الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شُرُوطِ الذَّابِحِ فَقَالَ: الذَّكَاةُ قَطْعُ مُمَيِّزٍ يُنَاكَحُ يَعْنِي أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الذَّبْحِ شَرْطَانِ: الْأَوَّلُ أَنْ يَكُونَ مُمَيِّزًا، فَلَا تَصِحُّ ذَكَاةُ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ مِنْ صَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ أَوْ سَكْرَانَ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: لِافْتِقَارِ الذَّكَاةِ إلَى نِيَّةٍ بِإِجْمَاعٍ وَالنِّيَّةُ لَا تَصِحُّ مِنْهُمْ، فَلَا تَصِحُّ ذَكَاتُهُمْ انْتَهَى.
وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ: لِأَنَّ شَرْطَ التَّذْكِيَةِ النِّيَّةُ، وَهُوَ الْقَصْدُ إلَى الذَّكَاةِ، وَهِيَ لَا تَصِحُّ مِمَّنْ لَا يَعْقِلُ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَمِنْ كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ وَغَيْرِهِ: وَلَا تُؤْكَلُ ذَبِيحَةُ مَنْ لَا يَعْقِلُ مِنْ مَجْنُونٍ أَوْ سَكْرَانَ، وَإِنْ أَصَابَا لِعَدَمِ الْقَصْدِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الذَّكَاةِ مِنْ النِّيَّةِ وَحَكَى بَعْضُهُمْ الْإِجْمَاعَ عَلَى ذَلِكَ، فَلِذَلِكَ لَمْ تَصِحَّ ذَكَاةُ الْمَجْنُونِ وَالسَّكْرَانِ، وَهَذَا إذَا كَانَ الْجُنُونُ مُطْبِقًا، وَكَذَلِكَ السَّكْرَانُ، وَأَمَّا لَوْ ذَكَّى الْمَجْنُونُ فِي حَالِ إفَاقَتِهِ أَوْ كَانَ مِمَّنْ يُفِيقُ، فَإِنَّهَا تُؤْكَلُ، وَإِنْ كَانَ السَّكْرَانُ يُخْطِئُ، وَيُصِيبُ، فَأَشَارَ بَعْضُ الشُّيُوخِ إلَى أَنَّهُ يُخْتَلَفُ فِي تَذْكِيَتِهِ انْتَهَى.
وَجَعَلَ صَاحِبُ الْبَيَانِ السَّكْرَانَ الَّذِي يُخْطِئُ وَيُصِيبُ مِمَّنْ يُكْرَهُ ذَبْحُهُ وَتَبِعَهُ فِي الشَّامِلِ الشَّرْطُ الثَّانِي أَنْ يَكُونَ يُنَاكَحُ بِفَتْحِ الْكَافِ أَيْ يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَتَزَوَّجَ مِنْهُمْ فَيَشْمَلُ كَلَامُهُ الْكِتَابِيَّ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ فِي كِتَابِ الذَّبَائِحِ تَجُوزُ ذَبِيحَتُهُ ذِمِّيًّا كَانَ أَوْ حَرْبِيًّا، وَنَصُّهَا: وَذَبِيحَةُ الْحَرْبِيِّينَ، وَمَنْ عِنْدَنَا مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ سَوَاءٌ، وَاحْتَرَزَ بِهِ مِمَّنْ لَا تَجُوزُ مُنَاكَحَتُهُ كَالْمَجُوسِيِّ وَالْمُرْتَدِّ وَالزِّنْدِيقِ وَالصَّابِئِ، وَالصَّابِئَةُ طَائِفَةٌ بَيْنَ النَّصْرَانِيَّةِ وَالْمَجُوسِيَّةِ يَعْتَقِدُونَ تَأْثِيرَ النُّجُومِ، وَأَنَّهَا فَعَّالَةٌ وَقَالَ مُجَاهِدٌ: هُمْ بَيْنَ النَّصْرَانِيَّةِ وَالْيَهُودِيَّةِ وَعَنْ قَتَادَةَ أَنَّهُمْ يَعْبُدُونَ الْمَلَائِكَةَ وَيُصَلُّونَ لِلشَّمْسِ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ، وَلَا فَرْقَ فِي الْمُرْتَدِّ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ ارْتَدَّ إلَى دِينِ أَهْلِ الْكِتَابِ أَوْ إلَى غَيْرِهِ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: خِلَافًا لِلَّخْمِيِّ فِي قَوْلِهِ يَنْبَغِي أَنْ تَصِحَّ ذَكَاتُهُ إذَا ارْتَدَّ إلَى دِينِ أَهْلِ الْكِتَابِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ جَوَازُ ذَبْحِ الصَّغِيرِ الْمُمَيِّزِ وَالْمَرْأَةِ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْهُمَا مَعَ مَنْ يُكْرَهُ ذَبْحُهُ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ كَرَاهِيَةُ ذَبْحِهِمَا، وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْبَيَانِ فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ وَقَالَ قَبْلَهُ فِي آخِرِ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ: وَيَجُوزُ ذَبْحُ مَنْ لَمْ يَبْلُغْ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْأَحْرَارِ وَالْعَبِيدِ؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ تَصِحُّ مِنْ جَمِيعِهِمْ، وَهِيَ الْقَصْدُ إلَى الذَّكَاةِ انْتَهَى.
وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ: ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ أَنَّ فِي صِحَّةِ ذَكَاتِهِمَا قَوْلَيْنِ وَالْقَوْلُ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ غَيْرُ مَعْلُومٍ فِي الْمَذْهَبِ، وَاَلَّذِي حَكَاهُ غَيْرُ وَاحِدٍ أَنَّ الْخِلَافَ إنَّمَا هُوَ فِي الْكَرَاهَةِ، وَقَالَ ابْنُ بَشِيرٍ فِي الْمَذْهَبِ رِوَايَةً بِعَدَمِ الصِّحَّةِ، وَهِيَ مَحْمُولَةٌ عَلَى الْكَرَاهَةِ، وَعَنْ مَالِكٍ تَذْبَحُ الْمَرْأَةُ أُضْحِيَّتَهَا، وَلَا يَذْبَحُ الصَّبِيُّ أُضْحِيَّتَهُ، فَرَأَى بَعْضُهُمْ أَنَّ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَبِيحَةَ الصَّبِيِّ أَشَدُّ كَرَاهَةً، وَالْمَعْرُوفُ أَنَّ الْخِلَافَ مَعَ عَدَمِ الضَّرُورَةِ، وَأَمَّا مَعَ الضَّرُورَةِ، فَتَصِحُّ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ، وَحَكَى اللَّخْمِيُّ قَوْلًا بِالْكَرَاهَةِ مُطْلَقًا، وَإِنْ كَانَ مِنْ ضَرُورَةٍ
[فَرْعٌ ذَبِيحَةُ الْعَبْدِ]
(فَرْعٌ) : تَجُوزُ ذَبِيحَةُ الْعَبْدِ، وَلَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ إلَّا مَا حُكِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ مِنْ عَدَمِ جَوَازِ ذَبْحِ الْعَبْدِ الْآبِقِ
[فَرْعٌ ذَبِيحَةُ الْأَقْلَفِ]
(فَرْعٌ) : وَتَجُوزُ ذَبِيحَةُ الْأَقْلَفِ، وَهُوَ الَّذِي لَمْ يُخْتَتَنْ وَحَكَى فِي الْبَيَانِ كَرَاهَةَ ذَكَاتِهِ وَتَبِعَهُ فِي الشَّامِلِ.
[فَرْعٌ ذَبِيحَةُ الْأَخْرَسِ]
(فَرْعٌ) : قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ: وَتُؤْكَلُ ذَبِيحَةُ الْأَخْرَسِ انْتَهَى. وَقَالَ فِي الشَّامِلِ: تَصِحُّ مِنْ الْأَخْرَسِ وَالْجُنُبِ وَالْحَائِضِ انْتَهَى. وَرُوِيَ عَنْ عِكْرِمَةَ وَقَتَادَةَ أَنَّهُمَا قَالَا: لَا يَذْبَحُ الْجُنُبُ، وَإِنْ تَوَضَّأَ وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي رَسْمِ الْجَنَائِزِ وَالصَّيْدِ مِنْ سَمَاعِ أَشْهَبَ: وَتَجُوزُ ذَبِيحَةُ الْجُنُبِ وَالْحَائِضِ وَالْأَغْلَفِ وَالْمَسْخُوطِ فِي دِينِهِ، وَإِنْ كَانَ الْأَوْلَى فِي ذَلِكَ الْكَمَالَ وَالدِّينَ وَالطَّهَارَةَ فَقَدْ كَانَ النَّاسُ يَبْتَغُونَ لِذَبَائِحِهِمْ أَهْلَ الْفَضْلِ وَالْإِصَابَةِ انْتَهَى.
وَقَوْلُهُ تَمَامَ الْحُلْقُومِ وَالْوَدَجَيْنِ يَعْنِي أَنَّ الذَّكَاةَ الْكَامِلَةَ عَلَى الْمَعْرُوفِ مِنْ الْمَذْهَبِ تَحْصُلُ بِقَطْعِ جَمِيعِ الْحُلْقُومِ، وَجَمِيعِ الْوَدَجَيْنِ وَالْحُلْقُومُ بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالْقَافِ وَسُكُونِ اللَّامِ بَيْنَهُمَا قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: الْقَصَبَةُ الَّتِي هِيَ مَجْرَى النَّفَسِ وَقَالَ الْبِسَاطِيُّ: هُوَ عِرْقٌ وَاصِلٌ بَيْنَ الدِّمَاغِ وَالرِّئَةِ وَالْفَمِ وَالْأَنْفِ يُجْتَلَبُ بِهِ الْهَوَاءُ الرَّطْبُ وَيُدْفَعُ بِهِ الْهَوَاءُ
الْحَارِّ كَالْمِرْوَحَةِ لِلْقَلْبِ وَالْوَدَجَيْنِ تَثْنِيَةُ وَدَجٍ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَفَتْحِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ، وَهُمَا عِرْقَانِ فِي صَفْحَتَيْ الْعُنُقِ قَالَ الْبِسَاطِيُّ يَتَّصِلُ بِهِمَا أَكْثَرُ عُرُوقِ الْكَبِدِ، وَيَتَّصِلَانِ بِالدِّمَاغِ، وَفَسَّرَ النَّوَوِيُّ فِي تَهْذِيبِهِ الْوَدَجَيْنِ بِالْحُلْقُومِ وَالْمَرِيءِ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الرَّاءِ وَآخِرُهُ هَمْزَةٌ، وَقَدْ يُشَدَّدُ آخِرُهُ، وَلَا يُهْمَزُ قَالَ فِي التَّنْبِيهَاتِ: مَبْلَغُ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ، وَهُوَ الْبُلْعُومُ، وَلَا خِلَافَ فِي حُصُولِ الذَّكَاةِ بِقَطْعِ الْحُلْقُومِ وَالْوَدَجَيْنِ وَالْمَرِيءِ، وَحَكَى عِيَاضٌ الْإِجْمَاعَ عَلَى ذَلِكَ، فَإِنْ قَطَعَ الْحُلْقُومَ وَالْوَدَجَيْنِ دُونَ الْمَرِيءِ فَالْمَشْهُورُ صِحَّةُ الذَّكَاةِ وَرَوَى أَبُو تَمَّامٍ أَنَّهَا لَا تَصِحُّ إلَّا بِقَطْعِهِ، وَعَزَا ابْنُ زَرْقُونٍ هَذَا الْقَوْلَ لِأَبِي تَمَّامٍ لَا لِرِوَايَتِهِ وَعَزَاهُ عِيَاضٌ لِرِوَايَةِ الْعِرَاقِيِّينَ الْبَاجِيُّ لَا أَعْلَمُ مَنْ اعْتَبَرَهُ غَيْرَ الشَّافِعِيِّ فَإِنْ قَطَعَ الْحُلْقُومَ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ الْمَرِيءِ أَوْ لَمْ يَقْطَعْ مِنْ الْوَدَجَيْنِ شَيْئًا لَمْ تُؤْكَلْ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ فِي نَقْلِ بَعْضِهِمْ وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا لَا تُؤْكَلُ انْتَهَى.
وَلَمْ أَرَ فِي هَذَا خِلَافًا فِي الْمَذْهَبِ، وَإِنْ قَطَعَ الْوَدَجَيْنِ، وَتَرَكَ الْحُلْقُومَ لَمْ تُؤْكَلْ عَلَى الْمَنْصُوصِ، وَأَخَذَ اللَّخْمِيُّ وَابْنُ رُشْدٍ عَدَمَ اشْتِرَاطِ الْحُلْقُومِ مِنْ مَسْأَلَةِ الصَّيْدِ يَفْرِي أَوْدَاجَهُ، وَقَوْلِ مَالِكٍ فِيهَا قَدْ تَمَّتْ ذَكَاتُهُ وَقَوْلِهِ فِي الْمَبْسُوطِ إذَا ذَبَحَ ذَبِيحَةً فَقَطَعَ أَوْدَاجَهَا، ثُمَّ وَقَعَتْ فِي مَاءٍ لَا بَأْسَ بِأَكْلِهَا وَأَخَذَهُ اللَّخْمِيُّ مِنْ الْقَوْلِ بِجَوَازِ أَكْلِ الْمُغَلْصَمَةِ؛ لِأَنَّ آخِرَ الْحُلْقُومِ الْغَلْصَمَةُ وَرَدَّ عِيَاضٌ الْأَخْذَ مِنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّ ذَبْحَ الصَّيْدِ الْمَنْفُوذِ مَقْتَلُهُ إنَّمَا هُوَ لِسُرْعَةِ مَوْتِهِ وَخُرُوجِ دَمِهِ لَا لِذَكَاتِهِ، وَقَطْعُ الْحُلْقُومِ لَا يُجْزِئُهُ، وَرَدَّهُ مَعَ الثَّانِي أَيْضًا بِأَنَّ قَطْعَ الْوَدَجَيْنِ مَعًا مُسْتَلْزِمٌ لِقَطْعِ الْحُلْقُومِ لِبُرُوزِهِ عَنْهُمَا
وَرَدَّ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الثَّالِثَ بِأَنَّ قَطْعَ مَا فَوْقَ الْجَوْزَةِ يَتَنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الْحُلْقُومِ وَرَدَّهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِذَلِكَ أَيْضًا، وَلَمْ يَعْزُهُ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، وَعَلَى الْقَوْلِ الْمَنْصُوصِ، فَلَوْ قَطَعَ نِصْفَ الْحُلْقُومِ أَوْ ثُلُثَيْهِ مَعَ قَطْعِ الْوَدَجَيْنِ بِكَمَالِهِمَا فَنَقَلَ الشَّيْخُ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ أَنَّهُ إنْ قَطَعَ الْأَوْدَاجَ وَنِصْفَ الْحُلْقُومِ، فَأَكْثَرَ أُكِلَتْ، وَإِنْ قَطَعَ أَقَلَّ لَمْ تُؤْكَلْ رَوَى يَحْيَى مِثْلَهُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الدَّجَاجَةِ وَالْعُصْفُورِ وَقَالَ سَحْنُونٌ: لَا يَجُوزُ حَتَّى يَقْطَعَ جَمِيعَ الْحُلْقُومِ وَالْأَوْدَاجِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: فَابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ حَبِيبٍ مُتَّفِقَانِ عَلَى أَنَّ بَقَاءَ النِّصْفِ مُغْتَفَرٌ وَقَالَ سَحْنُونٌ: لَا يُغْتَفَرُ مِنْهُ شَيْءٌ، ثُمَّ قَالَ وَالْأَقْرَبُ عِنْدِي اغْتِفَارُ ذَلِكَ انْتَهَى.
وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ وَمَسْأَلَةَ قَطْعِ أَحَدِ الْوَدَجَيْنِ أَوْ قَطْعِ بَعْضِ كُلٍّ مِنْهُمَا، وَمُقْتَضَى الرِّسَالَةِ عَدَمُ الْأَكْلِ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ كُلِّهَا لِقَوْلِهِ: وَالذَّكَاةُ قَطْعُ الْحُلْقُومِ وَالْأَوْدَاجِ لَا يُجْزِئُ أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ قِيلَ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ انْتَهَى.
(قُلْت) : فَصَدَّرَ الْمُصَنِّفُ هُنَا بِمَذْهَبِ الرِّسَالَةِ الَّذِي قِيلَ إنَّهُ الْمَشْهُورُ وَأَشَارَ إلَى الْقَوْلِ الثَّانِي بِقَوْلِهِ وَشُهِرَ أَيْضًا الِاكْتِفَاءُ بِنِصْفِ الْحُلْقُومِ وَالْوَدَجَيْنِ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَوْلُهُ مِنْ الْمُقَدَّمِ جَعَلَ الشَّارِحُ بَهْرَامُ الذَّكَاةَ قَطْعَ الْحُلْقُومِ وَالْأَوْدَاجِ فَقَطْ وَمِنْ شَرْطِهَا أَنْ تَكُونَ مِنْ الْمُقَدَّمِ وَجَعَلَ الْبِسَاطِيُّ حَقِيقَةَ الذَّكَاةِ قَطْعَ الْحُلْقُومِ وَالْأَوْدَاجِ مِنْ الْمُقَدَّمِ فَعَلَى مَا قَالَهُ الْبِسَاطِيُّ يَكُونُ قَوْلُهُ مِنْ الْمُقَدَّمِ مِنْ حَقِيقَةِ الذَّكَاةِ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ نَوَى الذَّكَاةَ، وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ بَلْ صَرِيحُهُ وَنَصُّهُ عِنْدَ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ
وَلَوْ ذَبَحَ مِنْ الْعُنُقِ أَوْ الْقَفَا لَمْ تُؤْكَلْ وَلَوْ نَوَى الذَّكَاةَ مَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ نَوَى الذَّكَاةَ أَيْ لَا تَنْفَعُهُ النِّيَّةُ إذَا ذَبَحَ مِنْ الْقَفَا أَوْ مِنْ الْعُنُقِ؛ لِأَنَّ الذَّكَاةَ مُرَكَّبَةٌ مِنْ الْفِعْلِ الْمَخْصُوصِ مَعَ نِيَّةِ الذَّكَاةِ، فَلَا تُجْزِئُ النِّيَّةُ عِنْدَ انْفِرَادِهَا كَمَا لَا يُجْزِئُ ذَلِكَ الْفِعْلُ وَحْدَهُ إذَا عَرَا عَنْ النِّيَّةِ وَكَذَا إذَا ذَبَحَ مِنْ الْقَفَا فِي ظَلَامٍ وَظَنَّ أَنَّهُ أَصَابَ وَجْهَ الذِّبْحِ، ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ خِلَافُ ذَلِكَ نَصَّ عَلَيْهِ فِي النَّوَادِرِ، وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ خَارِجَ الْمَذْهَبِ إلَى إبَاحَةِ أَكْلِ مَا ذُبِحَ مِنْ الْقَفَا انْتَهَى.
وَقَالَ قَبْلَهُ قَالَ فِي الْعُتْبِيَّةِ: مِنْ رِوَايَةِ أَشْهَبَ لَا يُؤْكَلُ مَا ذُبِحَ مِنْ الْقَفَا، فَأَمَّا لَوْ ذَهَبَ يَذْبَحُ فَأَخْطَأَ