الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شدة اهتمامه بالأمور الدينية منذ كان صديقا حميما لكل من المحدثين الكبيرين الزهرى وأبى زناو وبالإضافة إلى اهتمامه الكبير بأخبار الساسانيين الإدارية والتاريخية فقد وجد فى بلاطه وبين رجال حاشيته أمثال الأبرش الكلبى وتلميذه عبد الحميد بن يحيى الكاتب.
أيمن حسن حبشى [التحرير]
هشام المؤيد
هشام المؤيد باللَّه الأموى ويعرف بهشام الثانى الخليفة القرطبى بن الحكم الثانى، كانت أمه باسكية واعتلى العرش فى صفر سنة 366 هـ (أكتوبر 976 م) وهو فى العاشرة من عمره، وقد حاول ضباط القصر الصقالبة أن يسوقوا العرش إلى عمه المغيرة بأن يجعلوه ولى عهد هشام لكنهم فشلوا فيما أرادوه، ولقى المغيرة مصرعه بأمر الحاجب محمد بن أبى عامر المنصور الذى استغل سلطان هشام المؤيد لتحقيق مآربه والوصول إلى أهدافه وذلك بوصفه الخليفة الصغير بوضعه تحت سيطرته التى ظلت على الدوام، ولقد جاهر المنصور بحكمه منذ سنة 370 هـ (= 981 م) وفى خلال هذه الفترة قام المنصور بحملاته الناجحة على نصارى الشمال، فلما كانت سنة 386 هـ (= 996 م) وقد أدرك هشام المؤيد الثلاثين من عمره وبلغ مبلغ الرجال إلّا أنه كان واقعا تحت سيطرة أمه، وحاول عبثا أن يؤكد وجوده كخليفة ولكنه فشل وظل يعتمد على المنصور حتى وافت الأخير منيته سنة 392 هـ (= 1002 م)، فخلفه فى إدارة دفة شئون الحكم ولده عبد الملك المظفر الذى تظاهر باعترافه بسلطان هشام المؤيد ولكن ظل الأخير دمية فى يديه، فقلّ أن كان يظهر للعامة وكان يقضى أوقاته فى جمعه الآثار كما يقول ابن الخطيب فلما مات المظفر سنة 399 هـ (= 1008 م) خلفه أخوه الأصغر منه عبد الرحمن الناصر المعروف بشنجول Sanchuela الذى شذّ عن نهج أسرته فقوى علاقاته بالخليفة الذى لقبه بالمأمون وكان يسميه بخاله (فقد كانت أمه هو الأخر باسكية)، ثم ما لبث بالتماس من شنجول أن أعلن أنه ولى
عهده، وكان هذا العمل الجنونى الذى لم يسبقه اليه أحد ضربة للخلافة إذ نقلتها من البيت الأموى إلى آل عامر مما أثار فى الحال غضب العاصمة ومعارضتها لما جرى ولم تقتصر عاقبته الوخيمة على نفوذ العامرين وحدهم بل تعدتها إلى الخلافة الفاطمية ذاتها، شبَّت منذ ذلك الحين "الفتنة" الطغياء وعمت الاضطرابات التى استمرت أكثر من عشرين عاما، ولم ينطفئ أوارها إلّا بخلع آخر خلفاء قرطبة التى ظهر فيها دعىّ أموى يسمى محمد بن هشام بن عبد الجبار الذى طالب بالعرش وأستطاع أن يسيطر على المدينة مغتنما فرصة غياب عبد الرحمن عنها فى حملة خارجية، وحينذاك انفض عن عبد الرحمن رجاله ومن حوله واغتيل قبل أن يتمكن من الرجوع إلى قرطبة سنة (399 هـ = 1009 م)، وأظهر هشام استعداده للتخلى عن الخلافة حين سألوه التخلى عنها حتى لقد بعث إلى محمد بن هشام بن عبد الجبار بالملابس حين أعلن الأخير نفسه خليفة ولقب نفسه بالمهدى، وحينذاك أذاع محمد المهدى فى الناس أن الخليفة مات (وعرف ذلك بالموت الأول له) ثم لما وجد المهدى نفسه مهدّدا فى قرطبة من جهة سليمان بن الحكم والبربر خرج الخليفة السابق فى محاولة منه لجمع الناس حوله، ولكن تمكن سليمان من احتلال العاصمة سنة 400 هـ (1009 م) ونودى به خليفة ولقب بالمستعين، أما محمد المهدى الذى كان قد فرّ إلى طليطلة فقد عاد على رأس جيش ضخم فيه عدد كبير من النصارى، فاضطر سليمان للخضوع للأمر الواقع وغادر قرطبة، ولما نودى بالمهدى خليفة للمرة الثانية كان هشام -كما يقال- أول من بايعه، غير أن سليمان عاد وحاصر أعداءه فى قرطبة وإذ أصبح من المستحيل إخراج البربر فقد اضطر واضح تحت شدة الحصار أن يعيد هشاما، وهنا بويع هذا الخليفة السابق للمرة الثانية فى ذى الحجة من سنة 400 هـ وجئ أمامه بمحمد المهدى لسؤاله عما كان منه قبل أن يبعثوا به ليقتل، وحينذاك أعيد هشام ليحكم -ولكن بالاسم- وجعل واضحًا حاجبه وإن كان الأمر كله فى يده دون الخليفة، واستمر الحصار مضروبًا على