الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ لَا يَنْبَغِي الذَّبْحُ لِعَوَامِرِ الْجَانِّ لِنَهْيِهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ الذَّبْحِ لِلْجَانِّ (قُلْتُ) : إنْ قَصَدَ بِهِ اخْتِصَاصَهَا بِانْتِفَاعِهَا بِالْمَذْبُوحِ، فَإِنْ قَصَدَ التَّقَرُّبَ بِهِ إلَيْهَا حَرُمَ انْتَهَى. وَهَذَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
هُوَ الْفَرْقُ بَيْنَ مَا ذُبِحَ لِلْأَصْنَامِ وَمَا ذُبِحَ لِعِيسَى؛ لِأَنَّ مَا يَذْبَحُونَهُ لِلْأَصْنَامِ يَقْصِدُونَ بِهِ التَّقَرُّبَ إلَيْهَا، وَمَا ذُبِحَ لِعِيسَى أَوْ لِصَلِيبٍ أَوْ نَحْوِهِمَا إنَّمَا يَقْصِدُونَ بِهِ انْتِفَاعَهَا بِذَلِكَ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَجَرْحُ مُسْلِمٍ مُمَيِّزٍ)
ش: قَوْلُهُ وَجَرْحُ بِفَتْحِ الْجِيمِ مَصْدَرٌ قَالَ فِي الْقَامُوسِ: وَإِذَا كَانَ اسْمًا كَانَ بِضَمِّ الْجِيمِ (تَنْبِيهٌ) : كُلُّ مَا ذُكِرَ مِنْ شُرُوطِ الصَّيْدِ إنَّمَا يُشْتَرَطُ فِي صَيْدِ الْبَرِّ إذَا عَقَرَتْهُ الْجَوَارِحُ أَوْ السِّلَاحُ أَوْ أَنْفَذَتْ مَقَاتِلَهُ، فَأَمَّا إنْ أُدْرِكَ الْبَرِّيُّ حَيًّا غَيْرَ مَنْفُوذِ الْمَقَاتِلِ ذُكِّيَ، إنَّمَا يُشْتَرَطُ فِيهِ مَا يُشْتَرَطُ فِي الذَّكَاةِ، وَإِنْ كَانَ الصَّيْدُ بَحْرِيًّا، فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ شَيْءٌ بَلْ يَجُوزُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ صَادَهُ مُسْلِمٌ أَوْ كَافِرٌ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ كَانَ قَالَهُ فِي الْقَوَانِينَ وَاحْتَرَزَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ مُسْلِمٌ مِنْ الْكَافِرِ، فَلَا يَصِحُّ صَيْدُهُ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ، وَيُؤْكَلُ مَا ذَبَحَهُ أَهْلُ الْكِتَابِ، وَلَا يُؤْكَلُ مَا صَادُوهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ} [المائدة: 94] وَيُؤْكَلُ مَا صَادَهُ الْمَجُوسِيُّ مِنْ صَيْدِ الْبَحْرِ دُونَ مَا صَادَهُ مِنْ الْبَرِّ إلَّا أَنْ تُدْرَكَ ذَكَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُنْفِذَ الْمَجُوسِيُّ مَقَاتِلَهُ انْتَهَى. وَفِيهَا أَيْضًا، وَلَا تُؤْكَلُ ذَبِيحَةُ الْمُرْتَدِّ، وَلَا صَيْدُهُ انْتَهَى.
وَفِي التَّوْضِيحِ الْمَشْهُورُ مَنْعُ صَيْدِ الْكِتَابِيِّ وَقَالَ ابْنُ هَارُونَ وَأَشْهَبُ: بِإِبَاحَتِهِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ يُونُسَ وَالْبَاجِيُّ وَاللَّخْمِيِّ؛ لِأَنَّهُ مِنْ طَعَامِهِمْ وَلِمَالِكٍ فِي الْمَوَّازِيَّةِ كَرَاهَتُهُ ابْنُ بَشِيرٍ وَيُمْكِنُ حَمْلُ الْمُدَوَّنَةِ عَلَى الْكَرَاهَةِ، وَلَا يَصِحُّ مِنْ الْمَجُوسِيِّ بِاتِّفَاقٍ، وَلَا يُؤْكَلُ صَيْدُ الصَّابِئِ، وَلَا ذَبِيحَتُهُ انْتَهَى بِالْمَعْنَى. وَاحْتَرَزَ بِالْمُمَيِّزِ مِنْ الْمَجْنُونِ وَالسَّكْرَانِ وَالصَّبِيِّ وَغَيْرِ الْمُمَيِّزِ وَالْمَشْهُورُ أَنَّ الْمَرْأَةَ وَالْمُمَيِّزَ كَالْبَالِغِ وَكَرِهَهُ أَبُو مُصْعَبٍ انْتَهَى. مِنْ التَّوْضِيحِ.
[فَرْعٌ صَيْدَ الْجَاهِلِ لِحُدُودِ الصَّيْدِ]
(فَرْعٌ) : قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ حَبِيبٍ: أَكْرَهُ صَيْدَ الْجَاهِلِ لِحُدُودِ الصَّيْدِ غَيْرَ مُتَحَرٍّ صَوَابَهُ انْتَهَى. وَانْظُرْ صَيْدَ الْخُنْثَى وَالْخَصِيِّ وَالْفَاسِقِ، وَمَنْ تُكْرَهُ ذَكَاتُهُ هَلْ يُكْرَهُ صَيْدُهُ، وَهُوَ الظَّاهِرُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَحْشِيًّا، وَإِنْ تَأَنَّسَ)
ش: يَعْنِي بِقَوْلِهِ، وَإِنْ تَأَنَّسَ أَنَّ الْوَحْشَ إذَا تَأَنَّسَ، ثُمَّ تَوَحَّشَ، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ إلَى أَصْلِهِ، وَيُؤْكَلُ بِالْعَقْرِ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَمَا دَجَنَ مِنْ الْوَحْشِ، ثُمَّ نَدَّ وَاسْتَوْحَشَ أُكِلَ بِمَا يُؤْكَلُ بِهِ الصَّيْدُ مِنْ الرَّمْيِ وَغَيْرِهِ، ثُمَّ قَالَ: وَالْإِنْسِيَّةُ لَا تُؤْكَلُ بِمَا يُؤْكَلُ بِهِ الْوَحْشُ مِنْ الْعَقْرِ وَالرَّمْيِ انْتَهَى.
ص (عَجَزَ عَنْهُ إلَّا بِعُسْرٍ)
ش: يَعْنِي أَنَّ مِنْ شَرْطِ أَكْلِ الْمُتَوَحِّشِ بِالصَّيْدِ أَنْ يَكُونَ مَعْجُوزًا عَنْهُ قَالَ
ابْنُ الْحَاجِبِ: الصَّيْدُ الْوَحْشُ الْمَعْجُوزُ عَنْهُ الْمَأْكُولُ، ثُمَّ قَالَ: وَلَوْ صَارَ الْمُتَوَحِّشُ مُتَأَنِّسًا، فَالذَّكَاةُ وَكَذَا لَوْ انْحَصَرَ وَأَمْكَنَ أَخْذُهُ بِغَيْرِ مَشَقَّةٍ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ أَيْ وَكَذَلِكَ إذَا انْحَصَرَ الصَّيْدُ الْمُتَوَحِّشُ وَأَمْكَنَ أَخْذُهُ بِغَيْرِ مَشَقَّةٍ، فَإِنَّهُ لَا يُؤْكَلُ إلَّا بِذَكَاةِ الْإِنْسِيِّ، وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ بِغَيْرِ مَشَقَّةٍ أَنَّهُ لَوْ أَمْكَنَ أَخْذُهُ بِمَشَقَّةٍ جَازَ صَيْدُهُ، وَهُوَ كَقَوْلِ أَصْبَغَ فِيمَنْ أَرْسَلَ عَلَى وَكْرٍ فِي شَاهِقِ جَبَلٍ أَوْ فِي شَجَرَةٍ، وَكَانَ لَا يَصِلُ إلَّا بِأَمْرٍ يَخَافُ مِنْهُ الْعَطَبَ جَازَ أَكْلُهُ بِالصَّيْدِ، وَمِنْ النَّوَادِرِ، وَإِذَا طَرَدَتْ الْكِلَابُ الصَّيْدَ حَتَّى وَقَعَ فِي حُفْرَةٍ لَا مَخْرَجَ لَهُ مِنْهَا أَوْ انْكَسَرَتْ رِجْلُهُ مِنْهَا فَتَمَادَتْ الْكِلَابُ فَقَتَلَتْهُ فَلَا يُؤْكَلُ؛ لِأَنَّهُ كَسِيرٌ مُحَمَّدٌ، وَهَذَا إذَا كَانَ لَوْ تَرَكَتْهُ الْكِلَابُ قَدَرَ رَبُّهَا عَلَى أَخْذِهِ بِيَدِهِ وَلَوْ لَجَأَ إلَى غَارٍ لَا مَنْفَذَ لَهُ أَوْ غَيْضَةٍ فَدَخَلَتْ إلَيْهِ الْكِلَابُ، فَقَتَلَتْهُ لَأُكِلَ، وَلَوْ لَجَأَ إلَى جَزِيرَةٍ أَحَاطَ بِهَا الْبَحْرُ فَأَطْلَقَ عَلَيْهِ كِلَابَهُ أَوْ تَمَادَتْ فَقَتَلَتْهُ فَأَمَّا الْجَزِيرَةُ الصَّغِيرَةُ الَّتِي لَوْ اجْتَهَدَ طَالِبُهُ لَأَخَذَهُ بِيَدِهِ، وَلَا يَكُونُ لَهُ فِي الْمَاءِ نَجَاةٌ، فَلَا يُؤْكَلُ، وَإِنْ كَانَ لَهُ فِي الْمَاءِ نَجَاةٌ أَوْ كَانَتْ جَزِيرَةً كَبِيرَةً يَجِدُ الصَّيْدُ الرَّوَغَانَ فِيهَا حَتَّى يَعْجِزَ طَالِبُهُ عَلَى رِجْلِهِ أَوْ عَلَى فَرَسٍ أَنْ يَصِلَ إلَيْهِ بِيَدِهِ إلَّا بِسَهْمٍ أَوْ كَلْبٍ، فَإِنَّهُ يُؤْكَلُ بِالصَّيْدِ انْتَهَى.
ص (بِسِلَاحٍ مُحَدَّدٍ)
ش: قَوْلُهُ مُحَدَّدٍ خَرَجَ بِهِ نَحْوُ الْبُنْدُقِ، وَذَكَرَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَغَيْرِهِ قَالَ فِي كِتَابِ الصَّيْدِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: وَمَا أُصِيبَ بِحَجَرٍ أَوْ بُنْدُقَةٍ، فَخَرَقَ أَوْ بَضَعَ أَوْ بَلَغَ الْمَقَاتِلَ لَمْ يُؤْكَلْ، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِخَرْقٍ، إنَّمَا هُوَ رَضٌّ انْتَهَى.
وَقَالَ فِي الْجَلَّابِ: وَلَا يُؤْكَلُ مَا رُمِيَ بِالْبُنْدُقِ إلَّا أَنْ يُذَكَّى فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ ذَكَاتِهِ لَمْ يَجُزْ أَكْلُهُ قَالَ الْقَرَافِيُّ فِي شَرْحِهِ لِهَذَا الْكَلَامِ قُلْت ظَاهِرُ مَذْهَبِنَا وَمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ تَحْرِيمُ الرَّمْيِ بِالْبُنْدُقِ، وَبِكُلِّ مَا شَأْنُهُ أَنْ لَا يَجْرَحَ لِنَهْيِهِ عليه السلام عَنْ الْحَذْفِ، وَقَالَ: إنَّهُ لَا يُصَادُ بِهِ الصَّيْدُ، وَلَا يُكَادُ بِهِ الْعَدُوُّ، وَإِنَّمَا يَفْقَأُ الْعَيْنَ وَيَكْسِرُ السِّنَّ إلَّا أَنْ يَرْمِيَ بِهِ مَا يُبَاحُ قَتْلُهُ كَالْعَدُوِّ وَالثُّعْبَانِ وَنَحْوِهِ انْتَهَى. ثُمَّ قَالَ فِي الْجَلَّابِ: مَنْ رَمَى صَيْدًا بِحَجَرٍ لَهُ حَدٌّ فَجَرَحَهُ جَازَ أَكْلُهُ، وَلَوْ لَمْ يَجْرَحْهُ، وَلَكِنْ رَضَّهُ أَوْ دَقَّهُ لَمْ يَجُزْ أَكْلُهُ إلَّا أَنْ يُذَكِّيَهُ انْتَهَى.
ص (وَحَيَوَانٍ عُلِّمَ)
ش: قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَالْمُعَلَّمُ مِنْ كَلْبٍ أَوْ بَازٍ هُوَ الَّذِي إذَا زُجِرَ انْزَجَرَ، وَإِذَا أُرْسِلَ أَطَاعَ، ثُمَّ قَالَ: وَالْفَهْدُ وَجَمِيعُ السِّبَاعِ إذَا عُلِّمَتْ فَهِيَ كَالْكَلْبِ (قُلْت) : فَجَمِيعُ سِبَاعِ الطَّيْرِ إذَا عُلِّمَتْ أَهِيَ بِمَنْزِلَةِ الْبُزَاةِ قَالَ: لَا أَدْرِي مَا مَسْأَلَتُكَ وَلَكِنْ مَا عُلِّمَ مِنْ الْبُزَاةِ وَالْعِقْبَانِ وَالزَّمَامِجَةُ وَالشُّذَانِقَاتُ وَالسَّفَاةِ وَالصُّقُورِ وَشَبَهِهَا لَا بَأْسَ بِهَا عِنْدَ مَالِكٍ انْتَهَى.
قَالَ عِيَاضٌ: الْبَازِي بِيَاءٍ بَعْدَ الزَّايِ وَحَكَى بَعْضُهُمْ بَازًا بِغَيْرِ يَاءٍ.
(تَنْبِيهٌ) : قَالَ فِي الْعَارِضَةِ قَالَ: مَنْ لَا يَعْلَمُ إذَا صَادَ بِكَلْبٍ أَسْوَدَ لَمْ يُؤْكَلْ وَلَعَلَّهُ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «الْكَلْبُ الْأَسْوَدُ شَيْطَانٌ» وَصَيْدُ الشَّيْطَانِ لَا يُؤْكَلُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَمِّي اللَّهَ وَهَذِهِ سَخَافَةٌ لَوْ سُخِّرَ لَكَ الشَّيْطَانُ وَصِدْتَ بِهِ وَسَمَّيْتَ اللَّهَ لَجَازَ أَكْلُهُ، فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ الْكَلْبُ الْأَسْوَدُ شَيْطَانًا وَسُخِّرَ لَكَ، وَانْطَاعَ، فَأَنْتَ إذَنْ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُد إمَّا أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ بِأَنَّهُ لَمْ يَجُزْ أَكْلُ صَيْدِهِ لِتَحْرِيمِ اقْتِنَائِهِ لِقَتْلِهِ، فَلَا يَكُونُ حِينَئِذٍ ذَكَاةً، وَهُوَ عِنْدَنَا بِمَنْزِلَةِ الْوُضُوءِ بِالْمَاءِ الْمَغْصُوبِ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ.
ص (بِإِرْسَالٍ مِنْ يَدِهِ)
ش: قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَلَوْ أَثَارَ صَيْدًا فَأَشْلَى عَلَيْهِ
كَلْبَهُ، وَهُوَ مُطْلَقٌ فَانْشَلَى وَصَادَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُرْسِلَهُ مِنْ يَدِهِ، فَإِنَّهُ يُؤْكَلُ مَا صَادَهُ قَالَهُ مَالِكٌ، ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ: لَا يُؤْكَلُ حَتَّى يُطْلِقَهُ مِنْ يَدِهِ مُرْسِلًا لَهُ مُشْلِيًا وَبِالْأَوَّلِ أَقُولُ، وَأَمَّا لَوْ ابْتَدَأَ الْكَلْبُ طَلَبَهُ أَوْ أَفْلَتَ مِنْ يَدِهِ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَشْلَاهُ رَبُّهُ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يُؤْكَلْ؛ لِأَنَّ الْكَلْبَ خَرَجَ مِنْ غَيْرِ إرْسَالِ صَاحِبِهِ انْتَهَى.
وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ مَشَى عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ الْمَرْجُوعِ إلَيْهِ، وَأَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْكَلْبُ مَرْبُوطًا مَعَهُ قَالَ فِي رَسْمِ الشَّرِيكَيْنِ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يَكُونُ مَعَهُ الْأَكْلُبُ فِي غَيْرِ مِقَاطٍ، وَلَا حَبْلٍ إلَّا أَنَّهَا تَتْبَعُهُ فَيُرْسِلُهَا عَلَى الصَّيْدِ حِينَ يَرَاهُ: فَلَا بَأْسَ بِأَكْلِهِ ابْنُ رُشْدٍ هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ الْأَوَّلُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَاخْتِيَارُ ابْنِ الْقَاسِمِ، ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ: إنَّهُ لَا يَأْكُلُهُ إذَا قَتَلَتْهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي يَدِهِ حِينَ أَرْسَلَهُ انْتَهَى.
ص (بِلَا ظُهُورِ تَرْكٍ)
ش: قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَمَنْ أَرْسَلَ كَلْبَهُ أَوْ بَازَهُ عَلَى صَيْدٍ فَطَلَبَهُ سَاعَةً، ثُمَّ رَجَعَ الْكَلْبُ، ثُمَّ عَادَ فَقَتَلَهُ فَإِنْ كَانَ كَالطَّالِبِ لَهُ يَمِينًا وَشِمَالًا أَوْ عَطَفَ، وَهُوَ عَلَى طَلَبِهِ، فَهُوَ عَلَى إرْسَالِهِ الْأَوَّلِ الْمَشَذَّالِيُّ أَخَذَ مِنْهُ ابْنُ عَرَفَةَ لَوْ أَرْسَلَ كَلْبًا عَقُورًا لِقَتْلِ إنْسَانٍ، فَانْبَعَثَ الْكَلْبُ، ثُمَّ رَجَعَ أَنَّهُ إنْ رَجَعَ رُجُوعًا بَيِّنًا، ثُمَّ ذَهَبَ فَقَتَلَهُ لَمْ يُقْتَلْ بِهِ الْمُرْسِلُ، وَإِلَّا قُتِلَ انْتَهَى.
ص (أَوْ لَمْ يُرَ بِغَارٍ أَوْ غَيْضَةٍ)
ش: قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَمَنْ أَرْسَلَ كَلْبَهُ عَلَى صَيْدٍ فَأَخَذَ غَيْرَهُ لَمْ يُؤْكَلْ، وَإِنْ أَرْسَلَ عَلَى جَمَاعَةٍ مِنْ وَحْشٍ أَوْ طَيْرٍ وَنَوَى مَا أَخَذَ مِنْهَا، وَلَمْ يَخُصَّ شَيْئًا مِنْهَا أَوْ عَلَى جَمَاعَتَيْنِ، وَنَوَى مَا أَخَذَ مِنْهُمَا جَمِيعًا فَلْيَأْكُلْ مَا أَمْسَكَ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ مِمَّا قَلَّ عَدَدُهُ أَوْ كَثُرَ، وَكَذَلِكَ الرَّمْيُ، وَإِنْ نَوَى وَاحِدًا مِنْ الْجَمَاعَةِ، فَأَخَذَ الْكَلْبُ غَيْرَهُ مِنْهَا لَمْ يُؤْكَلْ، وَكَذَلِكَ الرَّمْيُ، وَإِنْ أَرْسَلَ عَلَى جَمَاعَةٍ يَنْوِيهَا، وَلَمْ يَنْوِ غَيْرَهَا لَمْ يُؤْكَلْ مَا أَخَذَ مِنْ غَيْرِهَا كَانَ قَدْ رَآهَا أَوْ لَمْ يَرَهَا، وَإِنْ أَرْسَلَهَا عَلَى جَمَاعَةٍ لَا يَرَى غَيْرَهَا، وَنَوَى إنْ كَانَ وَرَاءَ غَيْرِهَا فَهُوَ مُرْسِلٌ عَلَيْهَا، فَلْيَأْكُلْ مَا أَخَذَ مِنْ سِوَاهَا، وَكَذَلِكَ إنْ أَرْسَلَهُ عَلَى صَيْدٍ لَا يَرَى غَيْرَهُ، وَنَوَى مَا صَادَ سِوَاهُ فَلْيَأْكُلْ مَا صَادَهُ، وَإِنْ رَمَيْت صَيْدًا عَمَدْتَهُ فَأَصَبْتَ غَيْرَهُ أَوْ أَصَبْتَهُ فَأَنْفَذَتْهُ وَأَصَابَتْ آخَرَ وَرَاءَهُ لَمْ تَأْكُلْ إلَّا الَّذِي اعْتَمَدْت إلَّا أَنْ يَنْوِيَ مَا أَصَابَ سِوَاهُ كَمَا ذَكَرْنَا انْتَهَى.
(فَرْعٌ) : قَالَ أَبُو الْحَسَنِ: وَلَوْ نَوَى وَاحِدًا غَيْرَ مُعَيَّنٍ، فَأَخَذَ الْكَلْبُ وَاحِدًا أَكَلَهُ، فَإِنْ أَخَذَ اثْنَيْنِ أَكَلَ الْأَوَّلَ، وَلَا يَأْكُلُ الثَّانِيَ فَإِنْ شَكَّ فِي الْأَوَّلِ مِنْهُمَا
لَمْ يَأْكُلْ مِنْهُمَا شَيْئًا انْتَهَى.
ص (لَا إنْ ظَنَّهُ حَرَامًا)
ش: قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَمَنْ رَمَى حَجَرًا، فَإِذَا هُوَ صَيْدٌ، فَأَنْفَذَ مَقَاتِلَهُ لَمْ يُؤْكَلْ، وَكَذَلِكَ لَوْ ظَنَّهُ سَبُعًا أَوْ خِنْزِيرًا أَبُو الْحَسَنِ مَعْنَاهُ يُرِيد قَتْلَهُ، وَأَمَّا لَوْ رَمَاهُ يَنْوِي ذَكَاتَهُ لِجِلْدِهِ، فَإِذَا هُوَ صَيْدٌ جَازَ لَهُ أَكْلُهُ ابْنُ يُونُسَ قَالَ بَعْضُ فُقَهَائِنَا: يَجُوزُ لَهُ أَكْلُهُ؛ لِأَنَّهُ قَصَدَ ذَكَاتَهُ وَمُحَالٌ أَنْ تُعْمَلُ الذَّكَاةُ فِي بَعْضٍ دُونَ بَعْضٍ، وَقَالَ فُقَهَاءُ الْقَرَوِيِّينَ: لَا يُؤْكَلُ إذْ لَيْسَ فِيهِ قَصْدُ ذَكَاةٍ تَامَّةٍ ابْنُ يُونُسَ، وَهُوَ أَبْيَنُ بِخِلَافِ أَنْ لَوْ كَانَ يُجِيزُ أَكْلَهُ، فَقَصَدَ ذَكَاتَهُ لِأَكْلِهِ، فَهَذَا لَا خِلَافَ أَنَّ ذَلِكَ يُؤْكَلُ انْتَهَى.
ص (أَوْ لَمْ يَتَحَقَّقْ الْمُبِيحَ فِي شَرِكَةِ غَيْرِهِ كَمَاءٍ)
ش: نَحْوُ هَذَا فِي آخِرِ كِتَابِ الذَّبَائِحِ مِنْ الْبَيَانِ وَنَصُّهُ وَقَالَ فِيمَنْ رَمَى صَيْدًا فَأَصَابَ مَقَاتِلَهُ فَأَدْرَكَهُ، وَقَدْ افْتَرَسَهُ سَبُعٌ وَسَهْمُهُ فِي مَقَاتِلِهِ أَوْ وَقَعَ فِي بِئْرٍ أَوْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ قَالَ: إذَا عَلِمَ أَنَّهُ قَدْ أَصَابَ مَقَاتِلَهُ فَلَا بَأْسَ بِأَكْلِهِ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ أَصَابَ مَقَاتِلَهُ، فَلَا يَقْرَبُهُ إلَّا أَنْ يُذَكِّيَهُ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: هَذَا بَيَّنَ أَنَّ كُلَّ مَا أَصَابَهَا بَعْدَ إنْفَاذِ الْمَقَاتِلِ، فَلَا يَضُرُّهُ إذَا فَرَغَ مِنْ ذَكَاتِهَا، وَهُوَ مِثْلُ مَنْ ذَبَحَ ذَبِيحَتَهُ، فَسَقَطَتْ فِي مَاءٍ أَوْ تَرَدَّتْ مِنْ جَبَلٍ أَنَّهَا تُؤْكَلُ قَالَ ذَلِكَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَفِي سَمَاعِ أَشْهَبَ وَنَصُّ مَا فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ، وَسُئِلَ عَمَّنْ ذَبَحَ ذَبِيحَةً فَجَرَتْ فِي الْمَاءِ فَمَاتَتْ، فَقَالَ لَا يَأْكُلُهَا إلَّا إنْ كَانَ قَدْ تَمَّ ذَبْحُهُ، فَقِيلَ إنَّهُ يَخَافُ أَنْ يَكُونَ قَتَلَهَا الْغَمْرُ فِي الْمَاءِ قَالَ: إنْ كَانَ قَدْ تَمَّ ذَبْحُهُ، فَلَا بَأْسَ بِهَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: هَذَا نَصُّ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ إذَا كَمَّلَ ذَبْحَهَا قَبْلَ أَنْ تَسْقُطَ فِي الْمَاءِ، فَأَكْلُهَا جَائِزٌ، وَهَذَا مِمَّا لَا اخْتِلَافَ فِيهِ بِخِلَافِ إذَا ذَبَحَهَا فِي جَوْفِ الْمَاءِ، وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ عَلَى هَذَا فِي أَوَّلِ رَسْمٍ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ انْتَهَى.
وَقَالَ فِي آخِرِ كِتَابِ الصَّيْدِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ، وَمَنْ رَمَى صَيْدًا فِي الْجَوِّ، فَسَقَطَ أَوْ رَمَاهُ فِي الْجَبَلِ، فَتَرَدَّى مِنْهُ فَأَدْرَكَهُ مَيِّتًا لَمْ يُؤْكَلْ إذْ لَعَلَّهُ مِنْ السَّقْطَةِ مَاتَ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَنْفَذَ مَقَاتِلَهُ بِالرَّمْيَةِ انْتَهَى.
قَالَ ابْنُ نَاجِي: وَجْهُ قَوْلِهَا إنَّهُ لَا يُؤْكَلُ إذَا لَمْ تَنْفُذُ مَقَاتِلَهُ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مِنْ بَابِ الشَّكِّ فِي الْمُقْتَضِي بِخِلَافِ إذَا أَنْفَذَتْ الْمَقَاتِلَ؛ لِأَنَّهُ تَحَقَّقَ الْمُقْتَضِي، وَشَكَّ فِي الْمَانِعِ، فَإِنْ قِيلَ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْإِنْفَاذُ بِالسُّقُوطِ عَلَى السَّهْمِ أُجِيبَ بِسَبْقِيَّةِ الرَّمْيَةِ، وَالْآخَرُ مَشْكُوكٌ فِيهِ، فَوَجَبَ الِاسْتِنَادُ إلَى الْمُحَقَّقِ انْتَهَى. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (أَوْ كَلْبِ مَجُوسِيٍّ)
ش: مَفْهُومُهُ أَنَّ كَلْبَ الْمُسْلِمِ وَنَحْوَهُ
إذَا شَارَكَهُ، فَأَكْلُهُ جَائِزٌ، وَهُوَ كَذَلِكَ إذَا كَانَ رَبُّهُ أَرْسَلَهُ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: فَإِنْ وَجَدَ الصَّائِدُ مَعَ كَلْبِهِ كَلْبًا آخَرَ، فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ مُرْسَلٍ مِنْ صَائِدٍ آخَرَ، وَأَنَّهُ إنَّمَا انْبَعَثَ فِي طَلَبِ الصَّيْدِ بِنَفْسِهِ، وَلَا يُخْتَلَفُ فِي هَذَا لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «، فَإِنْ خَالَطَهَا كِلَابٌ مِنْ غَيْرِهَا، فَلَا تَأْكُلْ» وَفِي رِوَايَةٍ فَإِنَّمَا سَمَّيْتَ عَلَى كَلْبِكَ وَلَمْ تُسَمِّ عَلَى غَيْرِهِ فَأَمَّا لَوْ أَرْسَلَهُ صَائِدٌ آخَرُ، فَاشْتَرَكَ الْكَلْبَانِ فِيهِ، فَإِنَّهُ لِلصَّائِدَيْنِ يَكُونَانِ