الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كَلَامِ صَاحِبِ التَّوْضِيحِ وَكَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّ قَوْلَ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ الْمُوَثَّقِينَ مُخَالِفٌ لِقَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ وَأَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْأَبَ لَوْ قَامَ بِدَعْوَى الْعَارِيَّةِ بَعْدَ كَمَالِ السَّنَةِ لَمْ تُقْبَلْ وَدَعْوَاهُ عِنْدَ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ الْمُوَثَّقِينَ وَتُقْبَلُ بِيَمِينٍ عِنْدَ ابْنِ حَبِيبٍ وَلَا تَبْطُلُ إلَّا بِالزِّيَادَةِ عَلَى السَّنَةِ وَحَمَلَ الشَّارِحُ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ فِي السَّنَةِ عَلَى قَوْلِ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ الْمُوَثَّقِينَ وَجَعَلَهُ مُوَافِقًا لِقَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ وَنَصُّهُ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ الْقُرْبَ سَنَةٌ أَيْ: فَأَدْنَى ذَهَبَ إلَيْهِ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْمُوَثِّقِينَ وَحَكَاهُ فِي النَّوَادِرِ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ وَقَالَ أَبُو إبْرَاهِيمَ: الْعَشَرَةُ الْأَشْهُرِ عِنْدِي تَقْطَعُ حُجَّةَ الْأَبِ اهـ. وَمَا عَزَاهُ لِلنَّوَادِرِ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ هُوَ قَوْلُهُ الْمُتَقَدِّمُ وَلَيْسَتْ السَّنَةُ فِي ذَلِكَ بِطُولٍ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّوْفِيقِ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ مُخَالِفٌ لِمَا تَقَدَّمَ، وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِي السَّنَةِ ظَاهِرُهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ قَوْلُ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ الْمُوَثَّقِينَ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ. وَقَوْلُهُ بِيَمِينٍ هُوَ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ فَلَعَلَّهُ مَشَى عَلَى قَبُولِ الدَّعْوَى فِي السَّنَةِ عَلَى قَوْلِهِمْ وَفِي إيجَابِ الْيَمِينِ عَلَى قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ فَتَأَمَّلْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
[التَّنْبِيه الثَّانِي إذَا ادَّعَى أَنَّ الَّذِي دَخَلَتْ بِهِ عَارِيَّةٌ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ]
(الثَّانِي) قَالَ الشَّارِحُ فِي حِلِّ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ " وَقُبِلَ دَعْوَى الْأَبِ " مَا نَصُّهُ أَيْ: إذَا ادَّعَى أَنَّ الَّذِي دَخَلَتْ بِهِ عَارِيَّةً لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ إنْ قَامَ بِقُرْبِ الْبِنَاءِ مَعَ يَمِينِهِ انْتَهَى، فَقَوْلُهُ عَارِيَّةٌ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِيمَا يَدَّعِي الْأَبُ إعَارَتَهُ لَهَا بَيْنَ أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّهُ مِلْكٌ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ، وَيُعَضِّدُهُ قَوْلُ الْعُتْبِيَّةِ الْمُتَقَدِّمُ؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ عَمَلِ النَّاسِ مَعْرُوفٌ ذَلِكَ مِنْ شَأْنِهِمْ يَسْتَعِيرُونَ الْمَتَاعَ فَيَتَجَمَّلُونَ بِهِ وَيُكْثِرُونَ بِذَلِكَ الْجِهَازَ انْتَهَى فَتَأَمَّلْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[التَّنْبِيه الثَّالِثُ ادَّعَى الرَّجُلُ أَنَّ جِهَازَ ابْنَتِهِ عَارِيَّةٌ قَبْلَ السَّنَةِ]
(الثَّالِثُ) ذَكَرَ الْبُرْزُلِيُّ فِي مَسَائِلِ النِّكَاحِ عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّهُ أَفْتَى بِأَنَّ الْأُمَّ كَالْأَبِ قَالَ: فَعَارَضْته بِقَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ وَذَكَرَ كَلَامَ ابْنِ حَبِيبٍ الْمَنْقُولَ عَنْ الْوَاضِحَةِ فَوَقَفَ فِي الْمَسْأَلَةِ وَأَرْشَدَ إلَى الصُّلْحِ فَوَقَعَ الصُّلْحُ مَعَ الزَّوْجِ وَالصَّوَابُ عَلَى مَا وَقَعَ هُنَا أَنْ لَا مَقَالَ لَهَا إلَّا أَنْ تَكُونَ وَصِيَّةً أَوْ عَلَى مَا قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ اسْتَحْسَنَ أَنْ تُوصِيَ بِوَلَدِهَا فِي الْمَالِ الْيَسِيرِ كَالسِّتِّينَ دِينَارًا فَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهَا فِي هَذَا الْقَدْرِ أَوْ يَرَى أَنَّ الْأُمَّ بِخِلَافِ غَيْرِهَا بِدَلِيلِ جَوَازِ اعْتِصَارِهَا مَا وَهَبَتْهُ فِي حَيَاةِ الْأَبِ بِشَرْطِهِ انْتَهَى.
وَنَقَلَ صَاحِبُ الْمَسَائِلِ الْمَلْقُوطَةِ عَنْ إمْلَاءِ الْأَقْفَهْسِيِّ مِثْلَ مَا قَالَ الْبُرْزُلِيُّ إنَّهَا لَيْسَتْ كَالْأَبِ وَنَصُّهُ: وَمِنْ إمْلَاءِ الْقَاضِي جَمَالِ الدِّينِ الْأَقْفَهْسِيِّ إذَا ادَّعَى الرَّجُلُ أَنَّ جِهَازَ ابْنَتِهِ عَارِيَّةٌ قَبْلَ السَّنَةِ فَلَهُ ذَلِكَ بِيَمِينٍ وَأَمَّا بَعْدَ السَّنَةِ فَإِنْ أَشْهَدَ عَلَيْهَا بِذَلِكَ فَهُوَ لَهُ وَإِنْ لَمْ يُشْهِدْ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا أَنْ تُصَادِقَهُ عَلَى ذَلِكَ فَيَكُونُ مِنْ ثُلُثِهَا لِحَقِّ الزَّوْجِ وَلَا تُصَدَّقُ الْأُمُّ لَا قَبْلَ السَّنَةِ وَلَا بَعْدَهَا انْتَهَى. لَكِنَّ قَوْلَ الْأَقْفَهْسِيِّ فِي الْأَبِ فَإِنْ أَشْهَدَ عَلَيْهَا بِذَلِكَ إلَى آخِرِ كَلَامِهِ يَقْتَضِي أَنَّ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ يَعُودُ عَلَى الِابْنَةِ، وَاشْتِرَاطُ الْإِشْهَادِ عَلَى الِابْنَةِ بِالْعَارِيَّةِ هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الدِّمْيَاطِيَّةِ الْمُتَقَدِّمُ ذِكْرُهُ وَسَيَأْتِي أَيْضًا عَنْ ابْنِ رُشْدٍ وَغَيْرِهِ فِي الْقَوْلَةِ الَّتِي بَعْدَ هَذِهِ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لَا إنْ بَعُدَ وَلَمْ يُشْهِدْ أَنَّ قَوْلَ الدِّمْيَاطِيَّةِ مُخَالِفٌ لِلْمَشْهُورِ وَأَنَّ الْمَشْهُورَ مِنْ انْتِفَاعِ الْأَبِ بِالْإِشْهَادِ بِالْعَارِيَّةِ فَقَطْ وَلَوْ لَمْ تَعْلَمْ الِابْنَةُ بِالْإِشْهَادِ بِهَا وَيُمْكِنُ أَنْ يَعُودَ الضَّمِيرُ فِي عَلَيْهَا لِلْعَارِيَّةِ وَهُوَ الْأَوْلَى لِيُوَافِقَ الْمَشْهُورَ فَتَأَمَّلْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (لَا إنْ بَعُدَ وَلَمْ يُشْهِدْ وَإِنْ صَدَّقَتْهُ فَفِي ثُلُثِهَا)
ش: تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ الْوَاضِحَةِ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْأَبِ مَا لَمْ يَطُلْ زَمَانُ ذَلِكَ جِدًّا وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ: قَالَ بَعْضُ الْمُوَثَّقِينَ: فَإِنْ كَانَ قِيَامُ الْأَبِ عَلَى بُعْدٍ مِنْ الْبِنَاءِ وَالْأَصْلُ لَهُ مَعْرُوفٌ
أَمْ لَا ثُمَّ قَامَ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَهُوَ لِلِابْنَةِ بِطُولِ حِيَازَتِهَا وَلَا يَنْفَعُهُ إقْرَارُ الِابْنَةِ إذَا أَنْكَرَ ذَلِكَ الزَّوْجُ ابْنُ الْهِنْدِيِّ إلَّا أَنْ تَكُونَ خَرَجَتْ مِنْ وِلَايَةِ أَبِيهَا فَيَلْزَمُهَا الْإِقْرَارُ فِي ثُلُثِهَا وَلِلزَّوْجِ فَقَالَ فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ انْتَهَى.
وَمَا عَزَاهُ فِي التَّوْضِيحِ لِبَعْضِ الْمُوَثَّقِينَ نَحْوُهُ لِأَصْبَغَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَنَصُّهُ إثْرَ كَلَامِهِ الْمُتَقَدِّمِ فِي الْقَوْلَةِ الَّتِي قَبْلَ هَذِهِ.
(قُلْت) يَعْنِي لِابْنِ الْقَاسِمِ: فَإِنْ طَالَ الزَّمَانُ ثُمَّ قَامَ الْأَبُ يَدَّعِي ذَلِكَ وَفِيمَا بَقِيَ بَعْدَ مَا ادَّعَى وَفَاءً بِالْمَهْرِ وَكَانَ الْأَصْل مَعْرُوفًا أَوْ غَيْرَ مَعْرُوفٍ كَانَتْ الِابْنَةُ مُقِرَّةً أَوْ مُنْكِرَةً قَالَ: إذَا لَمْ يُعْرَفْ أَصْلُ الْمَتَاعِ لَهُ وَطَالَتْ حِيَازَتُهَا لِلْمَتَاعِ الزَّمَانَ الطَّوِيلَ فَأَرَى لِلزَّوْجِ فِي هَذَا مَقَالًا وَلَا أَرَى الْأَبَ فِيهِ مُصَدَّقًا إذَا جَاءَ مِثْلُ هَذَا مِنْ الطُّولِ وَالْبُعْدِ وَأَرَاهُ لَهَا بِطُولِ حِيَازَتِهَا (قُلْت) فَإِنْ كَانَتْ مُقِرَّةً بِأَنَّ الْمَتَاعَ لِلْأَبِ وَلَمْ تُنْكِرْ مَا ادَّعَى الْأَبُ مِنْ ذَلِكَ قَالَ لَا يَجُوزُ إقْرَارُهَا إذَا بَلَغَ هَذَا الْحَدَّ مِنْ الطُّولِ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهَا هُنَا عَطِيَّةٌ مُبْتَدَأَةٌ وَلَا يَجُوزُ إقْرَارُهَا إذَا رَدَّ عَلَيْهَا ذَلِكَ زَوْجُهَا وَإِنْ كَانَ فِيمَا يَبْقَى بَعْدَ ذَلِكَ وَفَاءٌ بِالْمَهْرِ
(قُلْت) فَإِنْ عُرِفَ أَصْلُ الْمَتَاعِ لِلْأَبِ قَالَ عُرِفَ أَصْلُهُ لَهُ أَوْ لَمْ يُعْرَفْ فَطُولُ حِيَازَتِهَا لَهُ هَذَا الزَّمَانَ يَقْطَعُ دَعْوَى الْأَبِ إذَا أَنْكَرَ الزَّوْجُ وَالْمَرْأَةُ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: قَوْلُهُ إنَّ لِلزَّوْجِ فِيهِ مَقَالًا فِيهِ نَظَرٌ إذْ لَا كَلَامَ لِلزَّوْجِ فِيمَا دُونَ الثُّلُثِ مِنْ مَالِهَا إلَّا عَلَى وَجْهِ الْحِسْبَةِ لِكَوْنِهَا مُوَلًّى عَلَيْهَا لَا تَجُوزُ عَطِيَّتُهَا فِي شَيْءٍ مِنْ مَالِهَا لِأَبِيهَا وَلَا لِغَيْرِهِ، وَقَوْلُهُ إنَّ طُولَ حِيَازَتِهَا يَقْطَعُ دَعْوَى الْأَبِ إذَا أَنْكَرَ الزَّوْجُ مَعْنَاهُ إذَا أَنْكَرَ بِالْحِسْبَةِ إذْ لَيْسَ لَهُ مَعْنًى يُذْكَرُ لَهُ سِوَى ذَلِكَ، وَفِي قَوْلِهِ إذَا أَنْكَرَ الزَّوْجُ أَوْ الْمَرْأَةُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُمَا لَوْ لَمْ يُنْكِرَا وَسَلَّمَا جَمِيعًا وَرَضِيَا لَجَازَ ذَلِكَ لِلْأَبِ وَهُوَ بَعِيدٌ إلَّا أَنَّهُ دَلِيلُ الْخِطَابِ وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي الْقَوْلِ بِهِ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُعْمَلَ بِهِ انْتَهَى. وَحَاصِلُهُ: أَنَّهُ إذَا بَعُدَ وَلَمْ يُشْهِدْ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إذَا كَذَّبَتْهُ الِابْنَةُ وَكَذَا إنْ صَدَّقَتْهُ وَكَانَتْ سَفِيهَةً وَإِنْ كَانَتْ رَشِيدَةً وَصَدَّقَتْهُ فَفِي ثُلُثِهَا إذَا كَانَتْ عَلَى وَجْهِ الْعَطِيَّةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى وَجْهِ الْعَطِيَّةِ فَقَالَ الْقَرَافِيُّ فِي الذَّخِيرَةِ فِي كِتَابِ الْحَجْرِ قَالَ فِي النَّوَادِرِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: إذَا أَقَرَّتْ فِي الْجِهَازِ الْكَثِيرِ أَنَّهُ لِأَهْلِهَا جَمَّلُوهَا بِهِ وَالزَّوْجُ يُكَذِّبُهَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ إقْرَارُهَا بِمَعْنَى الْعَطِيَّةِ نَقْدًا وَبِمَعْنَى الْعَطِيَّةِ رُدَّ إلَى الثُّلُثِ انْتَهَى. وَإِذَا كَانَ هَذَا فِي أَهْلِهَا فَأَحْرَى الْأَجَانِبُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَمْ يُشْهِدْ أَنَّهُ لَوْ أَشْهَدَ نَفَعَهُ ذَلِكَ وَإِنْ طَالَ الزَّمَانُ وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ أَشْهَدَ عَلَى الْعَارِيَّةِ أَوْ عَلَى أَصْلِ الْعَارِيَّةِ وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ وَهُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِ كَلَامِهِ فِي التَّوْضِيحِ أَيْضًا وَنَصُّهُ: لَوْ أَشْهَدَ أَنَّ الَّذِي شَوَّرَ ابْنَتَهُ بِهِ إنَّمَا هُوَ عَلَى وَجْهِ الْعَارِيَّةِ نَفَعَهُ ذَلِكَ وَلَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ مَتَى شَاءَ وَلَوْ طَالَ ذَلِكَ انْتَهَى. وَمُقَابِلُ الْمَشْهُورِ قَوْلُ الدِّمْيَاطِيَّةِ الْمُتَقَدِّمُ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ إثْرَ كَلَامِهِ الْمُتَقَدِّمِ: وَفِي الدِّمْيَاطِيَّةِ لِابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْأَبَ إنَّمَا يُصَدَّقُ فِيمَا
ادَّعَى مِنْ جِهَازِ ابْنَتِهِ بَعْدَ الْبِنَاءِ أَنَّهُ عَارِيَّةٌ لَهَا وَإِنْ كَانَ فِيمَا بَقِيَ وَفَاءٌ بِالْمَهْرِ إذَا كَانَ عَلَى أَصْلِ الْعَارِيَّةِ بَيِّنَةٌ، وَالْمَشْهُورُ مَا تَقَدَّمَ فِي الْمَسْأَلَةِ قَبْلَ هَذِهِ أَنَّهُ مُصَدَّقٌ إذَا أَشْهَدَ عَلَى الْعَارِيَّةِ وَإِنْ طَالَ الْأَمْرُ إذَا كَانَ فِيمَا بَقِيَ وَفَاءٌ بِالْمَهْرِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيمَا بَقِيَ وَفَاءٌ بِهِ صُدِّقَ فِيمَا زَادَ عَلَى قَدْرِ الْوَفَاءِ بِهِ انْتَهَى كَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْإِشْهَادِ عَلَى الْعَارِيَّةِ وَالْإِشْهَادِ عَلَى أَصْلِ الْعَارِيَّةِ أَنَّ الْإِشْهَادَ عَلَى الْعَارِيَّةِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ عِلْمُ الِابْنَةِ بِالْإِشْهَادِ بَلْ إذَا أَشْهَدَ الْأَبُ بِالْعَارِيَّةِ فَقَطْ نَفَعَهُ ذَلِكَ عَلِمَتْ الِابْنَةُ بِهِ أَمْ لَا، وَالْإِشْهَادُ عَلَى أَصْلِ الْعَارِيَّةِ هُوَ الْإِشْهَادُ عَلَى الِابْنَةِ بِالْعَارِيَّةِ
وَيَتَّضِحُ لَك ذَلِكَ بِالْوُقُوفِ عَلَى الْمَسْأَلَةِ الَّتِي أَشَارَ إلَيْهَا ابْنُ رُشْدٍ وَكَلَامُهُ عَلَيْهَا وَنَصُّهَا قَالَ أَصْبَغُ: سُئِلَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ الرَّجُلِ يُزَوِّجُ ابْنَتَهُ وَيُخْرِجُ جِهَازًا وَشُوَارًا فَيَقُولُ: أُشْهِدُكُمْ أَنَّ هَذَا عَارِيَّةٌ فِي يَدِ ابْنَتِي وَلَمْ يَرَوْا الْبِنْتَ وَلَمْ تَحْضُرْ فَطَلَبَ الْأَبُ الْمَتَاعَ وَالشُّورَةَ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ عِنْدَ ابْنَتِهِ وَقَدْ شَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّهُ أَدْخَلَهُ بَيْتَ زَوْجِهَا فَقَالَ: إنْ كَانَتْ بِكْرًا وَقَدْ عَلِمَتْ بِالْعَارِيَّةِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ هَلَاكُهُ يَوْمَ هَلَكَ بَعْدَ أَنْ رَضِيَ حَالُهَا فَهِيَ ضَامِنَةٌ لَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ طَرَقَهَا مِنْ ذَلِكَ أَمْرٌ مِنْ اللَّهِ عز وجل تُقِيمُ عَلَيْهِ بَيِّنَةً وَإِنْ لَمْ تَكُنْ عَلِمَتْ بِذَلِكَ فَلَا شَيْءَ لَهَا أَصْلًا وَإِنْ حَسُنَتْ حَالُهَا أَوْ كَانَتْ ثَيِّبًا فَعَلِمَتْ بِذَلِكَ فَهِيَ ضَامِنَةٌ لَهُ وَإِنْ لَمْ تَعْلَمْ فَلَا ضَمَانَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْبِكْرِ وَالثَّيِّبِ فِيمَا لَمْ تَعْلَمْ وَلَمْ تَقْبَلْهُ عَلَى وَجْهِ الْعَارِيَّةِ، وَقَالَهُ أَصْبَغُ: وَلَا شَيْءَ عَلَى الزَّوْجِ فِي هَذَا كُلِّهِ إذَا لَمْ يَسْتَهْلِكْ هُوَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ اسْتِهْلَاكًا وَهَذَا فِيمَا يَفْضُلُ عَنْ صَدَاقِهَا وَجِهَازِهَا مِمَّا لَمْ تُجَهَّزْ بِهِ مِنْ صَدَاقِهَا وَلَا عَطِيَّةِ أَبِيهَا لَهَا، قَالَ ابْنُ رُشْدٍ قَوْلُهُ " إنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَى الِابْنَةِ فِيمَا جَهَّزَهَا بِهِ الْأَبُ مِنْ الْمَتَاعِ وَأَشْهَدَ أَنَّهُ عَارِيَّةٌ عِنْدَهَا إذَا لَمْ تَعْلَمْ بِالْإِشْهَادِ وَلَمْ تَقْبَلْهُ عَلَى وَجْهِ الْعَارِيَّةِ صَحِيحٌ إذْ لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يُضَمِّنَ أَحَدًا ضَمَانَ مَا لَمْ يَلْتَزِمْ ضَمَانَهُ وَحَسْبُهُ أَنْ يَنْفَعَهُ الْإِشْهَادُ فِي اسْتِرْجَاعِ مَتَاعِهِ وَإِنْ طَالَ زَمَانُ ذَلِكَ عِنْدَ الِابْنَةِ انْتَهَى وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ. وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَقَالَ الْبُرْزُلِيُّ وَلِابْنِ فَتْحُونٍ فِي وَثَائِقِهِ إذَا سَاقَ سِوَى نَقْدِهَا مِنْ أَسْبَابٍ وَأَوْرَدَهُ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يُصَرِّحَ بِالْهِبَةِ أَوْ الْعَارِيَّةِ أَوْ يَسْكُتَ فَالْأَوَّلُ لَا فَقَالَ لَهُ فِي اسْتِرْجَاعِهِ لِمِلْكِهِ وَالثَّانِي لَهُ أَنْ يَسْتَرْجِعَهُ مَتَى شَاءَ طَالَ الزَّمَانُ أَوْ قَصُرَ فَإِنْ أَتْلَفَتْهُ فِي هَذَا الْقِسْمِ فِي حَالِ سَفَهِهَا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهَا وَإِنْ أَتْلَفَتْهُ بَعْدَ رُشْدِهَا ضَمِنَتْهُ وَهَذَا إذَا أَشْهَدَ بِالْعَارِيَّةِ أَوْ عَلِمَتْ بِهَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهَا، وَإِنْ كَانَتْ رَشِيدَةً وَالتَّفْرِيطُ جَاءَ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ وَالثَّيِّبُ مِثْلُهَا وَلَا شَيْءَ عَلَى الزَّوْجِ فِي الْوَجْهَيْنِ إذَا لَمْ يَكُنْ اسْتَهْلَكَهُ، رَوَاهُ أَصْبَغُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْغَفُورِ: وَإِنْ أَشْهَدَ عِنْدَ الْبِنَاءِ أَنَّهُ عَارِيَّةٌ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ وَإِنْ طَالَ زَمَانُهُ وَلَا يُنْظَرُ إلَى أَصْلِ الْمَتَاعِ عُرِفَ لِلْأَبِ أَوْ لَمْ يُعْرَفْ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ إلَّا مَا وَجَدَهُ وَلَا يُتْبِعُهَا بِمَا لَبِسَتْ أَوْ أَتْلَفَتْ؛ لِأَنَّهَا فِي وِلَايَةِ أَبِيهَا وَهُوَ الَّذِي سَلَّطَهَا عَلَيْهِ وَلِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الدِّمْيَاطِيَّةِ أَنَّ الْأَبَ إنَّمَا يُصَدَّقُ فِيمَا ادَّعَى مِنْ جِهَازِ ابْنَتِهِ بَعْدَ الْبِنَاءِ أَنَّهُ عَارِيَّةٌ لَهُ وَلَوْ كَانَ فِيمَا بَقِيَ وَفَاءٌ بِالْمَهْرِ إذَا كَانَ عَلَى أَصْلِ الْعَارِيَّةِ بَيِّنَةٌ وَالْمَشْهُورُ مَا فِي الْعُتْبِيَّةِ وَانْظُرْ سَمَاعَ أَصْبَغَ مِنْ الشَّرْحِ انْتَهَى. وَيُشِيرُ بِذَلِكَ لِكَلَامِ الْعُتْبِيَّةِ الْمُتَقَدِّمِ وَكَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ عَلَيْهَا.
(تَنْبِيهَانِ الْأَوَّلُ) تَحَصَّلَ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّ شَهَادَةَ الْأَبِ عَلَى الْعَارِيَّةِ يَنْفَعُهُ فِي اسْتِرْجَاعِ مَتَاعِهِ وَإِنْ طَالَ الزَّمَانُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَالْبِكْرُ وَالثَّيِّبُ مَعَ الْإِشْهَادِ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهَا فِيمَا تَلِفَ إلَّا أَنْ تَعْلَمَ الْمَالِكَةُ مِنْهُمَا لِأَمْرِهَا بِالْعَارِيَّةِ فَتَضْمَنُ مَا تَلِفَ. قَالَ ابْنُ سَلْمُونٍ: وَحُكْمُ سَائِرِ الْأَوْلِيَاءِ فِي الْإِشْهَادِ حُكْمُ الْأَبِ وَنَصُّهُ: وَإِنْ كَانَ أَشْهَدَ حِينَ التَّجْهِيزِ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْهُ عَارِيَّةٌ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ وَإِنْ طَالَ الزَّمَانُ وَيَكُونُ لَهُ أَخْذُ مَا وَجَدَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الِابْنَةِ فِيمَا تَلِفَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا عَلَى زَوْجِهَا. قَالَ فِي سَمَاعِ أَصْبَغَ: فَإِنْ أَشْهَدَ عَلَى الشُّورَةِ أَنَّهَا عَارِيَّةٌ قَبْلَ الدُّخُولِ ثُمَّ قَامَ يَطْلُبُهَا كَانَ لَهُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَتْ