الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِخِلَافِ بَابِ الطَّهَارَةِ، فَلَا يَعْمَلُ بِهِ بِالِاحْتِمَالَاتِ الْبَعِيدَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[فَرْعٌ الْإِحْرَامُ فِي ثَوْبٍ فِيهِ عَلَمُ حَرِيرٍ]
(فَرْعٌ) : قَالَ فِي النَّوَادِرِ: قَالَ مَالِكٌ: وَلِلرَّجُلِ أَنْ يُحْرِمَ فِي ثَوْبٍ فِيهِ عَلَمُ حَرِيرٍ مَا لَمْ يَكْثُرْ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ عُمَرَ عَنْ ابْنِ بُكَيْرٍ أَنَّهُ سَأَلَ مَالِكًا هَلْ يُحْرِمُ فِي ثَوْبٍ فِيهِ عَلَمُ حَرِيرٍ قَدْرَ الْأُصْبُعِ؟ قَالَ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ انْتَهَى.
[فَرْعٌ الرَّجُلِ يُحْرِمُ فِي ثَوْبٍ فِيهِ رِيحُ الْمِسْكِ وَالطِّيبِ]
(فَرْعٌ) : قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَسُئِلَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ الرَّجُلِ يُحْرِمُ فِي ثَوْبٍ يَجِدُ فِيهِ رِيحُ الْمِسْكِ وَالطِّيبِ قَالَ: سَأَلْت مَالِكًا عَنْ الرَّجُلِ يَكُونُ فِي تَابُوتِهِ الْمِسْكُ، فَيَكُونُ فِيهِ مِلْحَفَةٌ فَيُخْرِجُهَا لِيُحْرِمَ فِيهَا، وَقَدْ عَلِقَ فِيهَا رِيحُ الْمِسْكِ قَالَ: يَغْسِلُهَا.
أَوْ يَنْشُرُهَا حَتَّى يَذْهَبَ رِيحُهُ قَالَ سَنَدٌ: بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ الْخِلَافَ فِي التَّطَيُّبِ عِنْدَ الْإِحْرَامِ وَأَنَّ مَنْ أَبَاحَ ذَلِكَ أَبَاحَهُ فِي الْبَدَنِ، وَفِي الثَّوْبِ، وَمَنْ مَنَعَهُ مَنَعَهُ مِنْ الْبَدَنِ وَمِنْ الثَّوْبِ مَا نَصُّهُ أَمَّا ثَوْبُ الْمُحْرِمِ إذَا عَلِقَ بِهِ رِيحُ طِيبٍ، أَوْ تَبَخَّرَ بِعَنْبَرٍ وَنَدٍّ وَشَبَهِهِمَا، فَلَا يَلْبَسُهُ الْمُحْرِمُ، فَإِنْ فَعَلَ، فَقَالَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ لَا يُحْرِمُ فِي ثَوْبٍ فِيهِ رِيحُ مِسْكٍ، أَوْ طِيبٍ، فَإِنْ فَعَلَ، فَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ قَالَ أَشْهَبُ: فِي الْمَجْمُوعَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ كَالتَّطَيُّبِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُخْرِجَ الْفِدْيَةَ إذَا فَعَلَهُ عِنْدَ الْإِحْرَامِ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ الِاخْتِلَافِ فِيمَنْ تَطَيَّبَ حِينَئِذٍ.
أَمَّا مَا بَعْدَ الْإِحْرَامِ، فَيَفْتَدِي، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا فِدْيَةَ فِي ذَلِكَ، وَتَعَلَّقَ بِأَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَعْمِلٍ مُحَرَّمَ الطِّيبِ فِي بَدَنِهِ، فَلَا تَلْزَمُهُ الْفِدْيَةُ بِمُجَرَّدِ الرَّائِحَةِ كَمَا لَوْ جَلَسَ فِي الْعَطَّارِينَ فَشَمَّ الطِّيبَ، وَوَجْهُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَبِسَ ثَوْبًا مُطَيَّبًا عَامِدًا، فَوَجَبَتْ عَلَيْهِ الْفِدْيَةُ كَمَا لَوْ تَضَمَّخَ بِالطِّيبِ، وَيُخَالِفُ الْجُلُوسُ فِي الْعَطَّارِينَ بِأَنَّهُ لَيْسَ بِتَطَيُّبٍ بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا انْتَهَى.
(قُلْت) مَا ذَكَرَهُ عَنْ كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ وَعَنْ الْمَجْمُوعَةِ نَحْوُهُ فِي النَّوَادِرِ، وَذَكَرَ اللَّخْمِيُّ عَنْ مُحَمَّدٍ نَحْوَ مَا ذُكِرَ عَنْ أَشْهَبَ.
وَهُوَ غَرِيبٌ، وَنَصُّهُ: وَلَا يُحْرِمُ فِي ثَوْبٍ فِيهِ رَائِحَةُ الطِّيبِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ عَيْنُ الطِّيبِ قَالَ مُحَمَّدٌ: إنْ كَثُرَتْ الرَّائِحَةُ افْتَدَى انْتَهَى، وَنَقَلَهُ عَنْهُ أَبُو الْحَسَنِ وَلَمْ يَتَعَقَّبْهُ، وَذَكَرَ ابْنُ يُونُسَ مَا فِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ كَأَنَّهُ تَتْمِيمٌ لِكَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ وَلَمْ يَعْزُهُ لِكِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ، ثُمَّ ذَكَرَ كَلَامَ أَشْهَبَ كَأَنَّهُ تَقْيِيدٌ لَهُ، فَقَالَ: قَالَ مَالِكٌ: وَلَا يُحْرِمُ فِي ثَوْبٍ عَلِقَ فِيهِ رِيحُ الْمِسْكِ حَتَّى تَذْهَبَ رِيحُهُ بِغَسْلٍ، أَوْ نَشْرٍ.
وَإِنْ أَحْرَمَ فِيهِ قَبْلَ أَنْ يَذْهَبَ رِيحُهُ، فَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ قَالَ أَشْهَبُ إلَّا أَنْ يَكْثُرَ، فَيَصِيرَ كَالطِّيبِ انْتَهَى.
وَنَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ، وَقَالَ بَعْدَهُ الشَّيْخُ: الْمِسْكُ لَمْ يُجْعَلْ فِي الثَّوْبِ، وَإِنَّمَا عَلِقَ بِهِ رِيحُهُ مِنْ غَيْرِهِ يَظْهَرُ مِنْ قَوْلِهِ عَلِقَ بِهِ انْتَهَى.
ثُمَّ قَالَ فِي الطِّرَازِ: فَلَوْ مَسَّهُ طِيبٌ، ثُمَّ ذَهَبَ رِيحُ الطِّيبِ مِنْهُ هَلْ يُحْرِمُ فِيهِ؟ سُئِلَ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّإِ فَقَالَ نَعَمْ مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ صِبَاغُ زَعْفَرَانٍ، أَوْ وَرْسٍ، أَوْ الَّذِي يَتَحَصَّلُ عِنْدِي مِنْ هَذَا أَنَّ الثَّوْبَ إذَا كَانَتْ فِيهِ رَائِحَةُ الطِّيبِ، فَلَا يُحْرِمُ فِيهِ.
وَيَنْبَغِي أَنْ يُفَصَّلَ فِي ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَتْ رَائِحَةَ طِيبٍ مُؤَنَّثٍ كَانَ الْإِحْرَامُ فِيهِ حَرَامًا، وَإِنْ كَانَتْ رَائِحَةَ طِيبٍ مُذَكَّرٍ كَانَ الْإِحْرَامُ فِيهِ مَكْرُوهًا، فَإِنْ أَحْرَمَ فِيهِ، فَإِنْ كَانَ الطِّيبُ مُذَكَّرًا، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ مُؤَنَّثًا، فَالظَّاهِرُ مَا قَالَهُ صَاحِبُ الطِّرَازِ أَنَّ حُكْمَ ذَلِكَ حُكْمُ مَنْ تَطَيَّبَ عِنْدَ الْإِحْرَامِ بِمَا تَبْقَى رَائِحَتُهُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ فَالْمَشْهُورُ لَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ، وَقَالَ أَشْهَبُ: عَلَيْهِ الْفِدْيَةُ إنْ كَانَ كَثِيرًا، وَاخْتُلِفَ هَلْ قَوْلُهُ تَفْسِيرٌ، أَوْ خِلَافٌ؟ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ
[فَرْعٌ الْإِحْرَامَ فِي ثَوْبٍ مُصَبَّغٍ بِدُهْنٍ]
(فَرْعٌ) : قَالَ فِي النَّوَادِرِ وَلَا بَأْسَ أَنْ يُحْرِمَ فِي ثَوْبٍ مُصَبَّغٍ بِدُهْنٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِنْ كَانَتْ لَهُ رَائِحَةٌ طَيِّبَةٌ مَا لَمْ يَكُنْ مِسْكًا، أَوْ عَنْبَرًا انْتَهَى.
وَنَقَلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ وَابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُمْ، وَقَالَ فِي رَسْمِ لِيَرْفَعْنَ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الْحَجِّ سُئِلَ عَنْ الثَّوْبِ يُصِيبُهُ الدُّهْنُ، هَلْ يُحْرِمُ فِيهِ؟ قَالَ: نَعَمْ لَا بَأْسَ بِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إلَّا أَنْ يَكُونَ مِسْكًا، أَوْ عَنْبَرًا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: وَهَذَا كَمَا قَالَ؛ لِأَنَّ الْأَدْهَانَ الَّتِي لَا طِيبَ فِيهَا يَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَأْكُلَهَا وَيَدْهُنَ بِهَا يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ مِنْ شُقَاقٍ بِهَا لَا لِتَحْسِينِهَا، وَهِيَ لَا تُحَسِّنُ الثَّوْبَ بِحَالٍ إذَا أَصَابَتْهُ بَلْ تُوَسِّخُهُ، فَلَا بَأْسَ بِالْإِحْرَامِ فِيهِ كَمَا قَالَ انْتَهَى.
(فَرْعٌ) : قَالَ فِي النَّوَادِرِ فِي الثَّوْبِ الْمُعَصْفَرِ الْمُفْدَمِ: كَرِهَهُ مَالِكٌ لِلرِّجَالِ فِي غَيْرِ الْإِحْرَامِ انْتَهَى.
وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ الْمُعَصْفَرَ الْمُفْدَمَ وَكُرِهَ لِلرِّجَالِ فِي غَيْرِ الْإِحْرَامِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: أَيْ الْمُعَصْفَرُ الْمُفْدَمُ، وَأَمَّا الْمُعَصْفَرُ غَيْرُ الْمُفْدَمِ وَالْمُزَعْفَرُ، فَيَجُوزُ لُبْسُهُمَا فِي غَيْرِ الْإِحْرَامِ نَصَّ عَلَى الْمُوَرَّدِ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَعَلَى الْمُزَعْفَرِ فِي غَيْرِهَا قَالَ مَالِكٌ: لَا بَأْسَ بِالْمُزَعْفَرِ لِغَيْرِ الْمُحْرِمِ، وَكُنْتُ أَلْبَسُهُ وَقَالَ فِي الْحَدِيثِ فِي النَّهْيِ عَنْ أَنْ يَتَزَعْفَرَ الرَّجُلُ هُوَ أَنْ يُلَطِّخَ جَسَدَهُ بِزَعْفَرَانٍ اللَّخْمِيُّ وَرُوِيَ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ «كَانَ يَصْبُغُ ثِيَابَهُ كُلَّهَا، أَوْ الْعِمَامَةَ بِالزَّعْفَرَانِ» وَفِي قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «لَا يَلْبِسُ الْمُحْرِمُ شَيْئًا مَسَّهُ وَرْسٌ وَلَا زَعْفَرَانٌ» دَلِيلٌ عَلَى الْجَوَازِ لِغَيْرِ الْمُحْرِمِ انْتَهَى كَلَامُ التَّوْضِيحِ، وَأَصْلُهُ لِلَّخْمِيِّ وَزَادَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مَمْنُوعًا فِي الْجُمْلَةِ لَمْ يَخُصَّ بِهِ الْمُحْرِمَ، وَإِنَّمَا يَذْكُرُ فِي ذَلِكَ مَا يَفْتَرِقُ فِيهِ حُكْمُ الْمُحْرِمِ مِنْ غَيْرِهِ انْتَهَى، ثُمَّ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَأَمَّا كَرَاهَةُ الْمُعَصْفَرِ فَلِمَا فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ «عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ رَآنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَعَلَيَّ ثَوْبَانِ مُعَصْفَرَانِ فَقَالَ: إنَّ هَذَيْنِ مِنْ ثِيَابِ الْكُفَّارِ فَلَا تَلْبَسْهُمَا» وَفِي بَعْضِ الطُّرُقِ أَلَا كَسَوْتَهُمَا بَعْضَ أَهْلِك انْتَهَى. وَنَحْوُهُ فِي الطِّرَازِ وَقَالَ فِيهِ وَحُمِلَ النَّهْيُ أَنْ يُزَعْفِرَ الرَّجُلُ عَلَى تَلْطِيخِ الْجَسَدِ عَلَى رَأْيِ الْجَاهِلِيَّةِ، وَيُعَضِّدُهُ مَا رُوِيَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُ قَالَ:«نَهَى عليه الصلاة والسلام أَنْ يُزَعْفِرَ الرَّجُلُ جِلْدَهُ» وَقَدْ رُوِيَ أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام «كَانَ يَصْبُغُ ثِيَابَهُ كُلَّهَا وَالْعِمَامَةَ بِالزَّعْفَرَانِ» ، وَهَذَا بَيِّنٌ فَإِنَّ ذَلِكَ عَادَةُ الْعَرَبِ وَهُوَ زِيُّ مَكَّةَ إلَى الْيَوْمِ فَلَمْ يَكُنْ مِنْ مَحْضِ مُعْتَادِ النِّسَاءِ حَتَّى يُكْرَهُ لِلرِّجَالِ انْتَهَى.
(قُلْت) وَالْحَدِيثُ فِي النَّهْيِ عَنْ الْمُعَصْفَرِ عَامٌّ فِي الْمُفْدَمِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ صَاحِبِ الطِّرَازِ وَعَلَّلَ ذَلِكَ بِأَنَّ فِيهِ تَشَبُّهًا بِالنِّسَاءِ وَلَقَدْ «لَعَنَ صلى الله عليه وسلم مَنْ تَشَبَّهَ بِالنِّسَاءِ مِنْ الرِّجَالِ» فَتَأَمَّلْهُ وَقَالَ الْمَازِرِيُّ فِي الْمُعَلِّمِ فِي كِتَابِ اللِّبَاسِ إنَّهُ أَجَازَ لُبْسَ الْمَلَاحِفِ الْمُعَصْفَرَةِ لِلرِّجَالِ فِي الْبُيُوتِ، وَفِي أَفْنِيَةِ الدُّورِ وَكَرِهَ لِبَاسَهَا فِي الْمَحَافِلِ وَعِنْدَ الْخُرُوجِ إلَى السُّوقِ، فَكَأَنَّهُ رَأَى أَنَّ التَّصَرُّفَ بِهَا بَيْنَ الْمَلَإِ مِنْ لِبَاسِ الِاشْتِهَارِ، فَلِهَذَا نَهَى عَنْهُ وَفِي الدِّيَارِ لَيْسَ فِيهَا اشْتِهَارٌ فَأَجَازَهُ انْتَهَى.
، وَنَحْوُهُ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، وَنَقَلَ الْبُرْزُلِيُّ فِي كِتَابِ الْجَامِعِ عَنْ ابْنِ الْعَرَبِيِّ أَنَّهُ قَالَ: وَأَمَّا الْأَحْمَرُ، وَمِنْهُ الْمُعَصْفَرُ وَالْمُزَعْفَرُ، فَأَجَازَهُ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَكَرِهَ بَعْضُ الْعِرَاقِيِّينَ الْمُزَعْفَرَ لِلرِّجَالِ انْتَهَى.
قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَفِيهَا كَرَاهَةُ الْمُعَصْفَرِ الْمُفْدَمِ، وَلَوْ لِلْمَرْأَةِ فِي الْإِحْرَامِ وَلِلرِّجَالِ فِي غَيْرِهِ عِيَاضٌ وَغَيْرُهُ كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ بَشِيرٍ الْقَاضِي يَلْبَسُ الْمُعَصْفَرَ، وَيَتَحَلَّى بِالزِّينَةِ مِنْ كُحْلٍ وَخِضَابٍ وَسِوَاكٍ سَأَلَ رَجُلٌ غَرِيبٌ عَنْهُ فَدُلَّ عَلَيْهِ، فَلَمَّا رَآهُ قَالَ أَتَسْخَرُونَ بِي أَسْأَلُكُمْ عَنْ قَاضِيكُمْ فَتَدُلُّونِي عَلَى زَامِرٍ فَزَجَرُوهُ فَقَالَ لَهُ ابْنُ بَشِيرٍ: تَقَدَّمْ وَاذْكُرْ حَجَّتَكَ فَوَجَدَ عِنْدَهُ أَكْثَرَ مِمَّا ظَنَّهُ، عَاتَبَهُ زُونَانُ فِي لِبَاسِ الْخَزِّ وَالْمُعَصْفَرِ فَقَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ أَنَّ هِشَامَ بْنَ عُرْوَةَ فَقِيهَ الْمَدِينَةِ كَانَ يَلْبَسُ الْمُعَصْفَرَ، وَأَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ كَانَ يَلْبَسُ الْخَزَّ، ثُمَّ تَرَكَ لُبْسَ الْخَزِّ قَالَ يَحْيَى بْن يَحْيَى: لَا يَلْزَمُ مَنْ يَعْقِلُ مَا يُعَابُ عَلَيْهِ انْتَهَى وَزُونَانُ اسْمُهُ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ زُرَيْقِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُسَمَّى أَبَا مَرْوَانَ وَيُعْرَفُ بِزُونَانَ وَهُوَ مِنْ الطَّبَقَةِ الْأُولَى مِمَّنْ لَمْ يَرَ مَالِكًا مِنْ أَهْلِ الْأَنْدَلُسِ مِنْ قُرْطُبَةَ سَمِعَ ابْنَ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ وَابْنَ وَهْبٍ وَغَيْرَهُمْ، وَكَانَ الْأَغْلَبُ عَلَيْهِ الْفِقْهَ وَكَانَ فَقِيهًا فَاضِلًا وَرِعًا زَاهِدًا وَلِيَ قَضَاءَ طُلَيْطِلَة وَكَانَ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى يَعْجَبُ مِنْ كَلَامِهِ وَتُوُفِّيَ سَنَةَ ثِنْتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ قَالَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي الدِّيبَاجِ الْمُذَهَّبِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَشَمٌّ كَرَيْحَانٍ)
ش: يَعْنِي أَنَّهُ يُكْرَهُ شَمُّ الرِّيحَانِ وَغَيْرِهِ مِنْ الطِّيبِ الْمُذَكَّرِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ رَاشِدٍ وَغَيْرِهِ وَهُوَ مَا يَظْهَرُ رِيحُهُ وَيَخْفَى أَثَرُهُ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: كَالْيَاسَمِينِ وَالْوَرْدِ وَالْخَيْلِيِّ وَالْبَنَفْسَجِ وَشَبَهِهِ، فَإِنْ تَعَمَّدَ شَمَّ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، فَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الطِّيبِ الْمُؤَنَّثِ، فَإِنَّهُ يَحْرُمُ اسْتِعْمَالُهُ، وَتَجِبُ فِيهِ الْفِدْيَةُ كَمَا سَيَأْتِي، وَحُكْمُ مَا يُغْتَفَرُ مِنْ هَذِهِ