الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دَوَابَّ مِنْ دَوَابِّهِ لَصَحَّ
[قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَقَالَ أَرَدْت مِنْ الْوِلَادَةِ]
(الثَّالِثُ) إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا، وَقَالَ: أَرَدْت أَنَّكِ طَلُقْت ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ الْوِلَادَةِ أَفَادَهُ ذَلِكَ وَلَمْ يَلْزَمْهُ طَلَاقٌ فِي الْفُتْيَا، وَلَا فِي الْقَضَاءِ، وَإِنْ لَمْ تَقُمْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ أَوْ قَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ لَكِنْ هُنَاكَ مِنْ الْقَرَائِنِ مَا يُعَضِّدُهُ وَإِلَّا لَزِمَهُ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ فِي الْقَضَاءِ دُونَ الْفُتْيَا قَالَهُ الْقَرَافِيُّ فِي الْفَرْقِ الثَّامِنِ وَالْعِشْرِينَ وَالْمِائَةِ، وَمِنْ أَمْثِلَةِ ذَلِكَ أَيْضًا إذَا قَالَ: نِسَائِي طَوَالِقُ وَلَهُ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ، وَقَالَ: أَرَدْت فُلَانَةَ وَفُلَانَةَ وَلَمْ أُرِدْ الرَّابِعَةَ فَنَصَّ ابْنُ بَشِيرٍ فِي مَسَائِلِ الْحَبْسِ مِنْ نَوَازِلِهِ عَلَى أَنْ يُصَدَّقَ إذَا جَاءَ مُسْتَفْتِيًا، وَأَمَّا إذَا قَالَ: جَمِيعُ نِسَائِي، فَلَا يَنْوِي إلَّا أَنْ يَقُولَ: قَدْ اسْتَثْنَيْت فَقُلْتُ: إلَّا فُلَانَةَ أَوْ نَوَيْت إلَّا فُلَانَةَ عَلَى الْخِلَافِ فِي الِاسْتِثْنَاءِ بِالنِّيَّةِ، وَقَدْ ذَكَرْت كَلَامَهُ فِي بَابِ الطَّلَاقِ، وَالْمَشْهُورُ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ لَا يُفِيدُ إلَّا بِحَرَكَةِ اللِّسَانِ إلَّا أَنْ يَعْزِلَ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ فَيَكُونُ ذَلِكَ مِنْ بَابِ الْمُحَاشَاةِ، وَمِنْ أَمْثِلَةِ ذَلِكَ أَيْضًا مَا نَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ الْمَوَّازِ وَنَصُّهُ: قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ إذَا قَالَ: لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ أَلْبَتَّةَ إنْ رَاجَعْتُكِ، ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ، وَقَدْ خَرَجَتْ مِنْ الْعِدَّةِ، وَقَالَ: إنَّمَا نَوَيْت مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ، فَإِنْ كَانَتْ عَلَى يَمِينِهِ بَيِّنَةٌ لَمْ أُدِنْهُ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ دَيَّنْتُهُ، وَقَالَ: وَقِيلَ: إنَّمَا مَعْنَى هَذَا إذَا جَاءَ مُسْتَفْتِيًا بِلَا مُخَاصَمَةٍ، وَلَا مُرَافَعَةٍ، وَأَمَّا إذَا جَاءَتْ الْمُرَافَعَةُ فَسَوَاءٌ كَانَ عَلَى أَصْلِ يَمِينِهِ بَيِّنَةٌ أَوْ لَمْ تَكُنْ وَالْإِقْرَارُ كَالْبَيِّنَةِ، وَكَذَلِكَ مَنْ قَالَ حَلِيمَةُ طَالِقٌ وَلَهُ زَوْجَةٌ وَجَارِيَةٌ يُسَمِّيَانِ بِذَلِكَ، وَقَالَ نَوَيْت جَارِيَتِي فَلَهُ نِيَّتُهُ فِي الْفُتْيَا، وَأَمَّا فِي الْقَضَاءِ، فَإِنْ قَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ أَوْ حَلِفَ بِهِ عَلَى وَثِيقَةِ حَقٍّ، فَلَا تَنْفَعُهُ نِيَّتُهُ وَأَكْثَرُ هَذَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، انْتَهَى كَلَامُ ابْنِ الْمَوَّازِ، انْتَهَى كَلَامُ التَّوْضِيحِ.
ص (إلَّا لِمُرَافَعَةٍ أَوْ بَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ فِي طَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ فَقَطْ)
ش: هَذَا مُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ: إنْ خَالَفَتْ ظَاهِرَ لَفْظِهِ كَمَا تَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ النِّيَّةَ الْمُخَالِفَةَ لِظَاهِرِ اللَّفْظِ الْقَرِيبَةِ مِنْ التَّسَاوِي لَا تُفِيدُ إلَّا إذَا كَانَتْ الْيَمِينُ بِغَيْرِ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ الْمُعَيَّنِ أَوْ بِهِمَا وَجَاءَ مُسْتَفْتِيًا، وَأَمَّا إنْ حَصَلَ مُرَافَعَةٌ مَعَ بَيِّنَةٍ أَوْ مَعَ إقْرَارٍ، فَلَا تُفِيدُ قَالُوا: وَفِي قَوْلِهِ: وَبَيِّنَةٌ بِمَعْنَى مَعَ.
ص (وَاسْتُحْلِفَ مُطْلَقًا فِي وَثِيقَةِ حَقٍّ)
ش: هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى مَا اسْتَثْنَاهُ يَعْنِي: وَكَذَلِكَ لَا تَنْفَعُهُ نِيَّتُهُ إذَا كَانَ مُسْتَحْلَفًا فِي وَثِيقَةِ حَقٍّ وَسَوَاءٌ كَانَ الْحَلِفُ بِاَللَّهِ أَوْ بِغَيْرِهِ، وَهَذَا مُرَادُهُ بِالْإِطْلَاقِ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ عَلَى نِيَّةِ الْحَالِفِ لَهُ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: مِثَالُ الْيَمِينِ الَّذِي عَلَى وَثِيقَةِ حَقٍّ كَمَا لَوْ اُسْتُحْلِفَ مَنْ عِنْدَهُ وَدِيعَةٌ وَأَنْكَرَهَا وَحَلَفَ مَا لَهُ عِنْدِي وَدِيعَةٌ وَنَوَى حَاضِرَةً مَعَهُ، وَكَمَا لَوْ عَقَدَ النِّكَاحَ عَلَى أَنَّهُ إنْ تَسَرَّى عَلَى زَوْجَتِهِ فَعَلَيْهِ التَّصَدُّقُ بِثُلُثِ مَالِهِ، ثُمَّ تَسَرَّى عَلَيْهَا حَبَشِيَّةً، وَقَالَ نَوَيْت مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الْحَبَشِ، فَلَا تُفِيدُهُ تِلْكَ النِّيَّةُ، وَنَحْوُهُ الْبَيْعُ وَالْإِجَارَةُ وَسَائِرُ الْعُقُودِ، وَكَذَا مَنْ لَهُ دَيْنٌ عَلَى غَرِيمٍ فَطَالَبَهُ فَطَلَبَ الْغَرِيمُ التَّأْخِيرَ وَحَلَفَ لَيَقْضِيَنَّهُ إلَى أَجَلٍ فَالْيَمِينُ عَلَى نِيَّةِ الطَّالِبِ لَا عَلَى نِيَّةِ الْغَرِيمِ، وَحَكَى صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ وَابْنُ زَرْقُونٍ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّ النِّيَّةَ لَا تَنْفَعُ إذَا اُقْتُطِعَ بِهَا حَقُّ الْغَيْرِ لِلْحَدِيثِ الصَّحِيحِ «مَنْ اقْتَطَعَ حَقَّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِيَمِينِهِ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَأَوْجَبَ لَهُ النَّارَ قَالُوا: وَإِنْ كَانَ يَسِيرًا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: وَإِنْ كَانَ قَضِيبًا مِنْ أَرَاكٍ، وَإِنْ كَانَ قَضِيبًا مِنْ أَرَاكٍ، وَإِنْ كَانَ قَضِيبًا مِنْ أَرَاكٍ قَالَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ» انْتَهَى بِاخْتِصَارِ بَعْضِهِ بِاللَّفْظِ وَبَعْضُهُ بِالْمَعْنَى، وَمَا حَكَاهُ عَنْ ابْنِ زَرْقُونٍ مِنْ الْإِجْمَاعِ خِلَافَ مَا حَكَاهُ الشَّيْخُ بَهْرَامُ فِي الْوَسَطِ عَنْهُ فَإِنَّهُ حَكَى عَنْهُ قَوْلَيْنِ فَتَأَمَّلْهُ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ: وَثِيقَةُ حَقٍّ أَنَّهَا لَوْ لَمْ تَكُنْ وَثِيقَةَ حَقٍّ تَنْفَعُهُ وَهُوَ كَذَلِكَ إنْ كَانَ الْيَمِينُ بِاَللَّهِ، وَإِنْ كَانَتْ بِغَيْرِ اللَّهِ فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ نَقَلَهَا ابْنُ الْحَاجِبِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ:(الْأَوَّلُ) أَنَّ الْيَمِينَ عَلَى نِيَّةِ الْمَحْلُوفِ لَهُ رَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ وَبِهِ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَسَحْنُونٌ وَأَصْبَغُ وَعِيسَى.
(وَالثَّانِي) أَنَّهَا عَلَى نِيَّةِ الْحَالِفِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ.
(وَالثَّالِثُ) التَّفْصِيلُ لِابْنِ الْمَاجِشُونِ وَسَحْنُونٍ إنْ كَانَ مُسْتَحْلَفًا فَعَلَى نِيَّةِ الْمَحْلُوفِ لَهُ، وَإِنْ كَانَ مُتَطَوِّعًا، فَعَلَى
نِيَّةِ الْحَالِفِ، انْتَهَى.
(قُلْت) ذُكِرَ فِي الْبَيَانِ فِي رَسْمِ الرُّهُونِ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ النُّذُورِ أَنَّ الْقَوْلَ بِأَنَّهَا عَلَى نِيَّةِ الْحَالِفِ إذَا كَانَ مُتَطَوِّعًا بِهَا لِمَالِكٍ، وَقَالَ إنَّ عَلَيْهِ الْأَكْثَرَ، وَنُقِلَ عَنْ ابْنِ مُيَسَّرٍ أَنَّهُ رَجَّحَهُ، وَقَالَ أَنَّهُ الْأَجْوَدُ وَانْظُرْ الْمَسْأَلَةَ فِي أَوَّلِ سَمَاعِ أَشْهَبَ فِي الْأَيْمَانِ بِالطَّلَاقِ، وَفِي رَسْمِ شَكٍّ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ النُّذُورِ فَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّهَا عَلَى نِيَّةِ الْحَالِفِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَتْ بِاَللَّهِ أَوْ بِغَيْرِ اللَّهِ إذَا لَمْ تَكُنْ فِي وَثِيقَةِ حَقٍّ، وَاعْلَمْ أَنَّهُ كَانَ حَقُّ الْمُصَنِّفِ أَنْ يُقَدِّمَ هَذَا الْفَرْعَ عَلَى قَوْلِهِ: وَخَصَّصَتْ؛ لِأَنَّهُ مُرَتَّبٌ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ إنَّمَا تُخَصِّصُ وَتُقَيِّدُ وَتُقْبَلُ فِي الْقَضَاءِ وَالْفُتْيَا، وَلَا تُقْبَلُ الْيَمِينُ إذَا كَانَتْ عَلَى نِيَّتِهِ كَذَا قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
. ص (لَا إرَادَةِ مَيِّتَةٍ وَكَذَبَ فِي طَالِقٍ وَحُرَّةٍ أَوْ حَرَامٍ، وَإِنْ بِفَتْوَى) ش هَذَا هُوَ الْوَجْهُ الرَّابِعُ، وَهُوَ أَنْ تُخَالِفَ النِّيَّةُ ظَاهِرَ اللَّفْظِ وَتُوَافِقَ
الِاحْتِمَالَ الْمَرْجُوحَ الْبَعِيدَ مِنْ التَّسَاوِي، فَلَا تَنْفَعُهُ نِيَّتُهُ لَا فِي الْقَضَاءِ، وَلَا فِي الْفُتْيَا مِثَالُهُ أَنْ يَقُولَ: امْرَأَتِي طَالِقٌ أَوْ جَارِيَتِي حُرَّةٌ، وَقَالَ: أَرَدْت زَوْجَتِي الَّتِي مَاتَتْ أَوْ أَمَتِي الَّتِي مَاتَتْ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يُرِيدَ الْإِنْشَاءَ أَوْ الْخَبَرَ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَا يَصِحُّ إرَادَتُهُ فِي الْمَيِّتَةِ، أَمَّا الْإِنْشَاءُ فَلِأَنَّهُ يَسْتَدْعِي وُجُودَ مَحِلٍّ يَلْزَمُ فِيهِ الطَّلَاقُ وَالْحُرِّيَّةُ وَاَلَّتِي مَاتَتْ لَا تَصْلُحُ أَنْ تَكُونَ مَحِلًّا لِلطَّلَاقِ، وَلَا لِلْحُرِّيَّةِ، وَأَمَّا الْإِخْبَارُ فَلِأَنَّهُ إخْبَارٌ بِمَا لَا يُفِيدُ فَوَجَبَ صَرْفُهُ لِمَنْ هِيَ تَحْتَهُ الْآنَ أَوْ لِمَنْ هِيَ فِي مِلْكِهِ الْآنَ، انْتَهَى بِالْمَعْنَى. وَكَذَلِكَ لَا يُصَدَّقُ فِي إرَادَةِ الْكَذِبِ فِيمَا إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ حَرَامٌ، وَقَالَ أَرَدْت الْكَذِبَ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ؛ لِأَنَّ لَفْظَهُ ظَاهِرٌ فِي الْإِنْشَاءِ بَيْنَ الظُّهُورِ، وَلَا يَحْتَمِلُ الْخَبَرَ إلَّا عَلَى بُعْدٍ، وَإِنْ كَانَتْ صِيغَةُ الْخَبَرِ وَالْإِنْشَاءِ فِي هَذَا سَوَاءً؛ لِأَنَّ الْمُتَبَادَرَ فِي الزَّوْجَةِ إنَّمَا هُوَ الْإِنْشَاءُ لَمَّا كَانَ الصِّدْقُ وَالْكَذِبُ مِنْ عَوَارِضِ الْخَبَرِ وَجَبَ أَنْ لَا يُقْبَلَ مِنْهُ أَنَّهُ أَرَادَ الْكَذِبَ وَيُحْمَلَ عَلَى الْإِنْشَاءِ، فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِي طَالِقٍ وَحُرَّةٍ رَاجِعٌ إلَى مَسْأَلَةِ الْمَيِّتَةِ وَقَوْلُهُ: أَوْ حَرَامٌ رَاجِعٌ إلَى مَسْأَلَةِ دَعْوَى الْكَذِبِ، وَمَا قَالَهُ فِي هَذَا الْوَجْهِ نَحْوُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ فِيهَا فِي كِتَابِ التَّخْيِيرِ وَالتَّمْلِيكِ، وَلَوْ حَلَفَ لِلسُّلْطَانِ طَائِعًا بِطَلَاقِ امْرَأَتِهِ فِي أَمْرٍ كَذِبٍ، فَقَالَ: نَوَيْت امْرَأَتِي الْمَيِّتَةَ، فَلَا يَنْوِي فِي قَضَاءٍ وَلَا فُتْيَا؛ لِأَنَّهُ قَالَ: امْرَأَتِي وَتَطْلُقُ امْرَأَتُهُ، وَفِيهِ أَيْضًا، وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ حَرَامٌ، ثُمَّ قَالَ: لَمْ أُرِدْ بِذَلِكَ الطَّلَاقَ وَإِنَّمَا أَرَدْت الْكَذِبَ فَالتَّحْرِيمُ يَلْزَمُهُ، وَلَا يَنْوِي، وَفِي كِتَابِ الْعِتْقِ مِنْهَا، وَمَنْ قَالَ لِعَبْدِهِ أَنْتَ حُرٌّ، أَوْ امْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ، وَقَالَ نَوَيْت بِذَلِكَ الْكَذِبَ لَزِمَهُ الْعِتْقُ وَالطَّلَاقُ وَلَا يَنْوِي قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَدْ سُئِلَ مَالِكٌ عَمَّا يُشْبِهُ هَذَا فَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ نِيَّةً فَانْظُرْ أَوَّلَ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ الْأَيْمَانِ بِالطَّلَاقِ فِي مَسْأَلَةِ قَوْلِهِ: أَنْتِ حَرَامٌ فَإِنَّ فِيهِ مَا يُشْبِهُهَا، وَذَكَرَ أَنَّهُ يَنْوِي فِيهَا فَتَأَمَّلْهُ، وَمَا ذَكَرْتُهُ فِي حَلِّ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَحَمْلِ قَوْلِهِ: نَافَتْ عَلَى مَا تَقَدَّمَ هُوَ الَّذِي يَظْهَرُ مِنْ عِبَارَتِهِ فِي هَذَا الْمَحِلِّ، وَضَعَّفَهُ ابْنُ غَازِيٍّ وَقَالَ: لَوْ لَمْ يَكُنْ فِي هَذَا مِنْ التَّكَلُّفِ إلَّا اسْتِعْمَالُ الْمُنَافَاةِ الَّتِي هِيَ الْمُضَادَّةُ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَعْنَى لَكَانَ كَافِيًا فِي قُبْحِهِ وَحَمْلِ الْكَلَامِ عَلَى وَجْهٍ آخَرَ.
(قُلْت) أَمَّا اسْتِعْمَالُ الْمُنَافَاةِ فِي هَذَا الْمَعْنَى، فَلَا قُبْحَ فِيهِ كَمَا تَقَدَّمَ وَاسْتِعْمَالُهُ فِي عِبَارَةِ الْقَرَافِيِّ وَابْنِ رَاشِدٍ وَغَيْرِهِمَا فِي هَذَا الْمَحِلِّ، نَعَمْ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ رحمه الله يَقْتَضِي أَنَّ هَذَا التَّفْصِيلَ يَأْتِي فِي الْمُقَيِّدَةِ وَلَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَهُ فِيهَا، بَلْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْمُقَيِّدَةِ، وَحِينَئِذٍ فَلَا يَتَأَتَّى فِيهَا هَذَا التَّفْصِيلُ، بَلْ يُقَالُ: هُوَ عَائِدٌ عَلَى الْمُخَصِّصَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَمَا حَمَلْنَا عَلَيْهِ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ هُوَ أَوْضَحُ مِمَّا حَمَلَهُ عَلَيْهِ ابْنُ غَازِيٍّ وَبَقِيَ هُنَا احْتِمَالٌ آخَرَ وَلَعَلَّ الْمُصَنِّفُ رحمه الله أَرَادَهُ؛ لِأَنَّهُ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي التَّوْضِيحِ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: إنْ نَافَتْ عَائِدًا إلَى قَوْلِهِ: خَصَّصَتْ كَمَا تَقَدَّمَ، وَقَوْلُهُ: سَاوَتْ رَاجِعٌ إلَى قَوْلِهِ: وَقَيَّدَتْ. قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَتُتَصَوَّرُ الْمُسَاوَاةُ فِي تَقْيِيدِ