الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الثَّالِثُ: فِي تَرْجَمَةِ الَّذِي يُفْسِدُ حَجَّهُ، وَإِذَا طَافَ الْقَارِنُ أَوَّلَ مَا دَخَلَ مَكَّةَ وَسَعَى ثُمَّ جَامَعَ فَلْيَقْضِ قَارِنًا؛ لِأَنَّ طَوَافَهُ وَسَعْيَهُ إنَّمَا كَانَا لِلْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ جَمِيعًا، أَلَا تَرَى لَوْ لَمْ يُجَامِعْ، وَمَضَى عَلَى الْقِرَانِ صَحِيحًا لَمْ يَلْزَمْهُ إذَا رَجَعَ مِنْ عَرَفَاتٍ أَنْ يَسْعَى لِحَجِّهِ وَأَجْزَاهُ السَّعْيُ الْأَوَّلُ؟ انْتَهَى.
فَمَعْنَى قَوْلِهِ: لِلْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ جَمِيعًا أَنَّهُ لِلْإِحْرَامِ بِهِ لَا أَنَّهُ يَقْصِدُ بِالطَّوَافِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ لِلْقُدُومِ، وَلِلْعُمْرَةِ وَبِالسَّعْيِ أَنَّهُ سَعْيُ الْعُمْرَةِ وَالْحَجِّ، وَأَنَّ الْعُمْرَةَ قَدْ تَمَّتْ قَالَ سَنَدٌ فِي شَرْحِ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ الْمَذْكُورِ: وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ بَيِّنٌ، وَهُوَ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ ذَهَبَ مِنْ أَصْحَابِنَا إلَى أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ مِنْ عَمَلِ الْعُمْرَةِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهَا قَدْ تَمَّتْ عَلَى الصِّحَّةِ، وَإِنَّمَا بَقِيَ الْحَجُّ وَحْدَهُ، وَإِنَّمَا حَمَلَ هَذَا الْقَائِلُ عَلَى ذَلِكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ الْعُمْرَةَ لَا يُؤْتَى لَهَا إلَّا بِطَوَافٍ وَاحِدٍ وَسَعْيٍ وَاحِدٍ فَيَقَعُ الطَّوَافُ الْأَوَّلُ وَسَعْيُهُ مُشْتَرَكًا بَيْنَ النُّسُكَيْنِ، وَمَا بَقِيَ مِنْ الْأَفْعَالِ يَخْتَصُّ بِهِ الْحَجُّ دُونَ الْعُمْرَةِ فَيُقَابِلُ الْفَسَادُ أَفْعَالَ الْحَجِّ الْمُخْتَصَّةَ بِدُونِ أَفْعَالِ الْعُمْرَةِ، وَهُوَ وَهْمٌ، فَإِنَّ فِعَالَ الْعُمْرَةِ قَائِمٌ بِالْقِرَانِ حَتَّى يَتَحَلَّلَ الْقَارِنُ، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَوَجَبَ عَلَيْهِ دَمٌ إذَا قَدَّمَ سَعْيَهُ لِتَأْخِيرِ حَلْقِ الْعُمْرَةِ انْتَهَى.
فَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى مَا ذَكَرْتُهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُفْصِحًا بِهِ، وَمِثْلُ كَلَامِهِ السَّابِقِ فِي الْمُدَوَّنَةِ قَوْلُهُ فِي الْحَجِّ الْأَوَّلِ: مَنْ دَخَلَ مَكَّةَ قَارِنًا فَطَافَ بِالْبَيْتِ، وَسَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ ثُمَّ حَجَّ مِنْ عَامِهِ فَعَلَيْهِ دَمُ الْقِرَانِ، وَلَا يَكُونُ طَوَافُهُ حِينَ دُخُولِهِ مَكَّةَ لِعُمْرَتِهِ لَكِنْ لَهُمَا جَمِيعًا، وَلَا يَحِلُّ مِنْ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا دُونَ الْأُخْرَى؛ لِأَنَّهُ لَوْ جَامَعَ فِيهِمَا قَضَاهُمَا قَارِنًا فَقَوْلُهُ: لَهُمَا جَمِيعًا أَنَّهُ لِلْإِحْرَامِ الَّذِي أَحْرَمَهُ بِهِمَا، وَبِذَلِكَ يَجْمَعُ بَيْنَ قَوْلِهِمْ: إنَّ أَفْعَالَ الْعُمْرَةِ تَنْدَرِجُ، وَكَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ، وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ اللَّخْمِيِّ، وَنَصُّهُ: وَفِيهَا عَلَى مَنْ دَخَلَ قَارِنًا فَطَافَ وَسَعَى قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ وَحَجَّ مِنْ عَامِهِ دَمُ الْقِرَانِ فَخَرَّجَهُ اللَّخْمِيُّ عَلَى اخْتِصَاصِ حَجِّ الْقَارِنِ بِالطَّوَافِ وَالسَّعْيِ دُونَهَا كَقَوْلِ مَالِكٍ فِيهَا إنْ رَمَى قَارِنٌ مُرَاهِقٌ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ حَلَقَ وَنَفْيُهُ عَلَى اشْتِرَاكِهِمَا فِيهِمَا كَقَوْلِ ابْنِ الْجَهْمِ فِي الْقَارِنِ، وَأَنَّ الْمُرَاهِقَ لَا يَحْلِقُ حَتَّى يَسْعَى انْتَهَى.
فَقَوْلُهُ: عَلَى اخْتِصَاصِ حَجِّ الْقَارِنِ بِالطَّوَافِ وَالسَّعْيِ يَعْنِي بِهِ أَنْ لَا يَقْصِدَ التَّشْرِيكَ فِيهِمَا يَقْصِدُ بِذَلِكَ طَوَافَ الْقُدُومِ وَالسَّعْيَ الْوَاجِبَيْنِ عَلَيْهِ فِي إحْرَامِهِ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، أَمَّا عَلَى مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْجَهْمِ فَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ يَقْصِدُ بِهِمَا التَّشْرِيكَ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: إنَّمَا مُرَادُهُمَا صُورَةُ الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ، وَإِنْ كَانَ إنَّمَا يَقْصِدُ بِالطَّوَافِ طَوَافَ الْقُدُومِ وَبِالسَّعْيِ سَعْيَ الرُّكْنِ فِي إحْرَامِهِ الْمَذْكُورِ.
[تَنْبِيهَانِ الْقَارِن بَيْن الْحَجّ وَالْعُمْرَة وَالدَّاخِل قَبْل أشهر الْحَجّ]
(تَنْبِيهَانِ الْأَوَّلُ:) لَا يَلْزَمُ الْمُحْرِمَ الْقَارِنَ أَنْ يَسْتَحْضِرَ عِنْدَ إتْيَانِهِ بِالْأَفْعَالِ الْمَذْكُورَةِ أَنَّهَا لِإِحْرَامِهِ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ بَلْ إذَا نَوَى طَوَافَ الْقُدُومِ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ أَجْزَاهُ، وَكَذَلِكَ السَّعْيُ وَالْوُقُوفُ وَغَيْرُهُمَا بَلْ لَوْ لَمْ يَسْتَشْعِرْ الْعُمْرَةَ أَجْزَاهُ، كَمَا سَيَأْتِي فِيمَنْ طَافَ لِعُمْرَتِهِ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ ثُمَّ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ أَنَّهُ يَصِيرُ قَارِنًا قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: وَإِنْ كَانَ فِي ظَنِّهِ أَنَّهُ مُتَمَتِّعٌ بَلْ قَالَ سَنَدٌ فِي شَرْحِ مَسْأَلَةِ كِتَابِ الْحَجِّ الْأَوَّلِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي الْقَارِنِ إذَا طَافَ وَسَعَى قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ أَنَّهُ لَوْ اعْتَقَدَ أَنَّهُ فِي الْعُمْرَةِ فَقَطْ لِوُقُوعِ فِعْلِهِ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ ثُمَّ إنَّهُ يُجْزِئُهُ وَإِنَّهُ لَا يُؤَثِّرُ اعْتِقَادُهُ ذَلِكَ نَعَمْ إنْ تَحَلَّلَ بَعْدَ طَوَافِهِ وَسَعْيِهِ لَزِمَتْهُ الْفِدْيَةُ لِمَا فَعَلَهُ مِنْ التَّحَلُّلِ، وَإِنْ جَامَعَ لَزِمَهُ الْقَضَاءُ قَارِنًا انْتَهَى بِالْمَعْنَى، وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْإِجْزَاءِ ظَاهِرٌ إذَا رَجَعَ إلَى بَلَدِهِ، أَمَّا إنْ ذَكَرَ، وَهُوَ بِمَكَّةَ فَيُؤْمَرُ بِالْإِعَادَةِ، كَمَا سَيَأْتِي فِي الْكَلَامِ عَلَى طَوَافِ الْقُدُومِ، فَإِنْ ذَكَرَ قَبْلَ الْوُقُوفِ أَعَادَ الطَّوَافَ وَالسَّعْيَ بِنِيَّةِ طَوَافِ الْقُدُومِ وَالسَّعْيِ الْوَاجِبَيْنِ عَلَيْهِ فِي إحْرَامِهِ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، وَإِنْ ذَكَرَ بَعْدَ الْوُقُوفِ وَقَبْلَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ أَعَادَ السَّعْيَ إثْرَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ، وَإِنْ ذَكَرَهُ بَعْدَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ أَعَادَ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ وَالسَّعْيَ بَعْدَهُ، وَإِنْ دَخَلَ شَهْرُ الْمُحَرَّمِ أَعَادَهُمَا، وَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يُهْدِيَ، كَمَا سَيَأْتِي فِيمَنْ تَرَكَ رَكْعَتَيْ
الطَّوَافِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.
وَيُسْتَفَادُ مِنْ كَلَامِ صَاحِبِ الطِّرَازِ أَنَّ مَنْ طَافَ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ أَوْ بَطَلَ طَوَافُهُ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ وَسَعَى بَعْدَهُ ثُمَّ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ وَطَافَ لَهَا وَسَعَى لَهَا بِوُضُوءٍ أَنَّ طَوَافَهُ لِلْعُمْرَةِ وَسَعْيَهُ يُجْزِئُهُ عَنْ طَوَافِ حَجِّهِ وَسَعْيِهِ وَيُحْمَلُ ذَلِكَ عَلَى مَا إذَا رَجَعَ إلَيَّ بَلَدِهِ، أَمَّا إنْ ذَكَرَ ذَلِكَ بِمَكَّةَ فَيُعِيدُ، كَمَا تَقَدَّمَ، وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَلَا سِيَّمَا، وَقَدْ قَالُوا: إنَّهُ إذَا تَطَوَّعَ بَعْدَ الْإِفَاضَةِ بِطَوَافٍ أَنَّهُ يُجْزِئُهُ فَتَأَمَّلْهُ (الثَّانِي:) قَالَ صَاحِبُ الطِّرَازِ فِي الْقَارِنِ - إذَا دَخَلَ مَكَّةَ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجّ - إنَّهُ يُكْرَهُ لَهُ تَقْدِيمُ السَّعْيِ بَلْ يُؤَخِّرُ سَعْيَهُ لِإِفَاضَتِهِ، وَمَا قَالَهُ غَيْرُ ظَاهِرٍ بَلْ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ: أَنَّهُ يَطُوفُ وَيَسْعَى قَبْلَ الْوُقُوفِ نَعَمْ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: يُؤَخِّرُ طَوَافَ الْقُدُومِ وَالسَّعْيَ حَتَّى تَدْخُلَ أَشْهُرُ الْحَجِّ ثُمَّ يَطُوفُ وَيَسْعَى فَيُوقِعُ أَفْعَالَ الْحَجِّ فِي أَشْهُرِهِ، وَلَا يَلْزَمُهُ بِالتَّأْخِيرِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَجِبُ الدَّمُ إذَا أَخَّرَهَا حَتَّى وَقَفَ بِعَرَفَةَ نَعَمْ تَفُوتُهُ فَضِيلَةُ التَّعْجِيلِ فَقَدْ يُقَالُ: إنَّ ذَلِكَ مُغْتَفَرٌ لِإِيقَاعِ أَفْعَالِ الْحَجِّ فِي أَشْهُرِهِ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِهِمْ: عَدَمُ التَّأْخِيرِ فَتَأَمَّلْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَكُرِهَ قَبْلَ الرُّكُوعِ)
ش: أَيْ: وَكُرِهَ الْإِرْدَافُ قَبْلَ الرُّكُوعِ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي كِتَابِ الْحَجِّ الْأَوَّلِ: فَإِذَا طَافَ بِالْبَيْتِ، وَلَمْ يَرْكَعْ كُرِهَ لَهُ أَنْ يُرْدِفَ الْحَجَّ، فَإِنْ فَعَلَ لَزِمَهُ وَصَارَ قَارِنًا، وَعَلَيْهِ دَمُ الْقِرَانِ انْتَهَى.
وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ ذَلِكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (لَا بَعْدَهُ)
ش: هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ: أَوْ يُرْدِفَهُ بِطَوَافِهَا، وَالضَّمِيرُ لِلرُّكُوعِ أَيْ: فَلَا يُرْدِفُ الْحَجَّ عَلَى الْعُمْرَةِ بَعْدَ الرُّكُوعِ، وَلَا يَصِحُّ الْإِرْدَافُ حِينَئِذٍ، وَلَا يَكُونُ قَارِنًا، وَكَذَلِكَ الْإِرْدَافُ فِي السَّعْيِ لَا يَصِحُّ وَيُكْرَهُ لَهُ فِعْلُ ذَلِكَ فِي الصُّورَتَيْنِ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَنَصُّهُ: وَإِنْ أَرْدَفَ الْحَجَّ بَعْدَ أَنْ طَافَ وَرَكَعَ، وَلَمْ يَسْعَ أَوْ سَعَى بَعْضَ السَّعْيِ، وَهُوَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ أَوْ غَيْرِهَا كَرِهَ مَالِكٌ ذَلِكَ، فَإِنْ فَعَلَ فَلْيَمْضِ عَلَى سَعْيِهِ فَيَحِلَّ ثُمَّ يَسْتَأْنِفَ الْحَجَّ انْتَهَى.
فَالنَّفْيُ رَاجِعٌ إلَيَّ الْإِرْدَافِ فَهُوَ مُخَرَّجٌ، وَمِنْ قَوْلِهِ: أَوْ يُرْدِفَهُ بِطَوَافِهَا إنْ صَحَّتْ، وَلَيْسَ هُوَ مُخَرَّجًا مِنْ قَوْلِهِ: وَكُرِهَ قَبْلَ الرُّكُوعِ؛ لِأَنَّ الْكَرَاهَةَ بَاقِيَةٌ بَعْدَ الرُّكُوعِ، وَكَذَلِكَ فِي السَّعْيِ، وَنَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ ابْنُ غَازِيٍّ وَالْبِسَاطِيُّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(تَنْبِيهٌ) : وَإِذَا قُلْنَا بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْإِرْدَافُ بَعْدَ الرُّكُوعِ وَقَبْلَ السَّعْيِ أَوْ فِي أَثْنَائِهِ فَلَا يَلْزَمُ قَضَاءُ الْإِحْرَامِ الَّذِي أَرْدَفَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ يُونُسَ وَغَيْرُهُ، وَنَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ، قَالَ ابْنُ يُونُسَ إثْرَ قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ الْمُتَقَدِّمِ ثُمَّ يَسْتَأْنِفَ الْحَجَّ: قَالَ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ إنْ شَاءَ انْتَهَى.
وَاقْتَصَرَ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ، وَلَمْ يَحْكِ غَيْرَهُ، وَكَذَلِكَ ابْنُ الْحَاجِبِ إذْ قَالَ: فَإِنْ شَرَعَ فِي الطَّوَافِ قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ كُرِهَ، وَكَانَ قَارِنًا بِذَلِكَ خِلَافًا لِأَشْهَبَ، وَقِيلَ: وَلَوْ رَكَعَ، وَقِيلَ: وَفِي السَّعْيِ، وَعَلَى الصِّحَّةِ يَكُونُ كَمُحْرِمٍ بِالْحَجِّ مِنْ مَكَّةَ فَيَرْكَعُ إنْ كَمَّلَ الطَّوَافَ، وَلَا يَسْعَى، وَعَلَى نَفْيِهَا فَكَالْعَدِمِ انْتَهَى.
قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: أَيْ: وَإِذَا فَرَّعْنَا عَلَى نَفْيِ صِحَّةِ الْإِرْدَافِ فَيَكُونُ إحْرَامُهُ الثَّانِي كَالْعَدَمِ فَلَا يَلْزَمُ قَضَاؤُهُ، وَلَا دَمَ عَلَيْهِ اللَّخْمِيُّ وَحَكَى عَبْدُ الْوَهَّابِ فِي هَذَا الْأَصْلِ أَعْنِي إذَا لَمْ يَصِحَّ إرْدَافُ الْحَجِّ عَلَى الْعُمْرَةِ قَوْلَيْنِ بِوُجُوبِ الْقَضَاءِ وَسُقُوطِهِ انْتَهَى.
وَنَحْوُهُ فِي ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَزَادَ وَأَجْرَى ابْنُ بَشِيرٍ وُجُوبَ الْقَضَاءِ هُنَا عَلَى الْخِلَافِ فِي وُجُوبِ قَضَاءِ صَوْمِ النَّذْرِ الَّذِي لَا يَجُوزُ الْوَفَاءُ بِهِ، وَهُوَ صَحِيحٌ لِوُجُودِ الْخِلَافِ هُنَاكَ، وَقَالَ فِي الذَّخِيرَةِ:، وَإِذَا قُلْنَا يَصِيرُ قَارِنًا فِي بَعْضِ الطَّوَافِ لَسَقَطَ عَنْهُ بَاقِي الْعُمْرَةِ، وَيُتِمُّ طَوَافَهُ نَافِلَةً، وَلَا يَسْعَى؛ لِأَنَّ سَعْيَ الْحَجِّ لَا بُدَّ مِنْ اتِّصَالِهِ بِطَوَافٍ وَاجِبٍ، وَإِنْ قُلْنَا: يَصِيرُ قَارِنًا فِي أَثْنَاءِ السَّعْيِ قَطَعَ سَعْيَهُ؛ لِأَنَّ السَّعْيَ لَا يَتَطَوَّعُ بِهِ مُفْرَدًا، وَحَيْثُ قُلْنَا: لَا يَكُونُ قَارِنًا، فَإِنْ كَانَ الْحَجُّ حَجَّ الْإِسْلَامِ بَقِيَ فِي ذِمَّتِهِ أَوْ تَطَوُّعًا سَقَطَ عَنْهُ عِنْدَ أَشْهَبَ، كَمَا لَوْ أَرْدَفَ حَجًّا عَلَى حَجٍّ أَوْ عُمْرَةً عَلَى عُمْرَةٍ عَلَى حَجٍّ قِيلَ: يَلْزَمُهُ الْإِحْرَامُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ شَيْئَيْنِ فِي إحْرَامِهِ الْحَجَّ وَتَدَاخَلَ الْعَمَلُ بَطَلَ الثَّانِي فَيَبْقَى الْأَوَّلُ عَمَلًا بِالِاسْتِصْحَابِ انْتَهَى.
وَهُوَ مُخْتَصَرٌ مِنْ كَلَامِ صَاحِبِ الطِّرَازِ، فَإِنَّهُ قَالَ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ الْأَحْوَالَ الْمُتَقَدِّمَةَ قَالَ: وَإِذَا قُلْنَا: لَا يَصِحُّ إرْدَافُهُ الْحَجَّ فِي الْأَحْوَالِ