الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَلَى نَفْسِهِ قَبْلَ بُلُوغِهِ إلَّا أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ الْوَفَاءُ بِهِ، انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَشَرْطُ إيجَابِ الْحِنْثِ الْكَفَّارَةُ وَغَيْرُهُ فِي التَّعْلِيقِ فِي يَمِينٍ كَذَلِكَ مِنْ مُكَلَّفٍ مُسْلِمٍ يَنْفُذُ مِنْهُ، انْتَهَى.
وَشَمَلَ قَوْلُهُ: كُلِّفَ الْعَبْدُ وَالْأَمَةَ؛ لِأَنَّ الْحُرِّيَّةَ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ فِي النَّذْرِ فَيَجِبُ عَلَيْهِمَا الْوَفَاءُ بِمَا نَذَرَا لَكِنْ لِلسَّيِّدِ مَنْعُهُمَا مِنْ الْوَفَاءِ بِهِ فِي حَالِ الرِّقِّ، فَإِذَا أُعْتِقَا وَجَبَ عَلَيْهِمَا الْوَفَاءُ بِمَا نَذَرَا، فَإِنْ رَدَّ سَيِّدُهُمَا النَّذْرَ وَأَبْطَلَهُ فَاخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ قَالَ فِي كِتَابِ الْعِتْقِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: وَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ كُلُّ عَبْدٍ أَمْلِكُهُ إلَى ثَلَاثِينَ سَنَةٍ حُرٌّ فَعَتَقَ ثُمَّ ابْتَاعَ رَقِيقًا قَبْلَ الْأَجَلِ فَإِنَّهُمْ يَعْتِقُونَ، وَلَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ مِنْ الْعَبِيدِ مَا يَمْلِكُ.
وَهُوَ فِي مِلْكِ سَيِّدِهِ، إذْ لَا يَجُوزُ عِتْقُ الْعَبْدِ لِعَبِيدِهِ إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ سَوَاءٌ تَطَوَّعَ بِعِتْقِهِمْ أَوْ حَلَفَ بِذَلِكَ فَحَنِثَ إلَّا أَنْ يُعْتِقَ وَهُمْ فِي يَدِهِ فَيَعْتِقُونَ، وَهَذَا إذَا لَمْ يَرُدَّ السَّيِّدُ عِتْقَهُ حِينَ عَتَقَ، أَمَّا إنْ رَدَّهُ سَيِّدُهُ قَبْلَ عِتْقِهِ وَبَعْدَ حِنْثِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ فِيهِمْ عِتْقٌ وَلَزِمَهُ بَعْدَ عِتْقِهِ عِتْقُ مَا يَمْلِكُ بَقِيَّةَ الْأَجَلِ، وَكَذَلِكَ أَمَةٌ حَلَفَتْ بِصَدَقَةِ مَالِهَا أَنْ لَا تُكَلِّمَ أُخْتَهَا فَعَلَيْهَا إنْ كَلَّمَتْهَا صَدَقَةٌ ثُلُثُ مَالِهَا ذَلِكَ بَعْدَ عِتْقِهَا إذَا لَمْ يَرُدَّ السَّيِّدُ ذَلِكَ حَتَّى عَتَقَتْ، انْتَهَى.
وَقَالَ فِي كِتَابِ الْكَفَالَةِ: وَلَا يَجُوزُ لِعَبْدٍ وَلَا مُدْبَرٍ وَلَا مُكَاتَبٍ وَلَا أُمِّ وَلَدٍ كَفَالَةٌ وَلَا عِتْقٌ وَلَا هِبَةٌ وَلَا صَدَقَةٌ وَلَا غَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ مَعْرُوفٌ عِنْدَ النَّاسِ إلَّا بِإِذْنِ السَّيِّدِ، فَإِنْ فَعَلُوا بِغَيْرِ إذْنِهِ لَمْ يَجُزْ إنْ رَدَّهُ السَّيِّدُ، فَإِنْ رَدَّهُ لَمْ يَلْزَمْهُمْ وَإِنْ عَتَقُوا، وَإِنْ لَمْ يَرُدُّوا حَتَّى عَتَقُوا لَزِمَهُمْ ذَلِكَ عَلِمَ السَّيِّدُ قَبْلَ عِتْقِهِمْ أَمْ لَمْ يَعْلَمْ، انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَنَذْرُ ذِي رِقٍّ مَا يَلْزَمُ الْحُرَّ يَلْزَمُهُ وَلِرَبِّهِ مَنْعُهُ فَعَلَهُ ابْنُ حَارِثٍ اتَّفَقُوا فِي الْأَمَةِ تَنْذُرُ مَشْيَهَا إلَى مَكَّةَ فَيَرُدُّهُ رَبُّهَا، ثُمَّ تَعْتِقُ أَنَّهُ يَلْزَمُهَا لَوْ رَدَّ صَدَقَةَ نَذْرِهَا فَفِي سُقُوطِهَا قَوْلُ سَحْنُونٍ وَرِوَايَةُ اعْتِكَافِهَا، وَفِي سُقُوطِ نَذْرِهِ بِرَدِّ رَبِّهِ عِتْقُهُ مُتَقَدِّمٌ، نَقَلَ اللَّخْمِيُّ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ فِي نَذْرِهِ حِجًّا، انْتَهَى.
[فَرْعٌ فِي مَنْ سُئِلَ أَمْرًا فَقَالَ عَلَيَّ فِيهِ صَدَقَةٌ أَوْ مَشْيٌ كَاذِبًا إنَّمَا يُرِيدُ أَنْ يَمْنَعَهُ]
(فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَسَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ مَنْ سُئِلَ أَمْرًا فَقَالَ: عَلَيَّ فِيهِ صَدَقَةٌ أَوْ مَشْيٌ كَاذِبًا إنَّمَا يُرِيدُ أَنْ يَمْنَعَهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ إنَّمَا يَلْزَمُهُ فِي الْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ إذَا كَانَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ، انْتَهَى.
(تَنْبِيهٌ) تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْيَمِينِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بِذِكْرِ اسْمِ اللَّهِ فِي الْيَمِينِ هَلْ تَنْعَقِدُ بِإِنْشَاءِ كَلَامِ النَّفْسِ وَحْدَهُ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ اللَّفْظِ، وَتَقَدَّمَ مَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْخِلَافِ وَانْظُرْ أَيْضًا هَلْ يَنْعَقِدُ النَّذْرُ بِالْكَلَامِ النَّفْسِيِّ وَحْدَهُ أَوْ لَا يَنْعَقِدُ أَوْ يَدْخُلُهُ الْخِلَافُ كَمَا فِي الْيَمِينِ قَالَ الْقَرَافِيُّ فِي كِتَابِ الْأَحْكَامِ فِي تَمْيِيزِ الْفَتَاوَى مِنْ الْأَحْكَامِ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ النَّذْرِ وَالْحُكْمِ، السُّؤَالُ الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ فَإِذَا قُلْتُمْ: إنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ إنْشَاءٌ فِي النَّفْسِ، وَالنَّذْرُ أَيْضًا إنْشَاءُ حُكْمٍ لَمْ يَكُنْ مُتَقَرِّرًا فَقَدْ اسْتَوَيَا فِي الْإِنْشَاءِ، وَإِنَّ كِلَيْهِمَا مُتَعَلِّقٌ يَجْرِي دُونَ شَرْعٍ عَامٍّ، فَهَلْ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ أَوْ هُمَا سَوَاءٌ، جَوَابُهُ أَنَّهُمَا وَإِنْ اسْتَوَيَا فِي الْإِنْشَاءِ فَبَيْنَهُمَا فُرُوقٌ: أَحَدُهَا أَنَّ الْعُمْدَةَ الْكُبْرَى فِي النَّذْرِ اللَّفْظُ فَإِنَّهُ السَّبَبُ الشَّرْعِيُّ النَّاقِلُ لِذَلِكَ الْمَنْدُوبِ الْمَنْذُورِ إلَى الْوُجُوبِ، كَمَا أَنَّ سَبَبَ حُكْمِ الْحَاكِمِ إنَّمَا هُوَ الْحُجَّةُ، وَسَبَبُ حُكْمِ الْحَاكِمِ يَسْتَقِلُّ دُونَ نُطْقٍ، وَالْقَوْلُ الْوَاقِعُ بَعْدَ ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ إخْبَارٌ بِمَا حَكَمَ بِهِ، وَأَمْرٌ بِالتَّحَمُّلِ عَنْهُ الشَّهَادَةَ فِي ذَلِكَ، انْتَهَى.
وَقَالَ الْحَفِيدُ ابْنُ رُشْدٍ فِي بِدَايَةِ الْمُجْتَهِدِ: وَاتَّفَقُوا عَلَى لُزُومِ النَّذْرِ الْمُطْلَقِ فِي الْقُرْبِ إلَّا مَا حُكِيَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ أَنَّ النَّذْرَ الْمُطْلَقَ لَا يَجُوزُ، وَإِنَّمَا اتَّفَقُوا عَلَى لُزُومِ النَّذْرِ الْمُطْلَقِ إذَا كَانَ عَلَى وَجْهِ الرِّضَا لَا عَلَى وَجْهِ اللَّجَاجِ، وَصُرِّحَ فِيهِ بِلَفْظِ النَّذْرِ لَا إذَا لَمْ يُصَرِّحْ، وَالسَّبَبُ فِي اخْتِلَافِهِمْ فِي التَّصْرِيحِ بِلَفْظِ النَّذْرِ فِي النَّذْرِ الْمُطْلَقِ هُوَ اخْتِلَافُهُمْ هَلْ يَجِبُ النَّذْرُ بِالنِّيَّةِ وَاللَّفْظِ مَعًا أَوْ بِالنِّيَّةِ فَقَطْ.؟ فَمَنْ قَالَ بِهِمَا مَعًا قَالَ إذَا قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ كَذَا، وَكَذَا وَلَمْ يَقُلْ نَذْرًا لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ إخْبَارٌ بِوُجُوبِ شَيْءٍ لَمْ يُوجِبْهُ اللَّهُ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يُصَرِّحَ بِجِهَةِ الْوُجُوبِ، وَمَنْ قَالَ: لَيْسَ مِنْ شَرْطِهِ اللَّفْظُ قَالَ يَنْعَقِدُ النَّذْرُ، وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِلَفْظِهِ وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ، أَعْنِي أَنَّهُ إذَا لَمْ يُصَرِّحْ بِلَفْظِ النَّذْرِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ مَذْهَبِهِ أَنَّ النَّذْرَ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا بِالنِّيَّةِ وَاللَّفْظِ
لَكِنْ رَأَى أَنَّ حَذْفَ لَفْظِ النَّذْرِ مِنْ الْقَوْلِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ، وَإِنْ كَانَ الْمَقْصُودُ مِنْ الْأَقَاوِيلِ الَّتِي مَخْرَجُهَا مَخْرَجُ النَّذْرِ، وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ فِيهَا بِلَفْظِ النَّذْرِ، وَهَذَا مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ وَالْأَوَّلُ مَذْهَبُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، انْتَهَى. وَنَقَلَهُ الْجُزُولِيُّ فِي شَرْحِ قَوْلِ الرِّسَالَةِ، وَمَنْ قَالَ إنْ فَعَلْتُ كَذَا بِلَفْظٍ قَالَ الْحَفِيدُ اخْتَلَفُوا إذَا لَمْ يَلْفِظْ بِالنَّذْرِ هَلْ يُلْزَمُ أَمْ لَا إلَّا أَنَّهُ يَلْزَمُهُ عَلَى اخْتِلَافِهِمْ هَلْ يَلْزَمُهُ بِالنِّيَّةِ أَوْ بِلَفْظِ النَّذْرِ مَالِكٌ يَلْزَمُهُ بِالنَّذْرِ وَقِيلَ: لَا يَلْزَمُهُ إلَّا إذَا لَفَظَ بِهِ، ثُمَّ قَالَ الشَّيْخُ قَالَ ابْنُ فَرَسٍ اخْتَلَفُوا فِيهِ عَلَى قَوْلَيْنِ الْمَشْهُورُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ، وَقِيلَ: لَا يَلْزَمُهُ إلَّا إذَا لَفَظَ بِالنَّذْرِ، انْتَهَى. وَالظَّاهِرُ الْمُتَبَادَرُ أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْيَمِينِ، وَيُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي بَابِ الِاعْتِكَافِ لَا النَّهَارِ فَقَطْ فَبِاللَّفْظِ فَتَأَمَّلْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَلَوْ قَالَ إلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِي أَوْ أَرَى خَيْرًا مِنْهُ)
ش: فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَلَوْ قَالَ فِي بَعْضِهَا وَإِنْ وَهِيَ الْأَحْسَنُ؛ لِأَنَّ هَذَا الْفَرْعَ فِي ظَنِّي أَنَّهُ عَارٍ مِنْ الْخِلَافِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قَالَ فِي الْقَوَانِينِ: يُنْظَرُ فِي النَّذْرِ إلَى النِّيَّةِ ثُمَّ إلَى الْعُرْفِ ثُمَّ إلَى مُقْتَضَى اللَّفْظِ لُغَةً، وَلَا يَنْفَعُ فِيهِ الِاسْتِثْنَاءُ بِالْمَشِيئَةِ، انْتَهَى. يُرِيدُ إلَّا الْمُبْهَمَ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَكَذَلِكَ الِاسْتِثْنَاءُ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ فِي الْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ وَالصَّدَقَةِ وَالْمَشْيِ، وَأَمَّا فِي النَّذْرِ الْمُبْهَمِ فَيُفِيدُ، انْتَهَى. وَتَقَدَّمَ كَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ فِي بَابِ الْيَمِينِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَمْ يُفِدْ فِي غَيْرِ اللَّهِ كَالِاسْتِثْنَاءِ بِإِنْ شَاءَ اللَّهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (بِخِلَافِ إلَّا أَنْ يَشَاءَ فُلَانٌ فَبِمَشِيئَتِهِ) ش قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ فَلَوْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُجِيزَ أَوْ يَرُدَّ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْحَالِفِ، انْتَهَى.
. ص (وَإِنَّمَا يَلْزَمُ بِهِ مَا نَدَبَ)
ش: قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ نَذْرُ الْمُحَرَّمِ مُحَرَّمٌ، وَفِي كَوْنِ الْمَكْرُوهِ وَالْمُبَاحِ كَذَلِكَ أَوْ مِثْلَهُمَا قَوْلًا الْأَكْثَرُ مَعَ ظَاهِرِ الْمُوَطَّإِ وَالْمُقَدِّمَاتِ، انْتَهَى. وَمَا عَزَاهُ لِابْنِ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ نَحْوُهُ لَهُ فِي رَسْمِ سَلَفَ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ الْأَيْمَانِ بِالطَّلَاقِ وَنَصُّهُ: النَّذْرُ يَنْقَسِمُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ نَذْرٌ فِي طَاعَةِ اللَّهِ يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِهِ، وَنَذْرٌ فِي مَعْصِيَةٍ يَحْرُمُ الْوَفَاءُ بِهِ، وَنَذْرٌ فِي مَكْرُوهٍ يُكْرَهُ الْوَفَاءُ بِهِ، وَنَذْرٌ فِي مُبَاحٍ يُبَاحُ الْوَفَاءُ بِهِ، انْتَهَى. قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَقَسَّمَ اللَّخْمِيُّ نَذْرَ الْمَعْصِيَةِ كَصَوْمِ يَوْمِ الْفِطْرِ أَوْ الْأَضْحَى عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ إنْ كَانَ النَّاذِرُ عَالِمًا بِتَحْرِيمِ ذَلِكَ اُسْتُحِبَّ لَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِطَاعَةٍ مِنْ جِنْسِ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ جَاهِلًا بِالتَّحْرِيمِ فَظَنَّ أَنَّ فِي صَوْمِهِ فَضْلًا عَنْ غَيْرِهِ لِمَنْعِهِ نَفْسَهُ لَذَّتَهَا فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ، فَهَذَا لَا يُسْتَحَبُّ لَهُ الْقَضَاءُ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ يَظُنُّ أَنَّهُ فِي جَوَازِ الصَّوْمِ كَغَيْرِهِ كَانَ فِي الْقَضَاءِ قَوْلَانِ، انْتَهَى بِاخْتِصَارٍ وَانْظُرْ ابْنَ نَاجِي عَلَى الرِّسَالَةِ.
(فَائِدَةٌ) قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يُصَلِّيَ أَوْ يَعْتَكِفَ فِي مَسْجِدٍ مِنْ الْمَسَاجِدِ النَّائِيَةِ عَنْ مَحِلِّهِ لَمْ يَلْزَمْهُ مَا نَصَّهُ (فَإِنْ قُلْتَ) هَلْ فِي قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ لَمْ يَلْزَمْهُ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الْإِقْدَامِ عَلَى الْوَفَاءِ بِذَلِكَ وَالذَّهَابِ إلَى الْمَسْجِدِ النَّائِي لِأَجْلِ الصَّلَاةِ أَوْ الِاعْتِكَافِ لِمَا عَلِمْتَ أَنَّ عَدَمَ اللُّزُومِ أَعَمُّ مِنْ الْمَنْعِ (قُلْتُ) لَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّ عَدَمَ اللُّزُومِ كَمَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ الْمَنْعِ فَكَذَلِكَ هُوَ أَعَمُّ مِنْ الْإِذْنِ، وَأَيْضًا فَإِنَّ غَالِبَ مَسَائِلِ النَّذْرِ أَوْ جَمِيعَهَا لَا تَخْرُجُ عَنْ قِسْمَيْ الْوُجُوبِ وَالتَّحْرِيمِ؛ لِأَنَّ نَذْرَ الطَّاعَةِ لَازِمٌ وَنَذْرَ مَا عَدَاهَا لَا يَلْزَمُ، وَلَا يَجُوزُ الْوَفَاءُ بِهِ كَنَذْرِ الْمَشْيِ فِي السُّوقِ أَوْ لُبْسِ ثَوْبٍ وَشَبَهِهِ، انْتَهَى.
. ص (كَلِلَّهِ عَلَيَّ أَوْ عَلَيَّ ضَحِيَّةٌ)
ش: قَالَ ابْنُ الْفَرَسِ فِي أَحْكَامِ الْقُرْآنِ فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ: وَاخْتُلِفَ فِي الْمَذَاهِبِ إذَا قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَفْعَلَ كَذَا وَكَذَا وَأَنْ لَا أَفْعَلَ كَذَا لِقُرْبَةٍ مِنْ الْقُرَبِ، وَلَمْ يَأْتِ بِلَفْظِ النَّذْرِ هَلْ يَلْزَمُ أَمْ لَا.؟ فَعِنْدَنَا فِيهِ قَوْلَانِ وَالصَّحِيحُ لُزُومُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: 1] انْتَهَى.
. ص (وَنَذْرُ الْمُطْلَقِ)
ش: يُشِيرُ بِهِ لِقَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ النَّذْرُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ: مُسْتَحَبٌّ وَهُوَ النَّذْرُ الْمُطْلَقُ الَّذِي يُوجِبُهُ الرَّجُلُ عَلَى نَفْسِهِ شُكْرًا لِلَّهِ تَعَالَى عَلَى مَا كَانَ وَمَضَى، انْتَهَى. وَقَالَ فِي التَّلْقِينِ: وَيَلْزَمُ بِإِطْلَاقِهِ، انْتَهَى. وَقَالَ الْبِسَاطِيُّ يَعْنِي إذَا قَالَ: عَلَيَّ نَذْرٌ وَلَمْ يُعَلِّقْهُ بِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ لَا يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِهِ وَيَنْدُبُ لَهُ أَنْ يَفْعَلَ شَيْئًا مِمَّا يُقْبَلُ أَنْ يَنْذُرَ، انْتَهَى. وَهَذَا لَيْسَ بِظَاهِرٍ لِأَنَّ هَذَا نَذْرٌ مُبْهَمٌ، وَفِيهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ فَتَأَمَّلْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَكُرِهَ الْمُكَرَّرُ)
ش: اُنْظُرْ قَوْلَهُ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ فِي الصِّيَامِ: وَنَذْرُ يَوْمٍ مُكَرَّرٍ فَإِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ فِيهِ تَكْرَارًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
. ص (وَفِي كُرْهِ الْمُعَلَّقِ تَرَدُّدٌ)
ش: الْكَرَاهَةُ فِيهِ وَفِيمَا قَبْلَهُ مَعَ لُزُومِهَا قَالَ فِي التَّلْقِينِ: وَيَلْزَمُ عِنْدَ وُجُودِ شَرْطِهِ، وَسَوَاءٌ كَانَ شَرْطُهُ مُبَاحًا أَوْ مَحْظُورًا أَوْ طَاعَةً أَوْ مَعْصِيَةً كَانَ فِعْلًا لِلنَّاذِرِ أَوْ لِغَيْرِهِ مِنْ الْعِبَادِ أَوْ مِنْ فِعْلِ اللَّهِ تَعَالَى، انْتَهَى. وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ وَرَدَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْهُ عليه الصلاة والسلام «أَنَّهُ قَالَ: لَا تَنْذُرُوا فَإِنَّ النَّذْرَ لَا يَرُدُّ مِنْ قَضَاءِ اللَّهِ شَيْئًا» قَالَ الْقُرْطُبِيُّ مَحِلُّ النَّهْيِ أَنْ يَقُولَ: إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَعَلَيَّ عِتْقٌ أَوْ صَدَقَةٌ وَنَحْوُهُ، وَوَجْهُهُ أَنَّهُ لَمَّا وَقَفَ فِعْلَ الْقُرْبَةِ عَلَى حُصُولِ غَرَضٍ عَاجِلٍ ظَهَرَ أَنَّهُ لَمْ يَرَ بِتَمَحُّضِ نِيَّتِهِ التَّقَرُّبَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى، بَلْ سَلَكَ سَبِيلَ الْمُعَاوَضَةِ، وَهَذَا حَالُ الْبَخِيلِ الَّذِي لَا يُخْرِجُ مِنْ مَالِهِ إلَّا بِعِوَضٍ عَاجِلٍ أَكْثَرَ مِنْهُ، ثُمَّ يَنْضَافُ إلَى هَذَا اعْتِقَادُ جَاهِلٍ يَظُنُّ أَنَّ النَّذْرَ يُوجِبُ حُصُولَ ذَلِكَ الْغَرَضِ أَوْ أَنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ لَهُ ذَلِكَ الْغَرَضَ لِأَجْلِ النَّذْرِ وَإِلَيْهِمَا الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ: فَإِنَّ النَّذْرَ لَا يَرُدُّ مِنْ قَضَاءِ اللَّهِ شَيْئًا، فَالْأُولَى تُقَارِبُ الْكُفْرَ وَالثَّانِيَةُ خَطَأٌ صُرَاحٌ، وَإِذَا تَقَرَّرَ هَذَا فَهَلْ النَّهْيُ مَحْمُولٌ عَلَى التَّحْرِيمِ أَوْ عَلَى الْكَرَاهَةِ الْمَعْرُوفُ مِنْ مَذَاهِبِ الْعُلَمَاءِ الْكَرَاهَةُ.
(قُلْتُ) وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي التَّحْرِيمُ فِي حَقِّ مَنْ