الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَنَّهُ إنْ كَانَ لِعِلَّةٍ لَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ، وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ، أَوْ لِعِلَّةٍ وَعَلَيْهِ اخْتَصَرَهَا ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ، وَفِي غَيْرِ الْمُدَوَّنَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى الْقَوْلَيْنِ هَلْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَالْقَدَمَيْنِ، أَوْ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ فِيهِمَا نَادِرٌ بِخِلَافِ الْقَدَمَيْنِ، وَهَذَا يَنْبَنِي عَلَى النَّادِرِ هَلْ يُرَاعَى أَوْ لَا؟ قَالَ أَبُو عِمْرَانَ رَأَيْت فِي الْمُخْتَلِطَةِ، أَوْ لِعِلَّةٍ، فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّ السَّاقَيْنِ وَالذِّرَاعَيْنِ لَيْسَ مِنْ شَأْنِهِمَا أَنْ يَنْكَشِفَا، فَأَشْبَهَ مَنْ دَهَنَ سَائِرَ جَسَدِهِ انْتَهَى.
وَنَقَلَ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ كَلَامَ أَبِي إبْرَاهِيمَ إلَّا أَنَّ كَلَامَهُ قَدْ يُوهِمُ أَنَّ الْخِلَافَ فِي مَسْأَلَةِ الْقَدَمَيْنِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ: قَوْلُهُ وَإِنْ دَهَنَ قَدَمَيْهِ، أَوْ عَقِبَيْهِ مِنْ شُقُوقٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ الْمَسْأَلَةُ ظَاهِرَةٌ لَوْ كَانَ لِعِلَّةٍ لَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ، وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ، أَوْ مِنْ عِلَّةٍ وَعَلَيْهَا اخْتَصَرَهَا ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ عَنْ التَّادَلِيِّ فَقَدْ يُتَوَهَّمُ فِي قَوْلِهِ ظَاهِرَهُ أَنَّهُ رَاجِعٌ لِمَسْأَلَةِ الْقَدَمَيْنِ وَالْيَدَيْنِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا هُوَ رَاجِعٌ لِآخِرِ الْمَسْأَلَةِ؛ لِأَنَّ عَادَتَهُ كَذَلِكَ يَذْكُرُ أَوَّلًا كَلَامَ الْمُدَوَّنَةِ، ثُمَّ يَقُولُ الْمَسْأَلَةَ، أَوْ إلَخْ، ثُمَّ يَتَكَلَّمُ عَلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِأَوَّلِهَا وَآخِرِهَا، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ بَقِيَّةُ كَلَامِهِ، فَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ فَهِمَ أَنَّ الْكَلَامَ رَاجِعٌ إلَى مَسْأَلَةِ الْقَدَمَيْنِ فَقَالَ: مَا تَقَدَّمَ، وَقَدْ عَلِمْتَ مَا فِي ذَلِكَ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ.
(تَنْبِيهٌ) : قَالَ فِي الطِّرَازِ إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ يَقْتَصِرُ بِالدَّهْنِ عَلَى مَوْضِعِ الشُّقُوقِ، وَلَا يَتَجَاوَزُهُ إلَّا مَا لَا يُحْتَرَزُ مِنْ مِثْلِهِ انْتَهَى.
[فَرْعٌ إذَا قَطَّرَ الْمُحْرِم فِي أُذُنَيْهِ بَانًا غَيْرَ مُطَيَّبٍ لِوَجَعٍ أَوْ جَعَلَهُ فِي فِيهِ]
(فَرْعٌ) : قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ رَوَى ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ الْمُوَطَّإِ فَإِنْ قَطَّرَ فِي أُذُنَيْهِ بَانًا غَيْرَ مُطَيَّبٍ لِوَجَعٍ، أَوْ جَعَلَهُ فِي فِيهِ فَلَا فِدْيَةَ، وَقَالَ التُّونُسِيُّ فِي تَقْطِيرِهِ فِي الْأُذُنِ الْفِدْيَةُ، وَلَمْ يَحْكِ غَيْرَهُ انْتَهَى وَنَقَلَهُ فِي الطِّرَازِ.
[فَرْعٌ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَأْتَدِمَ بِالزَّيْتِ والشيرج وَيَسْتَعِطَ بِهِمَا]
(فَرْعٌ) : قَالَ فِي الْحَجِّ الْأَوَّلِ مِنْ مُخْتَصَرِ الْمُدَوَّنَةِ لِابْنِ أَبِي زَيْدٍ: وَلَهُ أَنْ يَأْتَدِمَ بِالزَّيْتِ وَالشَّيْرَجِ وَيَسْتَعِطَ بِهِمَا، وَأَمَّا الْبَنَفْسَجُ وَالزِّئْبَقُ، فَلَا انْتَهَى.
قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: فِي قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ، وَيَحْرُمُ تَرْجِيلُ الشَّعْرِ بِالدُّهْنِ بِخِلَافِ أَكْلِهِ، وَلِكَوْنِ الدُّهْنِ غَيْرَ مُطَيَّبٍ لَمْ يُمْنَعْ مِنْ أَكْلِهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ حُكْمُ الطِّيبِ فِي الطَّعَامِ انْتَهَى.
وَقَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ: قَوْلُهُ بِخِلَافِ أَكْلِهِ يَعْنِي فَإِنَّهُ جَائِزٌ مَا لَمْ يَكُنْ مُطَيَّبًا، فَعُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّ حُكْمَ أَكْلِ الدُّهْنِ الْمُطَيَّبِ حُكْمُ أَكْلِ الطِّيبِ الَّذِي ذَكَرَهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَتَطَيُّبٌ بِكَوَرْسٍ)
ش: هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ أَوَّلَ الْفَصْلِ لَبِسَ قُفَّازًا، أَوْ عَلَى مَا يَلِيهِ مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ أَعْنِي قَوْلَهُ، وَدَهْنُ الْجَسَدِ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ وَالْمُحْرِمَةِ التَّطَيُّبُ بِالطِّيبِ الْمُؤَنَّثِ، وَهُوَ مَا يَظْهَرُ رِيحُهُ، وَأَثَرُهُ كَالْوَرْسِ وَالزَّعْفَرَانِ وَالْمِسْكِ وَالْكَافُورِ وَالْعَنْبَرِ وَالْعُودِ يُرِيدُ، وَتَجِبُ الْفِدْيَةُ بِاسْتِعْمَالِهِ، وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ بِكَوَرْسٍ عَنْ الطِّيبِ الْمُذَكَّرِ، فَإِنَّهُ لَا يَحْرُمُ اسْتِعْمَالُهُ، وَلَكِنَّهُ يُكْرَهُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَشَمٌّ كَرَيْحَانٍ (تَنْبِيهٌ) : قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ: مَعْنَى اسْتِعْمَالِ الطِّيبِ إلْصَاقُ الطِّيبِ بِالْيَدِ، أَوْ بِالثَّوْبِ، فَإِنْ عَلِقَ الرِّيحُ دُونَ الْعَيْنِ بِجُلُوسِهِ فِي حَانُوتِ عَطَّارٍ، أَوْ بَيْتٍ تَجَمَّرَ سَاكِنُوهُ، فَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ مَعَ كَرَاهَةِ تَمَادِيهِ عَلَى ذَلِكَ انْتَهَى.
وَنَقَلَهُ ابْنُ الْفَاكِهَانِيِّ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ وَقَبِلَهُ، وَتَقَدَّمَ عَنْ اللَّخْمِيِّ وَصَاحِبِ الطِّرَازِ مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَمَصْبُوغٌ لِمُقْتَدًى بِهِ.
(فَرْعٌ) : قَالَ فِي الطِّرَازِ وَلَا فَرْقَ فِي وُجُوبِ الْفِدْيَةِ بَيْنَ أَنْ يُطَيِّبَ جَمِيعَ جَسَدِهِ، أَوْ عُضْوًا مِنْهُ، أَوْ دُونَ ذَلِكَ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَابْنِ حَنْبَلٍ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إنَّمَا تَجِبُ الْفِدْيَةُ إذَا طَيَّبَ عُضْوًا كَامِلًا مِثْلَ الرَّأْسِ وَالْفَخِذِ وَالسَّاقِ وَالشَّارِبِ وَشِبْهِ ذَلِكَ فَأَمَّا أَنْ يُطَيِّبَ بَعْضَ الْعُضْوِ فَلَا فِدْيَةَ فِيهِ، وَاحْتَجَّ بِأَنَّهُ لَيْسَ بِتَطَيُّبٍ مُعْتَادٍ، وَهَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ، وَالنَّاسُ يَخْتَلِفُونَ فِي ذَلِكَ، وَكَيْفَمَا مَسَّ الطِّيبَ، فَقَدْ تَطَيَّبَ انْتَهَى.
ص (وَإِنْ ذَهَبَ رِيحُهُ)
ش: يَعْنِي أَنَّ الطِّيبَ مَمْنُوعٌ مِنْ اسْتِعْمَالِهِ، وَإِنْ ذَهَبَتْ رِيحُهُ إلَّا أَنَّهُ لَا فِدْيَةَ فِيهِ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَقَوْلُ ابْنِ شَاسٍ لَوْ ذَهَبَتْ رَائِحَةُ الْمِسْكِ لَمْ يَصِحَّ إنْ أَرَادَ، وَتَجِبُ الْفِدْيَةُ مَعَ تَحَقُّقِ ذَهَابِ كُلِّهَا، فَفِيهِ نَظَرٌ انْتَهَى.
(قُلْت) : وَكَأَنَّهُ لَمْ يَقِفْ عَلَى نَصٍّ فِي ذَلِكَ، وَقَدْ صَرَّحَ اللَّخْمِيُّ فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الْحَجِّ لَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى الْمَصْبُوغِ
بِالزَّعْفَرَانِ وَنَحْوِهِ بِأَنَّهُ لَا فِدْيَةَ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ وَلَوْ جَعَلَ فِي ثَوْبِهِ طِيبًا قَدْ قَدُمَ، وَذَهَبَ رِيحُهُ لَمْ يَكُنْ فِيهِ فِدْيَةٌ انْتَهَى، وَكَلَامُهُ يَقْتَضِي أَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْمَذْهَبُ، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَكَلَامُ صَاحِبِ الطِّرَازِ صَرِيحٌ، أَوْ كَالصَّرِيحِ فِي ذَلِكَ، فَإِنَّهُ قَالَ فِي كِتَابِ الْحَجِّ الْأَوَّلِ فِي الثَّوْبِ الْمَصْبُوغِ بِالزَّعْفَرَانِ إذَا غُسِلَ، أَوْ نُشِرَ وَتَقَادَمَ حَتَّى انْقَطَعَتْ رَائِحَتُهُ وَلَا يَظْهَرُ بِوَجْهٍ: أَنَّهُ يُكْرَهُ لُبْسُهُ، وَلَا يَحْرُمُ، ثُمَّ قَالَ: لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ الطِّيبِ الرَّائِحَةُ فَإِنْ كَانَتْ قَائِمَةً افْتَدَى، وَإِلَّا فَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ انْتَهَى.
وَرَأَيْتَ فِي حَاشِيَةٍ مَعْزُوَّةٍ لِكِتَابِ اللُّبَابِ شَرْحِ الْجَلَّابِ لِلْغَسَّانِيِّ فِيهَا مَا نَصُّهُ لَوْ انْقَطَعَتْ رَائِحَةُ الطِّيبِ لَمْ يَجُزْ اسْتِعْمَالُهُ، وَلَا فِدْيَةَ فِيهِ، وَهُوَ كَلَامٌ حَسَنٌ.
ص (أَوْ لِضَرُورَةِ كُحْلٍ)
ش: ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ يَقْتَضِي أَنَّ اسْتِعْمَالَ الطِّيبِ لِضَرُورَةِ الْكُحْلِ وَشَبَهِهَا مَمْنُوعٌ، وَلَيْسَ ذَلِكَ مُرَادُهُ، وَإِنَّمَا أَرَادَ أَنَّ ذَلِكَ مُوجِبُ الْفِدْيَةِ، وَهَذَا نَحْوُ مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ كَكَفٍّ وَرِجْلٍ بِمُطَيِّبٍ.
وَلَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حُكْمُ اكْتِحَالِ الْمُحْرِمِ بِغَيْرِ الْمُطَيَّبِ، وَالْمَذْهَبُ إنْ كَانَ لِضَرُورَةٍ، فَهُوَ جَائِزٌ، وَإِنْ كَانَ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ، فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ مَشْهُورُهَا وُجُوبُ الْفِدْيَةِ عَلَى الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ.
وَقِيلَ لَا تَجِبُ عَلَيْهِمَا، وَقِيلَ تَجِبُ عَلَى الْمَرْأَةِ دُونَ الرَّجُلِ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي مَنَاسِكِهِ: وَالْكُحْلُ فِيهِ الْفِدْيَةُ إنْ كَانَ مُطَيَّبًا، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُطَيَّبٍ، وَكَانَ لِضَرُورَةٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ فَالْمَشْهُورُ وُجُوبُ الْفِدْيَةِ وَثَالِثُهَا تَجِبُ عَلَى الْمَرْأَةِ دُونَ الرَّجُلِ، وَحَكَى بَعْضُهُمْ الِاتِّفَاقَ عَلَى وُجُوبِ الْفِدْيَةِ عَلَى الْمَرْأَةِ انْتَهَى. وَنَحْوُهُ فِي التَّوْضِيحِ وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَاكْتِحَالُ الْمُحْرِمِ مُطْلَقًا لِدَوَاءٍ جَائِزٌ، وَفِيهِ بِمُطَيَّبٍ الْفِدْيَةُ وَلِزِينَةٍ مَمْنُوعٌ، وَفِي الْفِدْيَةِ بِغَيْرِ مُطَيَّبٍ ثَالِثُهَا عَلَى الْمَرْأَةِ لَهَا وَلِلَّخْمِيِّ عَلَى الْقَاضِي عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا وَالْجَلَّابِ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ انْتَهَى.
(فُرُوعٌ الْأَوَّلُ) : قَالَ سَنَدٌ فَإِنْ اُضْطُرَّ إلَى الْكُحْلِ، فَاكْتَحَلَ لِقَصْدِ الدَّوَاءِ.
وَلِقَصْدِ الزِّينَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: عَلَيْهِ الْفِدْيَةُ، فَغَلَّبَ جَانِبَ الْفِدْيَةِ (الثَّانِي) : قَالَ أَيْضًا أَمَّا تَنْشِيفُ الْعَيْنِ، فَإِنْ كَانَ بِبَعْضِ الْمِيَاهِ، أَوْ بِشَيْءٍ لَا يَتَحَجَّرُ عَلَى الْجَسَدِ، فَهُوَ خَفِيفٌ، وَإِنْ كَانَ لِشَيْءٍ يَتَحَجَّرُ، وَيَسْتُرُ الْبَشَرَةَ سَتْرًا كَثِيفًا حَتَّى يَكُونَ كَالْقِرْطَاسِ، فَفِيهِ الْفِدْيَةُ (الثَّالِثُ) : قَالَ أَيْضًا عَنْ الْمَوَّازِيَّةِ لَا تَكْتَحِلُ الْمَرْأَةُ بِالْإِثْمِدِ، وَإِنْ اُضْطُرَّتْ إلَى الْكُحْلِ؛ لِأَنَّهُ زِينَةٌ إلَّا أَنْ تَدْعُوَ الضَّرُورَةُ إلَيْهِ نَفْسِهِ، فَتَكْتَحِلُ بِهِ وَلَا فِدْيَةَ انْتَهَى.
(الرَّابِعُ) : قَالَ التَّادَلِيُّ فِي مَنَاسِكِهِ: قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: وَلُبْسُ الْحَرِيرِ لِلْمَرْأَةِ الْمُحْرِمَةِ وَالْحُلِيِّ جَائِزٌ بِخِلَافِ الْكُحْلِ لِلزِّينَةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ طِيبٌ، وَعَلَيْهَا الْفِدْيَةُ إنْ اكْتَحَلَتْ.
فَإِنْ قِيلَ: فَلِمَاذَا أَجَازَ لُبْسَ الْحَرِيرِ وَالْحُلِيِّ، وَذَلِكَ مِنْ دَوَاعِي النِّكَاحِ، وَمَا الْفَرْقُ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ الْكُحْلِ بِغَيْرِ مَا فِيهِ طِيبٌ مِنْ الِاكْتِحَالِ لِلزِّينَةِ قِيلَ؛ لِأَنَّ الْكُحْلَ إذَا كَانَ لِلزِّينَةِ، فَلَهَا فِيهِ انْتِفَاعٌ فِي عَيْنِهَا وَجَمَالٌ وَالْحُلِيُّ وَالْحَرِيرُ لَا انْتِفَاعَ لَهَا فِيهِ، فَإِنْ قِيلَ الْمَنْفَعَةُ تُوجِبُ عَلَيْهَا الْفِدْيَةَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ زِينَةٌ كَدَوَائِهَا لِجُرْحٍ، وَشِبْهِ ذَلِكَ قِيلَ قَدْ يَكُونُ الْكُحْلُ أَمْرًا لَا يَكَادُ أَنْ يُسْتَغْنَى عَنْهُ لِمَكَانٍ مَا فِي الْعَيْنِ بِمَا يُصْلِحُهُ الْكُحْلُ كَالْإِدْهَانِ بِالزَّيْتِ لِيَتَمَرَّنَ عَلَى الْعَمَلِ.
وَلَوْ فَعَلَ ذَلِكَ فَاعِلٌ لِيُحَسِّنَ يَدَيْهِ لَكَانَتْ عَلَيْهِ الْفِدْيَةُ، فَصَارَ مَا فَعَلَ لِلضَّرُورَةِ مِنْ هَذَا لَا فِدْيَةَ فِيهِ انْتَهَى.
ص (وَلَوْ فِي طَعَامٍ)
ش: قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَيُكْرَهُ لَهُ أَنْ يَشْرَبَ شَرَابًا فِيهِ كَافُورٌ، أَوْ يَأْكُلَ دُقَّةً مُزَعْفَرَةً فَإِنْ فَعَلَ افْتَدَى، وَكَرِهَ فِي الْمُدَوَّنَةِ لِغَيْرِ الْمُحْرِمِ أَنْ يَشْرَبَ الْمَاءَ الَّذِي فِيهِ الْكَافُورُ لِلسَّرَفِ انْتَهَى مِنْ التَّوْضِيحِ، وَقَالَ سَنَدٌ أَمَّا غَيْرُ الْمُحْرِمِ فَيَخْتَلِفُ فِيهِ حَالُهُ بِقَدْرِ ثَمَنِ الْكَافُورِ، وَعُلُوِّ قِيمَتِهِ وَنُزُولِهَا.
فَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا قِيمَةَ لَهُ، فَلَا شَيْءَ فِيهِ، وَتَطَيُّبُ الْمَاءِ بِمِثْلِ ذَلِكَ لَيْسَ بِسَرَفٍ، وَهُوَ كَتَجْمِيرِ آلَتِهِ، وَإِنْبَاذِ الْعَسَلِ فِيهِ، وَشِبْهِ ذَلِكَ مِنْ مَقَاصِدِ الْعُقَلَاءِ {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ} [الأعراف: 32] الْآيَةَ قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها: «كَانَ يُسْتَعْذَبُ لَهُ الْمَاءُ عليه السلام -