الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إن أقدم إشارة إلى اسم "هُبَل" وردت فى نقش نبطى، ويقول الأزرقى إن الناس فى مكة بالغوا فى عبادة هبل والتقرب إليه فجعلوا له "حاجبا" يحرسه، ويتلقى مايقدم إليه من هدايا وأضاح ويخرج القداح أمامه، وما كان لمكى أن يعود من سفره إلا ويذهب إلى هبل يشكره قبل أن يدخل داره، وقد غلبت عبادة هبل عبادة كل الأصنام الأخرى الموجودة بالكعبة ويذهب فلهوزن وديسو فى كتابه عن دخول العرب إلى الشام قبل الإسلام إلى أن عبادة الصنم هذه قد أدت إلى عبادة اللَّه، ولكن يعارض هذه الفكرة لامنس فى كتابه (النصارى بمكة) ولعل الحقائق الأولية بخصوص هذه العبادة الوثنية هى الواردة. فى مقال: T. Fahd: Une Pratique cler am antique a la Kaba Preisamique
ويقول ابن اسحق إنهم يزعمون أن أول ما كانت عبادة الأحجار كانت فى بنى إسماعيل، فلا يظعن من أهلها ظاعن إلّا حمل معه حجرًا من حجارة الحرم تعظيما للحرم.
المصادر:
(1)
ابن هشام: السيرة.
(2)
الأزرقى: تاريخ مكة.
(3)
ياقوت معجم البلدان.
(4)
الشهرستانى: الملل والنحل.
مروان حسن حبشى [ت. فهد T.Fahd]
الهبة
إحدى الكلمات الكثيرة فى اللغة العربية للتعبير عن المقابل للكلمة الأنجليزية gift أى الهدية وهى الكلمة القانونية المعبرة عن ذلك.
ويخدم تبادل الهدايا، أى نقل الملكية عن طيب خاطر أغراضا مادية ومعنوية. وفى الإسلام، لعبت دورها الطبيعى كعنصر هام فى دعم الروابط الاجتماعية، كما كان لها أثر كبير على الحياة السياسية، ويحفظ لنا التاريخ قدرا من أخبار الهدايا أكبر مما يحفظه عن المعاملات التجارية.
ويذهب أحد التعاريف لكلمة "هبة" قال به الفقيه ابن نجيم إلى أنها "شئ يقدم دون نظير"، (وهو ما يميزها عن
الرشوة). وفى محاولة للتمييز بينها وبين الكلمات التى تؤدى نفس المعنى تقريبًا، دون سند من أصل لغوى، قيل إن الهبة تكون ممن هو أعلى لمن هو أدنى، ومن ثم تنسب للَّه بالنسبة للإنسان. أما الهدية فتتضمن معنى محاولة شخص فى درجة اجتماعية أقل لأن يتودد لشخص فى درجة أعلى (وهى بذلك لا يمكن أن تستخدم فى العلاقة مع اللَّه، "الفروق اللغوية"، أبو هلال العسكرى، القاهرة 1353 هـ، ومع ذلك، فابن قتيبة لا يرى فروقا اجتماعية متعلقة بالهدية، "عيون الأخبار" طبعة القاهرة، 1946 م). أما الغرض من الإعطاء فيبدو من الاستخدامات اللغوية، ومن ثم ففى العربية الجذر م. ن. ن. (منّ، منّا) يقصد به إلحاح من المعطى على تذكير المعطى له بفضله، الأمر الذى يحذر منه القرآن الكريم.
والكرم من الشيم المعتبرة ومن الفضائل قبل الإسلام والتى من الطبيعى أن تكون تعبيرًا عن الضيافة وقد أبقاه الإسلام كعادة يجدر اعتبارها وعلى ذلك فيجب الأخذ فى الاعتبار قدر المهدى له وقدر الهدية، حتى تكون معبرة عن السخاء. ولا تفتأ قصص الكرماء تثير الإعجاب لدى القراء المسلمين، خاصة حينما تقابل بقصص البخلاء. وعلاوة على ذلك فالإسلام قد أدخل معنى "الصدقة"، لتجمع بين مفهوم الكرم كما عرف قبل الإسلام، مع مفهوم التعاطف مع حاجة المتلقى لتكون فضيلة من أكبر الفضائل.
والهدايا بين المتساوين تعتبر من دعائم الصداقة، وهى محبذة دينيا لذلك، كما تقدم فى مناسبات كالأعياد والمناسبات الشخصية المفرحة، وكثيرا ما كانت تصاحب بقطع شعرية أو نثرية، منها ما خلده الأدب.
وفضلا عن هذا الاستخدام للهدايا، فى مجال الكرم والصداقة فهى تقدم من أو إلى أصحاب المناصب لأغراض سياسية. فكلما ارتفع المنصب السياسى، زاد التوقع من صاحبه أن يضمن ولاء أتباعه بما يغدقه عليهم. ومن ثم فإن الهدايا الثمينة من الخلفاء للوزراء كان علامة على قوة السيطرة
والنجاح السياسى. وكانت بصورة ما تعتبر نوعا من الدخل الوظيفى. كما أن المنح التى كانت تقدم للشعراء والأدباء كانت تعتبر من قبيل الوفاء بالتزام الدولة برعاية الفنون والآداب. وهكذا كانت هدايا الحكام ينظر إليها كنوع من أنواع الإنفاق العام.
أما تقديم الهدايا لأصحاب المناصب فقد كانت مقابل المهام التى يضطلعون بها أو مكافاة على خدماتهم فقد كان فى بعض الأوقات ينظر إليه كقاعدة متبعة، وكمصدر للدخل بالنسبة لبعض أصحاب المناصب العالية، كما كان ينظر إليه أيضا كصورة من الفساد الأخلاقى والإنحطاط السياسى ومن الصعب علينا تقدير إلى أى مدى لعب ذلك فى تقويض النظم السياسية فى العهود الغابرة، إذ كان من منظور آخر عامل هدم يقوض بنيان المجتمع. على أن الخط الفاصل بين ما يمكن اعتباره أمرًا مقبولا ورشوة غير قانونية هو أمر صعب التحديد نظريا وعمليا. وكانت هذه المشكلة ملموسة، ووضعت حلول لمواجهتها تكشف عن وعى بأهميتها، ولكنها كانت فى الغالب غير مؤثرة.
وأخيرًا، فقد لعبت الهدايا دورا مؤثرا فى العلاقات الدولية بين الحكام المسلمين وغيرهم كعرف دبلوماسى جرى عليه العمل. ولم يكن أصحاب المناصب الأدنى يستبعدون من ذلك. وكانت قيمة الهدية تقدر بحسب قدر المهدى والمهدى إليه، وأيضا بحسب نوع المهمة السياسية وأغراضها. كما كانت تلك الهدايا تعكس مدى التقدم والرخاء الاقتصادى للدولة المقدمة منها الهدية، وتطور الأنشطة فيها.
وكانت مثل هذه الهدايا تدخل فى نطاق الالتزام القانونى، أسوة بما كان متبعا فى مجتمعات ما قبل الإسلام والمعاصرة للإسلام. وقد جرت محاولات لوضع قواعد تنظم قبول الهدايا وتعرضت للنقد الفقهى.
وبالإضافة إلى ما يتم بين البشر، فهناك المعنى الدينى المتعلق باللَّه سبحانه وتعالى كواهب للنعم. فكل ما فى الوجود، بما فيه الإنسان ذاته، هو "نعمة" إلهية، ذلك بالإضافة للنعم الأخرى كالذكاء والعطاء الإنسانى ويعتبر الصوفيون أى تقدم فى طريق