الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لَهُ انْتِفَاعٌ مِنْ حَرٍّ، أَوْ بَرْدٍ.
ص (وَلَمْ يَأْثَمْ إنْ فَعَلَ لِعُذْرٍ)
ش: يَعْنِي أَنَّ مُوجِبَ الْفِدْيَةِ لَا يَسْتَلْزِمُ حُصُولَ الْأَثِمِ، وَإِنَّمَا هُوَ لِحُصُولِ الْمَنْفَعَةِ لَكِنَّ الْمَنْفَعَةَ رُبَّمَا تَقَعُ مَأْذُونًا فِيهَا كَمَا فِي ذِي الْعُذْرِ، وَرُبَّمَا تَحْرُمُ كَمَا فِي حَقِّ مَنْ لَا عُذْرَ لَهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَهِيَ نُسُكٍ بِشَاةٍ فَأَعْلَى)
ش: وَيُشْتَرَطُ فِيهَا مِنْ السِّنِّ وَالسَّلَامَةِ مِنْ الْعَيْبِ مَا يُشْتَرَطُ فِي الْأُضْحِيَّة قَالَ فِي كِتَابِ الْحَجِّ الثَّانِي مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: وَلَا يَجُوزُ فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ وَالْفِدْيَةِ ذَوَاتُ الْعَوَارُ، وَلَا يَجُوزُ فِي الْهَدِيَّةِ إلَّا مَا يَجُوزُ فِي الضَّحَايَا انْتَهَى.
(تَنْبِيهٌ) : قَالَ الْبِسَاطِيُّ: وَلَمْ يُعْلَمْ مِنْ كَلَامِهِ فِي الْمُخْتَصَرِ هَلْ الشَّاةُ أَفْضَلُ كَمَا فِي الضَّحَايَا، أَوْ الْأَعْلَى كَمَا فِي الْهَدَايَا قَالَ بَعْضُهُمْ: الشَّاةُ أَفْضَلُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ بِهَا الْهَدْيَ انْتَهَى مِنْ مَنَاسِكِ الشَّيْخِ أَبِي الْحَسَنِ.
[فَرْعٌ افْتَدَى الْمُحْرِم مِنْ شَيْءٍ قَبْلَ فِعْلِهِ]
ص (كَالْكَفَّارَةِ)
ش: (فَرْعٌ) : قَالَ الشَّيْخُ زَرُّوق فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ: وَلَوْ افْتَدَى مِنْ شَيْءٍ قَبْلَ فِعْلِهِ لَمْ يُجْزِهِ.
ص (وَلَوْ أَيَّامَ مِنًى)
ش: هَذَا مُخَالِفٌ لِمَفْهُومِ قَوْلِهِ فِي بَابِ الصِّيَامِ لَا سَابِقِيهِ إلَّا لِمُتَمَتِّعٍ وَمَا ذَكَرَهُ هُنَا عَزَاهُ الشَّارِحُ وَابْنُ عَرَفَةَ لِلْمُدَوَّنَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (إلَّا أَنْ يَنْوِيَ بِالذِّبْحِ الْهَدْيَ فَكَحُكْمِهِ)
ش: كَذَا فِي غَالِبِ النُّسَخِ بِكَسْرِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ بِمَعْنَى مَذْبُوحٍ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ} [الصافات: 107] وَفِي بَعْضِهَا الْمُذْبَحُ بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ اسْمُ مَفْعُولٍ مِنْ ذَبَحَ كَمُكْرَمٍ مِنْ أَكْرَمَ، وَلَيْسَ بِعَرَبِيٍّ إذْ لَا يُقَالُ أَذْبَحَ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَوْلُهُ فَكَحُكْمِهِ أَيْ فَيُخْتَصُّ بِزَمَانٍ وَمَكَانٍ كَالْهَدْيِ لَا فِي الْأَكْلِ، فَلَا يَأْكُلُ مِنْهَا، وَلَوْ جُعِلَتْ هَدْيًا، وَيُفْهَمُ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي فِيمَا يُؤْكَلُ مِنْهُ مِنْ الْهَدَايَا، وَمَا لَا يُؤْكَلُ حَيْثُ قَالَ: إلَّا نَذْرًا لَمْ يُعَيَّنْ، وَالْفِدْيَةُ وَالْجَزَاءُ بَعْدَ الْمَحَلِّ، فَعُلِمَ مِنْ هُنَاكَ أَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا جُعِلَ هَدْيًا لِقَوْلِهِ بَعْدَ الْمَحَلِّ، وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ الْجُزُولِيُّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ، وَغَيْرِهِ، وَأَنَّهُ لَا يَأْكُلُ مِنْ الْفِدْيَةِ، وَلَوْ جُعِلَتْ هَدْيًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَالْجِمَاعُ وَمُقَدِّمَاتُهُ)
ش: تَصَوُّرُهُ ظَاهِرٌ (فَرْعٌ) : نَصَّ فِي النَّوَادِرِ فِي بَابِ الرِّدَّةِ عَلَى أَنَّ الْمُحْرِمَ إذَا ارْتَدَّ انْفَسَخَ إحْرَامُهُ، وَلَا يَلْزَمُ قَضَاؤُهُ، وَانْظُرْ إذَا أَفْسَدَهُ، ثُمَّ ارْتَدَّ هَلْ يَسْقُطُ الْقَضَاءُ أَمْ لَا؟
ص (وَأُفْسِدَ مُطْلَقًا)
ش: قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ: وَيَسْتَوِي فِي الْإِفْسَادِ الْجِمَاعُ فِي الْفَرْجِ، أَوْ الْمَحَلِّ الْمَكْرُوهِ فِي الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ كَانَ مَعَهُ إنْزَالٌ أَمْ لَا انْتَهَى. وَيُرِيدُ الْمُؤَلِّفُ أَيْضًا عَمْدًا، أَوْ نِسْيَانًا كَمَا قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَغَيْرُهُ، أَوْ جَهْلًا كَمَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ وَغَيْرُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَإِنْ بِنَظَرٍ)
ش: لَوْ قَالَ، وَلَوْ نَظَرَ لَكَانَ، أَوْلَى لِيُشِيرَ إلَى قَوْلِ أَشْهَبَ إنَّمَا عَلَيْهِ الْهَدْيُ وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَالْإِنْزَالُ بِقَصْدٍ كَالْوَطْءِ وَالِاحْتِلَامِ لَغْوٌ انْتَهَى.
وَقَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَإِذَا أَدَامَ الْمُحْرِمُ التَّذَكُّرَ لِلَّذَّةِ حَتَّى أَنْزَلَ، أَوْ عَبِثَ بِذَكَرِهِ حَتَّى أَنْزَلَ، أَوْ كَانَ رَاكِبًا، فَهَزَّتْهُ الدَّابَّةُ، فَاسْتَدَامَ ذَلِكَ حَتَّى أَنْزَلَ، أَوْ لَمَسَ، أَوْ قَبَّلَ، أَوْ بَاشَرَ فَأَنْزَلَ، أَوْ أَدَامَ النَّظَرَ حَتَّى أَنْزَلَ فَسَدَ حَجُّهُ، وَكَذَلِكَ الْمُحْرِمَةُ إذَا فَعَلْت مَا يَفْعَلُهُ شِرَارُ النِّسَاءِ مِنْ الْعَبَثِ بِنَفْسِهَا حَتَّى أَنْزَلَتْ انْتَهَى.
(فَائِدَةٌ) : قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ: وَقَدْ أَخَذَ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ هَذَا أَنَّ الِاسْتِمْنَاءَ بِالْيَدِ حَرَامٌ لِقَوْلِهِ شِرَارُ النِّسَاءِ وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ} [المؤمنون: 5] الْآيَةَ انْتَهَى وَانْظُرْ
هَذَا الْأَخْذَ مَعَ قَوْلِهِ، أَوْ عَبِثَ بِذَكَرِهِ وَلَمْ يَقُلْ شِرَارُ الرِّجَالِ، فَتَأَمَّلْهُ، وَلَا شَكَّ فِي حُرْمَةِ ذَلِكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (قَبْلَ الْوُقُوفِ مُطْلَقًا)
ش: أَيْ سَوَاءٌ وَقَعَ قَبْلَ طَوَافِ الْقُدُومِ وَالسَّعْيِ، أَوْ بَعْدَهُمَا، أَوْ بَيْنَهُمَا وَلَا يُفْصَلُ فِي ذَلِكَ كَمَا يُفْصَلُ فِيمَا بَعْدَ الْوُقُوفِ بَيْنَ أَنْ يَقَعَ قَبْلَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ وَرَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ، أَوْ بَعْدَهُمَا، أَوْ أَحَدِهِمَا وَلَمَّا كَانَ طَوَافُ الْقُدُومِ وَالسَّعْيُ بَعْدَهُ شَبِيهَيْنِ بِرَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ وَطَوَافِ الْإِفَاضَةِ فِي كَوْنِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْقِسْمَيْنِ رُكْنًا وَوَاجِبًا، وَيُفْصَلُ فِي الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ حَسُنَتْ الْإِشَارَةُ إلَى ذَلِكَ بِالْإِطْلَاقِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (أَوْ قَبْلَهُ)
ش: لَا بُدَّ مِنْ هَذِهِ اللَّفْظَةِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ اخْتِصَاصُ الْفَسَادِ بِيَوْمِ النَّحْرِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (كَإِنْزَالٍ ابْتِدَاءً)
ش: هُوَ كَقَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ إنْ نَظَرَ الْمُحْرِمُ، فَأَنْزَلَ، وَلَمْ يُتَابِعْ النَّظَرَ وَلَا أَدَامَهُ فَعَلَيْهِ لِذَلِكَ الدَّمُ، وَحَجُّهُ تَامٌّ انْتَهَى. قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَنَاقَضَهُ اللَّخْمِيُّ بِقَوْلِهِ: ' فِي الصَّوْمِ مَنْ نَظَرَ، أَوْ تَذَكَّرَ، وَلَمْ يُدِمْ، فَأَنْزَلَ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ فَقَطْ وَإِنْ أَدَامَ فَهُوَ وَالْكَفَّارَةُ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى اسْتِحْبَابِ الْقَضَاءِ (قُلْت) : يُفَرَّقُ بِيَسِيرِ الصَّوْمِ انْتَهَى.
وَاعْلَمْ أَنَّ مَا فَرَّقَ بِهِ ابْنُ عَرَفَةَ هُوَ فِي كَلَامِ اللَّخْمِيِّ وَنَصُّهُ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ قَوْلُهُ فِي قَضَاءِ الصَّوْمِ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ لِيَسَارَةِ قَضَاءِ الصَّوْمِ انْتَهَى. وَقَالَ أَيْضًا قَبْلَ هَذَا اللَّخْمِيُّ اتَّفَقَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ عَلَى عَدَمِ فَسَادِ إنْزَالِ الْفِكْرِ وَالنَّظَرِ غَيْرِ مُتَكَرِّرَيْنِ (قُلْت) عَزَاهُ ابْنُ حَارِثٍ لِاتِّفَاقِ كُلِّ الْمَذْهَبِ الْبَاجِيُّ رَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ - ابْنُ مُيَسَّرٍ عَلَيْهِ الْهَدْيُ - الْبَاجِيُّ مَعْنَاهُ جَرْيُهُ عَلَى قَلْبِهِ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ انْتَهَى. .
وَخَرَّجَ اللَّخْمِيُّ عَلَى مَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ مِنْ عَدَمِ إفْسَادِ إنْزَالِ الْفِكْرِ وَالنَّظَرِ غَيْرِ الْمُتَكَرِّرَيْنِ لَغْوَ إنْزَالِ قُبْلَةٍ وَغَمْزٍ مِنْ عَادَتِهِ عَدَمُ الْإِنْزَالِ عَنْهُمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَيُرَدُّ بِأَنَّ الْفِعْلَ أَقْوَى انْتَهَى. وَقَدْ سَبَقَهُ إلَى رَدِّ تَخْرِيجِ اللَّخْمِيِّ الْقَاضِي سَنَدٌ فَقَالَ: وَهَذَا تَخْرِيجٌ فَاسِدٌ، وَالْفَرْقُ أَنَّ النَّظَرَ قَدْ يَقَعُ فَجْأَةً، وَكَذَلِكَ الْفِكْرُ وَتَغْلِبُ الْقُوَّةُ فِي الْإِنْزَالِ، فَعُفِيَ عَنْهُ أَمَّا الْقُبْلَةُ، فَلَا تَقَعُ إلَّا عَنْ اخْتِيَارٍ، وَلَيْسَ فِي تَجَنُّبِهَا كَبِيرُ مَشَقَّةٍ، وَلَمْ يَبْقَ إلَّا أَنَّهُ قَبَّلَ، وَلَمْ يَقْصِدْ أَنْ يُنْزِلَ، وَمَا يُفْسِدُ الْحَجَّ لَا يَقِفُ عَلَى قَصْدِ إفْسَادِهِ انْتَهَى.
ص (وَإِمْذَائِهِ وَقُبْلَتِهِ)
ش: فُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ أَوَّلًا وَالْجِمَاعُ وَمُقَدِّمَاتُهُ أَنَّ مُقَدِّمَاتِ الْجِمَاعِ مُحَرَّمَةٌ كُلَّهَا، وَهُوَ كَذَلِكَ، وَيُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ نَفْيُ الْخِلَافِ فِي ذَلِكَ، ثُمَّ بَيَّنَ الْمُصَنِّفُ أَنَّ الْمَذْيَ يُوجِبُ الْهَدْيَ وَأَنَّ الْقُبْلَةَ تُوجِبُ الْهَدْيَ، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ عَنْهَا مَذْيٌ لِعَطْفِهِ الْقُبْلَةَ عَلَى الْمَذْيِ، وَسَكَتَ عَمَّا عَدَا الْقُبْلَةَ، فَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا شَيْءَ فِيهِ إذَا لَمْ يَكُنْ عَنْهَا مَذْيٌ، وَإِنَّمَا فِيهَا الْأَثِمُ، وَهُوَ كَذَلِكَ يُرِيدُ إلَّا الْمُلَاعَبَةَ الطَّوِيلَةَ وَالْمُبَاشَرَةَ الْكَثِيرَةَ، فَفِي ذَلِكَ الْهَدْيُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ أَشَدُّ مِنْ الْقُبْلَةِ، فَإِنَّ الَّذِي يَتَحَصَّلُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُصَنِّفِ فِي التَّوْضِيحِ وَالْقَابِسِيِّ فِي تَصْحِيحِ ابْنِ الْحَاجِبِ أَنْ يُعَرَّى وُجُوبُ الْهَدْيِ فِي الْقُبْلَةِ مِنْ الْخِلَافِ؛ لِأَنَّهَا لَا تُفْعَلُ إلَّا لِلَّذَّةِ، فَهِيَ مَظِنَّتُهَا، وَالتَّعْلِيلُ بِالْمَظِنَّةِ لَا يُخْتَلَفُ
وَأَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ مَا عَدَاهَا مِنْ مُلَامَسَةٍ خَفِيفَةٍ وَمُبَاشَرَةٍ خَفِيفَةٍ وَغَمْزٍ وَنَظَرٍ وَكَلَامٍ وَفِكْرٍ إذَا حَصَلَ عَنْ ذَلِكَ مَذْيٌ، وَأَنَّ أَظْهَرَ الْقَوْلَيْنِ وَأَرْجَحَهُمَا وُجُوبُ الْهَدْيِ حِينَئِذٍ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَحْصُلْ مَذْيٌ، فَلَا هَدْيَ عَلَيْهِ، وَقَدْ غَرَّ، وَسَلِمَ، وَأَمَّا الْمُلَاعَبَةُ الطَّوِيلَةُ وَالْمُبَاشَرَةُ الْكَثِيرَةُ، فَفِيهَا الْهَدْيُ؛ لِأَنَّهَا مَظِنَّةٌ لِلَّذَّةِ كَالْقُبْلَةِ بَلْ ذَلِكَ أَشَدُّ، وَلَا يَكَادُ يَتَخَلَّفُ عَنْهُ الْمَذْيُ غَالِبًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
وَلْنَذْكُرْ نُصُوصَهُمْ لِيَتَّضِحَ ذَلِكَ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ فِي شَرْحِ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ: وَتُكْرَهُ مُقَدِّمَاتُ الْجِمَاعِ كَالْقُبْلَةِ وَالْمُبَاشَرَةِ لِلَّذَّةِ وَالْغَمْزَةِ وَشِبْهِهَا الْمُرَادُ بِالْكَرَاهَةِ هُنَا التَّحْرِيمُ الْبَاجِيُّ، وَكُلُّ مَا فِيهِ نَوْعٌ مِنْ الِالْتِذَاذِ بِالنِّسَاءِ، فَيُمْنَعُ مِنْهُ الْمُحْرِمُ، ثُمَّ مَا كَانَ مِنْهُ لَا يُفْعَلُ إلَّا لِلَّذَّةِ كَالْقُبْلَةِ، فَفِيهِ الْهَدْيُ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَمَا كَانَ يُفْعَلُ لِلَّذَّةِ وَغَيْرِهَا مِثْلُ لَمْسِ كَفَّيْهَا، أَوْ شَيْءٍ مِنْ جَسَدِهَا فَمَا أَتَى مِنْ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ اللَّذَّةِ فَمَمْنُوعٌ، وَمَا كَانَ لِغَيْرِ لَذَّةٍ، فَمُبَاحٌ انْتَهَى. بِمَعْنَاهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَلَا نَجِدُهُمْ يَخْتَلِفُونَ فِي الْقُبْلَةِ هُنَا كَمَا يَخْتَلِفُونَ فِي الصِّيَامِ، فَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْهُمْ يُجِيزُ الْقُبْلَةَ فِي الْإِحْرَامِ لِشَيْخٍ وَلَا لِمُتَطَوِّعٍ اهـ. كَلَامُ التَّوْضِيحِ بِلَفْظِهِ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: الْأَقْرَبُ تَحْرِيمُهَا يَعْنِي مُقَدِّمَاتِ الْجِمَاعِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ} [البقرة: 197] ، وَهُوَ يَشْمَلُ جَمِيعَ الْمُقَدِّمَاتِ حَتَّى الْكَلَامَ وَلَا يَبْعُدُ تَأْوِيلُ إطْلَاقِ الْفُقَهَاءِ الْكَرَاهَةَ هُنَا، وَإِرَادَةُ التَّحْرِيمِ، وَلَا تَجِدُهُمْ يَخْتَلِفُونَ فِيهَا كَمَا اخْتَلَفُوا فِي الصِّيَامِ، فَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْهُمْ يُجِيزُ الْقُبْلَةَ فِي الْإِحْرَامِ لِشَيْخٍ وَلَا لِمُتَطَوِّعٍ انْتَهَى.
فَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ: وَلَا تَجِدُهُمْ يَخْتَلِفُونَ فِيهَا يَرْجِعُ إلَى جَمِيعِ مُقَدِّمَاتِ الْجِمَاعِ، وَجَعَلَ الْمُصَنِّفُ كَلَامَهُ فِي الْقُبْلَةِ فَقَطْ، وَلَيْسَ بِظَاهِرٍ بَلْ حُكْمُ الْجَمِيعِ سَوَاءٌ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: وَفِي وُجُوبِ الْهَدْيِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْبَاجِيَّ قَالَ: يَجِبُ فِي الْقُبْلَةِ الْهَدْيُ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَكَذَلِكَ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي الْكَافِي: وَمَنْ قَبَّلَ، أَوْ بَاشَرَ فَلَمْ يُنْزِلْ فَعَلَيْهِ دَمٌ وَتُجْزِئُهُ شَاةٌ اهـ.
وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنْ أَمَذَى، فَعَلَيْهِ الْهَدْيُ، وَإِلَّا فَلَا وَيُحْتَمَلُ أَنْ تُعَرَّى الْقُبْلَةُ مِنْ الْخِلَافِ، وَيَكُونُ الْخِلَافُ فِيمَا عَدَاهَا وَيَكُونُ مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا أَمَذَى، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَحْصُلْ مَذْيٌ، فَقَدْ غَرَّ وَسَلِمَ، فَانْظُرْ ذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: وَرُوِيَ مَنْ قَبَّلَ فَلْيُهْدِ فَإِنْ الْتَذَّ بِغَيْرِهِ، فَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَذْبَحَ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: قَوْلُهُ رُوِيَ أَيْ فِي الْمَوَّازِيَّةِ، وَهُوَ ظَاهِرُ التَّصَوُّرِ، وَلَا شَكَّ عَلَيْهَا أَيْ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَنَّ الْمُلَاعَبَةَ وَنَحْوَهَا أَشَدُّ مِنْ الْقُبْلَةِ انْتَهَى.
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ " فَإِنْ الْتَذَّ بِغَيْرِهِ ": يُرِيدُ مِمَّا هُوَ دُونَ الْقُبْلَةِ فِي تَهْيِيجِ الشَّهْوَةِ، وَلَا يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ الْمُبَاشَرَةُ وَطُولُ الْمُلَاعَبَةِ، وَمَا فِي مَعْنَاهُمَا بَلْ يَدْخُلُ حُكْمُهُمَا فِي حُكْمِ الْقُبْلَةِ مِنْ بَابِ أَوْلَى، وَذَلِكَ مَعْلُومٌ ضَرُورَةً انْتَهَى.
وَقَالَ الْقَابِسِيُّ فِي تَصْحِيحِ ابْنِ الْحَاجِبِ: قَوْلُهُ: وَفِي وُجُوبِ الْهَدْيِ مُطْلَقًا أَمَّا الْقُبْلَةُ، فَنَصَّ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَالْبَاجِيُّ فِيهَا عَلَى وُجُوبِ الْهَدْيِ مُطْلَقًا، وَأَمَّا غَيْرُهَا مِنْ مُقَدِّمَاتِ الْجِمَاعِ، فَإِنْ أَمَذَى مَعَهُ وَجَبَ الْهَدْيُ، وَإِلَّا فَلَا، وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ خَلِيلٌ وَفِي الْجَلَّابِ إنْ أَمَذَى، فَلْيُهْدِ وَإِنْ لَمْ يُمْذِ، فَيُسْتَحَبُّ الْهَدْيُ انْتَهَى.
وَقَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ: لَمَّا ذَكَرَ قَوْلَ الْبَاجِيِّ كُلُّ مَا لَا يُفْعَلُ إلَّا لِلَّذَّةِ كَالْقُبْلَةِ، فَفِيهِ الْهَدْيُ قَوْلَانِ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وُجُوبُ الْهَدْيِ عَلَى كُلِّ حَالٍ يَعْنِي سَوَاءً الْتَذَّ، أَوْ لَا انْتَهَى.
(تَنْبِيهٌ) : الْمُرَادُ بِالْقُبْلَةِ الْقُبْلَةُ عَلَى الْفَمِ، وَأَمَّا عَلَى الْجَسَدِ، فَحُكْمُهَا حُكْمُ الْمُلَامَسَةِ كَمَا يُفْهَمُ ذَلِكَ مِنْ الْكَلَامِ فِي نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ، وَالْمُرَادُ أَيْضًا مَا لَمْ يَحْصُلْ صَارِفٌ كَوَدَاعٍ، أَوْ رَحْمَةٍ كَمَا قَالُوا هُنَاكَ، فَتَأَمَّلْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَلَمْ يَقَعْ قَضَاؤُهُ إلَّا فِي ثَالِثَةٍ)
ش: هَذَا إنْ لَمْ يُطْلِعْ عَلَيْهِ حَتَّى فَاتَ الْوُقُوفُ فِي الْعَامِ الثَّانِي، وَأَمَّا إنْ أَطْلَعَ عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ، فَيُؤْمَرُ أَنْ يَتَحَلَّلَ مِنْ إحْرَامِهِ الْأَوَّلِ الْفَاسِدِ بِأَفْعَالِ الْعُمْرَةِ، وَلَوْ دَخَلَتْ أَشْهُرُ الْحَجِّ، وَيَقْضِيهِ فِي الْعَامِ الثَّانِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَفَوْرِيَّةُ الْقَضَاءِ وَإِنْ تَطَوُّعًا)
ش: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي التَّوْضِيحِ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّ مَنْ أَحْرَمَ بِتَطَوُّعٍ قَبْلَ
فَرْضِهِ، ثُمَّ أَفْسَدَهُ أَنَّهُ يَقْضِي الْفَاسِدَ قَبْلَ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ.
ص (وَعُمْرَةً إنْ وَقَعَ قَبْلَ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ) ش مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا وَقَعَ بَعْدَ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ لَا تَجِبُ الْعُمْرَةُ، وَهُوَ كَذَلِكَ إذَا كَانَ قَدْ قَدَّمَ السَّعْيَ قَبْلَ الْوُقُوفِ، وَأَمَّا مَنْ لَمْ يُقَدِّمْ السَّعْيَ، فَتَجِبُ عَلَيْهِ الْعُمْرَةُ إذَا وَقَعَ قَبْلَ تَمَامِ السَّعْيِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(تَنْبِيهٌ) : وَهَذِهِ الْعُمْرَةُ لَيْسَتْ بِخَارِجَةٍ فِي الْحُكْمِ عَنْ إحْرَامِ الْحَجِّ، وَلِذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ: إنْ طَلُقَتْ، فَبَانَتْ وَتَزَوَّجَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَبْلَ أَنْ يَعْتَمِرَ، فَنِكَاحُهَا فَاسِدٌ، وَكَذَلِكَ إنْ تَزَوَّجَهَا هُوَ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا قَالَهُ سَنَدٌ، وَاسْتَشْكَلَهُ بِأَنَّهَا لَوْ نَكَحَتْ بَعْدَ إتْمَامِ الْفَاسِدِ، وَقَبْلَ الْقَضَاءِ صَحَّ نِكَاحُهَا، وَالْمَسْأَلَةُ فِي رَسْمِ الشَّرِيكَيْنِ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الْحَجِّ، وَقَدْ اسْتَشْكَلَهَا ابْنُ رُشْدٍ أَيْضًا وَوَجْهُ إشْكَالِهَا ظَاهِرٌ، وَانْظُرْ إذَا أَرَادَ أَنْ يُحْرِمَ بِحَجٍّ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ بِهَذِهِ الْعُمْرَةِ هَلْ يَصِحُّ إحْرَامُهُ أَمْ لَا؟ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَإِحْجَاجُ مُكْرَهَتِهِ وَإِنْ نَكَحَتْ غَيْرَهُ)
ش: قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَكْرَهَ أَجْنَبِيَّةً؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْغَرَامَةِ، وَلَا شَكَّ إنْ طَاوَعَتْهُ بِأَنَّ ذَلِكَ عَلَيْهَا، وَقَوْلُهُ " مُكْرَهَتِهِ " تَخْرُجُ الطَّائِعَةُ، وَهُوَ كَذَلِكَ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَتْ أَمَةً، وَقَدْ نَقَلَ فِي التَّوْضِيحِ وَغَيْرِهِ عَنْ الْمَوَّازِيَّةِ وَالْعُتْبِيَّةِ أَنَّ طَوْعَهَا كَالْإِكْرَاهِ.
ص (وَفَارَقَ مَنْ أَفْسَدَ مَعَهُ مِنْ إحْرَامِهِ لِتَحَلُّلِهِ)
ش: جَرَى رحمه الله عَلَى غَالِبِ عَادَتِهِ مِنْ أَنَّهُ إذَا كَانَ فِي الْمَسْأَلَةِ احْتِمَالَاتٌ يَأْتِي بِلَفْظٍ يَقْبَلُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهَا، وَعِبَارَتُهُ نَحْوُ عِبَارَةِ الْمُدَوَّنَةِ، وَنَصُّهَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَمَنْ جَامَعَ زَوْجَتَهُ فِي الْحَجِّ، فَلْيَفْتَرِقَا إذَا أَحْرَمَا بِحَجَّةِ الْقَضَاءِ، فَلَا يَجْتَمِعَانِ حَتَّى يَحِلَّا اهـ. وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي التَّفْرِيقِ هَلْ هُوَ عَلَى الْوُجُوبِ، أَوْ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ؟ فَقَالَ ابْنُ الْجَلَّابِ وَابْنُ الْقَصَّارِ: هُوَ مُسْتَحَبٌّ، وَفِي آخِرِ كَلَامِ الطِّرَازِ مَيْلٌ إلَيْهِ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: فِي شَرْحِ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ، وَإِذَا قَضَى فَارَقَ إلَخْ يُرِيدُ إذَا قَضَى الْفَاسِدَ، فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُفَارِقَ زَوْجَتَهُ، أَوْ أَمَتَهُ الَّتِي كَانَ إفْسَادُهُ لِلْحَجَّةِ الْمُتَقَدِّمَةِ مَعَهَا، ثُمَّ قَالَ: وَظَاهِرُ إطْلَاقَاتِ الْمَذْهَبِ أَنَّ ذَلِكَ عَلَى الْوُجُوبِ، وَهُوَ أَسْعَدُ بِالْأَثَرِ، وَقَالَ ابْنُ الْقَصَّارِ: مُسْتَحَبٌّ، وَفَرَّقَ اللَّخْمِيُّ بَيْنَ الْجَاهِلِ فَيُسْتَحَبُّ، وَالْعَالِمِ فَيَجِبُ انْتَهَى. وَنَحْوُهُ فِي التَّوْضِيحِ وَقَالَ ابْنُ بَشِيرٍ: ظَاهِرُ الْكِتَابِ الْوُجُوبُ وَقَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ: ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ الْوُجُوبُ، وَظَاهِرُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ مَنْ أَفْسَدَ مَعَهُ أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ خَاصٌّ بِتِلْكَ الْمَرْأَةِ وَنَحْوُهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ: فِي شَرْحِ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ الْمُتَقَدِّمِ مِثْلُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى اخْتِصَاصِ هَذَا الْحُكْمِ بِتِلْكَ الْمَرْأَةِ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ: لَا فَرْقَ بَيْنَ تِلْكَ الْمَرْأَةِ وَغَيْرِهَا انْتَهَى.
وَقَالَ الشَّيْخُ زَرُّوق فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ: وَهَلْ غَيْرُهَا مِنْ النِّسَاءِ كَهِيَ؟ قَوْلَانِ مَشْهُورَانِ انْتَهَى. وَقَوْلُهُ بِتَحَلُّلِهِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: أَيْ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ انْتَهَى. وَهَذَا فِي حَقِّ مَنْ قَدَّمَ السَّعْيَ، وَأَمَّا مَنْ لَمْ يُقَدِّمْهُ، فَلَا يَتَحَلَّلُ إلَّا بِإِتْمَامِ السَّعْيِ، وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ مِنْ إحْرَامِهِ لِتَحَلُّلِهِ ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ فِي حَجٍّ، أَوْ عُمْرَةٍ، وَهُوَ كَذَلِكَ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْكَافِي وَابْنُ فَرْحُونٍ وَغَيْرُهُمَا، وَقَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ: التَّحَلُّلُ فِي الْعُمْرَةِ الْحِلَاقُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(فَرْعٌ) : الظَّاهِرُ أَنَّهُمَا لَا يُؤْمَرَانِ بِالِافْتِرَاقِ فِي بَقِيَّةِ حَجِّهِمَا الْمُفْسِدِ، وَفِي كَلَامِ الْقَاضِي سَنَدٍ مَا يَدُلُّ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا عَلَّلَ كَوْنَهُ غَيْرَ وَاجِبٍ قَالَ: وَلَوْ أَثَرَ تَحْرِيمًا لَكَانَ أَوْلَى فِي الْحَجَّةِ الْأُولَى انْتَهَى.
وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ رُشْدٍ فِي شَرْحِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مِنْ سَمَاعِ أَشْهَبَ مِنْ كِتَابِ الْحَجِّ أَنَّ بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُ: يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا إلَى عَامٍ قَابِلٍ انْتَهَى. وَنَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ.
ص (بِخِلَافِ مِيقَاتٍ إنْ شُرِعَ، وَإِنْ تَعَدَّاهُ فَدَمٌ)
ش: اخْتِصَارٌ عَجِيبٌ جَمَعَ فِيهِ عِدَّةً مِنْ مَسَائِلَ وَيَعْنِي أَنَّ مَكَانَ الْإِحْرَامِ الْمُفْسِدِ يُرَاعَى فِي الْإِحْرَامِ بِالْقَضَاءِ إنْ كَانَ مَشْرُوعًا، وَلَيْسَ مُرَادُهُ بِالْمِيقَاتِ الْمِيقَاتَ الشَّرْعِيِّ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ إنْ شُرِعَ، وَأَفَادَ بِذَلِكَ أَنَّهُ إذَا أَحْرَمَ بِالْفَاسِدِ مِنْ الْمِيقَاتِ الشَّرْعِيِّ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَتَعَدَّاهُ فِي حَجَّةِ الْقَضَاءِ، وَأَنَّهُ إنْ أَحْرَمَ بِالْمُفْسِدِ قَبْلَ الْمِيقَاتِ الشَّرْعِيِّ لَمْ يَلْزَمْهُ ذَلِكَ فِي الْقَضَاءِ، وَإِنْ أَحْرَمَ بِالْمُفْسِدِ بَعْدَ الْمِيقَاتِ الشَّرْعِيِّ، فَلَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ تَجَاوُزُهُ بِوَجْهٍ جَائِزٍ، أَوْ لَا فَإِنْ تَجَاوَزَهُ بِوَجْهٍ جَائِزٍ جَازَ لَهُ أَنْ يُحْرِمَ بِالْقَضَاءِ مِنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ، وَأَمَّا إنْ تَجَاوَزَهُ بِوَجْهٍ غَيْرِ جَائِزٍ، فَلَا يُجَاوِزُهُ ثَانِيًا وَقَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ، وَقَوْلُهُ وَإِنْ تَعَدَّاهُ، فَدَمٌ الَّذِي يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ إذَا أَحْرَمَ بِالْمُفْسِدِ مِنْ الْمِيقَاتِ، ثُمَّ أَحْرَمَ بِالْقَضَاءِ مِنْ دُونِهِ، فَعَلَيْهِ الْهَدْيُ، وَلَوْ تَعَدَّاهُ بِوَجْهٍ جَائِزٍ كَمَا لَوْ أَقَامَ بَعْدَ كَمَالِ الْمُفْسِدِ بِمَكَّةَ إلَى قَابِلٍ، وَأَحْرَمَ مِنْهَا بِالْقَضَاءِ قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي مَنَاسِكِهِ: فَإِنْ لَمْ يُحْرِمْ مِنْ الْمِيقَاتِ الْمَكَانِيِّ مِثْلُ أَنْ يُقِيمَ بِمَكَّةَ حَتَّى يَحُجَّ مِنْهَا، فَعَلَيْهِ الدَّمُ، وَكَذَلِكَ لَوْ مَرَّ عَلَى الْمِيقَاتِ الَّذِي أَحْرَمَ مِنْهُ أَوَّلًا، فَتَعَدَّاهُ، فَعَلَيْهِ دَمٌ انْتَهَى.
ص (وَأَجْزَأَ تَمَتُّعٌ عَنْ إفْرَادٍ)
ش: فُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ أَجْزَأَ أَنَّ الْمَطْلُوبَ أَوَّلًا خِلَافُ ذَلِكَ، وَهُوَ كَذَلِكَ قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: وَيُرَاعِي صِفَتَهُ مِنْ إفْرَادٍ وَتَمَتُّعٍ وَقِرَانٍ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: يَعْنِي أَنَّ الْوَاجِبَ كَوْنُ الْقَضَاءِ بِصِفَةِ الْأَدَاءِ حَتَّى يَكُونَا مَعًا إفْرَادًا، أَوْ تَمَتُّعًا، أَوْ قِرَانًا، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُخَالِفَ بَيْنَ صِفَةِ الْأَدَاءِ، وَالْقَضَاءِ، وَعَلَى هَذِهِ إطْلَاقَاتُ الْمُتَقَدِّمِينَ.
ص (وَحَرُمَ بِهِ)
ش: أَيْ بِالْحَرَمِ، وَالْمُعْتَبَرُ فِيهِ وَقْتُ الرَّمْيِ، فَلَوْ رَمَى عَلَى صَيْدٍ، وَهُوَ حَلَالٌ، ثُمَّ أَحْرَمَ قَبْلَ وُصُولِ الرَّمْيَةِ إلَيْهِ، فَأَصَابَتْهُ الرَّمْيَةُ بَعْدَ إحْرَامِهِ فَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَالْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ فِي بَابِ الدِّيَاتِ.
ص (مِنْ نَحْوِ الْمَدِينَةِ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ، أَوْ خَمْسَةً لِلتَّنْعِيمِ)
ش: زَادَ فِي مَنَاسِكِهِ، وَذَكَرَ النَّوَوِيُّ أَنَّهُ ثَلَاثَةٌ انْتَهَى. وَقَوْلُ الشَّيْخِ ابْنِ غَازِيٍّ هَذَا التَّحْدِيدُ فِي النَّوَادِرِ، وَنَقَلَهُ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ، وَهُوَ وَهْمٌ، أَوْ تَصْحِيفٌ كَأَنَّهُ يُعَرِّضُ بِالشَّيْخِ فِي تَوْضِيحِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إنَّمَا أَرَادَ الشَّيْخُ بِقَوْلِهِ هُوَ لِمَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ قَوْلَ ابْنِ الْحَاجِبِ بَلَغَنِي أَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه جَدَّدَ مَعَالِمَ الْحَرَمِ بَعْدَ الْكَشْفِ بِدَلِيلِ قَوْلِ الشَّيْخِ وَقَوْلُهُ يَعْنِي ابْنَ الْحَاجِبِ وَحَدُّ الْحَرَمِ هُوَ كَذَلِكَ فِي النَّوَادِرِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَمِنْ الْعِرَاقِ ثَمَانِيَةً لِلْمَقْطَعِ)
ش: قَالَ فِي مَنَاسِكِهِ، وَذَكَرَ النَّوَوِيُّ أَنَّهُ سَبْعَةُ أَمْيَالٍ عَلَى ثَنِيَّةِ جَبَلٍ بِالْمَقْطَعِ انْتَهَى.
ص (وَمِنْ جُدَّةَ عَشَرَةٌ لِآخِرِ الْحُدَيْبِيَةِ)
ش: سَمَّاهُ التَّادَلِيُّ مُنْقَطِعَ الْأَعْشَاشِ جَمْعُ