الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هذيل
هذيل إحدى قبائل عرب الشمال، وإذ كانوا فرعًا من مضر المعروفين بخِنْدِف فقد كانوا ذوى قربى إلى كنانة وبالتالى إلى قريش المتاخمة كانت بلادهم التى ينزلونها هى المتاخمة مباشرة لشرقى مكة وغربها وكذلك الجبال نحو الطائف، وليس هناك من خبر يشير إلى أنهم هاجروا إلى هنا من أى مكان آخر، وكان لوضعهم هذا يعرفون ببطن مُرّ الزهران المعروف حاليا باسم وادى فاطمة بين مكة وجدة.
ويذكر ابن الكلبى أن الهذليين كانوا أول قوم من نسل إسماعيل عبدوا الأصنام، وكان لهم صنم اسمه "سواع" يتقربون إليه فى موضع يسمى "بِدُهَاط" وعلى الرغم من أن ابن الكلبى يقرّر أن "رهاطا" تقع فى ضواحى منبع إلّا أن الأمر الأكثر احتمالا أنها كانت مجاورة لمكة وربما كان فى "نخلة اليمنية" ومع ذلك فإن السّكرى فى كتابه "شرح أشعار الهذليين" يقرر أن بطن رهات إنما هى أرض بنى هلال التى تبعد عن مكة ثلاث ليال، وكان القوّامون على خدمة سواع وحراسته هم بنو لحيان وهم بطن من هذيل، كما شارك الهذليون خزاعة عبادة "منات" وهو صنم من حجر عند "قُدَيد" على الطريق الواصل من مكة إلى يثرب، وتشتهر منات بأنها أقدم أصنام العرب فى الجاهلية.
فى الأخبار يرد ذكر الدور الذى لعبته هذيل فى زيارة تُبَّع أسعد كامل (أبى كرب) إلى مكة وكذلك فى حملة أبرهة ضدها. واشتبكت هذيل قبل الإسلام فى عدة حروب ضد جيرانها، وما قصيدة تأبّط شرا ضد هذيل إلّا لقتلهم عمّه، وكان من عادة هذيل أن يبيعوا أسراهم فى مكة ليكونوا رقيقًا، ولما كان الصراع بين الرسول [صلى الله عليه وسلم] وبين قريش ساند معظم رجال هذيل (وعلى رأسهم لحيان) قريشا فى مكة وانتصر عليهم عبد اللَّه بن أنَيْس من بنى وبرة المعروف بالجهنىّ، وحدث أن أسر الهذيليون رهطا من المسلمين فباعوهم لقريش، ولما أخذ المسلمون فى إزالة الأصنام من الكعبة بعد فتح مكة قام عمرو بن العاص بتحطيم سُواع،
كما قام على ونفر معه من المسلمين بتحطيم مناة [وكان عبد اللَّه بن أنيس هذا واحدا ممن كانوا يكسرون أصنام بنى سَلِمة] ثم شاركت هذيل قريشا فى اعتناقهم الإسلام.
وإذا كان معظم رجال هذيل اتسموا بالبطء فى دخولهم الإسلام إلا أن واحدا منهم تميز عنهم إذ كان من أوائل المهتدين وكان قديم الإسلام، وكان ابن حزم يعدّه هذيليا رغم أن البعض يعتبرونه حليفا لهم، وقد صار عبد اللَّه ابن مسعود صحابيا صادقًا وخادما للنبى [صلى الله عليه وسلم] ومحدّثا كبيرا.
واشتهرت هذيل بين القبائل العربية بكثرة ما خلفته من الشعر الموجود بين أيدينا، وربما كانت شهرتها هذه راجعة أيضًا إلى أن ديوانها القَبلى هو الديوان الوحيد الذى وُجِد كاملا، وكان من بين شعراء هذيل الكثيرين أبو ذؤيب، وأبو كبير وأبو خراش وأبو صخر، ولم يكن كل شعراء هذيل ممن عاشوا فى الجاهلية بل إن نفرًا منهم عاش فى الجاهلية، ثم امتد به العمر ليعيش بين المسلمين.
ونجد من النتف الواردة عن هذيل عن الهمدانى من أهل القرن الرابع الهجرى (العاشر الميلادى) ما يقال من أن بنى سعد (وربما كان سعد بن بكر) أخرجوا من حيث يقيمون بمساعدة من عُجّى بن شاخ الذى ينعته الهمدانى بسلطان مكة، والأرجح أن ابن شاخ هذا كان مملوكا تركيا من مماليك العباسيين ولى إمرة المدينة المقدسة.
وعلى الرغم من صلة هذيل الكبيرة بمكة إلّا أن الأمر العجيب هو أن مؤرخى هذه المدينة لا يذكرون إلا نتفًا يسيرة عن أعمال هذه القبيلة، وطالما قامت هذيل بمشاركة "أشراف" مكة الهاشميين فى حملاتهم، على أن هذيلًا لقيت كثيرا من الذم لخروجها على الحجاج وتعرضها لهم، وهذا ما حمل المسافرين فى كثير من الأحيان إلى تجنب السير فى الطريق الواقع شرقى جبال السراة وتفضيلهم عليه الدرب الساحلى المؤدى إلى المدينة المنورة.
ويشير إليهم الرحالة "بوركهارت" فى القرن التاسع عشر الميلادى بأنهم