الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نيبال
نيبال مملكة هندوسية مساحتها 147 ألف كم 2، تقع على الحافة الجنوبية لجبال الهيمالايا بين سهل الجانح (فى الهند) أرى أن هضبته التبت فى الهند. وتتكون البلاد من سهول جنوبية وجبال مركزية، وتتسم بمناخ شبه استوائى يلائم زراعة الأرز الذى تعيش عليه كثافة سكانية عالية تنتمى لأصول هندية. ويتحدث السكان لغات هندية آرية؛ فسكان السهول يتحدثون الهندية، بينما يتحدث سكان الجبال النيبالية -وهى اللغة الرسمية- ويسيطرون على قبائل تتحدث لغات تبتية بورمية. ويبلغ تعداد السكان حوالى 19.36 مليون نسمة، تسعون بالمائة منهم هندوس؛ فالهندوسية هى الديانة الرسمية، مع وجود أقليات دينية أخرى هى البوذية (5 - 10 %) والإسلام (3 %).
ولا يعرف الأصل التاريخى للإسم "نيبال"، وإن كان معروفًا فى اللغة السنسكريتية منذ القرن الرابع م، ومعروفًا عند مسلمى القرن الخامس الهجرى (11 م) من خلال كتابات البيرونى عن الهند التى أشارت إلى "وادى كَتَمندو". وقد قام الولاة الهندوس بحكم السكان ذوى الأصول التبتية والبورمية الذين عرفوا باسم "التيوار" وقد وقع هذا الوادى تحت سيادة سلطان دلهى "علاء الدين خالجى"(1296 - 1316 م)، وأغار عليه السلطان البنغالى "شمس الدين إلياس"(1345 - 1358 م). ويذكر كتاب الحوليات أن أوائل التجار المسلمين قدموا من كشمير واستقروا فى كتمندو تحت حكم "راتنامالا"(1482 - 1512 م)، ووجودهم توجد شواهد عليه ابتداء من القرن 17 م، وهو مؤكد منذ عام 1738 بموجب السجلات الرسمية النيبالية. أما بقية نيبال الحديثة -على النحو الذى نعرفها به اليوم- فقد تم تقسيمها بين خمسين مملكة، ووقعت أراضى السهول تحت سيطرة سلاطين دلهى والبنغال ثم أباطرة المُغَل (مغول الهند). واشتملت التركيبة السكانية لسهل نيبال منذ ذلك العصر على بعض المسلمين الذين استقر بعضهم (أولئك صناع الأساور الزجاجية) فى الجبال منذ القرن 17 م.
وبزوال سلطان المُغْل وازدياد نفوذ شركة الهند الشرقية شمالى الهند، أقامت أسرة "جوركا Gorkha " الحاكمة الدولة النيبالية الحديثة، وقام "بريثوى نارايان Prithwy Narayan " بغزو وادى كتمندو (1768 - 69 م) وأخضع المناطق الشرقية، وتابع خلفاؤه التوسع غربًا حتى عام 1814 م حين أصبحت أراضيهم متاخمة لأراضى السيخ. وقد ضمن بريثوى إعترافًا بريطانيًا به واعترافًا آخر من إمبراطور المُغْل الألعوبة "شاه عالم الثانى" بموجب فرمان 1771.
ومنذ ذلك الحين صارت الجزية تدفع للإنجليز حتى اندلاع الحرب النيبالية الإنجليزية (1814 - 1816 م) وإبرام معاهدة عام 1818 التى وضعت حدًا لتوسع الجوركا، وأقام الراناس Ranas (عمد القصر الذين تولوا دفة الحكم بين عامى 1846 - 1951 م) علاقات طبيعية مع الإنجليز وساعدوهم على استعادة، "لَكْنو Lucknow" بين عامى 1857 - 58، لكنهم سمحوا بلجوء بعض أشراف الشيعة من تلك المدينة. وأخيرًا تم الاعتراف باستقلال نيبال بموجب معاهدة 1923 م.
قامت السياسة الدينية للأسرة الحاكمة الجديدة على تقوية الطابع الهندوسى للملكة، وأصرت -التزامًا بالتراث القديم الذى ابرزه البيرونى- على دَنَسْ المسلمين الذين اعتبروا برابرة وكانوا يعاقبون بقسوة كلما تسببوا فى تدنيس طبقة الأطهار الهندوسية. واستحدثت إجراءات لمنع المسلمين من التحول عن دينهم، كما حظرت إرساليات التبشير المسيحية ثم طردت نهائيًا هى وأتباعها. ومع ذلك -وبغض النظر عن الطرد المؤقت للتجار الكشميريين فى نهاية القرن 18 - كان بمقدور المسلمين البقاء وتداول التجارة والتمتع بحرية ممارسة الشعائر الدينية، ولم تكن لهم أية قوانين خاصة بهم فيما يتعلق بالزواج والطلاق والميراث وإدارة المؤسسات الدينية؛ بل كانوا يخضعون دائمًا للقانون الهندوسى ومسئولية أمام القضاة الهندوس. وقد وردت الفقرات المتحيزة ضدهم ضمن المدونتين القانونيتين الصادرتين عامى
1854 و 1935 م، واللتان بقيتا نافذتين حتى صدور مدونة 1963 م التى أبطلت العقوبات التى كان المسلمون عرضة لها عند خرقهم القواعد الطبقية الهندوسية. لكن على الرغم من إلغاء مبدأ التفرقة الدينية فى دستور 1962 م إلا أنه احتفظ بمنع التحول عن الدين، بل وأُدْخلَ هذا المنع فى دستور 1990 م. وبسقوط الراناس عام 1951 م فتحت الدولة ذراعيها للتحديث.
والإحصاءات الرسمية للسكان والبحث الميدانى لعلم الأجناس يفسحان لنا مجال الدراسة الإثنولوجية لمسلمى نيبال الذين يبلغ تعدادهم حوالى 570 ألف نسمة، ويعيش جميعهم تقريبًا فى السهل حيث يشكلون نسبة 10 % من عدد سكانه؛ وهم إما تجار صغار أو حرفيين أو فلاحين، كما يوجد حوالى 2000 من صغار التجار يعيشون فى وادى كتمندو، وحوالى 10 - 15 ألف من صانعى الأساور فى الجبال الواقعة غرب كتمندو حيث يعيشون على الزراعة وبيع الحلى. وجميع هؤلاء قدموا من سهل الجانج، ويتحدثون بلهجات هندية، وهم ينحدرون أساسًا من الهندوس الذين اعتنقوا الإسلام ويشكلون مجتمعًا متسلسل المراتب يُعَدُّ نسخة إسلامية من النظام الطبقى الهندوسى. ومعظم هؤلاء من الأحناف مع وجود القليل من الشيعة الإثنى عشرية فى السهل، وحياتهم الدينية ذات صبغة هندية وإن كانت متشبعة للغاية بالصوفية والاعتقاد فى الأولياء. وهذا الإيمان بالأولياء -وهو شائع فى أعلى الطبقات وخاصة بين الكشميريين من أهل كتمندو- محل انتقاد وهجوم شديد من جانب الدوائر واسعة الشعبية فى المذهبين الإصلاحيين "الديوَبْنْد Deoband" و"أهل الحديث" المعروفان لدى خصومهما باسم "الوهابية" واللذان انتشرا حتى بلغا الجبال على أيدى العمال المهاجرين الذين يعودون من المدن الهندية ومعهم المطبوعات الثقافية الرخيصة باللغة الأوردية. وقد تضاعف عدد المساجد والمدارس القرآنية القروية، ويؤدى بضع عشرات من النيباليين فريضة الحج كل عام.