الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْمُطْلَقِ وَتَعْيِينِ أَحَدِ مَحَامِلِ الْمُشْتَرَكِ ابْنُ رَاشِدٍ مِثَالُ الْأَوَّلِ أَنْ يَقُولَ: أَحَدُ عَبِيدِي حُرٌّ وَيَقُولَ: أَرَدْت فُلَانًا. وَمِثَالُ الثَّانِي أَنْ يَقُولَ: عَائِشَةُ طَالِقٌ وَلَهُ زَوْجَتَانِ اسْمُ كُلٍّ مِنْهُمَا عَائِشَةُ، انْتَهَى. وَلَيْسَ مِنْهُ أَيْ مِنْ الْمُسَاوَاةِ مَا إذَا قَالَ: حِكْمَةُ طَالِقٌ وَلَهُ زَوْجَةٌ وَأَمَةٌ اسْمُ كُلٍّ مِنْهُمَا حِكْمَةُ؛ لِأَنَّ هَذَا مِمَّا خَالَفَ فِيهِ اللَّفْظُ ظَاهِرَ النِّيَّةِ، فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ فِي الْقَضَاءِ، وَإِنْ قَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ أَوْ أَقَرَّ، كَذَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَتَقَدَّمَ بَيَانُهُ، وَجَعَلَهُ الشَّيْخُ بَهْرَامُ فِي شُرُوحِهِ الثَّلَاثَةِ، وَفِي شَامِلِهِ مِنْ فُرُوعِ الْمُسَاوَاةِ بِهَذَا الْمَعْنَى الثَّانِي، وَقَالَ: إنَّهَا مَقْبُولَةٌ فِي الْقَضَاءِ وَالْفُتْيَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ إنَّمَا تُقْبَلُ نِيَّتُهُ فِي الْفُتْيَا لَا فِي الْقَضَاءِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ عَنْ ابْنِ الْمَوَّازِ وَنَقَلَهُ عَنْهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَلْنَرْجِعْ إلَى بَقِيَّةِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَظَهَرَ مَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَخَصَّصَتْ نِيَّةُ الْحَالِفِ وَقَيَّدَتْ إنْ نَافَتْ وَسَاوَتْ أَيْ، فَإِذَا كَانَتْ مُخَصِّصَةً وَمُقَيِّدَةً قُبِلَتْ فِي الْقَضَاءِ وَالْفُتْيَا وَهَذَا مَفْهُومٌ مِنْ إطْلَاقِهِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَأَتَى بِقَوْلِهِ: كَكَوْنِهَا مَعَهُ لِيُفِيدَ أَنَّ التَّخْصِيصَ إنَّمَا هُوَ إذَا تَسَاوَى الِاحْتِمَالَانِ كَمَا نَبَّهَ بِقَوْلِهِ: لَا إرَادَةِ مَيِّتَةٍ عَلَى الِاحْتِمَالِ الْمَرْجُوحِ الْبَعِيدِ جِدًّا، وَبَقِيَّةُ الْكَلَامِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ مِنْهَا مَا يُقْبَلُ فِي الْفُتْيَا دُونَ الْقَضَاءِ، وَهُوَ مَا خَالَفَتْ النِّيَّةُ فِيهَا ظَاهِرَ اللَّفْظِ، وَمِنْهَا مَا يُقْبَلُ فِي الْفُتْيَا وَالْقَضَاءِ وَهُوَ مَا إذَا تَسَاوَيَا، وَمِنْهَا مَا لَا يُقْبَلُ فِي الْفُتْيَا وَلَا فِي الْقَضَاءِ، وَهُوَ مَا إذَا قَالَ: امْرَأَتِي طَالِقٌ وَأَمَتِي حُرَّةٌ وَيُرِيدُ الْمَيِّتَةَ، انْتَهَى.
[مَسْأَلَةٌ فِيمَنْ سُئِلَ عَنْ شَيْءٍ فَقَالَ عَلِيَّ فِيهِ يَمِينٌ وَهُوَ كَاذِبٌ]
(مَسْأَلَةٌ) قَالَ فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ مِنْ النَّوَادِرِ: وَمِنْ الْمَجْمُوعَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِيمَنْ سُئِلَ عَنْ شَيْءٍ فَقَالَ: عَلَيَّ فِيهِ يَمِينٌ، وَهُوَ كَاذِبٌ وَإِنَّمَا هُوَ اعْتِذَارٌ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إلَّا فِي الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ، وَإِنْ قَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ قَالَ عَنْهُ ابْنُ وَهْبٍ، وَإِذَا جَاءَ مُسْتَفْتِيًا، وَلَا بَيِّنَةَ عَلَيْهِ دِينَ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الْفُتْيَا قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مُطَرِّفٍ عَنْ مَالِكٍ وَلَا يُصَدَّقُ فِي الْقَضَاءِ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَشْهَدَ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ أَيْ إنَّمَا أَقُولُ ذَلِكَ مُعْتَذِرًا قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَمَنْ وَجَدَ امْرَأَتَهُ قَدْ خَرَجَتْ، فَقَالَ لَهَا لَمْ خَرَجْت، وَقَدْ كُنْتُ حَلَفْت بِطَلَاقِكِ إنْ خَرَجْت، ثُمَّ قَالَ مَا حَلَفْت وَمَا قُلْت مَا قُلْت إلَّا تَغْلِيظًا عَلَيْهَا قَالَ: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الْفُتْيَا، وَأَمَّا فِي الْحُكْمِ فَيَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ، انْتَهَى. وَفِي رَسْمِ سِلْعَةٍ سَمَّاهَا مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ النُّذُورِ، وَسُئِلَ عَنْ الرَّجُلِ يُسْأَلُ عَنْ الْأَمْرِ فَيَقُولُ: فَفِيهِ عَلَيَّ صَدَقَةٌ أَوْ مَشْيٌ، وَهُوَ كَاذِبٌ إنَّمَا أَرَادَ بِذَلِكَ أَنْ يَمْنَعَهُ قَالَ: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ إنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ عَلَيْهِ فِي الْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ يَعْنِي إذَا قَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ. قَالَ ابْنُ رُشْدٍ هُوَ كَمَا قَالَ إنَّ مَا لَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِهِ فَهُوَ مَوْكُولٌ إلَى أَمَانَتِهِ وَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ، انْتَهَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[فَرْعٌ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ لَهُ مَاءً لِمَنْ امْتَنَّ عَلَيْهِ بِمَا يَأْخُذُهُ مِنْهُ]
ثُمَّ لَمَّا فَرَغَ رحمه الله مِنْ الْمُقْتَضَى الْأَوَّلِ الَّذِي هُوَ النِّيَّةُ تَكَلَّمَ عَلَى الْمُقْتَضَى الثَّانِي الَّذِي هُوَ الْبِسَاطُ فَقَالَ:
ص (ثُمَّ بِسَاطُ يَمِينِهِ)
ش: يَعْنِي: فَإِنْ فُقِدَتْ النِّيَّةُ وَلَمْ يَضْبِطْهَا الْحَالِفُ وَكَانَتْ الْيَمِينُ مِمَّا يَنْوِي فِيهَا فَإِنَّهُ يَنْتَقِلُ إلَى الْبِسَاطِ، وَهُوَ السَّبَبُ الْحَامِلُ عَلَى الْيَمِينِ وَلَيْسَ بِانْتِقَالٍ عَنْ النِّيَّةِ فِي الْحَقِيقَةِ، وَإِنَّمَا هُوَ لَمَّا كَانَ مَظِنَّةَ النِّيَّةِ عَدَلَ إلَيْهِ تَحْوِيمًا عَلَى النِّيَّةِ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ، وَالْمَعْرُوفُ مِنْ الْمَذْهَبِ تَقْدِيمُ الْبِسَاطِ عَلَى غَيْرِهِ.
(فَرْعٌ) وَلِأَجْلِ تَقْدِيمِ الْبِسَاطِ قُلْنَا فِيمَنْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ لَهُ مَاءً لِمَنْ امْتَنَّ عَلَيْهِ بِمَا يَأْخُذُهُ مِنْهُ أَنَّهُ يَحْنَثُ، وَلَوْ بِخَيْطٍ يَخِيطُ بِهِ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ.
(فَرْعٌ) قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ قَالَ فِي الْكِتَابِ لَوْ مَنَّ عَلَيْهِ بِهِبَةِ شَاةٍ فَحَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَبَنَهَا وَلَا لَحْمَهَا حَنِثَ بِمَا اشْتَرَى مِنْ ثَمَنِهَا أَكْلًا أَوْ لِبَاسًا بِخِلَافِ غَيْرِ ثَمَنِهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ نَوَى أَنْ لَا يَنْتَفِعَ مِنْهُ بِشَيْءٍ، انْتَهَى.
ثُمَّ لَمَّا فَرَغَ مِنْ الثَّانِي تَكَلَّمَ عَلَى الثَّالِثِ الَّذِي هُوَ الْعُرْفُ الْقَوْلِيُّ فَقَالَ:
ص
(ثُمَّ عُرْفٌ قَوْلِيٌّ)
ش: وَعَطَفَ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ بِثُمَّ لِيُفِيدَ أَنَّهَا عَلَى التَّرْتِيبِ وَمَعْنَى كَلَامِهِ أَنَّهُ إذَا فُقِدَتْ النِّيَّةُ وَالْبِسَاطُ تَوَصَّلَ إلَى مُرَادِ الْحَالِفِ مِنْ لَفْظِهِ، وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى الْعُرْفِ الْقَوْلِيِّ أَوَّلًا ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لِأَنَّهُ غَالِبُ قَصْدِ الْحَالِفِ، وَلِأَنَّ كُلَّ مُتَكَلِّمٍ بِلُغَةٍ يَجِبُ حَمْلُ كَلَامِهِ عَلَى الْمَعْنَى الَّذِي يَسْتَعْمِلُ أَهْلُ تِلْكَ اللُّغَةِ فِيهِ ذَلِكَ اللَّفْظَ وَقَوْلُهُ قَوْلِيٌّ احْتِرَازًا مِنْ الْفِعْلِيِّ تَبَعًا مِنْهُ رحمه الله لِلْقَرَافِيِّ وَغَيْرِهِ مِمَّنْ لَمْ يَعْتَبِرْ الْفِعْلِيَّ. قَالَ الْقَرَافِيُّ الْعُرْفُ قِسْمَانِ فِعْلِيٌّ وَقَوْلِيٌّ، وَالْقَوْلِيُّ قِسْمَانِ فِي الْمُفْرَدَاتِ وَالْمُرَكَّبَاتِ، وَعُرْفُ الْمُفْرَدَاتِ قِسْمَانِ فِي بَعْضِ أَفْرَادِ الْحَقِيقَةِ وَأَجْنَبِيٌّ مِنْهَا، فَالْفِعْلِيُّ هُوَ غَلَبَةُ مُلَابَسَةِ بَعْضِ أَنْوَاعِ مُسَمَّى اللَّفْظِ، وَهُوَ غَيْرُ مُقَدَّمٍ عَلَى اللُّغَةِ، وَلَا مُعَارِضٍ لِلْوَضْعِ، انْتَهَى. قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: مِثَالُ الْفِعْلِيِّ أَنْ يَحْلِفَ لَا آكُلُ خُبْزًا وَعَادَتُهُ أَكْلُ خُبْزِ الْبُرِّ، فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِخُبْزٍ لِشَعِيرٍ وَالذُّرَةِ وَإِنْ لَمْ يَأْكُلْهُ أَبَدًا، انْتَهَى. ثُمَّ قَالَ الْقَرَافِيُّ وَالْقَوْلِيُّ فِي بَعْضِ أَفْرَادِ الْحَقِيقَةِ كَلَفْظِ الدَّابَّةِ غَلَبَ اسْتِعْمَالُهُ فِي الْحِمَارِ، انْتَهَى. هَذَا بِمِصْرَ وَبِالْعِرَاقِ فِي الْفُرْسِ، وَفِي قَفِصَةِ الْأُنْثَى مِنْ الْحَمِيرِ قَالَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ. قَالَ الْقَرَافِيُّ وَالْأَجْنَبِيُّ مِنْ الْحَقِيقَةِ نَحْوُ لَفْظِ الْغَائِطِ فَإِنَّهُ الْمَكَانُ الْمُطْمَئِنُّ غَلَبَ اسْتِعْمَالُهُ فِي الْفَضْلَةِ الْخَارِجَةِ مِنْ الْإِنْسَانِ، وَهِيَ لَيْسَتْ بَعْضَ الْمَوَاضِعِ الْمُطَمْئِنَةِ، وَعُرْفُ الْمُرَكَّبَاتِ كَغَلَبَةِ اسْتِعْمَالِ مُرَكَّبٍ مَخْصُوصٍ وَمَعْنَى مَخْصُوصٍ فِي سِيَاقٍ مَخْصُوصٍ حَتَّى يَصِيرَ أَشْهُرُ فِيهِ مِمَّا لَا يَقْتَضِيهِ لُغَةً، كَقَوْلِ الْقَائِلِ لِغَرِيمِهِ: لَأَقْضِيَنَّكَ حَقَّكَ فِي رَأْسِ الشَّهْرِ فِي قَصْدِ عَدَمِ التَّأْخِيرِ عَنْ هَذِهِ الْغَايَةِ دُونَ التَّأْخِيرِ إلَيْهَا، ثُمَّ قَالَ: وَهَذَا الْقَسَمُ غَيْرُ بِسَاطِ الْيَمِينِ، فَإِنَّ الْبِسَاطَ حَالَةٌ تَتَقَدَّمُ الْحَلِفَ، وَهَذَا الْعُرْفُ يُفْهَمُ مِنْ نَفْسِ اللَّفْظِ الْمُرَكَّبِ مَعَ الْجَهْلِ بِالْحَالَةِ كَيْفَ كَانَتْ فَالْعُرْفُ الْقَوْلِيُّ كُلُّهُ مُقَدَّمٌ عَلَى اللُّغَةِ؛ لِأَنَّهُ غَلَبَةُ اسْتِعْمَالِ اللَّفْظِ فِي غَيْرِ الْمُسَمَّى اللُّغَوِيِّ فَهُوَ نَاسِخٌ لِلُّغَةِ وَالنَّاسِخُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمَنْسُوخِ، بِخِلَافِ الْفِعْلِيِّ لَيْسَ مُعَارِضًا لِلُّغَةِ، انْتَهَى. وَسَتَأْتِي فُرُوعٌ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ تَصْلُحُ أَنْ تَكُونَ أَمْثِلَةً.
ثُمَّ لَمَّا فَرَغَ مِنْهُ أَشَارَ إلَى الرَّابِعِ.
ص (ثُمَّ مَقْصِدٌ لُغَوِيٌّ)
ش: يَعْنِي إنْ فُقِدَتْ النِّيَّةُ وَالْبِسَاطُ وَالْعُرْفُ الْقَوْلِيُّ حُمِلَ اللَّفْظُ عَلَى مُقْتَضَاهُ لُغَةً. قَالَ الْقَرَافِيُّ قَالَ أَبُو الْوَلِيدِ وَهَذَا فِي الْمَظْنُونِ، وَأَمَّا الْمَعْلُومُ مِثْلُ قَوْلِهِ: وَاَللَّهِ لَأُرِيَنَّهُ النُّجُومَ فِي النَّهَارِ، فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ يُحَمَّلُ عَلَى مَا عَلِمَ مِنْ ذَلِكَ مِنْ الْمُبَالَغَةِ دُونَ الْحَقِيقَةِ، انْتَهَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ثُمَّ لَمَّا فَرَغَ مِنْ الرَّابِعِ أَشَارَ إلَى الْخَامِسِ بِقَوْلِهِ:
ص (ثُمَّ شَرْعِيٌّ)
ش: يَعْنِي إذَا فُقِدَتْ الْأَرْبَعَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ حُمِلَ اللَّفْظُ عَلَى مُقْتَضَاهُ فِي الشَّرْعِ قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي شَرْحِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَهَذَا إنَّمَا يَصِحُّ إذَا كَانَ الْمُتَكَلِّمُ صَاحِبَ الشَّرْعِ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ الْحَلِفُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ الشَّرْعِيَّاتِ مِثْلُ أَنْ تَقُولَ: وَاَللَّهِ لَأُصَلِّيَنَّ أَوْ لَا أُصَلِّي فَهَذَا يُحْمَلُ عَلَى الصَّلَاةِ الشَّرْعِيَّةِ؛ لِأَنَّ الْإِطْلَاقَ الْعُرْفِيَّ يَتَنَاوَلُهَا أَيْضًا، وَلَوْ حَلَفَ لَيَتَوَضَّأَنَّ فَالْعُرْفُ الشَّرْعِيُّ الَّذِي تُسْتَبَاحُ بِهِ الصَّلَاةُ وَالْوُضُوءُ اللُّغَوِيُّ قَدْ يُطَلَّقُ عَلَى غَسْلِ الْيَدَيْنِ فَقَطْ، انْتَهَى.
(فَرْعٌ) قَالَ فِي التَّوْضِيحِ فِي كِتَابِ الْوَقْفِ: قَالَ ابْنُ شَعْبَانَ إذَا حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ رَجُلَ بَنِي فُلَانٍ يَحْنَثُ إذَا كَلَّمَ صِبْيَانَهُمْ، انْتَهَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَحَنِثَ إنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ وَلَا بِسَاطٌ بِفَوْتِ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ
وَلَوْ لِمَانِعٍ شَرْعِيٍّ أَوْ سَرِقَةٍ لَا بِ كَمَوْتِ حَمَامٍ فِي لَيَذْبَحَنَّهُ)
ش: لَمَّا ذَكَرَ رحمه الله مُقْتَضَيَاتِ الْبِرِّ وَالْحِنْثِ مِنْ النِّيَّةِ وَمَا بَعْدَهَا أَخَذَ يَذْكُرُ فُرُوعًا تَنْبَنِي عَلَى تِلْكَ الْأُصُولِ، وَهِيَ فِي نَفْسِهَا أَيْضًا أُصُولٌ، فَمِنْ ذَلِكَ إذَا تَعَذَّرَ الْفِعْلُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ لِفَوَاتِ مَحَلِّهِ، وَقَاعِدَةُ الْمُصَنِّفِ فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّهُ إذَا قَالَ وَبِكَذَا فَيُشِيرُ إلَى مَا يَقَعُ فِيهِ الْحِنْثُ، وَإِذَا قَالَ لَا كَذَا فَيُشِيرُ إلَى مَا لَا يَحْنَثُ فِيهِ إلَّا أَنَّهُ رحمه الله أَجْمَلَ فِي كَلَامِهِ بَعْضَ الْإِجْمَالِ لِأَجْلِ الِاخْتِصَارِ، وَالْمَسْأَلَةُ فِيهَا تَفْصِيلٌ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ اعْلَمْ أَنَّ مَنْ حَلَفَ لَيَفْعَلَنَّ شَيْئًا فَتَعَذَّرَ فِعْلُهُ، فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ الْفِعْلُ مُؤَقَّتًا أَمْ لَا ابْنُ بَشِيرٍ، فَإِنْ كَانَ الْفِعْلُ غَيْرُ مُؤَقَّتٍ بِأَجَلٍ، فَإِنْ كَانَ فَرَّطَ حَتَّى تَعَذَّرَ الْفِعْلُ فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ حَانِثٌ، فَإِنْ بَادَرَ فَلَمْ يُمْكِنْهُ الْفِعْلُ فَكَمَا لَوْ كَانَ مُؤَقَّتًا، انْتَهَى. وَالْمُؤَقَّتُ يَنْقَسِمُ تَعَذُّرُهُ إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: إمَّا أَنْ يَكُونَ عَقْلًا أَوْ شَرْعًا أَوْ عَادَةً، فَالْعَقْلِيُّ كَتَعَذُّرِ ذَبْحِ الْحَمَامِ الْمَحْلُوفِ بِذَبْحِهَا لِمَوْتِهَا، إذْ الذَّبْحُ فِي الْمَيِّتِ مُتَعَذِّرٌ، فَلَا خِلَافَ مَنْصُوصٌ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ، وَخَرَّجَ اللَّخْمِيُّ قَوْلًا بِالْحِنْثِ مِنْ التَّعَذُّرِ شَرْعًا، وَأَمَّا الْعَادِيُّ فَكَمَا لَوْ حَلَفَ لَيَذْبَحَنَّ الْحَمَامَاتِ غَدًا فَعَطِبَتْ أَوْ سُرِقَتْ أَوْ اُسْتُحِقَّتْ فَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ قَوْلَيْنِ وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ الْحِنْثُ، وَأَمَّا الشَّرْعِيُّ فَكَمَا لَوْ حَلَفَ لَيَطَأَنَّهَا اللَّيْلَةَ فَوَجَدَهَا حَائِضًا أَوْ لَيَبِيعَنَّ الْأَمَةَ فَوَجَدَهَا حَامِلًا، وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِيهِ قَوْلَيْنِ وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ الْحِنْثُ، وَنَصَّ سَحْنُونٌ فِي مَسْأَلَةِ الْبُيُوعِ عَلَى عَدَمِ الْحِنْثِ، وَوَقَعَ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ دِينَارٍ فِيمَنْ حَلَفَ لَيَطَأَنَّ امْرَأَتَهُ اللَّيْلَةَ فَقَامَ فَوَجَدَهَا حَائِضًا إنْ فَرَّطَ قَدْرَ مَا يُمْكِنُهُ الْوَطْءُ حَنِثَ وَإِلَّا فَلَا.
وَاخْتَارَهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَابْنُ يُونُسَ، وَإِنَّمَا فَرَّقَ ابْنُ الْقَاسِمِ بَيْنَ