَاهِمَ، ثُمَّ قُوِّمَتْ بِطَعَامٍ أَجْزَأَ وَالْأَوَّلُ أَصْوَبُ عِنْدَ مَالِكٍ وَالتَّقْوِيمُ لِلْحَكَمَيْنِ (قُلْت) : مِثْلُهُ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ وَظَاهِرُ قَوْلِهَا لَوْ قَوَّمَ بِدَرَاهِمَ، ثُمَّ اشْتَرَى بِهَا طَعَامًا رَجَوْتُ سِعَتَهُ خِلَافُهُ وَنَقَلَهَا ابْنُ الْحَاجِبِ بِلَفْظِ أَبِي عُمَرَ دُونَ قَوْلِهِ، وَالْأَوَّلُ أَصْوَبُ انْتَهَى. .
كَذَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: وَأَتَى الْمُصَنِّفُ يَعْنِي ابْنَ الْحَاجِبِ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَهِيَ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى خِلَافِ مَا أَتَى بِهِ، ثُمَّ ذَكَرَ لَفْظَهَا الْمُتَقَدِّمَ، ثُمَّ قَالَ: فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ أَخْرَجَ الْقِيمَةَ دَرَاهِمَ، ثُمَّ اشْتَرَى بِهَا طَعَامًا لَا أَنَّهُ أَخْرَجَ عَنْ الْقِيمَةِ طَعَامًا مِنْ تَحْتِ يَدِهِ، وَهُوَ أَشَدُّ بُعْدًا عَنْ الْأَصْلِ مِمَّا ذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ انْتَهَى.
وَانْظُرْ مَا صُورَةُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ هَلْ حَكَمَ الْحَكَمَانِ عَلَيْهِ بِالدَّرَاهِمِ، ثُمَّ اشْتَرَى هُوَ بِهَا طَعَامًا، أَوْ قَوَّمَ الْحَكَمَانِ الصَّيْدَ بِدَرَاهِمَ، ثُمَّ قَوَّمَا تِلْكَ الدَّرَاهِمَ بِطَعَامٍ، وَحَكَمَا عَلَيْهِ بِهِ وَهُوَ الَّذِي يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ التَّوْضِيحِ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ الثَّانِي: وَهُوَ الَّذِي يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ الْكَافِي فَتَأَمَّلْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (بِمَحِلِّهِ وَإِلَّا فَبِقُرْبِهِ وَلَا يُجْزِئُ بِغَيْرِهِ)
ش: قَوْلُهُ بِمَحِلِّهِ يَصِحُّ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِقِيمَةِ الصَّيْدِ، وَأَنْ يَتَعَلَّقَ بِإِطْعَامٍ قَالَ سَنَدٌ: وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ جَزَاءَ الصَّيْدِ إنْ أَخْرَجَ هَدْيًا، فَلَا يَكُونُ إلَّا بِالْحَرَمِ، وَإِنْ شَاءَ الصِّيَامَ صَامَ حَيْثُ شَاءَ مِنْ الْبِلَادِ، وَإِنْ شَاءَ أَنْ يُطْعِمَ، فَالْكَلَامُ فِي ذَلِكَ فِي مَوْضِعَيْنِ فِي مَوْضِعِ التَّقْوِيمِ، وَفِي مَوْضِعِ إخْرَاجِ الطَّعَامِ أَمَّا مَوْضِعُ التَّقْوِيمِ، فَأَصْحَابُنَا مُتَّفِقُونَ عَلَى تَقْوِيمِهِ حَيْثُ أَصَابَ الصَّيْدَ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَيْسَ لَهُ هُنَاكَ قِيمَةٌ إمَّا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَوْضِعِ اسْتِيطَانٍ، أَوْ بِمَوْضِعٍ لَا يَعْرِفُونَ لِلصَّيْدِ فِيهِ قِيمَةً قَالَ الْبَاجِيُّ: وَيَجِبُ أَنْ يُرَاعِيَ أَيْضًا ذَلِكَ الْوَقْتَ، وَأَمَّا مَوْضِعُ إخْرَاجِهِ فَيُخْتَلَفُ فِيهِ هَلْ يَجِبُ الْحَرَمُ أَمْ لَا؟ فَقَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ: لَا يُرَاعِي الْحَرَمَ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يَخْتَصُّ بِالْحَرَمِ إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَهَلْ يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِمَوْضِعِ تَقْوِيمِهِ؟ ظَاهِرُ الْكِتَابِ أَنَّهُ يَخْتَصُّ، وَلَا يُجْزِئُ بِغَيْرِهِ وَحَمَلَ ابْنُ الْمَوَّازِ ذَلِكَ عَلَى اخْتِلَافِ السِّعْرِ، فَقَالَ إنْ أَصَابَ بِالْمَدِينَةِ وَأَطْعَمَ بِمِصْرَ لَمْ يُجْزِهِ أَلَا أَنْ يَتَّفِقَ سِعْرَاهُمَا وَإِنْ أَصَابَهُ بِمِصْرَ وَهُوَ مُحْرِمٌ فَأَطْعَمَ بِالْمَدِينَةِ أَجْزَأَهُ؛ لِأَنَّ السِّعْرَ أَغْلَى، وَقَالَ أَصْبَغُ إذَا أَخْرَجَ عَلَى سِعْرِهِ بِمَوْضِعِهِ ذَلِكَ أَجْزَأَهُ حَيْثُمَا كَانَ، ثُمَّ قَالَ وَإِذَا قُلْنَا يُخْرِجُ بِغَيْرِ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ، فَبِقَدْرِ مَكِيلَةِ مَا حُكِمَ عَلَيْهِ، أَوْ بِعَدْلِ قِيمَةِ تِلْكَ
الْمَكِيلَةِ يُخْتَلَفُ فِيهِ، ثُمَّ قَالَ: فَرْعٌ: فَلَوْ لَمْ يَكُنْ حُكِمَ عَلَيْهِ بِمَبْلَغٍ مِنْ الطَّعَامِ حَتَّى يَرْجِعَ إلَى أَهْلِهِ، فَأَرَادَ أَنْ يُطْعِمَ فَلْيُحَكِّمْ اثْنَيْنِ مِمَّنْ يَجُوزُ تَحْكِيمُهُمَا، وَيَصِفْ لَهُمَا الصَّيْدَ وَيَذْكُرْ لَهُمَا سِعْرَ الطَّعَامِ بِمَوْضِعِ الصَّيْدِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِمْ تَقْوِيمُهُ بِالطَّعَامِ قَوَّمَهُ بِالدَّرَاهِمِ، وَعَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ يَبْعَثُ بِالطَّعَامِ إلَى مَوْضِعِ الصَّيْدِ كَمَا يَبْعَثُ بِالْهَدْيِ إلَى مَكَّةَ، وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ وَهْبٍ يَبْتَاعُ بِتِلْكَ الْقِيمَةِ طَعَامًا فِي بَلَدِهِ مَا بَلَغَتْ قَلَّ الطَّعَامُ، أَوْ كَثُرَ انْتَهَى.
وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ: تَحْصِيلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ يُطْلَبُ ابْتِدَاءً بِأَنْ يُخْرِجَ بِمَحِلِّ التَّقْوِيمِ، فَإِنْ أَخْرَجَهُ بِغَيْرِهِ فَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ، وَمَذْهَبُ الْمُوَطَّإِ الْإِجْزَاءُ وَعَلَيْهِ فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ قَوْلُ أَصْبَغَ يُخْرِجُ حَيْثُ شَاءَ بِشَرْطِ أَنْ يُخْرِجَ عَلَى سِعْرِ بَلَدِ الْحُكْمِ وَقَوْلُ ابْنِ الْمَوَّازِ الْمُتَقَدِّمِ، وَقَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ إنْ كَانَ الطَّعَامُ بِبَلَدِ الْإِخْرَاجِ أَرْخَصَ اشْتَرَى مِنْ الطَّعَامِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ بِبَلَدِ الصَّيْدِ فَأَخْرَجَهُ وَإِنْ كَانَ بِبَلَدِ الْإِخْرَاجِ أَغْلَى أَخْرَجَ الْمَكِيلَةَ الْوَاجِبَةَ عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَاخْتَلَفَ الشُّيُوخُ فِي كَلَامِ ابْنِ الْمَوَّازِ فَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَهُ تَفْسِيرًا لِلْمُدَوَّنَةِ وَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَهُ خِلَافًا وَهُوَ الَّذِي اعْتَمَدَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ انْتَهَى فَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي التَّقْوِيمِ مَوْضِعُ الْإِصَابَةِ بِقَوْلِهِ بِمَحِلِّهِ، وَإِلَّا فَبِقُرْبِهِ، وَأَشَارَ إلَى مَوْضِعِ الْإِخْرَاجِ بِقَوْلِهِ: وَلَا يُجْزِئُ بِغَيْرِهِ أَيْ وَلَا يُجْزِئُ الْإِخْرَاجُ بِغَيْرِ مَحِلِّ الْإِصَابَةِ، ثُمَّ أَشَارَ إلَى التَّأْوِيلَيْنِ بِقَوْلِهِ، وَهَلْ إلَّا أَنْ يُسَاوِيَ سِعْرَهُ، فَتَأْوِيلَانِ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا أَخْرَجَ الطَّعَامَ بِغَيْرِ مَحِلِّ الْإِصَابَةِ، فَهَلْ لَا يُجْزِئُ مُطْلَقًا؟ أَيْ سَوَاءً سَاوَى سِعْرُ مَحِلِّ الْإِخْرَاجِ سِعْرَ مَحِلِّ الْإِصَابَةِ أَمْ لَا وَلَا يُجْزِئُ إلَّا أَنْ يُسَاوِيَ سِعْرُ مَحِلِّ الْإِخْرَاجِ سِعْرَ مَحِلِّ الْإِصَابَةِ أَوْ يَكُونَ سِعْرُ مَحِلِّ الْإِخْرَاجِ أَغْلَى فَيُجْزِئُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(تَنْبِيهٌ) : مِنْ الْغَرِيبِ مَا وَقَعَ فِي الْكَافِي الْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا يَذْبَحُ الْجَزَاءَ، أَوْ لَا يُطْعِمُ عَنْهُ إلَّا حَيْثُ وَجَبَ الْجَزَاءُ، فَإِنَّ الذَّبْحَ لَا يَكُونُ إلَّا بِمَكَّةَ انْتَهَى.
وَنَحْوُهُ مَا وَقَعَ فِي التَّلْقِينِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إخْرَاجُ شَيْءٍ مِنْ جَزَاءِ الصَّيْدِ بِغَيْرِ الْحَرَمِ إلَّا الصِّيَامَ انْتَهَى. وَهُوَ مُشْكِلٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْإِطْعَامِ؛ لِأَنَّ الْمَذْهَبَ فِي الْإِطْعَامِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ، وَقَدْ اعْتَرَضَ عَلَيْهِ فِي طُرَرِهِ قَالَ: ظَاهِرُهُ أَنَّ الْهَدْيَ فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ وَالْإِطْعَامِ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَا إلَّا فِي الْحَرَمِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُنْقَلَ مِنْهُ شَيْءٌ إلَى غَيْرِ مَسَاكِينِ الْحَرَمِ هَذَا ظَاهِرُ إطْلَاقِهِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَاَلَّذِي يَنْقُلُهُ الْأَصْحَابُ عَنْ مَالِكٍ غَيْرُ هَذَا فَحَكَى الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ الْهَدْيَ إذَا نُحِرَ بِمَكَّةَ، أَوْ بِمِنًى جَازَ أَنْ يُطْعِمَ مِنْهُ مَسَاكِينَ الْحِلِّ بِأَنْ يَنْقُلَ ذَلِكَ إلَيْهِمْ، وَأَمَّا الْإِطْعَامُ. فَقَدْ صَرَّحَ فِي الْمُدَوَّنَةِ بِأَنَّهُ يَكُونُ فِي غَيْرِ مَكَّةَ حَيْثُ أَحَبَّ صَاحِبُهُ انْتَهَى، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَالْفِيلُ بِذَاتِ سَنَامَيْنِ)
ش: هَذَا قَوْلُ ابْنِ مُيَسَّرٍ زَادَ فَإِنْ لَمْ تُوجَدْ الْبَدَنَةُ الْخُرَاسَانِيَّةُ، فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ طَعَامًا قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ.
ص (وَحِمَارُ الْوَحْشِ وَبَقَرُهُ بَقَرَةٌ)
ش: لَا يُقَالُ ظَاهِرُهُ أَنَّ الْوَاجِبَ فِي حِمَارِ الْوَحْشِ وَبَقَرِهِ بَقَرَةٌ انْتَهَى. لِأَنَّ الْبَقَرَةَ تَقَعُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى قَالَ فِي الصِّحَاحِ الْبَقَرُ اسْمُ جَمْعٍ وَالْبَقَرَةُ تَقَعُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، وَإِنَّمَا دَخَلَتْ الْهَاءُ عَلَى أَنَّهُ وَاحِدٌ مِنْ جِنْسٍ وَالْجَمْعُ بَقَرَاتٌ قَالَ فِي الْقَامُوسِ الْبَقَرَةُ لِلْمُذَكَّرِ وَالْمُؤَنَّثِ وَالْجَمْعُ بَقَرٌ وَبَقَرَاتٌ وَبُقُرٌ بِضَمَّتَيْنِ انْتَهَى.
ص (كَحَمَامِ مَكَّةَ وَالْحَرَمِ وَيَمَامِهِ)
ش: يَعْنِي أَنَّ فِيهِ شَاةً وَالْمُرَادُ بِحَمَامِ مَكَّةَ وَالْحَرَمِ وَيَمَامِهِ مَا صِيدَ فِي مَكَّةَ، أَوْ الْحَرَمِ
قَالَ فِي كِتَابِ الضَّحَايَا مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَلَا بَأْسَ بِصَيْدِ حَمَامِ مَكَّةَ لِلْحِلِّ فِي الْحَلَالِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إذَا صَادَهُ الْمُحْرِمُ فِي الْحِلِّ، فَإِنَّمَا عَلَيْهِ قِيمَتُهُ طَعَامًا، أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا وَإِنَّمَا تَكُونُ فِيهِ شَاةٌ إذَا صَادَهُ فِي الْحَرَمِ انْتَهَى. قَالَ ابْنُ نَاجِي: قَالَ الْمَغْرِبِيُّ: وَظَاهِرُ الْكِتَابِ أَنَّهُ يَجُوزُ صَيْدُهُ وَإِنْ كَانَ لِلْفِرَاخِ (قُلْت) : إذَا كَانَ لِلْفِرَاخِ، فَالصَّوَابُ تَحْرِيمُ صَيْدِهِ لِتَعْذِيبِ فِرَاخِهِ حَتَّى يَمُوتُوا وَكَانَ
شَيْخُنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الشَّبِيبِيُّ يُفْتِي بِجَامِعِ الْقَرَوِيِّينَ بِالنَّهْيِ عَنْ صِيَادَتِهِ حِينَئِذٍ، وَلَا أَدْرِي أَرَادَ بِهِ التَّحْرِيمَ، أَوْ الْكَرَاهَةَ انْتَهَى. مِنْ آخِرِ كِتَابِ الضَّحَايَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَالصَّغِيرُ وَالْمَرِيضُ وَالْجَمِيلُ كَغَيْرِهِ)
ش: يَعْنِي أَنَّ جَزَاءَ الصَّغِيرِ كَجَزَاءِ الْكَبِيرِ وَجَزَاءَ الْمَرِيضِ كَجَزَاءِ الصَّحِيحِ وَجَزَاءَ الْجَمِيلِ كَجَزَاءِ الْقَبِيحِ، وَهَذَا عَامٌّ فِي الْمِثْلِ وَالْإِطْعَامِ وَالصِّيَامِ كَمَا يُفْهَمُ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرِهِمَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: وَأَمَّا الصِّغَرُ وَالْكِبَرُ وَالْعَيْبُ وَالسَّلَامَةُ، فَكَانَ يَنْبَغِي مُرَاعَاتُهَا كَمَا رَاعَاهَا الشَّافِعِيُّ وَإِنْ كَانَ الْمُسْتَحْسَنُ عِنْدَهُ مِثْلَ مَذْهَبِنَا، وَلَكِنْ مَنَعَ أَهْلُ الْمَذْهَبِ مِنْ ذَلِكَ فِي الطَّعَامِ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَلْتَفِتُونَ إلَى مِثْلِ هَذِهِ الصِّفَاتِ فِي الْجَزَاءِ إذَا كَانَ هَدْيًا، فَلَمَّا لَمْ يَعْتَبِرُوهَا فِي أَحَدِ أَنْوَاعِ الْجَزَاءِ إذَا كَانَ مِنْ النَّعَمِ أَلْحَقُوا بِهَا بَقِيَّةَ الْأَنْوَاعِ انْتَهَى، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَقَوَّمَ لِرَبِّهِ بِذَلِكَ مَعَهَا)
ش: قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ: يُقَوِّمُ مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ يَعْنِي قَوْلَهُ، وَعَلَيْهِ لِرَبِّهِ قِيمَتُهُ مَعَهَا أَنَّ مَنْ قَتَلَ عِجْلًا، أَوْ خَرُوفًا يُمْتَنَحُ بِهِ أَنَّهُ يَغْرَمُ قِيمَتَهُ وَقِيمَةَ الْمِنْحَةِ وَنَظِيرُهُ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ يُونُسَ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ فِي كِتَابِ الْغَصْبِ فِي الْمِنَحِ أَنَّهُ يَغْرَمُ قِيمَةَ الْمِنَحِ وَمَا نَقَصَ مِنْ الشَّجَرَةِ إنْ نَقَصَهَا انْتَهَى. وَنَقَلَهُ ابْنُ نَاجِي فِي آخِرِ كِتَابِ الضَّحَايَا.
ص (إلَّا أَنْ يَلْتَزِمَ فَتَأْوِيلَانِ)
ش: كَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ صَرِيحٌ فِي أَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ مُطْلَقًا، وَنَصُّهَا فَإِنْ أَمَّرَهُمَا بِالْحُكْمِ بِالْجَزَاءِ مِنْ النَّعَمِ، فَحَكَمَا بِهِ، وَأَصَابَا، فَأَرَادَ بَعْدَ حُكْمِهِمَا أَنْ يَرْجِعَ إلَى الطَّعَامِ، أَوْ الصِّيَامِ يَحْكُمَانِ عَلَيْهِ بِهِ هُمَا، أَوْ غَيْرُهُمَا، فَذَلِكَ لَهُ انْتَهَى.
فَتَأْوِيلُ ابْنِ الْكَاتِبِ بِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ إذَا أَلْزَمَ نَفْسَهُ ذَلِكَ، وَلَمْ يَعْرِفَا مَا هُوَ أَمَّا لَوْ عُرِفَ مَبْلَغُ ذَلِكَ، فَالْتَزَمَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَعْدِلَ إلَى غَيْرِهِ بَعِيدٍ، وَلِذَا أَبْقَاهَا سَنَدٌ وَغَيْرُهُ عَلَى ظَاهِرِهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَإِنْ اخْتَلَفَا ابْتَدَأَ)
ش: يَعْنِي أَنَّهُ إذَا اخْتَلَفَ الْحَكَمَانِ فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُ الْأَخْذُ بِقَوْلِ أَرْفَعِهِمَا وَلَا بِقَوْلِ الْآخَرِ؛ لِأَنَّهُ عَمَلٌ بِقَوْلِ حَكَمٍ وَاحِدٍ وَالشَّرْطُ حَكَمَانِ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ حَكَمَا فَاخْتَلَفَا ابْتَدَأَ الْحُكْمَ غَيْرُهُمَا حَتَّى يَجْتَمِعَا عَلَى أَمْرٍ وَاحِدٍ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ، وَيَجُوزُ إذَا ابْتَدَأَ غَيْرُهُمَا أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا أَحَدَ الْأَوَّلَيْنِ اهـ.
وَقَالَ سَنَدٌ: قَوْلُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي اخْتِلَافِ الْحَكَمَيْنِ يَبْتَدِئُ الْحُكْمَ غَيْرُهُمَا حَتَّى يَجْتَمِعَا عَلَى أَمْرٍ، ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ لَا يُكْتَفَى بِقَوْلِ آخَرَ بَعْدَ ذَلِكَ يُوَافِقُ أَحَدَ الْحَكَمَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ بَلْ يَكُونُ الْحَكَمَانِ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ يَتَقَرَّرُ الْحُكْمُ بَيْنَهُمَا فِيهِ، وَظَاهِرُ مَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ جَوَازُ ذَلِكَ انْتَهَى.
ص (وَالْأَوْلَى كَوْنُهُمَا بِمَجْلِسٍ)
ش: قَالَ سَنَدٌ: قَالَ مُحَمَّدٌ: وَأَحَبُّ إلَيْنَا أَنْ يَكُونَ الْحَكَمَانِ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ مِنْ أَنْ يَكُونَا وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: فِي قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَا بِمَجْلِسٍ هُوَ فِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ، وَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ وَلَوْ قِيلَ إنَّ ذَلِكَ شَرْطٌ لَمَا أَبْعَدَ قَائِلُهُ؛ لِأَنَّ السَّابِقَ مِنْهُمَا بِالْحُكْمِ مُنْفَرِدٌ لَا يَنْعَقِدُ لَهُ حُكْمٌ وَكَذَلِكَ اللَّاحِقُ وَتَبِعَهُ فِيهِ ابْنُ فَرْحُونٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
ص (وَفِي الْجَنِينِ وَالْبَيْضِ عُشْرُ دِيَةِ الْأُمِّ)
ش: يَعْنِي أَنَّ مَنْ ضَرَبَ الْأُنْثَى مِنْ الصَّيْدِ فَأَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا وَسَلِمَتْ