المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[أحرم قبل ميقاته المكاني] - مواهب الجليل في شرح مختصر خليل - جـ ٣

[الحطاب]

فهرس الكتاب

- ‌[فَرْعٌ الِاسْتِنَابَةِ فِي الْعُمْرَةِ]

- ‌[فَرْعٌ النِّيَابَةُ فِي الْحَجِّ إنْ كَانَتْ بِغَيْرِ أُجْرَةٍ]

- ‌[فَرْعٌ عَيَّنَ الْمَيِّتُ لِلْحَجِّ عَبْدًا أَوْ صَبِيًّا]

- ‌[أَحْرَمَ قَبْلَ مِيقَاتِهِ الْمَكَانِيِّ]

- ‌[فَرْعٌ مَنْ أَحْرَمَ مِنْ ذِي الْحَلِيفَة]

- ‌[فَرْعٌ نَذَرَ أَنْ يَصُومَ بَعْضًا أَوْ يَعْتَكِفَ اللَّيْلَ دُونَ النَّهَارِ]

- ‌[فَرْعٌ شَكَّ هَلْ أَفْرَدَ أَوْ قَرَنَ]

- ‌[فَائِدَةٌ مُثَلَّثَاتُ الْحَجِّ]

- ‌[تَنْبِيهَانِ الْقَارِن بَيْن الْحَجّ وَالْعُمْرَة وَالدَّاخِل قَبْل أشهر الْحَجّ]

- ‌[فَرْعٌ تَمَتَّعَ ثُمَّ ذَكَرَ بَعْدَ أَنْ حَلَّ مِنْ حَجِّهِ أَنَّهُ نَسِيَ شَوْطًا]

- ‌[تَنْبِيه مِنْ وَاجِبَاتِ الطَّوَافِ]

- ‌[تَنْبِيهَاتٌ نَوَى طَوَافَ الْقُدُومِ وَاعْتَقَدَ أَنَّهُ سُنَّةٌ]

- ‌[فَرْعٌ نَسِيَ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ وَسَهَا عَنْ ذَكَرِهِمَا]

- ‌[فَرْعٌ أَحْرَمَ بَعْدَ سَعْيِهِ بِعُمْرَةٍ]

- ‌[فَرْعٌ قَدِمَ عَرَفَاتٍ وَهُوَ نَائِمٌ فِي مَحْمَلِهِ وَأَقَامَ فِي نَوْمِهِ حَتَّى دَفَعَ النَّاسُ وَهُوَ مَعَهُمْ]

- ‌[فَرْعٌ شَرِبَ مُسْكِرًا حَتَّى غَابَ عَقْلُهُ اخْتِيَارًا وَفَاته الْوُقُوف بعرفة]

- ‌[تَنْبِيه سَوْقَ الْهَدْيِ]

- ‌[فَرْعٌ التَّنَفُّلُ فِي الْبَيْتِ الحرام]

- ‌[فَرْعٌ الرَّمْي بالحجر الْمُتَنَجِّس]

- ‌[فَصْلٌ تُخَالِفُ الْمَرْأَةُ الرَّجُلَ فِي عَشَرَةِ أَشْيَاءَ فِي الْحَجِّ]

- ‌[فَرْعٌ الْمَرْأَة الْمُحْرِمَة تَجَافِي رِدَائِهَا عَنْ وَجْهِهَا]

- ‌[فَرْعٌ كَانَ الْمِيقَاتُ لَا يُوجَدُ فِيهِ النَّعْلُ لِلشِّرَاءِ فَهَلْ يَلْزَمُهُ أَنْ يُعِدَّهَا قَبْلَ ذَلِكَ]

- ‌[فَرْعٌ فِي تَرْكَ الِاسْتِظْلَالِ يَوْمِ عَرَفَةَ]

- ‌[فَرْعٌ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ أَنَّ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَتَسَوَّكَ]

- ‌[فَائِدَةٌ لَا بَأْسَ أَنْ يُحْرِمَ الرَّجُلُ فِي البركانات وَالطَّيَالِسَةِ الْكُحْلِيَّةِ]

- ‌[فَرْعٌ نَوْمُ الْمُحْرِمُ عَلَى شَيْءٍ مَصْبُوغٍ]

- ‌[فَرْعٌ فِي مَنْ أَحْرَمَ فِي ثَوْبٍ فِيهِ لُمْعَةٌ مِنْ الزَّعْفَرَانِ]

- ‌[فَرْعٌ الثَّوْبِ إذَا كَانَ غَيْرَ جَدِيدٍ هَلْ يُحْرِمُ فِيهِ وَلَا يَغْسِلُهُ]

- ‌[فَرْعٌ التَّحَرِّي فِي ثَوْبَيْ إحْرَامِهِ حِلَّ مِلْكِهِمْ وخلوصية أَصْلِهِمَا]

- ‌[فَرْعٌ الْإِحْرَامُ فِي ثَوْبٍ فِيهِ عَلَمُ حَرِيرٍ]

- ‌[فَرْعٌ الرَّجُلِ يُحْرِمُ فِي ثَوْبٍ فِيهِ رِيحُ الْمِسْكِ وَالطِّيبِ]

- ‌[فَرْعٌ الْإِحْرَامَ فِي ثَوْبٍ مُصَبَّغٍ بِدُهْنٍ]

- ‌[فَرْعٌ حُكْم الْحَشَائِشُ وَشَبَهُهُ مِمَّا يُشَمُّ وَلَا يُتَطَيَّبُ بِهِ لِلْمُحْرِمِ]

- ‌[فَرْعٌ فِي لُبْسُ السَّرَاوِيلِ لِلْمُحْرِمَةِ وَغَيْرِ الْمُحْرِمَةِ]

- ‌[فَرْعٌ لَا بَأْسَ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يُنَقِّيَ مَا تَحْتَ أَظَافِرِهِ مِنْ الْوَسَخِ]

- ‌[فَرْعٌ إذَا قَطَّرَ الْمُحْرِم فِي أُذُنَيْهِ بَانًا غَيْرَ مُطَيَّبٍ لِوَجَعٍ أَوْ جَعَلَهُ فِي فِيهِ]

- ‌[فَرْعٌ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَأْتَدِمَ بِالزَّيْتِ والشيرج وَيَسْتَعِطَ بِهِمَا]

- ‌[فَرْعٌ شُرْبُ الْمُحْرِمُ مَا فِيهِ طِيبٌ]

- ‌[فَرْعٌ فِي الدَّهْنِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ]

- ‌[فَرْعٌ افْتَدَى الْمُحْرِم مِنْ شَيْءٍ قَبْلَ فِعْلِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْإِحْرَامَ مَانِعٌ مِنْ الِاصْطِيَادِ وَعَقْدِ النِّكَاحِ]

- ‌[فَرْعٌ إذَا أَوْدَعَ حَلَالٌ حَلَالًا صَيْدًا بِالْحِلِّ ثُمَّ أَحْرَمَ رَبُّهُ]

- ‌[فَرْعٌ ابْتَاعَ حَلَالَانِ بِالْخِيَارِ ثُمَّ أَحْرَمَا بَعْدَ عَقْدِ الْبَيْعِ]

- ‌[تَنْبِيهَاتٌ أَرْسَلَهُ عَلَى بَعِيدٍ مِنْ الْحَرَمِ فَقَتَلَهُ قُرْبَ الْحَرَمِ]

- ‌[فَرْعٌ طَرْدُ الْمُحْرِم الصَّيْدِ عَنْ طَعَامِهِ أَوْ رَحْلِهِ]

- ‌[فَرْعٌ الصَّيْد إذَا ذُبِحَ لِيُبَاعَ لِلْمُحْرِمِ أَوْ لِيُهْدَى لَهُ]

- ‌[حُكْم صِيد حَلَّ لِحِلٍّ وَإِنْ أَحْرَمَ بَعْدَ ذَلِكَ]

- ‌[تَنْبِيهَانِ صَادَ الْحَمَامَ فِي الْحِلِّ ثُمَّ أَدْخَلَهُ الْحَرَمَ]

- ‌[فَرْعٌ لَا بَأْسَ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَذْبَحَ الْأَنْعَامَ كُلَّهَا]

- ‌[فَرْعٌ إذَا وَجَبَ عَلَى الْمُحْرِم هَدَيَانِ]

- ‌[فَرْعٌ صَامَ الْمُحْرِم ثَلَاثَةً ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ صَوْمِ السَّبْعَةِ]

- ‌[فَرْعٌ إذَا سِيقَ الْهَدْيُ فِي إحْرَامٍ]

- ‌[فَائِدَةٌ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ هِيَ يَوْمُ النَّحْرِ وَثَلَاثَةٌ بَعْدَهُ]

- ‌[فَرْعٌ إذَا كَانَ الْهَدْيُ مِمَّا يُقَلَّدُ وَيُشْعَرُ]

- ‌[فَرْعٌ الْأَحْسَنُ أَنْ يُبَاشِرَ الْهَدْي ذَلِكَ بِنَفْسِهِ وَأَنْ يُحْرِمَ إذَا دَخَلَ بِهِ]

- ‌[تَنْبِيهٌ فِي الرَّجُلِ يُحْرِمُ بِعُمْرَةٍ وَيَسُوقُ فِيهَا الْهَدْيَ ثُمَّ يَبْدُو لَهُ فَيُرْدِفُ الْحَجَّ]

- ‌[فَرْعٌ وَيُسْتَحَبُّ لِهَذِهِ الْمُرْدِفَةِ أَنْ تَعْتَمِرَ بَعْدَ فَرَاغِهَا مِنْ الْقِرَانِ]

- ‌[فَرْعٌ مِنًى كُلُّهَا مَنْحَرٌ]

- ‌[فَرْعٌ إذَا لَمْ يَهْتَدِ الْمُحْرِم لِلذَّبْحِ بِنَفْسِهِ]

- ‌[فَرْعٌ حُكْمَ بَيْعِ شَيْءٍ مِنْ لَحْمِ الْهَدْيِ وَالِاسْتِئْجَارِ بِهِ]

- ‌[فَرْعٌ إذَا نَحَرَ الْهَدْيَ غَيْرُ صَاحِبِهِ عَنْ صَاحِبِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مِنْ مَنَعَهُ عَدُوٌّ أَوْ فِتْنَةٌ عَنْ الْحَجّ]

- ‌[فَرْعٌ إذَا أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِي الْإِحْرَامِ فَأَحْرَمَ وَكَانَ لَا يَسْتَطِيعُ الْمَسِيرَ]

- ‌[بَابُ الذَّكَاةِ]

- ‌[فَرْعٌ ذَبِيحَةُ الْعَبْدِ]

- ‌[فَرْعٌ ذَبِيحَةُ الْأَقْلَفِ]

- ‌[فَرْعٌ ذَبِيحَةُ الْأَخْرَسِ]

- ‌[فُرُوعٌ لَوْ غَلَبَتْهُ قَبْلَ تَمَامِ الذَّكَاةِ فَقَامَتْ ثُمَّ أَضْجَعَهَا وَأَتَمَّ الذَّكَاةَ]

- ‌[فَرْعٌ ذَبِيحَةُ الْغُلَامِ أَبُوهُ نَصْرَانِيٌّ وَأُمُّهُ مَجُوسِيَّةٌ]

- ‌[فَرْعٌ الذَّبْحُ لِعَوَامِرِ الْجَانِّ]

- ‌[فَرْعٌ صَيْدَ الْجَاهِلِ لِحُدُودِ الصَّيْدِ]

- ‌[فَرْعٌ إذَا مَاتَ الصَّيْدُ فِي أَفْوَاهِ الْكِلَابِ مِنْ غَيْرِ بَضْعٍ]

- ‌[فَرْعٌ الْخَيْلُ فِي الذَّكَاةِ كَالْبَقَرِ]

- ‌[فَرْعٌ نَحَرَ مَا يُذْبَحُ أَوْ بِالْعَكْسِ نَاسِيًا]

- ‌[فَرْعٌ فِي مِنْ يَذْبَحُ الْحَمَامَ وَالطَّيْرَ وَهُوَ قَائِمٌ]

- ‌[فَرْعٌ فِي خِفَّةِ ذَبْحِ شَاةٍ وَأُخْرَى تَنْظُرُ]

- ‌[فَرْعٌ فِي رَجُلٍ قَدْ أَضْجَعَ شَاةً وَهُوَ يَحُدُّ شَفْرَةً]

- ‌[فَرْعٌ فِي كَرَاهَةِ أَكْلِ الْبَقَرِ تُعَرْقَبُ عِنْدَ الذَّبْحِ]

- ‌[السَّفِينَةَ إذَا وَثَبَتَ فِيهَا سَمَكَةٌ فَوَقَعَتْ فِي حِجْرِ إنْسَانٍ]

- ‌[فَرْعٌ قَالَ رَبُّ الصَّيْد نَدَّ مِنِّي مُنْذُ يَوْمَيْنِ وَقَالَ الصَّائِدُ لَا أَدْرِي مَتَى نَدَّ مِنْكَ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ فِي مِنْ رَهَنَ أَصْلًا وَحَوَّزَ لِلْمُرْتَهِنِ رَسْمَهُ الْمَكْتُوبَ فَتَلِفَ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ]

- ‌[فَرْعٌ أَكْلِ الْمَشِيمَةِ]

- ‌[فَرْعٌ أَكُلّ مَا فِي بَطْن الدَّجَاجَةُ]

- ‌[فَرْعٌ الْخَشَاشَ لَا يُؤْكَلُ إلَّا بِذَكَاةٍ]

- ‌[بَابٌ الْمُبَاحُ طَعَامٌ طَاهِرٌ]

- ‌[فَائِدَةٌ أَسْمَاءُ الْأَنْبِذَةِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ]

- ‌[تَنْبِيهٌ حُكْم أَكْلِ الْمَيْتَةِ لِلْعَاصِيَّ بِسَفَرِهِ]

- ‌[فَرْعٌ إذَا أُكِلَ الْخِنْزِيرُ يُسْتَحَبُّ لَهُ تَذْكِيَتُهُ]

- ‌[فَرْعٌ وَلَوْ وَجَدَ حِمَارًا أَهْلِيًّا لَأَكَلَهُ وَلَمْ يَأْكُلْ الصَّيْدَ]

- ‌[فَرْعٌ يُوجَدُ فِي وَسَطِ صُفَارِ الْبَيْضِ أَحْيَانًا نُقْطَةُ دَمٍ هَلْ هِيَ طَاهِرَة]

- ‌[فَرْعٌ إذَا وُجِدَتْ الْخَمْر عِنْد أَحَد مِنْ الْمُسْلِمِينَ]

- ‌[فُرُوعٌ فِي شَرَابُ خَلِيطَيْنِ]

- ‌[بَابٌ فِي الْأُضْحِيَّةُ]

- ‌[فَرْعٌ حُكْم الْأُضْحِيَّة إذَا أسلم بَعْد الْفَجْر مِنْ يَوْم الْفِطْر]

- ‌[فَرْعٌ فِي التَّضْحِيَةَ بِالْخُنْثَى]

- ‌[فَرْعٌ اشْتَرَى أُضْحِيَّتَهُ عَنْ نَفْسِهِ ثُمَّ نَوَى أَنْ يُشْرِكَ فِيهَا أَهْلَ بَيْتِهِ]

- ‌[فَرْعٌ يَلْزَمُ الْإِنْسَانَ أَنْ يُضَحِّيَ عَمَّنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ]

- ‌[فَرْعٌ وَلَهُ أَنْ يُدْخِلَ فِي أُضْحِيَّتِهِ مَنْ بَلَغَ مِنْ وَلَدِهِ]

- ‌[فَرْعٌ هَلْ يُدْخِلَ يَتِيمَهُ مَعَهُ فِي أُضْحِيَّتِهِ]

- ‌[فَرْعٌ الْأُضْحِيَّةِ بِذَاتِ الدِّبْرَةِ الْكَبِيرَةِ]

- ‌[فَرْعٌ لِلْغُزَاةِ أَنْ يُضَحُّوا مِنْ غَنَمِ الرُّومِ]

- ‌[فَرْعٌ فِي تَسْمِينِ الْأُضْحِيَّة]

- ‌[فَرْعٌ اشْتَرَى أُضْحِيَّة ثُمَّ تَرَكَهَا وَاشْتَرَى أَفْضَلَ مِنْهَا فَأَتَى يَوْمُ النَّحْرِ وَالْأُولَى أَفْضَلُ]

- ‌[فَرْعٌ لَا بَأْسَ أَنْ يُعْطِيَ أُمَّهُ أُضْحِيَّتَهُ]

- ‌[فُرُوعٌ الْأَوَّلُ اشْتَرَى الْأُضْحِيَّة وَذَبَحَهَا ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ فَأَجَازَ رَبُّهَا الْبَيْعَ]

- ‌[الثَّانِي غَصَبَ شَاةً وَذَبَحَهَا أُضْحِيَّة وَأَخَذَ رَبُّهَا مِنْهُ الْقِيمَةَ هَلْ تُجْزِيهِ]

- ‌[الثَّالِثُ فِي تَعَدَّى رَجُلٌ عَلَى لَحْمِ أُضْحِيَّة]

- ‌[فَرْعٌ دَهْنِ الْخَرَّازِ شِرَاكَ النِّعَالِ بِدُهْنِ أُضْحِيَّتِهِ]

- ‌[فَرْعٌ إذَا ذُبِحَتْ الْأُضْحِيَّة وَقَامَ عَلَيْهِ الْغُرَمَاءُ فَهَلْ لِصَاحِبِهَا أَنْ يَأْخُذَهَا]

- ‌[الْعَقِيقَة]

- ‌[فُرُوعٌ إذَا ذَبَحَ الْعَقِيقَةَ أَوْقَعَ عَلَيْهِ الِاسْمَ]

- ‌[الْأَذَان فِي أُذُنِ الصَّبِيِّ الْمَوْلُودِ]

- ‌[فُرُوعٌ الْأَوَّلُ وَلَا يَجْعَلَ الْعَقِيقَة صَنِيعًا يَدْعُو النَّاسَ إلَيْهِ]

- ‌[الثَّانِي وَافَقَ يَوْمُ عَقِيقَةِ وَلَدِهِ يَوْمَ الْأَضْحَى وَلَا يَمْلِكُ إلَّا شَاةً]

- ‌[الثَّالِثُ الضَّحِيَّةِ وَالْعَقِيقَةِ هَلْ يطعم مِنْهَا أَحَدٌ مِمَّنْ عَلَى غَيْرِ الْإِسْلَامِ]

- ‌[الرَّابِعُ ادِّخَارِ لَحْمِ الْعَقِيقَةِ]

- ‌[الْخَامِسُ حُكْمُ لَحْمِ وَجِلْد الْعَقِيقَة]

- ‌الْخِتَانِ

- ‌[تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ خِتَانُ الْخُنْثَى الْمُشْكِلُ]

- ‌[الثَّانِي حُكْم الْغُرْلَةُ وَهِيَ مَا يُقْطَعُ فِي الْخِتَانِ]

- ‌[بَابٌ فِي الْيَمِينُ]

- ‌[تَنْبِيهٌ الْيَمِينُ تَحْقِيقُ مَا لَمْ يَجِبْ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْيَمِينِ هَلْ تَنْعَقِدُ بِإِنْشَاءِ كَلَامِ النَّفْسِ وَحْدَهُ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ اللَّفْظِ]

- ‌[فَرْعٌ لُزُومِ الْيَمِينِ بِاَللَّهِ]

- ‌[فَرْعٌ حَلَفَ بِاَللَّهِ بِشَيْءٍ مِنْ اللُّغَاتِ وَحَنِثَ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إذَا قِيلَ لَهُ تَزَوَّجْ فُلَانَةَ فَقَالَ لَهَا الذِّمَامُ لَا أَتَزَوَّجُهَا]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إبْرَارُ الْمُقْسِمِ وَالْمُقْسَمِ بِهِ فِيهِ مَعْنَيَانِ]

- ‌[فَرْعٌ إذَا حَلَفَ عَلَى رَجُلٍ ليفعلن فَامْتَنَعَ]

- ‌[تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ لَا لَغْوَ وَلَا غَمُوسَ فِي مُسْتَقْبَلٍ]

- ‌[الثَّانِي الْإِلْغَاءُ فِي الْيَمِينِ لِمَكْرٍ أَوْ قَطْعٍ حَقٍّ]

- ‌[الثَّالِثُ الْحَلِفِ عَلَى الشَّكِّ وَالظَّنِّ]

- ‌[الرَّابِعُ الْغَمُوسُ تَكُونُ فِي الطَّلَاقِ]

- ‌[الْخَامِسُ لِمَاذَا سُمِّيَتْ الْيَمِين غَمُوسًا]

- ‌[تَنْبِيهٌ الْجَمْعُ بَيْنَ الْخِصَالِ الْأَرْبَعَةِ فِي الْكَفَّارَةِ الْوَاحِدَةِ]

- ‌[فَرْعٌ إذَا حَلَفَ عَلَى غَيْرِهِ ليفعلن فَأَكْرَهَهُ عَلَى الْفِعْلِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ قَالَ الْمَشْيُ إلَى مَكَّةَ لَا فَعَلْت وَلَا يُرِيدُ بِهَا الْيَمِينَ]

- ‌[فُرُوعٌ قَالَ وَاَللَّه لَأَعْتِقَن عَبِيدِي وَقَالَ أَرَدْت بَعْضَهُمْ عَلَى سَبِيلِ التَّخْصِيصِ]

- ‌[قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَقَالَ أَرَدْت مِنْ الْوِلَادَةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ فِيمَنْ سُئِلَ عَنْ شَيْءٍ فَقَالَ عَلِيَّ فِيهِ يَمِينٌ وَهُوَ كَاذِبٌ]

- ‌[فَرْعٌ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ لَهُ مَاءً لِمَنْ امْتَنَّ عَلَيْهِ بِمَا يَأْخُذُهُ مِنْهُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْحَالِفُ ليفعلن فِعْلًا هُوَ عَلَى حِنْثٍ حَتَّى يَفْعَلَهُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إذَا حَلَفَ ليشترين دَارَ زَيْدٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ حَلَفَ أَنْ لَا يُكَلِّمَ فُلَانًا فِي الْمَوْسِمِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ حَلَفَ لَا أَدَخَلَ الدَّارَ وَلَا أَكَلَ الطَّعَامَ فِي هَذَا الْعِيدِ]

- ‌[فَرْعٌ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَلَا يَقُوم حَتَّى يَنْتَهِي مِنْ وُضُوئِهِ فلما انْتَهَى تَذْكُر نِسْيَانه التَّمَضْمُض]

- ‌[فَرْعٌ حَلَفَ بِالْحَلَالِ عَلَيْهِ حَرَامٌ إنْ أَكَلَ شَيْئًا مِمَّا يَشْتَرِيهِ أَبُوهُ]

- ‌[فَرْعٌ إذَا أَتَى بِلَفْظِ كُلٍّ فِي الْيَمِين هَلْ يحنث]

- ‌[فَرْعٌ حَلَفَ الْحَالِفُ أَنْ يَشْرَبَ مَاءً صِرْفًا فَشَرِبَ مَاءً مِنْ آبَارِ الصَّحَارِي الْمُتَغَيِّرِ]

- ‌[فَرْعٌ عَاتَبَتْهُ امْرَأَتُهُ فَقَالَتْ تَأْكُلُ مِنْ غَزْلِي فَحَلَفَ أَنْ لَا يَأْكُلَ مِنْ عَمَلِهَا ثُمَّ أَكُلّ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ حَلَفَ بِطَلَاقِ زَوْجَتِهِ إنْ قَضَى اللَّهُ حَاجَتَهُ]

- ‌[فُرُوعٌ الْأَوَّلُ حَلَفَ لَا آكُلُ كِبَاشًا بِالنِّعَاجِ وَالصِّغَارِ مُطْلَقًا]

- ‌[الثَّانِي الْحَالِفُ عَلَى اللَّحْمِ ثُمَّ أَكُلّ الرَّأْسِ]

- ‌[الثَّالِثُ حَلَفَ لَا آكُلُ لَحْمًا فَأَكَلَ قَدِيدًا]

- ‌[فَرْعٌ حَلَفَ أَنْ لَا يَأْكُلَ فَاكِهَةً هَلْ يحنث بِالْعِنَبِ]

- ‌[فَرْعٌ حَلَفَ عَلَى اللَّبَنِ الْحَلِيبِ]

- ‌[فَرْعٌ وَهَبَهُ رَجُلٌ شَاةً ثُمَّ مَنَّ بِهَا عَلَيْهِ فَحَلَفَ أَنْ لَا يَشْرَبَ مِنْ لَبَنِهَا]

- ‌[فَرْعٌ حَلَفَ أَنْ لَا يَنْفَعَ فُلَانًا شَيْئًا وَهُوَ وصى لِرَجُلٍ مَاتَ]

- ‌[فَرْعٌ حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَنْفَعُ أَخَاهُ فَاحْتَاجَ أَوْلَادُ أَخِيهِ فَأَعْطَاهُمْ شَيْئًا]

- ‌[فُرُوعٌ حَلَفَ لَا سَاكَنَهُ وَهُمَا فِي دَارٍ]

- ‌[آذَاهُ جَارُهُ فَحَلَفَ لَا سَاكَنْتُكَ أَوْ قَالَ جَاوَرْتُكَ فِي هَذِهِ الدَّارِ]

- ‌[فَرْعٌ سَكَنَ مَنْزِلًا لِامْرَأَتِهِ فَمَنَّتْ عَلَيْهِ فَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ لَيَنْتَقِلَنَّ]

- ‌[فَرْعٌ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ هَذِهِ الدَّارَ فَأَدْخَلَ يَدَهُ أَوْ رَأْسَهُ]

- ‌[فَرْعٌ حَلَفَ ليقضين فُلَانًا حَقَّهُ فِي الْأَجَلِ الْفُلَانِيِّ فَأَعْطَاهُ رَهْنًا]

- ‌[فَرْعٌ حَلَفَ ليدخلن هَذِهِ الدَّارَ فَقَامَ عَلَى ظَهْرِ بَيْتٍ مِنْهَا]

- ‌[فَرْعٌ حَلَفَ لَا أُكَلِّمُ فُلَانًا أَيَّامًا فَهَلْ يُلْغَى الْيَوْمُ الَّذِي حَلَفَ فِيهِ]

- ‌[تَنْبِيهٌ حَلَفَ فِي دَرَاهِمَ أَنَّ زَوْجَتَهُ أَخَذَتْهَا فَثَبَتَ أَنَّ أَخَذَهَا غَيْرُهَا]

- ‌[مَسْأَلَةٌ حَلَفَ بِالْبَيْتِ الْمُقَدَّسِ لَا لَعِبْتُ مَعَكَ شِطْرَنْجًا إلَّا هَذَا الدَّسْتَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي النَّذْرِ]

- ‌[فَرْعٌ فِي مَنْ سُئِلَ أَمْرًا فَقَالَ عَلَيَّ فِيهِ صَدَقَةٌ أَوْ مَشْيٌ كَاذِبًا إنَّمَا يُرِيدُ أَنْ يَمْنَعَهُ]

- ‌[فَرْعٌ أَدَاءِ النَّذْرِ الْمُعَلَّقِ عَلَى أَمْرٍ بِحُضُورِهِ وَاضِحٌ وَبِحُضُورِ بَعْضِهِ]

- ‌[فَرْعٌ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ صِيَامٌ وَلَمْ يُسَمِّهِ أَوْ قَالَ صَدَقَةٌ]

- ‌[فَرْعٌ نَذَرَ إطْعَامَ مَسَاكِينَ أَيُطْعِمُ كُلَّ مِسْكِينٍ خَمْسَ تَمَرَاتٍ]

- ‌[فُرُوعٌ نَذَرَ شَيْئًا مُعَيَّنًا وَكَانَ ذَلِكَ جَمِيعَ مَالِهِ]

- ‌[قَالَ لِرَجُلٍ كُلُّ مَالٍ أَمْلِكُهُ صَدَقَةٌ إنْ فَعَلْتَ كَذَا فَحَنِثَ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْإِنْسَانِ إلَّا قُوتُ يَوْمِ الْفِطْرِ وَقَدْ نَذَرَ إخْرَاجَهُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ عَادَةُ الشَّيْبِيِّينَ تَقْدِيمِ الْأَكْبَرِ فَالْأَكْبَرِ فِي كَوْنِ مِفْتَاحِ الْكَعْبَةِ عِنْدَهُ]

- ‌[تَنْبِيهٌ الْحَجَبِيُّونَ بَطْنٌ مِنْ قُرَيْشٍ مَنْسُوبُونَ إلَى حَجَبَةِ الْكَعْبَةِ]

- ‌[فَوَائِدُ كَانُوا يَقُولُونَ لَا يَفْتَحُ الْكَعْبَةَ إلَّا الْحَجَبَةُ]

- ‌[سُنَّة الْمَكِّيِّينَ إذَا ثَقَلَ لِسَانُ الصَّبِيِّ]

- ‌[فَرْعٌ كَلَّمَهُ فَحَنِثَ بِالْحَجِّ وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُدْرِكَ الْحَجَّ]

- ‌[فُرُوعٌ الْأَوَّلُ قَالَ أَنَا أَضْرِبُ بِمَالِي أَوْ بِشَيْءٍ مِنْهُ بِعَيْنِهِ حَطِيمَ الْكَعْبَةِ أَوْ الرُّكْنَ]

- ‌[الفرع الثَّانِي النَّذْرُ لِلْكَعْبَةِ]

- ‌[الفرع الثَّالِثُ وَنَذْرُ شَيْءٍ لِمَيِّتٍ صَالِحٍ مُعَظَّمٍ فِي نَفْسِ النَّاذِرِ]

- ‌[تَنْبِيهَاتٌ فَرَّقَ بَيْنَ قَوْلِهِ لِحُرٍّ أَنَا أُهْدِيكَ وَقَوْلِهِ لِعَبْدِ غَيْرِهِ هُوَ هَدْيٌ]

- ‌[لَا وَفَاءَ لِنَذْرٍ فِي مَعْصِيَةٍ وَلَا فِيمَا لَا يَمْلِكُهُ الْعَبْدُ]

- ‌[فَرْعٌ فِي نَاذِرِ زِيَارَتِهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[مَسْأَلَةٌ حُكْمُ مَا زِيدَ فِي مَسْجِدِهِ عليه السلام حُكْمُ الْمَزِيدِ فِيهِ فِي الْفَضْلِ]

- ‌[كِتَابُ الْجِهَادِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ حَضَّ الشَّرْعُ عَلَى تَمَنِّي الشَّهَادَةِ وَرَغَّبَ فِيهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ أَيَغْزُو بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ]

- ‌[فُرُوعٌ أَقَرَّ الْأَسِيرُ أَنَّهُ زَنَى وَدَامَ عَلَى إقْرَارِهِ وَلَمْ يَرْجِعْ أَوْ شُهِدَ عَلَيْهِ]

- ‌[قَتَلَ الْأَسِيرُ أَحَدًا مِنْهُمْ خَطَأً وَقَدْ كَانَ أَسْلَمَ وَالْأَسِيرُ لَا يَعْلَمُ]

- ‌[قَتَلَ الْمُسْلِمُ مُسْلِمًا فِي حَالِ الْقِتَالِ وَقَالَ ظَنَنْتُهُ مِنْ الْكُفَّارِ]

- ‌[فَرْعٌ غَزَا رَجُلٌ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ دِيوَانِهِ بِأُجْرَةٍ]

- ‌[فَرْعٌ وَادَعَ الْإِمَامُ مَلِكَ الْقَرْيَةِ هَلْ يَكُونُ ذَلِكَ لِبَقِيَّتِهِمْ]

- ‌[فَرْعٌ وَيَعْتِقُ قَاتِلُ الْحَرْبِيّ رَقَبَةً]

- ‌[فَرْعٌ فِي الْقَوْمِ يَغْنَمُونَ الرَّقِيقَ هَلْ يُشْتَرَى مِنْهُمْ وَهُمْ لَمْ يُؤَدُّوا خُمُسًا]

- ‌[فَرْعٌ افْتَرَقَ الْجَيْشُ قَبْلَ قَسْمِ الْغَنِيمَةِ]

- ‌[فَرْعٌ خَرَجَ عَبْدٌ وَحُرٌّ أوذمي وَمُسْلِمٌ لِلتَّلَصُّصِ]

- ‌[تَنْبِيهٌ إذَا ثَبَتَ أَنَّ فِي الْغَنِيمَةِ مَالَ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ]

- ‌[فَصْلٌ فِي عَقْدُ الْجِزْيَةِ]

- ‌[فَرْعٌ بِمَا تَثْبُتُ الْجِزْيَةُ لِمُدَّعِيهَا]

- ‌[فَرْعٌ غَصَبَ جَارِيَةً ثُمَّ مَاتَتْ بَعْدَ أَنْ بَاعَهَا الْغَاصِبُ]

- ‌[بَابٌ الْمُسَابَقَةُ بِجُعْلٍ فِي الْخَيْلِ وَالْإِبِلِ]

- ‌[فَرْعٌ فِيمَنْ تَطَوَّعَ بِإِخْرَاجِ شَيْءٍ للمتصارعين وللمتسابقين]

- ‌[كِتَابُ النِّكَاحِ]

- ‌[بَاب خصائص النَّبِيّ]

- ‌[بَابٌ خُصَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِوُجُوبِ الضُّحَى وَالْأَضْحَى وَالتَّهَجُّدِ وَالْوِتْرِ]

- ‌[فَرْعٌ أُبِيحَ لَهُ عليه السلام أَخْذُ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ مِنْ الْجَائِعِ وَالْعَطْشَانِ]

- ‌[فَرْعٌ يُكْرَهُ لِقَارِئِ حَدِيثِهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَقُومَ لِأَحَدٍ]

- ‌[تَنْبِيهَانِ فِي خصائص النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصْلٌ نُدِبَ لِمُحْتَاجٍ ذِي أُهْبَةٍ نِكَاحُ بِكْرٍ]

- ‌[فَرْعٌ هَلْ يُسْتَحَبُّ لِلْمَرْأَةِ نَظَرُ الرَّجُلِ]

- ‌[فَرْعٌ النَّظَرُ لِلشَّابَّةِ الْأَجْنَبِيَّةِ الْحُرَّةِ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ]

- ‌[تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ تَوْكِيلِ الْمَرْأَةِ الثَّيِّبِ مَنْ يَعْقِدُ نِكَاحَهَا]

- ‌[التَّنْبِيه الثَّانِي شَهَادَةُ الْخَاطِبَيْنِ فِي النِّكَاح]

- ‌[التَّنْبِيه الثَّالِثُ شَهَادَةُ الْوَصِيِّ فِي النِّكَاحِ]

- ‌[التَّنْبِيه الرَّابِعُ أَخَذَ الْأُجْرَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ فِي النِّكَاح]

- ‌[تَنْبِيهَاتٌ خَطَبَ فِي الْعِدَّةِ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا بَعْدَهَا]

- ‌[كَانَ الزَّوْجُ النَّاكِحُ فِي الْعِدَّةِ غَيْرَ عَالِمٍ بِالتَّحْرِيمِ]

- ‌[وَطْءَ الصَّبِيِّ لِلْمُعْتَدَّةِ]

- ‌[تَزَوَّجَتْ فِي الْعِدَّةِ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا آخَرُ بَعْدَ خُرُوجِهَا مِنْ الْعِدَّةِ]

- ‌[تَزَوَّجَ شَخْصٌ امْرَأَةً ثُمَّ ادَّعَتْ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا فِي الْعِدَّةِ]

- ‌[فَرْعٌ تَزَوَّجَ امْرَأَةً طَلَّقَهَا رَجُلٌ قَبْلَهُ ثُمَّ اسْتَرَابَ فِي أَنَّهُ نَكَحَهَا قَبْلَ تَمَامِ عِدَّتِهَا]

- ‌[فَرْعٌ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَأَخْرَجَ دِينَارًا فَقَالَ اشْتَرُوا بِهِ طَعَامًا]

- ‌[تَنْبِيهٌ الْخِيَارُ فِي عَقْدٌ النِّكَاحُ]

- ‌[تَنْبِيهٌ لِلْوَصِيِّ أَنْ يُنْكِحَ إمَاءَ الْيَتَامَى وَعَبِيدَهُمْ]

- ‌[فَرْعٌ نِكَاح الْأَمَةُ الْمُخْدِمَةُ]

- ‌[فَرْعٌ جَبْرُ الرَّقِيقِ عَلَى النِّكَاحِ]

- ‌[فَرْعٌ أَرَادَ الْأَبُ أَنْ يَرْجِعَ عَنْ تَرْشِيدِهَا وَيَرُدَّهَا فِي وِلَايَتِهِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ]

- ‌[فَسْخ النِّكَاح بِلَا طَلَاق]

- ‌[فَرْعٌ تَزَوَّجَهَا أَحَدُهُمَا بَعْدَ زَوْجٍ كَانَتْ عِنْدَهُ عَلَى طَلْقَتَيْنِ]

- ‌[تَنْبِيهَاتٌ حُكْم نِكَاح الشِّغَارُ]

- ‌[فَسْخُ النِّكَاحِ لِعَيْبِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ]

- ‌[هَلْ يَفْتَقِرُ فَسْخُ النِّكَاحِ الْفَاسِدِ إلَى حُكْمِ حَاكِمٍ]

- ‌[تَنْبِيهٌ طَلَاقَ الصَّبِيِّ لَا يَلْزَمُ وَلَا يُخْبَرُ الْوَلِيُّ فِيهِ]

- ‌[فَرْعٌ لَا يُبَاعُ الْعَبْدُ فِي نَفَقَةِ زَوْجَتِهِ]

- ‌[فَرْعٌ إذَا وَطِئَ الصَّغِيرُ بِمِلْكِ الْيَمِينِ أَوْ قَبَّلَ أَوْ بَاشَرَ]

- ‌[فَرْعٌ طَلَّقَهَا طَلَاقًا رَجْعِيًّا وَأَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَ خَامِسَةً]

- ‌[فَرْعَانِ الْأَوَّلُ بَاعَ أَمَةً وَطِئَهَا ثُمَّ تَزَوَّجَ أُخْتَهَا فَلَمْ يَطَأْهَا حَتَّى اشْتَرَى الْمَبِيعَةَ]

- ‌[الفرع الثَّانِي زَوَّجَ أُمَّ وَلَدِهِ ثُمَّ اشْتَرَى أُخْتَهَا فَوَطِئَهَا ثُمَّ رَجَعَتْ إلَيْهِ أُمُّ وَلَدِهِ]

- ‌[فَرْعٌ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ ثَلَاثًا ثُمَّ وَطِئَهَا فَحَمَلَتْ عَارِفًا بِالتَّحْرِيمِ]

- ‌[فَرْعٌ كَانَ الزَّوْجَانِ مُسْلِمَيْنِ فَارْتَدَّ أَحَدُهُمَا بَعْدَ طَلَاقِ الثَّلَاثِ]

- ‌[نِيَّةُ الْمُطَلِّقِ وَنِيَّتُهَا لَغْوٌ وَإِنَّمَا الْمُعْتَبَرُ نِيَّةُ الْمُحَلِّلِ]

- ‌[زَوَّجَهَا لِعَبْدِهِ لِيَسْأَلَهُ طَلَاقَهَا بَعْدَ وَطْئِهَا]

- ‌[فَرْعٌ إذَا دُفِعَتْ إلَيْهِ جَارِيَةٌ لِيَسْتَخْدِمَهَا هَلْ يَجُوزُ نِكَاحِهِ لَهَا]

- ‌[فَرْعٌ أَرَادَ أَنْ يُزَوِّجَ أَمَةَ عَبْدِهِ مِنْهُ]

- ‌[فَرْعٌ اشْتَرَى أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ الْآخَرَ بِخِيَارٍ]

- ‌[فَرْعٌ اشْتَرَى زَوْجٌ أُمَّهُ أَوْ امْرَأَةَ أَبِيهِ]

- ‌[فَرْعٌ اشْتَرَى أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ الْآخَرَ وَهُوَ مُكَاتَبٌ]

- ‌[فَرْعٌ أَمَة تَحْتَ حُرٍّ وَلَدَتْ أَوْلَادًا لَهُ وَأَرَادُوا بَيْعَهَا وَوَلَدَهَا]

- ‌[فَرْعٌ لَا تَنْكِحُ الْأَمَةَ إلَّا بِشَرْطَيْنِ]

- ‌[فَرْعٌ تَزَوَّجَ أَمَةً ثُمَّ أَعْتَقَ سَيِّدُ الْأَمَةِ وَلَدَهُ مِنْهَا]

- ‌[فَرْعٌ تَزَوَّجَ رَجُلٌ حُرَّةً فَأَقَرَّتْ لِرَجُلٍ أَنَّهَا أَمَتُهُ]

- ‌[فُرُوعٌ الْأَوَّلُ لَيْسَ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تُلْزِمَ زَوْجَهَا الْعَزْلَ عَنْهَا]

- ‌[الفرع الثَّانِي الْقَسْمِ بَيْنَ الزَّوْجَاتِ]

- ‌[الفرع الثَّالِثُ حُكْم شَرب الْأَدْوِيَةِ لِتَقْلِيلِ النَّسْل]

- ‌[فَرْعٌ نِكَاحِ مَنْ حَضَرَ الزَّحْفَ أَوْ رَكِبَ الْبَحْرَ]

- ‌[فَرْعٌ الْمُتَزَوِّج فِي مَرَض الْمَوْت هَلْ تَرِثهُ زَوْجَته]

- ‌[فَرْعٌ الْإِقْرَارُ بِالنِّكَاحِ فِي الْمَرَضِ أَوْ فِي الصِّحَّةِ]

- ‌[فَرْعٌ حُكْمُ نِكَاحِ التَّفْوِيضِ]

- ‌[فَرْعٌ لَا خِيَارَ لِلزَّوْجَةِ إنْ كَانَ الزَّوْج خُنْثَى مَحْكُومًا لَهُ بِالرُّجُولِيَّةِ]

- ‌[فَرْعٌ وَطِئَهَا ثُمَّ اعْتَرَضَ عَنْهَا]

- ‌[فَائِدَةٌ فِيمَا يُعَالَجُ بِهِ الْمُعْتَرَضُ عَنْ الزَّوْجَةِ]

- ‌[تَنْبِيهٌ الْكِبَرُ الْمَانِعُ مِنْ الْوَطْءِ]

- ‌[فَرْعٌ وَجَدَهَا سَوْدَاءَ أَوْ عَرْجَاءَ أَوْ عَمْيَاءَ وَادَّعَى أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا عَلَى السَّلَامَةِ]

- ‌[فَرْعٌ إذَا وَصَفَهَا وَلِيُّهَا حِينَ الْخِطْبَةِ بِأَنَّهَا عَذْرَاء]

- ‌[فَرْعٌ ويصدق الزَّوْج إنْ ادَّعَى فِيهَا الْوَطْءَ]

- ‌[تَنْبِيهٌ لَوْ نَكَلَ قَبْلَ الْأَجَلِ ثُمَّ أَتَى الْأَجَلُ فَادَّعَى الزَّوْج أَنَّهُ أَصَابَ]

- ‌[تَنْبِيهٌ وَإِنْ اخْتَارَ الزَّوْج إمْسَاكَهَا]

- ‌[فَرْعٌ زَوَّجَ السَّيِّدُ أَمَتَهُ عَلَى أَنَّهَا ابْنَتُهُ أَوْ ابْنَةُ عَمِّهِ فَدَخَلَ الزَّوْجُ وَأَوْلَدَهَا]

- ‌[فَرْعٌ اشْتَرَى جَارِيَةً مِنْ رَجُلٍ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهَا لَيْسَتْ لَهُ فَوَطِئَهَا]

- ‌[فَرْعٌ لَوْ اسْتَهْلَكَ الْأَبُ الدِّيَةَ ثُمَّ أَعْدَمَ]

- ‌[فَرْعٌ لَوْ هَرَبَ الْقَاتِلُ أَوْ اُقْتُصَّ مِنْهُ فِي الْعَمْدِ]

- ‌[فَرْعٌ لَوْ قُتِلَ خَطَأً اقْتَصَّ الْأَبُ عَنْ سَائِرِ وَرَثَتِهِ]

- ‌[فَصْلٌ تَزَوَّجَتْ وَهِيَ مُعْتَقٌ بَعْضُهَا وَكَمُلَ عِتْقُهَا بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ لَهَا الْخِيَارَ]

- ‌[تَنْبِيهٌ إذَا عَتَقَ جَمِيعُهَا تَحْتَ الْعَبْدِ]

- ‌[فَرْعٌ ادَّعَى وَطْأَهَا بَعْدَ عِلْمِهَا بِالْعِتْقِ وَأَكْذَبَتْهُ]

- ‌[فَرْعٌ بِيعَ زَوْجُهَا قَبْلَ عِتْقِهَا فَظَنَّتْ أَنَّ ذَلِكَ طَلَاقٌ ثُمَّ عَتَقَتْ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الصَّدَاقُ]

- ‌[فَرْعٌ بَيَانِ السِّكَّةِ إنْ كَانَ الصَّدَاقُ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ]

- ‌[فَرْعٌ الزَّوْجُ الْمَرِيضُ الَّذِي لَا يَقْدِرُ عَلَى جِمَاعٍ]

- ‌[تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ الدُّخُولَ بِالْهَدِيَّةِ]

- ‌[التَّنْبِيه الثَّانِي لَهُ عَلَى مَلِيئَةٍ رُبْعُ دِينَارٍ]

- ‌[فَرْعٌ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَطْلُبَهُ بِحَمِيلٍ بِوَجْهِهِ]

- ‌[فَرْعٌ إذَا مَضَتْ آجَالُ التَّلَوُّمِ وَلَمْ يَثْبُتْ إعْسَارُ الزَّوْج]

- ‌[فَرْعٌ وَيَحْضُرُ الزَّوْجُ لِضَرْبِ أَوَّلِ آجَالِهِ]

- ‌[فَرْعٌ هَلْ يُشْتَرَطُ فِي التَّأْجِيلِ إقَامَةُ النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ]

- ‌[فَرْعٌ إذَا كَانَ الزَّوْجُ غَيْرَ بَالِغٍ]

- ‌[تَنْبِيهٌ فِي اسْتِحْقَاقِ الْمَهْرِ بِالْوَطْءِ فِي الدُّبْرِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْمَرْأَةُ إذَا اُشْتُهِرَتْ بِالسِّفَاحِ وَإِبَاحَةِ فَرْجِهَا لِغَيْرِ زَوْجِهَا]

- ‌[فَرْعٌ أَنْكَرَ الزَّوْجُ الْخَلْوَةَ وَلَمْ تَقُمْ لَهُ بَيِّنَةٌ]

- ‌[فَرْعٌ بَنَى بِزَوْجَتِهِ ثُمَّ طَلَّقَهَا وَادَّعَى عَدَمَ الْمَسِيسِ]

- ‌[فَرْعٌ إذَا اسْتَهْلَكَتْ الذِّمِّيَّةُ صَدَاقهَا مِنْ الْخَمْرَ]

- ‌[تَنْبِيهٌ النِّكَاحَ الْفَاسِدَ لِصَدَاقِهِ]

- ‌[فَرْعٌ دَعَا الزَّوْجُ فِي النِّكَاحَ الْفَاسِدَ لِصَدَاقِهِ إلَى الْبِنَاءِ وَالنَّفَقَةِ]

- ‌[فَرْعٌ فِيمَنْ يَكْتَسِبُ مَالًا حَرَامًا فَيَتَزَوَّجُ بِهِ]

- ‌[فَرْعَانِ الْأَوَّلُ نَكَحَ بِنَقْدٍ مُقَدَّمٍ وَكَالِئٍ إلَى مَا يَكْلَأُ النَّاسُ]

- ‌[الفرع الثَّانِي اخْتَلَفَ الزَّوْجُ وَالْوَلِيُّ فِي أَجَلِ الْكَالِئِ فَقَالَ الشُّهُودُ نَسِينَاهُ]

- ‌[فَرْعٌ تَزَوَّجَ أَمَةَ رَجُلٍ وَابْنَتَهُ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ أَوْ امْرَأَةً وَأَمَتَهَا]

- ‌[فَرْعٌ قَالَ الْمُوَثِّقُ فِي الْكِتَابِ النَّقْدُ مِنْ الصَّدَاقِ كَذَا]

- ‌[فَرْعٌ لَوْ سَمَّى لَهَا الصَّدَاق فِي مَرَضِهِ ثُمَّ صَحَّ ثُمَّ مَاتَ]

- ‌[فَرْعٌ حُكْم الصَّدَاق إذَا أُكْرِهَ الرَّجُلُ عَلَى أَنْ يَزْنِيَ بِامْرَأَةٍ مُكْرَهَةٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ تَوَافَقَ الزَّوْجُ وَالْمَرْأَةُ عَلَى النِّكَاحِ عَلَى شُرُوطٍ]

- ‌[فَرْعٌ اشْتَرَطَ أَبُو الزَّوْجَةِ عَلَى صِهْرِهِ أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا]

- ‌[فَرْعٌ لِلرَّجُلِ السَّفَرُ بِزَوْجَتِهِ]

- ‌[فَرْعٌ شَرَطَ لِزَوْجَتِهِ أَنْ لَا يَتَسَرَّى مَعَهَا]

- ‌[فَرْعٌ لِلزَّوْجَةِ التَّصَرُّفُ فِي مَهْرِهَا بِالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ]

- ‌[فَرْعٌ أَعْتَقَتْ عَبْدَهَا وَلَا مَالَ لَهَا غَيْرُهُ فَرَدَّ الزَّوْجُ عِتْقَهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا أَوْ مَاتَ]

- ‌[تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ مَا الْحُكْمِ لَوْ قَامَ الْأَبَ بِدَعْوَى الْعَارِيَّةِ بَعْدَ كَمَالِ السَّنَةِ]

- ‌[التَّنْبِيه الثَّانِي إذَا ادَّعَى أَنَّ الَّذِي دَخَلَتْ بِهِ عَارِيَّةٌ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ]

- ‌[التَّنْبِيه الثَّالِثُ ادَّعَى الرَّجُلُ أَنَّ جِهَازَ ابْنَتِهِ عَارِيَّةٌ قَبْلَ السَّنَةِ]

- ‌[فَرْعٌ إذَا أَعْطَتْهُ مَالًا عَلَى أَنْ يُمْسِكَهَا ثُمَّ فَارَقَهَا عَاجِلًا]

- ‌[فَصْلٌ إذَا تَنَازَعَا فِي الزَّوْجِيَّةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى الْمَرْأَةِ عَلَى عَيْنِهَا أَوْ كَانُوا يَعْرِفُونَهَا]

- ‌[فَرْعٌ لَوْ قَالَ فِي يَتِيمَةٍ بَعْدَ أَنْ بَلَغَتْ وَقَالَتْ قَبْلَهُ]

- ‌[تَنْبِيهٌ الْعَبْدُ وَالْجَارِيَةُ يَدَّعِيَانِ الْحُرِّيَّةَ]

- ‌[فَرْعٌ أَقَامَتْ الْمَرْأَةُ عَلَى الرَّجُلِ الْمُنْكِرِ شَاهِدَيْنِ وَلَمْ يَأْتِ بِدَافِعٍ]

- ‌[فَرْعٌ فِي مَنْ اُحْتُضِرَ فَقَالَ لِي امْرَأَةٌ بِمَكَّةَ سَمَّاهَا ثُمَّ مَاتَ فَطَلَبَتْ مِيرَاثَهَا مِنْهُ]

- ‌[فَرْعٌ تَدَاعَى رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ فِي شَيْءٍ مِنْ أُمُورِ الزَّوْجِيَّةِ وَأَقَرَّ بِالزَّوْجِيَّةِ]

- ‌[فَرْعٌ إذَا أَخَذَتْ بِالصَّدَاقِ رَهْنًا ثُمَّ سَلَّمَتْهُ]

- ‌[فَرْعٌ لَوْ كَانَ مَا تَنَازَعَ فِيهِ الزَّوْجَانِ مِمَّا يَكُونُ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ]

- ‌[فَرْعٌ لَوْ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الزَّوْجَيْنِ بَيِّنَةً فِي شَيْءٍ أَنَّهُ لَهُ]

- ‌[تَنْبِيهَانِ نَكَلَ مَنْ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ الْيَمِينُ مِنْ الزَّوْجِ]

- ‌[فَرْعٌ طَلَّقَهَا وَعَلَيْهَا ثِيَابٌ وَطَالَبَتْهُ بِالْكِسْوَةِ]

الفصل: ‌[أحرم قبل ميقاته المكاني]

أَعْلَمُ.

(السَّادِسُ) : قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: رَوَى الشَّيْخُ: لَا يُقِيمُ مُحْرِمٌ مُطْلَقًا بِأَرْضِهِ إلَّا إقَامَةَ الْمُسَافِرِ انْتَهَى.

وَنَصُّ النَّوَادِرِ: وَمَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ فَلَا يُقِيمُ بِأَرْضِهِ إلَّا إقَامَةَ الْمُسَافِرِ انْتَهَى.

(فَرْعٌ) : سُئِلَ سَحْنُونٌ عَنْ الْمُحْرِمِ هَلْ لَهُ أَنْ يُسَافِرَ الْيَوْمَ وَالْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ؟ قَالَ: نَعَمْ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ، وَلَيْسَ هُوَ مِثْلَ الْمُعْتَكِفِ، قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَهَذَا كَمَا قَالَ؛ لِأَنَّ الْمُحْرِمَ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي حَوَائِجِهِ وَيَبِيعَ وَيَشْتَرِيَ فِي الْأَسْوَاقِ، وَقَالَ اللَّهُ عز وجل {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلا} [البقرة: 198] يَعْنِي التِّجَارَةَ فِي مَوَاسِمِ الْحَجِّ فَحَالُهُ غَيْرُ حَالِ الْمُعْتَكِفِ فِي السَّفَرِ أَيْضًا إنْ أَرَادَهُ انْتَهَى.

مِنْ أَوَائِلِ سَمَاعِ سَحْنُونٍ مِنْ كِتَابِ الْحَجِّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[أَحْرَمَ قَبْلَ مِيقَاتِهِ الْمَكَانِيِّ]

، وَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ وَهِيَ: مَنْ أَحْرَمَ قَبْلَ مِيقَاتِهِ الْمَكَانِيِّ كُرِهَ لَهُ ذَلِكَ، وَصَحَّ إحْرَامُهُ فَمَا ذَكَرَهُ مِنْ صِحَّةِ إحْرَامِهِ وَانْعِقَادِهِ فَلَا خِلَافَ فِيهِ وَتَقَدَّمَ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمِيقَاتِ الزَّمَانِيِّ عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ انْعِقَادِ الْإِحْرَامِ قَبْلَهُ، مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْكَرَاهَةِ هُوَ: الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ سَنَدٌ وَغَيْرُ وَاحِدٍ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: أَمَّا كَرَاهَةُ تَقْدِيمِهِ فَهُوَ الَّذِي يَحْكِيهِ الْعِرَاقِيُّونَ عَنْ الْمَذْهَبِ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ، وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ: لَا بَأْسَ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ مَنْزِلِهِ إذَا كَانَ قَبْلَ الْمِيقَاتِ مَا لَمْ يَكُنْ مَنْزِلُهُ قَرِيبًا فَيُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ انْتَهَى.

، وَمَا ذَكَرَهُ عَنْ الْمَوَّازِيَّةِ ذَكَرَ فِي النَّوَادِرِ أَنَّهُ رَوَاهُ عَنْ مَالِكٍ قَالَ: وَمَنْ أَحْرَمَ مِنْ بَلَدِهِ قَبْلَ الْمِيقَاتِ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ غَيْرَ أَنَّا نَكْرَهُ لِمَنْ قَارَبَ الْمِيقَاتَ أَنْ يُحْرِمَ قَبْلَهُ، وَقَدْ أَحْرَمَ ابْنُ عُمَرَ مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَأَحْرَمَ مِنْ الْفَرْعِ كَأَنْ خَرَجَ لِحَاجَةٍ ثُمَّ بَدَا لَهُ فَأَحْرَمَ انْتَهَى.

وَذَكَرَ اللَّخْمِيُّ عَنْ مَالِكٍ قَوْلًا بِجَوَازِ الْإِحْرَامِ قَبْلَ الْمِيقَاتِ مُطْلَقًا، وَذَكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ الرِّوَايَاتِ الثَّلَاثَ، وَوَجْهُ الْأُولَى الْمَشْهُورَةِ: أَنَّهُ عليه السلام لَمْ يُحْرِمْ إلَّا مِنْ الْمِيقَاتِ، وَقَالَ «خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» وَكَأَنَّ تَوْقِيتَهُ عليه السلام لِهَذِهِ الْمَوَاقِيتِ نَهْيٌ عَنْ الْإِحْرَامِ مِنْ غَيْرِهَا كَمَا فِي الْمِيقَاتِ الزَّمَانِيِّ، فَإِنَّهُ لَا خِلَافَ أَنَّهُ يَنْهَى عَنْ الْإِحْرَامِ قَبْلَهُ قَالَ اللَّخْمِيُّ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّهُ أَنْكَرَ عَلَى عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ إحْرَامَهُ مِنْ الْبَصْرَةِ انْتَهَى.

، وَوَجْهُ رِوَايَةِ ابْنِ الْمَوَّازِ أَنَّهُ مَعَ الْقُرْبِ لَا يَظْهَرُ لَهُ مَعْنًى إلَّا قَصْدُ الْمُخَالَفَةِ لِتَحْدِيدِ الشَّارِعِ بِخِلَافِ الْبَعِيدِ، فَإِنَّ فِيهِ قَصْدَ اسْتِدَامَةِ الْإِحْرَامِ، وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الثَّالِثَةِ: أَنَّ الْمِيقَاتَ إنَّمَا هُوَ لِمَنْعِ مُجَاوَزَتِهِ لَا لِمَنْعِ تَقْدِيمِ الْإِحْرَامِ عَلَيْهِ وَأَنَّ الْقَصْدَ مِنْهُ التَّخْفِيفُ فَمَنْ قَدَّمَ فَقَدْ زَادَ خَيْرًا، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ وَأَبُو حَنِيفَةَ: الْأَفْضَلُ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ بَلَدِهِ؛ لِأَنَّ عُمَرَ وَعَلِيًّا رضي الله عنهما قَالَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: 196] إتْمَامُهُمَا أَنْ تُحْرِمَ بِهِمَا مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِكَ وَلِحَدِيثِ أَبِي دَاوُد «مَنْ أَحْرَمَ مِنْ الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى إلَى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، وَمَا تَأَخَّرَ وَوَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ» قَالَ صَاحِبُ الطِّرَازِ وَالْقَرَافِيُّ: مَا رَوَوْهُ يُحْمَلُ عَلَى النَّذْرِ جَمْعًا بَيْنَ الْأَدِلَّةِ انْتَهَى وَمَا ذَكَرَهُ عَنْ سَيِّدِنَا عُمَرَ فَلَعَلَّهُ رَجَعَ عَنْهُ كَمَا نَقَلَ اللَّخْمِيُّ أَنَّهُ أَنْكَرَ عَلَى عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ كَمَا تَقَدَّمَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

، وَذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ قَبْلَ أَنْ يَذْكُرَ الْمِيقَاتَ الْمَكَانِيَّ لِلِاخْتِصَارِ لِتَسَاوِيهَا مَعَ الَّتِي قَبْلَهَا فِي الْحُكْمِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَوْلُهُ: وَفِي رَابِغٍ تَرَدُّدٌ أَشَارَ لِمَا ذَكَرَهُ فِي تَوْضِيحِهِ وَمَنَاسِكِهِ قَالَ حَكَى شَيْخُنَا رحمه الله عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ أَنَّ الْإِحْرَامَ مِنْ رَابِغٍ مِنْ الْإِحْرَامِ أَوَّلَ الْمِيقَاتِ وَأَنَّهُ مِنْ أَعْمَالِ الْجُحْفَةِ وَمُتَّصِلٌ بِهَا قَالَ وَدَلِيلُهُ اتِّفَاقُ النَّاسِ عَلَى ذَلِكَ قَالَ سَيِّدِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ الْحَاجِّ: إنَّهُ مَكْرُوهٌ وَرَآهُ قَبْلَ الْجُحْفَةِ انْتَهَى مِنْ التَّوْضِيحِ، وَقَالَ فِي مَنَاسِكِهِ: وَرَأَى سَيِّدِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَاجِّ أَنَّ إحْرَامَ الْمِصْرِيِّينَ مِنْ رَابِغٍ مِنْ بَابِ تَقْدِيمِ الْإِحْرَامِ عَلَى الْمِيقَاتِ، مَالَ شَيْخُنَا رحمه الله إلَى أَنَّهُ مِنْ أَعْمَالِ الْجُحْفَةِ وَمُتَّصِلٌ بِهَا وَكَانَ يَنْقُلُهُ عَنْ الزَّوَاوِيِّ انْتَهَى.

وَاقْتَصَرَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي مَنَاسِكِهِ فِي الْبَابِ الْعَاشِرِ عَلَى مَا نَقَلَهُ الشَّيْخُ عَبْدُ اللَّهِ الْمَنُوفِيُّ عَنْ الزَّوَاوِيِّ وَنَصُّهُ وَرَابِغٌ أَوَّلُ مِيقَاتِ الْجُحْفَةِ انْتَهَى، وَمَا ذَكَرَهُ عَنْ سَيِّدِي أَبِي عَبْد اللَّهِ بْنِ الْحَاجِّ

ص: 21

فَهُوَ فِي مَدْخَلِهِ قَالَ: وَلْيُحْذَرْ مِمَّا يَفْعَلُهُ أَكْثَرُهُمْ مِنْ الْإِحْرَامِ مِنْ رَابِغٍ، وَهُوَ قَبْلَ الْجُحْفَةِ فَيَبْتَدِئُونَ الْحَجَّ بِفِعْلٍ مَكْرُوهٍ، وَلَا حُجَّةَ لَهُمْ فِي أَنَّ الْجُحْفَةَ لَا مَاءَ بِهَا؛ لِأَنَّ الْغُسْلَ مُسْتَحَبٌّ، وَالْإِحْرَامُ مِنْ الْمِيقَاتِ سُنَّةٌ، وَلِإِمْكَانِ الْغُسْلِ بِرَابِغٍ وَتَأْخِيرُ الْإِحْرَامِ إلَى الْجُحْفَةِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ صَحِيحٌ كَمَا فِي الْإِحْرَامِ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ، وَلَا حُجَّةَ لَهُمْ فِي أَنَّ الرَّكْبَ لَا يَدْخُلُ الْجُحْفَةَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ شَرْطِ الْإِحْرَامِ الدُّخُولُ بَلْ إذَا حَاذَاهَا أَحْرَمَ وَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ أَوَّلِ الْجُحْفَةِ، فَإِنْ أَحْرَمَ مِنْ أَوْسَطِهَا أَوْ مِنْ آخِرِهَا تَرَكَ الْأَوْلَى، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

انْتَهَى بِالْمَعْنَى.

وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ جَمَاعَةَ فِي مَنْسَكِهِ الْكَبِيرِ وَالسَّيِّدُ السَّمْهُودِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْإِيضَاحِ أَنَّ الْإِحْرَامَ مِنْهَا مِنْ بَابِ تَقْدِيمِ الْإِحْرَامِ عَلَى الْمِيقَاتِ، وَنَصُّ ابْنِ جَمَاعَةَ وَهِيَ أَيْ: الْجُحْفَةُ بِالْقُرْبِ مِنْ رَابِغٍ الَّذِي يُحْرِمُ مِنْهُ النَّاسُ عَلَى يَسَارِ الذَّاهِبِ إلَى مَكَّةَ وَمَنْ أَحْرَمَ مِنْ رَابِغٍ فَقَدْ أَحْرَمَ قَبْلَ مُحَاذَاتِهَا بِيَسِيرٍ انْتَهَى.

(تَنْبِيهٌ) : قَاعِدَةُ الْمَذْهَبِ: أَنَّ نَذْرَ الْمَكْرُوهِ لَا يَلْزَمُ، بَلْ وَلَا الْمُبَاحِ فَقَدْ خَالَفُوا ذَلِكَ فِي الْإِحْرَامِ فَأَلْزَمُوا بِهِ مَنْ نَذْرِهِ قَبْلَ مِيقَاتِهِ الزَّمَانِيِّ وَالْمَكَانِيِّ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِ النُّذُورِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَلِلْعُمْرَةِ أَبَدًا إلَّا الْمُحْرِمَ بِحَجٍّ فَلِتَحْلِيلِهِ وَكُرِهَ بَعْدَهُمَا وَقَبْلَ غُرُوبِ الرَّابِعِ)

ش تَقَدَّمَ أَنَّ لِلْإِحْرَامِ مِيقَاتَيْنِ، زَمَانِيٌّ وَمَكَانِيٌّ وَأَنَّ الْمُصَنِّفَ بَدَأَ بِالْكَلَامِ عَلَى الزَّمَانِيِّ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ ذِكْرِ مِيقَاتِ الْحَجِّ الزَّمَانِيِّ ذَكَرَ مِيقَاتَ الْعُمْرَةِ؛ وَيَعْنِي أَنَّ وَقْتَ الْإِحْرَامِ بِالْعُمْرَةِ جَمِيعُ السَّنَةِ إلَّا لِمَنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ فَلَا يَنْعَقِدُ إحْرَامُهُ لِلْعُمْرَةِ إلَى تَحْلِيلِهِ، وَهِيَ رَمْيُ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ وَطَوَافُ الْإِفَاضَةِ وَالسَّعْيُ بَعْدَهُ لِمَنْ لَمْ يَسْعَ وَيُكْرَهُ الْإِحْرَامُ بِالْعُمْرَةِ بَعْدَ التَّحَلُّلَيْنِ وَقَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ الْيَوْمِ الرَّابِعِ مِنْ أَيَّامِ مِنًى، فَإِنْ أَحْرَمَ بِهَا حِينَئِذٍ انْعَقَدَ إحْرَامُهُ مَعَ الْكَرَاهَةِ هَذَا مَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَعَلَيْهِ شَرَحَهُ الشَّارِحَانِ وَقَبِلَاهُ، وَكَلَامُ الْبِسَاطِيِّ يَقْتَضِي أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ: فَلِتَحَلُّلَيْهِ ثَبَتَ فِي نُسْخَتِهِ بِالْإِفْرَادِ وَلَمَّا كَانَ التَّحَلُّلُ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِشَيْئَيْنِ ثَنَّى الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ: وَكُرِهَ بَعْدَهُمَا وَاعْلَمْ أَنَّ مِيقَاتَ الْإِحْرَامِ بِالْعُمْرَةِ جَمِيعُ أَيَّامِ السَّنَةِ لِمَنْ لَمْ يُحْرِمْ بِحَجٍّ حَتَّى يَوْمِ عَرَفَةَ وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَقَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَتَجُوزُ الْعُمْرَةُ فِي أَيَّامِ السَّنَةِ كُلِّهَا إلَّا لِلْحَاجِّ فَيُكْرَهُ لَهُمْ أَنْ يَعْتَمِرُوا حَتَّى تَغِيبَ الشَّمْسُ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ الرَّمْيِ، وَكَذَلِكَ مَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ أَوْ لَمْ يَتَعَجَّلُوا وَقَفَلُوا إلَى مَكَّةَ بَعْدَ الزَّوَالِ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ الرَّمْيِ فَلَا يُحْرِمُوا بِالْعُمْرَةِ مِنْ التَّنْعِيمِ حَتَّى تَغِيبَ الشَّمْسُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَمَنْ أَحْرَمَ مِنْهُمْ فِي أَيَّامِ الرَّمْيِ لَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا أَنْ يُحْرِمَ بَعْدَ أَنْ تَمَّ رَمْيُهُ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ الرَّمْيِ وَحَلَّ مِنْ إفَاضَتِهِ فَيَلْزَمُهُ، قَالَ مَالِكٌ: وَمَنْ لَمْ يَكُنْ حَاجًّا مِنْ أَهْلِ الْآفَاقِ فَجَائِزٌ أَنْ يَعْتَمِرَ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ؛ لِأَنَّ إحْلَالَهُ بَعْدَ أَيَّامِ مِنًى قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: سَوَاءٌ كَانَ إحْلَالُهُ مِنْهَا فِي أَيَّامِ مِنًى أَوْ بَعْدَهَا بِخِلَافِ الْحَاجِّ انْتَهَى.

وَقَالَ فِي الْبَيَانِ فِي رَسْمِ حَلَفَ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الْحَجِّ وَسُئِلَ عَنْ رَجُلٍ يَعْتَمِرُ مِنْ أُفُقٍ مِنْ الْآفَاقِ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ قَالَ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ هَؤُلَاءِ لَا يُحِلُّونَ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا أَرَى هَؤُلَاءِ مِثْلَ مَنْ يَعْتَمِرُ فِي آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ مِنْ الْحَاجِّ قَبْلَ الْغُرُوبِ فَهَذَا لَا يُعْجِبُنِي قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: جَائِزٌ لِمَنْ لَمْ يَحُجَّ أَنْ يَعْتَمِرَ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَالْأَصْلُ فِيهِ أَمْرُ عُمَرَ رضي الله عنه أَبَا أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيَّ وَهَبَّارَ بْنَ الْأَسْوَدِ لَمَّا قَدِمَا عَلَيْهِ يَوْمَ النَّحْرِ، وَقَدْ فَاتَهُمَا الْحَجُّ لِإِضْلَالِ رَاحِلَتِهِ وَبِخَطَأِ الثَّانِي فِي الْعِدَّةِ أَنْ يَتَحَلَّلَا مِنْ إحْرَامِهِمَا بِالْحَجِّ وَيَقْضِيَاهُ قَابِلًا وَيُهْدِيَا كَمَا وَقَعَ فِي الْمُوَطَّأِ فَلِمَنْ لَمْ يَحُجَّ أَنْ يُهِلَّ بِعُمْرَةٍ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ سَوَاءٌ حَلَّ مِنْهَا فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ أَوْ بَعْدَهَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ فَقَوْلُهُ هُنَا، وَفِي الْمُدَوَّنَةِ أَيْضًا: إنَّ هَؤُلَاءِ يُحِلُّونَ بَعْدَ ذَلِكَ يُرِيدُ بَعْدَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ لَيْسَ بِتَعْلِيلٍ صَحِيحٍ انْتَهَى.

وَقَالَ سَنَدٌ: مَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الْحَجِّ فَلَا حَجَّةَ عَلَيْهِ يَعْتَمِرُ مَتَى شَاءَ، وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَابْنِ حَنْبَلٍ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: تُكْرَهُ الْعُمْرَةُ فِي يَوْمِ عَرَفَةَ وَأَيَّامِ مِنًى وَوَافَقَهُ أَبُو يُوسُفَ عَلَى غَيْرِ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَرَوَى عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ

ص: 22

السَّنَةُ كُلُّهَا لِلْعُمْرَةِ إلَّا خَمْسَةَ أَيَّامٍ يَوْمُ عَرَفَةَ وَيَوْمُ النَّحْرِ وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ، وَدَلِيلُنَا أَنَّهُ وَقْتٌ يَصِحُّ فِيهِ الطَّوَافُ وَالسَّعْيُ فَلَا تُكْرَهُ فِيهِ الْعُمْرَةُ كَسَائِرِ السَّنَةِ وَيَوْمُ عَرَفَةَ يَصِحُّ فِيهِ الْقِرَانُ فَلَا يُكْرَهُ فِيهِ إفْرَادُ الْعُمْرَةِ كَمَا لَا يُكْرَهُ إفْرَادُ الْحَجِّ وَلِأَنَّ مَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ يَفْعَلُ أَفْعَالَ الْعُمْرَةِ فِي أَيَّامِ مِنًى، وَقَدْ قَالَ أَبُو يُوسُفَ: يَنْقَلِبُ إحْرَامُهُ عُمْرَةً، فَإِذَا كَانَ الْوَقْتُ صَالِحًا لِأَفْعَالِ الْعُمْرَةِ وَالذِّمَّةُ خَالِيَةً مِمَّا يُنَافِي الْعُمْرَةَ لَمْ يَبْقَ لِلْكَرَاهَةِ وَجْهٌ، وَمَا رَوَاهُ لَا يَثْبُتُ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ، وَإِنْ صَحَّ فَمَحْمُولٌ عَلَى مَنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ انْتَهَى.

وَقَالَ اللَّخْمِيُّ فِي تَبْصِرَتِهِ: وَالْوَقْتُ الَّذِي يُؤْتَى بِهَا فِيهِ عَلَى وَجْهَيْنِ فَمَنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ حَجٌّ، وَلَا يُرِيدُهُ فِي ذَلِكَ الْعَامِ فَيَعْتَمِرُ مِنْ السَّنَةِ فِي أَيِّ وَقْتٍ أَحَبَّ، وَفِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَيَوْمِ عَرَفَةَ وَيَوْمِ النَّحْرِ وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَيَكُونُ النَّاسُ فِي الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ، وَهُوَ يَعْمَلُ عَمَلَ الْعُمْرَةِ، أَمَّا مَنْ حَجَّ فَلَا يَعْتَمِرُ حَتَّى تَغِيبَ الشَّمْسُ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ قَالَ، وَإِنْ تَعَجَّلَ فَلَا يُحْرِمُ بِعُمْرَةٍ، فَإِنْ فَعَلَ لَمْ يَنْعَقِدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إلَّا أَنْ يُحْرِمَ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ بَعْدَ الرَّمْيِ فَيَلْزَمُهُ قَالَ مُحَمَّدٌ: يَلْزَمُهُ الْإِحْرَامُ، وَلَا يُحِلُّ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ، وَإِحْلَالُهُ قَبْلَ ذَلِكَ بَاطِلٌ، وَإِنْ وَطِئَ قَبْلَ ذَلِكَ أَفْسَدَ عُمْرَتَهُ وَقَضَاهَا وَأَهْدَى، وَالْقِيَاسُ إذَا أَكْمَلَ الْإِحْرَامَ لِلْحَجَّةِ أَنْ يَنْعَقِدَ الْإِحْرَامُ لِعُمْرَةٍ، وَيَصِحُّ عَمَلُهَا انْتَهَى.

وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي شَرْحِ ابْنِ الْحَاجِبِ: يَعْنِي أَنَّ الْعُمْرَةَ لَا تَخْتَصُّ بِزَمَنٍ مُعِينٍ كَالْحَجِّ فَقَدْ اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَأَمَرَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الصِّدِّيقِ أَنْ يُعْمِرَ عَائِشَةَ فِي ذِي الْحَجَّةِ «، وَقَالَ: عُمْرَةٌ فِي رَمَضَانَ تَعْدِلُ حَجَّةً» أَوْ قَالَ: «حَجَّةً مَعِي» إلَّا أَنَّ الْفُقَهَاءَ يَقُولُونَ: الْعُمْرَةُ لَا تُرْتَدَفُ عَلَى الْحَجِّ فَلِذَلِكَ يَشْتَرِطُونَ أَنْ لَا يَكُونَ فِي أَيَّامِ مِنًى لِمَنْ حَجَّ، أَمَّا مَنْ لَمْ يَحُجَّ فَيَجُوزُ أَنْ يَأْتِيَ بِهَا فِي سَائِرِ السَّنَةِ، وَلَوْ فِي يَوْمِ عَرَفَةَ أَوْ يَوْمِ النَّحْرِ انْتَهَى.

وَإِذَا عُلِمَ ذَلِكَ فَمَا نَقَلَهُ ابْنُ الْحَاجِّ وَابْنُ فَرْحُونٍ عَنْ الْقَاضِي أَبِي مُحَمَّدٍ مُخَالِفٌ لِإِطْلَاقِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ النُّصُوصِ وَصَرِيحِهَا وَنَصِّ ابْنُ الْحَاجِّ، أَمَّا غَيْرُ ابْنِ الْحَاجِّ فَلَا تُكْرَهُ لَهُ الْعُمْرَةُ أَيَّامَ مِنًى وَأَنْ يَحِلَّ مِنْهَا قَبْلَ انْقِضَائِهَا مِنْ أَيِّ بَلَدٍ كَانَ، وَأَصْلُ ذَلِكَ: حَدِيثُ هَبَّارٍ: وَهَلْ لَهُمْ أَنْ يَعْتَمِرُوا يَوْمَ النَّحْرِ فَحَكَى الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ عَنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُمْ لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ يَوْمَ النَّحْرِ يَوْمُ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ حُكْمُ يَوْمِ النَّحْرِ فِي ذَلِكَ حُكْمَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ انْتَهَى.

وَنَصُّ ابْنِ فَرْحُونٍ فِي مَنَاسِكِهِ مِثْلُهُ، إلَّا أَنَّهُ قَالَ: فَحَكَى الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ عَلَى قَوَاعِدِ الْمَذْهَبِ فَلَعَلَّ لَفْظَ قَوَاعِدَ سَقَطَ مِنْ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

، وَقَدْ تَقَدَّمَ نَقْلُ سَنَدٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ كَرَاهَتَهَا فِي يَوْمِ النَّحْرِ وَيَوْمِ عَرَفَةَ وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَأَنَّ أَبَا يُوسُفَ وَافَقَهُ عَلَى مَا عَدَا يَوْمَ عَرَفَةَ فَلَوْ كَانَ الْمَذْهَبُ يُوَافِقُهُ فِي يَوْمِ النَّحْرِ لَبَيَّنَهُ، وَلَا أَدْرِي مَا مُرَادُهُمَا بِالْقَاضِي أَبِي مُحَمَّدٍ وَالظَّاهِرُ: أَنَّهُ لَيْسَ هُوَ الْقَاضِيَ عَبْدَ الْوَهَّابِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

هَذَا حُكْمُ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَهُوَ بَيَانُ مِيقَاتِ الْإِحْرَامِ بِالْعُمْرَةِ لِمَنْ لَمْ يَحُجَّ

، وَأَمَّا حُكْمُ الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَهُوَ بَيَانُ مِيقَاتِ الْإِحْرَامِ لِلْعُمْرَةِ لِمَنْ حَجَّ فَظَاهِرُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِيهَا مُخَالِفٌ لِنُصُوصِ الْمَذْهَبِ مِنْهَا نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ الْمُتَقَدِّمُ حَيْثُ قَالَ: وَتَجُوزُ الْعُمْرَةُ فِي أَيَّامِ السَّنَةِ كُلِّهَا إلَّا الْحَاجَّ فَيُكْرَهُ لَهُمْ أَنْ يَعْتَمِرُوا حَتَّى تَغِيبَ الشَّمْسُ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ الرَّمْيِ إلَى آخِرِ كَلَامِهِ قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي مَنَاسِكِهِ: وَهَذِهِ الْكَرَاهَةُ لِلْحَاجِّ عَلَى الْمَنْعِ، وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي رَسْمِ حَلَفَ ابْنُ الْحَاجِبِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي كِتَابِ الْحَجِّ إثْرَ كَلَامِهِ الْمُتَقَدِّمِ، أَمَّا مَنْ حَجَّ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَعْتَمِرَ حَتَّى تَغِيبَ الشَّمْسُ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، فَإِنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ فِي آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ قَبْلَ أَنْ تَغِيبَ الشَّمْسُ بَعْدَ أَنْ رَمَى وَأَفَاضَ وَأَحَلَّ مِنْ إحْرَامِهِ الْأَوَّلِ لَزِمَهُ الْإِحْرَامُ قَالَهُ فِي كِتَابِ الْحَجِّ الْأَوَّلِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ فِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ: وَلَا يَعْمَلُ مِنْ أَعْمَالِ الْعُمْرَةِ شَيْئًا حَتَّى تَغِيبَ الشَّمْسُ، فَإِنْ عَمِلَ فَعَمَلُهُ بَاطِلٌ، وَهُوَ عَلَى إحْرَامِهِ، وَالْأَصْلُ فِي

ص: 23

ذَلِكَ حَدِيثُ عَائِشَةَ رضي الله عنها حِينَ أَمَرَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِقَضَاءِ عُمْرَتِهَا بَعْدَ قَضَاءِ حَجِّهَا انْتَهَى.

وَيَعْنِي بِقَضَاءِ عُمْرَتِهَا أَنَّ صُورَتَهَا صُورَةُ الْقَضَاءِ لَا أَنَّهَا قَضَاءٌ حَقِيقَةً؛ إذْ لَا يَلْزَمُهَا ذَلِكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

، وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ وَابْنِ فَرْحُونٍ أَنَّ الْمَنْعَ شَامِلٌ لِمَا قَبْلَ غُرُوبِ الرَّابِعِ، وَلَوْ رَمَى لَهُ، وَهُوَ أَيْضًا ظَاهِرُ مَا نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ هَارُونَ نَعَمْ فِي كَلَامِ صَاحِبِ الطِّرَازِ أَنَّ الْمَنْعَ بَعْدَ رَمْيِ الرَّابِعِ عَلَى الْكَرَاهَةِ أَنَّ كُلَّ حَجَّةٍ بِتَحْلِيلَةٍ، وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ مَنْ تَعَجَّلَ، وَمَنْ لَمْ يَتَعَجَّلْ، وَذَلِكَ: أَنَّهُ قَالَ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ: إنَّ مَنْ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَحْرَمَ فِي آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ بَعْدَ مَا رَمَى الْجِمَارَ، وَحَلَّ مِنْ إفَاضَتِهِ، فَإِنَّ ذَلِكَ يَلْزَمُهُ مَا نَصَّهُ، وَجُمْلَةُ ذَلِكَ: أَنَّ أَفْعَالَ الْحَجِّ تُنَافِي الْعُمْرَةَ، وَوَقْتُ الْفِعْلِ مُلْحَقٌ بِالْفِعْلِ، فَإِذَا سَقَطَ الْفِعْلُ وَبَقِيَ الْوَقْتُ، فَإِنْ كَانَ وَقْتًا لِمَا يَكُونُ مِنْ فِعْلِ الْحَجِّ فَمَا بَعْدُ امْتَنَعَ مَعَهُ فِعْلُ الْعُمْرَةِ وَإِحْرَامُ الْعُمْرَةِ؛ لِأَنَّ صُورَةَ الْفِعْلِ تُرِكَتْ تَخْفِيفًا وَبَقِيَ حُكْمُهُ فَمَا عَدَا الرُّخْصَةَ فِي ذَلِكَ قَائِمًا، وَذَلِكَ كَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ، وَلَوْ أَنَّ الْمُتَعَجِّلَ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ بَعْدَ أَنْ حَلَّ وَخَرَجَ وَتَمَّ عَمَلُهُ لَمْ يَلْزَمْهُ الْإِحْرَامُ أَحْرَمَ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا، وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ أَمَّا إذَا سَقَطَ الْفِعْلُ بِتَوْقِيتِهِ، وَبَقِيَ الْوَقْتُ الْمُتَّسِعُ لَهُ فَهَاهُنَا لَا يَمْتَنِعُ عِنْدَهُ انْعِقَادُ الْإِحْرَامِ بِالْعُمْرَةِ، وَإِنْ كُرِهَ لَهُ ابْتِدَاءً إلَّا أَنَّهُ يَمْتَنِعُ مِنْ فِعْلِهَا حَتَّى يَخْرُجَ وَقْتُ الْحَجِّ قَالَ مُحَمَّدٌ: فَإِنْ جَهِلَ فَأَحْرَمَ فِي آخِرِ أَيَّامِ الرَّمْيِ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، وَقَدْ كَانَ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ أَوْ لَمْ يَتَعَجَّلْ، وَقَدْ رَمَى فِي يَوْمَيْهِ، فَإِنَّ إحْرَامَهُ يَلْزَمُهُ، وَلَكِنْ لَا يَحِلُّ حَتَّى تَغِيبَ الشَّمْسُ، وَإِحْلَالُهُ قَبْلَ ذَلِكَ بَاطِلٌ يُرِيدُ أَنَّهُ لَا يَطُوفُ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ انْتَهَى.

وَقَوْلُهُ: وَوَقْتُ الْفِعْلِ مُلْحَقٌ بِالْفِعْلِ عَلَى مَا بَيَّنَّا يُشِيرُ بِهِ إلَى مَا قَالَهُ فِي تَعْلِيلِ كَوْنِ الْمُتَعَجِّلِ لَا يُحْرِمُ بِالْعُمْرَةِ إلَّا بَعْدَ غُرُوبِ الرَّابِعِ عِنْدَ مَالِكٍ خِلَافًا لِغَيْرِهِ، وَنَصُّهُ: رَاعَى مَالِكٌ وَقْتَ الرَّمْيِ وَوَقْتُهُ إلَى آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ؛ لِأَنَّهُ لَا دَمَ عَلَى مَنْ أَخَّرَ رَمْيَ الثَّالِثِ إلَى قَبْلِ الْغُرُوبِ، وَلِلْوَقْتِ تَأْثِيرٌ فِي الْمَنْعِ؛ لِأَنَّ مَنْ اعْتَمَرَ قَبْلَ الزَّوَالِ فِي أَيَّامِ الرَّمْيِ لَا تَشْغَلُهُ عُمْرَتُهُ عَنْ فِعْلِ الرَّمْيِ فِي وَقْتِهِ إذْ وَقْتُهُ قَبْلَ الزَّوَالِ، فَلَوْ كَانَ الْمَنْعُ لِمُجَرَّدِ فِعْلِ الرَّمْيِ لَاخْتَصَّ بِوَقْتِ فِعْلِهِ وَلَمَّا مُنِعَ مِنْ الْعُمْرَةِ فِي غَيْرِ وَقْتِ الرَّمْيِ كَانَ لِلزَّمَانِ تَأْثِيرٌ فِي الْمَنْعِ فِي حَقِّ الْحَاجِّ انْتَهَى.

فَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ الْمَنْعَ مِنْهَا بَعْدَ رَمْيِ الرَّابِعِ إنَّمَا هُوَ عَلَى الْكَرَاهَةِ وَعُلِمَ مِمَّا نَقَلَهُ فِي الطِّرَازِ عَنْ الْمَوَّازِيَّةِ أَنَّ الْمُتَعَجِّلَ أَيْضًا يُمْنَعُ مِنْ الْإِحْرَامِ بِالْعُمْرَةِ، وَلَا يَنْعَقِدُ إحْرَامُهُ بِهَا إلَّا بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِ رَمْيِ الرَّابِعِ، وَفِي شَرْحِ الْجَلَّابِ لِلتِّلِمْسَانِيِّ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ وَنَحْوُهُ لِلشَّبِيبِيِّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ فِي آخِرِ كِتَابِ الْحَجِّ وَنَصُّ كَلَامِ الشَّبِيبِيِّ وَجَمِيعُ السَّنَةِ لَهَا وَقْتٌ إلَّا أَيَّامَ مِنًى لِمَنْ حَجَّ، فَإِذَا غَرَبَتْ الشَّمْسُ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ جَازَ الْإِحْرَامُ بِهَا، فَإِنْ أَحْرَمَ قَبْلَ الزَّوَالِ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ لَمْ يَنْعَقِدْ إحْرَامُهُ، وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَحْرَمَ بَعْدَ الزَّوَالِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ انْعَقَدَ إحْرَامُهُ وَأَخَّرَ السَّعْيَ وَالطَّوَافَ إلَى الْغُرُوبِ، فَإِنْ فَعَلَهَا أَوْ شَيْئًا مِنْهَا قَبْلَ الْغُرُوبِ لَزِمَهُ إعَادَتُهُ بَعْدَ الْغُرُوبِ انْتَهَى.

وَقَالَ الْمُصَنِّفُ فِي مَنَاسِكِهِ: وَأَمَّا الزَّمَانِيُّ فَفِي جَمِيعِ أَيَّامِ السَّنَةِ، وَفِي يَوْمِ النَّحْرِ وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ إلَّا أَنْ يُحْرِمَ بِالْحَجِّ فَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ الْإِحْرَامُ بِهَا مِنْ حِينِ إحْرَامِهِ إلَى آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَلَا يَعْتَمِرُ حَتَّى يَفْرَغَ مِنْ حَجِّهِ، وَلَوْ نَفَرَ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ لَمْ يَنْعَقِدْ إحْرَامُهُ بِهَا، وَكَذَلِكَ لَا يَنْعَقِدُ إذَا أَحْرَمَ بِهَا قَبْلَ رَمْيِهِ لِلْيَوْمِ الثَّالِثِ، وَلَا يَلْزَمُهُ أَدَاؤُهَا، وَلَا قَضَاؤُهَا فَيُكْرَهُ لَهُ أَنْ يُحْرِمَ بَعْدَ رَمْيِهِ وَقَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَإِنْ أَحْرَمَ حِينَئِذٍ لَزِمَهُ الْإِحْرَامُ بِهَا وَمَضَى فِيهَا حَتَّى يُتِمَّهَا بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ طَافَ لِلْإِفَاضَةِ، وَعَلَى هَذَا فَلَا تَنْعَقِدُ إلَّا بِشَرْطَيْنِ أَنْ يَرْمِيَ لِلْيَوْمِ الثَّالِثِ وَأَنْ يَطُوفَ لِلْإِفَاضَةِ، وَإِذَا أَحْرَمَ بِهَا حِينَئِذٍ فَلَا يَفْعَلُ مِنْهَا فِعْلًا إلَّا بَعْدَ الْغُرُوبِ، وَلَوْ طَافَ وَسَعَى فَهُمَا كَالْعَدَمِ انْتَهَى.

وَنَحْوُهُ فِي التَّوْضِيحِ إذَا عُلِمَ ذَلِكَ

ص: 24

فَنَرْجِعُ إلَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي مُخْتَصَرِهِ فَنَقُولُ: ظَاهِرُهُ بَلْ صَرِيحُهُ أَنَّ مَنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ يَمْتَنِعُ مِنْهُ الْإِحْرَامُ بِالْعُمْرَةِ، وَلَا يَنْعَقِدُ إلَى أَنْ يَتَحَلَّلَ مِنْ الْحَجِّ بِتَحَلُّلَيْهِ الْأَصْغَرِ وَالْأَكْبَرِ، وَهُمَا رَمْيُ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ، وَطَوَافُ الْإِفَاضَةِ، وَالسَّعْيُ بَعْدَهُ إنْ كَانَ لَمْ يُقَدِّمْ السَّعْيَ، ثُمَّ بَعْدَهُمَا يُكْرَهُ لَهُ الْإِحْرَامُ بِهَا وَيَنْعَقِدُ، وَهُوَ، وَإِنْ كَانَ لَمْ يَذْكُرْ الِانْعِقَادَ وَعَدَمَهُ فِي كَلَامِهِ إلَّا أَنَّهُ مَعْنَاهُ، وَبِهِ فَسَّرَهُ شَارِحَاهُ وَشَمِلَ ذَلِكَ مَا لَوْ وَقَعَ مِنْهُ التَّحَلُّلَانِ فِي يَوْمِ النَّحْرِ أَوْ بَعْدَهُ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ نُصُوصِ الْمَذْهَبِ فِي الْوَجْهَيْنِ كَمَا قَدْ عَلِمْتَ، وَكَلَامُهُ فِي تَوْضِيحِهِ وَمَنَاسِكِهِ فِي غَايَةِ الْحُسْنِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ:) قَالَ فِي النُّكَتِ: قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا مِنْ أَهْلِ بَلَدِنَا: وَيَكُونُ خَارِجَ الْحَرَمِ حَتَّى تَغِيبَ الشَّمْسُ، وَلَا يَدْخُلُ الْحَرَمَ؛ لِأَنَّ دُخُولَهُ الْحَرَمَ لِسَبَبِ الْعُمْرَةِ عَمَلٌ لَهَا، وَهُوَ مَمْنُوعٌ مِنْ أَنْ يَعْمَلَ لَهَا عَمَلًا حَتَّى تَغِيبَ الشَّمْسُ انْتَهَى.

وَنَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ فِي تَوْضِيحِهِ وَمَنَاسِكِهِ وَصَاحِبُ الطِّرَازِ وَغَيْرُهُمْ وَقَبِلُوهُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ وَانْظُرْ لَوْ دَخَلَ مِنْ الْحِلِّ قَبْلَ الْغُرُوبِ، وَلَمْ يَعْمَلْ عَمَلًا إلَّا بَعْدَ الْغُرُوبِ وَالظَّاهِرُ عَلَى بَحْثِهِ أَنَّ دُخُولَهُ لَغْوٌ وَيُؤْمَرُ بِالْعَوْدِ إلَى الْحِلِّ لِيَدْخُلَ مِنْهُ بَعْدَ الْغُرُوبِ، وَلَمْ أَقِفْ فِيهِ عَلَى نَصٍّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الثَّانِي:) شَمِلَ قَوْلُهُ: إلَّا لِمُحْرِمٍ بِحَجٍّ مَنْ كَانَ مُحْرِمًا بِقِرَانٍ، وَالْحُكْمُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ بَلْ لَوْ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ لَمْ يَنْعَقِدْ إحْرَامُهُ بِعُمْرَةٍ أُخْرَى حَتَّى تَكْمُلَ الْأُولَى، وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ الْمُصَنِّفُ وَسَنَدٌ فِي بَابِ مَنْ أَفْسَدَ حَجَّهُ وَغَيْرُهُمَا، فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ: إلَّا لِمُحْرِمٍ فَلِفَرَاغِهِ مِنْهُ وَدُخُولِ وَقْتِ رَمْيِ الرَّابِعِ إنْ كَانَ بِحَجٍّ، وَكُرِهَ بَعْدَهُمَا وَقَبْلَ غُرُوبِ الرَّابِعِ لَوَافَقَ النُّقُولَ وَشَمِلَ جَمِيعَ مَا ذَكَرْنَاهُ أَوْ لَوْ تَرَكَ ذِكْرَ ذَلِكَ هُنَا، وَقَالَ إثْرَ قَوْلِهِ: فِيمَا يَأْتِي وَأَلْغَى عُمْرَةً عَلَيْهِ إلَى فَرَاغِهِ مِنْهُ وَرَمَى الرَّابِعَ وَكُرِهَ بَعْدَهُمَا وَقَبْلَ غُرُوبِ الرَّابِعِ لَكَانَ صَحِيحًا أَيْضًا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الثَّالِثُ:) يُسْتَثْنَى مِنْهُ قَوْلُهُمْ: لَا يَصِحُّ الْإِحْرَامُ بِالْعُمْرَةِ إلَّا بَعْدَ تَمَامِ أَفْعَالِ الْحَجِّ الْحِلَاقُ، فَإِنَّهُ لَوْ بَقِيَ عَلَيْهِ الْحِلَاقُ وَأَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ انْعَقَدَ إحْرَامُهُ ذَكَرَهُ عَبْدُ الْحَقِّ، وَنَقَلَهُ عَنْهُ سَنَدٌ وَسَيَأْتِي عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَصَحَّ بَعْدَ سَعْيٍ وَحَرُمَ الْحَلْقُ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ وَأَكْمَلَهَا، وَلَمْ يَبْقَ مِنْهَا إلَّا الْحِلَاقُ ثُمَّ أَحْرَمَ بِأُخْرَى انْعَقَدَ إحْرَامُهُ الثَّانِي: كَمَا سَيَأْتِي، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الرَّابِعُ:) تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ سَنَدٍ وَغَيْرِهِ أَنَّ إحْلَالَهُ قَبْلَ الْغُرُوبِ لَا يُفِيدُ قَالَ سَنَدٌ إثْرَ كَلَامِهِ الْمُتَقَدِّمِ: قَالَ مُحَمَّدٌ: فَإِنْ وَطِئَ بَعْدَ ذَلِكَ الْإِحْلَالِ أَفْسَدَ عُمْرَتَهُ وَلْيَقْضِهَا بَعْدَ تَمَامِهَا وَيُهْدِ وَخَرَّجَ الْبَاجِيُّ الْكَلَامَ فِي ذَلِكَ عَلَى نُزُولِ الْمُحْصَبِ هَلْ هُوَ مِنْ عَمَلِ الْحَجِّ قَالَ: فَمَنْ جَعَلَهُ مِنْ عَمَلِ الْحَجِّ قَالَ: يَلْزَمُهُ أَلَّا يُحْرِمَ بِهَا قَبْلَ إتْمَامِهِ انْتَهَى.

وَنَقَلَ كَلَامَ ابْنِ الْمَوَّازِ اللَّخْمِيُّ وَغَيْرُهُ، وَكَلَامُ الْبَاجِيِّ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - رَاجِعٌ إلَى أَوَّلِ الْكَلَامِ فِي انْعِقَادِ الْإِحْرَامِ بَعْدَ رَمْيِ الرَّابِعِ وَقَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْهُ، وَذَلِكَ: أَنَّهُ وَقَعَ فِي كَلَامِ صَاحِبِ الْإِكْمَالِ مَا نَصُّهُ: وَقْتُ الْعُمْرَةِ لِغَيْرِ الْحَاجِّ السَّنَةُ كُلُّهَا، وَلِلْحَاجِّ بَعْدَ أَنْ تَغِيبَ الشَّمْسُ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَنَحْوُهُ لِلشَّافِعِيِّ قَالَ مَالِكٌ وَسَوَاءٌ تَعَجَّلَ أَمْ لَا، فَإِنْ أَحْرَمَ قَبْلَ ذَلِكَ بِالْعُمْرَةِ، وَقَدْ بَقِيَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ الرَّمْيِ لَمْ يَنْعَقِدْ إحْرَامُهُ، وَإِنْ لَمْ يَبْقَ انْعَقَدَ، وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ: أَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ وَاخْتَلَفَ فِيهِ قَوْلُ مَالِكٍ انْتَهَى.

وَنَقَلَهُ عَنْهُ ابْنُ عَرَفَةَ بَعْدَ ذِكْرِهِ كَلَامَ الْمُدَوَّنَةِ، وَنَقَلَهُ أَيْضًا التَّادَلِيُّ، وَذَكَرَهُ بَعْدَ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ، وَفِي ذِكْرِهِمَا كَلَامَ الْمُدَوَّنَةِ مَعَ مَا قَالَ: إنَّهُ ظَاهِرُهَا رَدٌّ عَلَيْهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الْخَامِسُ:) لَمَّا ذَكَرَ ابْنُ رُشْدٍ كَلَامَ ابْنِ الْمَوَّازِ فِي وَطْئِهِ بَعْدَ إحْلَالِهِ قَبْلَ غُرُوبِ الرَّابِعِ، قَالَ: الْقِيَاسُ إذَا كَانَ قَدْ حَلَّ مِنْ إحْرَامِ الْحَجِّ وَانْعَقَدَ إحْرَامُ الْعُمْرَةِ أَنْ يَصِحَّ عَمَلُهَا انْتَهَى.

مِنْ الرَّسْمِ الْمُتَقَدِّمِ وَنَحْوُهُ مَا تَقَدَّمَ عَنْ اللَّخْمِيِّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(السَّادِسُ:) قَالَ فِي النَّوَادِرِ، وَلَا بَأْسَ أَنْ يَعْتَمِرَ الصَّرُورَةُ قَبْلَ أَنْ يَحُجَّ، وَقَدْ اعْتَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَبْلَ أَنْ يَحُجَّ انْتَهَى.

، وَنَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ فِي مَنَاسِكِهِ وَيَعْنِي بِذَلِكَ أَنَّ مَنْ قَدِمَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، وَهُوَ صَرُورَةٌ فَلَا يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ أَنْ يُحْرِمَ بِالْحَجِّ بَلْ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَعْتَمِرَ، أَمَّا

ص: 25

إذَا قَدِمَ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ فَالْمَطْلُوبُ مِنْهُ حِينَئِذٍ الْإِحْرَامُ بِالْعُمْرَةِ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَمَكَانُهُ لَهُ لِلْمُقِيمِ مَكَّةَ)

ش: يَعْنِي أَنَّ الْمِيقَاتَ الْمَكَانِيَّ لِلْمُقِيمِ بِمَكَّةَ - إذَا أَرَادَ أَنْ يُحْرِمَ بِالْحَجِّ - مَكَّةُ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ أَهْلِهَا أَوْ أَقَامَ بِهَا (تَنْبِيهَانِ الْأَوَّلُ:) ظَاهِرُ كَلَامِهِ: أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ الْإِحْرَامُ مِنْ مَكَّةَ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ غَيْرِهَا، وَاَلَّذِي صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الْحَاجِبِ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ يَجُوزُ الْإِحْرَامُ مِنْ غَيْرِهَا قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: وَلَوْ خَرَجَا يَعْنِي الْمَكِّيَّ وَالْآفَاقِيَّ الْمُقِيمَ بِهَا إلَى الْحِلِّ جَازَ عَلَى الْأَشْهَرِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ قَالَ ابْنُ هَارُونَ قَوْلُهُ: عَلَى الْأَشْهَرِ يَقْتَضِي أَنَّ فِيهِمَا قَوْلًا بِالْكَرَاهَةِ وَالْمَنْعِ، وَلَا نَعْلَمُ فِي ذَلِكَ خِلَافًا إلَّا فِي الْأَوْلَوِيَّةِ، وَنَقَلَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ أَيْضًا، وَقَالَ: قَالَ ابْنُ رَاشِدٍ: مُقَابِلُ الْأَشْهَرِ فِي كَلَامِهِ قَوْلٌ بِعَدَمِ الْجَوَازِ، وَلَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ مَعْزُوًّا انْتَهَى.

وَقَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَإِذَا أَحْرَمَ بِالْحَجِّ مِنْ خَارِجِ الْحَرَمِ مَكِّيٌّ أَوْ مُتَمَتِّعٌ فَلَا دَمَ عَلَيْهِ فِي تَرْكِهِ الْإِحْرَامَ مِنْ دَاخِلِ الْحَرَمِ، فَإِنْ مَضَى إلَى عَرَفَاتٍ بَعْدَ إحْرَامِهِ مِنْ الْحَرَمِ، وَلَمْ يَدْخُلْ الْحَرَمَ، وَهُوَ مُرَاهِقٌ فَلَا دَمَ عَلَيْهِ، وَهَذَا زَادَ، وَلَمْ يَنْقُصْ قَالَ التَّادَلِيُّ: قَالَ الْبَاجِيُّ قَوْلُهُ: زَادَ، وَلَمْ يَنْقُصْ هَذَا عِنْدِي - فِيمَنْ عَادَ إلَى الْحَرَمِ - ظَاهِرٌ، وَأَمَّا مَنْ أَهَلَّ مِنْ الْحِلِّ وَتَوَجَّهَ إلَى عَرَفَاتٍ دُونَ دُخُولِهِ الْحَرَمَ أَوْ أَهَلَّ مِنْ عَرَفَاتٍ بَعْدَ أَنْ تَوَجَّهَ إلَيْهَا حَلَالًا مَرِيدًا الْحَجَّ، فَإِنَّهُ نَقَصَ، وَلَمْ يَزِدْ، وَإِنَّمَا وَجَبَ عَلَيْهِ الدَّمُ عَلَى هَذَا؛ لِأَنَّ مَكَّةَ لَيْسَتْ مِنْ الْمَوَاقِيتِ؛ لِأَنَّ الْمَوَاقِيتَ وُقِّتَتْ لِئَلَّا يَدْخُلَ الْإِنْسَانُ إلَى مَكَّةَ بِغَيْرِ إحْرَامٍ فَمَنْ كَانَ عِنْدَ الْبَيْتِ فَلَيْسَ الْبَيْتُ مِيقَاتًا لَهُ بِدَلِيلِ أَنَّ الْمُعْتَمِرَ لَا يُحْرِمُ مِنْهَا وَالْمَوَاقِيتُ يَسْتَوِي فِي الْإِحْرَامِ مِنْهَا الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ انْتَهَى.

وَنَقَلَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ بَعْضَ كَلَامِ الْبَاجِيِّ، وَلَعَلَّهُ حَصَلَ فِي نُسْخَتِهِ مِنْ الْمُنْتَقَى سَقْطٌ، وَوَجَّهَ سَنَدٌ كَلَامَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ بِنَحْوِ مَا ذَكَرَهُ الْبَاجِيُّ فَظَاهِرُ كَلَامِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ: أَنَّ مَنْ تَرَكَ الْإِحْرَامَ مِنْ مَكَّةَ وَأَحْرَمَ بِالْحَجِّ مِنْ الْحِلِّ تَرَكَ الْأَوْلَى وَالْأَفْضَلَ، وَلَا يُقَالُ: إنَّهُ آثِمٌ، وَلَا إنَّهُ أَسَاءَ، وَقَالَ ابْنُ جَمَاعَةَ: الشَّافِعِيُّ: لَوْ فَارَقَ الْمُقِيمُ بِمَكَّةَ بُنْيَانَهَا وَأَحْرَمَ فِي الْحَرَمِ أَوْ فِي الْحِلِّ فَهُوَ مُسِيءٌ يَلْزَمُهُ الدَّمُ إنْ لَمْ يَعُدْ قَبْلَ الْوُقُوفِ إلَى مَكَّةَ، وَكَذَلِكَ مَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ إلَّا أَنَّهُمْ لَا يُوجِبُونَ الدَّمَ بِالْإِحْرَامِ مِنْ غَيْرِ مَكَّةَ، وَإِنْ لَمْ يَعُدْ إلَيْهَا انْتَهَى.

(قُلْت:) الَّذِي يَقْتَضِيهِ كَلَامُ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ لَا إسَاءَةَ فِي ذَلِكَ، وَإِنَّمَا هُوَ خِلَافُ الْأَوْلَى نَعَمْ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ فِيمَنْ أَخَّرَ الْإِحْرَامَ إلَى عَرَفَةَ، وَهُوَ مَرِيدٌ لِلْحَجِّ: إنَّهُ مُسِيءٌ، وَلَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ فِي كَلَامِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ، وَلَا أَجْزِمُ بِأَنَّهُ آثِمٌ (الثَّانِي:) يُخَصَّصُ كَلَامُهُ هُنَا بِالْمُقِيمِ الَّذِي لَيْسَ فِي نَفَسٍ مِنْ الْوَقْتِ أَوْ كَانَ فِي نَفَسٍ مِنْ الْوَقْتِ، وَلَكِنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْخُرُوجِ لِمِيقَاتِهِ أَيْ: فِي سَعَةِ أَنْ يَخْرُجَ إلَى مِيقَاتِهِ أَوْ يُقَالُ: لَا يَرِدُ عَلَيْهِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ سَيَأْتِي لَهُ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ كَانَ مُقِيمًا بِمَكَّةَ وَكَانَ فِي نَفَسٍ مِنْ الْوَقْتِ أَيْ: فِي سَعَةِ أَنْ يَخْرُجَ إلَى مِيقَاتِهِ لِيُحْرِمَ مِنْهُ بِالْحَجِّ، وَقَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالنَّفَسُ بِفَتْحِ الْفَاءِ السَّعَةُ

ص (نُدُوبُ الْمَسْجِدِ)

ش: أَيْ: وَيُسْتَحَبُّ لِلْمُقِيمِ بِمَكَّةَ إذَا أَرَادَ أَنْ يُحْرِمَ مِنْهَا بِالْحَجِّ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ الْمَسْجِدِ، وَهَذَا هُوَ: الْمَشْهُورُ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ فِيهَا: وَاسْتَحَبَّ مَالِكٌ لِأَهْلِ مَكَّةَ وَلِمَنْ دَخَلَهَا بِعُمْرَةٍ أَنْ يُحْرِمَ بِالْحَجِّ مِنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ انْتَهَى.

وَعَنْ ابْنِ حَبِيبٍ أَنَّ الْمُسْتَحَبَّ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ بَابِ الْمَسْجِدِ، وَقِيلَ: لَا يُسْتَحَبُّ الْإِحْرَامُ مِنْ الْمَسْجِدِ، وَلَا مِنْ بَابِهِ بَلْ يُحْرِمُ مِنْ حَيْثُ شَاءَ، وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ أَنَّ هُنَاكَ قَوْلًا بِلُزُومِ الْإِحْرَامِ مِنْ الْمَسْجِدِ وَاعْتُرِضَ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي عَدَمِ اللُّزُومِ وَنَصُّ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ: وَفِي تَعْيِينِ الْمَسْجِدِ قَوْلَانِ انْتَهَى.

قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: وَأَكْثَرُ النُّصُوصِ اسْتِحْبَابُ ذَلِكَ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ: أَنَّ الْقَوْلَيْنِ فِي الْوُجُوبِ، وَلَمْ أَرَ ذَلِكَ لِغَيْرِهِ إلَّا لِابْنِ بَشِيرٍ انْتَهَى.

(قُلْت:) لَيْسَ فِي عِبَارَةِ ابْنِ بَشِيرٍ تَصْرِيحٌ بِالْوُجُوبِ، وَنَصُّهُ: وَمُرِيدُ ذَلِكَ يَعْنِي الْإِحْرَامَ لَا يَخْلُو مِنْ أَنْ يَبْعُدَ بَلَدُهُ أَوْ يَقْرُبَ أَوْ يَكُونَ فِي الْحَرَمِ ثُمَّ قَالَ، فَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ أَوْ مِمَّنْ دَخَلَهَا ثُمَّ أَنْشَأَ الْإِحْرَامَ مِنْهَا، فَإِنْ أَرَادَ الْحَجَّ أَحْرَمَ مِنْ مَكَانِهِ، وَمِنْ أَيْنَ؟ هَلْ

ص: 26

مِنْ دَاخِلِ الْمَسْجِدِ؛ لِأَنَّهُ أَقْصَى الْمُمْكِنِ فِي الْبُعْدِ عَنْ الْحِلِّ فَأَشْبَهَ الْمَوَاقِيتَ أَوْ مِنْ حَيْثُ شَاءَ مِنْ مَكَّةَ فِي ذَلِكَ؟ قَوْلَانِ انْتَهَى فَتَأَمَّلْهُ.

، وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَقَوْلُهُ: يَعْنِي ابْنَ الْحَاجِبِ فَفِي تَعْيِينِ الْمَسْجِدِ لِلْإِحْرَامِ قَوْلَانِ أَيْ: يُسْتَحَبُّ تَعْيِينُ الْمَسْجِدِ إذْ لَا خِلَافَ فِي عَدَمِ اللُّزُومِ انْتَهَى.

وَنَحْوُهُ لِابْنِ فَرْحُونٍ، وَقَالَ بَعْدَ ذِكْرِ الْقَوْلِ الثَّانِي بِعَدَمِ الِاسْتِحْبَابِ، وَهُوَ حَسَنٌ لِحَدِيثِ جَابِرٍ أَهْلَلْنَا بِالْأَبْطَحِ وَاعْتَرَضَ ابْنُ عَرَفَةَ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ الْقَوْلَ بِاللُّزُومِ بِأَنَّهُ مَفْهُومٌ مِنْ كَلَامِ الشَّيْخِ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَسَمَاعِ أَشْهَبَ وَكَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ عَلَيْهِ وَلْنَذْكُرْ كَلَامَهُ بِرُمَّتِهِ قَالَ مِنْهَا فِيهَا إحْرَامُ مُرِيدِهِ مِنْ مَكَّةَ، وَفِيهَا أَيْضًا يُسْتَحَبُّ مِنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَسُمِعَ الْقَرِينَانِ يُحْرِمُ مِنْ جَوْفِ الْمَسْجِدِ قِيلَ: مِنْ بَيْتِهِ قَالَ بَلْ مِنْ جَوْفِ الْمَسْجِدِ قِيلَ: مِنْ عِنْدِ بَابِ الْمَسْجِدِ قَالَ: لَا بَلْ مِنْ جَوْفِ الْمَسْجِدِ ابْنُ رُشْدٍ؛ لِأَنَّ السُّنَّةَ كَوْنُ الْإِحْرَامِ إثْرَ نَفْلٍ بِالْمَسْجِدِ، فَإِذَا صَلَّى وَجَبَ إحْرَامُهُ مِنْ مَكَانِهِ؛ لِأَنَّ التَّلْبِيَةَ إجَابَةٌ إلَى بَيْتِهِ الْحَرَامِ أَوْ بِخُرُوجِهِ يَزْدَاد مِنْ الْبَيْتِ بُعْدًا بِخِلَافِ خُرُوجِهِ مِنْ غَيْرِهِ مِنْ مَسَاجِدِ الْمَوَاقِيتِ إذْ بِخُرُوجِهِ يَزْدَادُ مِنْ الْبَيْتِ قُرْبًا اللَّخْمِيُّ قَوْلُهُ: فِي الْمَبْسُوطِ مِنْ حَيْثُ شَاءَ مِنْ مَكَّةَ أَصْوَبُ الْبَاجِيُّ فِي كَوْنِ إحْرَامِهِ مِنْ دَاخِلِ الْمَسْجِدِ أَوْ بَابِهِ رِوَايَتَا أَشْهَبَ وَابْنِ حَبِيبٍ وَقَوْلِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَكْثَرُ النُّصُوصِ اسْتِحْبَابُ الْمَسْجِدِ، وَلَمْ يَحْكِ لُزُومَهُ غَيْرُ ابْنِ بَشِيرٍ قُصُورًا لِنَقْلِ الشَّيْخِ رِوَايَةَ مُحَمَّدٍ وَسَمَاعَ أَشْهَبَ يُحْرِمُ مِنْ بَيْتِهِ قَالَ: بَلْ مِنْ جَوْفِ الْمَسْجِدِ وَعِبَارَةُ ابْنِ رُشْدٍ عَنْهُ يُوجِبُ انْتَهَى.

وَيُشِيرُ لِقَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ فِي شَرْحِ مَسْأَلَةِ سَمَاعِ الْقَرِينَيْنِ الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهُ، فَإِذَا صَلَّى فِي الْمَسْجِدِ وَجَبَ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ مَكَانِهِ، وَلَا يَخْرُجَ إلَى بَابِ الْمَسْجِدِ؛ لِأَنَّ التَّلْبِيَةَ إجَابَةُ اللَّهِ إلَى بَيْتِهِ الْحَرَامِ فَهُوَ بِخُرُوجِهِ مِنْ الْمَسْجِدِ يَزْدَادُ بُعْدًا مِنْ الْبَيْتِ بِخِلَافِ خُرُوجِهِ مِنْ غَيْرِهِ مِنْ مَسَاجِدِ الْمَوَاقِيتِ بِخُرُوجِهِ يَزْدَادُ قُرْبًا انْتَهَى.

وَالظَّاهِرُ: أَنَّ قَوْلَ ابْنِ رُشْدٍ وَجَبَ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ مَكَانِهِ لَمْ يُرِدْ بِهِ الْوُجُوبَ الَّذِي هُوَ أَحَدُ الْأَحْكَامِ الْخَمْسَةِ، وَإِنَّمَا مُرَادُهُ بِهِ اللُّزُومُ وَالتَّرَتُّبُ، وَكَثِيرًا مَا يَقَعُ ذَلِكَ فِي عِبَارَةِ ابْنِ بَشِيرٍ وَغَيْرِهِ، قَالَ فِي الطِّرَازِ فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا أَفْسَدَ الْأَجِيرُ حَجَّهُ، وَأَنَّهُ يَلْزَمُهُ قَضَاؤُهُ، وَلَا يُجْزِئُهُ أَمَّا كَوْنُهُ لَا يُجْزِئُهُ فَمُتَّفَقٌ عَلَيْهِ إلَّا مَا ذَكَرَهُ عَنْ الْمُزَنِيِّ ثُمَّ رَدَّهُ وَأَطَالَ ثُمَّ قَالَ: وَإِذَا لَمْ يُجْزِئْ عَنْ الْمَيِّتِ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ لِفَاعِلِهِ، وَقَالَ فِي الْمَعُونَةِ فِي بَابِ الْأَذَانِ وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَكُونَ مُتَطَهِّرًا؛ لِأَنَّهُ دُعَاءٌ إلَى الصَّلَاةِ فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ الدَّاعِي إلَيْهَا عَلَى صِفَةِ مَنْ يُمْكِنُهُ أَنْ يُصَلِّيَ انْتَهَى.

وَقَالَ فِي الطِّرَازِ فِي غُسْلِ الْإِحْرَامِ، وَإِذَا ثَبَتَ الْغُسْلُ لِلْإِحْرَامِ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ مُتَّصِلًا بِهِ، وَقَالَ فِي كِتَابِ الْعَقِيقَةِ مِنْ الْبَيَانِ لَمَّا ذَكَرَ أَنَّ الْمَوْلُودَ إذَا مَاتَ قَبْلَ السَّابِعِ لَا يُعَقُّ عَنْهُ؛ لِأَنَّ الْعَقِيقَةَ إنَّمَا يَجِبُ ذَبْحُهَا فِي يَوْمِ السَّابِعِ، وَمِثْلُ هَذَا كَثِيرٌ فِي عِبَارَاتِهِمْ، وَلَوْ فَهِمَ ابْنُ رُشْدٍ الرِّوَايَةَ الْمَذْكُورَةَ عَلَى الْوُجُوبِ لَنَبَّهَ عَلَى أَنَّهَا مُخَالِفَةٌ لِمَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ كَمَا هُوَ عَادَتُهُ فَتَأَمَّلْهُ مُنْصِفًا (تَنْبِيهٌ) : إذَا قُلْنَا: يُحْرِمُ مِنْ دَاخِلِ الْمَسْجِدِ، فَإِنَّهُ يُحْرِمُ مِنْ مَوْضِعِ صَلَاتِهِ وَيُلَبِّي، وَهُوَ جَالِسٌ فِي مَوْضِعِهِ كَمَا يُفْهَمُ ذَلِكَ مِنْ نُصُوصِهِمْ لَا سِيَّمَا كَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ الْمُتَقَدِّمُ حَيْثُ قَالَ: وَإِذَا صَلَّى فِي الْمَسْجِدِ وَجَبَ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ مَكَانِهِ، وَلَا يَخْرُجَ إلَى بَابِ الْمَسْجِدِ إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ وَفُهِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَقُومَ مِنْ مُصَلَّاهُ، وَلَا أَنْ يَتَقَدَّمَ إلَى جِهَةِ الْبَيْتِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَوْ كَانَ مَطْلُوبًا لَنَبَّهُوا عَلَيْهِ، وَلَمْ أَرَ فِي كَلَامِ أَصْحَابِنَا اسْتِحْبَابَ مَوْضِعٍ مَخْصُوصٍ مِنْ الْمَسْجِدِ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ: يُحْرِمُ مِنْ قُرْبِ الْبَيْتِ إمَّا تَحْتَ الْمِيزَابِ أَوْ غَيْرَهُ، وَقَالَ صَاحِبُ الْمُفْهِمِ مِنْ الْحَنَابِلَةِ: مِنْ تَحْتِ الْمِيزَابِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (كَخُرُوجِ ذِي النَّفَسِ لِمِيقَاتِهِ)

ش: يَعْنِي أَنَّ مَنْ كَانَ مُقِيمًا بِمَكَّةَ يُسْتَحَبُّ لَهُ إذَا كَانَ فِي نَفَسٍ مِنْ الْوَقْتِ أَنْ يَخْرُجَ إلَى مِيقَاتِهِ لِلْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ وَتَقَدَّمَ بَيَانُهُ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ هَذَا خَاصٌّ بِالْحَجِّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ وَكَذَلِكَ مَنْ أَرَادَ الْعُمْرَةَ اُسْتُحِبَّ لَهُ الْخُرُوجُ لِمِيقَاتِهِ قَالَ فِي النَّوَادِرِ عَنْ كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ: قَالَ مَالِكٌ: وَالْمَوَاقِيتُ فِي

ص: 27

الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ سَوَاءٌ إلَّا مَنْ مَنْزِلُهُ فِي الْحَرَمِ أَوْ بِمَكَّةَ فَعَلَيْهِ فِي الْعُمْرَةِ أَنْ يَخْرُجَ لِلْحِلِّ، وَأَقَلُّ ذَلِكَ التَّنْعِيمُ وَمَا بَعُدَ مِثْلُ الْجِعْرَانَةِ فَهُوَ أَفْضَلُ، وَلَوْ خَرَجَ الطَّارِئُ إلَى مِيقَاتِهِ كَانَ أَفْضَلَ انْتَهَى.

، وَقَالَ فِي الْجَلَّابِ وَالْعُمْرَةُ مِنْ الْمِيقَاتِ أَفْضَلُ مِنْهَا مِنْ الْجِعْرَانَةِ أَوْ التَّنْعِيمِ قَالَ التِّلِمْسَانِيُّ إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْإِحْرَامِ إنَّمَا هُوَ مِنْ الْمِيقَاتِ، وَإِنَّمَا رَخَّصَ لِمَنْ بِمَكَّةَ مِنْ الْجِعْرَانَةِ أَوْ التَّنْعِيمِ، وَإِنْ لَمْ يَبْلُغُوا مَوَاقِيتَهُمْ، وَإِلَّا فَالْأَفْضَلُ لَهُمْ الْإِحْرَامُ مِنْ مَوَاقِيتِهِمْ انْتَهَى.

وَفُهِمَ مِنْ كَلَامِ التِّلِمْسَانِيِّ أَنَّ كَلَامَ ابْنِ الْجَلَّابِ فِي غَيْرِ أَهْلِ مَكَّةَ، وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَلَهَا، وَلِلْقِرَانِ الْحِلُّ وَالْجِعْرَانَةُ أَوْلَى ثُمَّ التَّنْعِيمُ)

ش: يَعْنِي أَنَّ الْمِيقَاتَ الْمَكَانِيَّ لِلْعُمْرَةِ وَالْقِرَانِ لِمَنْ كَانَ بِمَكَّةَ طَرَفُ الْحِلِّ مِنْ أَيِّ جِهَةٍ كَانَتْ، وَلَوْ بِخُطْوَةٍ وَاحِدَةٍ، وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَبْعُدَ عَنْ طَرَفِ الْحِلِّ وَأَفْضَلُ جِهَاتِ الْحِلِّ الْجِعْرَانَةُ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم اعْتَمَرَ مِنْهَا وَلِبُعْدِهَا ثُمَّ يَلِيهَا فِي الْفَضْلِ التَّنْعِيمُ؛ لِأَنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ السَّيِّدَةَ عَائِشَةَ أَنْ تَعْتَمِرَ مِنْهَا وَقَوْلُهُ هُنَا: ثُمَّ التَّنْعِيمُ أَحْسَنُ مِنْ قَوْلِهِ فِي مَنَاسِكِهِ أَوْ التَّنْعِيمُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْتَضِي تَفْضِيلَ الْجِعْرَانَةِ عَلَى التَّنْعِيمِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ التَّصْرِيحُ بِأَفْضَلِيَّتِهَا فِي كَلَامِ النَّوَادِرِ وَالْجِعْرَانَةُ بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيدِ وَصَوَّبَ الشَّافِعِيُّ الْأَوَّلَ، وَقَالَ: إنَّ التَّشْدِيدَ خَطَأٌ وَأَكْثَرُ الْمُحَدِّثِينَ عَلَى التَّشْدِيدِ، وَقَالَ فِي الْقَامُوسِ الْجِعْرَانَةُ، وَقَدْ تُكْسَرُ الْعَيْنُ وَتُشَدَّدُ الرَّاءُ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ التَّشْدِيدُ خَطَأٌ مَوْضِعٌ بَيْنَ مَكَّةَ وَالطَّائِفِ انْتَهَى.

، وَهِيَ إلَى مَكَّةَ أَقْرَبُ بِكَثِيرٍ؛ لِأَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَكَّةَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ مِيلًا، وَظَاهِرُ كَلَامِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْجِهَاتِ بَعْدَهُمَا مُتَسَاوِيَةٌ وَزَادَ الشَّافِعِيَّةُ بَعْدَ التَّنْعِيمِ الْحُدَيْبِيَةَ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم تَحَلَّلَ فِيهَا، وَهِيَ بِضَمِّ الْحَاءِ وَفَتْحِ الدَّالِ الْمُهْمَلَتَيْنِ وَيَجُوزُ فِي يَائِهَا الثَّانِيَةِ التَّخْفِيفُ وَالتَّشْدِيدُ، وَصَوَّبَ الشَّافِعِيُّ التَّخْفِيفَ وَأَكْثَرُ الْمُحَدِّثِينَ عَلَى التَّشْدِيدِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(فَوَائِدُ: الْأُولَى) : اعْتِمَارُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ الْجِعْرَانَةِ كَانَ فِي ذِي الْقَعْدَةِ حِينَ قَسَمَ غَنَائِمَ حُنَيْنٍ كَمَا ثَبَتَ ذَلِكَ فِي الصَّحِيحِ، وَمَا ذَكَرَهُ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ عَنْ الْوَاقِدِيِّ أَنَّ إحْرَامَهُ بِالْعُمْرَةِ مِنْهَا كَانَ لَيْلَةَ الْأَرْبِعَاءِ لِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ لَيْلَةً بَقِيَتْ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ ثُمَّ قَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ وَمِنْهَا يُحْرِمُ أَهْلُ مَكَّةَ فِي كُلِّ عَامٍ فِي لَيْلَةِ سَبْعَ عَشْرَةَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ، وَذَلِكَ خِلَافُ مَا ذَكَرَهُ الْوَاقِدِيُّ انْتَهَى.

قَالَ الْقَاضِي تَقِيُّ الدِّينِ الْفَاسِيُّ فِي شِفَاءِ الْغَرَامِ، مَا ذَكَرَهُ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ يُخَالِفُ مَا أَدْرَكْنَا عَلَيْهِ أَهْلَ مَكَّةَ، فَإِنَّهُمْ يَخْرُجُونَ مِنْ مَكَّةَ فِي الْيَوْمِ السَّادِسَ عَشَرَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ وَيُقِيمُونَ الْيَوْمَ السَّابِعَ عَشَرَ بِالْجِعْرَانَةِ وَيُصَلُّونَ الْمَغْرِبَ بِهَا لَيْلَةَ الثَّامِنَ عَشَرَ وَيُحْرِمُونَ وَيَتَوَجَّهُونَ إلَى مَكَّةَ، وَهُوَ يُلَائِمُ مَا ذَكَرَهُ الْوَاقِدِيُّ إلَّا أَنَّ فِي بَعْضِ السِّنِينَ يَحْصُلُ لِلنَّاسِ خَوْفٌ فَيَخْرُجُونَ مِنْ الْجِعْرَانَةِ مُحْرِمِينَ قَبْلَ الْغُرُوبِ مِنْ الْيَوْمِ السَّابِعَ عَشَرَ وَرُبَّمَا خَرَجُوا مِنْهَا قَبْلَ صَلَاةِ الْعَصْرِ وَبَعْدَهُ قَبْلَ الْغُرُوبِ انْتَهَى.

وَعَلَى مَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي تَقِيُّ الدِّينِ أَدْرَكْنَا عَلَيْهِ عَمَلَ أَهْلِ مَكَّةَ لَكِنْ يَخْرُجُ الْكَثِيرُ مِنْهُمْ قَبْلَ صَلَاةِ الْعَصْرِ، وَبَعْدَهَا قَبْلَ الْغُرُوبِ مِنْ غَيْرِ حُصُولِ خَوْفٍ، وَفِي هَذَا الْفِعْلِ الَّذِي يَفْعَلُونَهُ أُمُورٌ مِنْهَا أَنَّهُمْ يَفْعَلُونَهَا قَبْلَ الْوَقْتِ الَّذِي فَعَلَهَا فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي كَثِيرٍ مِنْ الْأَحْيَانِ، وَمِنْهَا أَنَّ الْإِحْرَامَ بِالْعُمْرَةِ فِي هَذَا الْوَقْتِ يُفَوِّتُ فَضِيلَةَ الْإِفْرَادِ بِالْحَجِّ لِمَنْ يَحُجُّ فِي عَامِهِ، وَمِنْهَا اتِّخَاذُ ذَلِكَ سُنَّةً فِي كُلِّ عَامٍ، وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إنَّمَا صَادَفَ اعْتِمَارُهُ هَذَا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، وَلَمْ يُشْهِرْ ذَلِكَ، وَلَمْ يَأْمُرْ بِهِ، وَمِنْهَا أَنَّ هُنَاكَ حَجَرًا مَحْفُورًا يُسَمُّونَهُ صَحْفَةَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَصَخْرَةً عَظِيمَةً يُسَمُّونَهَا نَاقَةَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَيَجْتَمِعُ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ عِنْدَهُمَا وَيَعْجِنُونَ فِي الصَّحْفَةِ عَجِينًا وَيُقَطِّعُونَهُ قِطَعًا صِغَارًا يَضَعُونَهَا فِي الدَّرَاهِمِ لِلْبَرَكَةِ وَيَحْمِلُونَ مِنْ مَائِهَا وَيَصُرُّونَ ذَلِكَ مَعَ قِطَعِ الْعَجِينِ لِلْمُقِيمِينَ بِمَكَّةَ، وَمِنْ فَضَائِلِ الْجِعْرَانَةِ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْجُنْدِيُّ عَنْ ابْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ اعْتَمَرَ مِنْ

ص: 28

الْجِعْرَانَةِ ثَلَاثُمِائَةِ نَبِيٍّ، وَفِيهَا مَاءٌ شَدِيدُ الْعُذُوبَةِ يُقَالُ: إنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَحَصَ مَوْضِعَ الْمَاءِ بِيَدِهِ الْمُبَارَكَةِ فَانْبَجَسَ فَشَرِبَ مِنْهُ وَسَقَى النَّاسَ وَيُقَالُ: إنَّهُ غَرَزَ فِيهِ رُمْحَهُ فَنَبَعَ، وَقَدْ اسْتَوْفَيْتُ الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ مَعَ مَزِيدِ فَوَائِدَ عَدِيدَةٍ تَتَعَلَّقُ بِأَحْكَامِ الْعُمْرَةِ وَالْجِعْرَانَةِ وَالتَّنْعِيمِ فِي شَرْحِ مَنَاسِكِ الشَّيْخِ خَلِيلٍ فَمَنْ أَرَادَ الشِّفَاءَ فِي ذَلِكَ فَلْيُرَاجِعْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الثَّانِيَةُ) أَمْرُهُ صلى الله عليه وسلم لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنهما أَنْ يَخْرُجَ بِأُخْتِهِ عَائِشَةَ رضي الله عنها كَانَ فِي حَجَّةِ الْوَادِعِ وَذَلِكَ: أَنَّهَا أَحْرَمَتْ بِالْعُمْرَةِ فَحَاضَتْ قَبْلَ أَنْ تَطُوفَ وَتَسْعَى لِلْعُمْرَةِ، وَأَدْرَكَهُمْ وَقْتُ الْوُقُوفِ قَبْلَ أَنْ تَطْهُرَ فَأَمَرَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ تُرْدِفَ الْحَجَّ عَلَى الْعُمْرَةِ فَلَمَّا قَضَتْ الْحَجَّ قَالَتْ: يَرْجِعُ النَّاسُ بِنُسُكَيْنِ وَأَرْجِعُ أَنَا بِنُسُكٍ وَاحِدٍ يَعْنِي يَرْجِعُ النَّاسُ بِنُسُكَيْنِ مُفْرَدَيْنِ وَتَرْجِعُ هِيَ بِنُسُكٍ وَاحِدٍ أَيْ: بِصُورَةِ نُسُكٍ، فَإِنَّ عَمَلَ الْعُمْرَةِ اضْمَحَلَّ فَأَمَرَ أَخَاهَا أَنْ يُعْمِرَهَا مِنْ التَّنْعِيمِ، وَفِي بَعْضِ رِوَايَاتِ الْحَدِيثِ، وَهَذِهِ مَكَانُ عُمْرَتِك، وَتَقَدَّمَ فِي عِبَارَةِ ابْنِ رُشْدٍ أَمَرَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِقَضَاءِ عُمْرَتِهَا بَعْدَ انْقِضَاءِ حَجِّهَا، وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْمَعْنَى فِي ذَلِكَ أَنَّ صُورَتَهَا صُورَةُ الْقَضَاءِ لَا أَنَّهَا قَضَاءٌ حَقِيقَةً؛ إذْ لَا يَلْزَمُهَا قَضَاءٌ، وَإِنَّمَا يُسْتَحَبُّ لَهَا أَنْ تَأْتِيَ بِعُمْرَةٍ كَمَا سَيَأْتِي عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَإِنْ أَرْدَفَ لِخَوْفِ فَوَاتٍ أَوْ لِحَيْضٍ، وَفِي مَرَاسِيلِ أَبِي دَاوُد عَنْ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ: وَقَّتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِأَهْلِ مَكَّةَ التَّنْعِيمَ، وَقَالَ سُفْيَانُ هَذَا حَدِيثٌ لَا يُعْرَفُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الثَّالِثَةُ:) قَالَ سَنَدٌ: وَقَدْ رَغَّبَ الشَّرْعُ فِي الْعُمْرَةِ فِي رَمَضَانَ لِمَا يُرْجَى مِنْ تَضَاعُفِ الْحَسَنَاتِ فَفِي الْمُوَطَّإِ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ «أَنَّ امْرَأَةً أَتَتْ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: إنِّي كُنْتُ قَدْ تَجَهَّزْتُ لِلْحَجِّ فَاعْتَرَضَ لِي فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: اعْتَمِرِي فِي رَمَضَانَ، فَإِنَّ عُمْرَةً فِيهِ بِحَجَّةٍ» رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَرَادَ الْحَجَّ فَقَالَتْ امْرَأَةٌ لِزَوْجِهَا أَحْجِجْنِي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ إلَى أَنْ قَالَ: إنَّهَا أَمَرَتْنِي أَنْ أَسْأَلَكَ مَا يَعْدِلُ حَجَّةً مَعَكَ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَقْرِئْهَا السَّلَامَ وَرَحْمَةَ اللَّهِ، وَأَخْبِرْهَا أَنَّهَا تَعْدِلُ حَجَّةً مَعِي عُمْرَةٌ فِي رَمَضَانَ» خَرَّجَهُ أَبُو دَاوُد انْتَهَى.

وَفِي مُخْتَصَرِ الْوَاضِحَةِ، وَنَقَلَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ أَفْضَلُ شُهُورِ الْعُمْرَةِ رَجَبٌ وَرَمَضَانُ انْتَهَى.

وَقَالَ فِي الْقَوَانِينِ: وَتَجُوزُ فِي جَمِيعِ السَّنَةِ إلَّا لِمَنْ كَانَ مَشْغُولًا بِالْحَجِّ وَأَفْضَلُهَا فِي رَمَضَانَ انْتَهَى.

وَالْحَدِيثُ فِي فَضْلِهَا فِي رَمَضَانَ، وَأَنَّهَا تَعْدِلُ حَجَّةً مَعَهُ عليه الصلاة والسلام ثَابِتٌ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ، وَقَدْ اسْتَمَرَّ عَمَلُ النَّاسِ الْيَوْمَ عَلَى الْإِكْثَارِ مِنْهَا فِي رَجَبٍ وَشَعْبَانَ وَرَمَضَانَ وَبَعْدَ أَيَّامِ مِنًى لِآخِرِ الْحَجَّةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ أَعَادَ طَوَافَهُ وَسَعْيَهُ بَعْدَهُ)

ش يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ إلَى الْحِلِّ، فَإِنَّ إحْرَامَهُ بِهَا يَنْعَقِدُ عَلَى الْمَعْرُوفِ مِنْ الْمَذْهَبِ وَيُؤْمَرُ بِالْخُرُوجِ إلَى الْحِلِّ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ وَيَسْعَى لَهَا، فَإِنْ طَافَ وَسَعَى لِلْعُمْرَةِ قَبْلَ خُرُوجِهِ إلَى الْحِلِّ فَطَوَافُهُ وَسَعْيُهُ كَالْعَدَمِ وَيُؤْمَرُ بِإِعَادَتِهِمَا بَعْدَ الْخُرُوجِ إلَى الْحِلِّ (تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ:) ظَاهِرُ كَلَامِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ أَوْ صَرِيحُهُ أَنَّ الْإِحْرَامَ بِهَا مِنْ الْحِلِّ وَاجِبٌ قَالَ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ فِي التَّلْقِينِ وَالْمَعُونَةِ: لَا يَجُوزُ الْإِحْرَامُ بِالْعُمْرَةِ مِنْ الْحَرَمِ، وَكَذَا قَالَ التِّلِمْسَانِيُّ فِي شَرْحِ الْجَلَّابِ: لَا يَجُوزُ أَنْ يُنْشِئَ الْإِحْرَامَ بِهَا مِنْ مَكَّةَ، وَظَاهِرُ كَلَامِ صَاحِبِ النَّوَادِرِ وَابْنِ بَشِيرٍ وَغَيْرِهِمَا بَلْ نَقَلَ التَّادَلِيُّ فِي مَوْضِعَيْنِ مِنْ مَنَاسِكِهِ وَابْنُ جَمَاعَةَ الشَّافِعِيُّ فِي مَنْسَكِهِ الْكَبِيرِ عَنْ ابْنِ جَمَاعَةَ التُّونُسِيِّ الْمَالِكِيِّ أَنَّهُ حَكَى قَوْلًا فِي الْمَذْهَبِ أَنَّهَا لَا تَنْعَقِدُ وَالْمَعْرُوفُ مِنْ الْمَذْهَبِ انْعِقَادُهَا، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي التَّوْضِيحِ أَنَّهُ مُتَّفَقٌ عَلَى انْعِقَادِهَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الثَّانِي:) إذَا قُلْنَا: إنَّ الْإِحْرَامَ يَنْعَقِدُ فَلَا دَمَ عَلَيْهِ عَلَى الْمَعْرُوفِ وَحَكَى ابْنُ جَمَاعَةَ التُّونُسِيُّ أَنَّ عَلَيْهِ الدَّمَ وَنَصُّ كَلَامِهِ فِي تَذْكِرَتِهِ فِي الْفَرْعَيْنِ

ص: 29

عَلَى مَا نَقَلَهُ التَّادَلِيُّ وَابْنُ جَمَاعَةَ مَنْ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ مِنْ الْحَرَمِ انْعَقَدَ إحْرَامُهُ، وَخَرَجَ إلَى الْحِلِّ، وَلَزِمَهُ الدَّمُ لِمُجَاوَزَتِهِ الْمِيقَاتَ، وَقِيلَ: لَا يَنْعَقِدُ انْتَهَى.

(الثَّالِثُ:) حُكْمُ مَنْ كَانَ مَنْزِلُهُ بِالْحَرَمِ كَأَهْلِ مِنًى وَمُزْدَلِفَةَ حُكْمُ أَهْلِ مَكَّةَ (الرَّابِعُ:) بَيَّنَ الْمُصَنِّفُ حُكْمَ مَنْ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ مِنْ الْحِلِّ، وَلَمْ يَذْكُرْ حُكْمَ مَنْ أَحْرَمَ بِالْقِرَانِ، وَذَكَرَ صَاحِبُ الطِّرَازِ وَابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُمَا أَنَّهُ إذَا أَحْرَمَ بِالْقِرَانِ مِنْ مَكَّةَ أَوْ مِنْ الْحَرَمِ لَزِمَهُ ذَلِكَ، وَيَلْزَمُهُ الْخُرُوجُ إلَى الْحِلِّ، وَلَكِنَّهُ إذَا دَخَلَ مِنْ الْحِلِّ فَلَا يَطُوفُ، وَلَا يَسْعَى؛ لِأَنَّ سَعْيَهُ يَقَعُ فِي الْحَجِّ، وَهُوَ قَدْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ مِنْ مَكَّةَ، وَقَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَإِذَا أَحْرَمَ مَكِّيٌّ بِعُمْرَةٍ مِنْ مَكَّةَ ثُمَّ أَضَافَ إلَيْهَا حَجَّةً لَزِمَتَاهُ وَصَارَ قَارِنًا، وَيَخْرُجُ لِلْحِلِّ، وَلَا دَمَ عَلَيْهِ لِلْقِرَانِ؛ لِأَنَّهُ مَكِّيٌّ انْتَهَى.

، وَنَقَلَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَانْظُرْ إذَا فَعَلَ ذَلِكَ، وَلَمْ يَخْرُجْ إلَى الْحِلِّ حَتَّى خَرَجَ إلَى عَرَفَةَ ثُمَّ رَجَعَ وَسَعَى بَعْدَ الْإِفَاضَةِ وَالظَّاهِرُ: أَنَّهُ يُجْزِئُهُ كَمَا يَظْهَرُ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِ ابْنِ بَشِيرٍ وَغَيْرِهِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الْخَامِسُ:) مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ خُرُوجِ الْقَارِنِ إلَى الْحِلِّ هُوَ: الْمَشْهُورُ وَمُقَابِلُهُ مَا عَزَاهُ فِي التَّوْضِيحِ لِسَحْنُونٍ وَعَبْدِ الْمَلِكِ وَإِسْمَاعِيلَ وَعَزَاهُ ابْنُ عَرَفَةَ لِسَحْنُونٍ وَمُحَمَّدٍ وَإِسْمَاعِيلَ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَهُوَ: الظَّاهِرُ؛ لِأَنَّ عَمَلَ الْعُمْرَةِ فِي الْقِرَانِ مُضْمَحِلٌّ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْمُعْتَبَرُ إنَّمَا هُوَ الْحَجُّ، وَالْحَجُّ يَنْشَأُ مِنْ مَكَّةَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَأَهْدَى إنْ حَلَقَ)

ش: فِي إطْلَاقِ الْهَدْيِ عَلَى هَذَا مُسَامَحَةٌ، وَإِنَّمَا هُوَ فِدْيَةٌ، وَقَدْ اعْتَرَضَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ فِي إطْلَاقِ الدَّمِ عَلَيْهِ، وَلَوْ قَالَ: وَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ كَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ غَالِبَ اسْتِعْمَالِهِمْ لَفْظَ إنَّمَا هُوَ فِي الْهَدْيِ لِتَعَيُّنِهِ فِيهِ ابْتِدَاءً وَعَدَمِ تَعَيُّنِ الدَّمِ فِي الْفِدْيَةِ انْتَهَى.

وَإِطْلَاقُ الْهَدْيِ عَلَيْهِ أَشَدُّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَإِلَّا فَلَهُمَا ذُو الْحُلَيْفَةِ وَالْجُحْفَةُ وَيَلَمْلَمُ وَقَرْنٌ وَذَاتُ عِرْقٍ)

ش: الضَّمِيرُ فِي لَهُمَا رَاجِعٌ لِلْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُقِيمًا بِمَكَّةَ فَالْمِيقَاتُ الْمَكَانِيُّ إذَا أَرَادَ الْإِحْرَامَ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ هَذِهِ الْمَوَاقِيتُ الْمَذْكُورَةُ، وَالْأَصْلُ فِي هَذَا مَا وَرَدَ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَّتَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ وَلِأَهْلِ الشَّامِ الْجُحْفَةَ وَلِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنَ الْمَنَازِلِ وَلِأَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمَ، وَقَالَ هُنَّ لَهُنَّ وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِنَّ، مِمَّنْ أَرَادَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ، وَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ فَمِنْ حَيْثُ أَنْشَأَ حَتَّى أَهْلُ مَكَّةَ مِنْ مَكَّةَ» ، وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ «وَمَنْ كَانَ دُونَهُنَّ فَمُهَلُّهُ مِنْ أَهْلِهِ حَتَّى أَهْلُ مَكَّةَ يُهِلُّونَ مِنْ مَكَّةَ» فَأَمَّا ذُو الْحُلَيْفَةِ فَهُوَ مِيقَاتُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَهُوَ بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ اللَّامِ وَبِالْفَاءِ تَصْغِيرُ حَلْفَةَ، وَهُوَ مَاءٌ لِبَنِي جُشَمٍ بِالْجِيمِ وَالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ، وَهُوَ أَبْعَدُ الْمَوَاقِيتِ مِنْ مَكَّةَ بَيْنَهُمَا عَشْرُ مَرَاحِلَ أَوْ تِسْعٌ وَبَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَدِينَةِ أَرْبَعَةُ أَمْيَالٍ عَلَى قَوْلِ ابْنِ حَزْمٍ، وَقَالَ النَّوَوِيُّ سِتَّةٌ، وَقَالَ غَيْرُهُ سَبْعَةٌ، وَقَالَ ابْنُ مُسْدِي، وَهِيَ مِنْ الْمَدِينَةِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَمْيَالٍ أَوْ دُونَهَا وَبَيْنَ الْحُلَيْفَةِ وَمَكَّةَ نَحْوُ الْمِائَتَيْ مِيلٍ تَقْرِيبًا قَالَ ابْنُ جَمَاعَةَ وَمَسْجِدُهُ يُسَمَّى مَسْجِدَ الشَّجَرَةِ، وَقَدْ خَرِبَ، وَبِهَا الْبِئْرُ الَّتِي يُسَمُّونَهَا الْعَوَامُّ بِئْرَ عَلِيٍّ يَنْسُبُونَهَا إلَى عَلِيٍّ رضي الله عنه وَيَزْعُمُونَ أَنَّهُ قَاتَلَ الْجِنَّ بِهَا، وَنِسْبَتُهَا إلَيْهِ رضي الله عنه غَيْرُ مَعْرُوفَةٍ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَلَا يَرْمِي بِهَا حَجَرًا، وَلَا غَيْرَهُ كَمَا يَفْعَلُهُ بَعْضُ الْجَهَلَةِ انْتَهَى.

قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي شَرْحِ ابْنِ الْحَاجِبِ، وَهِيَ دَاخِلُ حَرَمِ الْمَدِينَةِ، وَفِي بُعْدِهَا مَعْنًى لَطِيفٌ، وَهُوَ أَنَّ أَهْلَ الْمَدِينَةِ يَتَلَبَّسُونَ بِالْإِحْرَامِ فِي حَرَمِ الْمَدِينَةِ وَيَخْرُجُونَ مُحْرِمِينَ مِنْ حَرَمٍ إلَى حَرَمٍ فَيَتَمَيَّزُ الْإِحْرَامُ مِنْ الْمَدِينَةِ بِحُصُولِ شَرَفِ الِابْتِدَاءِ وَالِانْتِهَاءِ، وَالْحَاصِلُ بِغَيْرِهِ شَرَفُ الِانْتِهَاءِ انْتَهَى.

بِالْمَعْنَى، وَأَمَّا الْجُحْفَةُ فَهِيَ مِيقَاتُ أَهْلِ الشَّامِ وَمِصْرَ وَأَهْلِ الْمَغْرِبِ قَالَ ابْنُ الْحَاجِّ وَمَنْ وَرَاءَهُمْ مِنْ أَهْلِ الْأَنْدَلُسِ انْتَهَى.

وَكَذَلِكَ أَهْلُ الرُّومِ وَبِلَادُ التَّكْرُورِ قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي الشَّرْحِ

ص: 30

وَهِيَ بِضَمِّ الْجِيمِ وَسُكُونِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَبِالْفَاءِ قَرْيَةٌ خَرِبَةٌ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ عَلَى نَحْوِ خَمْسَةِ مَرَاحِلَ مِنْ مَكَّةَ، وَهِيَ عَلَى نَحْوِ ثَمَانِ مَرَاحِلَ مِنْ الْمَدِينَةِ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي تَهْذِيبِهِ وَكَانَتْ عَامِرَةً ذَاتُ مِنْبَرٍ قَالَ صَاحِبُ الْمَطَالِعِ وَغَيْرُهُ سُمِّيَتْ جُحْفَةَ؛ لِأَنَّ السَّيْلَ أَجْحَفَهَا، وَحَمَلَ أَهْلَهَا انْتَهَى.

وَذَكَرَ ذَلِكَ غَيْرُ وَاحِدٍ، وَذَكَرَ الشَّيْخُ يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّ هَذَا لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سَمَّاهَا بِذَلِكَ فِي زَمَانِهِ وَالسَّيْلُ إنَّمَا أَجْحَفَهَا فِي سَنَةِ ثَمَانِينَ مِنْ الْهِجْرَةِ انْتَهَى.

(قُلْت:) : وَالظَّاهِرُ: أَنَّ السَّيْلَ أَجْحَفَهَا قَبْلَ هَذَا الْإِجْحَافِ الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّيْخُ يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ فَقَدْ ذَكَرَ فِي الْقَامُوسِ أَنَّهَا كَانَتْ تُسَمَّى مَهْيَعَةَ فَنَزَلَهَا بَنُو عُبَيْدٍ، وَهُمْ إخْوَةُ عَادٍ حِينَ أَخْرَجَهُمْ الْعَمَالِيقُ مِنْ يَثْرِبَ فَجَاءَهُمْ سَيْلٌ فَأَجْحَفَهُمْ فَسُمِيَتْ الْجُحْفَةَ، وَذَكَرَهُ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ، وَقَالَ فِي آخِرِهِ فَأَجْحَفَهُمْ أَيْ أَهْلَكَهُمْ وَيُشِيرُ إلَى مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْفَاكِهَانِيِّ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ السَّيْلَ أَجْحَفَهَا فِي وَقْتٍ

انْتَهَى.

وَمَهْيَعَةُ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْهَاءِ وَفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ قَالَ ابْنُ جَمَاعَةَ هَذَا هُوَ: الْمَشْهُورُ، وَقِيلَ: بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْهَاءِ وَسُكُونِ الْيَاءِ عَلَى وَزْنِ جَمِيلَةٍ، وَهِيَ الَّتِي دَعَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُنْقَلَ إلَيْهَا حُمَّى الْمَدِينَةِ وَكَانَتْ يَوْمئِذٍ دَارَ الْيَهُودِ، وَلَمْ يَكُنْ بِهَا مُسْلِمٌ وَيُقَالُ: إنَّهُ لَا يَدْخُلُهَا أَحَدٌ إلَّا حُمَّ، وَهِيَ بِالْقُرْبِ مِنْ رَابِغٍ الَّذِي يُحْرِمُ النَّاسُ مِنْهُ عَلَى يَسَارِ الذَّاهِبِ إلَى مَكَّةَ انْتَهَى.

وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي شَرْحِ ابْنِ الْحَاجِبِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ إنَّ مَهْيَعَةَ قَرْيَةٌ قَرِيبَةٌ مِنْ الْجُحْفَةِ انْتَهَى.

وَحَدِيثُ الدُّعَاءِ بِنَقْلِ حُمَّى الْمَدِينَةِ إلَى الْجُحْفَةِ فِي كِتَابِ الْحَجِّ مِنْ الصَّحِيحَيْنِ وَالْجُحْفَةُ قَرِيبَةٌ مِنْ الْبَحْرِ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ سِتَّةُ أَمْيَالٍ، وَأَمَّا يَلَمْلَمُ فَهُوَ مِيقَاتُ أَهْلِ الْيَمَنِ وَالْهِنْدِ وَيَمَانِيِّ تِهَامَةَ، وَهِيَ بِفَتْحِ الْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ وَاللَّامِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ وَبَيْنَهُمَا مِيمٌ سَاكِنَةٌ وَآخِرُهُ مِيمٌ وَيُقَالُ: أَلَمْلَمَ بِهَمْزَةٍ مَفْتُوحَةٍ فِي مَوْضِعِ الْيَاءِ ثُمَّ لَامٍ مَفْتُوحَةٍ ثُمَّ مِيمٍ سَاكِنَةٍ ثُمَّ لَامٍ مَفْتُوحَةٍ ثُمَّ مِيمٍ سَاكِنَةٍ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي شَرْحِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ جَمَاعَةَ الشَّافِعِيُّ، وَهُوَ الْأَصْلُ وَالْيَاءُ بَدَلٌ مِنْ الْهَمْزَةِ وَيُقَالُ: يَرَمْرَمُ بِرَاءَيْنِ بَدَلَ اللَّامَيْنِ، وَهُوَ جَبَلٌ مِنْ جِبَالِ تِهَامَةَ عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ مِنْ مَكَّةَ، وَأَمَّا قَرْنٌ بِفَتْحِ الْقَافِ وَسُكُونِ الرَّاءِ فَهُوَ مِيقَاتُ أَهْلِ نَجْدٍ الْيَمَنِ وَأَهْلِ نَجْدٍ الْحِجَازَ وَالنَّجْدُ بِفَتْحِ النُّونِ وَسُكُونِ الْجِيمِ مَا ارْتَفَعَ مِنْ الْأَرْضِ وَحَدُّهُ مَا بَيْنَ الْعُذَيْبِ إلَى ذَاتِ عِرْقٍ وَإِلَى الْيَمَامَةِ وَإِلَى جَبَلَيْ طَيِّئٍ وَإِلَى جُدَّةَ وَإِلَى الْيَمَنِ وَذَاتُ عِرْقٍ أَوَّلُ تِهَامَةَ إلَى الْبَحْرِ وَجُدَّةُ، وَقِيلَ: تِهَامَةُ مَا بَيْنَ ذَاتِ عِرْقٍ إلَى مَرْحَلَتَيْنِ مِنْ وَرَاءِ مَكَّةَ، وَمَا وَرَاءَ ذَلِكَ مِنْ الْمَغْرِبِ فَهُوَ غَوْرٌ وَالْمَدِينَةُ لَا تِهَامِيَّةٌ، وَلَا نَجْدِيَّةٌ، فَإِنَّهَا فَوْقَ الْغَوْرِ وَدُونَ نَجْدٍ قَالَهُ فِي النِّهَايَةِ وَقَرْنٌ هُوَ جَبَلٌ فِي جِهَةِ الْمَشْرِقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَكَّةَ مَرْحَلَتَانِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ، وَهُوَ أَقْرَبُ الْمَوَاقِيتِ إلَى مَكَّةَ، وَقَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ ثُمَّ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ مَكَّةَ أَرْبَعُونَ مِيلًا انْتَهَى.

، وَقَالَ ابْنُ مُسَدِّيٍّ فِي مَنْسَكِهِ إنَّ أَقْرَبَ الْمَوَاقِيتِ إلَى مَكَّةَ يَلَمْلَمُ، وَقَالَ: إنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَكَّةَ ثَلَاثِينَ مِيلًا، وَقَالَ بَيْنَ مَكَّةَ وَقَرْنٍ اثْنَانِ وَأَرْبَعُونَ مِيلًا، وَهُوَ غَرِيبٌ، فَإِنَّ الَّذِي ذَكَرَهُ التَّادَلِيُّ أَنَّ بَيْنَ مَكَّةَ وَقَرْنٍ أَرْبَعِينَ مِيلًا وَبَيْنَ مَكَّةَ وَيَلَمْلَمَ أَرْبَعِينَ مِيلًا، وَقَالَ ابْنُ جَمَاعَةَ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ فِي قَرْنٍ وَيَلَمْلَمَ وَذَاتِ عِرْقٍ: إنَّ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ مِنْ مَكَّةَ، وَنَقَلَ ابْنُ جَمَاعَةَ أَيْضًا عَنْ ابْنِ حَزْمٍ أَنَّ ذَاتَ عِرْقٍ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَكَّةَ اثْنَانِ أَرْبَعُونَ مِيلًا، وَقَالَ فِي الطِّرَازِ وَأَبْعَدُ الْمَوَاقِيتِ ذُو الْحُلَيْفَةِ وَيَلِيهِ فِي الْبُعْدِ الْجُحْفَةُ، وَأَمَّا يَلَمْلَمُ وَذَاتُ عِرْقٍ وَقَرْنٌ فَقِيلَ: مَسَافَةُ الْجَمِيعِ وَاحِدَةٌ بَيْنَ الْمِيقَاتِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَكَّةَ لَيْلَتَانِ قَاصِرَتَانِ (قُلْت:) فَاَلَّذِي تَحَصَّلَ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّ هَذِهِ الْمَوَاقِيتَ الثَّلَاثَةَ مُتَقَارِبَةُ الْمَسَافَةِ إلَّا أَنَّ قَرْنًا أَقْرَبُهَا كَمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ وَالْمُصَنِّف فِي التَّوْضِيحِ، وَقَالَ فِي الْإِكْمَالِ وَأَصْلُ الْقَرْنِ الْجَبَلُ الصَّغِيرُ الْمُسْتَطِيلُ الْمُنْقَطِعُ عَنْ الْجَبَلِ الْكَبِيرِ، وَهُوَ

ص: 31

قَرْنُ الْمَنَازِلِ أَوْ قَرْنُ الثَّعَالِبِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ بِفَتْحِ الرَّاءِ، وَهُوَ خَطَأٌ انْتَهَى.

وَقَالَ ابْنُ جَمَاعَةَ الشَّافِعِيُّ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ نَحْوَ مَا تَقَدَّمَ هَذَا هُوَ: الْمَشْهُورُ، وَقَالَ بَعْضُ الْمُتَقَدِّمِينَ مِنْ فُقَهَاءِ الشَّافِعِيَّةِ: إنَّ الْقَرْنَ اثْنَانِ أَحَدُهُمَا فِي هُبُوطٍ يُقَالُ: لَهُ قَرْنُ الْمَنَازِلِ وَالْآخَرُ عَلَى ارْتِفَاعٍ، وَهِيَ الْقَرْيَةُ وَكِلَاهُمَا مِيقَاتٌ، وَقِيلَ: قَرْنٌ بِإِسْكَانِ الرَّاءِ الْجَبَلُ الْمُشْرِفُ عَلَى الْمَوْضِعِ وَقَرَنٌ بِفَتْحِ الرَّاءِ الْجَبَلُ الَّذِي تَفْتَرِقُ مِنْهُ، فَإِنَّهُ مَوْضِعٌ فِيهِ طُرُقٌ مُفْتَرِقَةٌ انْتَهَى.

وَعَزَا صَاحِبُ الْإِكْمَالِ هَذَا الْقَوْلَ الْآخَرَ لِلْقَابِسِيِّ، وَقَالَ ابْنُ جَمَاعَةَ: وَيُقَالُ لَهُ: قَرْنٌ غَيْرُ مُضَافٍ وَسَمَّاهُ فِي رِوَايَةٍ لِلشَّافِعِيِّ فِي الْمُسْنَدِ قَرْنَ الْمَعَادِنِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: قَالَ النَّوَوِيُّ: وَأَخْطَأَ الْجَوْهَرِيُّ فِيهِ خَطَأَيْنِ فَاحِشَيْنِ أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ قَالَ: بِفَتْحِ الرَّاءِ وَالثَّانِي: أَنَّهُ زَعَمَ أَنَّ أُوَيْسًا الْقَرَنِيَّ مَنْسُوبٌ إلَيْهِ، وَالصَّوَابُ: أَنَّهُ مَنْسُوبٌ إلَى قَبِيلَةٍ يُقَالُ لَهَا: بَنُو قَرَنٍ بِفَتْحِ الرَّاءِ، وَهِيَ بَطْنٌ مِنْ مُرَادٍ كَمَا قَالَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه فِي حَدِيثِهِ الَّذِي ذَكَرَ فِيهِ أُوَيْسًا الْقَرَنِيَّ، وَقَالَ ابْنُ بَشِيرٍ فِي التَّنْبِيهِ قَرَنٌ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَإِسْكَانِهَا

، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَأَمَّا ذَاتُ عِرْقٍ فَهُوَ مِيقَاتُ أَهْلِ الْعِرَاقِ وَبِلَادِ فَارِسَ وَخُرَاسَانَ وَأَهْلِ الْمَشْرِقِ، وَمَنْ وَرَاءَهُمْ، وَهِيَ بِكَسْرِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ قَرْيَةٌ خَرِبَةٌ عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ مِنْ مَكَّةَ، وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ بَيْنَهُمَا اثْنَانِ وَأَرْبَعُونَ مِيلًا وَيُقَالُ: إنَّ بِنَاءَهَا تَحَوَّلَ إلَى جِهَةِ مَكَّةَ فَتُتَحَرَّى الْقَرْيَةُ الْقَدِيمَةُ وَيُذْكَرُ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّ مِنْ عَلَامَاتِهَا الْمَقَابِرَ قَالَ صَاحِبُ الطِّرَازِ: هَذِهِ الْمَوَاقِيتُ مُعْتَبَرَةٌ بِنَفْسِهَا لَا بِأَسْمَائِهَا، فَإِنْ كَانَ الْمِيقَاتُ قَرْيَةً فَخَرِبَتْ، وَانْتَقَلَتْ عِمَارَتُهَا وَاسْمُهَا إلَى مَوْضِعٍ آخَرَ، كَانَ الِاعْتِبَارُ بِالْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ تَعَلَّقَ بِهِ، وَرَوَى ابْنُ عُيَيْنَةَ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ رَأَى رَجُلًا يُرِيدُ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ ذَاتِ عِرْقٍ فَأَخَذَ بِهِ حَتَّى خَرَجَ بِهِ مِنْ الْبُيُوتِ وَقَطَعَ بِهِ الْوَادِيَ وَأَتَى بِهِ الْمَقَابِرَ ثُمَّ قَالَ: هَذِهِ ذَاتُ عِرْقٍ الْأُولَى انْتَهَى.

(تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ) : قَالَ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ: هَذِهِ الْمَوَاقِيتُ مُنْقَسِمَةٌ عَلَى جِهَاتِ الْحَرَمِ انْتَهَى.

وَالْمَوَاقِيتُ الْأَرْبَعَةُ الْأُولَى، وَهِيَ ذُو الْحُلَيْفَةِ وَالْجُحْفَةُ وَيَلَمْلَمُ وَقَرْنٌ مُتَّفَقٌ عَلَى أَنَّهَا مِنْ تَوْقِيتِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم وَاخْتُلِفَ فِي ذَاتِ عِرْقٍ فَقِيلَ: إنَّهَا مِنْ تَوْقِيتِ سَيِّدِنَا عُمَرَ رضي الله عنه لِمَا رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ لَمَّا فُتِحَ هَذَانِ الْمِصْرَانِ أَتَوْا عُمَرَ فَقَالُوا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَدَّ لِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنًا، وَهُوَ جَوْرٌ عَنْ طَرِيقِنَا، وَإِنْ أَرَدْنَا قَرْنًا شَقَّ عَلَيْنَا قَالَ: اُنْظُرُوا حَذْوهَا مِنْ طَرِيقِكُمْ فَحَدَّ لَهُمْ ذَاتَ عِرْقٍ، وَالْمُرَادُ بِ " الْمِصْرَانِ " الْبَصْرَةُ وَالْكُوفَةُ وَالْمُرَادُ بِفَتْحِهِمَا بِنَاؤُهُمَا، فَإِنَّهُمَا بُنِيَتَا فِي خِلَافَةِ سَيِّدِنَا عُمَرَ رضي الله عنه، وَهُوَ الَّذِي جَعَلَهُمَا مِصْرَيْنِ وَقَوْلُهُ: جَوْرٌ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَسُكُونِ الْوَاوِ أَيْ: مَائِلَةٌ عَنْ طَرِيقِنَا، وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَقَّتَ عُمَرُ لِأَهْلِ الْعِرَاقِ ذَاتَ عِرْقٍ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْمُوَطَّإِ مَنْ وَقَّتَهَا، وَالصَّحِيحُ: أَنَّهَا مِنْ تَوْقِيتِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الزُّبَيْرِ أَنَّهُ «سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَسْأَلُ عَنْ الْمُهَلِّ فَقَالَ: سَمِعْتُ أَحْسِبُهُ رَفَعَهُ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ مُهَلُّ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ وَالطَّرِيقِ الْآخَرِ الْجُحْفَةُ وَمُهَلُّ أَهْلِ الْعِرَاقِ مِنْ ذَاتِ عِرْقٍ وَمُهَلُّ أَهْلِ نَجْدٍ مِنْ قَرْنٍ وَمُهَلُّ أَهْلِ الْيَمَنِ مِنْ يَلَمْلَمَ» وَقَوْلُهُ: عَنْ الْمُهَلِّ هُوَ بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْهَاءِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ أَيْ: مِنْ وَضْعِ الْإِهْلَالِ، وَكَذَلِكَ مُهَلُّ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَأَهْلِ الْعِرَاقِ وَأَهْلِ نَجْدٍ وَأَهْلِ الْيَمَنِ أَيْ: مَوْضِعُ إهْلَالِهِمْ اسْمُ مَكَان مِنْ أَهَلَّ وَقَوْلُهُ: أَحْسِبُهُ يَعْنِي أَبَا الزُّبَيْرِ فَقَالَ: أَظُنُّ أَنَّ جَابِرًا رَفَعَهُ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ النَّوَوِيُّ، وَلَا يُحْتَجُّ بِهَذَا الْحَدِيثِ مَرْفُوعًا لِكَوْنِهِ لَمْ يَجْزِمْ بِرَفْعِهِ انْتَهَى.

(قُلْت:) لَكِنْ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ عَلَى الْجَزْمِ وَبِرَفْعِهِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «وَقَّتَ لِأَهْلِ الْعِرَاقِ ذَاتَ عِرْقٍ» ، وَقَالَ ابْنُ جَمَاعَةَ وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ، وَرَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ وَجَزَمَ بِرَفْعِهِ لَكِنْ فِي سَنَدِهِ ابْنَ لَهِيعَةَ وَرَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ لَكِنْ فِي

ص: 32

سَنَدِهِ إبْرَاهِيمُ بْنُ يَزِيدَ الْجُوَيْرِيُّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ لَكِنْ ظَهَرَ بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ طُرُقِ الْحَدِيثِ قُوَّتُهُ وَصَلَاحِيَّتُهُ لِلِاحْتِجَاجِ بِهِ (الثَّانِي:) قَالَ صَاحِبُ الطِّرَازِ: فَإِنْ قِيلَ: لَوْ وَقَّتَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمَا خَفِيَ عَلَى عُمَرَ، وَلَا غَيْرِهِ (قُلْت:) يَجُوزُ أَنْ يَخْفَى؛ لِأَنَّ الْعِرَاقِ لَمْ تُفْتَحْ فِي زَمَنِ الرَّسُولِ حَتَّى يَكُونَ إهْلَالًا شَائِعًا ذَائِعًا، وَإِنَّمَا كَانَ النَّبِيُّ عليه السلام يَقُولُ ذَلِكَ فِي بَعْضِ مَجَالِسِهِ بَيَانًا لِمَا سَيَكُونُ وَمِثْلُ ذَلِكَ يَجُوزُ أَنْ يَخْفَى عَلَى مُعْظَمِ الصَّحَابَةِ، كَمَا خَفِيَ عَلَى عُمَرَ تَوْرِيثُ الْمَرْأَةِ مِنْ دِيَةِ زَوْجِهَا حَتَّى رُوِيَ لَهُ الْحَدِيثُ بِذَلِكَ وَخَفِيَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ أَمْرُ الْجَدَّةِ حَتَّى رُوِيَ لَهُ حُكْمُ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم فِيهَا انْتَهَى.

(قُلْت:) فَيُحْمَلُ تَوْقِيتُ سَيِّدِنَا عُمَرَ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْهُ الْحَدِيثُ فَوَقَّتَ ذَلِكَ بِاجْتِهَادِهِ فَوَافَقَ نَصَّ الْحَدِيثِ، وَقَدْ نَزَلَ الْقُرْآنُ عَلَى وَفْقِ قَوْلِهِ: رضي الله عنه ثُمَّ قَالَ فِي الطِّرَازِ: فَإِنْ قِيلَ: فَأَهْلُ الْعِرَاقِ كَانُوا مُشْرِكِينَ فِي زَمَنِهِ صلى الله عليه وسلم فَكَيْفَ يَكُونُ لَهُ مِيقَاتٌ (قُلْنَا) عَنْهُ جَوَابَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ ذَلِكَ لِمَنْ جَاءَ مِنْ نَاحِيَةِ الْعِرَاقِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ نَفْسِهَا وَالثَّانِي: أَنَّهُ عليه السلام عُلِمَ أَنَّهُمْ يُسْلِمُونَ كَمَا يُسْلِمُ أَهْلُ الشَّامِ وَكَمَا قَالَ لِعَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ «يُوشِكُ أَنْ تَخْرُجَ الظَّعِينَةُ مِنْ الْحِيرَةِ تَؤُمُّ الْبَيْتَ لَا جِوَارَ مَعَهَا لَا تَخَافُ إلَّا اللَّهَ» انْتَهَى.

(قُلْت:) يَعْنِي أَنَّهُ كَمَا وَقَّتَ لِأَهْلِ الشَّامِ وَمِصْرَ الْجُحْفَةَ، وَلَمْ تَكُونَا فُتِحَتَا، فَكَذَلِكَ وَقَّتَ لِأَهْلِ الْعِرَاقِ ذَاتَ عِرْقٍ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ فُتِحَتْ، وَقَدْ عَلِمَ صلى الله عليه وسلم مَا سَيُفْتَحُ بَعْدَهُ وَزُوِيَتْ لَهُ مَشَارِقُ الْأَرْضِ وَمَغَارِبُهَا، وَقَالَ:«سَيَبْلُغُ مُلْكُ أُمَّتِي مَا زُوِيَ لِي مِنْهَا» وَكَمَا أَخْبَرَ صلى الله عليه وسلم بِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْمُغَيَّبَاتِ، وَقَدْ ضَعَّفَ الدَّارَقُطْنِيّ الْحَدِيثَ بِمَا تَقَدَّمَ أَعْنِي كَوْنَ الْعِرَاقِ لَمْ تُفْتَحْ حِينَئِذٍ وَرَدَّ عَلَيْهِ الْقَاضِي عِيَاضٌ بِنَحْوِ مَا تَقَدَّمَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الثَّالِثُ:) أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى هَذِهِ الْمَوَاقِيتِ الْخَمْسَةِ إلَّا أَنَّ الشَّافِعِيَّ رضي الله عنه اسْتَحَبَّ لِأَهْلِ الْعِرَاقِ أَنْ يُهِلُّوا مِنْ الْعَقِيقِ لِحَدِيثِ أَبِي رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «وَقَّتَ لِأَهْلِ الْمَشْرِقِ الْعَقِيقَ» ، وَهُوَ أَبْعَدُ مِنْ ذَاتِ عِرْقٍ بِمَرْحَلَتَيْنِ أَوْ مَرْحَلَةٍ وَالْعَقِيقُ كُلُّ وَادٍ نَسَفَتْهُ السُّيُولُ، وَفِي بِلَادِ الْعَرَبِ مَوَاضِعُ كَثِيرَةٌ تُسَمَّى بِالْعَقِيقِ عَدَّهَا بَعْضُهُمْ عَشْرَةً، وَوَجْهُ قَوْلِ الْجُمْهُورِ: مَا تَقَدَّمَ مِنْ نُصُوصِ الْأَحَادِيثِ وَإِجْمَاعِ النَّاسِ عَلَى مَا فَعَلَهُ عُمَرُ رضي الله عنه قَالَ صَاحِبُ الطِّرَازِ: وَلِأَنَّهُ لَا خِلَافَ أَنَّهُمْ إذَا جَاوَزُوا الْعَقِيقَ وَأَحْرَمُوا مِنْ ذَاتِ عِرْقٍ، فَإِنَّهُ لَا دَمَ عَلَيْهِمْ، فَلَوْ كَانَ الْعَقِيقُ مِيقَاتًا لَهُمْ لَوَجَبَ عَلَيْهِمْ الدَّمُ بِتَرْكِهِ (قُلْت:) وَالْحَدِيثُ الَّذِي اسْتَدَلَّ بِهِ الشَّافِعِيُّ فِي إسْنَادِهِ يَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ، وَقَدْ ضَعَّفُوهُ، وَذَكَرَ الْبَيْهَقِيُّ أَنَّهُ قَدْ تَفَرَّدَ بِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

، وَقَدْ نَظَمَ بَعْضُهُمْ الْمَوَاقِيتَ الْخَمْسَةَ فِي بَيْتَيْنِ فَقَالَ: -

عِرْقُ الْعِرَاقِ يَلَمْلَمُ الْيَمَنِيّ

وَبِذِي الْحُلَيْفَةِ يُحْرِمُ الْمَدَنِيُّ

وَالشَّامِيُّ جُحْفَةُ إنْ مَرَرْتَ بِهَا

وَلِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنُ فَاسْتَبِنِ

وَلَمْ يُنَوِّنْ الْجُحْفَةَ، وَلَا " قَرْنُ " اهـ.

(الرَّابِعُ:) قَالَ فِي الطِّرَازِ فِي بَابِ حُكْمِ الْمَوَاقِيتِ: يُكْرَهُ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ أَنْ يُحْرِمُوا مِنْ الْمَدِينَةِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مُخَالِفٌ لِفِعْلِهِ صلى الله عليه وسلم انْتَهَى.

وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الْخَامِسُ:) قَوْلُهُ: صلى الله عليه وسلم هُنَّ لَهُنَّ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ كَذَا جَاءَتْ الرِّوَايَةُ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا عِنْدَ أَكْثَرِ الرُّوَاةِ يَعْنِي أَنَّهُ بِالتَّأْنِيثِ فِي قَوْلِهِ: لَهُنَّ قَالَ: وَوَقَعَ عِنْدَ بَعْضِ رُوَاةِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ هُنَّ لَهُمْ يَعْنِي بِتَذْكِيرِ الضَّمِيرِ فِي قَوْلِهِ: لَهُمْ قَالَ: وَكَذَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ، وَهُوَ الْوَجْهُ؛ لِأَنَّهُ ضَمِيرُ أَهْلِ هَذِهِ الْمَوَاضِعِ قَالَ: وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الْمَشْهُورَةِ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي لَهُنَّ عَائِدٌ عَلَى الْمَوَاضِعِ وَالْأَقْطَارِ الْمَذْكُورَةِ، وَهِيَ الْمَدِينَةُ وَالشَّامُ وَالْيَمَنُ وَنَجْدٌ أَيْ: هَذِهِ الْمَوَاقِيتُ لِهَذِهِ الْأَقْطَارِ، وَالْمُرَادُ لِأَهْلِهَا فَحُذِفَ الْمُضَافُ وَأُقِيمَ الْمُضَافُ إلَيْهِ مَقَامَهُ انْتَهَى.

وَقَوْلُهُ: هُنَّ بِالتَّأْنِيثِ قَالَ الْفَاكِهَانِيُّ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ أَكْثَرُ مَا تَسْتَعْمِلُ الْعَرَبُ هَذِهِ الصِّيغَةَ فِيمَا دُونَ الْعَشَرَةِ، وَمَا جَاوَزَ

ص: 33

الْعَشَرَةَ اسْتَعْمَلَتْهُ بِالْأَلِفِ وَالْهَاءِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ} [التوبة: 36] أَيْ: مِنْ الِاثْنَيْ عَشَرَ ثُمَّ قَالَ {فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ} [التوبة: 36] أَيْ: فِي هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ، وَقَدْ قِيلَ: فِي الِاثْنَيْ عَشْرَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ شَاذٌّ فَاعْلَمْ هَذِهِ الْقَاعِدَةَ، فَإِنَّهَا مِنْ النَّفَائِسِ (قُلْت:) ذَكَرَهَا الْقَاضِي عِيَاضٌ فِي الْإِكْمَالِ فِي شَرْحِ هَذَا الْحَدِيثِ قَالَ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: فَهُنَّ فَجَمْعُ مَنْ لَا يَعْقِلُ بِالْهَاءِ وَالنُّونِ، فَإِنَّ الْعَرَبَ تَسْتَعْمِلُهُ وَأَكْثَرُ مَا تَسْتَعْمِلُهُ فِيمَا دُونَ الْعَشَرَةِ وَتَسْتَعْمِلُ مَا جَاوَزَ الْعَشَرَةَ بِالْهَاءِ ثُمَّ ذَكَرَ الْآيَةَ.

ص (وَمَسْكَنٌ دُونَهَا)

ش: يَعْنِي بِهِ أَنَّ مَنْ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَوَاقِيتِ فَمِيقَاتُهُ مَنْزِلُهُ، وَهَذَا ظَاهِرٌ وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم فِي الْحَدِيثِ السَّابِقِ لَمَّا ذَكَرَ الْمَوَاقِيتَ:«وَمَنْ كَانَ دُونَهُنَّ فَمُهَلُّهُ مِنْ أَهْلِهِ حَتَّى أَهْلُ مَكَّةَ يُهِلُّونَ مِنْ مَكَّةَ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ كَمَا تَقَدَّمَ (تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ:) ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ مَنْزِلُهُ فِي الْحِلِّ أَوْ فِي الْحَرَمِ، وَهُوَ كَذَلِكَ لِمَنْ أَرَادَ الْإِحْرَامَ بِالْحَجِّ، وَأَمَّا مَنْ أَرَادَ الْإِحْرَامَ بِالْعُمْرَةِ، فَإِنْ كَانَ مَنْزِلُهُ فِي الْحِلِّ أَحْرَمَ مِنْهُ، فَإِنْ كَانَ فِي الْحَرَمِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْخُرُوجِ إلَى الْحِلِّ كَمَا تَقَدَّمَ، وَكَذَلِكَ إنْ أَرَادَ الْقِرَانَ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ جَمِيعِ ذَلِكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الثَّانِي:) إذَا قُلْنَا يُحْرِمُ مِنْ مَنْزِلِهِ فَمِنْ أَيْنَ يُحْرِمُ؟ قَالَ فِي الطِّرَازِ: قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَوَّازِيَّةِ: يُحْرِمُ مِنْ دَارِهِ أَوْ مِنْ مَسْجِدِهِ، وَلَا يُؤَخِّرُ ذَلِكَ، وَهَذَا بَيِّنٌ؛ لِأَنَّا إنْ قُلْنَا: مِنْ دَارِهِ فَلِقَوْلِهِ: صلى الله عليه وسلم «فَمَنْ كَانَ دُونَهُنَّ فَمِنْ أَهْلِهِ» ، وَإِنْ قُلْنَا مِنْ الْمَسْجِدِ فَوَاسِعٌ؛ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ الصَّلَاةِ وَلِأَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ يَأْتُونَ الْمَسْجِدَ فَيُحْرِمُونَ مِنْهُ، وَكَذَلِكَ أَهْلُ ذِي الْحُلَيْفَةِ يَأْتُونَ مَسْجِدَهُمْ، وَالْأَحْسَنُ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ أَبْعَدِهِمَا مِنْ مَكَّةَ وَاسْتَحَبَّ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ حَدِّ قَرْيَتِهِ الْأَبْعَدِ مِنْ مَكَّةَ وَيَجْرِي ذَلِكَ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ فِي الْمَوَّازِيَّةِ، وَقَدْ سُئِلَ فِي مِيقَاتِ الْجُحْفَةِ أَيُحْرِمُ مِنْ وَسَطِ الْوَادِي أَوْ مِنْ آخِرِهِ؟ قَالَ: كُلُّهُ مُهَلٌّ، وَمِنْ أَوَّلِهِ أَحَبُّ إلَيْهِ انْتَهَى.

وَسَيَأْتِي كَلَامُ الْمَوَّازِيَّةِ بِكَمَالِهِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ كَإِحْرَامِهِ أَوَّلَهُ (الثَّالِثُ:) سَيَأْتِي عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ إلَّا كَمِصْرِيٍّ حُكْمُ مَا إذَا سَافَرَ مِنْ مَنْزِلِهِ دُونَ الْمِيقَاتِ لِمَا وَرَاءَ مَنْزِلِهِ أَوْ لِمَا وَرَاءَ الْمِيقَاتِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الرَّابِعُ:) قَالَ فِي الْجَلَّابِ: وَمَنْ كَانَ مَنْزِلُهُ بَعْدَ الْمَوَاقِيتِ إلَى مَكَّةَ أَحْرَمَ مِنْهُ، فَإِنْ أَخَّرَ الْإِحْرَامَ مِنْهُ فَهُوَ كَمَنْ أَخَّرَ الْإِحْرَامَ مِنْ مِيقَاتِهِ فِي جَمِيعِ صِفَاتِهِ انْتَهَى.، وَهَذَا بَيِّنٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَحَيْثُ حَاذَى وَاحِدًا أَوْ مَرَّ)

ش: يَعْنِي أَنَّ مَنْ حَاذَى وَاحِدًا مِنْ هَذِهِ الْمَوَاقِيتِ أَوْ مَرَّ عَلَيْهِ وَجَبَ عَلَيْهِ الْإِحْرَامُ مِنْهُ إلَّا الْمِصْرِيَّ، وَمَنْ ذَكَرَ مَعَهُ إذَا مَرُّوا بِالْحُلَيْفَةِ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ الْإِحْرَامُ مِنْهُ، وَلَكِنْ يُسْتَحَبُّ كَمَا سَيَأْتِي قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ التُّونُسِيُّ: وَمَنْ كَانَ بَلَدُهُ بَعِيدًا مِنْ الْمِيقَاتِ مَشْرِقًا عَنْ الْمِيقَاتِ أَوْ مَغْرِبًا عَنْهُ، وَإِذَا قَصَدَ إلَى مَكَّةَ مِنْ مَوْضِعِهِ لَمْ يَرَ مِيقَاتًا، وَإِذَا قَصَدَ إلَى الْمِيقَاتِ شَقَّ عَلَيْهِ ذَلِكَ لِإِمْكَانِ أَنْ تَكُونَ مَسَافَةُ بَلَدِهِ إلَى الْمِيقَاتِ مِثْلَ مَسَافَةِ بَلَدِهِ إلَى مَكَّةَ، فَإِذَا حَاذَى الْمِيقَاتَ بِالتَّقْدِيرِ وَالتَّحَرِّي أَحْرَمَ، وَلَمْ يَلْزَمْهُ السَّيْرُ إلَى الْمِيقَاتِ، وَكَذَلِكَ مَنْ حَجَّ فِي الْبَحْرِ، فَإِذَا حَاذَوْا الْمِيقَاتَ أَحْرَمُوا انْتَهَى.

(فَرْعٌ) حُكْمُ مَنْ كَانَ مَنْزِلُهُ حِذَاءَ الْمِيقَاتِ حُكْمُ مَنْ حَاذَى الْمِيقَاتَ فِي السَّيْرِ قَالَ فِي النَّوَادِرِ: وَمَنْ كَانَ مَنْزِلُهُ حِذَاءَ الْمِيقَاتِ فَلْيُحْرِمْ مِنْ مَنْزِلِهِ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ الْمِيقَاتَ انْتَهَى.

لَكِنْ إنْ كَانَ مَنْزِلُهُ قَرِيبًا مِنْ الْمِيقَاتِ فَيُسْتَحَبُّ لَهُ الذَّهَابُ إلَى الْمِيقَاتِ قَالَ سَنَدٌ فِي بَابِ حُكْمِ الْمَوَاقِيتِ: إنَّ مَنْ كَانَ مَنْزِلُهُ بِقُرْبِ الْمَوَاقِيتِ فَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَذْهَبَ إلَى الْمِيقَاتِ فَيُحْرِمَ مِنْهُ قَالَهُ فِيمَنْ أَرَادَ الْإِحْرَامَ بِالْعُمْرَةِ (قُلْت:) وَالظَّاهِرُ: أَنَّ مُرِيدَ الْحَجِّ أَوْ الْقِرَانِ كَذَلِكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَشَمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ الْمَكِّيَّ إذَا مَرَّ بِمِيقَاتٍ مِنْ هَذِهِ الْمَوَاقِيتِ أَوْ حَاذَاهُ، فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِحْرَامُ مِنْهُ، وَلَا يَتَعَدَّاهُ، وَهُوَ كَذَلِكَ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ فِي مُخْتَصَرِ الْمُدَوَّنَةِ: وَإِذَا مَرَّ مَكِّيٌّ بِأَحَدِ الْمَوَاقِيتِ فَجَاوَزَهُ ثُمَّ أَحْرَمَ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ حِينَ جَاوَزَهُ يُرِيدُ إحْرَامًا بِأَحَدِهِمَا فَلَا دَمَ عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَعَلَيْهِ الدَّمُ، وَكَذَلِكَ

ص: 34

لَوْ لَمْ يُحْرِمْ حَتَّى دَخَلَ مَكَّةَ فَأَحْرَمَ، فَإِنْ كَانَ إذَا جَاوَزَهُ مَرِيدًا، وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَقَدْ أَسَاءَ فِي دُخُولِهِ مَكَّةَ بِغَيْرِ إحْرَامٍ ثُمَّ قَالَ: وَأَهْلُ الشَّامِ وَمِصْرَ وَأَهْلُ الْمَغْرِبِ يَقْدَمُ مَعَهُمْ فَذَلِكَ مِيقَاتٌ لَهُ قَالَ سَنَدٌ إذَا مَرُّوا عَلَى ذَاتِ عِرْقٍ أَوْ يَلَمْلَمَ أَوْ قَرْنٍ صَارَ ذَلِكَ مِيقَاتًا لَهُمْ، فَإِنْ تَعَدَّوْهُ فَعَلَيْهِمْ دَمٌ؛ إذْ لَا يَتَعَدَّوْنَهُ إلَى مِيقَاتٍ لَهُمْ قَالَ: وَكَذَلِكَ الْمَكِّيُّ يَقْدَمُ مَعَهُمْ فَذَلِكَ مِيقَاتٌ لَهُ قَالَ سَنَدٌ فِي بَاب الْمَوَاقِيتِ لَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى إحْرَامِ الْمَكِّيِّ بِالْحَجِّ مِنْ خَارِجِ الْحَرَمِ مَا نَصُّهُ: لَوْ سَافَرَ الْمَكِّيُّ مِنْ مَكَّةَ ثُمَّ رَجَعَ إلَيْهَا أَحْرَمَ مِنْ الْمِيقَاتِ الَّذِي يَمُرُّ بِهِ، وَصَرَّحَ بِذَلِكَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ، وَسَيَأْتِي كَلَامُهُ فِيهِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: إلَّا كَمِصْرِيٍّ، فَإِنْ قِيلَ: مُقْتَضَى مَا ذَكَرُوهُ فِي الْمِصْرِيِّ، وَمَنْ ذُكِرَ مَعَهُ مِنْ جَوَازِ تَأْخِيرِهِمْ وَالْإِحْرَامُ لِلْجُحْفَةِ؛ لِأَنَّهَا مِيقَاتُهُمْ أَنْ يَجُوزَ لِلْمَكِّيِّ تَأْخِيرُ الْإِحْرَامِ إلَى مَكَّةَ لِقَوْلِهِ: صلى الله عليه وسلم «حَتَّى أَهْلُ مَكَّةَ مِنْ مَكَّةَ» فَالْجَوَابُ مَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الطِّرَازِ وَغَيْرُهُ: أَنَّ الْمَوَاقِيتَ إنَّمَا شُرِعَتْ لِئَلَّا يَدْخُلَ مَكَّةَ بِغَيْرِ إحْرَامٍ، فَلَوْ أَجَزْنَا لِلْمَكِّيِّ دُخُولَ مَكَّةَ بِغَيْرِ إحْرَامٍ لَزِمَ مِنْهُ إبْطَالُ الْحِكَمِ الَّتِي لِأَجْلِهَا شُرِعَتْ الْمَوَاقِيتُ، وَتَقَدَّمَ نَحْوُهُ فِي كَلَامِ الْبَاجِيِّ فِي الْمَكِّيِّ إذَا أَحْرَمَ بِالْحَجِّ مِنْ الْحِلِّ (قُلْت:) وَمُقْتَضَى هَذَا الْكَلَامِ أَنَّ الْمَكِّيَّ إذَا مَرَّ بِذِي الْحُلَيْفَةِ وَجَبَ عَلَيْهِ الْإِحْرَامُ مِنْهُ، وَلَا يُؤَخِّرُ لِلْجُحْفَةِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَفِي كَلَامِ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَصَاحِبِ الطِّرَازِ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَلَوْ بِبَحْرٍ)

ش: يَعْنِي أَنَّ مَنْ سَافَرَ فِي الْبَحْرِ، فَإِنَّهُ يُحْرِمُ إذَا حَاذَى الْمِيقَاتَ، وَلَا يُؤَخِّرُ إلَى الْبَرِّ وَهَكَذَا قَالَ فِي مَنَاسِكِهِ وَنَصُّهُ: وَمَنْ سَافَرَ فِي الْبَحْرِ أَحْرَمَ أَيْضًا فِي الْبَحْرِ إذَا حَاذَاهُ عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ خِلَافًا لِسَنَدٍ فِي قَوْلِهِ: إنَّهُ يُؤَخِّرُ لِلْبَرِّ خَوْفًا مِنْ أَنْ تَرُدَّهُ الرِّيحُ فَيَبْقَى مُحْرِمًا، وَهُوَ ظَاهِرٌ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى، وَنَقَلَ ابْنُ الْحَاجِّ عَنْ ابْنِ نَافِعٍ مِثْلَ قَوْلِ سَنَدٍ فَقَالَ: وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ لَا يُحْرِمُ فِي السُّفُنِ وَرَوَاهُ عَنْ مَالِكٍ انْتَهَى.

وَيُشِيرُ بِقَوْلِهِ: عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ إلَى قَوْلِ مَالِكٍ فِي الْمَوَّازِيَّةِ: قَالَ فِي النَّوَادِرِ: قَالَ مُحَمَّدٌ قَالَ مَالِكٌ: وَمَنْ حَجَّ فِي الْبَحْرِ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ وَشَبَهِهِمْ إذَا حَاذَى الْجُحْفَةَ انْتَهَى.

وَنَقَلَهُ جَمَاعَةٌ، وَأَبْقَوْهُ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ هُنَا، وَأَجْمَلَ رحمه الله فِيمَا حَكَاهُ عَنْ سَنَدٍ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ سَنَدًا يَقُولُ: مَنْ أَتَى بَحْرَ عَيْذَابَ حَيْثُ لَا يُحَاذِي الْبَرَّ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِحْرَامُ فِي الْبَحْرِ إلَى أَنْ يَصِلَ إلَى الْبَرِّ إلَّا أَنْ يَخْرُجَ عَلَى بَرٍّ أَبْعَدَ مِنْ مِيقَاتِ أَهْلِ الشَّامِ وَأَهْلِ الْيَمَنِ، وَلَا يَلْزَمُهُ بِتَأْخِيرِ الْإِحْرَامِ إلَى الْبَرِّ هَدْيٌ، أَمَّا إنْ أَتَى عَلَى بَحْرِ الْقُلْزُمِ حَيْثُ يُحَاذِي الْبَرَّ فَالْإِحْرَامُ عَلَيْهِ فِي الْبَحْرِ وَاجِبٌ لَكِنْ يُرَخَّصُ لَهُ التَّأْخِيرُ إلَى الْبَرِّ، وَيَلْزَمُهُ الْهَدْيُ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا: أَنَّ الْأَوَّلَ فِي إحْرَامِهِ فِي الْبَحْرِ عَلَى مُحَاذَاةِ الْجُحْفَةِ خَطَرٌ خَوْفًا مِنْ أَنْ تَرُدَّهُ الرِّيحُ فَيَبْقَى مُحْرِمًا حَتَّى يَتَيَسَّرَ لَهُ إقْلَاعٌ سَالِمٌ قَالَ: وَهَذَا مِنْ أَعْظَمِ الْحَرَجِ الْمَنْفِيِّ مِنْ الدِّينِ، وَإِذَا ثَبَتَ الْجَوَازُ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ نَفْيُ الدَّمِ حَتَّى يَدُلَّ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِهِ، وَلَا دَلِيلَ، أَمَّا الثَّانِي، فَإِنَّهُ قَادِرٌ عَلَى الْإِحْرَامِ مِنْ الْبَرِّ مِنْ نَفْسِ الْجُحْفَةِ وَالسَّيْرِ فِيهِ لَكِنْ عَلَيْهِ ضَرَرٌ فِي النُّزُولِ إلَى الْبَرِّ وَمُفَارَقَةِ رَحْلِهِ فَيَجُوزُ لَهُ التَّأْخِيرُ لِلصَّرُورَةِ مَعَ إلْزَامِهِ الْهَدْيَ كَمَا يَجُوزُ اسْتِبَاحَةُ مَمْنُوعَاتِ الْإِحْرَامِ لِلصَّرُورَةِ مَعَ وُجُوبِ الْفِدْيَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

انْتَهَى.

مُخْتَصَرًا بِالْمَعْنَى فَقَدْ ظَهَرَ الْإِجْمَالُ الَّذِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الَّذِي حَكَاهُ عَنْ سَنَدٍ وَأَنَّ قَوْلَ سَنَدٍ لَيْسَ كَرِوَايَةِ ابْنِ نَافِعٍ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَقَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ كَلَامَ سَنَدٍ كَمَا ذَكَرْنَاهُ، وَلَمْ يَتَعَقَّبْهُ بِأَنَّهُ خِلَافُ ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ كَمَا قَالَ فِي مَنَاسِكِهِ: وَكَذَلِكَ الْقَرَافِيُّ فِي ذَخِيرَتِهِ وَابْنُ عَرَفَةَ وَالتَّادَلِيُّ وَابْنُ فَرْحُونٍ فِي شَرْحِ ابْنِ الْحَاجِبِ، وَفِي مَنَاسِكِهِ، وَلَمْ يَتَعَقَّبُوهُ بِأَنَّهُ خِلَافٌ بَلْ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُمْ قَبِلُوا تَقْيِيدَهُ كَلَامَ مَالِكٍ بِمَا ذَكَرَ، وَهَذَا هُوَ: الظَّاهِرُ فَيَتَعَيَّنُ تَقْيِيدُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِهِ، وَقَدْ شَاهَدْتُ الْوَالِدَ يُفْتِي بِمَا قَالَهُ سَنَدٌ غَيْرَ مَرَّةٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(تَنْبِيهَانِ الْأَوَّلُ:) قَالَ سَنَدٌ: وَلَا يَرْحَلُ مِنْ جُدَّةَ إلَّا مُحْرِمًا؛ لِأَنَّ جَوَازَ التَّأْخِيرِ إنَّمَا كَانَ لِلصَّرُورَةِ، وَقَدْ زَالَتْ

ص: 35

وَهَلْ يُحْرِمُ إذَا وَصَلَ الْبَرَّ أَوْ إذَا ظَعَنَ مِنْ جُدَّةَ يُحْتَمَلُ وَالظَّاهِرُ: إذَا ظَعَنَ؛ لِأَنَّ سُنَّةَ مَنْ أَحْرَمَ وَقَصَدَ الْبَيْتَ أَنْ يَتَّصِلَ إهْلَالُهُ بِالْمَسِيرِ (الثَّانِي:) هَذَا التَّفْصِيلُ الَّذِي ذَكَرَهُ سَنَدٌ فِي جِهَةِ الشَّامِ فِي بَحْرِ عَيْذَابَ وَبَحْرِ الْقُلْزُمِ يُقَالُ: مِثْلُهُ فِي جِهَةِ الْيَمَنِ وَالْهِنْدِ، وَهَذَا ظَاهِرٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (إلَّا كَمِصْرِيٍّ بِمَا يَمُرُّ بِالْحُلَيْفَةِ فَهِيَ أَوْلَى)

ش: أَشَارَ بِالْكَافِ لِلْمَغَارِبَةِ وَالشَّامِيِّينَ وَمَنْ وَرَاءَهُمْ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: أَشَارَ بِهَا لِذَلِكَ وَلِمَا ذَكَرَهُ سَنَدٌ مِنْ أَنَّهُ يَلْحَقُ بِهِمْ فِي جَوَازِ تَأْخِيرِ الْإِحْرَامِ عَنْ الْمِيقَاتِ الَّذِي يَمُرُّ بِهِ، وَهُوَ مَنْ كَانَ مَنْزِلُهُ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَوَاقِيتِ إذَا سَافَرَ لِمَا وَرَاءَ الْمِيقَاتِ، وَنَصُّهُ: مَنْ كَانَ مَنْزِلُهُ دُونَ الْمِيقَاتِ وَسَافَرَ لِمَا وَرَاءَ الْمِيقَاتِ ثُمَّ أَتَى مُرِيدًا لِدُخُولِ مَكَّةَ فَهَذَا لَهُ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ الْمِيقَاتِ، وَلَهُ أَنْ يُؤَخِّرَ إلَى مَنْزِلِهِ كَمَا يُؤَخِّرُ الْمِصْرِيُّ إحْرَامَهُ مِنْ الْحُلَيْفَةِ إلَى الْجُحْفَةِ فَيُنْظَرُ هَاهُنَا إنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَجَّ أَخَّرَ إحْرَامَهُ إلَى مَنْزِلِهِ إنْ شَاءَ إذَا كَانَ مَنْزِلُهُ بِغَيْرِ مَكَّةَ، وَلَا يُؤَخِّرُهُ إذَا كَانَ مَسْكَنُهُ مَكَّةَ إذْ لَا يَدْخُلُ الْمَكِّيُّ مَكَّةَ إلَّا مُحْرِمًا فَلَمَّا وَجَبَ عَلَيْهِ الْإِحْرَامُ قَبْلَ مَنْزِلِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ الْإِحْرَامُ مِنْ الْمِيقَاتِ الَّذِي مَرَّ بِهِ، وَهُوَ كَمَنْ لَا مِيقَاتَ لِإِحْرَامِهِ بَعْدَهُ، وَإِنْ كَانَ هَذَا الدَّاخِلُ مُعْتَمِرًا نَظَرْتُ، فَإِنْ كَانَ مَنْزِلُهُ فِي الْحِلِّ جَازَ لَهُ التَّأْخِيرُ لَهُ، وَإِنْ كَانَ فِي الْحَرَمِ لَمْ يَجُزْ كَالْمَكِّيِّ انْتَهَى.

وَنَقَلَهُ فِي الذَّخِيرَةِ عَلَى أَنَّهُ الْمَذْهَبُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَلَمْ أَقِفْ عَلَى مَا يُخَالِفُهُ إلَّا مَا ذَكَرَهُ الْقُرْطُبِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ، فَإِنَّهُ قَالَ مَا نَصُّهُ: وَلَوْ مَرَّ مِنْ مَنْزِلِهِ بَعْدَ الْمَوَاقِيتِ بِمِيقَاتٍ مِنْ الْمَوَاقِيتِ الْمُعَيَّنَةِ الْعَامَّةِ، وَهُوَ يُرِيدُ الْإِحْرَامَ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُحْرِمَ مِنْهُ، وَلَا يُؤَخِّرَ الْإِحْرَامَ إلَى بَيْتِهِ لِقَوْلِهِ: صلى الله عليه وسلم «هُنَّ لَهُنَّ وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِنَّ» وَيُخَالِفُ هَذَا مَنْ كَانَ مِيقَاتُهُ الْجُحْفَةَ وَمَرَّ بِذِي الْحُلَيْفَةِ، فَإِنَّ لَهُ أَنْ يُؤَخِّرَ الْإِحْرَامَ إلَى الْجُحْفَةِ؛ لِأَنَّ الْجُحْفَةَ مِيقَاتٌ مَنْصُوبٌ نَصْبًا عَامًّا لَا يَتَبَدَّلُ بِخِلَافِ الْمَنْزِلِ، فَإِنَّهُ إضَافِيٌّ يَتَبَدَّلُ بِالسَّاكِنِ فَانْفَصَلَا انْتَهَى.

(قُلْت:) وَمَا قَالَهُ سَنَدٌ: أَظْهَرُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَلَا شَكَّ أَنَّ إحْرَامَهُ مِنْ الْمِيقَاتِ أَفْضَلُ كَمَا يُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ قِيَاسِهِ عَلَى الْمِصْرِيِّ إذَا مَرَّ بِذِي الْحُلَيْفَةِ، وَإِنْ كَانَ لَيْسَ فِي كَلَامِهِ التَّصْرِيحُ بِأَنَّ إحْرَامَهُ مِنْ الْمِيقَاتِ أَوْلَى وَلَكِنَّهُ ظَاهِرٌ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى، وَلِلْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ وَانْظُرْ عَلَى مَا قَالَ الْقُرْطُبِيُّ إذَا سَافَرَ مِنْ مَنْزِلِهِ دُونَ الْمِيقَاتِ إلَى مَنْزِلٍ أَبْعَدَ مِنْهُ وَلَكِنَّهُ دُونَ الْمِيقَاتِ أَيْضًا ثُمَّ أَرَادَ دُخُولَ مَكَّةَ أَوْ أَرَادَ الْإِحْرَامَ فَهَلْ يَلْزَمُهُ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ الْمَنْزِلِ الْأَبْعَدِ أَوْ لَهُ أَنْ يُؤَخِّرَ إلَى مَنْزِلِهِ؛ لِأَنَّ الْمَنْزِلَ الَّذِي هُوَ بِهِ لَيْسَ بِمِيقَاتٍ عَامٍّ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ تَعْلِيلُهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَأَمَّا عَلَى مَا قَالَهُ سَنَدٌ وَصَاحِبُ الذَّخِيرَةِ فَيَجُوزُ لَهُ التَّأْخِيرُ إلَى مَنْزِلِهِ، وَلَا إشْكَالَ فِي ذَلِكَ وَالظَّاهِرُ: أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ الْإِحْرَامُ مِنْ الْمَنْزِلِ الْأَبْعَدِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(قُلْت:) وَمُقْتَضَى كَلَامِ صَاحِبِ الطِّرَازِ أَنَّ مَنْ كَانَ مَنْزِلُهُ فِي الْحَرَمِ وَأَرَادَ الْإِحْرَامَ بِالْحَجِّ جَازَ لَهُ أَنْ يُؤَخِّرَ ذَلِكَ إلَى مَنْزِلِهِ وَأَنْ يَدْخُلَ الْحَرَمَ بِغَيْرِ إحْرَامٍ وَمُقْتَضَى ذَلِكَ أَيْضًا أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى مَنْ أَرَادَ دُخُولَ الْحَرَمِ، وَلَمْ يُرِدْ دُخُولَ مَكَّةَ الْإِحْرَامُ كَمَا لَوْ كَانَ مَسْكَنُهُ بِالْحَرَمِ وَأَرَادَ دُخُولَهُ، وَلَمْ يُرِدْ دُخُولَ مَكَّةَ أَوْ أَرَادَ دُخُولَ الْحَرَمِ لِحَاجَةٍ دُونَ مَكَّةَ وَبِذَلِكَ صَرَّحَ ابْنُ جَمَاعَةَ الشَّافِعِيُّ فِي مَنْسَكِهِ الْكَبِيرِ فَقَالَ، وَقَالَ غَيْرُ الْمَالِكِيَّةِ: إنَّ حُكْمَ دُخُولِ الْحَرَمِ حُكْمُ دُخُولِ مَكَّةَ فِيمَا ذَكَرْنَا لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الْحُرْمَةِ، وَلَمْ يُلْحِقْ الْمَالِكِيَّةُ الْحَرَمَ بِمَكَّةَ فِي ذَلِكَ انْتَهَى.

وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ الْآتِي: وَالْمَارُّ بِهِ إنْ لَمْ يُرِدْ مَكَّةَ أَوْ كَعَبْدٍ فَلَا إحْرَامَ عَلَيْهِ، وَلَا دَمَ كَالصَّرِيحِ فِي ذَلِكَ، وَلَمْ أَرَ فِي كَلَامِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ إلَّا مَا وَقَعَ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِيمَنْ دَخَلَ مَكَّةَ بِغَيْرِ إحْرَامٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُرِيدَ النُّسُكِ قَالَ فِيهَا: لَا دَمَ عَلَيْهِ، وَقَدْ أَسَاءَ حِينَ دَخَلَ الْحَرَمَ حَلَالًا، وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ بِالْحَرَمِ مَكَّةَ؛ لِأَنَّ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ فِيمَنْ دَخَلَ مَكَّةَ بِغَيْرِ إحْرَامٍ فَتَأَمَّلْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

، وَهَذَا فِيمَنْ دَخَلَ الْحَرَمَ إلَى مَنْزِلِهِ، وَلَمْ يَحْتَجْ إلَى دُخُولِ مَكَّةَ أَمَّا لَوْ لَمْ يُمْكِنْهُ الْمُرُورُ إلَى مَنْزِلِهِ إلَّا بِالْمُرُورِ عَلَى مَكَّةَ فَلَا إشْكَالَ فِي

ص: 36

أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِحْرَامُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(تَنْبِيهَانِ الْأَوَّلُ:) مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ الْمِصْرِيَّ، وَمَنْ ذَكَرَ مَعَهُ إذَا مَرُّوا بِالْحُلَيْفَةِ فَالْأَوْلَى لَهُمْ أَنْ يُحْرِمُوا مِنْهَا، وَيَجُوزُ لَهُمْ التَّأْخِيرُ لِلْجُحْفَةِ إنَّمَا ذَلِكَ إذَا كَانَ الْمِصْرِيِّ، وَمَنْ ذَكَرَ مَعَهُ يَمُرُّونَ بِالْجُحْفَةِ أَوْ يُحَاذُونَهَا، أَمَّا إنْ أَرَادُوا تَرْكَ الْمُرُورِ بِالْجُحْفَةِ فَلَا رُخْصَةَ لَهُمْ فِي تَرْكِ الْإِحْرَامِ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ فِي الْوَاضِحَةِ إنْ أَرَادَ الْمِصْرِيُّ، وَمَنْ ذَكَرَ مَعَهُ تَرْكَ الْمَمَرِّ بِالْجُحْفَةِ فَلَا رُخْصَةَ لَهُمْ حِينَئِذٍ فِي تَرْكِ الْإِحْرَامِ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ انْتَهَى.

وَقَالَ اللَّخْمِيُّ لَمَّا ذَكَرَ أَنَّ لِأَهْلِ الشَّامِ وَمِصْرَ وَأَهْلِ الْمَغْرِبِ إذَا مَرُّوا عَلَى ذِي الْحُلَيْفَةِ أَنْ يُؤَخِّرُوا إلَى الْجُحْفَةِ مَا نَصُّهُ: وَإِنْ لَمْ يَمُرُّوا بِالْجُحْفَةِ فَلَهُمْ أَنْ يُؤَخِّرُوا لِيُحْرِمُوا إذَا حَاذَوْهَا، وَكَذَلِكَ كُلُّ مَنْ لَا يَمُرُّ بِمِيقَاتِهِ فَمُهَلُّهُ إذَا حَاذَاهُ فِي بَرٍّ أَوْ بَحْرٍ، وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: إذَا لَمْ يَكُنْ مُرُورُ أَهْلِ الشَّامِ وَأَهْلِ الْمَغْرِبِ بِالْجُحْفَةِ فَلَا رُخْصَةَ لَهُمْ فِي تَرْكِ الْإِحْرَامِ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ يُرِيدُ إذَا لَمْ يَكُنْ مُرُورُهُمْ عَلَى مَوْضِعٍ يُحَاذِي مِيقَاتَهُمْ انْتَهَى.

وَنَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ وَابْنُ عَرَفَةَ وَالتَّادَلِيُّ وَابْنُ فَرْحُونٍ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ: أَنَّ كَلَامَ اللَّخْمِيِّ تَقْيِيدٌ لِمَا قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ لَا خِلَافٌ، وَهُوَ ظَاهِرٌ إذْ لَوْ تُرِكَ عَلَى ظَاهِرِهِ لَكَانَ مُشْكِلًا، وَلِذَلِكَ اسْتَشْكَلَهُ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ، وَقَالَ: اُنْظُرْ لِمَ ذَلِكَ، وَهُمْ يُحَاذُونَ الْجُحْفَةَ نَقَلَهُ عَنْهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ وَابْنُ فَرْحُونٍ وَغَيْرُهُمْ، وَلَمْ يَذْكُرْ سَنَدٌ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ تَقْيِيدَ اللَّخْمِيِّ وَكَلَامُ سَنَدٍ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ الطِّرَازِ يَقْتَضِي اعْتِبَارَهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الثَّانِي:) فُهِمَ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ إلَّا كَمِصْرِيٍّ إلَخْ أَنَّ غَيْرَ الْمِصْرِيِّ، وَمَنْ ذَكَرَ مَعَهُ كَالْعِرَاقِيِّ وَنَحْوِهِ إذَا مَرُّوا بِذِي الْحُلَيْفَةِ أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِمْ الْإِحْرَامُ مِنْهَا وَصَرَّحَ بِذَلِكَ فِي مَنَاسِكِهِ قَالَ: وَلَوْ مَرَّ الْعِرَاقِيُّ وَنَحْوُهُ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ تَعَيَّنَ عَلَيْهِمْ الْإِحْرَامُ إذْ لَا يَتَعَدَّاهُ إلَى مِيقَاتٍ لَهُ فَقَوْلُهُ: إنَّهُ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِمْ الْإِحْرَامُ يَقْتَضِي أَنَّ ذَلِكَ وَاجِبٌ عَلَيْهِمْ وَأَنَّهُمْ إنْ أَخَّرُوا الْإِحْرَامَ عَنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ لَزِمَهُمْ الدَّمُ، وَهَذَا ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَصَرَّحَ بِذَلِكَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ فِي مُخْتَصَرِ الْمُدَوَّنَةِ، فَقَالَ: وَمَنْ مَرَّ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ أَوْ نَجْدٍ أَوْ الْعِرَاقِ بِذِي الْحُلَيْفَةِ صَارَتْ مِيقَاتًا لَهُ لَا يَتَعَدَّاهَا، فَإِنْ تَعُدَّاهَا إلَى الْجُحْفَةِ فَعَلَيْهِ دَمٌ إذْ لَا يَتَعَدَّاهَا إلَى مِيقَاتٍ لَهُ، وَكَذَلِكَ سَائِرُ أَهْلِ الْبُلْدَانِ خَلَا أَهْلِ الشَّامِ وَمِصْرَ وَالْمَغْرِبِ فَذَلِكَ لَهُمْ إذْ الْجُحْفَةُ مِيقَاتُهُمْ، وَالْفَضْلُ لَهُمْ فِي إحْرَامِهِمْ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ انْتَهَى.

وَقَالَ فِي الرِّسَالَةِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ أَهْلَ الْعِرَاقِ وَالْيَمَنِ وَنَجْدٍ: وَمَنْ مَرَّ مِنْ هَؤُلَاءِ بِالْمَدِينَةِ فَوَاجِبٌ عَلَيْهِ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ مِيقَاتِ أَهْلِهَا مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ إذْ لَا يَتَعَدَّاهُ إلَى مِيقَاتٍ لَهُ انْتَهَى.

وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: وَكُلُّ مَنْ مَرَّ بِمِيقَاتٍ لَيْسَ لَهُ فَعَلَيْهِ أَنْ يُحْرِمَ مِنْهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مِيقَاتُهُ بَيْنَ يَدَيْ هَذَا الَّذِي مَرَّ؛ لِأَنَّهُ قَدْ صَارَ هَذَا الَّذِي مَرَّ بِهِ مِيقَاتًا لَهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ بَيْنَ يَدَيْهِ مِيقَاتٌ لَهُ، وَمَنْ تَعَدَّاهُ كَانَ عَلَيْهِ الدَّمُ انْتَهَى.

وَنَحْوُهُ فِي كَلَامِ صَاحِبِ التَّلْقِينِ وَغَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ، وَقَالَ فِي الطِّرَازِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ لَفْظَ الْمُدَوَّنَةِ: هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ ذَلِكَ يَجِبُ عَلَيْهِمْ حَتَّى إنَّهُمْ إنْ أَخَّرُوا عَنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ أَهْدَوْا، وَقَالَ فِي الْمُخْتَصَرِ: وَأُحِبُّ لِأَهْلِ الْمَشْرِقِ إنْ مَرُّوا بِذِي الْحُلَيْفَةِ أَنْ يُحْرِمُوا مِنْهَا، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ ذَلِكَ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ ثُمَّ وَجَّهَ كُلًّا مِنْ الْقَوْلَيْنِ ثُمَّ قَالَ وَالْأَوَّلُ: أَبْيَنُ انْتَهَى.

وَقَالَ فِي النَّوَادِرِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ كَلَامَ مَالِكٍ فِي الْمُخْتَصَرِ، وَقَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: لَيْسَ لِمَنْ مَرَّ بِهَا مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ أَنْ يُجَاوِزَهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَعَدَّاهُ إلَى مِيقَاتٍ لَهُ انْتَهَى.

فَنَبَّهَ عَلَى أَنَّهُ خِلَافُ مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ وَيُوجَدُ فِي بَعْضِ نُسَخِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ كَلَامَ الْمُخْتَصَرِ، وَهُوَ خِلَافُ الْمُدَوَّنَةِ، وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ، وَلَا ابْنُ عَرَفَةَ الْقَوْلَ الثَّانِيَ فَتَأَمَّلْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَإِنْ لِحَيْضٍ رُجِيَ رَفْعُهُ)

ش: يَعْنِي أَنَّ إحْرَامَ الْحَائِضِ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ وَالشَّامِ وَنَحْوِهِمْ مِنْ الْحُلَيْفَةِ أَوْلَى مِنْ تَأْخِيرِهِمْ الْإِحْرَامَ إلَى الْجُحْفَةِ ` `، وَإِنْ أَدَّى ذَلِكَ إلَى إحْرَامِهَا الْآنَ مِنْ غَيْرِ صَلَاةٍ وَكَانَتْ تَرْتَجِي إذَا أَخَّرَتْ إلَى الْجُحْفَةِ أَنْ تَطْهُرَ وَتَغْتَسِلَ وَتُصَلِّيَ لِلْإِحْرَامِ

ص: 37