الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هرمز البلد
هرمز أو كما يقال لها "هرمز القديمة" لتمييزها عن الجزيرة التى تبعد عنها قليلا، وكانت تقع على الجانب الشرقى عند مدخل الخليج الفارسى (العربى)، ولما جاء القرن الرابع الهجرى (العاشر الميلادى) كانت هرمز قد أصبحت الميناء البحرى لولايات كرمان وسيستان وخراسان حسب ما جاء فى كل من معجم البلدان لياقوت وحدود العالم، وقد زارها "ماركوبولو" مرتين كانت الأولى سنة 1272 م والثانية سنة 1293 م، وذكر ما عليه البلد من عظيم الرخاء والازدهار واتساع التجارة، ولكنها موضع يجلب المرض وإن حرارة الشمس فى الصيف بها قاتلة، وقد تعرضت هرمز (بعد سنوات قلائل من زيارة ماركو بولو الثانية) إلى سلسلة من الهجمات التى شنتها عليها بعض القبائل، وكانت هذه الهجمات من الشدة بحيث أرغمت قطب الدين ملك هرمز سنة 700 هـ (= 1300 م) على أن يغادرها وحمل أهلها على أن يغادروها بكل ما يملكون إلى جزيرة "جرون" الصغيرة التى تبعد عن أقرب نقطة من الساحل ما يقرب من ستين ميلا غربا، وستة كيلو مترات جنوبا، وكثر عمران هذه الجزيرة حتى تحوّلت إلى مدينة كبيرة عرفت بهرمز الجديدة، لما كانت سنة 720 هـ (= 1320 م) استولى الملك قطب الدين على جزيرة "قليس" التى كانت تتمتع حتى ذلك الحين برخاء تجارى عظيم، كما أنه أخضع البحرين بسلطانه، وقد زارها ابن بطوطة فى أخريات أيام قطب الدين فوصف ما بها من أسواق عامرة وقال إنها هى الميناء الذى تأتى منه سلع الهند والسند لتصل إلى العراق وفارس وخراسان.
ولقد بلغت هرمز خلال القرون الثلاثة التالية الغاية القصوى من الرخاء والرفاهية رغم حاجتها إلى الماء النقى والخضروات وشدة حرارتها صيفا، ولما زارها الرحالة الروسى "افتاسى نيكيتين" سنة 1472 م ذكر أنها الموضع الذى فيه شتى إحساس الناس والبضائع من كل صنف التى تصلها من جميع نواحى الدنيا، ولكنه تبرم من
ارتفاع ما يجئ فيها من الضرائب، كذلك امتدحها الرحالة البندقى "يمبربارو" الذى زارها بعد ذلك بسنوات قلائل.
وفى سنة 1507 م ظهر أمام الجزيرة أسطول برتغالى بقيادة "البوكيرك" العظيم واحتلها لما كان يدركه من أهميتها الاستراتيجية نظرا لموقعها عند مدخل الخليج، غير أن رجال البوكيرك تمرَّدوا عليه وثاروا ضده فاضطر إلى الانسحاب، على أنه عاد بعد ذلك بسبع سنوات واحتلها واتسم احتلال البرتغاليين لها بالدوام، ولما كان الشاه إسماعيل الأول مشغولا فى هذه الآونة بصراعه الكبير مع الأتراك العثمانيين فإنه لم يستطع أن يعمل شيئا إزاء هذا الاحتلال إلا أن يحتج على اقتحام المغير لأرضه ولقد استمرت "هرمز" تسير فى طريق الرخاء زمن البرتغاليين، وإن كان الصائغ البندقى "جاسبرو بالبى" قال فيها ما لا يرضى وذلك سنة 1580 م ثم لما جاء الانجليزى "رالف فيتش" بعد ذلك بثلاث سنوات وصف هرمز بأنها "أجف جزيرة فى الدنيا، إذ لا ينمو بأرضها الملح" ولما جاء الشاه عباس الثانى إلى العرش أدرك الناس أنه لن يكون للبرتغال طمأنينة فى البقاء بهرمز، ثم أنه فى سنة 1602 م اغتصب "اللَّه وردى خان" حاكم فارس "البحرين" من يدى ملك هرمز الضعيف الذى لم يكن كأسلافه منذ سنة 1514 م سوى أوصال وأتباع لأسبانيا والبرتغال، واستطاعت القوات الفارسية فى 1614 م احتلال "جامْرو". آخر معقل للبرتغاليين هناك وبذلك حرموا حامية هرمز وسكانها من كل مصادر مياه شربهم، ثم قام "شاه عباس" بالضغط على شركة الهند الشرقية الانجليزية أن تسمح لعدد من سفنها أن تتعاون مع القوات البرية الفارسية فى الهجوم على هرمز، وعلى الرغم من مقاومة البرتغاليين الشديدة لهم إلّا أن الفرس استطاعوا بمساعدة السفن الإنجليزية لهم أن يحملوا الحامية على الاستسلام ومغادرة الجزيرة، وسرعان ما أقفرت هرمز من أهلها، وامتدت يد الهدم إلى كثير من مبانيها لتستعمل أنقاضها فى تشييد مبان جديدة فى