الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثَيِّبًا، وَعَلَى هَذَا يَكُونُ حُكْمُ سَائِرِ الْأَوْلِيَاءِ كَذَلِكَ مَعَ الْإِشْهَادِ وَإِنْ تَلِفَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا شَيْءٌ إلَّا أَنْ تَعْلَمَ الْمَالِكَةُ لِأَمْرِهَا أَنَّ ذَلِكَ عَارِيَّةٌ فَتَضْمَنُ مَا تَلِفَ انْتَهَى.
(الثَّانِي) نَقَلَ الْبُرْزُلِيُّ عَنْ فَتْوَى أَشْيَاخِهِ أَنَّ حُكْمَ الْإِشْهَادِ بَعْدَ الدُّخُولِ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي يُقْبَلُ فِيهَا دَعْوَى الْأَبِ الْعَارِيَّةَ حُكْمُ الْإِشْهَادِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَنَصُّهُ بَعْدَ كَلَامِ ابْنِ عَبْدِ الْغَفُورِ الْمُتَقَدِّمِ قَوْلُهُ: يُصَدَّقُ فِي الْعَارِيَّةِ إذَا أَشْهَدَ عِنْدَ الْبِنَاءِ بِهَا يُرِيدُ وَكَذَلِكَ بَعْدَهُ فِيمَا يُقْبَلُ دَعْوَاهُ فِيهِ الْعَارِيَّةَ كَذَلِكَ كَانَ أَشْيَاخُنَا يُفْتُونَ بِهِ انْتَهَى.
وَقَوْلُهُ فِيمَا يُقْبَلُ دَعْوَاهُ فِيهِ الْعَارِيَّةَ يُفْهَمُ مِنْهُ اخْتِصَاصُ الِانْتِفَاعِ بِالْإِشْهَادِ بَعْدَ الدُّخُولِ فَالْأَبُ وَالْوَصِيُّ فِي الْبِكْرِ أَوْ الثَّيِّبِ الْمُوَلَّى عَلَيْهَا وَالْأُمُّ عَلَى فَتْوَى ابْنِ عَرَفَةَ وَهُوَ ظَاهِرُهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
ص (إلَّا أَنْ تَهَبَهُ عَلَى دَوَامِ الْعِشْرَةِ كَعَطِيَّةٍ لِذَلِكَ فَفَسْخٌ)
ش: قَالَ فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ الْجَامِعِ مِنْ الْبَيَانِ فِي سَمَاعِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ غَانِمٍ: وَسُئِلَ ابْنُ كِنَانَةَ عَنْ الرَّجُلِ يَقُولُ لِامْرَأَتِهِ: إنْ لَمْ تَضَعِي عَنِّي مَهْرَك فَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ لَمْ أَتَزَوَّجْ عَلَيْك. فَتَضَعُ ذَلِكَ عَنْهُ هَلْ تَرَى ذَلِكَ حَلَالًا قَالَ لَا؛ لِأَنَّهُ خَيَّرَهَا بَيْنَ أَنْ تَضَعَ عَنْهُ مَهْرَهَا وَبَيْنَ أَنْ يَضُرَّهَا وَإِنَّمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} [النساء: 4] قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: قَوْلُهُ إنَّ ذَلِكَ لَا يَحِلُّ لَهُ بَيِّنٌ إنْ لَمْ تَضَعْ ذَلِكَ لَهُ عَنْ طِيبِ نَفْسٍ وَإِنَّمَا وَضَعَتْهُ عَنْهُ مَخَافَةَ أَنْ يَلْزَمَهَا الطَّلَاقُ إنْ لَمْ يَضُرَّهَا بِالتَّزْوِيجِ عَلَيْهَا فَتَلْزَمُهُ الْوَضِيعَةُ وَيَقْضِي عَلَيْهَا بِهَا وَلَا يَكُونُ لَهَا الرُّجُوعُ فِيهَا إنْ طَلَّقَهَا أَوْ تَزَوَّجَ عَلَيْهَا بِمَنْزِلَةِ أَنْ لَوْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ لَمْ تَضَعِي عَنِّي مَهْرَك فَوَضَعَتْهُ عَنْهُ فَلَمَّا وَضَعَتْهُ طَلَّقَهَا وَيُؤْمَرُ أَنْ يَسْتَحِلَّهَا مِنْ ذَلِكَ أَوْ يَرُدَّهُ عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِ قَضَاءٍ يُقْضَى بِهِ عَلَيْهِ وَلَوْ سَأَلَهَا أَنْ تَضَعَ عَنْهُ صَدَاقَهَا دُونَ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى ذَلِكَ بِالطَّلَاقِ فَلَمَّا وَضَعَتْهُ عَنْهُ طَلَّقَهَا بِحِدْثَانِ ذَلِكَ كَانَ لَهَا أَنْ تَرْجِعَ عَلَيْهِ بِمَا وَضَعَتْ عَنْهُ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا وَضَعَتْ عَنْهُ ذَلِكَ رَجَاءَ اسْتِدَامَةِ الْعِصْمَةِ فَلَمَّا لَمْ يَتِمَّ لَهَا الْمَعْنَى الَّذِي وَضَعَتْ الصَّدَاقَ عَنْهُ بِسَبَبِهِ وَجَبَ لَهَا الرُّجُوعُ بِهِ وَاَلَّذِي قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ لَمْ تَضَعِي عَنِّي صَدَاقَك أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ لَمْ تَضَعِي عَنِّي صَدَاقَك لَأَتَزَوَّجَنَّ عَلَيْكِ فَوَضَعَتْهُ عَنْهُ لَيْسَ لَهَا أَنْ تَرْجِعَ فِيهِ وَإِنْ طَلَّقَهَا بِفَوْرِ ذَلِكَ أَوْ تَزَوَّجَ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ الَّذِي وَضَعَتْ عَلَيْهِ الصَّدَاقَ قَدْ حَصَلَ لَهَا وَهُوَ سُقُوطُ الْيَمِينِ عَنْهُ بِطَلَاقِهَا أَوْ بِطَلَاقِهَا إنْ لَمْ يَتَزَوَّجْ عَلَيْهَا فَلَوْ شَاءَتْ نَظَرَتْ لِنَفْسِهَا وَقَالَتْ لَهُ: لَا أَضَعُ عَنْك الصَّدَاقَ إلَّا عَلَى أَنْ لَا تُطَلِّقَنِي بَعْدَ ذَلِكَ وَلَا تَتَزَوَّجَ عَلَيَّ وَقَدْ مَضَى هَذَا الْمَعْنَى فِي رَسْمِ النِّكَاحِ مِنْ سَمَاعِ أَصْبَغَ مِنْ كِتَابِ طَلَاقِ السُّنَّةِ انْتَهَى.
[فَرْعٌ إذَا أَعْطَتْهُ مَالًا عَلَى أَنْ يُمْسِكَهَا ثُمَّ فَارَقَهَا عَاجِلًا]
. وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ فِي فَصْلِ الْخُلْعِ: فَرْعٌ وَإِذَا أَعْطَتْهُ مَالًا عَلَى أَنْ يُمْسِكَهَا ثُمَّ فَارَقَهَا عَاجِلًا فَقَالُوا: لَهَا الرُّجُوعُ. وَأَمَّا إنْ كَانَ بَعْدَ طُولٍ فَحَيْثُ يُرَى أَنَّهَا بَلَغَتْ غَرَضَهَا لَمْ تَرْجِعْ وَلَوْ طَالَ وَلَمْ يَبْلُغْ مَا يَرَى أَنَّهَا دَفَعَتْ الْمَالَ لِأَجْلِهِ كَانَ لَهُ مِنْ الْمَالِ بِقَدْرِ ذَلِكَ عَلَى التَّقْرِيبِ فِيمَا يَرَى، وَهَكَذَا قَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ أَسْقَطَتْ صَدَاقَهَا عَنْ
زَوْجِهَا عَلَى أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا فَطَلَّقَهَا بِحَضْرَةِ ذَلِكَ: إنَّ لَهَا الرُّجُوعَ وَإِنْ طَلَّقَهَا بَعْدَ ذَلِكَ بِحَيْثُ يَرَى أَنَّهُ لَمْ يُطَلِّقْهَا لِذَلِكَ لَمْ تَرْجِعْ أَصْبَغُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الطَّلَاقُ بِحِدْثَانِ الْإِسْقَاطِ لِيَمِينٍ نَزَلَتْ وَلَمْ يَتَعَمَّدْ وَلَمْ يَسْتَأْنِفْ يَمِينًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَرَأَى اللَّخْمِيُّ أَنَّ لَهَا الرُّجُوعَ وَلَوْ كَانَ الطَّلَاقُ لِيَمِينٍ نَزَلَتْ وَلَمْ يَتَعَمَّدْ انْتَهَى.
وَقَالَ: وَلَوْ أَعْطَتْهُ عَلَى أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا فَتَزَوَّجَ رَجَعَتْ وَلَوْ تَأَخَّرَ تَزْوِيجُهُ انْتَهَى. وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا لَيْسَ بِتَكْرَارٍ فِي الظَّاهِرِ لِقَوْلِهِ الْمُتَقَدِّمِ إلَّا أَنْ تُسْقِطَ مَا تَقَرَّرَ بَعْدَ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّهُ تَكَلَّمَ هُنَاكَ عَلَى جَوَازِهِ وَهُنَا عَلَى الرُّجُوعِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
ص (وَإِنْ خَالَعَتْهُ عَلَى كَعَبْدٍ أَوْ عَشَرَةٍ وَلَمْ تَقُلْ مِنْ صَدَاقِي فَلَا نِصْفَ لَهَا وَلَوْ قَبَضَتْهُ رَدَّتْهُ لَا إنْ قَالَتْ طَلِّقْنِي عَلَى عَشَرَةٍ أَوْ لَمْ تَقُلْ مِنْ الصَّدَاقِ فَنِصْفُ مَا بَقِيَ)
ش يَعْنِي: إذَا خَالَعَتْهُ عَلَى عَبْدٍ أَوْ شَيْءٍ تُعْطِيهِ مِنْ مَالِهَا فَلَا نِصْفَ لَهَا وَتَقَدَّمَ كَلَامُهُ وَإِنْ خَالَعَتْهُ عَلَى كَعَبْدٍ فَلَا نِصْفَ لَهَا وَلَوْ قَبَضَتْهُ رَدَّتْهُ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ هِيَ الَّتِي قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ فِيهَا: وَلَوْ خَالَعَتْهُ عَلَى عَبْدٍ أَوْ شَيْءٍ تُعْطِيهِ لَمْ يَبْقَ لَهَا طَلَبٌ بِنِصْفِ الصَّدَاقِ عَلَى الْمَشْهُورِ انْتَهَى. وَمَعْنَى قَوْلِهِ " أَوْ عَشَرَةٍ وَلَمْ تَقُلْ مِنْ صَدَاقِي " هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ أَوْ عَشَرَةٍ أَيْ: قَالَتْ: خَالِعْنِي عَلَى عَشَرَةٍ وَلَمْ تَقُلْ مِنْ صَدَاقِي فَلَا نِصْفَ لَهَا وَلَوْ قَبَضَتْهُ رَدَّتْهُ فَقَوْلُهُ وَلَمْ تَقُلْ مِنْ صَدَاقِي هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ أَوْ " عَشَرَةٍ " وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ: لَهَا نِصْفُ الصَّدَاقِ وَلَمَّا مَشَى الْمُصَنِّفُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَكَانَتْ هَذِهِ تُشْبِهُ مَا إذَا خَالَعَتْهُ عَلَى عَبْدٍ أَوْ شَيْءٍ تُعْطِيهِ جَمَعَهُمَا لِلِاخْتِصَارِ انْتَهَى.
وَكَذَا قَالَ فِي التَّوْضِيحِ لَمَّا فَرَغَ مِنْ تَوْجِيهِ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعَلَى هَذَا فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ بِمَنْزِلَةِ مَا إذَا خَالَعَتْهُ عَلَى عَبْدٍ أَوْ شَيْءٍ انْتَهَى. وَمَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ مُخَالِفٌ لِمَا مَشَى عَلَيْهِ ابْنُ الْحَاجِبِ فَإِنَّهُ مَشَى عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: لَا إنْ قَالَتْ طَلِّقْنِي إلَى آخِرِهِ فَيَعْنِي بِهِ أَنَّ قَوْلَهَا طَلِّقْنِي لَيْسَ كَقَوْلِهَا خَالِعْنِي بَلْ هُوَ مُخَالِفٌ لَهُ وَلَهَا نِصْفُ مَا بَقِيَ هَذَا مَعْنَى كَلَامِهِ أَمَّا كَوْنُ طَلِّقْنِي مُخَالِفًا لِخَالِعْنِي فَلَا شَكَّ فِيهِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ لَهَا نِصْفُ مَا بَقِيَ فَلَمْ أَرَهُ مَنْقُولًا فِي التَّوْضِيحِ وَلَا اللَّخْمِيُّ الَّذِي نَقَلَ عَنْهُ فِي التَّوْضِيحِ وَإِنَّمَا لَهَا النِّصْفُ مِنْ أَصْلِ الصَّدَاقِ وَيُقَاصُّهَا بِعَشَرَةٍ وَقَدْ عَقَدَ اللَّخْمِيُّ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَصْلًا فِي التَّبْصِرَةِ فِي كِتَابِ إرْخَاءِ السُّتُورِ فَلْنَذْكُرْهُ قَالَ " رحمه الله ": بَابُ حُكْمِ الصَّدَاقِ فِي الْمُخْتَلِعَةِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ وَهَلْ يُسْقِطُ الْخُلْعُ دُيُونَ الزَّوْجَةِ وَإِذَا قَالَتْ اخْلَعْنِي أَوْ اُتْرُكْنِي أَوْ تَارِكْنِي أَوْ بَارِئْنِي عَلَى عَشَرَةِ دَنَانِيرَ وَكَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا؟ كَانَتْ لَهُ الْعَشَرَةُ وَلَهَا صَدَاقُهَا كَامِلًا وَسَوَاءٌ قَالَتْ ذَلِكَ مُطْلَقًا أَوْ شَرَطَتْ الْعَشَرَةَ مِنْ صَدَاقِهَا وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا وَقَالَتْ بَارِئْنِي عَلَى عَشَرَةِ دَنَانِيرَ فَإِنْ شَرَطَتْ الْعَشَرَةَ مِنْ الصَّدَاقِ سَقَطَتْ الْعَشَرَةُ مِنْ جُمْلَتِهِ وَكَانَ الْبَاقِي بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَسَوَاءٌ قَالَتْ اخْلَعْنِي أَوْ طَلِّقْنِي إذَا شَرَطَتْ الْعَشَرَةَ مِنْ الصَّدَاقِ، وَاخْتُلِفَ إذَا لَمْ تَشْتَرِطْ مِنْ الصَّدَاقِ وَقَالَتْ عَلَى عَشَرَةِ دَنَانِيرَ وَلَمْ تَزِدْ عَلَى ذَلِكَ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إنْ قَالَتْ طَلِّقْنِي عَلَى عَشَرَةِ دَنَانِيرَ كَانَتْ لَهُ الْعَشَرَةُ وَالصَّدَاقُ ثَابِتٌ بَيْنَهُمَا يَقْتَسِمَانِهِ نِصْفَيْنِ وَإِنْ قَالَتْ: اخْلَعْنِي لَمْ يَكُنْ لَهَا مِنْ الصَّدَاقِ شَيْءٌ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ قَبَضَتْهُ لَمْ تَأْخُذْ شَيْئًا وَإِنْ قَبَضَتْهُ رَدَّتْ جَمِيعَهُ. وَقَالَ أَشْهَبُ: قَوْلُهَا طَلِّقْنِي وَاخْلَعْنِي لَهُ الْعَشَرَةُ وَلَهَا نِصْفُ الصَّدَاقِ قَبَضَتْهُ أَوْ لَمْ تَقْبِضْهُ.
وَقَالَ أَصْبَغُ فِي كِتَابِ ابْنِ حَبِيبٍ: إنْ لَمْ تَكُنْ قَبَضَتْهُ لَمْ تَأْخُذْ شَيْئًا وَإِنْ قَبَضَتْهُ فَهُوَ لَهَا كُلُّهُ وَلَا شَيْءَ لَهُ إلَّا مَا خَلَعَ عَلَيْهِ وَإِنْ قَبَضَ بَعْضَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ مِمَّا قَبَضَ شَيْءٌ وَسَوَاءٌ قَالَتْ: اخْلَعْنِي أَوْ طَلِّقْنِي. وَقَوْلُ أَشْهَبَ أَحْسَنُ؛ لِأَنَّ قَوْلَهَا اخْلَعْنِي أَوْ بَارِئْنِي أَوْ تَارِكْنِي إنَّمَا يَتَضَمَّنُ خُلْعَ النَّفْسِ وَالْإِبْرَاءَ مِنْ الْعِصْمَةِ وَالْمُتَارَكَةَ فِيهَا لَيْسَ الْإِخْلَاعُ مِنْ الْمَالِ وَلَا الْإِبْرَاءَ مِنْهُ وَلَا الْمُتَارَكَةَ فِيهِ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ لَسَقَطَ الصَّدَاقُ عَنْهُ إذَا كَانَ مَدْخُولًا بِهَا وَكَذَلِكَ غَيْرُهُ مِنْ دُيُونِهَا، وَقَدْ
أَجْمَعُوا أَنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ الِانْخِلَاعَ وَالْمُبَارَأَةَ وَالْمُتَارَكَةَ إنَّمَا يُرَادُ بِهَا بَعْدَ الدُّخُولِ النَّفْسُ دُونَ الْمَالِ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ حَقُّهَا فِي النِّصْفِ قَبْلَ الدُّخُولِ ثَابِتًا وَكَذَلِكَ إنْ لَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِهَا وَكَانَ لَهَا عَلَيْهِ دَيْنٌ فَقَالَتْ: اخْلَعْنِي أَوْ بَارِئْنِي لَا خِلَافَ أَنَّ دَيْنَهَا بَاقٍ وَكَذَلِكَ، إذَا قَالَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ: اخْلَعْنِي عَلَى ثَوْبِي هَذَا أَوْ عَبْدِي هَذَا فَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ يَسْقُطُ الصَّدَاقُ وَلَا يَكُونُ لَهَا مِنْهُ شَيْءٌ قَبَضَتْهُ أَمْ لَمْ تَقْبِضْهُ وَعَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ يَمْضِي الْعَبْدُ أَوْ الثَّوْبُ لِلزَّوْجِ وَالصَّدَاقُ عَلَيْهِ وَهُوَ أَحْسَنُ فِي هَذَا الْأَصْلِ انْتَهَى.
فَعُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّ الْمُؤَلِّفَ إنَّمَا مَشَى فِي مَسْأَلَةِ خَالِعْنِي عَلَى عَشَرَةٍ إلَى آخِرِهِ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ؛ لِأَنَّهُمْ جَعَلُوا سُقُوطَ النِّصْفِ فِي الْمَسْأَلَةِ خَالِعْنِي عَلَى ثَوْبِي مَقِيسًا عَلَى قَوْلِهِ خَالِعْنِي عَلَى عَشَرَةٍ. وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: إنَّ سُقُوطَ النِّصْفِ فِي خَالِعْنِي عَلَى ثَوْبٍ وَنَحْوِهِ هُوَ الْمَشْهُورُ فَعُلِمَ أَنَّ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَسْأَلَةِ خَالِعْنِي عَلَى عَشَرَةٍ هُوَ الْمَشْهُورُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
ص (وَيَرْجِعُ إنْ أَصْدَقَهَا مَنْ يَعْلَمُ بِعِتْقِهِ عَلَيْهَا)
ش: قَوْلُهُ يَرْجِعُ بِالْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ وَقَوْلُهُ يَعْلَمُ اخْتَلَفَتْ فِيهِ النُّسَخُ فَفِي بَعْضِهَا بِالتَّحْتِيَّةِ وَفِي بَعْضِهَا بِالْفَوْقِيَّةِ فَأَمَّا عَلَى النُّسْخَةِ الَّتِي فِيهَا بِالْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ فَالْمَعْنَى أَنَّ الزَّوْجَ يَرْجِعُ عَلَى الْمَرْأَةِ إذَا طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ وَكَانَ قَدْ أَصْدَقَهَا مِنْ الرَّقِيقِ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهَا وَهُوَ يَعْلَمُ ذَلِكَ يُرِيدُ بِنِصْفِ قِيمَةِ ذَلِكَ الرَّقِيقِ وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ عَلِمَتْ هِيَ أَمْ لَمْ تَعْلَمْ، وَإِذَا رَجَعَ عَلَيْهَا مَعَ عِلْمِهِ فَأَحْرَى أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهَا مَعَ عَدَمِ عِلْمِهِ فَحَاصِلُهُ أَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهَا فِي الْأَرْبَعِ الصُّوَرِ سَوَاءٌ عَلِمَا أَوْ جَهِلَا أَوْ عَلِمَ دُونَهَا أَوْ الْعَكْسَ وَهَذَا ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ عَلَى مَا اخْتَارَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ فِيهَا: وَإِنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهَا عَتَقَ عَلَيْهَا بِالْعَقْدِ فَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ رَجَعَ عَلَيْهَا بِنِصْفِ قِيمَتِهِ كَانَتْ مُعْسِرَةً أَوْ مُوسِرَةً وَلَا يُتْبَعُ الْعَبْدُ بِشَيْءٍ وَلَا يُرَدُّ عِتْقُهُ كَمُعْسِرٍ أَعْتَقَ فَعَلِمَ غَرِيمُهُ وَالزَّوْجُ لَمْ يُنْكِرْ حِينَ أَصْدَقَهَا إيَّاهُ قَدْ عَلِمَ أَنَّهُ يَعْتِقُ عَلَيْهَا فَلِذَلِكَ لَمْ أَرُدَّهُ عَلَى الْعَبْدِ بِشَيْءٍ، وَقَدْ بَلَغَنِي عَنْ مَالِكٍ اسْتِحْسَانُ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَى الْمَرْأَةِ بِشَيْءٍ، وَقَوْلُهُ الْأَوَّلُ أَحَبُّ إلَيَّ انْتَهَى.
قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ: مَعْنَى مَسْأَلَةِ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُمَا عَالِمَانِ. قَالَ اللَّخْمِيُّ: وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَا جَاهِلَيْنِ حَكَى الْقَوْلَيْنِ فِيهِمَا ثُمَّ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ: وَإِنْ عَلِمَتْ دُونَهُ فَحَكَى ابْنُ يُونُسَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ لَهُ أَخْذَ نِصْفِهِ وَيَمْضِي عِتْقُ نِصْفِهِ إلَّا أَنْ يَشَاءَ اتِّبَاعَهَا بِنِصْفِ قِيمَتِهِ فَذَلِكَ لَهُ وَيَمْضِي عِتْقُهُ كُلُّهُ وَقَالَهُ عَمَّنْ كَاشَفْت مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ، وَقَالَ أَبُو عِمْرَانَ: لَا يَرْجِعُ فِي عَيْنِ الْعَبْدِ وَلَيْسَ لَهُ إلَّا اتِّبَاعُهَا وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ عَالِمًا لَعَتَقَ عَلَيْهِ وَيَغْرَمُ لَهَا قِيمَتَهُ فَإِنْ طَلَّقَ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَعَلَيْهِ نِصْفُ قِيمَتِهِ انْتَهَى فَتَأَمَّلْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَكَلَامُ ابْنِ غَازِيٍّ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ جَيِّدٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَإِنْ جَنَى الْعَبْدُ فِي يَدِهِ فَلَا كَلَامَ لَهُ) ش فَأَحْرَى إذَا كَانَ
فِي يَدِهَا، وَالْكَلَامُ لَهَا فِي الْوَجْهَيْنِ، وَقَصَدَ الْمُؤَلِّفُ إلَى الْمُشْكِلِ مِنْ الْوَجْهَيْنِ.
ص (وَلَوْ قَالَ الْأَبُ بَعْدَ