الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[بَابٌ الْمُبَاحُ طَعَامٌ طَاهِرٌ]
ٌ ص (وَالْبَحْرِيُّ، وَإِنْ مَيِّتًا) ش: أَيْ، وَإِنْ وُجِدَ طَافِيًا مَيِّتًا بِنَفْسِهِ (فَرْعٌ) : قَالَ فِي اللُّبَابِ: وَإِذَا وُجِدَ حُوتٌ فِي بَطْنِ حُوتٍ أُكِلَ، وَإِنْ وُجِدَ فِي بَطْنِ طَيْرٍ مَيِّتٍ فَقِيلَ لَا يُؤْكَلُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ نَجِسًا، وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ: الصَّوَابُ جَوَازُ أَكْلِهِ كَمَا لَوْ وَقَعَ حُوتٌ فِي نَجَاسَةٍ، فَإِنَّهُ يُغْسَلُ، وَيُؤْكَلُ انْتَهَى.
قَالَ الْبُرْزُلِيُّ فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ: وَفَرَّقَ شَيْخُنَا الْإِمَامُ بِأَنَّ وُقُوعَهَا فِي نَجَاسَةٍ أَخَفُّ بِخِلَافِ حُصُولِهِ فِي بَطْنِ الطَّيْرِ إذَا مَرَّ عَلَيْهِ زَمَانٌ تَسْرِي فِيهِ النَّجَاسَةُ بِالْحَرَارَةِ، فَأَشْبَهَ طَبْخَ اللَّحْمِ بِالْمَاءِ النَّجِسِ إلَّا أَنْ يُقَالَ النَّارُ فِي الْحَرَارَةِ أَشَدُّ، وَعَلَى هَذَا لَوْ حَصَلَتْ فِي بَطْنِ خِنْزِيرٍ، وَمَاتَ، فَإِنَّهُ يَجْرِي عَلَى مَا تَقَدَّمَ انْتَهَى. وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَلَا يُطَهَّرُ زَيْتٌ خُولِطَ.
وَفِي الْمُدَوَّنَةِ وَمَنْ مَلَّحَ حِيتَانًا، فَوَجَدَ فِيهَا ضَفَادِعَ مَيِّتَةً أُكِلَتْ قِيلَ الضَّمِيرُ لِلضَّفَادِعِ، وَقِيلَ لِلْحِيتَانِ وَالْجَمِيعُ يُؤْكَلُ وَفِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحُ ذِكْرُ غَمْسِهِ فِي النَّارِ حَيًّا أَوْ فِي الطِّينِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَأَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ وَانْظُرْ الْبُرْزُلِيَّ، وَنَصُّ مَا فِي السَّمَاعِ الْمَذْكُورِ.
وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ الْحُوتِ يُوجَدُ حَيًّا أَيُقْطَعُ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ قَالَ لَا بَأْسَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا ذَكَاةَ فِيهِ، وَأَنَّهُ لَوْ وُجِدَ مَيِّتًا أُكِلَ، فَلَا بَأْسَ بِهِ أَنْ يُقْطَعَ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ وَأَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ، وَهُوَ حَيٌّ، فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: قَدْ كَرِهَهُ فِي رَسْمِ الْجَنَائِزِ وَالصَّيْدِ مِنْ سَمَاعِ أَشْهَبَ فِي مَوْضِعَيْنِ: كَرَاهِيَةً غَيْرَ شَدِيدَةٍ، وَظَاهِرُ هَذِهِ الرِّوَايَةِ الْإِبَاحَةُ، وَالْوَجْهُ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْحُوتَ لَمَّا كَانَ لَا يَحْتَاجُ إلَى تَذْكِيَةٍ، وَكَانَ لِلرَّجُلِ أَنْ يَقْتُلَهُ بِأَيِّ نَوْعٍ شَاءَ مِنْ أَنْوَاعِ الْقَتْلِ فِي الْمَاءِ، وَأَنْ يَقْطَعَهُ فِيهِ إنْ شَاءَ كَانَ لَهُ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ بَعْدَ خُرُوجِهِ مِنْ الْمَاءِ، وَالْوَجْهُ فِي كَرَاهَةِ ذَلِكَ أَنَّ الْحُوتَ مُذَكًّى، فَالْحَيَاةُ الَّتِي تَبْقَى فِيهِ بَعْدَ صَيْدِهِ تُشَابِهُ الْحَيَاةَ الَّتِي تَبْقَى فِي الذَّبِيحَةِ بَعْدَ ذَبْحِهَا، فَيُكْرَهُ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا يُكْرَهُ فِي الْآخَرِ انْتَهَى. وَنَصُّ مَا فِي رَسْمِ الْجَنَائِزِ وَالصَّيْدِ فِي الْمَوْضِعِ الْأَوَّلِ.
وَسُئِلَ عَنْ الْحِيتَانِ تُصَادُ فَتُغْمَسُ رُءُوسُهَا فِي الطِّينِ لِتَمُوتَ فَكَرِهَهُ، وَلَمْ يَرَهُ شَدِيدًا، وَنَصُّ مَا فِي الْمَوْضِعِ الثَّانِي.
وَسَأَلْتُهُ عَنْ الْحُوتِ أَيُطْرَحُ فِي النَّارِ حَيًّا، قَالَ مَا أَكْرَهُهُ كَرَاهِيَةً شَدِيدَةً، وَهُوَ إنْ تَرَكَهُ قَلِيلًا مَاتَ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: إثْرَ الْمَوْضِعِ الْأَوَّلِ هَذَا نَحْوُ قَوْلِهِ بَعْدَ هَذَا فِي طَرْحِ الْحُوتِ فِي النَّارِ حَيًّا قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ، وَهُوَ خِلَافُ مَا مَضَى فِي رَسْمِ سِلْعَةٍ سَمَّاهَا مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَقَدْ مَضَى هُنَاكَ تَوْجِيهُ الْقَوْلَيْنِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَطَيْرٌ وَلَوْ جَلَّالَةً)
ش: الْجَلَّالَةُ فِي اللُّغَةِ الْبَقَرَةُ الَّتِي تَتْبَعُ النَّجَاسَاتِ قَالَ فِي الصِّحَاحِ: الْجَلَّالَةُ الْبَقَرَةُ الَّتِي تَتْبَعُ النَّجَاسَاتِ، وَفِي الْحَدِيثِ «نَهْيٌ عَنْ لَبَنِ الْجَلَّالَةِ» انْتَهَى.
قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: وَالْفُقَهَاءُ اسْتَعْمَلُوهَا فِي كُلِّ حَيَوَانٍ يَسْتَعْمِلُ النَّجَاسَةَ انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ فِي غَرِيبِ الْحَدِيثِ: الْجَلَّالَةُ مِنْ الْحَيَوَانِ الَّتِي تَأْكُلُ الْعَذِرَةَ وَالْجِلَّةَ الْبَعْرَ فَوُضِعَ مَوْضِعَ الْعَذِرَةِ انْتَهَى. وَأَتَى الْمُصَنِّفُ بِلَوْ الْمُشْعِرَةِ بِالْخِلَافِ تَبَعًا لِلَّخْمِيِّ قَالَ عَنْهُ فِي التَّوْضِيحِ فِي بَابِ الذَّبَائِحِ وَفِي اللَّخْمِيِّ فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ: اُخْتُلِفَ فِي الْحَيَوَانِ يُصِيبُ النَّجَاسَةَ هَلْ تَنْقُلُهُ عَنْ حُكْمِهِ قَبْلَ أَنْ يُصِيبَهَا، فَقِيلَ هُوَ عَلَى حُكْمِهِ فِي الْأَصْلِ فِي أَسْآرِهَا وَأَعْرَاقِهَا وَلُحُومِهَا وَأَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا، وَقِيلَ تَنْقُلُهُ، وَجَمِيعُ ذَلِكَ نَجِسٌ انْتَهَى. وَلَمْ يَتْبَعْ فِي حِكَايَتِهِ الِاتِّفَاقَ عَلَى إبَاحَةِ الْجَلَّالَةِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: عَنْهُ، وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَكْلِ ذَوَاتِ الْحَوَاصِلِ مِنْ الْجَلَّالَةِ، وَاخْتَلَفُوا فِي ذَوَاتِ الْكِرْشِ فَكَرِهَ جَمَاعَةٌ أَكْلَ الْجَلَّالَةِ مِنْهَا وَشُرْبَ أَلْبَانِهَا لِمَا رُوِيَ عَنْهُ عليه الصلاة والسلام أَنَّهُ «نَهَى عَنْ لُحُومِ الْجَلَّالَةِ وَأَلْبَانِهَا» ، وَلَا خِلَافَ فِي الْمَذْهَبِ فِي أَنَّ أَكْلَ لَحْمِ الْمَاشِيَةِ وَالطَّيْرِ الَّذِي يَتَغَذَّى بِالنَّجَاسَةِ حَلَالٌ جَائِزٌ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي الْأَلْبَانِ وَالْأَبْوَالِ
وَالْأَعْرَاقِ انْتَهَى قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: وَكَلَامُ اللَّخْمِيِّ هُوَ الصَّحِيحُ انْتَهَى بِمَعْنَاهُ. انْتَهَى كَلَامُ التَّوْضِيحِ
. ص (وَنَعَمٌ) ش تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ الذَّكَاةِ أَنَّ النَّعَمَ فِي عُرْفِ الْفُقَهَاءِ اسْمٌ لِلْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ ابْنُ دُرَيْدٍ وَالْهَرَوِيُّ وَالْحَرِيرِيُّ فِي دُرَّةُ الْغَوَّاصِ وَقَالُوا إنَّهُ خَاصٌّ بِالْإِبِلِ، وَقِيلَ إنَّهُ اسْمٌ لِلْإِبِلِ وَالْبَقَرِ دُونَ الْغَنَمِ وَكَلَامُ الْمُحْكَمِ يَقْتَضِي أَنَّهُ اسْمٌ لِلْإِبِلِ وَالْغَنَمِ دُونَ الْبَقَرِ، وَتَقَدَّمَ بَيَانُ ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(تَنْبِيهٌ) : قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي كِتَابِ الذَّبَائِحِ: اسْتَعْمَلَ الْمُصَنِّفُ الْأَنْعَامَ فِي الثَّمَانِيَةِ الْأَزْوَاجِ الْمَذْكُورَةِ فِي قَوْله تَعَالَى {وَمِنَ الأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشًا} [الأنعام: 142] وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ غَالِبَ مَا يُسْتَعْمَلُ هَذَا اللَّفْظُ فِي الْإِبِلِ خَاصَّةً، وَعَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ جَاءَ الْكِتَابُ الْعَزِيزُ فِي غَيْرِ مَا آيَةٍ انْتَهَى.
(قُلْت) وَمَا ذَكَرَهُ عَنْ بَعْضِهِمْ غَرِيبٌ إنَّمَا رَأَيْتُهُ فِي لَفْظِ النَّعَمِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(تَنْبِيهٌ) : قَالَ فِي الْأَلْغَازِ: قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: يُمْنَعُ مِنْ ذَبْحِ الْفَتِيِّ مِنْ الْإِبِلِ مِمَّا فِيهِ الْحَمُولَةُ وَذَبْحِ الْفَتِيِّ مِنْ الْبَقَرِ مِمَّا هُوَ لِلْحَرْثِ وَذَبْحِ ذَوَاتِ الدَّرِّ مِنْ الْغَنَمِ لِلْمَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ لِلنَّاسِ فَتُمْنَعُ الْمَصْلَحَةُ الْخَاصَّةُ ذَكَرَهُ فِي بَابِ الْغَصْبِ انْتَهَى. مِنْ الذَّبَائِحِ، وَانْظُرْ أَوَّلَ كِتَابِ الدُّورِ وَالْأَرَضِينَ مِنْ الْبَيَانِ وَالْإِكْمَالِ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم نَكِّبْ عَنْ ذَوَاتِ الدَّرِّ ص
(وَقُنْفُذٌ)
ش: بِضَمِّ الْقَافِ وَسُكُونِ النُّونِ وَضَمِّ الْفَاءِ، وَقَدْ تُفْتَحُ وَآخِرَهُ ذَالٌ مُعْجَمَةٌ وَالْأُنْثَى قُنْفُذَةٌ، وَجَمْعُهُ قَنَافِذُ، وَيُقَالُ لِلذَّكَرِ: شَيْهَمٌ بِفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْهَاءِ اُنْظُرْ الْقَامُوسَ وَالصِّحَاحَ فِي فَصْلِ الْقَافِ مِنْ بَابِ الذَّالِ وَفَصْلَ الشِّينِ مِنْ بَابِ الْمِيمِ وَضِيَاءُ الْحُلْقُومِ.
ص (وَحَيَّةٌ أُمِنَ سُمُّهَا وَخَشَاشُ أَرْضٍ)
ش: قَالَ: فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الذَّبَائِحِ، وَإِذَا ذُكِّيَتْ الْحَيَّاتُ فِي مَوْضِعِ ذَكَاتِهَا، فَلَا بَأْسَ بِأَكْلِهَا لِمَنْ احْتَاجَ إلَيْهَا، وَلَا بَأْسَ بِأَكْلِ خَشَاشِ الْأَرْضِ، وَهَوَامِّهَا وَذَكَاةُ ذَلِكَ كَذَكَاةِ الْجَرَادِ انْتَهَى.
قَالَ أَبُو الْحَسَنِ: مَوْضِعُ ذَكَاتِهَا يُرِيدُ حَلْقَهَا، وَهُوَ مَوْضِعُ الذَّكَاةِ مِنْ غَيْرِهَا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: صِفَةُ ذَكَاتِهَا مِنْ جِهَةِ الطِّبِّ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْ جِهَةِ ذَنَبِهَا مِقْدَارٌ خَاصٌّ فَإِنْ كَانَ اثْنَانِ وَضَعَ أَحَدُهُمَا الْمُوسَى عَلَى حَلْقِهَا وَالْآخَرُ عَلَى الْمِقْدَارِ الْخَاصِّ مِنْ جِهَةِ ذَنَبِهَا فَيَقْطَعَانِ ذَلِكَ كُلَّهُ فِي مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ، وَإِنْ كَانَ الْمُذَكِّي وَاحِدًا جَمَعَ طَرَفَيْهَا، وَوَضَعَ الْمُوسَى عَلَى ذَلِكَ، وَقَطَعَ ذَلِكَ كُلَّهُ فِي مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ، وَلَا تُؤْكَلُ بِالْعَقْرِ وَقَالَ أَشْهَبُ: وَتُؤْخَذُ بِرِفْقٍ وَمَهَلٍ، وَلَا يَغِيظُهَا لِئَلَّا يَسْرِيَ السُّمُّ فِيهَا، وَقَوْلُهُ لِمَنْ احْتَاجَ إلَيْهَا الشَّيْخُ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي غَيْرِ الْمُدَوَّنَةِ يَجُوزُ أَكْلُهَا لِمَنْ يَحْتَاجُ لَهَا، وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: يُكْرَهُ أَكْلُهَا لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ انْتَهَى.
وَقَالَ فِي الذَّخِيرَةِ: فَائِدَةٌ ذَكَاةُ الْحَيَّةِ لَا يُحْكِمُهَا إلَّا طَبِيبٌ مَاهِرٌ وَصِفَتُهَا أَنْ يُمْسِكَ بِرَأْسِهَا وَذَنَبِهَا مِنْ غَيْرِ عُنْفٍ وَتُثْنَى عَلَى مِسْمَارٍ مَضْرُوبٍ فِي لَوْحٍ، ثُمَّ تُضْرَبُ بِآلَةٍ حَادَّةٍ رَزِينَةٍ عَلَيْهَا، وَهِيَ مَمْدُودَةٌ عَلَى الْخَشَبَةِ فِي حَدِّ الرَّقِيقِ مِنْ رَقَبَتِهَا وَذَنَبِهَا مِنْ الْغَلِيظِ الَّذِي هُوَ وَسَطُهَا، وَيُقْطَعُ جَمِيعُ ذَلِكَ فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ فِي ضَرْبَةٍ وَاحِدَةٍ، فَمَتَى بَقِيَتْ جِلْدَةٌ يَسِيرَةٌ فَسَدَتْ، وَقَتَلَتْ بِوَاسِطَةِ جَرَيَانِ السُّمِّ مِنْ رَأْسِهَا فِي جِسْمِهَا بِسَبَبِ غَضَبِهَا أَوْ مَا هُوَ قَرِيبٌ مِنْ السُّمِّ مِنْ ذَنَبِهَا فِي جِسْمِهَا، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ فِي مَوْضِعِ ذَكَاتِهَا انْتَهَى.
مِنْ كِتَابِ الْأَطْعِمَةِ، وَقَالَ فِي كِتَابِ الصَّيْدِ: تَنْبِيهٌ: الْحَيَّةُ مَتَى أُكِلَتْ بِالْعَقْرِ قُتِلَ آكِلُهَا بَلْ لَا يُمْكِنُ أَكْلُهَا إلَّا بِذَكَاةٍ مَخْصُوصَةٍ تَقَدَّمَتْ فِي الْأَطْعِمَةِ انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ بَشِيرٍ ذُو السُّمِّ إنْ خِيفَ مِنْهُ حَرَامٌ، وَإِلَّا حَلَّ الْبَاجِيُّ لَا تُؤْكَلُ حَيَّةٌ، وَلَا عَقْرَبٌ الْأَبْهَرِيُّ إنَّمَا كُرِهَتْ لِجَوَازِ كَوْنِهَا مِنْ السِّبَاعِ وَالْخَوْفِ مِنْ سُمِّهَا، وَلَمْ يَقُمْ عَلَى حُرْمَتِهَا دَلِيلٌ، وَلَا بَأْسَ بِهِ تَدَاوِيًا، وَلِذَا أُبِيحَ التِّرْيَاقُ وَرَوَى ابْنُ حَبِيبٍ كَرَاهَةَ الْعَقْرَبِ، وَذَكَاتُهَا قَطْعُ رَأْسِهَا، وَفِي ثَانِي حَجِّهَا لَا بَأْسَ أَنْ يَأْكُلَ الْحَيَّةَ إذَا ذُكِّيَتْ، وَلَا أَحْفَظُ عَنْهُ فِي الْعَقْرَبِ شَيْئًا، وَأَرَى أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ انْتَهَى.
وَصَرَّحَ فِي الطِّرَازِ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الطَّهَارَةِ بِمَشْهُورِيَّةِ إبَاحَةِ الْعَقْرَبِ، وَنَصُّهُ وَاخْتُلِفَ فِي الْعَقْرَبِ وَالْمَشْهُورُ إبَاحَتُهَا، وَقِيلَ تُكْرَهُ انْتَهَى.
وَقَوْلُهُ وَخُشَاشُ أَرْضٍ أَشَارَ بِهِ لِقَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ الْمُتَقَدِّمِ، وَلَا بَأْسَ بِأَكْلِ خَشَاشِ الْأَرْضِ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ: هُوَ عِبَارَةٌ عَمَّا لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةً وَضَبَطَهُ عِيَاضٌ بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَتَخْفِيفِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَيُقَالُ بِكَسْرِ الْخَاءِ وَحَكَى أَبُو عُبَيْدَةَ ضَمَّهَا انْتَهَى.
قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَالْأَفْصَحُ فِي الْخَشَاشِ فَتْحُ الْخَاءِ قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: وَيُؤْكَلُ خَشَاشُ الْأَرْضِ وَذَكَاتُهَا كَالْجَرَادِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: هُوَ كَقَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَلَا بَأْسَ بِأَكْلِ خَشَاشِ الْأَرْضِ، وَهَوَامِّهَا، وَذَكَاةُ ذَلِكَ كَذَكَاةِ الْجَرَادِ وَقَالَ الْبَاجِيُّ: أَكْلُ الْخَشَاشِ مَكْرُوهٌ.
وَفِي ابْنِ بَشِيرٍ الْمُخَالِفُونَ يَحْكُونَ عَنْ الْمَذْهَبِ جَوَازَ أَكْلِ الْمُسْتَقْذَرَاتِ وَالْمَذْهَبُ خِلَافُهُ وَقَالَ ابْنُ هَارُونَ: ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ كَمَا ذَكَرَ الْمُخَالِفُ انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ فِي عَارِضَتِهِ قَالَ مَالِكٌ: حَشَرَاتُ الْأَرْضِ مَكْرُوهَةٌ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ: مُحَرَّمَةٌ، وَلَيْسَ لِعُلَمَائِنَا فِيهَا مُتَعَلَّقٌ، وَلَا لِلتَّوَقُّفِ عَنْ تَحْرِيمِهَا مَعْنًى، وَلَا فِي ذَلِكَ شَكٌّ، وَلَا لِأَحَدٍ عَنْ الْقَطْعِ بِتَحْرِيمِهَا عُذْرٌ انْتَهَى.
وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: قَوْلُ ابْنِ بَشِيرٍ حَكَى الْمُخَالِفُ عَنْ الْمَذْهَبِ جَوَازَ أَكْلِ الْمُسْتَقْذَرَاتِ وَكُلُّ الْمَذْهَبِ عَلَى خِلَافِهِ خِلَافُ رِوَايَةِ ابْنِ حَبِيبٍ مَنْ احْتَاجَ إلَى أَكْلِ شَيْءٍ مِنْ الْخَشَاشِ ذَكَّاهُ كَالْجَرَادِ وَالْعَقْرَبِ وَالْخُنْفُسَاءِ وَالْجُنْدُبِ وَالزُّنْبُورِ وَالْيَعْسُوبِ وَالذَّرِّ وَالنَّمْلِ وَالسُّوسِ وَالْحَلَمِ وَالدُّودِ وَالْبَعُوضِ وَالذُّبَابِ انْتَهَى.
وَقَالَ فِي الذَّخِيرَةِ: بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ عَنْ الْجَوَاهِرِ نَحْوَ مَا قَالَهُ ابْنُ بَشِيرٍ فِي الْمُسْتَقْذَرَاتِ مَا نَصُّهُ، وَالْعَجَبُ مِنْ نَقْلِ الْجَوَاهِرِ مَعَ قَوْلِهِ فِي الْكِتَابِ لَا بَأْسَ بِأَكْلِ خَشَاشِ الْأَرْضِ وَهَوَامِّهَا، ثُمَّ قَالَ وَأَيُّ شَيْءٍ بَقِيَ مِنْ الْخَبَائِثِ بَعْدَ الْحَشَرَاتِ وَالْهَوَامِّ وَالْحَيَّاتِ انْتَهَى.
وَقَالَ ابْنُ عَسْكَرٍ فِي الْعُمْدَةِ: وَلَا يَجُوزُ أَكْلُ شَيْءٍ مِنْ النَّجَاسَاتِ كُلِّهَا، وَلَا تُؤْكَلُ الْفَأْرَةُ وَالْمُسْتَقْذِرَات مِنْ خَشَاشِ الْأَرْضِ كَالْوَزَغِ وَالْعَقَارِبِ، وَلَا مَا يُخَافُ ضَرَرُهُ كَالْحَيَّاتِ. وَالنَّبَاتَاتُ كُلُّهَا مُبَاحَةٌ إلَّا مَا فِيهِ ضَرَرٌ أَوْ يُغَطِّي عَلَى الْعَقْلِ انْتَهَى.
(تَنْبِيهَانِ الْأَوَّلُ) : مَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَسْكَرٍ فِي الْوَزَغِ مِنْ أَنَّهُ مِنْ الْخَشَاشِ خِلَافُ مَا صَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ الطِّرَازِ وَخِلَافُ ظَاهِرِ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ قَالَ فِي الطِّرَازِ فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ: وَالْخُشَاشُ بِضَمِّ الْخَاءِ الْحَيَوَانُ الَّذِي لَا دَمَ لَهُ قَالَ قُطْرُبٌ الْخُشَاشُ بِالضَّمِّ خُشَاشُ الْأَرْضِ وَبِالْكَسْرِ الْعَظْمُ الَّذِي فِي أَنْفِ النَّاقَةِ وَبِالْفَتْحِ الرَّجُلُ الْخَفِيفُ الرَّأْسِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَخُشَاشُ الْأَرْضِ الزُّنْبُورُ وَالْعَقْرَبُ وَالصَّرَّارُ وَالْخُنْفُسَاءُ وَبَنَاتُ وَرْدَانَ، وَمَا أَشْبَهَ هَذَا مِنْ الْأَشْيَاءِ وَمِنْ هَذَا الْقَبِيلِ النَّمْلُ وَالْجَرَادُ وَالْعَنْكَبُوتُ، وَلَيْسَ مِنْهُ الْوَزَغُ، وَلَا السَّحَالِي، وَلَا شَحْمَةُ الْأَرْضِ، وَقَالَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ: الْوَزَغُ مِنْ الْخُشَاشِ، وَهُوَ غَلَطٌ؛ لِأَنَّهَا ذَاتُ لَحْمٍ وَدَمٍ مِنْ جِنْسِ الْحَنَشِ انْتَهَى.
وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ هُنَا الْكَافِي لَا يُؤْكَلُ الْوَزَغُ انْتَهَى. وَصَرَّحَ فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ بِأَنَّهُ مِمَّا لَهُ نَفْسٌ سَائِلَةٌ، فَقَالَ: فَمَيْتَةُ بَرِّيٍّ ذِي نَفْسٍ سَائِلَةٍ غَيْرِ إنْسَانٍ كَالْوَزَغِ نَجِسٌ وَنَقِيضُهَا طَاهِرٌ، وَفِي الْآدَمِيِّ قَوْلَانِ انْتَهَى.
وَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَسْكَرٍ فِي الْفَأْرَةِ هُوَ أَحَدُ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ فِيهَا وَالثَّانِي الْكَرَاهَةُ وَالثَّالِثُ الْإِبَاحَةُ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ: وَرَأَيْت فِي مَجْهُولِ التَّهْذِيبِ أَنَّ الْمَشْهُورَ التَّحْرِيمُ انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي رَسْمِ أَوْصَى مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ الصَّلَاةِ: وَالْقَوْلُ بِالْمَنْعِ مِنْ أَكْلِهَا وَنَجَاسَةِ بَوْلِهَا أَظْهَرُ انْتَهَى.
(فَرْعٌ) : قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: قَالَ فِي النَّوَادِرِ: وَمِنْ الْوَاضِحَةِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: بَوْلُهَا أَيْ الْفَأْرَةِ وَبَوْلُ الْوَطْوَاطِ وَبَعْرُهُمَا نَجِسٌ وَفِي الْوَجِيزِ لِابْنِ غَلَّابٍ إلْحَاقُ الْوَطْوَاطِ بِالْفَأْرَةِ فِي الْبَوْلِ وَاللَّحْمِ وَلَعَلَّهُ مِنْ هُنَا أَخَذَهُ انْتَهَى.
الثَّانِي: قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَدُودُ الطَّعَامِ ظَاهِرُ الرِّوَايَاتِ كَغَيْرِهِ، وَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ لَا يَحْرُمُ أَكْلُ دُودِ الطَّعَامِ مَعَهُ وَقَبِلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ ابْنُ هَارُونَ لَمْ أَجِدْهُ إلَّا قَوْلَ أَبِي عُمَرَ رَخَّصَ قَوْمٌ فِي أَكْلِ دُودِ التِّينِ وَسُوسِ الْفُولِ وَالطَّعَامِ وَفِرَاخِ النَّحْلِ لِعَدَمِ النَّجَاسَةِ فِيهِ وَكَرِهَهُ جَمَاعَةٌ وَمَنَعُوا أَكْلَهُ
وَهَذَا لَا يُوجَدُ فِي الْمَذْهَبِ وَقَوْلُ التَّلْقِينِ مَا لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةً كَالْعَقْرَبِ هُوَ كَدَوَابِّ الْبَحْرِ لَا يَنْجُسُ، وَلَا يُنَجِّسُ مَا مَاتَ فِيهِ، وَكَذَا ذُبَابُ الْعَسَلِ وَالْبَاقِلَاء وَدُودُ النَّخْلِ يَدُلُّ عَلَى مُسَاوَاتِهِ لِسَائِرِ الْخَشَاشِ انْتَهَى.
قَالَ الْبُرْزُلِيُّ: بَعْدَ ذِكْرِهِ كَلَامَ ابْنِ عَرَفَةَ قُلْت: هَذَا جَرَى عَلَى حَمْلِهِ مَذْهَبَ الْبَغْدَادِيِّينَ عَلَى أَنَّ الْخَشَاشَ يَفْتَقِرُ لِذَكَاةٍ، وَاَلَّذِي تَلَقَّيْتُهُ مِنْ غَيْرِهِ مِنْ سَائِرِ شُيُوخِنَا عَنْ الْبَغْدَادِيِّينَ أَنَّهُمْ يُبِيحُونَ أَكْلَ الْخَشَاشِ بِغَيْرِ ذَكَاةٍ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ عِنْدِي فِي دُودِ الطَّعَامِ لِمَا تَقَدَّمَ وَلِلْمَشَقَّةِ فِي الِاحْتِرَازِ عَنْهُ كَمَا أَفْتَانَا فِي رَوْثِ الْفَأْرِ إذَا كَثُرَ فِي الطَّعَامِ، فَإِنَّهُ مُغْتَفَرٌ لِلْخِلَافِ فِيهِ وَلِلْمَشَقَّةِ وَقَالَ قَبْلَ نَقْلِهِ كَلَامَ ابْنِ عَرَفَةَ.
: وَسُئِلَ اللَّخْمِيُّ عَمَّنْ أَكَلَ تَمْرَةً فَوَجَدَ فِيهَا دُودَةً حَيَّةً، فَهَلْ يَبْلَعُهَا أَوْ يُلْقِيهَا وَكَيْفَ لَوْ ابْتَلَعَهَا بَعْدَ الْعِلْمِ بِذَلِكَ هَلْ ابْتَلَعَ طَاهِرًا أَوْ نَجِسًا فَيَأْثَمُ وَمِثْلُهُ دُودُ الْخَلِّ وَشَبَهُهُ؟ فَأَجَابَ تَقَدَّمَ الْجَوَابُ عَلَى دُودِ التَّمْرِ وَالْعَسَلِ أَنَّهُ لَيْسَ بِحَرَامٍ انْتَهَى
ثُمَّ ذَكَرَ كَلَامَ ابْنِ عَرَفَةَ وَكَلَامُهُ الْمُتَقَدِّمُ وَقُبِلَ فِي التَّوْضِيحِ قَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَقَالَ: (فَإِنْ قُلْت) رَوَى أَبُو دَاوُد «أَنَّهُ عليه السلام أُوتِيَ بِتَمْرٍ عَتِيقٍ، فَجَعَلَ يُفَتِّشُهُ يُخْرِجُ السُّوسَ» ، وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى التَّحْرِيمِ أَوْ الْكَرَاهَةِ (فَالْجَوَابُ) : أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لِإِعَافَةِ نَفْسِهِ صلى الله عليه وسلم كَمَا فَعَلَ فِي الضَّبِّ، فَإِنْ انْفَرَدَ عَنْ الطَّعَامِ، فَلَا شَكَّ أَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ الْخُشَاشِ انْتَهَى. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَعَصِيرٌ وَفُقَّاعٌ وَسُوبْيَا وَعَقِيدٌ أُمِنَ سَكَرُهُ)
ش: الْعَصِيرُ هُوَ مَاءُ الْعِنَبِ أَوَّلَ عَصْرِهِ وَالْفُقَّاعُ شَرَابٌ يُتَّخَذُ مِنْ الْقَمْحِ وَالتَّمْرِ وَنَحْوِهِ وَالسُّوبْيَا قَرِيبَةٌ مِنْ الْفُقَّاعِ وَالْعَقِيدُ هُوَ الْعَصِيرُ إذَا عُقِدَ عَلَى النَّارِ قَالَ الشَّيْخُ زَرُّوقٌ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ: الْعَصِيرُ مَاءُ الْعِنَبِ أَوَّلَ عَصْرِهِ بِلَا زَائِدٍ وَالْفُقَّاعُ مَاءٌ جُعِلَ فِيهِ الزَّبِيبُ وَنَحْوُهُ حَتَّى انْحَلَّ إلَيْهِ دُونَ إسْكَارٍ وَفِي الْجَوَاهِرِ هِيَ حَلَالٌ مَا لَمْ تَدْخُلْهَا الشِّدَّةُ الْمُطْرِبَةُ وَالسُّوبْيَا فُقَّاعٌ يَمِيلُ إلَى الْحُمُوضَةِ وَالْعَقِيدُ هُوَ الْعَصِيرُ الْمَغْلِيُّ عَلَى النَّارِ حَتَّى يَنْعَقِدَ وَيَذْهَبَ مِنْهُ الْإِسْكَارُ، وَهُوَ الْمُسَمَّى عِنْدَنَا بِالرُّبِّ الصَّامِتِ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: فِي كِتَابِ الْأَشْرِبَةِ، وَكُنْتُ أَسْمَعُ أَنَّ الْمَطْبُوخَ إذَا ذَهَبَ ثُلُثَاهُ لَمْ يُكْرَهْ، وَلَا أَرَى ذَلِكَ وَلَكِنْ إذَا طُبِخَ حَتَّى لَا يُسْكِرَ كَثِيرُهُ حَلَّ، فَإِنْ أَسْكَرَ كَثِيرُهُ حَرُمَ قَلِيلُهُ انْتَهَى.
قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ: لِأَنَّ الْعِنَبَ إذَا كَثُرَتْ مَائِيَّتُهُ احْتَاجَ إلَى طَبْخٍ كَثِيرٍ أَوْ قَلَّتْ فَطَبْخٌ قَلِيلٌ، وَذَلِكَ مُخْتَلِفٌ فِي أَقْطَارِ الْأَرْضِ انْتَهَى.
وَقَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَعَصِيرُ الْعِنَبِ وَنَقِيعُ الزَّبِيبِ وَجَمِيعُ الْأَنْبِذَةِ حَلَالٌ مَا لَمْ تُسْكِرْ مِنْ غَيْرِ تَوْقِيتٍ بِزَمَانٍ، وَلَا هَيْئَةٍ انْتَهَى. بِالْمَعْنَى، وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ أُمِنَ سَكَرُهُ رَاجِعٌ إلَى الثَّلَاثَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَالَ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ أَيْضًا: وَأَمَّا مَا يُغَطِّي الْعَقْلَ فَلَا خِلَافَ فِي تَحْرِيمِ الْقَدْرِ الْمُغَطِّي مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَمَا لَا يُغَطِّي مِنْ الْمُسْكِرِ كَمَا يُغَطِّي لِقَوْلِهِ عليه السلام «مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ» ، وَإِنَّمَا هِيَ أَرْبَعٌ الْخَمْرُ، وَهُوَ مَا فِيهِ طَرَبٌ وَشِدَّةٌ وَنَشْوَةٌ، وَيُغَيِّبُ الْعَقْلَ دُونَ الْحَوَاسِّ، وَالْبَنْجُ وَهِيَ الْحَشِيشَةُ، وَقَدْ اُخْتُلِفَ هَلْ هِيَ مُسْكِرَةٌ أَوْ مُفْسِدَةٌ وَالْمُفْسِدُ مَا صَوَّرَ خَيَّالَاتٍ دُونَ تَغْيِيبِ حَوَاسَّ، وَلَا طَرَبٍ، وَلَا نَشْوَةٍ، وَلَا شِدَّةٍ، وَلَا خِلَافَ فِي