المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فرع التنفل في البيت الحرام] - مواهب الجليل في شرح مختصر خليل - جـ ٣

[الحطاب]

فهرس الكتاب

- ‌[فَرْعٌ الِاسْتِنَابَةِ فِي الْعُمْرَةِ]

- ‌[فَرْعٌ النِّيَابَةُ فِي الْحَجِّ إنْ كَانَتْ بِغَيْرِ أُجْرَةٍ]

- ‌[فَرْعٌ عَيَّنَ الْمَيِّتُ لِلْحَجِّ عَبْدًا أَوْ صَبِيًّا]

- ‌[أَحْرَمَ قَبْلَ مِيقَاتِهِ الْمَكَانِيِّ]

- ‌[فَرْعٌ مَنْ أَحْرَمَ مِنْ ذِي الْحَلِيفَة]

- ‌[فَرْعٌ نَذَرَ أَنْ يَصُومَ بَعْضًا أَوْ يَعْتَكِفَ اللَّيْلَ دُونَ النَّهَارِ]

- ‌[فَرْعٌ شَكَّ هَلْ أَفْرَدَ أَوْ قَرَنَ]

- ‌[فَائِدَةٌ مُثَلَّثَاتُ الْحَجِّ]

- ‌[تَنْبِيهَانِ الْقَارِن بَيْن الْحَجّ وَالْعُمْرَة وَالدَّاخِل قَبْل أشهر الْحَجّ]

- ‌[فَرْعٌ تَمَتَّعَ ثُمَّ ذَكَرَ بَعْدَ أَنْ حَلَّ مِنْ حَجِّهِ أَنَّهُ نَسِيَ شَوْطًا]

- ‌[تَنْبِيه مِنْ وَاجِبَاتِ الطَّوَافِ]

- ‌[تَنْبِيهَاتٌ نَوَى طَوَافَ الْقُدُومِ وَاعْتَقَدَ أَنَّهُ سُنَّةٌ]

- ‌[فَرْعٌ نَسِيَ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ وَسَهَا عَنْ ذَكَرِهِمَا]

- ‌[فَرْعٌ أَحْرَمَ بَعْدَ سَعْيِهِ بِعُمْرَةٍ]

- ‌[فَرْعٌ قَدِمَ عَرَفَاتٍ وَهُوَ نَائِمٌ فِي مَحْمَلِهِ وَأَقَامَ فِي نَوْمِهِ حَتَّى دَفَعَ النَّاسُ وَهُوَ مَعَهُمْ]

- ‌[فَرْعٌ شَرِبَ مُسْكِرًا حَتَّى غَابَ عَقْلُهُ اخْتِيَارًا وَفَاته الْوُقُوف بعرفة]

- ‌[تَنْبِيه سَوْقَ الْهَدْيِ]

- ‌[فَرْعٌ التَّنَفُّلُ فِي الْبَيْتِ الحرام]

- ‌[فَرْعٌ الرَّمْي بالحجر الْمُتَنَجِّس]

- ‌[فَصْلٌ تُخَالِفُ الْمَرْأَةُ الرَّجُلَ فِي عَشَرَةِ أَشْيَاءَ فِي الْحَجِّ]

- ‌[فَرْعٌ الْمَرْأَة الْمُحْرِمَة تَجَافِي رِدَائِهَا عَنْ وَجْهِهَا]

- ‌[فَرْعٌ كَانَ الْمِيقَاتُ لَا يُوجَدُ فِيهِ النَّعْلُ لِلشِّرَاءِ فَهَلْ يَلْزَمُهُ أَنْ يُعِدَّهَا قَبْلَ ذَلِكَ]

- ‌[فَرْعٌ فِي تَرْكَ الِاسْتِظْلَالِ يَوْمِ عَرَفَةَ]

- ‌[فَرْعٌ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ أَنَّ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَتَسَوَّكَ]

- ‌[فَائِدَةٌ لَا بَأْسَ أَنْ يُحْرِمَ الرَّجُلُ فِي البركانات وَالطَّيَالِسَةِ الْكُحْلِيَّةِ]

- ‌[فَرْعٌ نَوْمُ الْمُحْرِمُ عَلَى شَيْءٍ مَصْبُوغٍ]

- ‌[فَرْعٌ فِي مَنْ أَحْرَمَ فِي ثَوْبٍ فِيهِ لُمْعَةٌ مِنْ الزَّعْفَرَانِ]

- ‌[فَرْعٌ الثَّوْبِ إذَا كَانَ غَيْرَ جَدِيدٍ هَلْ يُحْرِمُ فِيهِ وَلَا يَغْسِلُهُ]

- ‌[فَرْعٌ التَّحَرِّي فِي ثَوْبَيْ إحْرَامِهِ حِلَّ مِلْكِهِمْ وخلوصية أَصْلِهِمَا]

- ‌[فَرْعٌ الْإِحْرَامُ فِي ثَوْبٍ فِيهِ عَلَمُ حَرِيرٍ]

- ‌[فَرْعٌ الرَّجُلِ يُحْرِمُ فِي ثَوْبٍ فِيهِ رِيحُ الْمِسْكِ وَالطِّيبِ]

- ‌[فَرْعٌ الْإِحْرَامَ فِي ثَوْبٍ مُصَبَّغٍ بِدُهْنٍ]

- ‌[فَرْعٌ حُكْم الْحَشَائِشُ وَشَبَهُهُ مِمَّا يُشَمُّ وَلَا يُتَطَيَّبُ بِهِ لِلْمُحْرِمِ]

- ‌[فَرْعٌ فِي لُبْسُ السَّرَاوِيلِ لِلْمُحْرِمَةِ وَغَيْرِ الْمُحْرِمَةِ]

- ‌[فَرْعٌ لَا بَأْسَ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يُنَقِّيَ مَا تَحْتَ أَظَافِرِهِ مِنْ الْوَسَخِ]

- ‌[فَرْعٌ إذَا قَطَّرَ الْمُحْرِم فِي أُذُنَيْهِ بَانًا غَيْرَ مُطَيَّبٍ لِوَجَعٍ أَوْ جَعَلَهُ فِي فِيهِ]

- ‌[فَرْعٌ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَأْتَدِمَ بِالزَّيْتِ والشيرج وَيَسْتَعِطَ بِهِمَا]

- ‌[فَرْعٌ شُرْبُ الْمُحْرِمُ مَا فِيهِ طِيبٌ]

- ‌[فَرْعٌ فِي الدَّهْنِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ]

- ‌[فَرْعٌ افْتَدَى الْمُحْرِم مِنْ شَيْءٍ قَبْلَ فِعْلِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْإِحْرَامَ مَانِعٌ مِنْ الِاصْطِيَادِ وَعَقْدِ النِّكَاحِ]

- ‌[فَرْعٌ إذَا أَوْدَعَ حَلَالٌ حَلَالًا صَيْدًا بِالْحِلِّ ثُمَّ أَحْرَمَ رَبُّهُ]

- ‌[فَرْعٌ ابْتَاعَ حَلَالَانِ بِالْخِيَارِ ثُمَّ أَحْرَمَا بَعْدَ عَقْدِ الْبَيْعِ]

- ‌[تَنْبِيهَاتٌ أَرْسَلَهُ عَلَى بَعِيدٍ مِنْ الْحَرَمِ فَقَتَلَهُ قُرْبَ الْحَرَمِ]

- ‌[فَرْعٌ طَرْدُ الْمُحْرِم الصَّيْدِ عَنْ طَعَامِهِ أَوْ رَحْلِهِ]

- ‌[فَرْعٌ الصَّيْد إذَا ذُبِحَ لِيُبَاعَ لِلْمُحْرِمِ أَوْ لِيُهْدَى لَهُ]

- ‌[حُكْم صِيد حَلَّ لِحِلٍّ وَإِنْ أَحْرَمَ بَعْدَ ذَلِكَ]

- ‌[تَنْبِيهَانِ صَادَ الْحَمَامَ فِي الْحِلِّ ثُمَّ أَدْخَلَهُ الْحَرَمَ]

- ‌[فَرْعٌ لَا بَأْسَ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَذْبَحَ الْأَنْعَامَ كُلَّهَا]

- ‌[فَرْعٌ إذَا وَجَبَ عَلَى الْمُحْرِم هَدَيَانِ]

- ‌[فَرْعٌ صَامَ الْمُحْرِم ثَلَاثَةً ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ صَوْمِ السَّبْعَةِ]

- ‌[فَرْعٌ إذَا سِيقَ الْهَدْيُ فِي إحْرَامٍ]

- ‌[فَائِدَةٌ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ هِيَ يَوْمُ النَّحْرِ وَثَلَاثَةٌ بَعْدَهُ]

- ‌[فَرْعٌ إذَا كَانَ الْهَدْيُ مِمَّا يُقَلَّدُ وَيُشْعَرُ]

- ‌[فَرْعٌ الْأَحْسَنُ أَنْ يُبَاشِرَ الْهَدْي ذَلِكَ بِنَفْسِهِ وَأَنْ يُحْرِمَ إذَا دَخَلَ بِهِ]

- ‌[تَنْبِيهٌ فِي الرَّجُلِ يُحْرِمُ بِعُمْرَةٍ وَيَسُوقُ فِيهَا الْهَدْيَ ثُمَّ يَبْدُو لَهُ فَيُرْدِفُ الْحَجَّ]

- ‌[فَرْعٌ وَيُسْتَحَبُّ لِهَذِهِ الْمُرْدِفَةِ أَنْ تَعْتَمِرَ بَعْدَ فَرَاغِهَا مِنْ الْقِرَانِ]

- ‌[فَرْعٌ مِنًى كُلُّهَا مَنْحَرٌ]

- ‌[فَرْعٌ إذَا لَمْ يَهْتَدِ الْمُحْرِم لِلذَّبْحِ بِنَفْسِهِ]

- ‌[فَرْعٌ حُكْمَ بَيْعِ شَيْءٍ مِنْ لَحْمِ الْهَدْيِ وَالِاسْتِئْجَارِ بِهِ]

- ‌[فَرْعٌ إذَا نَحَرَ الْهَدْيَ غَيْرُ صَاحِبِهِ عَنْ صَاحِبِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مِنْ مَنَعَهُ عَدُوٌّ أَوْ فِتْنَةٌ عَنْ الْحَجّ]

- ‌[فَرْعٌ إذَا أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِي الْإِحْرَامِ فَأَحْرَمَ وَكَانَ لَا يَسْتَطِيعُ الْمَسِيرَ]

- ‌[بَابُ الذَّكَاةِ]

- ‌[فَرْعٌ ذَبِيحَةُ الْعَبْدِ]

- ‌[فَرْعٌ ذَبِيحَةُ الْأَقْلَفِ]

- ‌[فَرْعٌ ذَبِيحَةُ الْأَخْرَسِ]

- ‌[فُرُوعٌ لَوْ غَلَبَتْهُ قَبْلَ تَمَامِ الذَّكَاةِ فَقَامَتْ ثُمَّ أَضْجَعَهَا وَأَتَمَّ الذَّكَاةَ]

- ‌[فَرْعٌ ذَبِيحَةُ الْغُلَامِ أَبُوهُ نَصْرَانِيٌّ وَأُمُّهُ مَجُوسِيَّةٌ]

- ‌[فَرْعٌ الذَّبْحُ لِعَوَامِرِ الْجَانِّ]

- ‌[فَرْعٌ صَيْدَ الْجَاهِلِ لِحُدُودِ الصَّيْدِ]

- ‌[فَرْعٌ إذَا مَاتَ الصَّيْدُ فِي أَفْوَاهِ الْكِلَابِ مِنْ غَيْرِ بَضْعٍ]

- ‌[فَرْعٌ الْخَيْلُ فِي الذَّكَاةِ كَالْبَقَرِ]

- ‌[فَرْعٌ نَحَرَ مَا يُذْبَحُ أَوْ بِالْعَكْسِ نَاسِيًا]

- ‌[فَرْعٌ فِي مِنْ يَذْبَحُ الْحَمَامَ وَالطَّيْرَ وَهُوَ قَائِمٌ]

- ‌[فَرْعٌ فِي خِفَّةِ ذَبْحِ شَاةٍ وَأُخْرَى تَنْظُرُ]

- ‌[فَرْعٌ فِي رَجُلٍ قَدْ أَضْجَعَ شَاةً وَهُوَ يَحُدُّ شَفْرَةً]

- ‌[فَرْعٌ فِي كَرَاهَةِ أَكْلِ الْبَقَرِ تُعَرْقَبُ عِنْدَ الذَّبْحِ]

- ‌[السَّفِينَةَ إذَا وَثَبَتَ فِيهَا سَمَكَةٌ فَوَقَعَتْ فِي حِجْرِ إنْسَانٍ]

- ‌[فَرْعٌ قَالَ رَبُّ الصَّيْد نَدَّ مِنِّي مُنْذُ يَوْمَيْنِ وَقَالَ الصَّائِدُ لَا أَدْرِي مَتَى نَدَّ مِنْكَ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ فِي مِنْ رَهَنَ أَصْلًا وَحَوَّزَ لِلْمُرْتَهِنِ رَسْمَهُ الْمَكْتُوبَ فَتَلِفَ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ]

- ‌[فَرْعٌ أَكْلِ الْمَشِيمَةِ]

- ‌[فَرْعٌ أَكُلّ مَا فِي بَطْن الدَّجَاجَةُ]

- ‌[فَرْعٌ الْخَشَاشَ لَا يُؤْكَلُ إلَّا بِذَكَاةٍ]

- ‌[بَابٌ الْمُبَاحُ طَعَامٌ طَاهِرٌ]

- ‌[فَائِدَةٌ أَسْمَاءُ الْأَنْبِذَةِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ]

- ‌[تَنْبِيهٌ حُكْم أَكْلِ الْمَيْتَةِ لِلْعَاصِيَّ بِسَفَرِهِ]

- ‌[فَرْعٌ إذَا أُكِلَ الْخِنْزِيرُ يُسْتَحَبُّ لَهُ تَذْكِيَتُهُ]

- ‌[فَرْعٌ وَلَوْ وَجَدَ حِمَارًا أَهْلِيًّا لَأَكَلَهُ وَلَمْ يَأْكُلْ الصَّيْدَ]

- ‌[فَرْعٌ يُوجَدُ فِي وَسَطِ صُفَارِ الْبَيْضِ أَحْيَانًا نُقْطَةُ دَمٍ هَلْ هِيَ طَاهِرَة]

- ‌[فَرْعٌ إذَا وُجِدَتْ الْخَمْر عِنْد أَحَد مِنْ الْمُسْلِمِينَ]

- ‌[فُرُوعٌ فِي شَرَابُ خَلِيطَيْنِ]

- ‌[بَابٌ فِي الْأُضْحِيَّةُ]

- ‌[فَرْعٌ حُكْم الْأُضْحِيَّة إذَا أسلم بَعْد الْفَجْر مِنْ يَوْم الْفِطْر]

- ‌[فَرْعٌ فِي التَّضْحِيَةَ بِالْخُنْثَى]

- ‌[فَرْعٌ اشْتَرَى أُضْحِيَّتَهُ عَنْ نَفْسِهِ ثُمَّ نَوَى أَنْ يُشْرِكَ فِيهَا أَهْلَ بَيْتِهِ]

- ‌[فَرْعٌ يَلْزَمُ الْإِنْسَانَ أَنْ يُضَحِّيَ عَمَّنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ]

- ‌[فَرْعٌ وَلَهُ أَنْ يُدْخِلَ فِي أُضْحِيَّتِهِ مَنْ بَلَغَ مِنْ وَلَدِهِ]

- ‌[فَرْعٌ هَلْ يُدْخِلَ يَتِيمَهُ مَعَهُ فِي أُضْحِيَّتِهِ]

- ‌[فَرْعٌ الْأُضْحِيَّةِ بِذَاتِ الدِّبْرَةِ الْكَبِيرَةِ]

- ‌[فَرْعٌ لِلْغُزَاةِ أَنْ يُضَحُّوا مِنْ غَنَمِ الرُّومِ]

- ‌[فَرْعٌ فِي تَسْمِينِ الْأُضْحِيَّة]

- ‌[فَرْعٌ اشْتَرَى أُضْحِيَّة ثُمَّ تَرَكَهَا وَاشْتَرَى أَفْضَلَ مِنْهَا فَأَتَى يَوْمُ النَّحْرِ وَالْأُولَى أَفْضَلُ]

- ‌[فَرْعٌ لَا بَأْسَ أَنْ يُعْطِيَ أُمَّهُ أُضْحِيَّتَهُ]

- ‌[فُرُوعٌ الْأَوَّلُ اشْتَرَى الْأُضْحِيَّة وَذَبَحَهَا ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ فَأَجَازَ رَبُّهَا الْبَيْعَ]

- ‌[الثَّانِي غَصَبَ شَاةً وَذَبَحَهَا أُضْحِيَّة وَأَخَذَ رَبُّهَا مِنْهُ الْقِيمَةَ هَلْ تُجْزِيهِ]

- ‌[الثَّالِثُ فِي تَعَدَّى رَجُلٌ عَلَى لَحْمِ أُضْحِيَّة]

- ‌[فَرْعٌ دَهْنِ الْخَرَّازِ شِرَاكَ النِّعَالِ بِدُهْنِ أُضْحِيَّتِهِ]

- ‌[فَرْعٌ إذَا ذُبِحَتْ الْأُضْحِيَّة وَقَامَ عَلَيْهِ الْغُرَمَاءُ فَهَلْ لِصَاحِبِهَا أَنْ يَأْخُذَهَا]

- ‌[الْعَقِيقَة]

- ‌[فُرُوعٌ إذَا ذَبَحَ الْعَقِيقَةَ أَوْقَعَ عَلَيْهِ الِاسْمَ]

- ‌[الْأَذَان فِي أُذُنِ الصَّبِيِّ الْمَوْلُودِ]

- ‌[فُرُوعٌ الْأَوَّلُ وَلَا يَجْعَلَ الْعَقِيقَة صَنِيعًا يَدْعُو النَّاسَ إلَيْهِ]

- ‌[الثَّانِي وَافَقَ يَوْمُ عَقِيقَةِ وَلَدِهِ يَوْمَ الْأَضْحَى وَلَا يَمْلِكُ إلَّا شَاةً]

- ‌[الثَّالِثُ الضَّحِيَّةِ وَالْعَقِيقَةِ هَلْ يطعم مِنْهَا أَحَدٌ مِمَّنْ عَلَى غَيْرِ الْإِسْلَامِ]

- ‌[الرَّابِعُ ادِّخَارِ لَحْمِ الْعَقِيقَةِ]

- ‌[الْخَامِسُ حُكْمُ لَحْمِ وَجِلْد الْعَقِيقَة]

- ‌الْخِتَانِ

- ‌[تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ خِتَانُ الْخُنْثَى الْمُشْكِلُ]

- ‌[الثَّانِي حُكْم الْغُرْلَةُ وَهِيَ مَا يُقْطَعُ فِي الْخِتَانِ]

- ‌[بَابٌ فِي الْيَمِينُ]

- ‌[تَنْبِيهٌ الْيَمِينُ تَحْقِيقُ مَا لَمْ يَجِبْ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْيَمِينِ هَلْ تَنْعَقِدُ بِإِنْشَاءِ كَلَامِ النَّفْسِ وَحْدَهُ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ اللَّفْظِ]

- ‌[فَرْعٌ لُزُومِ الْيَمِينِ بِاَللَّهِ]

- ‌[فَرْعٌ حَلَفَ بِاَللَّهِ بِشَيْءٍ مِنْ اللُّغَاتِ وَحَنِثَ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إذَا قِيلَ لَهُ تَزَوَّجْ فُلَانَةَ فَقَالَ لَهَا الذِّمَامُ لَا أَتَزَوَّجُهَا]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إبْرَارُ الْمُقْسِمِ وَالْمُقْسَمِ بِهِ فِيهِ مَعْنَيَانِ]

- ‌[فَرْعٌ إذَا حَلَفَ عَلَى رَجُلٍ ليفعلن فَامْتَنَعَ]

- ‌[تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ لَا لَغْوَ وَلَا غَمُوسَ فِي مُسْتَقْبَلٍ]

- ‌[الثَّانِي الْإِلْغَاءُ فِي الْيَمِينِ لِمَكْرٍ أَوْ قَطْعٍ حَقٍّ]

- ‌[الثَّالِثُ الْحَلِفِ عَلَى الشَّكِّ وَالظَّنِّ]

- ‌[الرَّابِعُ الْغَمُوسُ تَكُونُ فِي الطَّلَاقِ]

- ‌[الْخَامِسُ لِمَاذَا سُمِّيَتْ الْيَمِين غَمُوسًا]

- ‌[تَنْبِيهٌ الْجَمْعُ بَيْنَ الْخِصَالِ الْأَرْبَعَةِ فِي الْكَفَّارَةِ الْوَاحِدَةِ]

- ‌[فَرْعٌ إذَا حَلَفَ عَلَى غَيْرِهِ ليفعلن فَأَكْرَهَهُ عَلَى الْفِعْلِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ قَالَ الْمَشْيُ إلَى مَكَّةَ لَا فَعَلْت وَلَا يُرِيدُ بِهَا الْيَمِينَ]

- ‌[فُرُوعٌ قَالَ وَاَللَّه لَأَعْتِقَن عَبِيدِي وَقَالَ أَرَدْت بَعْضَهُمْ عَلَى سَبِيلِ التَّخْصِيصِ]

- ‌[قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَقَالَ أَرَدْت مِنْ الْوِلَادَةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ فِيمَنْ سُئِلَ عَنْ شَيْءٍ فَقَالَ عَلِيَّ فِيهِ يَمِينٌ وَهُوَ كَاذِبٌ]

- ‌[فَرْعٌ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ لَهُ مَاءً لِمَنْ امْتَنَّ عَلَيْهِ بِمَا يَأْخُذُهُ مِنْهُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْحَالِفُ ليفعلن فِعْلًا هُوَ عَلَى حِنْثٍ حَتَّى يَفْعَلَهُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إذَا حَلَفَ ليشترين دَارَ زَيْدٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ حَلَفَ أَنْ لَا يُكَلِّمَ فُلَانًا فِي الْمَوْسِمِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ حَلَفَ لَا أَدَخَلَ الدَّارَ وَلَا أَكَلَ الطَّعَامَ فِي هَذَا الْعِيدِ]

- ‌[فَرْعٌ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَلَا يَقُوم حَتَّى يَنْتَهِي مِنْ وُضُوئِهِ فلما انْتَهَى تَذْكُر نِسْيَانه التَّمَضْمُض]

- ‌[فَرْعٌ حَلَفَ بِالْحَلَالِ عَلَيْهِ حَرَامٌ إنْ أَكَلَ شَيْئًا مِمَّا يَشْتَرِيهِ أَبُوهُ]

- ‌[فَرْعٌ إذَا أَتَى بِلَفْظِ كُلٍّ فِي الْيَمِين هَلْ يحنث]

- ‌[فَرْعٌ حَلَفَ الْحَالِفُ أَنْ يَشْرَبَ مَاءً صِرْفًا فَشَرِبَ مَاءً مِنْ آبَارِ الصَّحَارِي الْمُتَغَيِّرِ]

- ‌[فَرْعٌ عَاتَبَتْهُ امْرَأَتُهُ فَقَالَتْ تَأْكُلُ مِنْ غَزْلِي فَحَلَفَ أَنْ لَا يَأْكُلَ مِنْ عَمَلِهَا ثُمَّ أَكُلّ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ حَلَفَ بِطَلَاقِ زَوْجَتِهِ إنْ قَضَى اللَّهُ حَاجَتَهُ]

- ‌[فُرُوعٌ الْأَوَّلُ حَلَفَ لَا آكُلُ كِبَاشًا بِالنِّعَاجِ وَالصِّغَارِ مُطْلَقًا]

- ‌[الثَّانِي الْحَالِفُ عَلَى اللَّحْمِ ثُمَّ أَكُلّ الرَّأْسِ]

- ‌[الثَّالِثُ حَلَفَ لَا آكُلُ لَحْمًا فَأَكَلَ قَدِيدًا]

- ‌[فَرْعٌ حَلَفَ أَنْ لَا يَأْكُلَ فَاكِهَةً هَلْ يحنث بِالْعِنَبِ]

- ‌[فَرْعٌ حَلَفَ عَلَى اللَّبَنِ الْحَلِيبِ]

- ‌[فَرْعٌ وَهَبَهُ رَجُلٌ شَاةً ثُمَّ مَنَّ بِهَا عَلَيْهِ فَحَلَفَ أَنْ لَا يَشْرَبَ مِنْ لَبَنِهَا]

- ‌[فَرْعٌ حَلَفَ أَنْ لَا يَنْفَعَ فُلَانًا شَيْئًا وَهُوَ وصى لِرَجُلٍ مَاتَ]

- ‌[فَرْعٌ حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَنْفَعُ أَخَاهُ فَاحْتَاجَ أَوْلَادُ أَخِيهِ فَأَعْطَاهُمْ شَيْئًا]

- ‌[فُرُوعٌ حَلَفَ لَا سَاكَنَهُ وَهُمَا فِي دَارٍ]

- ‌[آذَاهُ جَارُهُ فَحَلَفَ لَا سَاكَنْتُكَ أَوْ قَالَ جَاوَرْتُكَ فِي هَذِهِ الدَّارِ]

- ‌[فَرْعٌ سَكَنَ مَنْزِلًا لِامْرَأَتِهِ فَمَنَّتْ عَلَيْهِ فَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ لَيَنْتَقِلَنَّ]

- ‌[فَرْعٌ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ هَذِهِ الدَّارَ فَأَدْخَلَ يَدَهُ أَوْ رَأْسَهُ]

- ‌[فَرْعٌ حَلَفَ ليقضين فُلَانًا حَقَّهُ فِي الْأَجَلِ الْفُلَانِيِّ فَأَعْطَاهُ رَهْنًا]

- ‌[فَرْعٌ حَلَفَ ليدخلن هَذِهِ الدَّارَ فَقَامَ عَلَى ظَهْرِ بَيْتٍ مِنْهَا]

- ‌[فَرْعٌ حَلَفَ لَا أُكَلِّمُ فُلَانًا أَيَّامًا فَهَلْ يُلْغَى الْيَوْمُ الَّذِي حَلَفَ فِيهِ]

- ‌[تَنْبِيهٌ حَلَفَ فِي دَرَاهِمَ أَنَّ زَوْجَتَهُ أَخَذَتْهَا فَثَبَتَ أَنَّ أَخَذَهَا غَيْرُهَا]

- ‌[مَسْأَلَةٌ حَلَفَ بِالْبَيْتِ الْمُقَدَّسِ لَا لَعِبْتُ مَعَكَ شِطْرَنْجًا إلَّا هَذَا الدَّسْتَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي النَّذْرِ]

- ‌[فَرْعٌ فِي مَنْ سُئِلَ أَمْرًا فَقَالَ عَلَيَّ فِيهِ صَدَقَةٌ أَوْ مَشْيٌ كَاذِبًا إنَّمَا يُرِيدُ أَنْ يَمْنَعَهُ]

- ‌[فَرْعٌ أَدَاءِ النَّذْرِ الْمُعَلَّقِ عَلَى أَمْرٍ بِحُضُورِهِ وَاضِحٌ وَبِحُضُورِ بَعْضِهِ]

- ‌[فَرْعٌ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ صِيَامٌ وَلَمْ يُسَمِّهِ أَوْ قَالَ صَدَقَةٌ]

- ‌[فَرْعٌ نَذَرَ إطْعَامَ مَسَاكِينَ أَيُطْعِمُ كُلَّ مِسْكِينٍ خَمْسَ تَمَرَاتٍ]

- ‌[فُرُوعٌ نَذَرَ شَيْئًا مُعَيَّنًا وَكَانَ ذَلِكَ جَمِيعَ مَالِهِ]

- ‌[قَالَ لِرَجُلٍ كُلُّ مَالٍ أَمْلِكُهُ صَدَقَةٌ إنْ فَعَلْتَ كَذَا فَحَنِثَ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْإِنْسَانِ إلَّا قُوتُ يَوْمِ الْفِطْرِ وَقَدْ نَذَرَ إخْرَاجَهُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ عَادَةُ الشَّيْبِيِّينَ تَقْدِيمِ الْأَكْبَرِ فَالْأَكْبَرِ فِي كَوْنِ مِفْتَاحِ الْكَعْبَةِ عِنْدَهُ]

- ‌[تَنْبِيهٌ الْحَجَبِيُّونَ بَطْنٌ مِنْ قُرَيْشٍ مَنْسُوبُونَ إلَى حَجَبَةِ الْكَعْبَةِ]

- ‌[فَوَائِدُ كَانُوا يَقُولُونَ لَا يَفْتَحُ الْكَعْبَةَ إلَّا الْحَجَبَةُ]

- ‌[سُنَّة الْمَكِّيِّينَ إذَا ثَقَلَ لِسَانُ الصَّبِيِّ]

- ‌[فَرْعٌ كَلَّمَهُ فَحَنِثَ بِالْحَجِّ وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُدْرِكَ الْحَجَّ]

- ‌[فُرُوعٌ الْأَوَّلُ قَالَ أَنَا أَضْرِبُ بِمَالِي أَوْ بِشَيْءٍ مِنْهُ بِعَيْنِهِ حَطِيمَ الْكَعْبَةِ أَوْ الرُّكْنَ]

- ‌[الفرع الثَّانِي النَّذْرُ لِلْكَعْبَةِ]

- ‌[الفرع الثَّالِثُ وَنَذْرُ شَيْءٍ لِمَيِّتٍ صَالِحٍ مُعَظَّمٍ فِي نَفْسِ النَّاذِرِ]

- ‌[تَنْبِيهَاتٌ فَرَّقَ بَيْنَ قَوْلِهِ لِحُرٍّ أَنَا أُهْدِيكَ وَقَوْلِهِ لِعَبْدِ غَيْرِهِ هُوَ هَدْيٌ]

- ‌[لَا وَفَاءَ لِنَذْرٍ فِي مَعْصِيَةٍ وَلَا فِيمَا لَا يَمْلِكُهُ الْعَبْدُ]

- ‌[فَرْعٌ فِي نَاذِرِ زِيَارَتِهِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[مَسْأَلَةٌ حُكْمُ مَا زِيدَ فِي مَسْجِدِهِ عليه السلام حُكْمُ الْمَزِيدِ فِيهِ فِي الْفَضْلِ]

- ‌[كِتَابُ الْجِهَادِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ حَضَّ الشَّرْعُ عَلَى تَمَنِّي الشَّهَادَةِ وَرَغَّبَ فِيهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ أَيَغْزُو بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ]

- ‌[فُرُوعٌ أَقَرَّ الْأَسِيرُ أَنَّهُ زَنَى وَدَامَ عَلَى إقْرَارِهِ وَلَمْ يَرْجِعْ أَوْ شُهِدَ عَلَيْهِ]

- ‌[قَتَلَ الْأَسِيرُ أَحَدًا مِنْهُمْ خَطَأً وَقَدْ كَانَ أَسْلَمَ وَالْأَسِيرُ لَا يَعْلَمُ]

- ‌[قَتَلَ الْمُسْلِمُ مُسْلِمًا فِي حَالِ الْقِتَالِ وَقَالَ ظَنَنْتُهُ مِنْ الْكُفَّارِ]

- ‌[فَرْعٌ غَزَا رَجُلٌ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ دِيوَانِهِ بِأُجْرَةٍ]

- ‌[فَرْعٌ وَادَعَ الْإِمَامُ مَلِكَ الْقَرْيَةِ هَلْ يَكُونُ ذَلِكَ لِبَقِيَّتِهِمْ]

- ‌[فَرْعٌ وَيَعْتِقُ قَاتِلُ الْحَرْبِيّ رَقَبَةً]

- ‌[فَرْعٌ فِي الْقَوْمِ يَغْنَمُونَ الرَّقِيقَ هَلْ يُشْتَرَى مِنْهُمْ وَهُمْ لَمْ يُؤَدُّوا خُمُسًا]

- ‌[فَرْعٌ افْتَرَقَ الْجَيْشُ قَبْلَ قَسْمِ الْغَنِيمَةِ]

- ‌[فَرْعٌ خَرَجَ عَبْدٌ وَحُرٌّ أوذمي وَمُسْلِمٌ لِلتَّلَصُّصِ]

- ‌[تَنْبِيهٌ إذَا ثَبَتَ أَنَّ فِي الْغَنِيمَةِ مَالَ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ]

- ‌[فَصْلٌ فِي عَقْدُ الْجِزْيَةِ]

- ‌[فَرْعٌ بِمَا تَثْبُتُ الْجِزْيَةُ لِمُدَّعِيهَا]

- ‌[فَرْعٌ غَصَبَ جَارِيَةً ثُمَّ مَاتَتْ بَعْدَ أَنْ بَاعَهَا الْغَاصِبُ]

- ‌[بَابٌ الْمُسَابَقَةُ بِجُعْلٍ فِي الْخَيْلِ وَالْإِبِلِ]

- ‌[فَرْعٌ فِيمَنْ تَطَوَّعَ بِإِخْرَاجِ شَيْءٍ للمتصارعين وللمتسابقين]

- ‌[كِتَابُ النِّكَاحِ]

- ‌[بَاب خصائص النَّبِيّ]

- ‌[بَابٌ خُصَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِوُجُوبِ الضُّحَى وَالْأَضْحَى وَالتَّهَجُّدِ وَالْوِتْرِ]

- ‌[فَرْعٌ أُبِيحَ لَهُ عليه السلام أَخْذُ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ مِنْ الْجَائِعِ وَالْعَطْشَانِ]

- ‌[فَرْعٌ يُكْرَهُ لِقَارِئِ حَدِيثِهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَقُومَ لِأَحَدٍ]

- ‌[تَنْبِيهَانِ فِي خصائص النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصْلٌ نُدِبَ لِمُحْتَاجٍ ذِي أُهْبَةٍ نِكَاحُ بِكْرٍ]

- ‌[فَرْعٌ هَلْ يُسْتَحَبُّ لِلْمَرْأَةِ نَظَرُ الرَّجُلِ]

- ‌[فَرْعٌ النَّظَرُ لِلشَّابَّةِ الْأَجْنَبِيَّةِ الْحُرَّةِ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ]

- ‌[تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ تَوْكِيلِ الْمَرْأَةِ الثَّيِّبِ مَنْ يَعْقِدُ نِكَاحَهَا]

- ‌[التَّنْبِيه الثَّانِي شَهَادَةُ الْخَاطِبَيْنِ فِي النِّكَاح]

- ‌[التَّنْبِيه الثَّالِثُ شَهَادَةُ الْوَصِيِّ فِي النِّكَاحِ]

- ‌[التَّنْبِيه الرَّابِعُ أَخَذَ الْأُجْرَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ فِي النِّكَاح]

- ‌[تَنْبِيهَاتٌ خَطَبَ فِي الْعِدَّةِ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا بَعْدَهَا]

- ‌[كَانَ الزَّوْجُ النَّاكِحُ فِي الْعِدَّةِ غَيْرَ عَالِمٍ بِالتَّحْرِيمِ]

- ‌[وَطْءَ الصَّبِيِّ لِلْمُعْتَدَّةِ]

- ‌[تَزَوَّجَتْ فِي الْعِدَّةِ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا آخَرُ بَعْدَ خُرُوجِهَا مِنْ الْعِدَّةِ]

- ‌[تَزَوَّجَ شَخْصٌ امْرَأَةً ثُمَّ ادَّعَتْ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا فِي الْعِدَّةِ]

- ‌[فَرْعٌ تَزَوَّجَ امْرَأَةً طَلَّقَهَا رَجُلٌ قَبْلَهُ ثُمَّ اسْتَرَابَ فِي أَنَّهُ نَكَحَهَا قَبْلَ تَمَامِ عِدَّتِهَا]

- ‌[فَرْعٌ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَأَخْرَجَ دِينَارًا فَقَالَ اشْتَرُوا بِهِ طَعَامًا]

- ‌[تَنْبِيهٌ الْخِيَارُ فِي عَقْدٌ النِّكَاحُ]

- ‌[تَنْبِيهٌ لِلْوَصِيِّ أَنْ يُنْكِحَ إمَاءَ الْيَتَامَى وَعَبِيدَهُمْ]

- ‌[فَرْعٌ نِكَاح الْأَمَةُ الْمُخْدِمَةُ]

- ‌[فَرْعٌ جَبْرُ الرَّقِيقِ عَلَى النِّكَاحِ]

- ‌[فَرْعٌ أَرَادَ الْأَبُ أَنْ يَرْجِعَ عَنْ تَرْشِيدِهَا وَيَرُدَّهَا فِي وِلَايَتِهِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ]

- ‌[فَسْخ النِّكَاح بِلَا طَلَاق]

- ‌[فَرْعٌ تَزَوَّجَهَا أَحَدُهُمَا بَعْدَ زَوْجٍ كَانَتْ عِنْدَهُ عَلَى طَلْقَتَيْنِ]

- ‌[تَنْبِيهَاتٌ حُكْم نِكَاح الشِّغَارُ]

- ‌[فَسْخُ النِّكَاحِ لِعَيْبِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ]

- ‌[هَلْ يَفْتَقِرُ فَسْخُ النِّكَاحِ الْفَاسِدِ إلَى حُكْمِ حَاكِمٍ]

- ‌[تَنْبِيهٌ طَلَاقَ الصَّبِيِّ لَا يَلْزَمُ وَلَا يُخْبَرُ الْوَلِيُّ فِيهِ]

- ‌[فَرْعٌ لَا يُبَاعُ الْعَبْدُ فِي نَفَقَةِ زَوْجَتِهِ]

- ‌[فَرْعٌ إذَا وَطِئَ الصَّغِيرُ بِمِلْكِ الْيَمِينِ أَوْ قَبَّلَ أَوْ بَاشَرَ]

- ‌[فَرْعٌ طَلَّقَهَا طَلَاقًا رَجْعِيًّا وَأَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَ خَامِسَةً]

- ‌[فَرْعَانِ الْأَوَّلُ بَاعَ أَمَةً وَطِئَهَا ثُمَّ تَزَوَّجَ أُخْتَهَا فَلَمْ يَطَأْهَا حَتَّى اشْتَرَى الْمَبِيعَةَ]

- ‌[الفرع الثَّانِي زَوَّجَ أُمَّ وَلَدِهِ ثُمَّ اشْتَرَى أُخْتَهَا فَوَطِئَهَا ثُمَّ رَجَعَتْ إلَيْهِ أُمُّ وَلَدِهِ]

- ‌[فَرْعٌ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ ثَلَاثًا ثُمَّ وَطِئَهَا فَحَمَلَتْ عَارِفًا بِالتَّحْرِيمِ]

- ‌[فَرْعٌ كَانَ الزَّوْجَانِ مُسْلِمَيْنِ فَارْتَدَّ أَحَدُهُمَا بَعْدَ طَلَاقِ الثَّلَاثِ]

- ‌[نِيَّةُ الْمُطَلِّقِ وَنِيَّتُهَا لَغْوٌ وَإِنَّمَا الْمُعْتَبَرُ نِيَّةُ الْمُحَلِّلِ]

- ‌[زَوَّجَهَا لِعَبْدِهِ لِيَسْأَلَهُ طَلَاقَهَا بَعْدَ وَطْئِهَا]

- ‌[فَرْعٌ إذَا دُفِعَتْ إلَيْهِ جَارِيَةٌ لِيَسْتَخْدِمَهَا هَلْ يَجُوزُ نِكَاحِهِ لَهَا]

- ‌[فَرْعٌ أَرَادَ أَنْ يُزَوِّجَ أَمَةَ عَبْدِهِ مِنْهُ]

- ‌[فَرْعٌ اشْتَرَى أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ الْآخَرَ بِخِيَارٍ]

- ‌[فَرْعٌ اشْتَرَى زَوْجٌ أُمَّهُ أَوْ امْرَأَةَ أَبِيهِ]

- ‌[فَرْعٌ اشْتَرَى أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ الْآخَرَ وَهُوَ مُكَاتَبٌ]

- ‌[فَرْعٌ أَمَة تَحْتَ حُرٍّ وَلَدَتْ أَوْلَادًا لَهُ وَأَرَادُوا بَيْعَهَا وَوَلَدَهَا]

- ‌[فَرْعٌ لَا تَنْكِحُ الْأَمَةَ إلَّا بِشَرْطَيْنِ]

- ‌[فَرْعٌ تَزَوَّجَ أَمَةً ثُمَّ أَعْتَقَ سَيِّدُ الْأَمَةِ وَلَدَهُ مِنْهَا]

- ‌[فَرْعٌ تَزَوَّجَ رَجُلٌ حُرَّةً فَأَقَرَّتْ لِرَجُلٍ أَنَّهَا أَمَتُهُ]

- ‌[فُرُوعٌ الْأَوَّلُ لَيْسَ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تُلْزِمَ زَوْجَهَا الْعَزْلَ عَنْهَا]

- ‌[الفرع الثَّانِي الْقَسْمِ بَيْنَ الزَّوْجَاتِ]

- ‌[الفرع الثَّالِثُ حُكْم شَرب الْأَدْوِيَةِ لِتَقْلِيلِ النَّسْل]

- ‌[فَرْعٌ نِكَاحِ مَنْ حَضَرَ الزَّحْفَ أَوْ رَكِبَ الْبَحْرَ]

- ‌[فَرْعٌ الْمُتَزَوِّج فِي مَرَض الْمَوْت هَلْ تَرِثهُ زَوْجَته]

- ‌[فَرْعٌ الْإِقْرَارُ بِالنِّكَاحِ فِي الْمَرَضِ أَوْ فِي الصِّحَّةِ]

- ‌[فَرْعٌ حُكْمُ نِكَاحِ التَّفْوِيضِ]

- ‌[فَرْعٌ لَا خِيَارَ لِلزَّوْجَةِ إنْ كَانَ الزَّوْج خُنْثَى مَحْكُومًا لَهُ بِالرُّجُولِيَّةِ]

- ‌[فَرْعٌ وَطِئَهَا ثُمَّ اعْتَرَضَ عَنْهَا]

- ‌[فَائِدَةٌ فِيمَا يُعَالَجُ بِهِ الْمُعْتَرَضُ عَنْ الزَّوْجَةِ]

- ‌[تَنْبِيهٌ الْكِبَرُ الْمَانِعُ مِنْ الْوَطْءِ]

- ‌[فَرْعٌ وَجَدَهَا سَوْدَاءَ أَوْ عَرْجَاءَ أَوْ عَمْيَاءَ وَادَّعَى أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا عَلَى السَّلَامَةِ]

- ‌[فَرْعٌ إذَا وَصَفَهَا وَلِيُّهَا حِينَ الْخِطْبَةِ بِأَنَّهَا عَذْرَاء]

- ‌[فَرْعٌ ويصدق الزَّوْج إنْ ادَّعَى فِيهَا الْوَطْءَ]

- ‌[تَنْبِيهٌ لَوْ نَكَلَ قَبْلَ الْأَجَلِ ثُمَّ أَتَى الْأَجَلُ فَادَّعَى الزَّوْج أَنَّهُ أَصَابَ]

- ‌[تَنْبِيهٌ وَإِنْ اخْتَارَ الزَّوْج إمْسَاكَهَا]

- ‌[فَرْعٌ زَوَّجَ السَّيِّدُ أَمَتَهُ عَلَى أَنَّهَا ابْنَتُهُ أَوْ ابْنَةُ عَمِّهِ فَدَخَلَ الزَّوْجُ وَأَوْلَدَهَا]

- ‌[فَرْعٌ اشْتَرَى جَارِيَةً مِنْ رَجُلٍ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهَا لَيْسَتْ لَهُ فَوَطِئَهَا]

- ‌[فَرْعٌ لَوْ اسْتَهْلَكَ الْأَبُ الدِّيَةَ ثُمَّ أَعْدَمَ]

- ‌[فَرْعٌ لَوْ هَرَبَ الْقَاتِلُ أَوْ اُقْتُصَّ مِنْهُ فِي الْعَمْدِ]

- ‌[فَرْعٌ لَوْ قُتِلَ خَطَأً اقْتَصَّ الْأَبُ عَنْ سَائِرِ وَرَثَتِهِ]

- ‌[فَصْلٌ تَزَوَّجَتْ وَهِيَ مُعْتَقٌ بَعْضُهَا وَكَمُلَ عِتْقُهَا بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ لَهَا الْخِيَارَ]

- ‌[تَنْبِيهٌ إذَا عَتَقَ جَمِيعُهَا تَحْتَ الْعَبْدِ]

- ‌[فَرْعٌ ادَّعَى وَطْأَهَا بَعْدَ عِلْمِهَا بِالْعِتْقِ وَأَكْذَبَتْهُ]

- ‌[فَرْعٌ بِيعَ زَوْجُهَا قَبْلَ عِتْقِهَا فَظَنَّتْ أَنَّ ذَلِكَ طَلَاقٌ ثُمَّ عَتَقَتْ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الصَّدَاقُ]

- ‌[فَرْعٌ بَيَانِ السِّكَّةِ إنْ كَانَ الصَّدَاقُ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ]

- ‌[فَرْعٌ الزَّوْجُ الْمَرِيضُ الَّذِي لَا يَقْدِرُ عَلَى جِمَاعٍ]

- ‌[تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ الدُّخُولَ بِالْهَدِيَّةِ]

- ‌[التَّنْبِيه الثَّانِي لَهُ عَلَى مَلِيئَةٍ رُبْعُ دِينَارٍ]

- ‌[فَرْعٌ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَطْلُبَهُ بِحَمِيلٍ بِوَجْهِهِ]

- ‌[فَرْعٌ إذَا مَضَتْ آجَالُ التَّلَوُّمِ وَلَمْ يَثْبُتْ إعْسَارُ الزَّوْج]

- ‌[فَرْعٌ وَيَحْضُرُ الزَّوْجُ لِضَرْبِ أَوَّلِ آجَالِهِ]

- ‌[فَرْعٌ هَلْ يُشْتَرَطُ فِي التَّأْجِيلِ إقَامَةُ النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ]

- ‌[فَرْعٌ إذَا كَانَ الزَّوْجُ غَيْرَ بَالِغٍ]

- ‌[تَنْبِيهٌ فِي اسْتِحْقَاقِ الْمَهْرِ بِالْوَطْءِ فِي الدُّبْرِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْمَرْأَةُ إذَا اُشْتُهِرَتْ بِالسِّفَاحِ وَإِبَاحَةِ فَرْجِهَا لِغَيْرِ زَوْجِهَا]

- ‌[فَرْعٌ أَنْكَرَ الزَّوْجُ الْخَلْوَةَ وَلَمْ تَقُمْ لَهُ بَيِّنَةٌ]

- ‌[فَرْعٌ بَنَى بِزَوْجَتِهِ ثُمَّ طَلَّقَهَا وَادَّعَى عَدَمَ الْمَسِيسِ]

- ‌[فَرْعٌ إذَا اسْتَهْلَكَتْ الذِّمِّيَّةُ صَدَاقهَا مِنْ الْخَمْرَ]

- ‌[تَنْبِيهٌ النِّكَاحَ الْفَاسِدَ لِصَدَاقِهِ]

- ‌[فَرْعٌ دَعَا الزَّوْجُ فِي النِّكَاحَ الْفَاسِدَ لِصَدَاقِهِ إلَى الْبِنَاءِ وَالنَّفَقَةِ]

- ‌[فَرْعٌ فِيمَنْ يَكْتَسِبُ مَالًا حَرَامًا فَيَتَزَوَّجُ بِهِ]

- ‌[فَرْعَانِ الْأَوَّلُ نَكَحَ بِنَقْدٍ مُقَدَّمٍ وَكَالِئٍ إلَى مَا يَكْلَأُ النَّاسُ]

- ‌[الفرع الثَّانِي اخْتَلَفَ الزَّوْجُ وَالْوَلِيُّ فِي أَجَلِ الْكَالِئِ فَقَالَ الشُّهُودُ نَسِينَاهُ]

- ‌[فَرْعٌ تَزَوَّجَ أَمَةَ رَجُلٍ وَابْنَتَهُ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ أَوْ امْرَأَةً وَأَمَتَهَا]

- ‌[فَرْعٌ قَالَ الْمُوَثِّقُ فِي الْكِتَابِ النَّقْدُ مِنْ الصَّدَاقِ كَذَا]

- ‌[فَرْعٌ لَوْ سَمَّى لَهَا الصَّدَاق فِي مَرَضِهِ ثُمَّ صَحَّ ثُمَّ مَاتَ]

- ‌[فَرْعٌ حُكْم الصَّدَاق إذَا أُكْرِهَ الرَّجُلُ عَلَى أَنْ يَزْنِيَ بِامْرَأَةٍ مُكْرَهَةٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ تَوَافَقَ الزَّوْجُ وَالْمَرْأَةُ عَلَى النِّكَاحِ عَلَى شُرُوطٍ]

- ‌[فَرْعٌ اشْتَرَطَ أَبُو الزَّوْجَةِ عَلَى صِهْرِهِ أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا]

- ‌[فَرْعٌ لِلرَّجُلِ السَّفَرُ بِزَوْجَتِهِ]

- ‌[فَرْعٌ شَرَطَ لِزَوْجَتِهِ أَنْ لَا يَتَسَرَّى مَعَهَا]

- ‌[فَرْعٌ لِلزَّوْجَةِ التَّصَرُّفُ فِي مَهْرِهَا بِالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ]

- ‌[فَرْعٌ أَعْتَقَتْ عَبْدَهَا وَلَا مَالَ لَهَا غَيْرُهُ فَرَدَّ الزَّوْجُ عِتْقَهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا أَوْ مَاتَ]

- ‌[تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ مَا الْحُكْمِ لَوْ قَامَ الْأَبَ بِدَعْوَى الْعَارِيَّةِ بَعْدَ كَمَالِ السَّنَةِ]

- ‌[التَّنْبِيه الثَّانِي إذَا ادَّعَى أَنَّ الَّذِي دَخَلَتْ بِهِ عَارِيَّةٌ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ]

- ‌[التَّنْبِيه الثَّالِثُ ادَّعَى الرَّجُلُ أَنَّ جِهَازَ ابْنَتِهِ عَارِيَّةٌ قَبْلَ السَّنَةِ]

- ‌[فَرْعٌ إذَا أَعْطَتْهُ مَالًا عَلَى أَنْ يُمْسِكَهَا ثُمَّ فَارَقَهَا عَاجِلًا]

- ‌[فَصْلٌ إذَا تَنَازَعَا فِي الزَّوْجِيَّةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى الْمَرْأَةِ عَلَى عَيْنِهَا أَوْ كَانُوا يَعْرِفُونَهَا]

- ‌[فَرْعٌ لَوْ قَالَ فِي يَتِيمَةٍ بَعْدَ أَنْ بَلَغَتْ وَقَالَتْ قَبْلَهُ]

- ‌[تَنْبِيهٌ الْعَبْدُ وَالْجَارِيَةُ يَدَّعِيَانِ الْحُرِّيَّةَ]

- ‌[فَرْعٌ أَقَامَتْ الْمَرْأَةُ عَلَى الرَّجُلِ الْمُنْكِرِ شَاهِدَيْنِ وَلَمْ يَأْتِ بِدَافِعٍ]

- ‌[فَرْعٌ فِي مَنْ اُحْتُضِرَ فَقَالَ لِي امْرَأَةٌ بِمَكَّةَ سَمَّاهَا ثُمَّ مَاتَ فَطَلَبَتْ مِيرَاثَهَا مِنْهُ]

- ‌[فَرْعٌ تَدَاعَى رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ فِي شَيْءٍ مِنْ أُمُورِ الزَّوْجِيَّةِ وَأَقَرَّ بِالزَّوْجِيَّةِ]

- ‌[فَرْعٌ إذَا أَخَذَتْ بِالصَّدَاقِ رَهْنًا ثُمَّ سَلَّمَتْهُ]

- ‌[فَرْعٌ لَوْ كَانَ مَا تَنَازَعَ فِيهِ الزَّوْجَانِ مِمَّا يَكُونُ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ]

- ‌[فَرْعٌ لَوْ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الزَّوْجَيْنِ بَيِّنَةً فِي شَيْءٍ أَنَّهُ لَهُ]

- ‌[تَنْبِيهَانِ نَكَلَ مَنْ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ الْيَمِينُ مِنْ الزَّوْجِ]

- ‌[فَرْعٌ طَلَّقَهَا وَعَلَيْهَا ثِيَابٌ وَطَالَبَتْهُ بِالْكِسْوَةِ]

الفصل: ‌[فرع التنفل في البيت الحرام]

قَالَ سَنَدٌ فِي أَوَّلِ بَابِ دُخُولِ مَكَّةَ: يُسْتَحَبُّ لِمَنْ أَتَى مَكَّةَ لَيْلًا أَوْ ضِيقَ نَهَارُهُ أَنْ يَبِيتَ بِذِي طُوًى، فَإِذَا أَصْبَحَ وَأَرَادَ دُخُولَ مَكَّةَ اغْتَسَلَ انْتَهَى.

وَقَالَ أَيْضًا: يُسْتَحَبُّ أَنْ يَدْخُلَ مَكَّةَ عَلَى طُهْرٍ لِيَكُونَ طَوَافُهُ مُتَّصِلًا بِدُخُولِهِ انْتَهَى.

وَقَالَ الشَّيْخُ زَرُّوق فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ: يُسْتَحَبُّ لَهُ عِنْدَ إتْيَانِ مَكَّةَ أَرْبَعٌ: نُزُولُهُ بِذِي طُوًى، وَهُوَ الْوَادِي الَّذِي تَحْتَ الثَّنِيَّةِ الْعُلْيَا وَيُسَمَّى الزَّاهِرَ، وَاغْتِسَالُهُ فِيهِ لِدُخُولِ مَكَّةَ، وَلَا تَفْعَلُهُ الْحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ، وَهُوَ سُنَّةٌ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَلَا يَتَدَلَّكُ فِيهِ بِغَيْرِ إمْرَارِ الْيَدِ بِرِفْقٍ لِئَلَّا يُزِيلَ الشَّعَثَ كَسَائِرِ غُسُولَاتِ الْحَجِّ الَّتِي دَاخِلَ إحْرَامِهِ، وَنُزُولُهُ لِمَكَّةَ مِنْ الثَّنِيَّةِ الْعُلْيَا إنْ كَانَ مِنْ نَاحِيَةِ الْمَغْرِبِ وَأَنْ يَبِيتَ بِالْوَادِي الْمَذْكُورِ فَيَدْخُلَ مَكَّةَ ضُحًى.

ص (وَالْبَيْتِ) ش أَيْ: يُسْتَحَبُّ دُخُولُ الْبَيْتِ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِنَهَارٍ فَقَدْ أُخِذَ بِجَوَازِ دُخُولِهَا لَيْلًا مِنْ كَوْنِهِ صلى الله عليه وسلم جَاءَ إلَى عُثْمَانَ بْنِ شَيْبَةَ بِالسَّيِّدَةِ عَائِشَةَ لِيَفْتَحَهَا لَهَا لَيْلًا فَاعْتَذَرَ لَهُ بِأَنَّهُ لَمْ يَفْتَحْهَا لَيْلًا لَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَلَا فِي الْإِسْلَامِ فَوَافَقَهُ صلى الله عليه وسلم وَجَاءَ بِهَا إلَى الْحِجْرِ، وَقَالَ لَهَا صَلِّي فِيهِ، وَلَا يُقَالُ: يُؤْخَذُ مِنْ مُوَافَقَتِهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى ذَلِكَ كَرَاهَةُ ذَلِكَ، وَأَنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم إنَّمَا وَافَقَهُ تَطْيِيبًا لِقَلْبِهِ وَتَأْلِيفًا لَهُ بِدَلِيلِ إتْيَانِهِ بِهَا إلَى الْحِجْرِ.

[فَرْعٌ التَّنَفُّلُ فِي الْبَيْتِ الحرام]

(فَرْعٌ) : وَيُسْتَحَبُّ التَّنَفُّلُ فِي الْبَيْتِ قَالَ فِي مُخْتَصَرِ الْوَاضِحَةِ سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ الصَّلَاةِ فِي الْبَيْتِ وَعَنْ دُخُولِهِ عَلَى مَا قَدَرَ عَلَيْهِ الدَّاخِلُ فَقَالَ ذَلِكَ وَاسِعٌ حَسَنٌ. انْتَهَى.

(فَرْعٌ) : وَيُسْتَحَبُّ النَّظَرُ إلَى الْبَيْتِ وَرَدَ فِي ذَلِكَ مِنْ الْآثَارِ وَمِمَّنْ صَرَّحَ بِذَلِكَ ابْنُ أَبِي حَمْزَةَ فِي شَرْحِ الْأَحَادِيثِ الَّتِي اخْتَصَرَهَا مِنْ صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ.

ص (وَمِنْ كَدَاءٍ لِمَدَنِيٍّ) ش هَذَا ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ، وَقَالَ الشَّيْخُ يُوسُفُ بْنُ عَمْرٍو الْجُزُولِيُّ يُسْتَحَبُّ الدُّخُولُ مِنْهُ لِكُلِّ دَاخِلٍ، كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الرِّسَالَةِ انْتَهَى.

وَقَالَ الْفَاكِهَانِيّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ: وَالْمَشْهُورُ الْمَعْرُوفُ اسْتِحْبَابُ الدُّخُولِ مِنْ كَدَاءٍ، كَمَا ذَكَرَ الشَّيْخُ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِي طَرِيقِ الدَّاخِلِ إلَى مَكَّةَ فَيَعْرُجُ عَلَيْهَا، وَقِيلَ: إنَّمَا دَخَلَ صلى الله عليه وسلم مِنْهَا؛ لِأَنَّهَا فِي طَرِيقِهِ فَلَا يُسْتَحَبُّ لِمَنْ لَيْسَتْ عَلَى طَرِيقِهِ، وَلَا أَعْلَمُ هَذَا الْخِلَافَ فِي مَذْهَبِنَا، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلَا حَرَجَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتْرُكْ وَاجِبًا، وَلَا مَسْنُونًا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

انْتَهَى.

وَقَالَ ابْنُ رُشَيْدٍ فِي رِحْلَتِهِ، وَكَانَ دُخُولُنَا مِنْ كَدَاءٍ مِنْ الثَّنِيَّةِ الْعُلْيَا الَّتِي بِأَعْلَى مَكَّةَ إذْ الدُّخُولُ مِنْهَا مُسْتَحَبٌّ لِمَنْ كَانَتْ عَلَى طَرِيقِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَيَنْبَغِي أَنْ يُعَوِّجَ إلَيْهَا وَيَعْرُجَ عَلَيْهَا انْتَهَى.

وَقَالَ السُّهَيْلِيُّ: إنَّمَا اسْتَحَبَّ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم لِمَنْ أَتَى مَكَّةَ أَنْ يَدْخُلَ مِنْ كَدَاءٍ؛ لِأَنَّهُ الْمَوْضِعُ الَّذِي دَعَا فِيهِ إبْرَاهِيمُ رَبَّهُ بِأَنْ يَجْعَلَ أَفْئِدَةً مِنْ النَّاسِ تَهْوِي إلَيْهِمْ، وَلَمْ يَقُلْ تَصْعَدُ إلَيْهِمْ فَقِيلَ لَهُ:{وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالا} [الحج: 27] الْآيَةَ أَلَا تَرَى أَنَّهُ قَالَ يَأْتُوكَ، وَلَمْ يَقُلْ يَأْتُونِي انْتَهَى.

وَقَالَ الشَّيْخُ زَرُّوق عِنْدَ قَوْلِ صَاحِبِ الرِّسَالَةِ: وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَدْخُلَ مَكَّةَ مِنْ كَدَاءٍ: الثَّنِيَّةُ الَّتِي بِأَعْلَى مَكَّةَ وَإِنَّمَا يَدْخُلُ مِنْ هَذِهِ لِفِعْلِهِ عليه السلام وَحِكْمَةُ دُخُولِهَا مِنْ أَعْلَاهَا قِيلَ: لِدَعْوَةِ إبْرَاهِيمَ عليه السلام؛ إذْ قَالَ أَفْئِدَةً مِنْ النَّاسِ تَهْوِي إلَيْهِمْ انْتَهَى.

(تَنْبِيهٌ:) ضَبَطَ الشَّيْخُ يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ كَدَاءَ الْأَوَّلَ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَكَدَاءَ الثَّانِيَةَ بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ، وَمَا ذَكَرَهُ لَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ وَالظَّاهِرُ: أَنَّهُ غَلَطٌ إنَّمَا ذَكَرَ ابْنُ الْأَثِيرِ كُدًى وَكَدَاءَ فِي بَابِ الْكَافِ مَعَ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ، وَلَعَلَّهُ تَوَهُّمٌ مِمَّا وَقَعَ فِي الْبُخَارِيِّ فِي حَدِيثِ السَّيِّدَةِ عَائِشَةَ مَوْعِدُكِ كَذَا، فَإِنَّهُ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ لَكِنْ قَدْ قَالُوا فِيهِ: إنَّ كَذَا فِيهِ لَيْسَ هُوَ الثَّنِيَّةَ إنَّمَا هُوَ اسْمٌ تَنَفَّلْهُ بِهِ عَنْ مَوْضِعٍ، وَنَقَلَ هَذَا الْكَلَامَ التَّادَلِيُّ فِي مَنْسَكِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَالْمَسْجِدُ مِنْ بَابِ بَنِي شَيْبَةَ) ش

ص: 113

ظَاهِرُهُ اسْتِحْبَابُ الدُّخُولِ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي طَرِيقِ الدَّاخِلِ، وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ إطْلَاقَاتِهِمْ؛ إذْ لَا كَبِيرَ كُلْفَةٍ فِي ذَلِكَ، وَقَدْ ذَكَرَ الشَّيْخُ يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ فِي مَنْسَكِهِ وَالشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الثَّعَالِبِيُّ أَنَّ مَنْ أَتَى مِنْ مِنًى لِطَوَافِ الْإِفَاضَةِ يَدْخُلُ مِنْ بَابِ بَنِي شَيْبَةَ.

ص (وَرُكُوعُهُ لِلطَّوَافِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ قَبْلَ تَنَفُّلِهِ)

ش: قَالَ أَبُو غَازِيٍّ صِيغَةُ الْعُمُومِ فِي الطَّوَافِ هُنَا، وَفِي قَوْلِهِ: وَفِي سُنِّيَّةِ رَكْعَتَيْنِ لِلطَّوَافِ يَقْتَضِي شُمُولَ طَوَافِ التَّطَوُّعِ، وَقَدْ بَنَى الْقَرَافِيُّ فِي ذَخِيرَتِهِ عَلَى هَذَا نُكْتَةً بَدِيعَةً، فَإِنَّهُ قَالَ: قَالَ اللَّخْمِيُّ: يَرْكَعُ الطَّائِفُ لِطَوَافِ التَّطَوُّعِ كَالْفَرْضِ، فَإِنْ لَمْ يَرْكَعْ حَتَّى طَالَ وَانْتَقَضَ وُضُوءُهُ اسْتَأْنَفَهُ، فَإِنْ شَرَعَ فِي أُسْبُوعٍ آخَرَ قَطَعَهُ وَرَكَعَ، فَإِنْ أَتَمَّهُ أَتَى لِكُلِّ أُسْبُوعٍ بِرَكْعَتَيْنِ وَأَجْزَأَهُ؛ لِأَنَّهُ أَمْرٌ اُخْتُلِفَ فِيهِ، وَمُقْتَضَى الْمَذْهَبِ: أَنَّ أَرْبَعَةَ أَسَابِيعَ طُولٌ تَمَنُّعُ الْإِصْلَاحَ، وَتُوجِبُ الِاسْتِئْنَافَ ثُمَّ قَالَ الْقَرَافِيُّ: فَهَذَا الْكَلَامُ مِنْ اللَّخْمِيِّ وَإِطْلَاقُهُ الْإِجْزَاءَ وَوُجُوبُهُ الِاسْتِئْنَافَ يُشْعِرُ بِأَنَّ الشُّرُوعَ فِي طَوَافِ التَّطَوُّعِ يُوجِبُ الْإِتْمَامَ كَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَكَلَامُ شُيُوخِهِ ثُمَّ ذَكَرَ النَّظَائِرَ الَّتِي تَلْزَمُ بِالشُّرُوعِ ثُمَّ قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ مَا نَسَبَهُ الْقَرَافِيُّ لِلْخُمَّيَّ مِنْ أَنَّ مُقْتَضَى الْمَذْهَبِ أَنَّ أَرْبَعَةَ أَسَابِيعَ طُولٌ فِيهِ نَظَرٌ حَسْبَمَا بَسَطْنَاهُ فِي تَكْمِيلِ التَّقْيِيدِ انْتَهَى.

(قُلْت) اُنْظُرْ مَا النُّكْتَةُ الْبَدِيعَةُ، هَلْ هِيَ لُزُومُ طَوَافِ التَّطَوُّعِ بِالشُّرُوعِ أَوْ كَوْنُ الْأَرْبَعَةِ طُولًا؟ انْتَهَى.

فَتَأَمَّلْهُ، وَقَوْلُهُ: إنَّ فِيمَا نَسَبَهُ الْقَرَافِيُّ لِلَّخْمِيِّ نَظَرًا لَيْسَ بِظَاهِرٍ؛ لِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْقَرَافِيُّ عَنْ اللَّخْمِيِّ مَوْجُودٌ فِي تَبْصِرَتِهِ وَنَصُّهُ: السُّنَّةُ فِيمَنْ طَافَ أُسْبُوعًا تَطَوُّعًا أَنْ يُعْقِبَهُ بِرَكْعَتَيْنِ، وَمَنْ لَمْ يَفْعَلْ حَتَّى طَالَ أَوْ انْتَقَضَتْ طَهَارَتُهُ اسْتَأْنَفَهُ، وَإِنْ أَعْقَبَ الْأُسْبُوعَ الْأَوَّلَ بِثَانٍ قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ قَطَعَهُ ثُمَّ رَكَعَ عَنْ الْأَوَّلِ، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ حَتَّى أَتَمَّ الثَّانِيَ أَتَى لِكُلِّ أُسْبُوعٍ بِرَكْعَتَيْنِ وَأَجْزَأَهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ: لِأَنَّهُ أَمْرٌ قَدْ اُخْتُلِفَ فِيهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَتَى بِأُسْبُوعٍ ثَالِثٍ أَوْ رَابِعٍ، فَإِنَّهُ يَأْتِي لِكُلِّ أُسْبُوعٍ بِرَكْعَتَيْنِ وَيُجْزِئُهُ، وَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ: أَنَّ ذَلِكَ طُولٌ يَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ إصْلَاحِ الْأَوَّلِ وَيُوجِبُ عَلَيْهِ الِاسْتِئْنَافَ فِيمَا تَقَدَّمَ انْتَهَى.

وَكَانَ ابْنُ غَازِيٍّ رحمه الله رَأَى مَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ اللَّخْمِيِّ فَاعْتَرَضَ عَلَى الْقَرَافِيِّ بِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرَهُ الْقَرَافِيُّ وَنَصَّ اللَّخْمِيُّ: وَمُفَادُ الْمَذْهَبِ: أَنَّ الثَّانِيَ طُولٌ يُوجِبُ اسْتِئْنَافَ مَا تَقَدَّمَ انْتَهَى.

(تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ:) قَوْلُ اللَّخْمِيِّ: وَإِنْ أَعْقَبَ الْأُسْبُوعَ الْأَوَّلَ بِثَانٍ قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ قَطَعَ ظَاهِرَهُ أَنَّهُ يَقْطَعُ، وَلَوْ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي الشَّوْطِ السَّابِعِ، وَهُوَ الَّذِي يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِهِمْ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَمَنْ طَافَ بِالْبَيْتِ أُسْبُوعًا فَلَمْ يَرْكَعْ رَكْعَتَيْهِ حَتَّى دَخَلَ فِي أُسْبُوعٍ ثَانٍ قَطَعَ وَرَكَعَ، فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ حَتَّى أَتَمَّهُ رَكَعَ لِكُلِّ أُسْبُوعٍ رَكْعَتَيْنِ لِلِاخْتِلَافِ فِيهِ انْتَهَى.

وَمِثْلُهُ كَلَامُ اللَّخْمِيِّ الْمُتَقَدِّمُ، وَقَالَ التَّادَلِيُّ: قَالَ الْبَاجِيُّ: وَمَنْ سَعَى فِي طَوَافِهِ فَبَلَغَ ثَمَانِيَةَ أَطْوَافٍ أَوْ تِسْعَةً أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، وَلَمْ يَكُنْ قَصَدَ أَنْ يَقْرِنَ بَيْنَ سَبْعَيْنِ فَإِنَّهُ يَقْطَعُ وَيَرْكَعُ رَكْعَتَيْنِ لِلسَّبْعِ الْكَامِلِ، وَيُلْغِي مَا زَادَ عَلَيْهِ، وَلَا يُعْتَدُّ بِهِ إنْ أَرَادَ أَنْ يَطُوفَ أُسْبُوعًا آخَرَ، وَلْيَبْتَدِئْ مِنْ أَوَّلِهِ، وَهَذَا حُكْمُ الْعَائِدِ فِي ذَلِكَ فَأَمَّا إذَا أَكْمَلَ أُسْبُوعَيْنِ عَامِدًا أَوْ نَاسِيًا صَلَّى لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا رَكْعَتَيْنِ؛ لِأَنَّ الْأُسْبُوعَ الثَّانِيَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ فَأَمَرْنَاهُ بِالرُّكُوعِ مُرَاعَاةً لِلْخِلَافِ الَّذِي هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ، وَقَالَهُ ابْنُ كِنَانَةَ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَرَوَى عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ فَقَطْ، وَاخْتَارَ عِيسَى الْأَوَّلَ، وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ: أَنَّهُ لَمَّا كَانَ حُكْمُ كُلِّ أُسْبُوعٍ أَنْ يَعْقُبَهُ رَكْعَتَانِ، وَحَالَ بَيْنَ الْأُسْبُوعِ الْأَوَّلِ وَرَكْعَتَيْهِ الْأُسْبُوعُ الثَّانِي بَطَلَ حُكْمُهُ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ لِلْأُسْبُوعِ الثَّانِي انْتَهَى.

وَقَالَ التَّادَلِيُّ: وَمِنْ هَذَا التَّوْجِيهِ عُلِمَ أَنَّ الرُّكُوعَ إنَّمَا هُوَ لِلثَّانِي وَيُلْغَى الْأَوَّلُ وَعَلَيْهِ إذَا طَافَ ثَمَانِيَةً أَوْ أَكْثَرَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الرُّكُوعُ لِلسَّبْعَةِ الْأَخِيرَةِ وَيُلْغِي الزَّائِدَ مِنْ أَوَّلِهَا لَا مِنْ آخِرِهَا؛ لِأَنَّهُ إذَا أَلْغَى آخِرَهَا كَانَ قَدْ

ص: 114

فَرَّقَ بَيْنَ الْأُسْبُوعِ وَرَكْعَتَيْهِ بِمَا زَادَ انْتَهَى.

(قُلْت:) صَرِيحُ كَلَامِ الْبَاجِيِّ أَنَّ الْإِلْغَاءَ إنَّمَا هُوَ لِمَا زَادَ عَلَى السَّبْعَةِ، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ حَصَلَ فِي الشَّوْطِ الثَّامِنِ أَوْ فِيمَا بَعْدَهُ مَا يُبْطِلُ الطَّوَافَ لَا يَنْبَغِي أَنْ تَصِحَّ السَّبْعَةُ الْأُوَلُ، وَلَوْ كَانَ الْأَمْرُ بِالْعَكْسِ بِأَنْ حَصَلَ فِي السَّبْعَةِ أَوْ فِي بَعْضِهَا مَا يُبْطِلُهَا لَا يَنْبَغِي أَنْ لَا تَصِحَّ؛ لِأَنَّ الزَّائِدَ عَلَى السَّبْعَةِ بِمَنْزِلَةِ الْخَامِسَةِ فَكَمَا لَا تُجْزِئُ الْخَامِسَةُ عَنْ الْأُولَى إذَا بَانَ بُطْلَانُهَا فَكَذَلِكَ هُنَا فَتَأَمَّلْهُ، وَلَا يَضُرُّ الْفَصْلُ بِمَا زَادَ عَلَى السَّبْعَةِ؛ لِأَنَّهُ خَفِيفٌ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا إذَا أَكْمَلَ السَّبْعَةَ عَامِدًا أَوْ سَاهِيًا عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ يَرْكَعُ لِلثَّانِي فَقَطْ دُونَ الْأَوَّلِ أَنَّهُ إذَا أَكْمَلَ السَّبْعَةَ حَصَلَتْ عِبَادَةٌ كَامِلَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ مُحْتَاجَةٌ لِلرُّكُوعِ فَيُكَمِّلُهَا بِهِ، وَيَبْطُلُ الْأَوَّلُ لِلْفَصْلِ بِالْعِبَادَةِ الْكَامِلَةِ فَتَأَمَّلْهُ، وَقَدْ نَقَلَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ كَلَامَ الْبَاجِيِّ، وَقَالَ فِي أَوَّلِ كَلَامِهِ: فَإِنْ شَرَعَ فِي ثَانٍ قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ لِلْأَوَّلِ قَطَعَ مَا لَمْ يُكْمِلْهُ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ وَرَقَةٍ وَنَحْوِهَا: فَلَوْ خَالَفَ مَا أُمِرَ بِهِ وَأَكْمَلَ أُسْبُوعًا ثَانِيًا لَرَكَعَ لَهُمَا سَوَاءٌ كَانَ عَامِدًا أَوْ نَاسِيًا قَالَهُ الْبَاجِيُّ وَاللَّخْمِيُّ وَسَنَدٌ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَكْمَلَ ثَالِثًا وَرَابِعًا انْتَهَى.

(قُلْت) التَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ: سَوَاءٌ كَانَ عَامِدًا أَوْ نَاسِيًا وَقَعَ فِي كَلَامِ الْبَاجِيِّ، وَأَمَّا اللَّخْمِيُّ وَسَنَدٌ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فَلَمْ يُصَرِّحُوا بِهِ، وَلَكِنَّهُمْ أَطْلَقُوا فَفَهِمَ الْمُصَنِّفُ مِنْ إطْلَاقِهِمْ ذَلِكَ، وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الثَّانِي:) مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ رُكُوعِهِ لِلطَّوَافِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَنْتَقِضْ وُضُوءُهُ قَالَ اللَّخْمِيُّ: قَالَ مَالِكٌ: مَنْ انْتَقَضَ وُضُوءُهُ بَعْدَ تَمَامِ الطَّوَافِ وَقَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ تَوَضَّأَ وَاسْتَأْنَفَ الطَّوَافَ إنْ كَانَ وَاجِبًا إلَّا أَنْ يَبْعُدَ فَلَا يَرْجِعُ وَيَرْكَعُ وَيُهْدِي، وَإِنْ كَانَ الطَّوَافُ تَطَوُّعًا لَمْ يَبْتَدِئْهُ إلَّا أَنْ يَشَاءَ إذَا لَمْ يَتَعَمَّدْ الْحَدَثَ انْتَهَى.

وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَقَبِلَهُ وَنَحْوُهُ فِي التَّوْضِيحِ (الثَّالِثُ:) لَمْ يُصَرِّحْ الْمُصَنِّفُ وَكَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ بِبَيَانِ حُكْمِ جَمِيعِ الْأَسَابِيعِ، وَحُكْمُهُ الْكَرَاهَةُ قَالَ فِي الْجَلَّابِ: وَيُكْرَهُ أَنْ يَطُوفَ الْمَرْءُ أَسَابِيعَ، وَيَجْمَعَ رُكُوعَهَا حَتَّى يَرْكَعَهَا فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ وَلَرَكَعَ عَقِبَ كُلِّ أُسْبُوعٍ رَكْعَتَيْنِ انْتَهَى.

وَنَقَلَهُ ابْنُ مُعَلَّى وَغَيْرُهُ (الرَّابِعُ:) تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ الْبَاجِيِّ أَنَّهُ يُصَلِّي لِكُلِّ أُسْبُوعٍ رَكْعَتَيْنِ مُرَاعَاةً لِلْخِلَافِ، وَكَذَلِكَ وَقَعَ فِي كَلَامِ غَيْرِهِ، وَالْخِلَافُ فِي ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ فِي خَارِجِ الْمَذْهَبِ، كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي التَّوْضِيحِ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: وَأَجَازَ الْجَمْعَ بَيْنَ الْأَسَابِيعِ جَمَاعَةٌ مِنْ السَّلَفِ وَشَرَطَ بَعْضُهُمْ أَنْ يَكُونَ عَدَدُ الْأَسَابِيعِ وِتْرًا (الْخَامِسُ:) ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ: أَنَّهُ لَمْ يَقِفْ عَلَى كَلَامِ الْبَاجِيِّ، فَإِنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ رِوَايَةَ عِيسَى قَالَ: يُرِيدُ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّهُمَا يَكُونَانِ لِلْأُسْبُوعِ الْأَخِيرِ انْتَهَى.

وَتَقَدَّمَ التَّصْرِيحُ بِذَلِكَ فِي كَلَامِ الْبَاجِيّ وَانْظُرْ عَلَى الْمَشْهُورِ لَوْ صَلَّى لِكُلِّ أُسْبُوعٍ رَكْعَتَيْنِ، هَلْ يُقَدِّمُ رَكْعَتَيْ الْأُسْبُوعِ الْأَوَّلِ أَوْ الثَّانِي؟

ص (وَرَمَلَ مُحْرِمٌ مَنْ كَالتَّنْعِيمِ) ش يَعْنِي أَنَّ الرَّمَلَ فِي حَقِّ مَنْ أَحْرَمَ مِنْ التَّنْعِيمِ مُسْتَحَبٌّ سَوَاءٌ أَحْرَمَ بِحَجٍّ أَوْ بِعُمْرَةٍ أَوْ بِقِرَانٍ، كَمَا يُفْهَمُ مِنْ التَّوْضِيحِ.

ص (أَوْ بِالْإِفَاضَةِ لِمُرَاهِقٍ) ش لَوْ قَالَ لِكَمُرَاهِقٍ لَكَانَ أَحْسَنَ لِيَشْمَلَ مَنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ مِنْ مَكَّةَ وَالنَّاسِي لِطَوَافِ الْقُدُومِ قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: وَأَمَّا طَوَافُ الْإِفَاضَةِ لِلْمُرَاهِقِ وَنَحْوِهِ وَالْمُحْرِمِ مِنْ التَّنْعِيمِ وَشِبْهِهِ فَثَالِثُهَا الْمَشْهُورُ مَشْرُوعٌ دُونَهُ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: قَوْلُهُ: وَنَحْوُهُ أَيْ: النَّاسِي أَيْ: مَنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ مِنْ مَكَّةَ مَكِّيًّا كَانَ أَوْ آفَاقِيًّا أَوْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ مِنْ التَّنْعِيمِ وَشِبْهِهِ أَيْ: الْجِعْرَانَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَكَثْرَةُ شُرْبِ مَاءِ زَمْزَمَ، وَنَقَلَهُ) ش أَمَّا اسْتِحْبَابُ الْإِكْثَارِ مِنْ شُرْبِهِ فَقَدْ صَرَّحَ بِهِ فِي الْوَاضِحَةِ، وَنَقَلَهُ صَاحِبُ الطِّرَازِ وَصَاحِبُ الذَّخِيرَةِ وَالْمُصَنِّفُ فِي مَنَاسِكِهِ وَغَيْرُ وَاحِدٍ، وَكَذَلِكَ الْإِكْثَارُ مِنْ الْوُضُوءِ، وَأَمَّا اسْتِحْبَابُ نَقْلِهِ فَقَدْ صَرَّحَ بِهِ فِي الْوَاضِحَةِ أَيْضًا فِي مُخْتَصَرِهَا، وَاسْتُحِبَّ لِمَنْ حَجَّ أَنْ يَتَزَوَّدَ مِنْهُ إلَى بَلَدِهِ، فَإِنَّهُ شِفَاءٌ لِمَنْ اسْتَشْفَى، وَنَقَلَهُ عَنْهُ ابْنُ الْحَاجِّ فِي مَنَاسِكِهِ وَنَصُّهُ: قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: وَيُسْتَحَبُّ لِمَنْ حَجَّ أَنْ يَتَزَوَّدَ مِنْهُ إلَى بَلَدِهِ

ص: 115

وَنَقَلَهُ ابْنُ مُعَلَّى وَالتَّادَلِيُّ وَغَيْرُهُمْ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ: أَنَّهُ فِي الذَّخِيرَةِ، وَلَمْ أَرَهُ فِيهَا، وَكَذَلِكَ نَكَّتَ عَلَيْهِ ابْنُ غَازِيٍّ فَقَالَ: أَمَّا شُرْبُهُ فَذَكَرَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ ثُمَّ ذَكَرَ كَلَامَ الذَّخِيرَةِ ثُمَّ قَالَ: وَأَمَّا نَقْلُهُ فَفِي مَسْلَكِ السَّالِكِ لِقَاسِمِ بْنِ أَحْمَدَ الْحَضْرَمِيِّ الطَّرَابُلُسِيِّ وَكَأَنَّهُ لَمْ يَقِفْ عَلَيْهِ لِغَيْرِهِ (تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ:) ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي مَنَاسِكِهِ نَاقِلًا عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُكْثِرَ مِنْ شُرْبِ مَاءِ زَمْزَمَ وَالْوُضُوءِ بِهِ، وَلَمْ يَذْكُرْ الِاغْتِسَالَ بِهِ، وَقَدْ نَصَّ ابْنُ حَبِيبٍ عَلَى اسْتِحْبَابِ ذَلِكَ فَقَالَ فِي مُخْتَصَرِ الْوَاضِحَةِ: يُسْتَحَبُّ لِمَنْ حَجَّ أَنْ يَسْتَكْثِرَ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ تَبَرُّكًا بِبَرَكَتِهِ، وَيَكُونُ مِنْهُ شُرْبُهُ وَوُضُوءُهُ وَاغْتِسَالُهُ مَا أَقَامَ بِمَكَّةَ وَيُكْثِرُ مِنْ الدُّعَاءِ عِنْدَ شُرْبِهِ قَالَ: وَاسْتُحِبَّ لِمَنْ حَجَّ أَنْ يَتَزَوَّدَ مِنْهُ إلَى بَلَدِهِ، فَإِنَّهُ شِفَاءٌ لِمَنْ يُسْتَشْفَى بِهِ انْتَهَى.

(الثَّانِي:) قَالَ ابْن غَازِيٍّ: وَمِنْ الْغَرَائِبِ مَا حَدَّثَنَا بِهِ شَيْخُنَا وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْقُورِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَاجُّ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ عَزُّوزٍ الْمِكْنَاسِيُّ أَنَّهُ سَمِعَ الْإِمَامَ الْأَوْحَدَ الرَّبَّانِيَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الْبَلَّالِيَّ بِالدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ يُرَجِّحُ حَدِيثَ «الْبَاذِنْجَانُ لِمَا أُكِلَ لَهُ» عَلَى حَدِيثِ «مَاءُ زَمْزَمَ لِمَا شُرِبَ لَهُ» قَالَ، وَهَذَا خِلَافُ الْمَعْرُوفِ انْتَهَى.

(قُلْت:) لَا شَكَّ أَنَّ هَذَا مِنْ أَغْرَبِ الْغَرَائِبِ بَلْ هُوَ مِنْ الْأُمُورِ الَّتِي لَا يَجُوزُ نَقْلُهَا إلَّا مَعَ التَّنْبِيهِ عَلَى بُطْلَانِهَا قَالَ الْحَافِظُ السَّخَاوِيُّ فِي الْمَقَاصِدِ الْحَسَنَةِ فِي الْأَحَادِيثِ الْمُشْتَهِرَةِ عَلَى الْأَلْسِنَةِ لَمَّا ذُكِرَ حَدِيثُ «الْبَاذِنْجَانُ لِمَا أُكِلَ لَهُ» أَنَّهُ بَاطِلٌ لَا أَصْلَ لَهُ. وَقَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ: لَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ، وَقَالَ بَعْضُ الْحُفَّاظِ: إنَّهُ مِنْ وَضْعِ الزَّنَادِقَةِ، وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَقَدْ لَهِجَ بِهِ الْعَوَامُّ حَتَّى سَمِعْتُ قَائِلًا مِنْهُمْ يَقُولُ هُوَ أَصَحُّ مِنْ حَدِيثِ «مَاءُ زَمْزَمَ لِمَا شُرِبَ لَهُ» ، وَهُوَ خَطَأٌ وَكُلُّ مَا يُرْوَى فِيهِ بَاطِلٌ انْتَهَى.

كَلَامُ السَّخَاوِيِّ، وَأَمَّا حَدِيثُ «مَاءُ زَمْزَمَ لِمَا شُرِبَ لَهُ» فَقَالَ فِيهِ الْحَافِظُ السَّخَاوِيُّ: رَوَاهُ الْحَاكِمُ، وَقَالَ: إنَّهُ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَقَدْ صَحَّحَ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ الْمُتَقَدِّمِينَ ابْنُ عُيَيْنَةَ، وَمِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ الْحَافِظُ الدِّمْيَاطِيُّ انْتَهَى. وَرَأَيْتُ لِابْنِ حَجَرٍ كَلَامًا جَوَابًا بِالسُّؤَالِ سُئِلَ فِيهِ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ، قَالَ فِي آخِرِهِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ طُرُقَ هَذَا الْحَدِيثِ: إذَا تَقَرَّرَ هَذَا فَرُتْبَةُ هَذَا الْحَدِيثِ عِنْدَ الْحُفَّاظِ بِاجْتِمَاعِ هَذِهِ الطُّرُقِ أَنَّهُ لَا يَصْلُحُ لِلِاحْتِجَاجِ بِهِ عَلَى مَا عُرِفَ مِنْ قَوَاعِدِ الْحَدِيثِ ثُمَّ ذَكَرَ عَنْ الْحَافِظِ الدِّمْيَاطِيِّ أَنَّهُ صَحَّحَهُ ثُمَّ قَالَ: وَاشْتُهِرَ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ شَرِبَهُ لِلرَّمْيِ فَكَانَ يُصِيبُ مِنْ كُلِّ عَشَرَةٍ تِسْعَةً وَشَرِبَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَاكِمُ لِحُسْنِ التَّصْنِيفِ وَغَيْرِهِ فَكَانَ أَحْسَنَ عَصْرِهِ تَصْنِيفًا، وَلَا يُحْصَى كَمْ شَرِبَهُ مِنْ الْأَئِمَّةِ لِأُمُورٍ نَالُوهَا، وَقَدْ ذَكَرَ لَنَا الْحَافِظُ الْعِرَاقِيُّ أَنَّهُ شَرِبَهُ لِشَيْءٍ فَحَصَلَ لَهُ، وَأَنَا شَرِبْتُهُ مَرَّةً، وَأَنَا فِي بُدَاءَةِ طَلَبِ الْحَدِيثِ، وَسَأَلْتُ اللَّهَ أَنْ يَرْزُقنِي حَالَةَ الذَّهَبِيِّ فِي حِفْظِ الْحَدِيثِ ثُمَّ حَجَجْتُ بَعْدَ عِشْرِينَ سَنَةً، وَأَنَا أَجِدُ مِنْ نَفْسِي طَلَبَ الْمَزِيدِ عَلَى تِلْكَ الرُّتْبَةِ فَسَأَلْتُ مَرْتَبَةً أَعْلَى مِنْهَا فَأَرْجُو اللَّهَ أَنْ أَنَالَ ذَلِكَ، وَذَكَرَ الْحَكِيمُ التِّرْمِذِيُّ فِي نَوَادِرِ الْأُصُولِ عَنْ وَالِدِهِ أَنَّهُ كَانَ يَطُوفُ بِاللَّيْلِ وَاشْتَدَّتْ عَلَيْهِ الْإِرَاقَةُ، وَخَشِيَ إنْ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ أَنْ تَتَلَوَّثَ أَقْدَامُهُ بِأَذَى النَّاسِ، وَكَانَ فِي الْمَوْسِمِ فَتَوَجَّهَ إلَى زَمْزَمَ وَشَرِبَ مِنْ ذَلِكَ، وَرَجَعَ إلَى الطَّوَافِ قَالَ: فَلَمْ أَحُسَّ بِالْبَوْلِ حَتَّى أَصْبَحْت انْتَهَى. كَلَامُ ابْنِ حَجَرٍ (قُلْت:) وَهَذَا مِنْ الْغَرَائِبِ، فَإِنَّ مَاءَ زَمْزَمَ يَرُدُّ الْإِرَاقَةَ، كَمَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَنَحْوُ هَذَا مَا أَخْبَرَنِي بِهِ بَعْضُ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ أَصَابَهُ إسْهَالٌ فَشَرِبَ لَهُ مَاءَ زَمْزَمَ فَذَهَبَ مَعَ أَنَّ مَاءَ زَمْزَمَ يُطْلِقُ الْبَطْنَ غَالِبًا، وَقَدْ شَرِبْتُهُ لِأُمُورٍ فَحَصَلَ بَعْضُهَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَنَرْجُو مِنْ اللَّهِ حُصُولَ بَاقِيهَا، وَقَدْ شَرِبَهُ بَعْضُهُمْ لِعَطَشِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلَوْ أَرَدْنَا اسْتِقْصَاءَ مَا رُجِّحَ بِهِ هَذَا الْحَدِيثُ لَطَالَ الْكَلَامُ

، وَإِنَّمَا أَرَدْنَا التَّنْبِيهَ عَلَى بُطْلَانِ ذَلِكَ الْكَلَامِ الْمَوْضُوعِ أَعْنِي قَوْلَهُمْ «الْبَاذِنْجَانُ لِمَا أُكِلَ لَهُ» فَضْلًا عَنْ كَوْنِهِ أَصَحَّ مِنْ حَدِيثِ «مَاءُ زَمْزَمَ لِمَا شُرِبَ لَهُ» (الثَّالِثُ:) يُسْتَحَبُّ الْإِكْثَارُ مِنْ الطَّوَافِ أَيْضًا قَالَ فِي مُخْتَصَرِ الْوَاضِحَةِ فِي تَرْجَمَةِ الْعَمَلِ فِي الطَّوَافِ: فَإِذَا فَرَغْت مِنْ

ص: 116

السَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَارْجِعْ إلَى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَطُفْ بِالْبَيْتِ وَأَكْثِرْ مِنْ الطَّوَافِ مَاكِثًا مُقِيمًا بِمَكَّةَ، وَمِنْ الصَّلَاةِ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الْفَرِيضَةِ وَالنَّافِلَةِ انْتَهَى.

وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِّ فِي مَنَاسِكِهِ: وَتُكْثِرُ مِنْ الطَّوَافِ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ بِلَا رَمَلٍ، وَلَا تَسْعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَتُصَلِّي كُلَّ أُسْبُوعٍ رَكْعَتَيْنِ خَلْفَ الْمَقَامِ فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ كَثْرَةُ الطَّوَافِ مَعَ كَثْرَةِ الذِّكْرِ انْتَهَى.

وَنَقَلَهُ التَّادَلِيُّ أَيْضًا، وَقَالَ ابْنُ الْمُنِيرِ فِي حَاشِيَةِ الْبُخَارِيِّ وَبَسَطَهُ الدَّمَامِينِيُّ أَيْضًا فِي قَوْلِ الْبُخَارِيِّ بَابُ مَنْ لَمْ يَقْرَبْ الْكَعْبَةَ، وَلَمْ يَطُفْ أَيْ: طَوَافًا آخَرَ تَطَوُّعًا بَعْدَ طَوَافِ الْقُدُومِ وَمَشَى عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ رضي الله عنه فِي أَنَّهُ لَا يَتَنَفَّلُ بِطَوَافٍ بَعْدَ طَوَافِ الْقُدُومِ حَتَّى يُتِمَّ حَجَّهُ انْتَهَى مِنْ الدَّمَامِينِيِّ، وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَنُقِلَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ الْحَاجَّ لَا يَتَنَفَّلُ بِطَوَافٍ حَتَّى يُتِمَّ حَجَّهُ، وَعَنْهُ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ النَّافِلَةِ لِمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْبِلَادِ الْبَعِيدَةِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ انْتَهَى. فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَلِلسَّعْيِ شُرُوطُ الصَّلَاةِ)

ش: أَيْ: وَيُسْتَحَبُّ لِلسَّعْيِ شُرُوطُ الصَّلَاةِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ أَيْ: طَهَارَةُ الْحَدَثِ وَالْخُبْثِ، وَسَتْرُ الْعَوْرَةِ، وَأَمَّا اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ فَغَيْرُ مُمْكِنٍ وَاسْتَحَبَّ مَالِكٌ لِمَنْ انْتَقَضَ وُضُوءُهُ أَنْ يَتَوَضَّأَ وَيَبْنِيَ، فَإِنْ لَمْ يَتَوَضَّأْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ إنْ أَصَابَهُ حَقْنٌ، فَإِنَّهُ يَتَوَضَّأُ وَيَبْنِي انْتَهَى.

فَصَرِيحُ كَلَامِ مَالِكٍ أَنَّهُ إذَا انْتَقَضَ وُضُوءُهُ بِغَيْرِ الْحَقْنِ بَلْ بِرِيحٍ أَوْ مَسِّ ذَكَرٍ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ تَجْدِيدُ الْوُضُوءِ، وَقَالَ فِي النَّوَادِرِ عَنْ كِتَابِ مُحَمَّدٍ، وَإِنْ أَحْدَثَ فِي السَّعْيِ أَوْ ذَكَرَ أَنَّهُ غَيْرُ مُتَوَضِّئٍ، فَإِنْ أَتَمَّ سَعْيَهُ كَذَلِكَ أَجْزَأَهُ وَأَحَبُّ إلَيْنَا أَنْ يَتَوَضَّأَ ثُمَّ يَبْنِيَ، وَقَالَهُ مَالِكٌ ثُمَّ قَالَ بَعْدَهُ: وَمِنْ الْعُتْبِيَّةِ قَالَ مَالِكٌ: وَمَنْ أَحْدَثَ فِي سَعْيِهِ فَتَمَادَى فَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ، وَأَحْسَنُ ذَلِكَ أَنْ يَتَوَضَّأَ وَيُتِمَّ سَعْيَهُ انْتَهَى.

وَنَحْوُهُ فِي الطِّرَازِ عَنْ الْوَاضِحَةِ، وَقَالَ ابْنُ هَارُونَ فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ (فَإِنْ قُلْت:) السَّعْيُ يَصِحُّ مِنْ الْحَدَثِ وَالْمُوَالَاةُ وَاجِبَةٌ فِي السَّعْيِ فَكَيْفَ يَشْتَغِلُ بِالْوُضُوءِ الْمَنْدُوبِ، وَفِيهِ إخْلَالٌ بِالْمُوَالَاةِ الْوَاجِبَةِ؟ (قُلْت:) لَعَلَّ مُرَادَهُ بِالْوُضُوءِ أَنَّهُ يُزِيلُ الْحَقْنَ وَيَسْتَنْجِي لِقَوْلِ الزَّوَاوِيِّ: تَوَضَّأَ وُضُوءَ الْمَاءِ تَحْتَ إزَارِهِ وَاسْتَخَفَّ الْوُضُوءَ لِيَسَارَتِهِ (فَإِنْ قُلْت:) لِمَ بَنَى فِي السَّعْيِ بَعْدَ الْحَدَثِ بِخِلَافِ الطَّوَافِ؟ (فَالْجَوَابُ:) أَنَّ الْمُوَالَاةَ فِي الطَّوَافِ أَوْجَبُ مِنْهَا فِي السَّعْيِ، وَأَيْضًا الطَّوَافُ كَالصَّلَاةِ، وَالسَّعْيُ لَيْسَتْ الطَّهَارَةُ شَرْطًا فِيهِ، وَإِنَّمَا أُجِيزَ لِلْحَاقِنِ الْخُرُوجُ لِضَرُورَةِ زَوَالِ مَا بِهِ، فَإِذَا خَرَجَ أُمِرَ بِالْوُضُوءِ لِحَقْنِهِ لَا أَنَّهُ يُخْرِجُ لِأَجْلِ الْوُضُوءِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ أَحْدَثَ بِرِيحٍ فِي سَعْيِهِ مَضَى عَلَيْهِ انْتَهَى.

ص (وَخُطْبَةٌ بَعْدَ ظُهْرِ السَّابِعِ بِمَكَّةَ وَاحِدَةٌ) ش جَعَلَ رحمه الله كُلَّمَا يَذْكُرُهُ مِنْ قَوْلِهِ: وَنَدْبًا كَالْإِحْرَامِ بِ الْكَافِرُونَ وَالْإِخْلَاصِ إلَى آخِرِ الْفَصْلِ مُسْتَحَبَّاتٍ، وَفِيهَا سُنَنٌ مِنْهَا هَذِهِ، وَمَا بَعْدَهَا إلَى قَوْلِهِ: وَدُعَاءٌ وَتَضَرُّعٍ لِلْغُرُوبِ وَقَوْلُهُ: بَعْدَ ظُهْرِ السَّابِعِ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ، وَقَالَ فِي مُخْتَصَرِ الْوَقَارِ ضُحًى، وَقَالَ أَيْضًا فِي الْخُطْبَةِ الثَّالِثَةِ: يَخْطُبُ الْإِمَامُ مِنْ غَدٍ يَوْمِ النَّحْرِ ارْتِفَاعَ الضُّحَى انْتَهَى.

وَقَوْلُهُ: بِمَكَّةَ مَفْهُومُهُ أَنَّ هَذِهِ الْخُطْبَةَ لَا تَكُونُ بِغَيْرِ مَكَّةَ، وَقَدْ ذَكَرَ الشَّافِعِيَّةُ أَنَّ الْحَجِيجَ إذَا تَوَجَّهُوا لِعَرَفَةَ، وَلَمْ يَدْخُلُوا مَكَّةَ فَيُسْتَحَبُّ لِإِمَامِهِمْ أَنْ يَفْعَلَ، كَمَا فَعَلَ بِمَكَّةَ فَانْظُرْ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَوْلُهُ: وَاحِدَةٌ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي مَنَاسِكِهِ وَتَوْضِيحُهُ تَبَعًا لِابْنِ الْحَاجِبِ هُوَ الْمَشْهُورُ، وَمَا شَهَرَهُ هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمَوَّازِ عَزَاهُ لَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَالْقَاضِي سَنَدٌ وَعَزَيَا الْقَوْلَ بِالْجُلُوسِ فِي وَسَطِهِ لِابْنِ حَبِيبٍ عَنْ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ قَالَ سَنَدٌ عَقِبَهُ: وَهُوَ مُوَافِقٌ لِرِوَايَةِ الْمُدَوَّنَةِ، وَنَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ بَعْدَ ذِكْرِهِ الْخِلَافَ لَفْظَ الْمُدَوَّنَةِ فَقَالَ: وَفِي صَلَاتِهَا يَجْلِسُ فِي أَوَّلِ كُلِّ خُطْبَةٍ وَوَسَطِهَا انْتَهَى.

، وَمَا ذَكَرَهُ عَنْهَا فِي الصَّلَاةِ الثَّانِي فِي بَابِ الْخُطْبَةِ فَعُلِمَ أَنَّ الْقَوْلَ بِالْجُلُوسِ فِي وَسَطِهَا قَوِيٌّ، وَلَمْ يَذْكُرْ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ خِلَافًا هُنَاكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(تَنْبِيهَانِ الْأَوَّلُ:) قَالَ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ الْحَاجِّ: أَنَّهُ يَفْتَتِحُ هَذِهِ الْخُطْبَةَ بِالتَّلْبِيَةِ بِخِلَافِ

ص: 117

الْأَخِيرَتَيْنِ، وَعَنْ ابْنِ حَبِيبٍ عَنْ الْأَخَوَيْنِ أَنَّهُ يَفْتَتِحُ الْجَمِيعَ بِالتَّكْبِيرِ قَالَ التَّادَلِيُّ عَقِبَ نَقْلِهِ الْكَلَامَيْنِ: فَيَتَحَصَّلُ فِي تَعْيِينِ مَا يَفْتَتِحُ بِهِ الْخُطْبَةَ الْأُولَى قَوْلَانِ: هَلْ بِالتَّكْبِيرِ أَوْ بِالتَّلْبِيَةِ؟ انْتَهَى.

وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَحَلِّ الْخِلَافِ إذَا كَانَ الْإِمَامُ مُحْرِمًا، وَأَنَّ الْأَوْلَى لَهُ التَّلْبِيَةُ؛ لِأَنَّهَا مَشْرُوعَةٌ الْآن، وَهُوَ شِعَارُ الْمُحْرِمِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُحْرِمٍ فَيَتَعَيَّنُ التَّكْبِيرُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الثَّانِي:) قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي مَنَاسِكِهِ وَغَيْرِهِ: يَوْمُ السَّابِعِ وَيُسَمَّى يَوْمَ الزِّينَةِ، وَقَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي الْبَابِ الْخَامِسَ عَشْرَ: كَانُوا يَبْرُزُونَ فِيهِ تَبْرُزُ زِينَةُ الْمَحَامِلِ، وَجَلَّالَاتِ الْهَدَايَا انْتَهَى.

، وَقَالَ وَالِدِي: الظَّاهِرُ: أَنَّهُ إنَّمَا سُمِّيَ يَوْمَ الزِّينَةِ أَخْذًا مِنْ يَوْمِ الزِّينَةِ الْمَذْكُورِ فِي الْقُرْآنِ؛ لِأَنَّ الَّذِي صَرَّحَ بِهِ الْكَوَاشِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ أَنَّهُ يَوْمٌ كَانُوا يَتَزَيَّنُونَ فِيهِ وَيَجْتَمِعُونَ فِي كُلِّ سَنَةٍ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ السَّابِعُ يَوْمًا يَجْتَمِعُ فِيهِ كُلُّ مَنْ يُرِيدُ الْحَجَّ غَيْرَ الْمُرَاهِقِ سُمِّيَ يَوْمَ الزِّينَةِ، وَذَكَرَ ابْنُ الْحَاجِّ وَابْنُ فَرْحُونٍ فَصْلًا لِتَسْمِيَةِ أَيَّامِ الْحَجِّ فَلْيُرَاجِعْهُ مَنْ أَحَبَّهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَخُرُوجُهُ لِمِنًى قَدْرَ مَا يُدْرِكُ بِهِ الظُّهْرَ) ش يَنْبَغِي أَنْ يَقْرَأَ هُوَ، وَمَا بَعْدَهُ بِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى مَا قَبْلَهُ مِنْ الْمَنْدُوبَاتِ، وَيَعْنِي أَنَّ الْخُرُوجَ لِمِنًى يَكُونُ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ بِمِقْدَارِ مَا يُدْرِكُ بِهَا الظُّهْرَ وَيُسَمَّى يَوْمَ النُّقْلَةِ لِانْتِقَالِ النَّاسِ فِيهِ، وَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ وَاقِعَةٌ فِي عِبَارَةِ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ، وَالظَّاهِرُ: أَنَّ مُرَادَهُمْ بِقَوْلِهِمْ: قَدْرَ مَا يُدْرِكُ بِهَا الظُّهْرَ أَنْ يُدْرِكَ آخِرَ الْوَقْتِ الْمُخْتَارِ؛ لِأَنَّ فِي عِبَارَةِ كَثِيرٍ مِنْهُمْ يَرُوحُ بَعْدَ الزَّوَالِ، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: عِنْدَ الزَّوَالِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَنْ رَاحَ عِنْدَ الزَّوَالِ أَوْ بَعْدَهُ إنَّمَا يُدْرِكُ بِهَا آخِرَ الْوَقْتِ، وَمَنْ كَانَ بِهِ ضَعْفٌ أَوْ ثِقَلٌ بِحَيْثُ لَا يُدْرِكُ آخِرَ الْوَقْتِ الْمُخْتَارِ بِمِنًى إذَا خَرَجَ عِنْدَ الزَّوَالِ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ بِحَيْثُ يُدْرِكُ بِهَا آخِرَ الْوَقْتِ الْمُخْتَارِ إذْ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُؤَخِّرَهَا إلَى الْوَقْتِ الضَّرُورِيِّ قَالَ الشَّيْخُ يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ: فَإِذَا كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ خَرَجَ إلَى مِنًى ضُحًى فَيُقِيمُ بِهَا يَوْمًا وَلَيْلَةً ثُمَّ يَغْدُو إلَى عَرَفَاتٍ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَلَا بَأْسَ لِلضَّعِيفِ، وَمَنْ بِهِ عِلَّةٌ أَنْ يَغْدُوَ قَبْلَ ذَلِكَ انْتَهَى.

وَقَالَ الْجُزُولِيُّ: يَخْرُجُ مِنْ مَكَّةَ فِي الْيَوْمِ الثَّامِنِ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ بِمِقْدَارِ مَا يَصِلُ عِنْدَ الزَّوَالِ فَيُصَلِّي بِهَا الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ وَالصُّبْحَ انْتَهَى.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْخُرُوجَ لِمِنًى قَدْرَ مَا يُدْرِكُ بِهَا الظُّهْرَ ثُمَّ قَالَ: وَكَرِهَ التَّقَدُّمَ إلَى مِنًى قَبْلَ ذَلِكَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَلَى جِهَةِ الْأَوْلَى، وَلَوْ خَرَجَ قَبْلَ ذَلِكَ فِي يَوْمِ التَّرْوِيَةِ، وَإِنَّمَا يُكْرَهُ التَّقَدُّمُ قَبْلَ يَوْمِ التَّرْوِيَةِ قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: وَيَخْرُجُ إلَى مِنًى قُدُمًا يُدْرِكُ بِهَا الظُّهْرَ، ثُمَّ قَالَ: وَكُرِهَ التَّقَدُّمُ إلَى مِنًى قَبْلَ ذَلِكَ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: يَعْنِي أَنَّ مَالِكًا كَرِهَ التَّقَدُّمَ إلَى مِنًى قَبْلَ يَوْمِهَا، وَإِلَى عَرَفَةَ قَبْلَ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَإِنْ كَانَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ ظَاهِرًا فِي كَرَاهَةِ التَّقَدُّمِ إلَى مِنًى فِي أَوَّلِ يَوْمِهَا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ قَبْلَ ذَلِكَ إشَارَةٌ إلَى مَا تَقَدَّمَ، وَاَلَّذِي تَقَدَّمَ إنَّمَا هُوَ الْخُرُوجُ إلَى مِنًى بِقَدْرِ مَا يُدْرِكُ بِهَا الظُّهْرَ وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَنْ خَرَجَ أَوَّلَ النَّهَارِ مُتَقَدِّمٌ قَبْلَ هَذَا، وَمَا قُلْنَاهُ مِنْ قَصْرِ الْكَرَاهَةِ عَلَى الْيَوْمِ هُوَ نَصُّ قَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا انْتَهَى.

وَنَحْوُهُ فِي التَّوْضِيحِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَبَيَاتُهُ بِهَا) ش، فَإِنْ لَمْ يَبِتْ فَالْمَشْهُورُ لَا دَمَ عَلَيْهِ، وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: عَلَيْهِ الدَّمُ انْتَهَى مِنْ الْجُزُولِيِّ مِنْ بَابِ جُمَلٍ مِنْ الْفَرَائِضِ، وَنَقَلَهُ التَّادَلِيُّ

ص (وَسَيْرُهُ لِعَرَفَةَ بَعْدَ الطُّلُوعِ) ش تَصَوُّرُهُ ظَاهِرٌ قَالَ الْجُزُولِيُّ: ثُمَّ يَمْضِي إلَى عَرَفَاتٍ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَمْشِيَ عَلَى طَرِيقِ الْمَأْزِمَيْنِ، وَقَالَهُ فِي الْمَدْخَلِ والتِّلِمْسَانِيُّ فِي شَرْحِ الْجَلَّابِ وَعِنْدَ الْجُزُولِيِّ أَيْضًا مِنْ السُّنَنِ الَّتِي لَا تُوجِبُ الدَّمَ الْمُرُورُ بَيْنَ الْمَأْزِمَيْنِ فِي الذَّهَابِ وَالرُّجُوعِ قَالَ، وَهُمَا جَبَلَانِ يَقُولُ لَهُمَا الْحُجَّاجُ الْعَلَمَيْنِ.

ص (وَجَمَعَ بَيْنَ الظُّهْرَيْنِ) ش

ص: 118

قَالَ فِي مُخْتَصَرِ الْوَاضِحَةِ، وَلَا يَتَنَفَّلُ فِيهِمَا، وَإِنْ صَلَّى فِي رَحْلِهِ انْتَهَى.

وَقَالَ ابْنُ شَعْبَانَ فِي الزَّاهِي: وَيُصَلِّي الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ، وَيَجْمَعُ بَيْنَهُمَا، وَلَا يَتَنَفَّلُ ثُمَّ يُوتِرُ ثُمَّ يَبِيتُ انْتَهَى.

وَقَالَ الشَّبِيبِيُّ فِي الصَّلَوَاتِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا، وَالصَّلَاةِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي الْجَمْعِ بِعَرَفَةَ وَالْمُزْدَلِفَةِ وَلَيْلَةَ الْمَطَرِ انْتَهَى.

وَنَحْوُهُ فِي مُخْتَصَرِ الْوَقَارِ (تَنْبِيهٌ مُهِمٌّ) : قَالَ الْجُزُولِيُّ فِي بَابٍ جَامِعٍ فِي الصَّلَاةِ: الْمَشْهُورُ أَنَّ مَنْ فَاتَهُ الْجَمْعُ لَا يَجْمَعُ وَحْدَهُ، وَهُوَ غَرِيبٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَرُكُوبُهُ) ش قَالَ الشَّيْخُ يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ بِهِ مَا لَمْ يَضُرَّ بِمَرْكُوبِهِ، وَقَالَ ابْنُ هَارُونَ فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ: وَيَقِفُ عَلَى الدَّوَابِّ مَا لَمْ يَضُرَّ بِهَا انْتَهَى.

ص (ثُمَّ قِيَامٌ إلَّا لِتَعَبٍ) ش هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ فِي مُخْتَصَرِ الْوَقَارِ وَالرَّاكِبُ بِعَرَفَةَ وَالْجَالِسُ أَفْضَلُ مِنْ الْقَائِمِ انْتَهَى.

ص (وَصَلَاتُهُ بِمُزْدَلِفَةَ الْعِشَاءَيْنِ وَبَيَاتُهُ بِهَا) ش جَمْعُ الصَّلَاتَيْنِ بِمُزْدَلِفَةَ سُنَّةٌ، وَكَذَا الْمَبِيتُ بِهَا إلَى الصُّبْحِ، وَأَمَّا النُّزُولُ فَوَاجِبٌ؛ وَلِهَذَا قَالَ: وَإِنْ لَمْ يَنْزِلْ فَالدَّمُ.

ص (وَإِنْ لَمْ يَنْزِلْ فَالدَّمُ) ش قَالَ سَنَدٌ: النُّزُولُ الْوَاجِبُ يَحْصُلُ بِحَطِّ الرَّحْلِ وَالِاسْتِمْكَانِ مِنْ اللُّبْثِ انْتَهَى.

وَقَالَ الْمُصَنِّفُ فِي مَنَاسِكِهِ: وَالظَّاهِرُ: أَنَّهُ لَا يَكْفِي فِي النُّزُولِ إنَاخَةُ الْبَعِيرِ فَقَطْ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ حَطِّ الرِّحَالِ انْتَهَى.

(قُلْت:) وَهَذَا ظَاهِرٌ إذَا لَمْ يَحْصُلْ لُبْثٌ، أَمَّا لَوْ حَصَلَ اللُّبْثُ، وَلَمْ تُحَطُّ الرِّحَالُ فَالظَّاهِرُ: أَنَّ ذَلِكَ كَافٍ، كَمَا يَفْعَلُهُ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ وَغَيْرُهُمْ، فَإِنَّهُمْ يَنْزِلُونَ وَيُصَلُّونَ وَيَتَعَشَّوْنَ وَيَلْقُطُونَ الْجِمَارَ وَيَنَامُونَ سَاعَةً وَشَقَادِفُهُمْ عَلَى ظُهُورِ الْجِمَالِ نَعَمْ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ تَعْذِيبِ الْحَيَوَانِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(تَنْبِيهٌ:) وَاخْتُلِفَ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يُسْقِطُ النُّزُولُ فِيهِ الدَّمَ، فَقَالَ أَشْهَبُ: قَبْلَ الْفَجْرِ، وَإِنْ أَتَى بَعْدَ الْفَجْرِ فَعَلَيْهِ الدَّمُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ ضَعْفَةِ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ، وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إذَا أَتَى بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ، وَنَزَلَ بِهَا فَقَدْ أَدْرَكَ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلْيَقِفْ بِالْمَشْعَرِ مَا لَمْ يُسْفِرْ جِدًّا، وَإِنْ دَفَعَ الْإِمَامُ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ، وَذَكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ وَقَوْلًا ثَالِثًا أَنَّهُ لَا دَمَ فِي تَرْكِ النُّزُولِ بِالْمُزْدَلِفَةِ فَقَالَ، وَفِي وُجُوب الدَّمِ بِتَرْكِهِ النُّزُولَ بِهَا قَبْلَ الْفَجْرِ أَوْ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ ثَالِثُهَا: لَا دَمَ مُطْلَقًا، وَالْأَوَّلُ لِلشَّيْخِ عَنْ أَشْهَبَ قَائِلًا: وَلَوْ فِي ضَعْفَةِ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ وَالثَّانِي: لِابْنِ الْقَاسِمِ مَعَهَا وَالثَّالِثُ: لِلَّخْمِيِّ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ (قُلْت:) قَدْ يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ التَّوْضِيحِ وَابْنِ عَرَفَةَ أَنَّ مَنْ تَرَكَ النُّزُولَ لَيْلًا بِالْمُزْدَلِفَةِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ ثُمَّ جَاءَ بَعْدَ الْفَجْرِ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَإِنْ لَمْ يَصِلْ إلَى الْمُزْدَلِفَةِ إلَّا بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ فَعَلَيْهِ الدَّمُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ أَيْضًا، وَلَوْ كَانَ بِعُذْرٍ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ قَالَ فِي الطِّرَازِ: مَنْ ذَهَبَ إلَى عَرَفَاتٍ وَالْإِمَامُ بِمُزْدَلِفَةَ، فَإِنْ أَدْرَكَهُ قَبْلَ الصُّبْحِ أَوْ بَعْدَهُ، وَهُوَ وَاقِفٌ بِالْمَشْعَرِ وَقَفَ مَعَهُ، وَهُوَ قَوْلُ الْجَمِيعِ؛ لِأَنَّهُ أَدْرَكَ النُّسُكَ مَعَهُ، وَهَلْ عَلَيْهِ دَمٌ فِي فَوْتِهِ الْمَبِيتَ يُخْتَلَفُ فِيهِ فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ عَنْ أَشْهَبَ إنْ لَمْ يَنْزِلْ بِمُزْدَلِفَةَ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ فَعَلَيْهِ الْهَدْيُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ ضَعْفَةِ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ، وَهَذَا يُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ مَنْ لَمْ يَصِلْهَا مِنْ الضَّعَفَةِ أَوْ غَيْرِهِمْ حَتَّى أَصْبَحَ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ مَنْ جَازَ عَنْهَا إلَى مِنًى ثُمَّ عَلِمَ فَرَجَعَ فَلَمْ يُدْرِكْهَا أَوْ لَمْ يَرْجِعْ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ

وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إنْ نَزَلَ بِهَا بَعْدَ الْفَجْرِ مَا لَمْ تَطْلُعْ الشَّمْسُ فَهُوَ مُدْرِكٌ، وَلَا هَدْيَ عَلَيْهِ وَرَأَى أَشْهَبُ أَنَّ الْمَبِيتَ لَمَّا كَانَ وَاجِبًا لَمْ يَسْقُطْ إلَّا إلَى بَدَلٍ، وَهُوَ الْهَدْيُ وَاعْتِبَارًا بِمَنْ دَفَعَ مِنْ عَرَفَاتٍ مَعَ الْإِمَامِ فَنَزَلَ بِغَيْرِ الْمُزْدَلِفَةِ، وَلَمْ يَأْتِهَا حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرَ وَرَأَى ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّ الْمَبِيتَ سَقَطَ فِي حَقِّ هَذَا لِمَا تَعَذَّرَ عَلَيْهِ فَلَا يَلْزَمُ فِيهِ هَدْيٌ، كَمَا لَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ فِي فَقْدِ الْوُقُوفِ مَعَ الْإِمَامِ

ص: 119

بِعَرَفَةَ وَالدَّفْعِ مَعَهُ، فَإِنْ أَتَى هَذَا الْمُزْدَلِفَةَ، وَقَدْ طَلَعَتْ الشَّمْسُ قَالَ مَالِكٌ: يَمُرُّ إلَى مِنًى، وَلَا وُقُوفَ لَهُ، وَهُوَ قَوْلُ الْجَمِيعِ، وَلَا دَمَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ، كَمَا فِي تَرْكِ الْوُقُوفِ، وَعَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ يُهْدِي، فَإِنْ أَتَى قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ: يَقِفُ إنْ لَمْ يُسْفِرْ قَالَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ: يَقِفُ مَا لَمْ يُسْفِرْ جِدًّا، فَإِنْ دَفَعَ الْإِمَامُ وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَنْ بَاتَ مَعَ الْإِمَامِ بِالْمُزْدَلِفَةِ وَقَفَ مَعَهُ أَوْ لَمْ يَقِفْ، فَإِنَّهُ لَا يَلْبَثُ بَعْدَ دَفْعِ الْإِمَامِ، وَيَدْفَعُ بِدَفْعِهِ، وَهُوَ بَيِّنٌ، فَإِنَّ وَقْتَ الْوُقُوفِ مَا لَمْ تَطْلُعْ الشَّمْسُ كَوَقْتِ صَلَاةِ الصُّبْحِ فَالْإِمَامُ يَنْفِرُ فِي بَقِيَّةٍ مِنْ الْوَقْتِ، وَلَا يَنْتَظِرُ طُلُوعَ الشَّمْسِ، فَإِذَا دَفَعَ مِنْ ائْتَمَّ بِهِ، وَمَنْ لَمْ يَبِتْ مَعَهُ خَارِجٌ عَنْ ذَلِكَ، وَنَظِيرُهُ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ، فَإِنَّ الْإِمَامَ يَدْفَعُ مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ، وَوَقْتُهُ إلَى آخِرِ اللَّيْلِ انْتَهَى.

(قُلْت:) فَتَحَصَّلَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ مَنْ تَرَكَ النُّزُولَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ لَزِمَهُ الدَّمُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ أَيْضًا، وَمَنْ تَرَكَهُ لِعُذْرٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَلَوْ جَاءَ بَعْدَ الشَّمْسِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَجَمْعٌ وَقَصْرٌ إلَّا لِأَهْلِهَا كَمِنًى وَعَرَفَةَ) ش ظَاهِرُهُ: أَنَّ أَهْلَ مُزْدَلِفَةَ لَا يُجْمِعُونَ، وَلَا يَقْصُرُونَ، وَأَنَّهُمْ يُصَلُّونَ الْمَغْرِبَ فِي وَقْتِهَا وَالْعِشَاءَ فِي وَقْتِهَا، وَكَذَا أَهْلُ عَرَفَةَ لَا يُجْمِعُونَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، وَلَا يَقْصُرُونَ، وَهُوَ ظَاهِرٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْقَصْرِ، وَأَمَّا الْجَمْعُ، فَإِنَّهُمْ يُجْمِعُونَ قَالَ الشَّيْخُ بَهْرَامُ فِي الْوَسَطِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ إلَّا أَهْلُهَا أَيْ: أَهْلُ مُزْدَلِفَةَ، فَإِنَّهُمْ لَا يَقْصُرُونَ شَيْئًا، وَهَذَا حُكْمُ مَنْ فِي مِنًى وَعَرَفَةَ مِنْ الْجَمْعِ وَالْقَصْرِ وَعَدَمِهِ وَحَاصِلُهُ: أَنَّ أَهْلَ كُلِّ مَوْضِعٍ يُتِمُّونَ بِهِ وَيَقْصُرُونَ فِيمَا عَدَاهُ هُنَا انْتَهَى.

، وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ: ضَابِطُهُ: أَنَّ أَهْلَ كُلِّ مَكَان يُتِمُّونَ بِهِ وَيَقْصُرُونَ فِيمَا عَدَاهُ فَيُتِمُّ أَهْلُ عَرَفَةَ بِهَا وَيَقْصُرُونَ بِمِنًى وَمُزْدَلِفَةَ وَيُتِمُّ أَهْلُ مُزْدَلِفَةَ بِهَا وَيَقْصُرُونَ بِعَرَفَةَ وَمِنًى وَيُتِمُّ أَهْلُ مِنًى بِهَا وَيَقْصُرُونَ فِي عَرَفَاتٍ وَمُزْدَلِفَةَ انْتَهَى.

وَقَالَ سَنَدٌ فِي آخِرِ كِتَابِ الصَّلَاةِ الثَّانِي: وَقَالَ بَعْدَهُ: وَهَذَا مُجْمَعٌ عَلَيْهِ يُرِيدُ عِنْدَ أَهْلِ الْمَذْهَبِ، وَنَحْوُ ذَلِكَ فِي الْجَلَّابِ، وَفِي الْإِكْمَالِ: وَلَا خِلَافَ أَنَّ الْحَاجَّ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ مَكَّةَ يَقْصُرُونَ بِمِنًى وَعَرَفَةَ، وَكَذَلِكَ عِنْدَ مَالِكٍ حُكْمُ الْحَاجِّ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ يَقْصُرُونَ بِعَرَفَةَ وَمِنًى لِتَقْصِيرِهِمْ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَكَذَلِكَ أَهْلُ عَرَفَةَ وَمِنًى بِمَكَّةَ لِخُطْبَةِ عُمَرَ أَهْلُ مَكَّةَ بِالتَّمَامِ دُونَهُمْ وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَجَمَاعَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ إلَى أَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ بِمِنًى وَعَرَفَةَ وَأَهْلَ عَرَفَةَ وَمِنًى بِمَكَّةَ يُتِمُّونَ كَغَيْرِ الْحَاجِّ مِنْهُمْ؛ إذْ لَيْسَ فِي الْمَسَافَةِ مُدَّةُ قَصْرِ الصَّلَاةِ، وَحُجَّتُنَا مَا تَقَدَّمَ مِنْ السُّنَّةِ وَالْإِتْبَاعِ، وَلِأَنَّ فِي تَكْرَارِ مَشَاعِرِ الْحَجِّ وَمَنَاسِكِهِ مِقْدَارَ الْمَسَافَةِ الَّتِي فِيهَا قَصْرُ الصَّلَاةِ عِنْدَ الْجَمِيعِ انْتَهَى.

وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ فِي بَابِ قَصْرِ الصَّلَاةِ بِمِنًى: وَعِنْدَ مَالِكٍ أَنَّ حُكْمَ الْحَاجِّ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ أَنَّهُمْ يَقْصُرُونَ بِمِنًى وَبِعَرَفَاتٍ، وَكَذَلِكَ أَهْلُ عَرَفَةَ بِمِنًى وَمَكَّةَ يَقْصُرُونَ، وَخَالَفَهُ فِي ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ ثُمَّ قَالَ: فَأَمَّا أَهْلُ تِلْكَ الْمَوَاضِعِ فَلَا خِلَافَ أَحْسَبُهُ فِي أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يُتِمُّ بِمَوْضِعِهِ، وَإِنْ شَرَعَ فِي عَمَلِ الْحَجِّ؛ لِأَنَّهُمْ فِي أَهْلِيهِمْ انْتَهَى.

وَقَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَيُتِمُّ أَهْلُ مِنًى بِمِنًى وَأَهْلُ عَرَفَةَ بِعَرَفَةَ وَكُلُّ مَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِهَا فَلِيَقْصُرْ الصَّلَاةَ بِهَا قَالَ ابْنُ هَارُونَ: يُرِيدُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْإِمَامُ مِنْ أَهْلِ عَرَفَةَ، وَلَا مِنًى، فَإِنْ كَانَ مِنْهَا، وَأَتَمَّ، وَأَتَمَّ النَّاسُ مَعَهُ، وَكَرِهَ مَالِكٌ أَنْ يَكُونَ بِغَيْرِهَا مِنْ أَهْلِهَا؛ لِأَنَّهُ يُغَيِّرُ سُنَّةَ الْقَصْرِ، وَفِي الْإِكْمَالِ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَالْأَوْزَاعِيِّ أَنَّ الْحَاجَّ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ مُطْلَقًا إلَّا أَهْلَ مَكَّةَ بِمَكَّةَ وَأَهْلَ مِنًى بِمِنًى وَأَهْلَ عَرَفَةَ بِعَرَفَةَ إلَّا الْإِمَامَ، فَإِنَّهُ يَقْصُرُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ سَكَّانِ هَذِهِ الْمَوَاضِعِ ثُمَّ قَالَ: وَفِيمَا حَكَاهُ عَنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ نَظَرٌ انْتَهَى.

وَوَجْهُ النَّظَرِ وَاضِحٌ؛ لِأَنَّهُ نَصَّ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى خِلَافِهِ قَالَ: وَلَا أُحِبُّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ عَرَفَةَ، فَإِنْ كَانَ مِنْهَا أَتَمَّ الصَّلَاةَ بِهَا قَالَ ابْنُ هَارُونَ: يُرِيدُ وَيُتِمُّ النَّاسُ انْتَهَى.

وَمَا نَقَلَهُ عَنْ الْإِكْمَالِ هُوَ فِي كِتَابِ الْحَجِّ مِنْهُ، وَنَصُّهُ: ذَهَبَ مَالِكٌ إلَى أَنَّ الْحَاجَّ الْمَكِّيَّ يَقْصُرُ، وَلَا يَقْصُرُ الْعَرَفِيُّ بِعَرَفَةَ، وَلَا الْمَنْوِيَّ بِمِنًى إلَّا أَنْ يَكُونَ إمَامًا، فَإِنَّهُ يَقْصُرُ، وَذَهَبَ بَعْضُ السَّلَفِ إلَى أَنَّ

ص: 120

الْجَمِيعَ يُتِمُّونَ؛ إذْ لَيْسُوا عَلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ انْتَهَى.

وَانْظُرْ قَوْلَهُ: وَذَهَبَ بَعْضُ السَّلَفِ إلَى أَنَّ الْجَمِيعَ يَقْصُرُونَ مَعَ قَوْلِ الْقُرْطُبِيِّ الْمُتَقَدِّم، وَلَا خِلَافَ أَحْسَبُهُ فِي أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يُتِمُّ بِمَوْضِعِهِ، وَإِنْ شَرَعَ فِي عَمَلِ الْحَجِّ؛ لِأَنَّهُمْ فِي أَهْلِيهِمْ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

، وَنَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ الْبَاجِيِّ أَنَّ الْعَرَفِيَّ لَا يُقَصِّرُ بَعْدَ رُجُوعِهِ مِنْ عَرَفَةَ وَنَصُّ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ: وَيَقْصُرُ كُلُّ حَاجٍّ حَتَّى الْمَكِّيُّ إلَّا الْمَنْوِيَّ وَالْعَرَفِيَّ بِمَحِلِّهِمَا الْبَاجِيُّ؛ لِأَنَّ عَمَلَ الْحَجِّ إنَّمَا يَتِمُّ فِي أَكْثَرَ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ مَعَ لُزُومِ الِانْتِقَالِ مِنْ مَحَلٍّ لِآخَرَ، وَلِأَنَّ الْخُرُوجَ مِنْ مَكَّةَ لِعَرَفَةَ وَالرُّجُوعَ لَهَا وَاجِبٌ لَازِمٌ فَلَفَّقَ وَلِذَا لَا يَقْصُرُ عَرَفِيٌّ بَعْدَ وُقُوفِهِ وَتَوَجُّهِهِ لِمَكَّةَ وَمِنًى؛ لِأَنَّ رُجُوعَهُ لِعَرَفَةَ لِوَطَنِهِ فَلَا يَضُمُّ انْتَهَى.

وَاَلَّذِي فِي كَلَامِ الْبَاجِيِّ أَنَّهُ عَلَّلَ قَصْرَ الْحَاجِّ بِثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا: أَنَّ عَمَلَ الْحَاجِّ لَا يَنْقَضِي إلَّا فِي أَكْثَرَ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَالثَّانِي: أَنَّ مِنْ مَكَّةَ إلَى عَرَفَةَ، وَمِنْ عَرَفَةَ إلَى مَكَّةَ قَدْرَ مَا تَقْصُرُ فِيهِ الصَّلَاةُ، وَيَلْزَمُ الذَّهَابُ وَالْإِيَابُ بِالشُّرُوعِ وَالثَّالِثُ: أَنَّ الْحَاجَّ مِنْ مَكَّةَ لَا يَصِحُّ مِنْهُ نِيَّةٌ إلَّا بِأَنْ يَنْوِيَ الرُّجُوعَ إلَى مَكَّةَ لِلطَّوَافِ فَصَارَ سَفَرُهُ لَا يَصِحُّ إلَّا بِأَنْ يَجْمَعَ عَلَى مَسِيرِ مَا تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ، وَعَلَى هَذَيْنِ التَّوْجِيهَيْنِ لَا يَقْصُرُ الْعَرَفِيُّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْوِي مَسَافَةَ قَصْرٍ انْتَهَى مِنْ كِتَابِ الصَّلَاةِ أَكْثَرُهُ بِالْمَعْنَى.

فَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَمْ يَجْزِمْ بِهِ وَإِنَّمَا ذَكَرَ أَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى عَلَى التَّوْجِيهَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ، وَالتَّوْجِيهَانِ غَيْرُ مُسَلَّمَيْنِ، فَإِنَّهُمَا مَبْنِيَّانِ عَلَى أَنَّ مِنْ مَكَّةَ إلَى عَرَفَةَ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ مِيلًا، وَلَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ، وَالْحِسُّ يُخَالِفُهُ وَأَيْضًا، فَإِنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّ الْقَصْرَ فِي ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ بِالسُّنَّةِ وَأَيْضًا، فَإِنَّمَا يُتِمُّ مَا ذَكَرَهُ إلَّا إذَا كَانَ الْعَرَفِيُّ مُقِيمًا بِعَرَفَةَ، وَلَمْ يَتَوَجَّهْ إلَى مَكَّةَ لِيَخْرُجَ مَعَ النَّاسِ، كَمَا هُوَ الْأَوْلَى، وَقَدْ نَقَلَ الْبَاجِيُّ بَعْدَ ذَلِكَ عَنْ سَمَاعِ عِيسَى خِلَافَ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ وَقَعَ فِي رَسْمِ الْقُطْعَانِ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ الصَّلَاةِ مَا نَصُّهُ: وَسُئِلَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ أَهْلِ مِنًى، هَلْ يَقْصُرُونَ إذَا أَرَادُوا الْإِفَاضَةَ وَأَهْلَ عَرَفَةَ؟ فَقَالَ: أَمَّا أَهْلُ عَرَفَةَ فَيَقْصُرُونَ، وَلَا يَقْصُرُ أَهْلُ مِنًى قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَكُلُّ مَنْ كَانَ بِمِنًى يَقْصُرُ، فَإِذَا أَفَاضَ قَصَرَ، وَكُلُّ مَنْ كَانَ بِمِنًى يُتِمُّ، فَإِذَا أَفَاضَ أَتَمَّ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: قَوْلُهُ فِي الْمَنْوِيِّ صَحِيحٌ لِقُرْبِ مَا بَيْنَ مَكَّةَ وَمِنًى وَقَوْلُهُ فِي الْعَرَفِيِّ صَحِيحٌ أَيْضًا عَلَى قِيَاسِ قَوْلِهِ: إنَّهُمْ يَقْصُرُونَ بِمِنًى؛ لِأَنَّهُمْ إذَا كَانُوا يَقْصُرُونَ بِمِنًى فَهُمْ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى يَرْجِعُوا إلَى وَطَنِهِمْ بِعَرَفَةَ، وَفِي قَوْلِهِ: إنَّهُمْ يَقْصُرُونَ بِمِنًى نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا قَالَ: إنَّهُمْ يَقْصُرُونَ بِمِنًى قِيَاسًا عَلَى الْمَكِّيِّ، وَذَلِكَ إنَّمَا فِيهِ الِاتِّبَاعُ لِلرَّسُولِ لِتَقْصِيرِهِ فِيهِمَا، وَلَا يَتَعَدَّى بِالسُّنَّةِ مَوْضِعَهَا إذَا لَمْ تَكُنْ مُوَافَقَةً لِلْأُصُولِ، وَلَا سِيَّمَا، وَقَدْ قِيلَ: إنَّهُ عليه السلام لَمْ يَكُنْ مُقِيمًا بِمَكَّةَ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَهْلُ الْعِرَاقِ فَلَمْ يُجِيزُوا لِلْمَكِّيِّ التَّقْصِيرَ، وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ: وَكُلُّ مَنْ كَانَ بِمِنًى يَقْصُرُ، فَإِذَا أَفَاضَ قَصَرَ مِثْلَ قَوْلِهِ أَوَّلًا أَمَّا أَهْلُ عَرَفَةَ فَيَقْصُرُونَ؛ لِأَنَّ أَهْلَ عَرَفَةَ عِنْدَهُ يَقْصُرُونَ بِمِنًى عَلَى مَا تَقَدَّمَ، وَوَقَعَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ: وَكُلُّ مَنْ كَانَ بِعَرَفَةَ يَقْصُرُ، فَإِذَا أَفَاضَ قَصَرَ، وَهُوَ غَلَطٌ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ يَتَنَاقَضُ بِذَلِكَ مِنْ أَجْلِ أَنَّ أَهْلَ مِنًى يَقْصُرُونَ بِعَرَفَةَ، وَهُوَ قَدْ قَالَ: إنَّهُمْ يُتِمُّونَ إذَا أَفَاضُوا انْتَهَى.

فَنَقَلَ الْبَاجِيُّ أَوَّلَ الْمَسْأَلَةِ إلَى قَوْلِهِ: وَلَا يَقْصُرُ أَهْلُ مِنًى، وَقَالَ فِي تَوْجِيهِهِمَا مَا نَصُّهُ: وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْمَنْوِيَّ بَعْدَ الْإِفَاضَةِ يَرْجِعُ إلَى وَطَنِهِ، وَيَرْجِعُ إلَى وَطَنِهِ فِي مَسَافَةِ إتْمَامٍ، وَالْعَرَفِيُّ يُفِيضُ مِنْ مَكَّةَ إلَى غَيْرِ وَطَنِهِ لِإِتْمَامِ حَجِّهِ، فَإِذَا رَجَعَ مِنْ مِنًى بَعْدَ انْقِضَاءِ حَجِّهِ لَمْ يَقْصُرْ إلَى عَرَفَةَ لِمَا ذَكَرْنَاهُ انْتَهَى.

وَقَدْ نَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ هَذَا السَّمَاعَ وَبَعْضَ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ عَلَيْهِ، وَكَلَامَ الْبَاجِيِّ أَيْضًا، وَلَمْ يَبْحَثْ فِيهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَلَا يَدْخُلُ فِي قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَكُلُّ مَنْ كَانَ بِمِنًى يَقْصُرُ، فَإِنَّهُ يَقْصُرُ إذَا أَفَاضَ الْمَكِّيُّ، وَالْمُقِيمُ بِمَكَّةَ إذَا وَصَلَا إلَيْهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مَعْلُومٌ لِرُجُوعِهِمَا إلَى وَطَنِهِمَا، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الشَّخْصَ لَا يَقْصُرُ فِي وَطَنِهِ، وَوَقَعَ فِي رَسْمٍ شَكٌّ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الصَّلَاةِ مَا نَصُّهُ: وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ الرَّجُلِ يَنْصَرِفُ مِنْ مِنًى إلَى مَكَّةَ، وَهُوَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ فَتُدْرِكُهُ الصَّلَاةُ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إلَى مَكَّةَ أَتَرَى أَنْ

ص: 121

يُتِمَّ الصَّلَاةَ؟ قَالَ نَعَمْ وَأَهْلُ الْمُحَصَّبِ يُتِمُّونَ وَرَاءَهُمْ مِثْلَهُمْ وَأَرَى أَنْ يُحَصِّبَ النَّاسُ بِالْمُحَصَّبِ حَتَّى يُصَلُّوا الْعِشَاءَ.

وَقَدْ حَصَّبَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ قَالَ لِي بَعْدَ ذَلِكَ: أَرَى أَنْ يُصَلُّوا رَكْعَتَيْنِ حِينَ يَنْزِلُونَ بِالْمُحَصَّبِ إذَا أَدْرَكَهُمْ الْوَقْتُ فِيمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَمِنًى، وَإِنْ تَأَخَّرُوا بِمِنًى فَلْيُصَلُّوا رَكْعَتَيْنِ، وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَقَوْلُهُ: الْأَوَّلُ: أَعْجَبُ إلَيَّ أَنْ يُتِمُّوا حَتَّى يَأْتُوا الْمُحَصَّبَ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: أَمَّا مَنْ قَدِمَ مَكَّةَ، وَلَمْ يَنْوِ الْمُقَامَ بِهَا أَرْبَعًا حَتَّى خَرَجَ إلَى الْحَجِّ فَلَا اخْتِلَافَ فِي أَنَّهُ يَقْصُرُ بِمِنًى.

وَفِي جَمِيعِ مَوَاطِنِ الْحَجِّ؛ لِأَنَّهُ مُسَافِرٌ بَعُدَ عَلَى حَالِهِ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيمَنْ نَوَى الْإِقَامَةَ بِمَكَّةَ أَوْ كَانَ مِنْ أَهْلِهَا فَخَرَجَ إلَى الْحَجِّ فَقِيلَ: إنَّهُ يُتِمُّ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي سَفَرٍ تُقْصَرُ فِي مِثْلِهِ الصَّلَاةُ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَهْلِ الْعِرَاقِ، وَقِيلَ: إنَّهُ يَقْصُرُ؛ لِأَنَّهَا مَنَازِلُ السَّفَرِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ سَفَرًا تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ، وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ مَالِكٌ، وَدَلِيلُهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدِمَ مَكَّةَ صَبِيحَةَ رَابِعَةٍ مِنْ ذِي الْحَجَّةِ فَأَقَامَ بِمَكَّةَ إلَى يَوْمِ التَّرْوِيَةِ، وَذَلِكَ أَرْبَعُ لَيَالٍ ثُمَّ خَرَجَ فَقَصَرَ بِمِنًى فَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُ مَالِكٍ فِي أَنَّهُ يَقْصُرُ بِمِنًى وَعَرَفَةَ، وَفِي جَمِيعِ مَوَاطِنِ الْحَجِّ إلَّا فِي رُجُوعِهِ مِنْ مِنًى إلَى مَكَّةَ بَعْدَ انْقِضَاءِ حَجِّهِ إذَا نَوَى الْإِقَامَةَ بِمَكَّةَ أَوْ كَانَ مِنْ أَهْلِهَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ.

فَكَانَ أَوَّلًا يَقُولُ: إنَّهُ يُتِمُّ مُرَاعَاةً لِقَوْلِ مَنْ يَرَى أَنَّهُ يُتِمُّ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ: يَقْصُرُ حَتَّى يَأْتِيَ مَكَّةَ بِنَاءً عَلَى أَصْلِهِ فِي أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْقَصْرِ دُونَ مُرَاعَاةٍ لِقَوْلِ غَيْرِهِ، وَكَذَلِكَ اخْتَلَفَ فِي ذَلِكَ اخْتِيَارُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَسَتَأْتِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي رَسْمِ الشَّرِيكَيْنِ، وَفِي رَسْم الْمُحْرِمِ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ انْتَهَى.

وَنَصُّ مَا فِي رَسْمِ الشَّرِيكَيْنِ: وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ أَهْلِ مِنًى إذَا انْصَرَفُوا فَأَدْرَكَهُمْ الْوَقْتُ، وَلَمْ يَبْلُغُوا الْأَبْطَحَ، وَلَا مَكَّةَ فِيمَا بَيْنَ مِنًى وَمَكَّةَ، وَهُمْ يُرِيدُونَ أَنْ تَكُونَ لَهُمْ إقَامَةٌ وَعَنْ أَهْلِ مَكَّةَ إذَا أَدْرَكَهُمْ - فِي ذَلِكَ - الْوَقْتُ قَالَ مَالِكٌ: مَنْ انْصَرَفَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ مِنْ مِنًى إلَى مَكَّةَ فَأَدْرَكَهُ الْوَقْتُ وَخَافَ ذَهَابَ الْوَقْتِ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ فَأَنَا أَرَى أَنْ يُصَلِّيَ أَرْبَعًا؛ لِأَنَّ صَلَاةَ مِنًى قَدْ انْقَطَعَتْ، وَلَا يَكُونُ فِي مِيلَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ مَا تَقْصُرُ فِيهِ الصَّلَاةُ قَالَ مَالِكٌ: وَمَنْ أَقَامَ مِنْهُمْ بِمِنًى لِيَخِفَّ النَّاسُ وَيَذْهَبَ زِحَامُهُمْ قَالَ: أَرَى أَنْ يُتِمَّ الصَّلَاةَ، وَإِنْ كَانَ بِمَكَّةَ.

وَأَرَى أَهْلَ الْآفَاقِ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ يُرِيدُ الْإِقَامَةَ بِمَكَّةَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ، فَإِنَّهُ يَقْتَدِي بِأَهْلِ مَكَّةَ فِي ذَلِكَ، وَمَنْ أَقَامَ لِزِحَامٍ، وَمَنْ خَافَ فَوَاتَ الْوَقْتِ فِيمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَمِنًى أَنْ يُصَلِّيَ أَرْبَعًا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: ثُمَّ قَالَ لِي مَالِكٌ: رَكْعَتَيْنِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَوْلُهُ الْأَوَّلُ: أَعْجَبُ إلَيَّ قَالَ أَصْبَغَ: رَجَعَ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَقَالَ قَوْلُهُ: الْآخَرُ أَعْجَبُ إلَيَّ قَالَ أَصْبَغُ، وَبِهِ أَقُولُ: إنَّهُ يَقْصُرُ حَتَّى يَأْتِيَ مَكَّةَ، وَقَالَ سَحْنُونٌ مِثْلَهُ انْتَهَى.

وَلَمْ يَتَكَلَّمْ عَلَيْهَا ابْنُ رُشْدٍ بِشَيْءٍ بَلْ قَالَ: تَقَدَّمَ الْقَوْلُ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي رَسْمِ شَكٍّ يُشِيرُ إلَى كَلَامِهِ الْمُتَقَدِّمِ، وَنَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مُخْتَصَرَةً فَقَالَ: وَسَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ رُجُوعَ مَالِكٍ عَنْ إتْمَامِ الْمَكِّيِّ وَنَاوِي الْإِقَامَةِ بِمَكَّةَ وَالْمُحَصَّبِيِّ فِي رُجُوعِهِمْ إلَى مَكَّةَ وَمُقَامِهِمْ بِمِنًى لِيَخِفَّ النَّاسُ إلَى قَصْرِهِمْ حَتَّى يَصِلُوا الْمُحَصَّبَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَالْأَوَّلُ أَعْجَبُ إلَى الْعُتْبِيِّ عَنْ أَصْبَغَ رَجَعَ فَقَالَ الْآخَرُ أَعْجَبُ إلَيَّ.

وَقَالَهُ أَصْبَغُ وَسَحْنُونٌ، وَنَقَلَهُ الْبَاجِيُّ فِي الْمَكِّيِّ وَالْمَنْوِيِّ فَقَطْ، وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُحَصَّبِيَّ وَصَرَّحَ بِتَقْصِيرِهِمَا بِالْمُحَصَّبِ قَالَ: وَالْقَوْلَانِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ التَّحْصِيبَ مَشْرُوعٌ أَوَّلًا قَالَ: وَيَلْزَمُ قَصْرَ الْمَنْوِيِّ فِي رُجُوعِهِ مِنْ مَكَّةَ لِمِنًى؛ لِأَنَّهُ بَقِيَ عَلَيْهِ عَمَلٌ مِنْ الْحَجِّ ثُمَّ ذَكَرَ عَنْ الْمَازِرِيِّ بَحْثًا مَعَ الْبَاجِيِّ فِي تَعْلِيلِ الْقَوْلَيْنِ وَرَدَّهُ ثُمَّ رَدَّ عَلَى الْبَاجِيِّ قَوْلَهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ قَصْرُ الْمَنْوِيِّ فِي رُجُوعِهِ مِنْ مَكَّةَ لِمِنًى؛ لِأَنَّهُ بَقِيَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ عَمَلِ الْحَجِّ، فَإِنَّ الْعَمَلَ الْمَذْكُورَ هُوَ فِي وَطَنِهِ، وَالتَّحْصِيبُ خَارِجٌ عَنْ وَطَنِهِ ثُمَّ اعْتَرَضَ عَلَيْهِ فِي قَوْلِهِ: يَقْصُرَانِ بِالْمُحَصَّبِ، فَإِنَّهُ جَمَعَ فِي الرِّوَايَةِ مَعَهُمَا الْمُحَصَّبِيُّ، وَذَلِكَ: يَمْنَعُ دُخُولَ مَا بَعُدَ حَتَّى فِيمَا قَبْلَهَا انْتَهَى.

يَعْنِي فِي قَوْلِهِ: فِي الرِّوَايَةِ حَتَّى يَصِلُوا إلَى الْمُحَصَّبِ، وَلَمْ أَقِفْ فِي كَلَامِ الْبَاجِيِّ عَلَى مَا ذَكَرَهُ أَعْنِي قَوْلَهُ: وَيَقْصُرَانِ بِالْمُحَصَّبِ، وَمَا نَقَلَهُ عَنْ السَّمَاعِ، وَأَنَّ فِيهِ حَتَّى يَصِلُوا الْمُحَصَّبَ لَعَلَّهُ فِي نُسْخَتِهِ، وَاَلَّذِي رَأَيْتُهُ حِينَ يَنْزِلُونَ، وَهُوَ الَّذِي يُفْهَمُ مِنْ

ص: 122

النَّوَادِرِ بَلْ صَرِيحُهَا وَنَصُّهُ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ: الرَّابِعُ: فِي تَرْجَمَةِ صَلَاةِ الْمَكِّيِّ وَالْمَنْوِيِّ فِي مَسِيرِهِمْ إلَى عَرَفَةَ، وَمِنْ كِتَابِ الْعُتْبِيِّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: قَالَ مَالِكٌ: مَنْ انْصَرَفَ مِنْ الْمَكِّيِّينَ، وَأَهْلِ مِنًى مِنْ مِنًى فَأَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إلَى مَكَّةَ فَلْيُتِمَّ، وَكَذَلِكَ مَنْ نَزَلَ بِالْمُحَصَّبِ وَلْيُقِيمُوا حَتَّى يُصَلُّوا الْعِشَاءَ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ: أَرَى أَنْ يُصَلُّوا رَكْعَتَيْنِ فِي نُزُولِهِمْ بِالْمُحَصَّبِ أَوْ إنْ تَأَخَّرُوا بِمِنًى يُرِيدُ مِنْ الْمَكِّيِّينَ لِزِحَامٍ وَنَحْوِهِ وَاخْتَلَفَ فِي ذَلِكَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَإِلَى آخِرِ قَوْلَيْهِ رَجَعَ، وَبِهِ قَالَ سَحْنُونٌ وَأَصْبَغُ، وَكَذَلِكَ فِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ فِيمَنْ تَخَلَّفَ بِمِنًى يُرِيدُ مِنْ الْمَكِّيِّينَ لِزِحَامٍ أَوْ غَيْرِهِ تَحْضُرُهُ الصَّلَاةُ بِهَا أَوْ فِي طَرِيقِهِ فَقَالَ مَالِكٌ: يُتِمُّ ثُمَّ قَالَ: يَقْصُرُ، ثُمَّ قَالَ: يُتِمُّ وَبِالْإِقْصَارِ أَخَذَ ابْنُ الْقَاسِمِ بَعْدَ أَنْ اخْتَلَفَ فِيهِ قَوْلُهُ: وَقَالَهُ أَصْبَغُ، وَمِنْ كِتَابِ الْعُتْبِيِّ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَكِّيِّ يُقِيمُ بِمِنًى لِيَخِفَّ النَّاسُ فَلْيُتِمَّ بِمِنًى، وَكَذَلِكَ مَنْ نَوَى الْإِقَامَةَ مِنْ أَهْلِ الْآفَاقِ بِمَكَّةَ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ، وَكَذَلِكَ مَنْ خَافَ مِنْهُمْ فَوَاتَ الْوَقْتِ فِيمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَمِنًى صَلَّى أَرْبَعًا قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: أَرَاهُ يُرِيدُ فِيمَنْ تَقَدَّمَ لَهُ مَقَامُ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ بِمَكَّةَ بِنِيَّةٍ انْتَهَى.

، وَقَالَ فِي آخِرِ تَرْجَمَةٍ مِنْ كِتَابِ الْحَجِّ الْأَوَّلِ، وَمِنْ كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ وَالْعُتْبِيَّةِ، وَهُوَ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ أَيْضًا، قَالَ أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ: وَمَنْ أَقَامَ بِمِنًى آخِرَ أَيَّامِ الرَّمْيِ بَعْدَ أَنْ رَمَى لِزِحَامٍ أَوْ لِبَرْدٍ أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ قَالَ فِي الْعُتْبِيَّةِ: فَحَانَتْ صَلَاةُ الظُّهْرِ بِمِنًى فَلْيَقْصُرْ، وَكَذَلِكَ لَوْ رَجَعَ إلَيْهَا بَعْدَ الرَّمْيِ فَأَقَامَ حَتَّى صَلَّى الظُّهْرَ فَلْيَقْصُرْ كَانَ مَكِّيًّا أَوْ غَيْرَهُ مِمَّنْ يُرِيدُ الْإِقَامَةَ بِمَكَّةَ أَوْ لَمْ يُرِدْهُ، وَقَدْ قَالَ قَبْلَ ذَلِكَ إنَّهُ يُتِمُّ، وَاخْتَلَفَ فِيهِ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَقَالَ أَصْبَغُ: يَقْصُرُ وَإِلَيْهِ رَجَعَ ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ مَالِكٌ: وَأَهْلُ مِنًى يُتِمُّونَ بِمِنًى وَيَقْصُرُونَ بِعَرَفَةَ وَأَهْلُ عَرَفَةَ يُتِمُّونَ بِهَا وَيَقْصُرُونَ بِمِنًى، وَلَيْسَ الْحَاجُّ كَغَيْرِهِ، وَهُوَ فِي الْحَجِّ سَفَرٌ يَقْصُرُ فِيهِ انْتَهَى.

وَذَكَرَ سَنَدٌ الْخِلَافَ كَذَلِكَ، وَنَصُّهُ فِي آخِرِ كِتَابِ الصَّلَاةِ الثَّانِي (فَرْعٌ) : فِيمَنْ قَضَى نُسُكَهُ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ ثُمَّ انْصَرَفَ إلَى مَكَّةَ فَأَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ مَكَّةَ أَوْ نَزَلَ الْمُحَصَّبَ فَأَقَامَ بِهِ حَتَّى يُصَلِّيَ الْعِشَاءَ وَيَدْخُلَ مَكَّةَ أَوْ كَانَ مِنْ أَهْلِ مِنًى فَفَعَلَ ذَلِكَ اخْتَلَفَ فِيهِ قَوْلُ مَالِكٍ رحمه الله رَوَى عَنْهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ أَنَّهُ يُتِمُّ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ: أَرَى أَنْ يُصَلُّوا رَكْعَتَيْنِ فِي نُزُولِهِمْ بِالْمُحَصِّبِ، وَإِنْ تَأَخَّرُوا بِمِنًى لِزِحَامٍ وَنَحْوِهِ يُرِيدُ الْمَكِّيِّينَ وَاخْتَلَفَ فِي ذَلِكَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَيْضًا وَإِلَى آخِرِ قَوْلِهِ: رَجَعَ، وَبِهِ قَالَ أَصْبَغُ وَسَحْنُونٌ انْتَهَى.

، وَذَكَرَ ابْنُ الْحَاجِّ فِي مَنَاسِكِهِ نَحْوَ كَلَامِ النَّوَادِرِ، وَأَمَّا مَنْ وَرَدَ عَلَى مَكَّةَ، وَلَمْ يَنْوِ الْمُقَامَ بِهَا أَرْبَعًا حَتَّى خَرَجَ إلَى الْحَجِّ، فَإِنَّهُ يَقْصُرُ بِمِنًى، وَفِي جَمِيعِ مَوَاطِنِ الْحَجِّ، وَكَذَلِكَ فِي انْصِرَافِهِ إلَى مَكَّةَ إذْ لَمْ يَنْوِ الْمُقَامَ بِمَكَّةَ أَرْبَعًا، فَإِنَّهُ يَقْصُرُ أَيْضًا، وَلَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ انْتَهَى.

(تَنْبِيهٌ) : قَوْلُ سَنَدٍ: أَوْ كَانَ مِنْ أَهْلِ مِنًى فَفَعَلَ ذَلِكَ، وَقَوْلُ غَيْرِهِ: مِنْ انْصِرَافٍ مِنْ الْمَكِّيِّينَ وَأَهْلِ مِنًى مِنْ مِنًى مُرَادُهُمْ بِأَهْلِ مِنًى الْحَاجُّ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ مَكَّةَ، وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَفُهِمَ مِنْ كَلَامِ سَنَدٍ أَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ يُحَصِّبُونَ، وَهُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ إطْلَاقَاتِهِمْ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(فَرْعٌ) : قَالَ فِي النَّوَادِرِ، وَفِي كِتَابِ الْحَجِّ فِي تَرْجَمَةِ قَصْرِ الْحَاجِّ بِمِنًى قِيلَ لَهُ يَعْنِي مَالِكًا: فَمَنْ خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ مِمَّنْ قَدْ أَتَمَّ بِهَا الصَّلَاةَ إلَى مِنًى أَيَقْصُرُ حِينَ يَخْرُجُ؟ قَالَ: نَعَمْ، ثُمَّ قَالَ لِلسَّائِلِ: بَلْ يَقْصُرُ بِمِنًى، وَلَا أَدْرِي مَا يَصْنَعُ إذَا خَرَجَ انْتَهَى.

وَقَالَ سَنَدٌ فِي آخِرِ كِتَابِ الصَّلَاةِ الثَّانِي، وَفِي الْمَجْمُوعَةِ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ نَافِعٍ أَنَّ مَالِكًا قَالَ فِيمَنْ أَقَامَ بِمَكَّةَ ثُمَّ خَرَجَ إلَى مِنًى فَقَالَ: يَقْصُرُ بِمِنًى قِيلَ: فَفِي طَرِيقِهِ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إلَى مِنًى؟ قَالَ: لَا أَدْرِي قَالَ سَنَدٌ: وَهَذَا مِنْ قَبِيلِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ النُّزُولَ بِمِنًى أَوَّلُ الْمَنَاسِكِ، فَإِنْ لَمْ يَنْزِلْ بِهَا لَمْ يَحْصُلْ لَهُ حُكْمُ النُّسُكِ إلَّا أَنَّهُ قَدْ ضَرَبَ فِي الْأَرْضِ وَالْأَحْسَنُ أَنْ يَقْصُرَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ أَعْطَى سَفَرَهُ حُكْمَ الْقَصْرِ فَهُوَ بَاقٍ عَلَيْهِ حَتَّى يَحْضُرَ انْتَهَى.

وَحَاصِلُ مَا تَقَدَّمَ أَنَّ جَمِيعَ مَنْ يَخْرُجُ إلَى الْحَجِّ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ فِي خُرُوجِهِ مِنْ مَكَّةَ قَبْلَ وُصُولِهِ إلَى مِنًى عَلَى الْأَحْسَنِ، كَمَا قَالَهُ سَنَدٌ وَبَعْدَ وُصُولِهِ إلَيْهَا بِلَا خِلَافٍ فِي الْمَذْهَبِ وَكَذَا فِي ذَهَابِهِ إلَى عَرَفَةَ، وَفِي عَرَفَةَ، وَفِي رُجُوعِهِ لِلْمُزْدَلِفَةِ، وَفِي الْمُزْدَلِفَةِ، وَفِي رُجُوعِهِ

ص: 123

إلَى مِنًى، وَفِي مُدَّةِ إقَامَتِهِ بِمِنًى إلَّا أَهْلَ كُلِّ مَكَان فِي مَحَلِّهِمْ فَلَا يَقْصُرُونَ فِيهِ، وَمَنْ تَوَجَّهَ مِنْ الْحَاجِّ إلَى طَوَافِ الْإِفَاضَةِ فَهَلْ يَقْصُرُ فِي حَالِ إفَاضَتِهِ؟ تَقَدَّمَ عَنْ سَمَاعِ عِيسَى أَنَّهُ يَقْصُرُ غَيْرُ الْمَنْوِيِّ، وَأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ اسْتِثْنَاءِ الْمَكِّيِّ وَالْمُقِيمِ بِمَكَّةَ أَيْضًا بَعْدَ وُصُولِهِ إلَى مَكَّةَ، وَإِنَّمَا سَكَتَ عَنْهُ لِوُضُوحِهِ، وَإِذَا رَمَوْا فِي الْيَوْمِ الرَّابِعِ ثُمَّ تَوَجَّهُوا إلَى الْمُحَصَّبِ فَنَزَلُوا فِيهِ أَوْ أَقَامُوا بِمِنًى لِيَخِفَّ النَّاسُ أَوْ أَدْرَكَتْهُمْ الصَّلَاةُ فِي الطَّرِيقِ فَفِي قَصْرِهِمْ وَإِتْمَامِهِمْ قَوْلَانِ رَجَعَ مَالِكٌ إلَى الْقَصْرِ وَإِلَيْهِ رَجَعَ اخْتِيَارُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَهَذَا كُلُّهُ فِي حَقِّ مَنْ لَمْ يَثْبُتُ لَهُ حُكْمُ السَّفَرِ أَمَّا مَنْ قَدِمَ قَبْلَ الْخُرُوجِ إلَى الْحَجِّ بِأَقَلَّ مِنْ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ، وَعَزْمُهُ أَنْ لَا يُقِيمَ بَعْدَهُ فَهَذَا حُكْمُهُ حُكْمُ الْمُسَافِرِ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ حَلَّ بِهِ، فَإِنْ أَقَامَ قَبْلَ الْحَجِّ أَرْبَعًا أَوْ كَانَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ وَعَزَمَ عَلَى الْحَجِّ وَالسَّفَرِ بَعْدَهُ مِنْ غَيْرِ إقَامَةِ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ، فَإِنْ لَمْ يُرِدْ إقَامَةً بِمَكَّةَ أَصْلًا فَلَهُ حُكْمُ السَّفَرِ كَالْأَوَّلِ، وَإِنْ نَوَى إقَامَةَ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ لَهُ حُكْمَ الْمُقِيمِ، وَإِنْ قَدِمَ قَبْلَ الْحَجِّ لِأَقَلَّ مِنْ أَرْبَعِ لَيَالٍ، وَلَكِنَّ نِيَّتَهُ أَنْ يُقِيمَ بَعْدَ الْحَجِّ أَرْبَعًا فَاَلَّذِي اخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ أَنَّ لَهُ حُكْمَ السَّفَرِ حَتَّى يَرْجِعَ لِلْإِقَامَةِ إلَى مَكَّةَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَنَصُّ كَلَامِهِ فِي تَبْصِرَتِهِ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ فِيمَنْ قَدِمَ مَكَّةَ يُرِيدُ الْمُقَامَ بِهَا، وَهُوَ يُرِيدُ الْحَجَّ، وَلَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْخُرُوجِ إلَى مِنًى إلَّا أَقَلُّ مِنْ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ إنَّهُ يَقْصُرُ حِينَئِذٍ حَتَّى يَرْجِعَ إلَى مَكَّةَ بَعْدَ حَجِّهِ؛ لِأَنَّهُ قَدِمَ مُجْتَازًا يُرِيدُ الْمُقَامَ بَعْدَ الرَّجْعَةِ، وَقَالَ مَالِكٌ فِي مُخْتَصَرِ مَا لَيْسَ فِي الْمُخْتَصَرِ يُتِمُّ الصَّلَاةَ بِمَكَّةَ قَبْلَ الْخُرُوجِ، وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَبْيَنُ، وَلَا تُضَمُّ إقَامَتُهُ الْأُولَى إلَى مَا بَعْدَهَا، كَمَا لَا يُضَمُّ السَّفَرُ الْأَوَّلُ إلَى مَا بَعْدَهُ إذَا كَانَ بَيْنَهُمَا إقَامَةُ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ انْتَهَى.

وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَابْنُ نَاجِي وَسَنَدٌ وَغَيْرُهُمْ، وَنَصُّ كَلَامِ سَنَدٍ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ الثَّانِي فِي بَابِ الْقَصْرِ فَرْعٌ رَوَى ابْنُ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ فِي حَاجٍّ أَقَامَ بِمَكَّةَ - حَرَسَهَا اللَّهُ - يُتِمُّ ثُمَّ خَرَجَ إلَى مِنًى وَعَرَفَةَ فَقَصَرَ ثُمَّ عَادَ إلَيْهَا يُرِيدُ بِهَا إقَامَةَ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ ثُمَّ يَسِيرُ إلَى بَلَدِهِ، فَإِنَّهُ يُتِمُّ بِهَا قَالَ: وَلَوْ كَانَ لَمَّا وَصَلَ لَمْ يُرِدْ أَنْ يُقِيمَ بِهَا فَلْيَقْصُرْ الصَّلَاةَ إنْ مَرَّ بِهَا فَفَرَّقَ بَيْنَ أَنْ يَخْرُجَ مِنْهَا عَلَى نِيَّةِ الْعَوْدِ إلَيْهَا ثُمَّ يُسَافِرُ فَيَكُونُ سَفَرُهُ الثَّانِي غَيْرَ سَفَرِهِ الْأَوَّلِ أَوْ يَكُونُ عَوْدُهُ إلَيْهَا قَاطِعًا بَيْنَ السَّفَرَيْنِ أَوْ يَخْرُجَ عَنْهَا عَلَى نِيَّةِ السَّفَرِ بِالْكُلِّيَّةِ لَا تَبْقَى لَهُ حَاجَةٌ فَيَكُونُ سَفَرًا وَاحِدًا فِي سَيْرِهِ عَلَيْهَا، وَلَيْسَ لَهُ بِهَا مَسْكَنٌ، وَلَا أَهْلٌ انْتَهَى.

وَانْظُرْ، هَلْ تَتَخَرَّجُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى مَسْأَلَةِ مَنْ أَقَامَ بِمَكَّةَ بِضْعَةَ عَشْرَ يَوْمًا ثُمَّ خَرَجَ لِيَعْتَمِرَ مِنْ الْجُحْفَةِ وَيُقِيمَ يَوْمَيْنِ؟ فَقَدْ اخْتَلَفَ فِيهَا قَوْلُ مَالِكٍ فَقَالَ: إنَّهُ يُتِمُّ فِي الْيَوْمَيْنِ، ثُمَّ رَجَعَ إلَى أَنَّهُ يَقْصُرُ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ فِي الظَّاهِرِ أَنَّهُ لَا يَتَخَرَّجُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ حَصَلَ هُنَاكَ سَفَرٌ طَوِيلٌ يَقْطَعُ حُكْمَ الْإِقَامَةِ، وَهُنَا لَمْ يَحْصُلْ سَفَرٌ طَوِيلٌ، وَإِنَّمَا حَصَلَ الْقَصْرُ بِالسُّنَّةِ، وَقَدْ قَالَ ابْنُ يُونُسَ فِي تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ: وَلَوْ خَرَجَ لِيَعْتَمِرَ مِنْ الْجِعْرَانَةِ أَوْ التَّنْعِيمِ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا لَا تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ، فَإِنَّهُ يُتِمُّ بِلَا خِلَافٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ:) مَنْ تَعَجَّلَ وَأَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ فِي الطَّرِيقِ، هَلْ يُتِمُّ أَمْ لَا؟ لَمْ أَرَ مَنْ نَصَّ عَلَيْهِ، وَانْظُرْ، هَلْ يَتَخَرَّجُ فِيهِ الْقَوْلَانِ اللَّذَانِ فِي غَيْرِ الْمُتَعَجِّلِ أَوْ لَا؟ أَمَّا عَلَى تَوْجِيهِ ابْنِ رُشْدٍ لَهُمَا فَيَتَخَرَّجَانِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ التِّلِمْسَانِيِّ فِي شَرْحِ الْجَلَّابِ، وَأَمَّا عَلَى تَوْجِيهِ الْبَاجِيِّ لَهُمَا فَلَا يَتَخَرَّجَانِ، وَالْإِتْمَامُ أَحْوَطُ (الثَّانِي:) مَحَلُّ الْخِلَافِ فِي النَّازِلِ فِي الْمُحَصَّبِ فِي الصَّلَوَاتِ الَّتِي شُرِعَ لَهُ إيقَاعُهَا فِي الْمُحَصَّبِ، وَهِيَ الظُّهْرُ وَالْعَصْرُ وَالْعِشَاءُ، وَلَا إشْكَالَ فِي ذَلِكَ وَانْظُرْ: هَلْ يَدْخُلُ الْخِلَافُ فِي الثَّالِثِ أَيْضًا فِي حَقِّ الْمُقِيمِ بِمِنًى، فَإِنَّهُ صَرَّحَ فِي النَّوَادِرِ بِالظُّهْرِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ الشُّمُولُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الثَّالِثُ:) مَنْ أَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ مِنْ الْحُجَّاجِ، وَهُوَ فِي غَيْرِ مَوَاضِعِ النُّسُكِ كَالرُّعَاةِ إذَا رَمَوْا الْجَمْرَةَ، وَتَوَجَّهُوا لِلرَّعْيِ فَالظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِهِمْ: أَنَّ حُكْمَهُمْ حُكْمُ الْحُجَّاجِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الرَّابِعُ:) قَالَ فِي النَّوَادِرِ فِي كِتَابِ الْحَجِّ، وَمِنْ كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ: قَالَ مَالِكٌ: وَإِذَا رَمَى فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ فَلَا يُقِيمُ بَعْدَ رَمْيِهِ وَلْيَنْفِرْ وَيُصَلِّي فِي طَرِيقِهِ

ص: 124

وَإِذَا كَانَ لَهُ ثِقْلٌ وَعِيَالٌ فَلَهُ أَنْ يُؤَخِّرَ مَا لَمْ تَصْفَرَّ الشَّمْسُ، وَلَا يُصَلِّي ذَلِكَ الْيَوْمَ بِمَسْجِدِ مِنًى غَيْرَ صَلَاةِ الصُّبْحِ وَذَكَرَ مِثْلَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ عَنْ مَالِكٍ قَالَ، وَلَا يَرْمِي وَيَرْجِعُ إلَى ثِقْلِهِ فَيُقِيمُ فِيهِ حَتَّى يَتَحَمَّلَ، وَمِنْ كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ قَالَ أَصْبَغُ: وَالسُّنَّةُ لِلْإِمَامِ أَنْ يَرْمِيَ الْجَمْرَةَ الْآخِرَةَ عِنْدَ الزَّوَالِ، وَيَتَوَجَّهُ قَاصِدًا، وَقَدْ أَعَدَّ رَوَاحِلَهُ قَبْلَ ذَلِكَ أَوْ يَأْمُرُ مَنْ يَلِي ذَلِكَ لَهُ، وَلَا يَرْجِعُ إلَيْهِ انْتَهَى.

وَقَوْلُهُ: وَإِذَا رَمَى فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ يَعْنِي بِهِ ثَالِثَ أَيَّامِ مِنًى، وَهُوَ الْيَوْمُ الرَّابِعُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَإِلَّا فَكُلٌّ لِوَقْتِهِ) ش أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَنْفِرْ مَعَ الْإِمَامِ صَلَّى كُلَّ صَلَاةٍ فِي وَقْتِهَا وَبِهَذَا صَدَّرَ ابْنُ الْحَاجِبِ ثُمَّ قَالَ: وَقِيلَ: مَا لَمْ يَرْمِ قَبْلَ الثُّلُثِ أَوْ النِّصْفِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ، وَعَزَا فِي التَّوْضِيحِ الْأَوَّلَ لِابْنِ الْمَوَّازِ وَالثَّانِيَ: لِابْنِ الْقَاسِمِ، ثُمَّ قَالَ: وَانْظُرْ كَيْفَ صَدَّرَ بِقَوْلِ ابْنِ الْمَوَّازِ (قُلْت:) عَزَاهُ ابْنُ عَرَفَةَ لِلْمُدَوَّنَةِ وَنَصُّهُ: وَفِيهَا مَنْ وَقَفَ بَعْدَ الْإِمَامِ لَمْ يَجْمَعْ ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ رَجَا وُصُولَهَا قَبْلَ ثُلُثِ اللَّيْلِ أَخَّرَ الْجَمْعَ إلَيْهَا ابْنُ بَشِيرٍ وَإِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ عَلَى أَنَّهُ الْمُخْتَار انْتَهَى.

وَقَالَ فِي الطِّرَازِ: تَأْخِيرُ الْمَغْرِبِ رُخْصَةٌ فِي حُكْمِ السُّنَّةِ لِمَنْ وَقَفَ بِعَرَفَةَ مَعَ النَّاسِ قَالَ أَشْهَبَ عَنْ مَالِكٍ فِيمَنْ كَانَ بِمَكَّةَ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ فَغَرَبَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ، فَإِنَّهُ يُصَلِّي الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا، وَلَا يُؤَخِّرُ حَتَّى يَقِفَ بِعَرَفَةَ وَيَرْجِعَ لِلْمُزْدَلِفَةِ؛ لِأَنَّ الرُّخْصَةَ إنَّمَا جَاءَتْ فِيمَنْ وَقَفَ، وَقَدْ يَحُول هَذَا دُونَ عَرَفَةَ أَوْ يَعُوقُهُ عَائِقٌ فَيُفَوِّتُهُ الْحَجَّ، وَلَا يَكُونُ مِنْ أَهْلِ الرُّخْصَةِ، وَهُوَ بِمَثَابَةِ مَنْ خَرَجَ إلَى عَرَفَةَ زَوَالَ الشَّمْسِ، وَأَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ بِمَكَّةَ وَيَخْرُجَ فَلَا يَجْمَعُ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ كَذَلِكَ هُنَا.

ص (وَإِنْ قُدِّمَتَا عَلَيْهِ أَعَادَهُمَا) ش أَيْ: وَإِنْ قُدِّمَتَا عَلَى مَحِلِّ الْجَمْعِ أَعَادَهُمَا، وَمَحِلُّهُ الْمُزْدَلِفَةُ إذَا وَصَلَ إلَيْهَا بَعْدَ مَغِيبِ الشَّفَقِ، فَإِنْ صَلَّى الْمَغْرِبَ قَبْلَ الْمُزْدَلِفَةِ أَوْ جَمَعَ الصَّلَاتَيْنِ بَعْدَ مَغِيبِ الشَّفَقِ وَقَبْلَ الْمُزْدَلِفَةِ فَاخْتُلِفَ فِيهِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَاتُّفِقَ عَلَى إعَادَةِ الْعِشَاءِ إذَا صَلَّاهَا قَبْلَ الشَّفَقِ لِكَوْنِهِ صَلَّاهَا قَبْلَ وَقْتِهَا وَاخْتُلِفَ فِي إعَادَةِ الْمَغْرِبِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُعِيدُهَا فِي الْوَقْتِ، وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ أَبَدًا انْتَهَى.

وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْعِشَاءَ إذَا صُلِّيَتْ قَبْلَ مَغِيبِ الشَّفَقِ تُعَادُ أَبَدًا، وَهُوَ كَذَلِكَ إلَّا عَلَى مَا رُوِيَ عَنْ أَشْهَبَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَوُقُوفُهُ بِالْمَشْعَرِ) ش الْمَشْعَرُ اسْمُ الْبِنَاءِ الَّذِي بِالْمُزْدَلِفَةِ وَيُطْلَقُ عَلَى جَمِيعِهَا، وَقَالَ فِي الزَّاهِي، فَإِذَا أَصْبَحَ وَصَلَّى وَقَفَ الْإِمَامُ وَالنَّاسُ بِالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ الَّذِي بَنَاهُ قُصَيُّ بْنُ كِلَابٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ لِيَهْتَدِيَ بِهِ الْحَاجُّ الْمُقْبِلُونَ مِنْ عَرَفَاتٍ انْتَهَى.

وَالْوُقُوفُ فِي أَيِّ جُزْءٍ مِنْ الْمُزْدَلِفَةِ يُجْزِي، وَعِنْدَ الْبِنَاءِ أَفْضَلُ وَيَجْعَلُ الْبِنَاءَ عَلَى يَسَارِهِ قَالَ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ لِابْنِ عَسْكَرٍ: وَلْيَقِفْ بَعْدَ الصَّلَاةِ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ، وَهُوَ الْمَسْجِدُ الَّذِي بِالْمُزْدَلِفَةِ انْتَهَى.

ص (يُكَبِّرُ وَيَدْعُو لِلْإِسْفَارِ) ش نَحْوُهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِ جَوَازُ التَّمَادِي بِالْوُقُوفِ إلَى الْأَسْفَارِ وَنَحْوُهُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَالْمُخْتَصَرِ، وَفِي الْمُدَوَّنَةِ: وَلَا يَقِفُ أَحَدٌ بِالْمَشْعَرِ إلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ أَوْ الْإِسْفَارِ، وَلَكِنْ يَرْكَعُونَ قَبْلَ ذَلِكَ انْتَهَى.

(فَرْعٌ) : قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَإِذَا أَسْفَرَ، وَلَمْ يَدْفَعْ الْإِمَامُ دَفَعَ النَّاسُ وَتَرَكُوهُ قَالَ سَنَدٌ: إذَا أَخَّرَ الْإِمَامُ الدَّفْعَ، فَإِنْ لَمْ يُسْفِرْ لَمْ يَدْفَعْ قَبْلَهُ؛ لِأَنَّهُ مَوْكُولٌ إلَى اجْتِهَادِهِ وَالْوَقْتُ يَحْتَمِلُ الِاجْتِهَادَ، وَإِنْ أَسْفَرَ، وَلَمْ يَدْفَعْ دَفَعُوا وَتَرَكُوهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بَعْدَ الْأَسْفَارِ وَقْتٌ لِلْوُقُوفِ فَيَتْبَعُوهُ فِيهِ وَالْخَطَأُ لَا يُتْبَعُ فِيهِ، وَلَا خِلَافَ فِي كَرَاهَةِ التَّأْخِيرِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَمَنْ فَعَلَهُ فَقَدْ أَسَاءَ، وَلَا هَدْيَ عَلَيْهِ.

ص (وَلَا وُقُوفَ بَعْدَهُ، وَلَا قَبْلَ الصُّبْحِ) ش أَيْ: وَلَا قَبْلَ صَلَاةِ الصُّبْحِ قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي مَنَاسِكِهِ: وَمَنْ وَقَفَ بَعْدَ الْفَجْرِ وَقَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ الصُّبْحَ فَهُوَ كَمَنْ لَمْ يَقِفْ انْتَهَى.

ص (وَإِسْرَاعٌ بِبَطْنِ مُحَسِّرٍ) ش قَالَ ابْنُ نَاجِي: بَطْنُ مُحَسِّرٍ مَوْضِعٌ بِمِنًى قَالَ الْفَاكِهَانِيُّ: وَانْظُرْ سِرَّ التَّحْرِيكِ، فَإِنِّي لَمْ أَقِفْ عَلَى شَيْءٍ فِيهِ أَعْتَمِدُ عَلَيْهِ انْتَهَى.

وَلَيْسَ بَطْنُ مُحَسِّرٍ مِنْ مِنًى بَلْ هُوَ عَلَى حَدِّ مِنًى، وَفِي كَلَامِ ابْنِ جَمَاعَةَ فِي فَرْضِ الْعَيْنِ مَا يَقْتَضِي اسْتِحْبَابَ الْإِسْرَاعِ فِيهِ فِي الذَّهَابِ وَالرُّجُوعِ فَرَاجِعْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص

ص: 125

وَرَمْيُهُ الْعَقَبَةَ حِينَ وُصُولِهِ، وَإِنْ رَاكِبًا) ش قَالَ سَنَدٌ: وَالرُّكُوبُ فِي الْعَقَبَةِ لَيْسَ مِنْ سُنَّةِ الرَّمْيِ حَتَّى يُقَالَ: مَنْ قَدِمَ مِنًى مَاشِيًا فَلْيَرْكَبْ وَقْتَ الرَّمْيِ، وَإِنَّمَا السُّنَّةُ الِاسْتِعْجَالُ فَمَنْ كَانَ رَاكِبًا رَمَى رَاكِبًا قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ، وَمَنْ كَانَ مَاشِيًا رَمَى مَاشِيًا، وَلَوْ مَشَى الرَّاكِبُ وَرَكِبَ الْمَاشِي لَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ هَذِهِ هَيْئَةٌ، وَلَيْسَ بِنُسُكٍ مُسْتَقِلٍّ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَوَّازِيَّةِ: وَلْيَمْشِ فِي رَمْيِ الْجِمَارِ فِي أَيَّامِ مِنًى، وَفِي الْيَوْمِ الْآخَرِ فَقِيلَ: إنَّ النَّاسَ قَدْ تَحَمَّلُوا مَرْحَلَتَيْنِ قَالَ فِي ذَلِكَ سِعَةٌ رَكِبَ أَوْ مَشَى انْتَهَى.

وَقَالَ قَبْلَهُ قَالَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ: وَلْيَرْمِهَا رَاكِبًا، كَمَا هُوَ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ قَبْلَ الْفَجْرِ يُرِيدُ أَنَّ الرُّكُوبَ لَيْسَ هُوَ لِأَجْلِ الْجَمْرَةِ، وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ مِنْهُ الِاسْتِعْجَالُ بِهَا، فَإِذَا قَدِمَ رَاكِبًا مَرَّ، كَمَا هُوَ إلَيْهَا وَرَمَى، وَإِنْ قَدِمَ فِي غَيْرِ وَقْتِ رَمْيٍ أَخَّرَ الرَّمْيَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ ثُمَّ لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَرْكَبَ إلَيْهَا بَلْ يَمْشِي لَهَا كَمَا يَمْشِي لِسَائِرِ الْجِمَارِ، فَإِنَّ الْمَشْيَ إلَى الْعِبَادَةِ أَفْضَلُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ لِمَا رَوَاهُ نَافِعٌ «عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَأْتِي الْجِمَارَ فِي الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ مَاشِيًا ذَاهِبًا وَرَاجِعًا وَيُخْبِرُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ» أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد، وَرَوَى مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا إذَا رَمَوْا الْجِمَارَ مَشَوْا ذَاهِبِينَ وَرَاجِعِينَ، وَأَوَّلُ مَنْ رَكِبَ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ انْتَهَى.

وَنَقَلَهُ فِي النَّوَادِرِ (فَرْعٌ) : قَالَ فِي النَّوَادِرِ، وَلَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى رَمْي جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ قَالَ مَالِكٌ: وَيَرْمِيهَا مِنْ أَسْفَلِهَا، فَإِنْ لَمْ يَصِلْ لِزِحَامٍ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَرْمِيَهَا مِنْ فَوْقِهَا، وَقَدْ فَعَلَهُ عُمَرُ لِزِحَامٍ ثُمَّ رَجَعَ مَالِكٌ فَقَالَ: لَا يَرْمِيهَا إلَّا مِنْ أَسْفَلِهَا، فَإِنْ فَعَلَ فَلْيَسْتَغْفِرْ اللَّهَ، وَكَذَلِكَ فِي الْمُخْتَصَرِ، وَإِذَا رَمَاهَا مِنْ أَسْفَلِهَا فَلِيَسْتَقْبِلهَا وَمِنًى عَنْ يَمِينِهِ، وَهُوَ بِبَطْنِ الْوَادِي، وَكَذَلِكَ كَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ يَفْعَلُ، وَلَا يَقِفُ عِنْدَهَا بَعْدَ الرَّمْيِ انْتَهَى.

وَقَالَ قَبْلَهُ، وَمِنْ كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ قَالَ مَالِكٌ: وَمَنْ رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ رَجَعَ مِنْ حَيْثُ شَاءَ انْتَهَى.

وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ: وَلَا يَقِفُ لِلدُّعَاءِ ظَاهِرُ الْبَاجِيِّ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ مَوْضِعَ الْجَمْرَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ فِيهِ سَعَةٌ لِلْقِيَامِ لِمَنْ يَرْمِي، وَأَمَّا جَمْرَةُ الْعَقَبَةِ فَمَوْضِعُهَا ضَيِّقٌ؛ وَلِذَلِكَ لَا يَنْصَرِفُ الَّذِي يَرْمِيهَا عَلَى طَرِيقِهِ؛ لِأَنَّهُ يَمْنَعُ الَّذِي يَأْتِي لِلرَّمْيِ، وَإِنَّمَا يَنْصَرِفُ مِنْ أَعْلَى الْجَمْرَةِ انْتَهَى.

ص (وَحَلَّ بِهَا غَيْرُ نِسَاءٍ وَصَيْدٍ) ش شَمِلَ قَوْلُهُ: نِسَاءٍ الْجِمَاعَ وَمُقَدِّمَاتِهِ عَقْدَ النِّكَاحِ، وَهُوَ كَذَلِكَ، فَإِنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ لَا تُبَاحُ بِالتَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ قَالَ فِي الطِّرَازِ: فَإِنَّ عَقَدَ النِّكَاحَ فَهُوَ فَاسِدٌ، وَإِنْ قَبِلَ فَعَلَيْهِ هَدْيٌ، وَأَمَّا الْجِمَاعُ فَسَيَذْكُرُ الْمُصَنِّفُ حُكْمَهُ، وَالتَّحَلُّلُ الْأَوَّلُ يَحْصُلُ بِرَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ أَوْ بِخُرُوجِ وَقْتِ أَدَائِهَا قَالَهُ فِي الطِّرَازِ فِي آخِرِ مَسْأَلَةٍ مِنْ بَابِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ، وَنَحْوُهُ فِي ابْنِ عَرَفَةَ، وَنَصُّهُ: وَفَوْتُ رَمْيِ الْعَقَبَةِ بِخُرُوجِ وَقْتِهِ كَفِعْلِهَا فِي الْإِحْلَالِ الْأَصْغَرِ لِسَمَاعِ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ مَنْ مَضَى إثْرَ وُقُوفِهِ لِبَلَدِهِ رَجَعَ لَابِسًا ثِيَابَهُ انْتَهَى.

وَالْمُرَادُ بِالْوَقْتِ وَقْتُ الْأَدَاءِ قَالَهُ فِي الطِّرَازِ فِي أَثْنَاءِ كَلَامِهِ فَرَاجِعْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَتَكْبِيرُهُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ) ش ابْنُ عَرَفَةَ رَوَى مُحَمَّدٌ رَافِعًا صَوْتَهُ بِالتَّكْبِيرِ، وَفِيهَا قِيلَ: إنْ سَبَّحَ أَيُجْزِئُهُ؟ قَالَ: السُّنَّةُ التَّكْبِيرُ، ثُمَّ قَالَ: فَإِنْ تَرَكَ التَّكْبِيرَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ أَبُو عُمَرَ إجْمَاعًا انْتَهَى.

وَقَالَ ابْنُ هَارُونَ: وَمَنْ لَمْ يُكَبِّرْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ عِنْدَ مَالِكٍ، وَذَهَبَ قَوْمٌ إلَى أَنَّ التَّكْبِيرَ هُوَ الْوَاجِبُ فِي الْجِمَارِ، وَإِنَّمَا جُعِلَ الرَّمْيُ حِفْظًا لِعَدَدِهِ كَالتَّسْبِيحِ بِالْحَصَى فَالدَّمُ يَتَعَلَّقُ عِنْدَهُمْ بِتَرْكِ التَّكْبِيرِ لَا بِتَرْكِ الرَّمْيِ، وَحَكَاهُ الطَّبَرِيُّ عَنْ عَائِشَةَ، وَالْجُمْهُورُ عَلَى خِلَافِهِ انْتَهَى.

وَحَكَى فِي الطِّرَازِ أَيْضًا الْإِجْزَاءَ عَنْ الْجُمْهُورِ (تَنْبِيهٌ:) ذَكَرَ ابْنُ عَطَاءِ اللَّهِ فِي مَنْسَكِهِ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ يَقُولُ مَعَ التَّكْبِيرِ هَذِهِ فِي طَاعَةِ الرَّحْمَنِ، وَهَذِهِ فِي غَضَبِ الشَّيْطَانِ انْتَهَى.

وَقَالَ فِي الزَّاهِي وَيَقُولُ: إذَا رَمَى الْجِمَارَ اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ حَجًّا مَبْرُورًا وَذَنْبًا مَغْفُورًا انْتَهَى.

وَيَعْنِي بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ رَمْيِ الْجِمَارِ، وَقَالَ فِي النَّوَادِرِ: وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: وَكُلَّمَا رَمَى أَوْ عَمِلَ شَيْئًا مِنْ أَمْرِ الْحَجِّ قَالَ: اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ حَجًّا مَبْرُورًا وَذَنْبًا مَغْفُورًا انْتَهَى.

ص

ص: 126

وَتَتَابُعُهَا) ش أَيْ: نُدِبَ تَتَابُعُ الْحَصَيَاتِ السَّبْعِ أَيْ: مُوَالَاتُهَا، وَهَذَا كَقَوْلِهِ: بَعْدُ وَنُدِبَ تَتَابُعُهُ أَيْ: تَتَابُعُ الرَّمْيِ فِي الْجِمَارِ الثَّلَاثِ، وَفِي غَيْرِهَا فَهُوَ أَعَمُّ مِنْ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ الْأَوَّلَ خَاصٌّ بِجَمْرَةِ الْعَقَبَةِ وَالثَّانِي: عَامٌّ فِي الْجِمَارِ كُلِّهَا انْتَهَى.

وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى التَّتَابُعِ، هَلْ هُوَ وَاجِبٌ أَوْ مُسْتَحَبٌّ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَنُدِبَ تَتَابُعُهُ.

ص (وَلَقْطُهَا) ش قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: وَلَقْطُهَا أَوْلَى مِنْ كَسْرِهَا، وَقَالَ ابْنُ هَارُونَ فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ: قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ: وَلَقْطُهَا أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ كَسْرِهَا، وَلَيْسَ عَلَيْهِ غَسْلُهَا، فَإِنْ احْتَاجَ إلَى كَسْرِهَا فَلَا بَأْسَ انْتَهَى.

وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَقَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ حَصَى الْجِمَارِ بِمَنْزِلِهِ مِنْ مِنًى أَوْ مِنْ حَيْثُ شَاءَ إلَّا جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ، فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَخْذُهَا مِنْ الْمُزْدَلِفَةِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ حَبِيبٍ وَغَيْرُهُمَا، وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ فِي مَنَاسِكِهِ: وَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَخْذُهَا مِنْ وَادِي مُحَسِّرٍ وَنَصَّ اللَّخْمِيُّ وَغَيْرُهُ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ مُزْدَلِفَةَ

ص (وَطَلَبُ بَدَنَةٍ لَهُ لِيَحْلِقَ) ش قَالَ فِي التَّوْضِيحِ؛ لِأَنَّ تَأْخِيرَ الْحَلْقِ إلَى بَعْدِ الزَّوَالِ بِلَا عُذْرٍ مَكْرُوهٌ انْتَهَى.

(قُلْت:) وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مَكْرُوهًا فَتَأْخِيرُ الذَّبْحِ أَيْضًا مَكْرُوهٌ؛ لِأَنَّ الذَّبْحَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْحَلْقِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (ثُمَّ حَلْقُهُ) ش الِاسْتِحْبَابُ يَرْجِعُ إلَى تَقْدِيمِ الْحَلْقِ عَلَى التَّقْصِيرِ أَوْ إلَى إيقَاعِ الْحَلْقِ عَقِبَ الذَّبْحِ أَمَّا الْحَلْقُ نَفْسُهُ، فَإِنَّهُ يَجِبُ هُوَ أَوْ التَّقْصِيرُ ثُمَّ اسْتِحْبَابُ الْحَلْقِ عَلَى التَّقْصِيرِ لَيْسَ هُوَ عَلَى الْعُمُومِ بَلْ يَتَعَيَّنُ الْحَلْقُ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ، كَمَا إذَا كَانَ الشَّعْرُ قَصِيرًا جِدًّا أَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الرَّأْسِ شَعْرٌ كَالْأَقْرَعِ، فَإِنَّهُ يُمِرُّ الْمُوسَى عَلَى رَأْسِهِ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ سَنَدٌ: وَلَوْ أَمَّرَ الْمُوسَى عَلَى رَأْسِهِ فِي الْإِحْرَامِ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ انْتَهَى.

وَيَتَعَيَّنُ الْحَلْقُ أَيْضًا فِي الرَّجُلِ إذَا لَبَّدَ رَأْسَهُ أَوْ عَقَصَ أَوْ ضَفَرَ لِلسُّنَّةِ وَيَتَعَيَّنُ التَّقْصِيرُ فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ الْكَبِيرَةِ، وَلَوْ لَبَّدَتْ وَيُخَيَّرُ فِي الصَّغِيرَةِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ التَّقْصِيرُ إمَّا لِتَصْمِيغٍ، وَهُوَ أَنْ يَجْعَلَ الصَّمْغَ فِي الْغَاسُولِ ثُمَّ يُلَطِّخَ بِهِ رَأْسَهُ عِنْدَ الْإِحْرَامِ أَوْ يُقَصِّرَ الشَّعْرَ جِدًّا أَوْ لِقِصَرِ الشَّعْرِ جِدًّا أَوْ عَدَمِ الشَّعْرِ تَعَيَّنَ الْحَلْقُ بِأَنْ يُمِرَّ الْمُوسَى عَلَى رَأْسِهِ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَمَنْ ضَفَرَ أَوْ عَقَصَ أَوْ لَبَّدَ فَعَلَيْهِ الْحَلْقُ التُّونُسِيّ الْحِلَاقُ عَلَى هَؤُلَاءِ وَاجِبٌ، وَفِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ يَعْنِي ابْنَ الْحَاجِبِ إنْ لَمْ يَكُنْ لِتَصْمِيغٍ نُظِرَ لِإِمْكَانِ أَنْ يَغْسِلَهُ ثُمَّ يُقَصِّرَ، وَإِنَّمَا عَيَّنَ عُلَمَاؤُنَا تُعْيِينَ الْحَلْقِ فِي حَقِّ هَؤُلَاءِ بِالسُّنَّةِ وَيُحَقِّقُ ذَلِكَ أَنَّ الْمَرْأَةَ لَوْ لَبَّدَتْ لَيْسَ عَلَيْهَا إلَّا التَّقْصِيرُ قَالَهُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ انْتَهَى.

قَالَ سَنَدٌ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَوَّازِيَّةِ: وَمِنْ الشَّأْنِ أَنْ يَغْسِلَ رَأْسَهُ بِالْغَاسُولِ وَالْخِطْمِيِّ حِينَ يُرِيدُ أَنْ يَحْلِقَ انْتَهَى.

وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَفِيهَا الشَّأْنُ غَسْلُ الْمُحْرِمِ رَأْسَهُ بِالْخِطْمِيِّ وَالْغَاسُولِ حِينَ إرَادَةِ حَلْقِهِ انْتَهَى.

(تَنْبِيهٌ:) قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَالْحِلَاقُ أَفْضَلُ مِنْ التَّقْصِيرِ إلَّا لِلْمُتَمَتِّعِ، فَإِنَّ التَّقْصِيرَ فِي الْعُمْرَةِ أَفْضَلُ لَهُ لِيَبْقَى عَلَيْهِ الشَّعَثُ فِي إحْرَامِ الْحَجِّ (قُلْت:) وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُتَمَتِّعَ يُسْتَحَبُّ لَهُ التَّقْصِيرُ مُطْلَقًا، وَاَلَّذِي فِي رَسْمِ طَلْقِ بْنِ حَبِيبٍ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الْحَجِّ تَقْيِيدُ ذَلِكَ بِأَنْ تَقْرُبَ أَيَّامُ الْحَجِّ وَنَصُّهُ، وَسُئِلَ عَنْ الْمُعْتَمِرِ أَيَحْلِقُ رَأْسَهُ أَحَبُّ إلَيْكَ أَمْ يُقَصِّرُ؟ قَالَ: بَلْ يَحْلِقُ إلَّا أَنْ تَكُونَ أَيَّامَ الْمَوْسِمِ، وَيَتَقَارَبُ الْحَجُّ مِثْلَ الْأَيَّامِ الْيَسِيرَةِ، قَالَ: أَرَى أَنْ يَحْلِقَ وَيُقَصِّرَ أَحَبُّ إلَيَّ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: الْحَلْقُ أَفْضَلُ؛ لِأَنَّ اللَّهَ - تَعَالَى - بَدَأَ بِهِ فِي كِتَابِهِ وَدَعَا صلى الله عليه وسلم لِلْمُحَلِّقَيْنِ ثَلَاثًا وَلِلْمُقَصِّرِينَ وَاحِدَةً إلَّا أَنْ تَقْرُبَ أَيَّامُ الْحَجِّ فَالتَّقْصِيرُ فِي الْعُمْرَةِ أَفْضَلُ انْتَهَى.

وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ فَقَالَ: وَسَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ: حَلْقُ الْمُعْتَمِرِ أَفْضَلُ مِنْ تَقْصِيرِهِ إلَّا أَنْ يُعْقِبَهُ بِيَسِيرِ أَيَّامٍ فَتَقْصِيرُهُ أَحَبُّ إلَيَّ انْتَهَى.

فَفِي الرِّوَايَة تَقْيِيدُ ذَلِكَ بِأَيَّامِ الْمَوْسِمِ، وَهِيَ فِي الْعُرْفِ مِنْ أَوَائِلِ شَهْرِ ذِي الْحَجَّةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَأَمَّا إيقَاعُ الْحَلْقِ عَقِبَ الذَّبْحِ، فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ، وَلَا فَرْقَ عَلَى الْمَشْهُورِ بَيْنَ الْمُفْرِدِ وَالْقَارِنِ، وَقَالَ ابْنُ الْجَهْمِ: إنَّ الْمَكِّيَّ الْقَارِنَ لَا يَحْلِقُ حَتَّى يَطُوفَ وَيَسْعَى وَيَلْزَمُهُ فِي حَقِّ كُلِّ

ص: 127

مَنْ أَخَّرَ السَّعْيَ إلَى طَوَافِ الْإِفَاضَةِ (فُرُوعٌ الْأَوَّلُ:) حُكْمُ الصَّبِيِّ حُكْمُ الرَّجُلِ فِي الْحِلَاقِ قَالَهُ سَنَدٌ (الثَّانِي:) قَالَ سَنَدٌ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَوَّازِيَّةِ: وَمَنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى حِلَاقِ رَأْسِهِ، وَلَا التَّقْصِيرِ مِنْ وَجَعٍ بِهِ فَعَلَيْهِ هَدْيُ بَدَنَةٍ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَبَقَرَةٌ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَشَاةٌ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ صَامَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَسَبْعَةً انْتَهَى.

، وَنَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ فِي تَوْضِيحِهِ، وَقَالَهُ أَيْضًا فِي - مَنَاسِكِهِ - فِي تَحَلُّلِ الْحَجِّ، وَالتَّرْتِيبُ الْمَذْكُورُ فِي الْهَدْيِ هُوَ عَلَى جِهَةِ الْأَوْلَى وَانْظُرْ، هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَحْلِقَ إذَا صَحَّ؟ وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الثَّالِثُ:) قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: قَالَ ابْنِ حَبِيبٍ: وَيَبْلُغُ بِالْحِلَاقِ يُرِيدُ أَوْ بِالتَّقْصِيرِ إلَى عَظْمِ الصُّدْغَيْنِ مُنْتَهَى طَرَفِ اللِّحْيَةِ انْتَهَى.

وَقَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي مَنَاسِكِهِ، وَلَا يَتِمُّ نُسُكُ الْحَلْقِ إلَّا بِحَلْقِ جَمِيعِ الرَّأْسِ وَالشَّعْرِ الَّذِي عَلَى الْأُذُنَيْنِ قَالَ ابْنُ الْحَاجِّ: وَقَالَ أَبُو عُمَرَ: أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ أَنَّ الْحَاجَّ لَا يَحْلِقُ مَا عَلَى الْأُذُنَيْنِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ النَّظَرُ فِي كَوْنِهَا مِنْ الرَّأْسِ أَوْ مِنْ الْوَجْهِ انْتَهَى.

(الرَّابِعُ:) قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: وَإِذَا بَدَأَ بِالْحَلْقِ بَدَأَ بِالْيَمِينِ انْتَهَى.

وَلَفْظُ كَلَامِ ابْنِ حَبِيبٍ فِي مُخْتَصَرِ الْوَاضِحَةِ، وَنَقَلَهُ الشَّيْخُ إبْرَاهِيمُ بْنُ هِلَالٍ فِي مَنْسَكِهِ وَيَبْدَأُ فِي حِلَاقِهِ بِالشِّقِّ الْأَيْمَنِ لِمَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَقَالَ بَعْدَهُ عِيَاضٌ فِي بُدَاءَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِحَلْقِهِ بِالشِّقِّ الْأَيْمَنِ مَشْهُورٌ سُنَّةً فِي التَّيَامُنِ فِي الْعِبَادَاتِ وَغَيْرِهَا انْتَهَى.

قَالَ ابْنُ شَعْبَانَ فِي الزَّاهِي وَيَبْدَأُ الْحَالِقُ بِالشِّقِّ الْأَيْمَنِ، وَلْيَسْتَقْبِلْ الْقِبْلَةَ أَحَبُّ إلَيَّ انْتَهَى.

وَالظَّاهِرُ: أَنَّهُمْ أَرَادُوا الشِّقَّ الْأَيْمَنَ لِلْمَحْلُوقِ، وَقَوْلُ ابْنِ شَعْبَانَ: يَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ أَيْ: الْمُحْلَقُ رَأْسُهُ فَتَأَمَّلْهُ وَانْظُرْ مَنْسَكَ ابْنِ فَرْحُونٍ، وَقَالَ ابْنُ جَمَاعَةَ فِي مَنْسَكِهِ الْكَبِيرِ عَنْ وَكِيعٍ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رحمه الله قَالَ: أَخْطَأْتُ فِي سِتَّةِ أَبْوَابٍ مِنْ الْمَنَاسِكِ فَعَلَّمَنِيهَا حَجَّامٌ وَذَلِكَ: أَنِّي حِينَ أَرَدْتُ أَنْ أَحْلِقَ رَأْسِي وَقَفْتُ عَلَى حَجَّامٍ فَقُلْتُ بِكَمْ تَحْلِقُ رَأْسِي، فَقَالَ: أَعِرَاقِيٌّ أَنْتَ؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَقَالَ: النُّسُكُ لَا يُشَارَطُ عَلَيْهِ اجْلِسْ فَجَلَسْتُ مُنْحَرِفًا عَنْ الْقِبْلَةِ فَقَالَ لِي: حَوِّلْ وَجْهَكَ إلَى الْقِبْلَةِ، فَحَوَّلْتُ، وَأَرَدْتُ أَنْ يَحْلِقَ رَأْسِي مِنْ الْجَانِبِ الْأَيْسَرِ فَقَالَ لِي: أَدِرْ الشِّقَّ الْأَيْمَنَ مِنْ رَأْسِكَ فَأَدَرْتُهُ، فَجَعَلَ يَحْلِقُ، وَأَنَا سَاكِتٌ فَقَالَ لِي: كَبِّرْ فَجَعَلْتُ أُكَبِّرُ حَتَّى قُمْتُ؛ لِأَذْهَبَ قَالَ لِي أَيْنَ تُرِيدُ؟ قُلْتُ رَحْلِي، فَقَالَ لِي: ادْفِنْ شَعْرَكَ ثُمَّ صَلِّ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ امْضِ، فَقُلْتُ لَهُ مِنْ أَيْنَ لَكَ مَا أَمَرْتَنِي، فَقَالَ: رَأَيْتُ عَطَاءَ بْنَ رَبَاحٍ يَفْعَلُ ذَلِكَ انْتَهَى.

وَهَذَا يَدُلُّ لِمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ مُحْيِي الدِّينِ بْنُ الْعَرَبِيِّ فِي أَوَّلِ بَابِ الْوَصَايَا مِنْ الْفُتُوحَاتِ، فَإِنَّهُ قَالَ: إذَا عَصَيْتَ اللَّهَ فِي مَوْضِعٍ فَلَا تَبْرَحْ مِنْهُ حَتَّى تَعْمَلَ فِيهِ طَاعَةً لِمَا يَشْهَدُ عَلَيْكَ يَشْهَدُ لَكَ، وَكَذَلِكَ ثَوْبُكَ إذَا عَصَيْتَ اللَّهَ فِيهِ، وَكَذَلِكَ مَا يُفَارِقُكَ مِنْكَ مِنْ قَصِّ الشَّارِبِ وَحَلْقِ عَانَةٍ وَقَصِّ أَظَافِرَ وَتَسْرِيحِ لِحْيَةٍ وَتَنْقِيَةِ وَسَخٍ لَا يُفَارِقُكَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ إلَّا وَأَنْتَ عَلَى طَهَارَةٍ، وَذِكْرٍ لِلَّهِ، فَإِنَّهُ مَسْئُولٌ عَنْكَ كَيْفَ تَرَكَكَ، وَأَقَلُّ عِبَادَةٍ تَقْدِرُ عَلَيْهَا عِنْدَ هَذَا كُلِّهِ أَنْ تَدْعُوَ اللَّهَ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكَ حَتَّى تَكُونَ مُؤَدِّيًا وَاجِبًا فِي امْتِثَالِ قَوْلِهِ:{ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: 60] ثُمَّ قَالَ {إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي} [غافر: 60] يَعْنِي بِالْعِبَادَةِ وَالدُّعَاءِ، وَقَالَ الشَّيْخُ إبْرَاهِيمُ بْنُ هِلَالٍ وَيُسْتَحَبُّ الْإِكْثَارُ مِنْ الدُّعَاءِ عِنْدَ الْحَلْقِ، فَإِنَّ الرَّحْمَةَ تَغْشَى الْحَاجَّ عِنْدَ حِلَاقِهِ انْتَهَى.

(الْخَامِسُ:) قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ فِي بَابِ زَكَاةِ الْفِطْرِ: وَيُسْتَحَبُّ لِلْمُحْرِمِ إذَا حَلَّ مِنْ إحْرَامِهِ أَنْ يُخَالِفَ بَيْنَ حَالَةِ الْإِحْرَامِ وَحَالَةِ الْإِحْلَالِ، وَكَذَلِكَ الْحَادَّةُ إذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا يُسْتَحَبُّ لَهَا أَنْ تُزِيلَ الشُّعْثَ عَنْ نَفْسِهَا لِتُخَالِفَ بَيْنَ زَمَانِ الْإِحْرَامِ وَغَيْرِهِ، وَقَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: فَإِذَا رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ فَبَدَأَ بِقَلْمِ أَظَافِرِهِ، وَأَخَذَ مِنْ لِحْيَتِهِ وَشَارِبِهِ وَاسْتَحَدَّ وَاطَّلَى بِالنُّورَةِ قَبْلَ الْحَلْقِ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ وَيُسْتَحَبُّ لَهُ إذَا حَلَّ مِنْ إحْرَامِهِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ لِحْيَتِهِ وَشَارِبِهِ وَأَظَافِرِهِ مِنْ غَيْرِ إيجَابٍ وَفَعَلَهُ ابْنُ عُمَرَ انْتَهَى.

وَقَالَ الشَّيْخُ إبْرَاهِيمُ بْنُ هِلَالٍ فِي مَنْسَكِهِ نَاقِلًا عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ: وَخُذْ مِنْ شَارِبِكَ وَلِحْيَتِكَ عِنْدَ الْحَلْقِ وَبَالِغْ فِي الْأَخْذِ مِنْ اللِّحْيَةِ، فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ ذَلِكَ فِي ذَلِكَ

ص: 128

الْوَقْتِ مَا لَا يُسْتَحَبُّ فِي غَيْرِهِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُقَلِّمَ أَظْفَارَهُ انْتَهَى، وَقَالَ ابْنُ شَعْبَانَ فِي الزَّاهِي فِي قَوْله تَعَالَى:{ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ} [الحج: 29] وَقَضَاءُ التَّفَثِ حِلَاقُ الرَّأْسِ، وَقَصُّ الْأَظَافِرِ، وَإِمَاطَةُ الْأَذَى عَنْ الْجَسَدِ وَالْوَجْهِ وَالرَّأْسِ وَالنَّذْرُ رَمْيُ الْجِمَارِ يَوْمَ النَّحْرِ وَغَيْرِهِ انْتَهَى.

وَقَالَ سَنَدٌ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَأْخُذُ مِنْ لِحْيَتِهِ لِمَا جَاوَزَ الْقَبْضَةَ وَيَأْخُذُ مِنْ شَارِبِهِ وَأَظْفَارِهِ، وَلَا يَأْخُذُ مِنْ عَارِضَيْهِ، وَكَرِهَ ابْنُ الْقَاسِمِ ذَلِكَ لِلْمُعْتَمِرِ بَعْدَ السَّعْيِ قَبْلَ أَنْ يَحْلِقَ انْتَهَى.

وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ إثْرَ كَلَامِهِ السَّابِقِ زَادَ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدٍ، وَلَا بَأْسَ أَنْ يَتَنَوَّرَ وَيَقُصَّ أَظْفَارَهُ وَيَأْخُذَ مِنْ شَارِبِهِ وَلِحْيَتِهِ قَبْلَ حَلْقِهِ ابْنُ الْقَاسِمِ أَكْرَهُ غَسْلَ الْمُعْتَمِرِ رَأْسَهُ أَوْ لُبْسَهُ قَمِيصًا قَبْلَ حَلْقِهِ الْبَاجِيُّ لَيْسَ بِخِلَافٍ؛ لِأَنَّ الْحَاجَّ وُجِدَ مِنْهُ تَحَلُّلٌ فِي جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ، وَالْمُعْتَمِرُ لَا تَحَلُّلَ لَهُ قَبْلَ حَلْقِهِ انْتَهَى. وَنَحْوُهُ فِي التَّوْضِيحِ.

ص (وَهُوَ سُنَّةُ الْمَرْأَةِ) ش قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَيُكْرَهُ لَهَا الْحِلَاقُ هَكَذَا حَكَى الْبَلَنْسِيُّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ، وَحَكَى اللَّخْمِيُّ أَنَّ الْحَلْقَ لِلْمَرْأَةِ مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّهُ مُثْلَةٌ بِهَا أَمَّا الصَّغِيرَةُ فَيَجُوزُ فِيهَا الْحَلْقُ وَالتَّقْصِيرُ اللَّخْمِيّ، وَكَذَلِكَ الْكَبِيرَةُ إذَا كَانَ بِرَأْسِهَا أَذًى، وَالْحَلْقُ صَلَاحٌ لَهَا انْتَهَى.

وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَلَيْسَ عَلَى النِّسَاءِ إلَّا التَّقْصِيرُ رَوَى مُحَمَّدٌ، وَلَوْ لَبَّدَتْ الْبَاجِيُّ بَعْدَ زَوَالِ تَلْبِيدِهَا بِامْتِشَاطِهَا ثُمَّ قَالَ فِيهَا وَلْتَأْخُذْ فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ مِنْ كُلِّ قُرُونِهَا الشَّيْءَ الْقَلِيلَ، مَا أَخَذَتْ مِنْ ذَلِكَ أَجْزَأَهَا الشَّيْخُ رَوَى مُحَمَّدٌ: حَلْقُ الصَّغِيرَةِ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ تَقْصِيرِهَا وَسَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ التَّخْيِيرَ اللَّخْمِيُّ بِنْتُ تِسْعٍ كَالْكَبِيرَةِ، وَيَجُوزُ فِي الصَّغِيرَةِ الْأَمْرَانِ وَحَلْقُ بَعْضِهِ أَوْ تَقْصِيرُهُ لَغْوٌ، وَلَا نَصَّ فِي تَعْمِيمِهِ مِنْهُمَا، وَالْأَقْرَبُ الْكَرَاهَةُ انْتَهَى. وَالظَّاهِرُ: أَنَّهُ لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ أَعْنِي التَّعْمِيمَ مِنْهَا انْتَفَتْ الْكَرَاهَةُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الطِّرَازِ.

ص (تَأْخُذُ قَدْرَ الْأُنْمُلَةِ وَالرَّجُلُ مِنْ قُرْبِ أَصْلِهِ) ش قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي مَنَاسِكِهِ: وَلَا بُدَّ أَنْ تَعُمَّ الْمَرْأَةُ الشَّعْرَ كُلَّهُ طَوِيلَهُ وَقَصِيرَهُ بِالتَّقْصِيرِ نَقَلَهُ الْبَاجِيُّ انْتَهَى.

، وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُوَ عَلَى جِهَةِ الْأَوْلَى قَالَ فِي التَّوْضِيحِ قَالَ مَالِكٌ: لَيْسَ تَقْصِيرُ الرَّجُلِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ أَطْرَافِ شَعْرِهِ، وَلَكِنْ يَجُزُّهُ جَزًّا، وَلَيْسَ مِثْلَ الْمَرْأَةِ، فَإِنْ لَمْ يَجُزَّهُ وَأَخَذَ مِنْهُ فَقَدْ أَخْطَأَ وَيُجْزِئُهُ انْتَهَى.

وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ، وَفِيهَا مَا أَخَذَ مِنْ كُلِّ شَعْرِهِ أَجْزَأَ انْتَهَى.

وَفِي الطِّرَازِ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَوَّازِيَّةِ: لَيْسَ لِذَلِكَ عِنْدَنَا حَدٌّ مَعْلُومٌ، وَمَا أَخَذَ مِنْهُ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ أَجْزَأَ انْتَهَى.

، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: أَقَلُّ مَا يَكْفِي مِنْ التَّقْصِيرِ الْأَخْذُ مِنْ جَمِيعِ الشَّعْرِ طَوِيلِهِ وَقَصِيرِهِ كَذَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ مَعَ مَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ اسْمُ التَّقْصِيرِ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارٍ بِأُنْمُلَةٍ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ انْتَهَى، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (ثُمَّ يُفِيضُ) ش قَالَ الشَّيْخُ إبْرَاهِيمُ بْنُ هِلَالٍ فِي مَنْسَكِهِ: وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُؤَخِّرَ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ بَعْدَ الْحَلْقِ إلَّا بِقَدْرِ مَا يَقْضِي حَوَائِجَهُ الَّتِي لَا بُدَّ مِنْهَا انْتَهَى.

(فَرْعٌ) : قَالَ سَنَدٌ يُسْتَحَبُّ لِلْحَاجِّ أَنْ يَطُوفَ لِلْإِفَاضَةِ فِي ثَوْبَيْ إحْرَامِهِ انْتَهَى.

(فَرْعٌ) : وَاسْتَحَبَّ مَالِكٌ أَنَّهُ إذَا فَرَغَ مِنْ طَوَاف الْإِفَاضَةِ أَنْ يَرْجِعَ إلَى مِنًى، وَلَا يَتَنَفَّلُ بِطَوَافٍ، وَلَا بِطَوَافَيْنِ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي رَسْمِ حَلَفَ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الْحَجِّ عَنْ النَّخَعِيِّ أَنَّهُمْ كَانُوا يَسْتَحِبُّونَ أَنْ يَطُوفُوا يَوْمَ النَّحْرِ ثَلَاثَ أَسَابِيعَ قَالَ: وَقَوْلُ مَالِكٍ أَوْلَى لِمَا قَدَّمْنَاهُ انْتَهَى.

وَقَالَ فِي رَسْمِ سِلْعَةٍ سَمَّاهَا مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيمَنْ أَفَاضَ يَوْمَ النَّحْرِ أَوْ فِي يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ مِنًى فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ طَوَافِهِ سَمِعَ الْأَذَانَ، هَلْ تَرَى لَهُ أَنْ يُقِيمَ حَتَّى يُصَلِّيَ؟ قَالَ: أَرْجُو أَنْ يَكُونَ وَاسِعًا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: لِأَنَّ الِاخْتِيَارَ أَنْ يَرْجِعَ إلَى مِنًى فَيُصَلِّيَ بِهَا الظُّهْرَ إنْ كَانَ أَفَاضَ فِي صَدْرِ النَّهَارِ أَوْ الْمَغْرِبِ إنْ كَانَ أَفَاضَ فِي آخِرِهِ انْتَهَى.

، وَقَالَ فِي النَّوَادِرِ وَزَادَ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ: وَإِنْ سَمِعَ الْإِقَامَةَ فَوَاسِعٌ أَنْ يَثْبُتَ لِيُصَلِّيَ انْتَهَى.

، وَقَالَ فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ فِيمَنْ أَفَاضَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَرْجِعَ إلَى مِنًى (فَرْعٌ) : قَالَ فِي الزَّاهِي: وَلَا يَمْضِي مِنْ مِنًى إلَى مَكَّةَ فِي أَيَّامِ مِنًى لِلطَّوَافِ تَطَوُّعًا وَيَلْزَمُ مَسْجِدَ الْخَيْفِ لِلصَّلَوَاتِ أَفْضَلُ انْتَهَى.

ص

ص: 129

وَحَلَّ بِهِ مَا بَقِيَ إنْ حَلَقَ) ش أَيْ: وَحَلَّ بِطَوَافِ الْإِفَاضَةِ مَا بَقِيَ، وَهُوَ الْجِمَاعُ وَمُقَدِّمَاتُهُ وَعَقْدُ النِّكَاحِ وَالصَّيْدُ وَكَرَاهَةُ الطِّيبِ، وَهَذَا يُسَمَّى التَّحَلُّلَ الثَّانِيَ، وَهَذَا فِي حَقِّ مَنْ قَدَّمَ السَّعْيَ بَعْدَ طَوَافِ الْقُدُومِ، أَمَّا مَنْ لَمْ يَسْعَ قَبْلَ الْوُقُوفِ فَالتَّحَلُّلُ الثَّانِي فِي حَقِّهِ أَنْ يَطُوفَ وَيَسْعَى قَالَهُ سَنَدٌ فِي آخِرِ بَابِ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ مِنْ كِتَابِ الْحَجِّ وَشَرَحَ مَسْأَلَةَ مَنْ طَافَ لِلْقُدُومِ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ مِنْ الْحَجِّ الْأَوَّلِ، وَقَالَهُ فِي الذَّخِيرَةِ فِي الْمَقْصِدِ الثَّامِنِ، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي التَّوْضِيحِ فِي شَرْحِ مَسْأَلَةِ مَنْ طَافَ لِلْقُدُومِ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ صَرِيحٍ فِي ذَلِكَ، وَقَالَ فِي مَنَاسِكِهِ فِي الْفَصْلِ التَّاسِعِ مِنْ الْبَابِ الثَّالِثِ فِي بَيَانِ أَفْعَالِ الْحَجِّ، وَيَرْجِعُ لِلسَّعْيِ مِنْ بَلَدِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَيَأْتِي بِعُمْرَةٍ إنْ أَصَابَ النِّسَاءَ انْتَهَى.

، وَكَلَامُ أَهْلِ الْمَذْهَبِ صَرِيحٌ فِي ذَلِكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (كَتَأْخِيرِهِ الْحَلْقَ لِبَلَدِهِ) ش نَحْوُهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: يُرِيدُ أَوْ طَالَ ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ: فَإِنْ قُلْت، هَلْ يُقَيِّدُ وُجُوبَ الدَّمِ بِمَا إذَا أَخَّرَهُ إلَى الْمُحَرَّمِ كَطَوَافِ الْإِفَاضَةِ قِيلَ: لَا؛ لِأَنَّ الْبَاجِيَّ نَقَلَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ مَا يَنْفِي هَذَا التَّقْيِيدَ وَلَفْظُهُ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إذَا تَبَاعَدَ ذَلِكَ بَعْدَ الْإِفَاضَةِ أَهْدَى، وَلَيْسَ لِذَلِكَ حَدٌّ، وَإِنْ ذَكَرَ، وَهُوَ بِمَكَّةَ قَبْلَ أَنْ يُفِيضَ فَلْيَرْجِعْ حَتَّى يَحْلِقَ ثُمَّ يُفِيضَ انْتَهَى.

وَقَالَ سَنَدٌ فِي بَابِ الْإِحْصَارِ لَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى مَا إذَا أَخَّرَ الْمُحْصَرُ الْحَلْقَ إلَى بَلَدِهِ، وَأَنَّهُ لَا دَمَ عَلَيْهِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ مَا نَصُّهُ: رَأَى ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّ الدَّمَ فِي الْحِلَاقِ إنَّمَا يَكُونُ بِتَأْخِيرِهِ عَنْ وَقْتِهِ، وَوَقْتُهُ أَشْهُرُ الْحَجِّ، وَلَا يَجِبُ فِي مَكَانِ تَحَلُّلِهِ؛ وَلِهَذَا لَوْ رَحَلَ رَجُلٌ مِنْ مِنًى، وَلَمْ يَحْلِقْ بِهَا وَحَلَقَ فِي غَيْرِهَا فِي وَقْتِ الْحِلَاقِ، وَأَشْهُرِ الْحَجِّ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ انْتَهَى.

ص (أَوْ الْإِفَاضَةُ لِلْمُحَرَّمِ) ش وَكَذَا لَوْ طَافَ لِلْإِفَاضَةِ وَأَخَّرَ السَّعْيَ حَتَّى دَخَلَ الْمُحَرَّمُ، فَإِنَّهُ يُعِيدُ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ وَيَسْعَى، وَعَلَيْهِ الْهَدْيُ، كَمَا ذَكَرَهُ سَنَدٌ فِي بَابِ الْمُحْصَرِ، وَإِنْ أَخَّرَ الطَّوَافَ وَالسَّعْيَ مَعًا فَهَدْيٌ وَاحِدٌ يُجْزِيهِ قَالَهُ سَنَدٌ فِي بَابِ الطَّوَافِ مِنْ كِتَابِ الْحَجِّ الْأَوَّلِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَرَمْيِ كُلِّ حَصَاةٍ) ش بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى الْحَلْقِ فِي قَوْلِهِ: كَتَأْخِيرِ الْحَلْقِ.

ص (وَإِنْ لِصَغِيرٍ لَا يُحْسِنُ الرَّمْيَ أَوْ عَاجِزٍ وَلْيَسْتَنِبْ) ش يَعْنِي أَنَّ الْهَدْيَ يَتَرَتَّبُ بِتَأْخِيرِ حَصَاةٍ أَوْ جَمْرَةٍ أَوْ الْجِمَارِ كُلِّهَا لِلَيْلٍ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ التَّأْخِيرُ لِصَغِيرٍ لَا يُحْسِنُ الرَّمْيَ، فَإِنْ لَمْ يَرْمِ عَنْهُ وَلِيُّهُ حَتَّى غَرَبَتْ

ص: 130

الشَّمْسُ أَوْ كَانَ التَّأْخِيرُ لِمَرِيضٍ عَاجِزٍ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَرْمِيَ عَنْ نَفْسِهِ حَتَّى غَرَبَتْ الشَّمْسُ، وَالْحَالُ: أَنَّ الْعَاجِزَ عَنْ الرَّمْيِ يَسْتَنِيبُ لَكِنَّ اسْتِنَابَتَهُ لَا تُسْقِطُ عَنْهُ الْهَدْيَ، وَإِنَّمَا يَسْقُطُ عَنْهُ الْهَدْيُ إذَا صَحَّ قَبْلَ الْغُرُوبِ وَرَمَى عَنْ نَفْسِهِ، وَأَمَّا الصَّبِيُّ إذَا رَمَى عَنْهُ وَلِيُّهُ فَلَا هَدْيَ فِي ذَلِكَ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: وَالْفَرْقُ بَيْنَ الصَّبِيِّ وَالْعَاجِزِ أَنَّ الرَّمْيَ فِي حَقِّ الصَّبِيِّ جُزْءٌ مِنْ أَفْعَالِ الْحَجِّ الَّتِي تُفْعَلُ بِالصَّبِيِّ، وَالْفَاعِلُ فِي الْحَقِيقَةِ لَهَا غَيْرُ الصَّبِيِّ فَلَا يَلْزَمُ فِي الرَّمْيِ عَنْهُ هَدْيٌ، كَمَا لَا يَلْزَمُ فِي سَائِرِ الْأَفْعَالِ مِنْ وُقُوفٍ وَطَوَافٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَالْمَرِيضُ هُوَ الْفَاعِلُ لِسَائِرِ الْأَرْكَانِ، فَإِذَا فُعِلَ عَنْهُ الرَّمْيُ خَاصَّةً مَعَ أَنَّهُ أَتَى بِسَائِرِ الْأَفْعَالِ صَارَ كَأَنَّ الرَّمْيَ لَمْ يَقَعْ أَلْبَتَّةَ انْتَهَى، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَأَعَادَ إنْ صَحَّ قَبْلَ الْفَوَاتِ) ش الظَّاهِرُ: أَنَّ الْإِعَادَةَ عَلَى الْوُجُوبِ فَقَدْ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: إنَّهُ كَالنَّاسِي قَالَ: وَإِذَا قَضَى، فَإِنَّهُ يَرْمِي الْجَمْرَةَ الْأُولَى ثُمَّ الثَّانِيَةَ ثُمَّ الثَّالِثَةَ عَنْ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ ثُمَّ يَرْمِي عَنْ الْيَوْمِ الثَّانِي كَذَلِكَ ثُمَّ الثَّالِثِ كَذَلِكَ، وَلَا يَرْمِي الْجَمْرَةَ الْأُولَى ثَلَاثَ مَرَّاتٍ عَلَى الْأَيَّامِ الثَّلَاثِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَتَقْدِيمُ الْحَلْقِ أَوْ الْإِفَاضَةِ عَلَى الرَّمْيِ) ش أَمَّا تَقْدِيمُ الْحَلْقِ عَلَى الرَّمْيِ فَفِيهِ الْفِدْيَةُ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَغَيْرُهَا لَا، كَمَا تُعْطِيهِ عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّ الْوَاجِبَ هَدْيٌ؛ لِأَنَّ الدَّمَ إذَا أُطْلِقَ إنَّمَا يَنْصَرِفُ لِلْهَدْيِ، وَأَمَّا تَقْدِيمُ الْإِفَاضَةِ عَلَى الرَّمْيِ فَاَلَّذِي رَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ الْإِجْزَاءَ مَعَ الْهَدْيِ، كَمَا قَالَ هُنَا وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا يُجْزِيهِ، وَهُوَ كَمَنْ لَمْ يُفِضْ، وَأَنَّهُ لَوْ وَطِئَ بَعْدَ إفَاضَتِهِ وَقَبْلَ الرَّمْيِ فَسَدَ حَجُّهُ، وَهُوَ خِلَافُ مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ، وَقَالَ أَصْبَغُ أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُعِيدَ الْإِفَاضَةَ، وَذَلِكَ فِي يَوْمِ النَّحْرِ آكَدُ (تَنْبِيهٌ:) وَانْظُرْ لَوْ أَعَادَ الْإِفَاضَةَ بَعْدَ الرَّمْيِ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ، هَلْ يَسْقُطُ عَنْهُ الْهَدْيُ أَمْ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ؟ لَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ، فَإِنَّهُ قَالَ فِي الطِّرَازِ: إذَا، قُلْنَا: يُجْزِئُهُ الْحَجُّ فَعَلَيْهِ الْهَدْيُ لِمَا أَخَّرَ مِنْ سُنَّةِ الْحَجِّ ثُمَّ قَالَ: وَهَلْ يُعِيدُ الْإِفَاضَةَ بَعْدَ مَا رَمَى قَالَ أَصْبَغُ أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُعِيدَ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا يُعِيدُ الْإِفَاضَةَ قَالَ: وَلَوْ لَمْ يُجْزِهِ لَفَسَدَ حَجُّهُ، كَمَا قَالَ أَشْهَبُ وَأَنْ يُعِيدَ أَحْسَنُ؛ لِأَنَّهُ أَحْوَطُ وَأَصْوَنُ وَيَخْرُجُ مِنْ الْخِلَافِ انْتَهَى.

فَقَوْلُهُ: وَهَلْ يُعِيدُ الْإِفَاضَةَ؟ يَقْتَضِي أَنَّهُ مُفَرَّعٌ عَلَى الْقَوْلِ بِالْإِجْزَاءِ مَعَ الْهَدْيِ، وَمُقْتَضَاهُ: أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ بِالْإِعَادَةِ فَتَأَمَّلْهُ.

ص (لَا إنْ خَالَفَ فِي غَيْرٍ) ش بِأَنْ قَدَّمَ النَّحْرَ عَلَى الرَّمْيِ أَوْ قَدَّمَ الْحَلْقَ عَلَى النَّحْرِ أَوْ قَدَّمَ الْإِفَاضَةَ عَلَى النَّحْرِ أَوْ عَلَى الْحَلْقِ أَوْ عَلَيْهِمَا مَعًا.

ص (فَوْقَ الْعَقَبَةِ) ش أَيْ: فَوْقَ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي تَوْضِيحِهِ وَمَنَاسِكِهِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَلَا يَجُوزُ الْمَبِيتُ دُونَ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ مِنًى، وَفِي الْمُوَطَّإِ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يُرَحَّلُ النَّاسَ مِنْ وَرَائِهَا، وَفِيهِ أَيْضًا عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: لَا يَبِيتَنَّ أَحَدٌ مِنْ الْحَاجِّ لَيَالِيَ مِنًى مِنْ وَرَاءِ الْعَقَبَةِ وَعَنْ مَالِكٍ فِي الْمَوَّازِيَّةِ إنْ بَاتَ رَجُلٌ لَيْلَةً وَرَاءَ الْعَقَبَةِ فَلْيُهْدِ هَدْيًا وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ لَا دَمَ عَلَيْهِ حَتَّى يَبِيتَ

ص: 131

اللَّيْلَةَ كُلَّهَا بِغَيْرِ مِنًى انْتَهَى.

، وَقَالَ فِي مَنَاسِكِهِ فِي الْفَصْلِ السَّادِسِ فِي الْمَبِيتِ بِمِنًى وَالرَّمْيُ، وَلَيْسَ مَا بَعْدَ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ مِنْ مِنًى فَمِنْ بَاتَ بَعْدَهَا فَحُكْمُهُ حُكْمُ مَنْ لَمْ يَبِتْ بِمِنًى، وَقَالَ بَعْدَهُ بِنَحْوِ وَرَقَةٍ: وَيُشْتَرَطُ فِي التَّعْجِيلِ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ مِنًى بِأَنْ يَتَجَاوَزَ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ انْتَهَى.

، وَقَالَ فِي الطِّرَازِ فِي بَابِ حُكْمِ مِنًى وَرَمْيِ الْجَمَرَاتِ الثَّلَاثِ، وَهِيَ الَّتِي تَلِي مَسْجِدَ الْخَيْفِ ثُمَّ الْوُسْطَى، وَهِيَ الَّتِي تَلِي الْأُولَى ثُمَّ الثَّالِثَةَ، وَهِيَ جَمْرَةُ الْعَقَبَةِ، وَهِيَ الْقُصْوَى، وَهِيَ أَبْعَدُ الْجِمَارِ إلَى مِنًى وَأَقْرَبُهَا إلَى مَكَّةَ، وَهِيَ الَّتِي تُرْمَى يَوْمَ النَّحْرِ، وَهِيَ عَلَى حَدِّ أَوَّلِ مِنًى مِنْ نَاحِيَةِ مَكَّةَ انْتَهَى.

وَقَالَ الشَّيْخُ زَرُّوق فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ: وَجَمْرَةُ الْعَقَبَةِ آخِرُ مِنًى مِنْ نَاحِيَةِ مَكَّةَ انْتَهَى.

وَقَالَ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ الْمَذْكُورِ الْمَبِيتُ بِمِنًى لَيَالِيَ الرَّمْيِ سُنَّةٌ وَتَارِكُهُ يَلْزَمُهُ الدَّمُ، وَلَوْ بَاتَ تَحْتَ الْجَمْرَةِ مِمَّا يَلِي مَكَّةَ وَسَوَاءٌ اللَّيْلُ كُلُّهُ أَوْ جُلُّهُ عَلَى الْمَشْهُورِ انْتَهَى.

وَمَا وَقَعَ فِي عِبَارَاتِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ مِنْ إطْلَاقَاتِهِمْ لَفْظَ الْعَقَبَةِ، فَإِنَّمَا يَعْنُونَ بِهِ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ، وَلَا نِزَاعَ فِي ذَلِكَ فَقَدْ قَالَ الْمُؤَلِّفُ قَبْلَ هَذَا: وَرَمْيَةُ الْعَقَبَةِ، وَقَالَ بَعْدَهُ: وَرُخِّصَ لِرَاعٍ بَعْدَ الْعَقَبَةِ، وَقَالَ وَرَمْيُ الْعَقَبَةِ أَوَّلَ يَوْمٍ طُلُوعَ الشَّمْسِ، وَمُرَادُهُ بِذَلِكَ كُلِّهِ جَمْرَةُ الْعَقَبَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (قَبْلَ الْغُرُوبِ مِنْ الثَّانِي) ش يَعْنِي أَنَّ التَّعْجِيلَ إنَّمَا يَكُونُ قَبْلَ الْغُرُوبِ مِنْ الْيَوْمِ الثَّانِي فَمَنْ جَاوَزَ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَمَنْ غَرَبَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ قَبْلَ أَنْ يُجَاوِزَهَا لَزِمَهُ الْمَبِيتُ بِمِنًى وَرَمَى الْيَوْمَ الرَّابِعَ (فَرْعٌ) : وَمَنْ أَفَاضَ لَيْسَ شَأْنُهُ التَّعْجِيلَ فَبَدَا لَهُ بِمَكَّةَ أَنْ يَبِيتَ فَلَهُ ذَلِكَ مَا لَمْ تَغِبْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ بِمَكَّةَ، فَإِذَا غَابَتْ فَلْيُقِمْ حَتَّى يَرْمِيَ مِنْ الْغَدِ (فَرْعٌ) : وَلَوْ رَجَعَ إلَى مِنًى ثُمَّ بَدَا لَهُ قَبْلَ الْغُرُوبِ أَنْ يَتَعَجَّلَ فَلَهُ ذَلِكَ.

ص (فَيَسْقُطُ عَنْهُ رَمْيُ الثَّالِثِ) ش أَيْ: الثَّالِثِ مِنْ أَيَّامِ الرَّمْيِ، قَالَ فِي الطِّرَازِ: مَنْ تَعَجَّلَ سَقَطَ عَنْهُ رَمْيُ الثَّالِثِ، فَإِنْ كَانَ مَعَهُ حَصًى أَعَدَّهُ لِرَمْيِ الْيَوْمِ الثَّالِثِ طَرَحَهُ أَوْ دَفَنَهُ لِمَنْ لَمْ يَتَعَجَّلْ، وَمَا يَفْعَلُهُ النَّاسُ مِنْ دَفْنِهِ لَا يُعْرَفُ لَهُ أَصْلٌ، وَلَمْ يَثْبُتْ فِيهِ أَثَرٌ انْتَهَى.

(قُلْت:) قَالَ التَّادَلِيُّ، وَفِي مَنْسَكٍ مَكِّيٍّ: مَنْ أَرَادَ أَنْ يَتَعَجَّلَ دَفَنَ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ الْحَصَا، وَهُوَ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ حَصَاةً، وَهُوَ غَرِيبٌ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ، وَذَكَرَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ يَدْفِنُ الْحَصَى إذَا تَعَجَّلَ، وَلَيْسَ بِمَعْرُوفٍ انْتَهَى.

ص (وَرُخِّصَ لِرَاعٍ بَعْدَ الْعَقَبَةِ أَنْ يَنْصَرِفَ، وَيَأْتِيَ الثَّالِثَ: فَيَرْمِيَ لِلْيَوْمَيْنِ) ش قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَقَالَ مُحَمَّدٌ: يَجُوزُ لَهُمْ ذَلِكَ، وَيَجُوزُ لَهُمْ أَنْ يَأْتُوا لَيْلًا فَيَرْمُوا مَا فَاتَهُمْ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ انْتَهَى.

وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُ، وَالظَّاهِرُ: أَنَّهُ لَيْسَ بِخِلَافٍ؛ لِأَنَّهُ إذْ رُخِّصَ لَهُمْ فِي تَأْخِيرِ الرَّمْيِ، وَلِلْيَوْمِ الثَّانِي فَرَمْيُهُمْ لَيْلًا أَوْلَى بِالْجَوَازِ إلَّا أَنَّهُمْ إذَا جَاءُوا لَيْلًا إلَى مِنًى فَيَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ صَاحِبِ الطِّرَازِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُمْ حُكْمُ الْمَبِيتِ بِهَا قَالَ؛ لِأَنَّ حَاجَةَ الرَّعْيِ إنَّمَا تَكُونُ بِالنَّهَارِ، فَإِذَا غَرَبَتْ الشَّمْسُ فَقَدْ انْقَضَى وَقْتُ الرَّعْيِ وَبِهَذِهِ الْعِلَّةِ فَرَّقَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ أَهْلِ السِّقَايَةِ إذَا غَرَبَتْ لَهُمْ الشَّمْسُ بِمِنًى قَالُوا؛ لِأَنَّ سِقَايَتَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ فَكَانَ لَهُمْ تَرْكُ الْمَبِيتِ بِمِنًى بِخِلَافِ الرُّعَاةِ (تَنْبِيهٌ:) لَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ هُنَا حُكْمَ السِّقَايَةِ مَعَ أَنَّهُ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ فِي مَنَاسِكِهِ قَالَ فِي الطِّرَازِ: يَجُوزُ لِأَهْلِ السِّقَايَةِ تَرْكُ الْمَبِيتِ بِمِنًى وَيَبِيتُونَ بِمَكَّةَ وَيَرْمُونَ الْجِمَارَ بِمِنًى نَهَارًا وَيَعُودُونَ إلَى مَكَّةَ انْتَهَى.

وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِ صَاحِبِ الطِّرَازِ أَنَّ أَهْلَ السِّقَايَةِ لَيْسُوا كَالرُّعَاةِ فِي تَأْخِيرِ الرَّمْيِ، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي مَنَاسِكِهِ يَقْتَضِي أَنَّهُمْ سَوَاءٌ (فَائِدَةٌ:) تَتَضَمَّنُ الْكَلَامَ عَلَى حِكْمَةِ أَصْلِ خُرُوجِ سَابِقِ الْحَاجِّ الْمُبَشِّرِ عَنْهُمْ بِسَلَامَتِهِمْ وَوَقْتِ خُرُوجِهِ، هَلْ هُوَ يَوْمَ الْعِيدِ أَوْ بَعْدَ مُضِيِّ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ؟ قَالَ الشَّيْخُ جَلَالُ الدِّينِ السُّيُوطِيّ فِي حَاشِيَةِ الْمُوَطَّإِ فِي جَامِعِ الْقَضَاءِ: إنَّ رَجُلًا مِنْ جُهَيْنَةَ كَانَ يَسْبِقُ الْحَاجَّ مَا نَصُّهُ أَخْرَجَ الْخَطِيب الْبَغْدَادِيُّ فِي كِتَابِهِ ثَانِي التَّلْخِيصِ مِنْ طَرِيق حُسَيْنٍ الْعِجْلِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكَ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ تَخْرُجُ الدَّابَّةُ مِنْ جَبَلِ أَجْيَادٍ فِي

ص: 132