الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ اهـ.
(وَلَهَا أَكْثَرُ الْمُسَمَّى أَوْ صَدَاقُ الْمِثْلِ) ش يَعْنِي إذَا عَتَقَتْ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَلَمْ تَعْلَمْ بِذَلِكَ وَدَخَلَ بِهَا الزَّوْجُ فَلَهَا الْأَكْثَرُ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ سَوَاءٌ عَلِمَ الزَّوْجُ أَمْ لَا، اُنْظُرْ التَّوْضِيحَ، وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ اللَّخْمِيُّ: إنْ عَلِمَتْ بَعْدَ أَنْ دَخَلَ بِهَا أَنَّهَا عَتَقَتْ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا فَلَهَا الْأَكْثَرُ مِنْ الْمُسَمَّى وَمَهْرُ مِثْلِهَا عَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ وَإِنْ كَانَ الْعَقْدُ فَاسِدًا فَمَهْرُ مِثْلِهَا حُرَّةً اتِّفَاقًا اهـ.
ص (لَا بِرَجْعِيٍّ)
ش: يُرِيدُ فَلَهَا أَنْ تَطْلُقَ فَيَكْمُلُ طَلَاقُهُ نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ فِي الْكَلَامِ عَلَى الطَّلَاقِ هَلْ هُوَ بَائِنٌ أَوْ رَجْعِيٌّ.
[فَرْعٌ بِيعَ زَوْجُهَا قَبْلَ عِتْقِهَا فَظَنَّتْ أَنَّ ذَلِكَ طَلَاقٌ ثُمَّ عَتَقَتْ]
ص (أَوْ عَتَقَ قَبْلَ الِاخْتِيَارِ)
ش (فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ الشَّيْخُ: رَوَى مُحَمَّدٌ إنْ بِيعَ زَوْجُهَا قَبْلَ عِتْقِهَا بِأَرْضِ غُرْبَةٍ فَظَنَّتْ أَنَّ ذَلِكَ طَلَاقٌ ثُمَّ عَتَقَتْ فَلَمْ تَخْتَارَ لِنَفْسِهَا حَتَّى عَتَقَ زَوْجُهَا فَلَا خِيَارَ لَهَا. ثُمَّ قَالَ الشَّيْخُ عَنْ مُحَمَّدٍ: إنْ عَتَقَتْ وَزَوْجُهَا قَرِيبُ الْغَيْبَةِ كُتِبَ إلَيْهِ خَوْفَ تَقَدُّمِ عِتْقِهِ فَلَوْ اخْتَارَتْ قَبْلَ ذَلِكَ لَزِمَهُ وَلَا حُجَّةَ لِزَوْجِهَا وَلَوْ عَتَقَ فِي عِدَّتِهَا وَلَوْ بَعُدَتْ غَيْبَتُهَا حَتَّى يَضُرَّهَا انْتِظَارُهُ فَهِيَ كَمَنْ أَسْلَمَتْ وَزَوْجُهَا كَافِرٌ بَعِيدُ الْغَيْبَةِ اهـ.
ص (إلَّا لِتَأْخِيرٍ لِحَيْضٍ)
ش: فُهِمَ مِنْهُ أَنَّهَا تُؤْمَرُ أَنْ تُؤَخِّرَ اخْتِيَارَهَا إذَا عَتَقَتْ وَهِيَ حَائِضٌ حَتَّى تَطْهُرَ وَنَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ قَالَ: أَكْرَهُ ذَلِكَ يَعْنِي الِاخْتِيَارَ وَهِيَ حَائِضٌ.
(فَرْعٌ) فَإِنْ اخْتَارَتْ فِي الْحَيْضِ فَلَا تُجْبَرُ عَلَى الرَّجْعَةِ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ.
ص (وَإِنْ تَزَوَّجَتْ بَعْدَ عِلْمِهَا وَدُخُولِهَا فَاتَتْ بِدُخُولِ الثَّانِي)
ش: مَفْهُومُهُ لَوْ عَلِمَتْ لَمْ يَفُتْهَا الدُّخُولُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَذَلِكَ وَانْظُرْ لَوْ عَلِمَ الزَّوْجُ الثَّانِي أَنَّ الْأَوَّلَ عَتَقَ قَبْلَهَا هَلْ يَفُوتُ بِالدُّخُولِ أَوْ لَا؟ وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا لَا تَفُوتُ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الْمَرْأَةِ يُزَوِّجُهَا وَلِيَّانِ.
ص (وَلَهَا إنْ وَقَفَهَا تَأْخِيرٌ تَنْظُرُ فِيهِ)
ش: قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ اللَّخْمِيُّ: أَسْتَحْسِنُ تَأْخِيرَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[فَصْلٌ فِي الصَّدَاقُ]
[فَرْعٌ بَيَانِ السِّكَّةِ إنْ كَانَ الصَّدَاقُ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ]
ص (فَصْلٌ الصَّدَاقُ كَالثَّمَنِ)
ش: تَصَوُّرُهُ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ ظَاهِرٌ (فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ سَلْمُونٍ فِي أَوَائِلِهِ: وَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ السِّكَّةِ إنْ كَانَ الصَّدَاقُ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ فَإِنْ سَقَطَ ذِكْرُهَا كَانَ لَهَا السِّكَّةُ الْجَارِيَةُ فِي الْبَلَدِ فِي تَارِيخِ النِّكَاحِ فَإِنْ اخْتَلَفَ أُخِذَ مِنْ الْأَغْلَبِ فَإِنْ تَسَاوَتْ أُخِذَ مِنْ جَمِيعِهَا بِالسَّوِيَّةِ كَمَنْ تَزَوَّجَ بِرَقِيقٍ وَلَمْ يَصِفْ حُمْرَانًا وَلَا سُودَانًا اهـ. وَقَالَ فِي الْمُتَيْطِيَّةِ: وَقَوْلُنَا مِنْ سِكَّةِ كَذَا هُوَ الصَّوَابُ، قَالَ بَعْضُ الْمُوَثَّقِينَ: وَلَوْ سَقَطَ ذِكْرُهُ مِنْ الْعَقْدِ وَاقْتُصِرَ عَلَى قَوْلِهِ كَذَا وَكَذَا دِينَارًا وَلَمْ يُسَمِّ مِنْ أَيِّ سِكَّةٍ لَكَانَ لِلزَّوْجَةِ مِنْ السِّكَّةِ الْجَارِيَةِ عَقْدُ الصَّدَاقِ فِي تَارِيخِهِ فَإِنْ كَانَ يَجْرِي فِي الْبَلَدِ سِكَّتَانِ كَانَ لَهَا مِنْ أَغْلَبِهِمَا فَإِنْ تَسَاوَتَا فِي الْجَرْيِ أُعْطِيت النِّصْفَ مِنْ كِلَا السِّكَّتَيْنِ كَمَنْ تَزَوَّجَ بِرَقِيقٍ وَلَمْ يَصِفْ حُمْرَانًا وَلَا سُودَانًا الْمُتَيْطِيُّ وَهَذَا عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ الَّذِي أَجَازَ ذَلِكَ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ سَحْنُونٍ الَّذِي يَقُولُ: لَا يَجُوزُ حَتَّى يُسَمِّيَ الْجِنْسَ فَيَكُونَ عَلَيْهِ وَسَطٌ مِنْ ذَلِكَ الْجِنْسِ، فَإِنْ وَقَعَ مُجْمَلًا
فُسِخَ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَثَبَتَ بَعْدَهُ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ فَيَنْبَغِي أَيْضًا عَلَى مَذْهَبِ سَحْنُونٍ هَذَا لَا يَجُوزُ حَتَّى يُسَمِّيَ سِكَّةَ الدَّنَانِيرِ الَّتِي وَقَعَ النِّكَاحُ بِهَا.
ص (وَضَمَانُهُ وَتَلَفُهُ وَاسْتِحْقَاقُهُ وَتَعْيِيبُهُ أَوْ بَعْضُهُ كَالْمَبِيعِ)
ش: ذَكَرَ رحمه الله خَمْسَ مَسَائِلَ مِنْ مَسَائِلِ الصَّدَاقِ وَذَكَرَ أَنَّ حُكْمَهُ فِيهَا حُكْمُ الْمَبِيعِ فَأَمَّا
ضَمَانُهُ: فَذَكَرَ أَنَّهُ كَالْمَبِيعِ فَإِنْ كَانَ النِّكَاحُ صَحِيحًا فَيَنْتَقِلُ الضَّمَانُ إلَى الزَّوْجَةِ بِالْعَقْدِ وَإِنْ كَانَ فَاسِدًا فَبِالْقَبْضِ، قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَمَنْ نَكَحَ عَلَى عَبْدٍ آبِقٍ أَوْ بَعِيرٍ شَارِدٍ أَوْ جَنِينٍ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَوْ بِمَا فِي بَطْنِ أَمَتِهِ أَوْ بِمَا تَلِدُهُ غَنَمُهُ أَوْ بِثَمَرَةٍ أَوْ زَرْعٍ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُمَا أَوْ عَلَى دَارِ فُلَانٍ أَوْ عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَهَا لَهُمَا فُسِخَ النِّكَاحُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَثَبَتَ بَعْدَهُ وَلَهَا صَدَاقُ الْمِثْلِ وَتَرُدُّ مَا قَبَضَتْ مِنْ آبِقٍ وَشَارِدٍ وَغَيْرِهِ وَمَا هَلَكَ بِيَدِهَا ضَمِنَتْهُ وَلَا تَضْمَنُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ وَيَكُونُ مِنْ الزَّوْجِ وَمَا قَبَضَتْهُ ثُمَّ تَغَيَّرَ فِي يَدِهَا فِي بَدَنٍ أَوْ سُوقٍ فَقَدْ فَاتَ وَتَرُدُّ قِيمَةَ مَا يُقَوَّمُ بِهِ يَوْمَ قَبَضَتْهُ وَتَرُدُّ مِثْلَ مَا لَهُ مِثْلٌ إنْ زَالَتْ عَيْنُهُ أَوْ تَغَيَّرَتْ اهـ.
وَقَالَ بَعْدَ هَذَا: وَكُلُّ مَا أَصْدَقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ مِنْ حَيَوَانٍ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا هُوَ بِعَيْنِهِ فَقَبَضَتْهُ أَوْ لَمْ تَقْبِضْهُ فَحَالَ سُوقُهُ أَوْ نَقَصَ فِي بَدَنِهِ أَوْ نَمَا أَوْ تَوَالَدَ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلِلزَّوْجِ نِصْفُ مَا أَدْرَكَ مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ يَوْمَ طَلَّقَ عَلَى مَا هُوَ بِهِ مِنْ نَمَاءٍ أَوْ نَقْصٍ، لَا يُنْظَرُ فِي هَذَا إلَى قَضَاءِ قَاضٍ؛ لِأَنَّهُ كَانَ فِي ذَلِكَ شَرِيكًا لَهَا أَلَا تَرَى أَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ لَوْ هَلَكَتْ بِيَدِهِ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ وَلَوْ هَلَكَتْ بِيَدِهِ كَانَ لَهُ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا وَلَا صَدَاقَ عَلَيْهِ.
وَلَوْ نَكَحَهَا بِعَرَضٍ بِعَيْنِهِ فَضَاعَ بِيَدِهِ ضَمِنَهُ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ ذَلِكَ فَيَكُونُ مِنْهَا انْتَهَى.
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ: وَوَجَبَ تَسْلِيمُهُ إنْ تَعَيَّنَ؛ لِأَنَّهُ مَضْمُونٌ مِنْهَا بِنَفْسِ الْعَقْدِ فَلَا مَعْنَى لِبَقَائِهِ بِيَدِ الزَّوْجِ انْتَهَى.
وَسَيَأْتِي كَلَامُهُ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ " وَوَجَبَ تَسْلِيمُهُ " فَعُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّ ضَمَانَ الصَّدَاقِ مِنْ الزَّوْجَةِ بِالْعَقْدِ إلَّا أَنَّهُ إذَا كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ وَلَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ فَإِنَّ الزَّوْجَ يَضْمَنُهُ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ الشَّيْخِ فِيمَا يَأْتِي، وَضَمَانُهُ إنْ هَلَكَ بِبَيِّنَةٍ أَوْ كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ مِنْهُمَا وَإِلَّا فَمِنْ الَّذِي بِيَدِهِ، وَاعْتِرَاضُ بَعْضِ الشُّرَّاحِ عَلَى الْمُصَنِّفِ غَيْرُ ظَاهِرٍ وَالْكَلَامُ الَّذِي ذَكَرَهُ إنَّمَا هُوَ حُكْمُ النِّكَاحِ الْفَاسِدِ فَتَأَمَّلْهُ.
. وَأَمَّا اسْتِحْقَاقُ الصَّدَاقِ: فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَتَزَوَّجَهَا عَلَى شَيْءٍ بِعَيْنِهِ أَوْ بِشَيْءٍ مَضْمُونٍ، فَإِنْ تَزَوَّجَهَا بِشَيْءٍ بِعَيْنِهِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ فَإِنَّهَا تَرْجِعُ بِقِيمَةِ الشَّيْءِ الْمُسْتَحَقِّ إنْ كَانَ مُقَوَّمًا وَبِمِثْلِهِ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا كَمَا قَالَهُ فِي النِّكَاحِ الثَّانِي مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَقَالَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ، وَإِنْ كَانَ مَضْمُونًا فَتَرْجِعُ بِمِثْلِهِ وَانْظُرْ تَشْبِيهَ الْمُصَنِّفِ لَهُ بِالْبَيْعِ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهَا تَرْجِعُ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّ الصَّدَاقَ عِوَضُ الْبُضْعِ فَإِذَا اُسْتُحِقَّ وَجَبَ أَنْ تَرْجِعَ بِقِيمَتِهِ لِفَوَاتِهِ بِالْعَقْدِ وَسَيَذْكُرُ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ الِاسْتِحْقَاقِ أَنَّهَا تَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْمُسْتَحَقِّ.
ص (وَوَجَبَ تَسْلِيمُهُ إنْ تَعَيَّنَ)
ش: يَعْنِي أَنَّ الْمَهْرَ إذَا لَمْ يَكُنْ مَضْمُونًا فَإِنْ كَانَ ذَاتًا مُشَارًا إلَيْهَا كَدَارٍ أَوْ عَبْدٍ أَوْ ثَوْبٍ بِعَيْنِهِ فَإِنَّهُ يَجِبُ تَسْلِيمُهُ لِلْمَرْأَةِ بِالْعَقْدِ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ، وَإِنْ كَانَ الزَّوْجَانِ صَغِيرَيْنِ أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا مَرِيضًا انْتَهَى.
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَلَا يَنْتَظِرُ بُلُوغَ زَوْجَتِهِ أَوْ إطَاقَةَ زَوْجَتِهِ وَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ كَمَا لَا يَجُوزُ بَيْعُ مُعَيَّنٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ؛ لِأَنَّهُ مَضْمُونٌ مِنْهَا بِنَفْسِ الْعَقْدِ فَلَا مَعْنَى لِبَقَائِهِ بِيَدِ الزَّوْجِ انْتَهَى كَلَامُهُ.
ص (وَإِلَّا فَلَهَا مَنْعُ نَفْسِهَا وَإِنْ مَعِيبَةً مِنْ الدُّخُولِ وَالْوَطْءِ بَعْدَهُ وَالسَّفَرِ إلَى تَسْلِيمِ مَا حَلَّ)
ش أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَهْرُ شَيْئًا مُعَيَّنًا فَلَا يَجِبُ تَسْلِيمُهُ بِالْعَقْدِ وَلَكِنْ لَهَا مَنْعُ نَفْسِهَا حَتَّى يُسَلِّمَ
الْحَالَّ هَذَا ظَاهِرُ كَلَامِهِ وَهُوَ خِلَافُ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ، وَيَجِبُ تَسْلِيمُ حَالِّهِ وَمَا يَحِلُّ مِنْهُ بِإِطَاقَةِ الزَّوْجَةِ الْوَطْءَ وَبُلُوغِ الزَّوْجِ لَا بُلُوغِ الْوَطْءِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقَبِلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ.
قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: أَيْ: وَيَجِبُ تَسْلِيمُ حَالِّ الْمَهْرِ وَمَا كَانَ مُؤَجَّلًا مِنْهُ فَحَلَّ عِنْدَ زَمَنِ إطَاقَةِ الزَّوْجَةِ الْوَطْءَ وَعِنْدَ بُلُوغِ الزَّوْجِ الْحُلُمَ عَلَى الْمَشْهُورِ. وَلِمَالِكٍ فِي كِتَابِ ابْنِ شَعْبَانَ عِنْدَ بُلُوغِ الْقُدْرَةِ عَلَى الْوَطْءِ اهـ.، وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَتَسْلِيمُ حَالِّ الْمَهْرِ يَجِبُ لِلزَّوْجَةِ بِإِطَاقَتِهَا الْوَطْءَ وَبُلُوغِ زَوْجِهَا وَفِي كَوْنِ إطَاقَتِهِ إيَّاهُ قَبْلَ بُلُوغِهِ كَبُلُوغِهِ رِوَايَتَا اللَّخْمِيِّ مُصَوِّبًا الثَّانِيَةَ انْتَهَى.
فَعُلِمَ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ تَسْلِيمُ الْمَهْرِ الْحَالِّ بِإِطَاقَتِهَا الْوَطْءَ وَبُلُوغِهِ وَقَوْلِ الْمُصَنِّفِ لَهَا مَنْعُ نَفْسِهَا يُفِيدُ مَسْأَلَةً أُخْرَى وَهِيَ مَا إذَا قَالَ الزَّوْجُ: لَا أَدْفَعُ الْمَهْرَ حَتَّى أَدْخُلَ. وَقَالَتْ الْمَرْأَةُ: لَا أُمَكِّنُهُ حَتَّى أَقْبِضَ مَا حَلَّ. فَلَهَا مَنْعُ نَفْسِهَا، وَقَالَهُ فِي الْجَوَاهِرِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَمُقْتَضَى الْمُدَوَّنَةِ لِقَوْلِهَا: وَلِلْمَرْأَةِ مَنْعُ نَفْسِهَا إلَخْ حَتَّى تَقْبِضَ صَدَاقَهَا وَلِهَذَا قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ بَعْدَ كَلَامِهِ الْمُتَقَدِّمِ: وَلِلْمَرْأَةِ مَنْعُ نَفْسِهَا إلَخْ، وَاعْلَمْ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ كَانَ يَسْتَلْزِمُ وُجُوبَ الْحَالِّ مِنْ الصَّدَاقِ أَوْ مَا حَلَّ مِنْهُ لَكِنَّ أَوَّلَ كَلَامِهِ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِهِ فَفِي كَلَامِهِ مَا يُشْبِهُ التَّدَافُعَ، وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَوَجَبَ تَسْلِيمُ مُعَيَّنِهِ بِالْعَقْدِ وَحَالٍّ غَيْرِهِ أَوْ مَا حَلَّ مِنْهُ بِبُلُوغِ زَوْجٍ وَإِطَاقَتِهَا وَوَجَبَ تَسْلِيمُهُ بِالْعَقْدِ إنْ تَعَيَّنَ وَإِلَّا فَتَسْلِيمُ مَالِهِ أَيْ: مَا حَلَّ مِنْهُ بِبُلُوغِ زَوْجٍ وَإِطَاقَةِ زَوْجَةٍ وَلَهَا مَنْعُ نَفْسِهَا وَإِنْ مَعِيبَةً مِنْ الدُّخُولِ حَتَّى تَقْبِضَهُ وَمِنْ الْوَطْءِ بَعْدَهُ وَالسَّفَرِ لَا بَعْدَ الْوَطْءِ إلَّا أَنْ يَسْتَحِقَّ وَلَوْ لَمْ يَغُرَّهَا عَلَى الْأَظْهَرِ، وَقَوْلُهُ " مَا حَلَّ " تَقَدَّمَ فِي التَّوْضِيحِ أَنَّهُ شَامِلٌ لِمَا كَانَ حَالًّا مِنْ الْأَصْلِ وَلِمَا كَانَ مُؤَجَّلًا فَحَلَّ أَمَّا الْأَوَّلُ: فَلَا كَلَامَ فِيهِ، وَأَمَّا الثَّانِي: فَفِيهِ خِلَافٌ وَاَلَّذِي شَهَرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَغَيْرُهُ وَرَوَاهُ اللَّخْمِيُّ عَنْ مَالِكٍ وُجُوبَ تَسْلِيمِهِ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَقِيلَ: إنَّمَا يَجِبُ تَسْلِيمُهُ بَعْدَ الْبِنَاءِ، وَقِيلَ: لَا يُكَلَّفُ الزَّوْجُ دَفْعَ الْكَالِئِ وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا حَتَّى يُكْمِلَ أُسْبُوعَهُ بَعْدَ بِنَائِهِ بِهَا وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا اتَّبَعَتْهُ بِهِ، قَالَ بَعْضُ الْمُوَثَّقِينَ: كَأَنَّهُ رَأَى أَنَّهُمَا اتَّفَقَا حِينَ الْعَقْدِ عَلَى بِنَائِهِ بِدَفْعِ الْمُعَجَّلِ فَأَلْزَمَهَا ذَلِكَ بَعْدَ حُلُولِ الْمُؤَجَّلِ اهـ.
وَقِيلَ: إنَّمَا يَجِبُ بَعْدَ الدُّخُولِ بِقَدْرِ اجْتِهَادِ الْحَاكِمِ، وَعَزَاهُ ابْنُ سَهْلٍ لِسَحْنُونٍ قَالَ: قَدْ يَنْقُدُ الرَّجُلُ عَشَرَةً وَمَهْرُهُ مِائَةٌ لَوْ قِيلَ: تَأْخُذُ لَهُ بِهَا مَا رَضِيَ بِسُدُسِهَا فَإِنَّمَا يَكُونُ حُلُولُهُ إذَا رَأَى الْحَاكِمُ ذَلِكَ وَلَا يَكُونُ قَبْلَ الدُّخُولِ عَلَى حَالٍّ، وَإِنْ كَانَ فِي الْكِتَابِ مَهْرُهَا حَالٌّ لَهَا عَلَيْهِ اهـ.
مِنْ ابْنِ عَرَفَةَ بِالْمَعْنَى وَقَالَ بَعْدَهُ: وَمَا نَقَلَهُ ابْنُ سَهْلٍ عَنْ سَحْنُونٍ حُجَّةٌ لِأَحَدِ قَوْلَيْ شُيُوخِ بَلَدِنَا فِي اخْتِلَافِهِمْ فِي تَمْكِينِ الْمَرْأَةِ مِنْ طَلَبِ مَهْرِهَا بَعْدَ الْبِنَاءِ دُونَ مَوْتٍ وَلَا فِرَاقٍ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يُقْضَى لَهَا بِذَلِكَ لِكَتْبِهِمْ فِي الصَّدَقَاتِ أَنَّهُ عَلَى الْحُلُولِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يُقْضَى لَهَا لِاسْتِمْرَارِ الْعَادَةِ بِعَدَمِ طَلَبِهِ إلَّا لِمَوْتٍ أَوْ فِرَاقٍ فَأَلْزَمَ كَوْنَ أَنْكِحَتِهِمْ فَاسِدَةً فَالْتَزَمَهُ، وَكَانَ شَيْخُنَا ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي أَوَّلِ أَمْرِهِ لَا يَقْضِي بِهِ فَقَضَى بِهِ بَعْضُ وُلَاتِهِ بِالْجَزِيرَةِ فَشَكَا لَهُ بِهِ فَأُنْبِهَ فَقَالَ لَهُ: إنَّمَا قَضَيْت بِهِ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَةَ وُهِبَتْهُ فَقُبِلَ ذَلِكَ مِنْهُ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ كَتَبَ لِبَعْضِ قُضَاتِهِ بِالْقَضَاءِ بِهِ مُطْلَقًا كَدَيْنٍ حَلَّ.
وَكَانَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ وَالْآجَمِيُّ مُدَّةَ قَضَائِهِ يَنْدُبُ الْمَرْأَةَ لِعَدَمِ طَلَبِهِ وَيَقُولُ لَهَا: إذَا كَانَتْ الْمَرْأَةُ لَا مَهْرَ لَهَا عَلَى بَعْلِهَا زَهِدَ فِيهَا وَنَحْوَ ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ تَقْبَلْ مَكَّنَهَا مِنْ طَلَبِهِ وَهَذَا إذَا كَانَ عَلَى الزَّوْجِ وَإِنْ كَانَ عَلَى غَيْرِهِ فَلَا يَخْتَلِفُ فِي تَمْكِينِهَا مِنْ طَلَبِهِ اهـ. وَقَوْلُهُ وَإِنْ مَعِيبَةً سَوَاءٌ طَرَأَ الْعَيْبُ بَعْدَ الْعَقْدِ أَوْ كَانَ قَدِيمًا وَرَضِيَ بِهِ الزَّوْجُ، وَإِنْ كَانَ لَا يُمْكِنُهُ الْوَطْءُ نَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَغَيْرِهِ، وَكَذَلِكَ الْمَرِيضَةُ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: قَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ الْمَرِيضَةُ كَالصَّحِيحَةِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ غَيْرَ الَّتِي بَلَغَتْ حَدَّ السِّيَاقِ كَمَا فِي النَّفَقَةِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ الْعُمُومَ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ النَّفَقَةِ وَالْمَهْرِ أَنَّ النَّفَقَةَ فِي مُقَابَلَةِ الِاسْتِمْتَاعِ.
وَهُوَ فِي الْبَالِغَةِ حَدُّ السِّيَاقِ مُتَعَذَّرٌ