الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْهِبَةِ، وَالصَّدَقَةُ لَا عِوَضَ فِيهَا أَلْبَتَّةَ.
(فَإِنْ قُلْت) لَفْظُ الْإِبَاحَةِ وَالتَّمْلِيكِ وَالتَّحْلِيلِ لَا يَسْتَلْزِمُ الْعِوَضَ فَيَنْبَغِي أَنْ تَلْحَقَ بِهِ الْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ لِاشْتِرَاكِ الْجَمِيعِ فِي عَدَمِ شَرْطِ الْعِوَضِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ.
(قُلْت) هِيَ وَإِنْ اشْتَرَكَتْ فِيمَا ذَكَرْتُهُ إلَّا أَنَّ الْإِبَاحَةَ وَالتَّحْلِيلَ وَالتَّمْلِيكَ كَمَا لَا تَدُلُّ عَلَى شَرْطِ الْعِوَضِ لَا تَدُلُّ عَلَى نَفْيِهِ بِخِلَافِ الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَدُلُّ عَلَى نَفْيِ الْعِوَضِ ظَاهِرًا فَاحْتِيجَ فِي التَّعْرِيضِ إلَى التَّسْمِيَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ انْتَهَى
ص (وَكَقَبِلْت)
ش: يَعْنِي أَنَّ الصِّيغَةَ الْمَطْلُوبَةَ مِنْ الزَّوْجِ هِيَ كُلُّ مَا دَلَّ عَلَى قَبُولِهِ كَقَبِلْت وَقَالَ فِي الْكَبِيرِ وَرَضِيت وَاخْتَرْت انْتَهَى، وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: وَمِنْ الزَّوْجِ مَا يَدُلُّ عَلَى الْقَبُولِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: دُونَ صِيغَةٍ مُتَعَيِّنَةٍ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَكَذَلِكَ الْإِشَارَةُ خَلِيلٌ: وَلَا أَعْلَمُ نَصًّا فِي الْإِشَارَةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا لَا تَكْفِي مِنْ جِهَةِ الزَّوْجِ، أَمَّا أَوَّلًا فَلِأَنَّ النِّكَاحَ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الشَّهَادَةِ وَلَا تُمْكِنُ إلَّا مَعَ التَّصْرِيحِ مِنْ الْوَلِيِّ وَالزَّوْجِ لِيَقَعَ الْإِشْهَادُ عَلَيْهَا، وَأَمَّا ثَانِيًا فَلِأَنَّ قَوْلَهُ وَمِنْ الزَّوْجِ مَعْطُوفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ تَقْدِيرُهُ الصِّيغَةُ مِنْ جَانِبِ الْوَلِيِّ كَذَا وَمِنْ جِهَةِ الزَّوْجِ كَذَا وَعَلَى هَذَا فَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُ بِقَوْلِهِ كُلُّ لَفْظٍ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ تَعْيِينٌ كَمَا فِي صِيغَةِ الْإِيجَابِ انْتَهَى، وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ أَبُو عُمَرَ إشَارَةُ الْأَخْرَسِ بِهِ كَلَفْظِهِ انْتَهَى.
وَقَالَ الشَّيْخُ زَرُّوق فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ أَبُو عُمَرَ إشَارَةُ الْأَخْرَسِ كَافِيَةٌ إجْمَاعًا انْتَهَى وَانْظُرْ ابْنَ فَرْحُونٍ وَقَالَ فِي الْجَوَاهِرِ وَيَكْفِي أَنْ يَقُولَ الزَّوْجُ: قَبِلْت إذَا تَقَدَّمَ مِنْ الْوَلِيِّ الْإِيجَابُ وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَقُولَ: قَبِلْت نِكَاحَهَا وَيَنْعَقِدُ النِّكَاحُ بِالْإِيجَابِ وَالِاسْتِيجَابِ فَلَوْ قَالَ لِأَبِي الْبِكْرِ، أَوْ لِأَبِي الثَّيِّبِ: وَقَدْ أَذِنَتْ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَهَا: زَوِّجْنِي فُلَانَةَ، فَقَالَ: قَدْ فَعَلْت، أَوْ قَالَ: قَدْ زَوَّجْتُكَ فَقَالَ الْخَاطِبُ: لَا أَرْضَى فَقَدْ لَزِمَ النِّكَاحُ انْتَهَى.
وَنَحْوُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَسَيَأْتِي وَقَالَ الشَّيْخُ زَرُّوق فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ: وَالِاسْتِيجَابُ طَلَبُ الْإِيجَابِ بِقَوْلِهِ: زَوِّجْنِي، فَيَقُولُ: فَعَلْت، أَوْ يَقُولُ: قَدْ زَوَّجْتُكَ فَيَقُولُ: قَبِلْت، وَالْحَاصِلُ أَنَّ خُلُوَّ النِّكَاحِ عَنْ الصِّيغَةِ لَا يَصِحُّ مَعَهَا وَكَوْنُهَا مِنْ أَحَدِ الْجِهَتَيْنِ كَافٍ انْتَهَى قَالَهُ فِي الْجَوَاهِرِ وَتَبِعَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ فَقَالَ: يَكْفِي كُلُّ لَفْظٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ انْتَهَى.
وَيَعْنِي الشَّيْخُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ الصِّيغَةَ الْمَخْصُوصَةَ الَّتِي فِيهَا الْإِنْكَاحُ وَالتَّزْوِيجُ لَا مُطْلَقَ الصِّيغَةِ وَكَلَامُ صَاحِبِ الْجَوَاهِرِ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ هُوَ مَا تَقَدَّمَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَبِزَوِّجْنِي فَيَفْعَلُ)
ش: أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ التَّرْتِيبَ لَيْسَ بِشَرْطٍ إلَّا أَنَّهُ الْأَوْلَى وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَلَازِمُ اسْتِيجَابِ خِطْبَةِ الْخَاطِبِ تَقْدِيمُ إعْطَاءِ الْوَلِيِّ وَتَأْخِيرُ قَبُولِ الزَّوْجِ انْتَهَى.
وَلَمْ يَظْهَرْ لِي وَجْهُ الْمُلَازَمَةِ فَتَأَمَّلْهُ وَلَا يُقَالُ: وَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ بَدَأَ الزَّوْجُ لَمْ يَقَعْ الْحَمْدُ وَالثَّنَاءُ فِي ابْتِدَاءِ الْأَمْرِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الزَّوْجَ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَخْطُبَ عِنْدَ قَبُولِهِ، ثُمَّ إنَّ كَلَامَهُ إنَّمَا هُوَ فِي الْأَوْلَى كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
[تَنْبِيهٌ الْخِيَارُ فِي عَقْدٌ النِّكَاحُ]
(تَنْبِيهٌ) قَالَ فِي الْقَوَانِينِ: وَالنِّكَاحُ عَقْدٌ لَازِمٌ لَا يَجُوزُ فِيهِ الْخِيَارُ خِلَافًا لِأَبِي ثَوْرٍ وَيَلْزَمُ فِيهِ الْفَوْرُ فِي الطَّرَفَيْنِ فَإِنْ تَرَاخَى الْقَبُولُ عَنْ الْإِيجَابِ يَسِيرًا جَازَ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا يَجُوزُ مُطْلَقًا وَأَجَازَهُ أَبُو حَنِيفَةَ مُطْلَقًا انْتَهَى، وَمَا قَالَهُ ظَاهِرٌ جَارٍ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ بَعْدُ فِي الَّذِي يَقُولُ إنْ: مِتُّ فَقَدْ زَوَّجْت ابْنَتِي مِنْ فُلَانٍ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِي الصِّحَّةِ وَإِنَّمَا أَجَازُوهُ فِي الْمَرَضِ؛ لِأَنَّ أَصْبَغَ قَالَ: عَلَى أَنَّهُ مُجْمَعٌ عَلَى إجَازَتِهِ وَهُوَ مِنْ وَصَايَا الْمُسْلِمِينَ وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ اللَّخْمِيِّ: لَوْلَا الْإِجْمَاعُ الَّذِي نَقَلَهُ أَصْبَغُ وَإِلَّا فَالْقِيَاسُ الْمَنْعُ؛ لِأَنَّ الْمَرَضَ قَدْ يَطُولُ فَيَتَأَخَّرُ الْقَبُولُ عَنْ الْإِيجَابِ بِالسَّنَةِ وَنَحْوِهَا، وَكَأَنَّهُمْ لَاحَظُوا أَنَّ الْمَرِيضَ مُضْطَرٌّ إلَى ذَلِكَ وَلِذَلِكَ اُخْتُلِفَ فِي الصَّحِيحِ انْتَهَى.
، وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي رَسْمِ حَلَفَ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ النِّكَاحِ اُخْتُلِفَ إذَا قَالَ الرَّجُلُ فِي حَيَاتِهِ: إنْ فَعَلَ فُلَانٌ كَذَا فَقَدْ زَوَّجْتُهُ ابْنَتِي فَقَالَ مَالِكٌ فِي رَسْمِ سِنٍّ بَعْدَ هَذَا فِي الَّذِي يَقُولُ إنْ جَاءَنِي فُلَانٌ بِخَمْسِينَ فَقَدْ زَوَّجْتُهُ ابْنَتِي: لَا يُعْجِبُنِي هَذَا النِّكَاحُ وَلَا تَزْوِيجَ لَهُ وَانْظُرْ كَلَامَ الْقَرَافِيِّ فِي كَيْفِيَّةِ أَدَاءِ
الشَّهَادَةِ وَكَلَامَ ابْنِ عَرَفَةَ فِي بَابِ الشَّهَادَاتِ فِي الْكَلَامِ عَلَى أَدَاءِ الشَّهَادَةِ
ص (وَلَزِمَ وَإِنْ لَمْ يَرْضَ)
ش: يَعْنِي أَنَّ الرَّجُلَ إذَا قَالَ لِوَلِيِّ الْمَرْأَةِ الْمُجْبِرِ لَهَا وَالْمُفَوَّضِ إلَيْهِ نِكَاحُهَا: زَوِّجْنِي وَلِيَّتَكَ فَقَالَ: قَدْ فَعَلْت، فَقَالَ الزَّوْجُ: لَا أَرْضَى بِذَلِكَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ النِّكَاحُ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: قُلْت هَازِلًا قَالَ فِي النِّكَاحِ الْأَوَّلِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: وَإِنْ قَالَ الْخَاطِبُ لِلْأَبِ فِي الْبِكْرِ، أَوْ لِوَصِيٍّ مُفَوَّضٍ إلَيْهِ زَوِّجْنِي فُلَانَةَ بِمِائَةٍ فَقَالَ قَدْ فَعَلْت، ثُمَّ قَالَ الْخَاطِبُ لَا أَرْضَى لَمْ يَنْفَعْهُ وَلَزِمَهُ النِّكَاحُ بِخِلَافِ الْبَيْعِ، قَالَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ: ثَلَاثٌ لَيْسَ فِيهِنَّ لَعِبٌ هَزْلُهُنَّ جِدٌّ: النِّكَاحُ، وَالطَّلَاقُ، وَالْعَتَاقُ انْتَهَى.
قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّهُ فَهِمَ مِنْ قَوْلِ الزَّوْجِ: لَا أَرْضَى وَأَنَّ الزَّوْجَ أَنْشَأَ مَا يَقْتَضِي الرِّضَا بَعْدَ قَوْلِ الْوَلِيِّ قَدْ فَعَلْت وَلَيْسَ بِظَاهِرٍ؛ لِأَنَّا قَدْ بَيَّنَّا أَنَّ قَوْلَ الزَّوْجِ زَوِّجْنِي يَقُومُ مَقَامَ الرِّضَا انْتَهَى، يَعْنِي أَنَّ ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ فَهِمَ مِنْ قَوْلِ الزَّوْجِ لَا أَرْضَى أَنَّ الزَّوْجَ أَنْشَأَ مَا يَقْتَضِي الرِّضَا بَعْدَ قَوْلِ الْوَلِيِّ: قَدْ فَعَلْت فَلِأَجْلِ ذَلِكَ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ: لَا يَرْضَى، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَقُمْ مِنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا؛ لَمْ يَلْزَمْهُ وَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ مَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لَيْسَ بِظَاهِرٍ ظَاهِرٌ، ثُمَّ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ النِّكَاحِ وَالْبَيْعِ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ هَزْلَ النِّكَاحِ جِدٌّ عَلَى الْمَشْهُورِ وَالثَّانِي: أَنَّ الْعَادَةَ جَارِيَةٌ بِمُسَاوَمَةِ السِّلَعِ وَإِيقَافِهَا لِلْبَيْعِ فِي الْأَسْوَاقِ فَنَاسَبَ أَنْ لَا يَلْزَمَ ذَلِكَ فِي الْبَيْعِ إذَا حَلَفَ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ قَصَدَ مَعْرِفَةَ الْأَثْمَانِ وَلَا كَذَلِكَ النِّكَاحُ انْتَهَى.
(تَنْبِيهٌ) فُهِمَ مِنْ هَذَا أَنَّ هَزْلَ النِّكَاحِ لَازِمٌ وَلَوْ عُلِمَ أَنَّهُ قَصَدَ الْهَزْلَ، وَبِذَلِكَ صَرَّحَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الشُّيُوخِ قَالَ فِي النَّوَادِرِ وَعَنْ كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ قَالَ مَالِكٌ: مَنْ قَالَ لِرَجُلٍ وَهُوَ يَلْعَبُ زَوِّجْ ابْنَتَكَ مِنْ ابْنِي وَأَنَا أُمْهِرُهَا كَذَا فَقَالَ الْآخَرُ: عَلَى ضَحِكٍ وَلَعِبٍ أَتُرِيدُ ذَلِكَ؟
قَالَ: نَعَمْ زَوَّجْتُكَ وَهُوَ يَضْحَكُ فَقَالَ: قَدْ زَوَّجْتُهُ، فَذَلِكَ نِكَاحٌ لَازِمٌ لِلْأَبَوَيْنِ أَنْ يَفْسَخَاهُ إذَا رَضِيَا يُرِيدُ عَلَى وَجْهِ الْخُلْعِ وَالْمُبَارَاةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: ثَلَاثٌ لَا لَعِبَ فِيهِنَّ: النِّكَاحُ، وَالطَّلَاقُ، وَالْعَتَاقُ. وَكَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ يُنَاكِحُ وَيَقُولُ: كُنْتُ لَاعِبًا وَكَذَلِكَ يَقُولُ فِي الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ {وَلا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا} [البقرة: 231] انْتَهَى.
، وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي سَمَاعِ أَبِي زَيْدٍ مِنْ كِتَابِ النِّكَاحِ فِي رَجُلٍ أَحْضَرَ رَجُلًا فَقِيلَ: نَرَاكَ تُبْصِرُ هَذَا وَقَدْ بَلَغَنَا أَنَّهُ خَتْنُكَ، فَقَالَ: نَعَمْ أُبْصِرُهُ وَاشْهَدُوا أَنِّي قَدْ زَوَّجْتُهُ ابْنَتِي فَقِيلَ لَهُ: بِكَمْ؟ فَقَالَ: بِمَا شَاءَ، ثُمَّ قَامَ الرَّجُلُ فَقَالَ: امْرَأَتِي فَقَالَ: الْأَبُ وَاَللَّهِ مَا كُنْتُ إلَّا لَاعِبًا فَقَالَ: يَحْلِفُ الْأَبُ بِاَللَّهِ مَا كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ عَلَى وَجْهِ النِّكَاحِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ قِيلَ لَهُ: طَلَبَ ذَلِكَ بِحِدْثَانِهِ، أَوْ بَعْدَ ذَلِكَ بِيَوْمَيْنِ؟
قَالَ: ذَلِكَ سَوَاءٌ. قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: هَذَا مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ: مِثْلُ مَا حَكَاهُ أَبُو عُبَيْدٍ عَنْ مَالِكٍ وَرَوَاهُ الْوَاقِدِيُّ عَنْهُ مِنْ أَنَّ هَزْلَ النِّكَاحِ هَزْلٌ وَلَا يَجُوزُ مِنْهُ إلَّا مَا كَانَ عَلَى وَجْهِ الْجِدِّ خِلَافُ الْمَشْهُورِ الْمَعْلُومِ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ أَنَّ هَزْلَهُ جِدٌّ عَلَى مَا جَاءَ فِي ذَلِكَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ السَّلَفِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَغَيْرِهِمَا انْتَهَى.
وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ فِي شَرْحِ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ: وَفِي الْهَزْلِ فِي الطَّلَاقِ وَالنِّكَاحِ وَالْعِتْقِ ثَالِثُهَا إنْ قَامَ عَلَيْهِ دَلِيلٌ لَمْ يَلْزَمْهُ مَا نَصُّهُ: يَلْحَقُ بِالثَّلَاثِ الرَّجْعَةُ وَالْمَشْهُورُ اللُّزُومُ لِمَا فِي التِّرْمِذِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «ثَلَاثٌ هَزْلُهُنَّ جِدٌّ: النِّكَاحُ وَالطَّلَاقُ وَالرَّجْعَةُ» وَهُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ وَالْقَوْلُ بِعَدَمِ اللُّزُومِ فِي السُّلَيْمَانِيَّة لَكِنْ إنَّمَا ذَكَرَهُ فِي النِّكَاحِ، وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ نَقَلَهُ ابْنُ شَاسٍ عَنْ اللَّخْمِيِّ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَاَلَّذِي يَحْكِيهِ غَيْرُ وَاحِدٍ إنَّمَا هُوَ قَوْلَانِ وَمَا ذَكَرَ مِنْ الْقَوْلِ الثَّالِثِ وَهُوَ شَرْطُ قِيَامِ دَلِيلٍ عَلَى عَدَمِ اللُّزُومِ يَعُدُّونَهُ مِنْ تَمَامِ الْقَوْلِ الثَّانِي؛ لِأَنَّ الْهَزْلَ لَا يَثْبُتُ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى لَكِنْ ذَكَر بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّهُ اُخْتُلِفَ أَنَّهُ إذَا قَالَ: تُزَوِّجُنِي وَلِيَّتَكَ، أَوْ تَبِيعُنِي سِلْعَتَكَ فَقَالَ: قَدْ بِعْتُهَا مِنْ فُلَانٍ، أَوْ زَوَّجْتُهَا عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْوَالٍ: يَلْزَمُ وَلَا يَلْزَمُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ أَنْ يَدَّعِيَ ذَلِكَ بِأَمْرٍ مُتَقَدِّمٍ، أَوْ لَا