الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النصارى
" النصارى" أو "النصران" جمع نصرانى إلا أن الأخيرة "نصران" تعد من قبيل الجمع النادر، وقد وردت كلمة نصارى -وهى الكلمة التى يشار بها فى العالم العربى للمسيحيين- فى القرآن الكريم خمس عشرة مرة، ويرى معظم المفسرين والجغرافيين والمعجميين العرب أن الكلمة اسم منسوب لمدينة الناصرة Nazareh وممن تعرضوا لأصل الكلمة المستشرق جفرى Jeffery فى كتاب عن الكلمات الأجنبية فى القرآن الكريم The foreign vocabulary of the Quran (بارودا Barodc .1938، ص 280 - 281)
وترجع هذه الكلمة (النصارى) إلى الاسم الذى أطلقه اليهود على المسيح عليه السلام وهو يسوع الناصرى، ومن ثم سمّى اليهود أيضًا العقيدة التى يدعو إليها بالعقيدة الناصرية، وهذا واضح من الفقرة رقم 5 من الاصحاح رقم 24 من أعمال الرُّسل (. . فإننا إذ وجدنا هذا الرجل مفسدا ومهيِّج فتنة بين جميع اليهود الذين فى المسكونة ومِقْدام شيعة الناصريين، وقد شرع أن ينجّس الهيكل. . .) وقد وصف القديس بول فى السياق نفسه بأنه مقدام (أى قائد) الناصريين (المسيحيين). فالنصارى أو الناصريين -إذن- هو أقدم اسم أطلق على المسيحيين، ويشهد بصحة هذا أن اللغة الأرمنية القديمة ما زالت محتفظة به، وما زال هذا الاسم مستخدما فى لهجة المالايالم Malayalam مع تحريف قليل، فالكلمة الدالة على المسيحيين فى هذه اللهجة هى Nazranikal وقد أطلقت على القديس توما الذى بشّر فى جنوب الهند.
وقد حافظ القرآن (الكريم) على هذا المصطلح الأصلى (نصارى) والذى يسبق مصطلح (المسيحيين) الذى ظهر -للمرة الأولى- فى أنطاكية فى حوالى سنة 50 بعد الميلاد كما هو واضح من الاصحاح الحادى عشر من أعمال الرسل، فقرة 26 (. . ودُعى التلاميذ مسيحيين فى أنطاكية أولا). حقيقة إننا
نجد فى المصادر اللاحقة للفترة التى يطلق عليها فى التاريخ المسيحى فترة ما بعد الرسل Apostolic era (قبل الإسلام) قد جرى التفرقة بين مصطلحى (النصارى) و (المسيحيين) إذ أن لفظ النصارى كان يطلق -فقط- على اليهود الذين قالوا بأن المسيح عليه السلام هو ابن اللَّه ولكنهم مع ذلك ظلوا متمسكين بمختلف الشرائع اليهودية، وظلوا متمسكين بجوانب العقيدة اليهودية الأخرى. وذلك فيما يقول تيودور بارفونى Theodoro bar kuni فى فترة متأخرة فى حوالى سنة 800 بعد الميلاد.
وتؤكد المصادر الإيرانية هذا التمييز بين مصطلحى (النصارى) و (المسيحيين) كما هو واضح فى نقش كارتير Kartir فى بخش رستم الذى يعود لحوالى سنة 286 م. وأكدت -أيضًا- المصادر اليونانية ذلك (انظر على سبيل المثال ما كتبه ماجنن J. M. Magnin فى دورية Proche Orient Chretien القدس، 1973 - 1978)، ولا تنكر المصادر السريانية هذا التمييز (Payne Smith، Thesaurus، cols. 1821 & 2444 & S P. Brock: same aspects of Greek words in Syriac، Gottingen، Sywposium on synkretismus im syrisch - persischen Kulturgebeit، 91 - 95).
لكن المصطلح "نصارى" لم يرتبط فى القرآن الكريم -فيما يبدو- بطائفة اليهود المتنصرين الآنف ذكرهم Judaeco christians، وإنما المسألة لا تعدو استخدامًا للفظ قديم ظل حيًا على ألسن اليهود الذين كانوا يطلقون على المسيح عليه السلام اسم الناصرى، وكان اليهود أكثر عددًا من المسيحيين فى منطقة مكة (المكرمة) والمدينة (انظر الموسوعة اليهودية Encyclopedia Judaica، القدس، الطبعة الرابعة ، 1978، جزء 12 عمود 1521) وقد حدث أن استخدم لفظ "النصارى" للعن المسيحيين فى الصلوات الرسمية التى يؤديها اليهود فى معابدهم (التفلا Tephilla) وقد عدَّل جمليل الثانى Gamaliel فى صيغ هذه اللعنات فى نهاية القرن الأول للميلاد J. Bonsirven: Le Judaisme palestinien au)
temps de Jesus christ، 11، Beauchesne، 1935، 146)
ولقد أدّى تاثير بعض الجماعات التى توصف بأنها "نصارى"(على حياة محمد [صلى الله عليه وسلم] إلى القول بأن القرآن (الكريم) دعوة نصرانية، والفقرة الأخيرة (القرآن دعوة نصرانية) هو عنوان لكتاب ألفه الأستاذ حداد ونشر سنة 1969 م لكن أيا من النتائج التى وصل إليها لا يمكن الخروج بها من الاستخدام القرآنى لكلمة نصارى، فالكلمة فى القرآن الكريم تعنى المسيحيين بشكل عام الموصوفين فى كتب الملل والنحل باعتبارهم أقسامًا ثلاثة: النساطرة والملكانية واليعاقبة.
وبالنسبة لكلمة مسيحى (وجمعها مسيحيون) فهى نسبة إلى المسيح عليه السلام وهى ترجمة لكلمة يونانية منسوبة -أيضًا- للمسيح، ويذكر السمعانى فى كتابه الأنساب أن هذه الكلمة لم تستخدم إلّا فى القرن السادس للهجرة/ الثانى عشر للميلاد، وكان استخدامها قصْرًا على المسيحيين أنفسهم. وقد تسمّى بعض المسلمين باسم المسيح أو نسبة إليه فى القرن الرابع الهجرى/ العاشر الميلادى، ومن ذلك أبو على محمد بن ذكريا المسيحى البغدادى، كما تسمت أسرة نسطورية فى بغداد أيضًا بالاسم نفسه "مسيحى". وعلى أية حال فحتى الكتاب المسيحيون يستخدمون كلمتى "النصارى" و"النصرانى" ويقصدون "المسيحيين" و"المسيحى" ويبدو أن سليمان الغزى (القرن السادس للهجرة/ أواخر القرن الحادى عشر للميلاد) هو الكاتب الوحيد -حتى هذه الفترة- الذى استخدم كلمتى "النصرانية" و"المسيحية" ككلمتين مترادفتين.
وثمة مصطلحين آخرين هما (الروم) للدلالة على المسيحيين البيزنطيين، والمصطلح الآخر هو "الإفرنْج" وقد شاع بعد الحروب الصليبية للدلالة على المسيحيين الغربيين (فى مقابل المسيحيين الشرقيين أو البيزنطيين)
وفيما يتعلق بنظرة المسلمين للنصارى كما وردت فى القرآن الكريم والحديث الشريف -بشكل عام- يمكن