الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ابْنِ الْحَاجِبِ وَتُكْرَهُ لِلْكَافِرِ عَلَى الْأَشْهَرِ الْقَوْلَانِ لِمَالِكٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ فِي النَّصْرَانِيَّةِ تَكُونُ ظِئْرًا وَالْأَشْهَرُ هُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَوَجْهُهُ أَنَّهَا قُرْبَةٌ فَلَا يُعَانُ بِهَا الْكَافِرُ، وَعَنْ مَالِكٍ التَّخْفِيفُ فِي الذِّمِّيِّ دُونَ غَيْرِهِ كَالْمَجُوسِيِّ وَأَشَارَ ابْنُ حَبِيبٍ إلَى أَنَّ مَنْ أَبَاحَ ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ فِي الَّذِي يَكُونُ فِي عِيَالِ الرَّجُلِ، وَأَمَّا الْبَعْثُ إلَيْهِمْ، فَلَا يَجُوزُ قَالَ: وَكَذَلِكَ فَسَّرَهُ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ وَقَالَهُ أَصْبَغُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعَكَسَ ابْنُ رُشْدٍ فَجَعَلَ مَحِلَّ الْخِلَافِ مِنْ الْكَرَاهَةِ وَالْإِبَاحَةِ إنَّمَا هُوَ الْبَعْثُ، وَأَمَّا مَنْ فِي عِيَالِهِ مِنْ أَقَارِبِهِ أَوْ وَصَيْفِهِ.
فَلَا خِلَافَ فِي إبَاحَةِ إطْعَامِهِمْ، فَيَتَحَصَّلُ مِنْ الطَّرِيقَتَيْنِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ انْتَهَى. وَيُشِيرُ بِكَلَامِ مَالِكٍ وَابْنِ حَبِيبٍ وَابْنِ رُشْدٍ لِمَا فِي الْبَيَانِ فِي رَسْمِ سُنَّ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الْأُضْحِيَّة مِنْ الْعُتْبِيَّةِ وَنَصُّهُ: سُئِلَ عَنْ النَّصْرَانِيَّةِ تَكُونُ ظِئْرًا لِلرَّجُلِ، فَتَأْتِي فَتُرِيدُ أَنْ تَأْخُذَ فَرْوَةَ أُضْحِيَّةِ ابْنِهَا.
قَالَ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ وَأَنْ تُوهَبَ لَهَا الْفَرْوَةُ وَتُطْعَمُ مِنْ اللَّحْمِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: رَجَعَ مَالِكٌ فَقَالَ: لَا خَيْرَ فِيهِ وَالْأَوَّلُ أَحَبُّ قَوْلَيْهِ إلَيَّ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: اخْتِلَافُ قَوْلِ مَالِكٍ هَذَا إنَّمَا مَعْنَاهُ إذَا لَمْ تَكُنْ فِي عِيَالِهِ، فَأُعْطِيَتْ مِنْ اللَّحْمِ مَا تَذْهَبُ بِهِ عَلَى مَا يَأْتِي فِي رَسْمِ اغْتَسَلَ، فَأَمَّا لَوْ كَانَتْ فِي عِيَالِهِ أَوْ غَشِيَتْهُمْ وَهُمْ يَأْكُلُونَ لَمْ يَكُنْ لَهُ بَأْسٌ أَنْ تُطْعَمَ مِنْهُ دُونَ خِلَافٍ، وَهَذَا يَرُدُّ تَأْوِيلَ ابْنِ حَبِيبٍ إذْ لَمْ يَجْعَلْ ذَلِكَ اخْتِلَافًا مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ، وَقَالَ: مَعْنَاهُ أَنَّهُ كَرِهَ الْبَعْثَ إلَيْهِمْ إذَا لَمْ يَكُونُوا فِي عِيَالِهِ، وَأَجَازَ أَنْ يُطْعَمُوا مِنْهُ إذَا كَانُوا فِي عِيَالِهِ، وَيُشِيرُ بِمَا فِي رَسْمِ اغْتَسَلَ لِقَوْلِهِ.
وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ أَيُهْدُونَ مِنْ ضَحَايَاهُمْ لِأَهْلِ الذِّمَّةِ مِنْ جِيرَانِهِمْ فَقَالَ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ، ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَقَالَ: لَا خَيْرَ فِيهِ غَيْرَ مَرَّةٍ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: هَذَا مِثْلُ مَا مَضَى فِي رَسْمِ سُنَّ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِيهِ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ وَإِلَى هَذَا الِاخْتِلَافِ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَهَلْ إنْ بَعَثَ لَهُ أَوْ وُلِدَ فِي عِيَالِهِ تَرَدُّدٌ.
ص (وَالتَّغَالِي فِيهَا)
ش: تَصَوُّرُهُ ظَاهِرٌ
[فَرْعٌ فِي تَسْمِينِ الْأُضْحِيَّة]
(فَرْعٌ) : قَالَ الْبُرْزُلِيُّ: وَاخْتُلِفَ فِي تَسْمِينِ الْأُضْحِيَّةِ فَقَالَ عِيَاضٌ: الْجُمْهُورُ عَلَى جَوَازِهِ، وَكَرِهَهُ ابْنُ شَعْبَانَ لِمُشَابِهَةِ الْيَهُودِ انْتَهَى.
وَقَالَ أَيْضًا فِي أَوَائِلِ النِّكَاحِ: وَسَأَلْتُ شَيْخَنَا عَنْ تَسْمِينِ الْمَرْأَةِ، فَأَجَابَ أَمَّا مَا يُؤَدِّي إلَى الضَّرَرِ بِالْجِسْمِ وَالتَّرْغِيمِ عَلَيْهِ أَوْ مَا يُؤَدِّي إلَى فَسَادِ الطَّعَامِ وَنَتْنِهِ، فَلَا يَجُوزُ، وَأَمَّا مَا زَادَ عَلَى الشِّبَعِ مِمَّا لَا يُؤَدِّي إلَى هَذَا، فَالصَّوَابُ جَوَازُهُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ كَمَالِ الْمُتْعَةِ، وَهِيَ جَائِزَةٌ وَسَمِعْتُهُ مَرَّةً يَقُولُ: كَثْرَةُ شَحْمِ الْمَرْأَةِ لَا خَيْرَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ ثِقَلٌ فِي الْحَيَاةِ ونَتْن بَعْدَ الْمَمَاتِ، وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ مُطْلَقِ الشِّبَعِ، وَفِيهِ خِلَافٌ، وَمِثْلُهُ تَسْمِينُ الْحَيَوَانِ لِلْأَعْيَادِ الَّذِي لَا يُؤَدِّي إلَى ضَرَرِ الْحَيَوَانِ جَائِزٌ، وَحَكَاهُ عِيَاضٌ عَنْ الْجُمْهُورِ، وَخَالَفَهُ ابْنُ شَعْبَانَ، وَكَرِهَهُ انْتَهَى. وَيَشْهَدُ لِجَوَازِ تَسْمِينِ الْحَيَوَانِ مَا فِي أَوَّلِ سَمَاعِ الْقَرِينَيْنِ مِنْ كِتَابِ الذَّبَائِحِ قَالَ سَحْنُونٌ: سَمِعْتُ أَشْهَبَ وَابْنَ نَافِعٍ يَقُولَانِ: سَمِعْنَا الْحَسَنَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ الْمَخْزُومِيَّ يُحَدِّثُ مَا كَانَ أَبُو الْحُوَيْرِثِ حَدَّثَهُ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ أَمَرَ بِثَلَاثِ دِيَكَةٍ لَهُ أَنْ تُسَمَّنَ حَتَّى إذَا امْتَلَأَتْ شَحْمًا أَمَرَ غُلَامًا لَهُ أَنْ يَذْبَحَهَا، فَذَبَحَهَا مِنْ أَقْفِيَتِهَا فَلَمَّا نَظَرَ إلَيْهَا أَبُو مُطْعِمٍ قَالَ: إنِّي لَأَظُنُّهُ حِرْمَانَهَا فَقُلْتُ لَهُ كَلًّا فَخَرَجْت مَعَهُ إلَى ابْنِ الْمُسَيِّبِ حَتَّى سَأَلَهُ فَقَالَ: لَا تَأْكُلْ فَقِيلَ لِمَالِكٍ أَتَرَى مَا قَالَ سَعِيدٌ لَا أَكْلَ قَالَ: نَعَمْ انْتَهَى، فَانْظُرْ هَذِهِ الْجَمَاعَةَ كُلَّهُمْ قَدْ عَلِمُوا بِتَسْمِينِ الدِّيَكَةِ، وَلَمْ يُنْكِرْهُ أَحَدٌ وَكَذَلِكَ ابْنُ رُشْدٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(فَائِدَةٌ) قَالَ فِي الْإِكْمَالِ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم فِي الثَّلَاثَةِ قَلِيلٌ فِقْهُ قُلُوبِهِمْ كَثِيرٌ شَحْمُ بُطُونِهِمْ فِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّ الْفِطْنَةَ قَلَّمَا تَكُونُ مَعَ كَثْرَةِ الشَّحْمِ وَالِاتِّصَافِ بِالسِّمَنِ، وَكَثْرَةِ اللَّحْمِ انْتَهَى.
ص (وَفِعْلُهَا عَنْ مَيِّتٍ)
ش: قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: قَالَ مَالِكٌ: فِي الْمَوَّازِيَّةِ، وَلَا يُعْجِبُنِي أَنْ يُضَحِّيَ عَنْ أَبَوَيْهِ الْمَيِّتَيْنِ انْتَهَى. قَالَ الشَّارِحُ فِي الْكَبِيرِ: إنَّمَا كَرِهَ أَنْ يُضَحِّيَ عَنْ الْمَيِّتِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَلَا عَنْ أَحَدٍ مِنْ السَّلَفِ، وَأَيْضًا، فَإِنَّ الْمَقْصُودَ بِذَلِكَ غَالِبًا الْمُبَاهَاةُ وَالْمُفَاخَرَةُ، وَهُوَ
وَاضِحٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ انْتَهَى. وَهَذَا بِخِلَافِ الْهَدْيِ عَنْ الْمَيِّتِ فَإِنَّهُ يَسْتَحِبُّهُ مَالِكٌ، فَكَانَ الْعَمَلُ عَلَى ذَلِكَ (تَنْبِيهٌ) : يُقَيَّدُ قَوْلُهُ: وَفِعْلُهَا عَنْ مَيِّتٍ بِمَا إذَا لَمْ يُعِدَّهَا الْمَيِّتُ وَإِلَّا، فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْوَارِثِ تَنْفِيذُهَا إذَا مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُنَفِّذَهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (كَعَتِيرَةٍ)
ش: الظَّاهِرُ أَنَّهُ يُشِيرُ بِهِ إلَى مَا فِي رَسْمِ الْجَنَائِزِ وَالصَّيْدِ مِنْ سَمَاعِ أَشْهَبَ وَابْنِ نَافِعٍ مِنْ كِتَابِ الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ قَالَ مَالِكٌ: الْعَتِيرَةُ: شَاةٌ كَانَتْ تُذْبَحُ فِي رَجَبٍ يَتَبَرَّرُونَ بِهَا كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَقَدْ كَانَتْ فِي الْإِسْلَامِ، وَلَكِنْ لَيْسَ النَّاسُ عَلَيْهَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: قَوْلُ مَالِكٍ إنَّ الْعَتِيرَةَ هِيَ الرَّجَبِيَّةُ الشَّاةُ الَّتِي كَانَتْ تُذْبَحُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَقَدْ كَانَتْ فِي الْإِسْلَامِ فِي رَجَبٍ عَلَى سَبِيلِ التَّبَرُّرِ، وَإِنَّهَا قَدْ كَانَتْ فِي الْإِسْلَامِ يُرِيدُ مَعْمُولًا بِهَا كَالضَّحَايَا فَرَوَى عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم رُوِيَ عَنْهُ «أَنَّهُ قَالَ بِعَرَفَةَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إنَّ عَلَى كُلِّ بَيْتٍ فِي كُلِّ عَامٍ أَضْحَاةٌ وَعَتِيرَةً هَلْ تَدْرُونَ مَا الْعَتِيرَةُ قَالَ الرَّاوِي لِلْحَدِيثِ مُحَبَّبُ بْنُ سُلَيْمٍ: فَلَا أَدْرِي مَا كَانَ مِنْ رَدِّهِمْ عَلَيْهِ قَالَ: هِيَ الَّتِي يَقُولُ النَّاسُ الرَّجَبِيَّةُ» وَقَوْلُهُ وَلَكِنْ لَيْسَ النَّاسُ عَلَيْهَا يُرِيدُ أَنَّهَا نُسِخَتْ بِمَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَوْلِهِ «لَا فَرَعَ، وَلَا عَتِيرَةَ» وَالْفَرَعُ هُوَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَذْبَحُونَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَوَّلَ وَلَدٍ تَلِدُهُ النَّاقَةُ أَوْ الشَّاةُ يَأْكُلُونَ وَيُطْعِمُونَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: فِيهِ لَمَّا سُئِلَ عَنْهُ إنْ تَدَعَهُ حَتَّى يَكُونَ شَعَرِيًّا خَيْرٌ لَك مِنْ أَنْ تَنْحَرَهُ فَيَلْصَقَ لَحْمُهُ بِوَبَرِهِ وَتُكْفِئَ إنَاءَكَ وَتُولِهَ نَاقَتَكَ يَقُولُ صلى الله عليه وسلم خَيْرٌ لَك أَنْ تَتْرُكَهُ حَتَّى يَشْتَدَّ، وَلَا تَذْبَحَهُ صَغِيرًا فَيَخْتَلِطَ لَحْمُهُ بِوَبَرِهِ فَتُحْزِنَ نَاقَتَكَ وَيَنْقَطِعَ لَبَنُهَا بِذَبْحِ وَلَدِهَا فَيُكْفِئَ إنَاءَهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ لَبَنٌ، وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم «لَا فَرَعَ، وَلَا عَتِيرَةَ» فَقِيلَ إنَّ ذَلِكَ نَهْيٌ عَنْهُمَا، فَلَا بِرَّ فِي فِعْلِهِمَا، وَقِيلَ إنَّ ذَلِكَ نَسْخٌ لِلْوُجُوبِ وَفِعْلُ ذَلِكَ أَيْ لِمَنْ شَاءَ أَنْ يَفْعَلَهُ وَاحْتَجَّ مَنْ ذَهَبَ إلَى هَذَا بِمَا رَوَى الْحَارِثُ بْنُ عُمَرَ التَّمِيمِيُّ أَنَّهُ «لَقِيَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ قَالَ: فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ الْفَرَائِعُ وَالْعَتَائِرُ قَالَ مَنْ شَاءَ أَفْرَعَ وَمَنْ شَاءَ لَمْ يُفْرِعْ وَمَنْ شَاءَ أَعْتَرَ وَمَنْ شَاءَ لَمْ يُعْتِرْ» وَمَا رُوِيَ عَنْ لَقِيطِ بْنِ عَامِرٍ مِنْ حَدِيثِ «وَكِيعٍ أَنَّهُ سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إنَّا كُنَّا نَذْبَحُ ذَبَائِحَ فِي رَجَبٍ فَنُطْعِمُ مَنْ جَاءَنَا قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: لَا بَأْسَ» قَالَ وَكِيعٌ لَا أَتْرُكُهَا أَبَدًا
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ: الْعَتِيرَةُ هِيَ الْفَرَعُ لَا الرَّجَبِيَّةُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: كَقَوْلِ مَالِكٍ إنَّ الْعَتِيرَةَ هِيَ الرَّجَبِيَّةُ وَالْفَرَعُ شَيْءٌ كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَطْلُبُونَ بِهِ الْبَرَكَةَ فِي أَمْوَالِهِمْ بِأَنْ يَذْبَحَ الرَّجُلُ مِنْهُمْ بِكْرَ نَاقَتِهِ أَوْ شَاتِهِ، وَلَا يَعْرُوهُ رَجَاءَ الْبَرَكَةِ فِيمَا يَأْتِي بَعْدُ، وَيَرُدُّ قَوْلَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «لَا فَرَعَ، وَلَا عَتِيرَةَ» انْتَهَى، وَذَكَرَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ فِي الْعَارِضَةِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «نَسَخَ الْأَضْحَى كُلَّ ذَبْحٍ وَنَسَخَ صَوْمُ رَمَضَانَ كُلَّ صَوْمٍ وَالْغُسْلُ مِنْ الْجَنَابَةِ كُلَّ غُسْلٍ وَالزَّكَاةُ كُلَّ صَدَقَةٍ» وَقَالَ ابْنُ غَازِيٍّ: قَوْلُهُ كَعَتِيرَةٍ ابْنُ يُونُسَ الْعَتِيرَةُ الطَّعَامُ الَّذِي يُبْعَثُ لِأَهْلِ الْمَيِّتِ قَالَ مَالِكٌ: أَكْرَهُ أَنْ يُرْسَلَ لِلْمَنَاحَةِ طَعَامٌ انْتَهَى. وَالْكَرَاهَةُ فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ مِنْ الْجَنَائِزِ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: وَيُسْتَحَبُّ لِغَيْرِ مَنَاحَةٍ لِقَوْلِهِ عليه السلام «اصْنَعُوا لِآلِ جَعْفَرٍ طَعَامًا» وَكَذَا جَعَلَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْجَنَائِزِ مَنْدُوبًا وَفِي مُخْتَصَرِهِ الْعَتِيرَةُ شَاةٌ كَانَتْ الْجَاهِلِيَّةُ يَذْبَحُونَهَا لِأَصْنَامِهِمْ زَادَ الْجَوْهَرِيُّ فِي رَجَبٍ، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِمُرَادٍ هُنَا انْتَهَى. وَكَانَ ابْنُ غَازِيٍّ رحمه الله عَزَبَ عَنْهُ كَوْنُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي الْبَيَانِ أَوْ أَنَّهُ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهَا فِيهِ بِدَلِيلِ نَقْلِهِ فِي تَعْرِيفِهَا كَلَامَ اللُّغَوِيِّينَ دُونَ تَفْسِيرِ مَالِكٍ وَحَمْلِهِ الْعَتِيرَةَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى الطَّعَامِ الَّذِي يُبْعَثُ لِأَهْلِ الْمَيِّتِ، وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ بِقَوْلِ مَالِكٍ أَكْرَهُ أَنْ يُرْسَلَ لِلْمَنَاحَةِ طَعَامٌ لَيْسَ هُوَ بِمُرَادٍ هُنَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، بَلْ مُرَادُهُ بِالْعَتِيرَةِ مَا ذَكَرْنَاهُ، وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ مُرَادُهُ كَوْنُهُ ذَكَرَهُ فِي هَذَا الْبَابِ وَكَوْنُهُ ذَكَرَ الْمُسْتَحَبَّ مِنْ إطْعَامِ أَهْلِ الْمَيِّتِ فِي بَابِ الْجَنَائِزِ