الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(2)
القلقشندى: البيان والاعراب عما بأرض مصر من الأعراب، القاهرة 1961.
(3)
E. Marx: Bedouins of the Meoger. 1964
سامية سالم [ك. بايلى Bailay]
النقشبندية
طريقة صوفية مهمة ظهرت فى بلاد ما وراء النهر والأطراف الشرقية لخراسان، وكانت تابعة لفارس وقتها، ومع أن ظهورها كان فى فارس، ونصوصها الأساسية وأورادها باللغة الفارسية إلّا أن تأثيرها كان محدودا فى بلاد فارس نفسها. وقد حققت النقشبندية ذيوعا وانتشارا فى عهد المعلم (الخواجا) بهاء الدين نقشبند فى بلاد ما وراء النهر رغم مواجهتها لمنافسة قوية فى كبراوية، وكان المعلم (الخواجا) محمد بارسا (المتوفى 822 هـ/ 1419 م) هو المؤيد الوحيد لبهاء الدين نقشبند بين علماء بخارى، وكان العلماء يأخذون على محمد بارسا أمورًا كثيرة ليس أقلها تحمسه لأفكار ابن عربى، وقد ارتبط آل تيمور (التيموريين) بالنقشبندية من خلال صلاتهم بمحمد بارسا فقد ضمن ميرزا شاهرخ عودة بارسا إلى بخارى بعد فترة قضاها فى المنفى، وهكذا ترسخت هذه الطريقة فى معظم بلاد ما وراء النهر واستطاعت النقشبندية بالإضافة للطريقة الزيدية التى ارتبطت معها بعلاقات ود أن تسيطر على الحياة الدينية والثقافية فى هراة فى آواخر فترة حكم التيموريين كما وصلت النقشبندية إلى قزوين وما حولها ويلاحظ أن المذهب الشيعى كان يلقى مقاومة عنيدة فى المناطق التى تمركزت فيها النقشبندية، وقد فر بعض النقشبندية من تبريز بعد استيلاء الصفويين الشيعة على الحكم وبدأ نفوذهم يتقلص كلما ترسخت دعائم الدولة الصفويَّة فى فارس وقد احتمى بعضهم بالعثمانيين، وفى القرن التاسع عشر عادت النقشبندية للظهور فى فارس لكنها كانت مقصورة على المناطق السنية فى أطراف البلاد، ولعب النقشبندية الأكراد دورا مهما فى الانتفاضات ضد الحكم الفارسى خاصة
منذ سنة 1880 م وبعد ثورة الخمينى فى إيران 1978 حاربت الحكومة النقشبندية على الحدود بين إيران والعراق فانسحبوا إلى العراق، ومع ذلك فإن النقشبندية لا زالت قوية بين أكراد إيران. وانتشرت النقشبندية أيضا فى تركيا العثمانية بسبب ميلها للمذهب السنى، ولأن عددا من أتباعها فر هاربا من الاضطهاد الشيعى فى إيران وكان أول نقشبندى كثر أتباعه فى تركيا هو الملا عبد اللَّه (توفى 895 هـ/ 1490 م) وقد أنشا أول مركز للنقشبندية فى جامع زيريك فى استنبول، وتدعم مركز النقشبندية فى تركيا انتقال عدد من النقشبندية الهنود إلى استنبول، وحتى أواخر القرن التاسع عشر كانت مكة المكرمة مركزا لنشر هذه الطريقة، واحتفظت الطريقة بأهميتها وأتباعها الذين زاد عددهم منذ الربع الأول من القرن التاسع عشر فصاعدا حتى بعد إلغاء الطرق الصوفية من الناحية الرسمية.
أما فى الهند فقد دخلت النقشبندية على يد خواجا (المعلم) باقى باللَّه (972 - 1012 هـ/ 1564 - 1603 م)، وأصبحت عاملا مؤثرا فى حياة المسلمين فى الهند، بل وظلت طيلة قرنين الطريقة الروحية الرئيسية فى البلاد. . وبالرغم من أن "باقى باللَّه" مات فى سن الأربعين إلا أنه ترك تأثيرًا عميقا على حياة الشعب بسبب أساليبه المتواضعة وروحه الإنسانية العميقة.
وقد اجتذب إليه كلا من الشخصيات الدينية والسياسية. . وقد كان يؤمن بوحدة الوجود، وقد عبر عن مشاعره تجاه الكون (الكونية) فى أشعار روحانية تحت عنوان "عرفانياتى باقى". . وقد برز من تلاميذه اثنان هما الشيخ أحمد سرهندى، المعروف "بمجدد الألف الثانى" وقد نشر الطريقة على نطاق واسع حتى أن مريديه وصلوا إلى كل مدينة ومحلة فى الهند. . والشيخ عبد الحق (من دهلى) المتوفى عام 1942 م، والذى عرف بالمحدث نظرًا لإسهاماته فى تبسيط دراسة الحديث فى الهند.
انسلخ عن التعاليم الصوفية السابقة فى الهند برفضه لمبدأ واحدة الوجود، واستبدل به نظرية وحدة الشهود (أى
وحدة عالم الظاهرات التى تدرك بالحس). واعترض بشدة على البدع التى أدخلها الصوفيون وعلماء السوء. كما قاوم محاولات أكبر لاستنباط توليفة من الاتجاهات الدينية عند الهندوس والمسلمين، وأعلن الشيخ أحمد أنه "على المسلمين أن يتبعوا دينهم، وعلى غير المسلمين أن ينتهجوا طرائقهم، كما يقول القرآن"{لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ} ولأن منهج ابن عربى كان يدعم هذه الاتجاهات الدينية فقد انتقد آراءه بحدة وبأسلوب لاذع. . ولم يكن يؤمن بالابتعاد عن الدولة والحاكم. . وقد ناضل بقوة للوصول إلى تغيير فى نظرة الطبقات الحاكمة، وأجرى اتصالات عاجلة مع نبلاء المغول مثل عبد الرحيم خان أى خانان، وميرزا عزيز كوكا وفريد بخارى، وآخرين وكسبهم إلى صفه. وعندما صعد جاها نجير إلى العرش حصل فريد بخارى على وعد منه بألا يقدم على أى عمل ضد الشريعة. . ولكن "جاهانجير" أودعه السجن بناء على تقارير كيدية وصلت إليه ثم عفا عنه بعد عام وأبقاه بجواره. . وكان يتحدث فى بلاط الأمبراطور عن النبوَّة ويوم الحساب واضطراب المنطق. ومما يذكر أن أورانجزيب تأثر بشيوخ النقشبندية وأظهر لهم احتراما عميقا. وقد استطاع شيوخ النقشبندية أن يقوموا بدور مهم فى مرحلة التحول الأيديولوجى فى دولة المغول كما يتضح من السياسات المختلفة لأكبر وأوانزيب.
وتختلف الأيديولوجية الصوفية عند الطريقة النقشبندية عن الطرق الأخرى فى جوانب عدة:
1 -
أنها انتهجت رؤية ديناميكية نشطة حازمة.
2 -
أغلقت طرق الاتصال الأيديولوجى مع الأديان الأخرى برفضها لفكر ابن عربى.
3 -
اعتقادها بضرورة تقديم التوحيد والإرشاد للدولة مما ضيق الفجوة بين المتصوفة والدولة من جهة فى الوقت الذى أثار مشاكل جديدة من جهة أخرى.
4 -
تنشر تعاليمها وآرءها بالمكتوبات لا بالملفوظات كما تفعل الطرق الأخرى.
5 -
إذا كان الشيوخ الأوائل يقولون بفكرة الولايات (مناطق روحانية يخصصها كبير المتصوفة) فإن النقشبندية تقول بفكرة القيُّوميات (نمط من المحور الروحانى يعتمد عليه العالم فى أداء مهمته ووظيفته) وبدلا من أن تدعم هذه الفكرة السلسة، وتقويها، أدت إلى إضعاف نسجها وتشتت جهودها. .
وفى القرن الثانى عشر الهجرى التاسع عشر الميلادى برز اثنان من شيوخ النقشبندية أسهما فى إعادة صياغة بعض المواقف الأيديولوجية الأساسية. . وهما "شاه ولى اللَّه"(المتوفى عام 1762 م) الذى حاول أن يوفق بين الاتجاهات المتصارعة لابن عربى والشيخ أحمد، والذى أعلن أن الاختلافات بين منهجيهما تتعلق بالتشبيه والاستعارة، أما الثانى فهو "ميزار مظهر جان دى خيان"(المتوفى عام 1782) الذى انتهج موقفا متحررا وعريضا تجاه الهندوسية وتقبل كتبها الأربعة (الفيدا) على أنها كتاب موحى به. هذا فى الوقت الذى أحيا فيه "شاه ولى اللَّه" العلوم الدينية وخصوصا الحديث، وقام بترجمة القرآن إلى الفارسية، وتطور بعلم الكلام بهدف تفسير تعاليم الإسلام فى ضوء مشكلات العصر الجديدة (محمد إقبال - إعادة بناء الفكر الدينى فى الإسلام Becon structiobn of religious Ronghr in Islom كما قام بدور بارز فى التطورات السياسية فى عصره.
وقد ظهرت من خلال هذه الطريقة طريقتان هما "الطريقة المحمدية" التى أسسها خواجا مير ناصر (المتوفى عام (1758)، وطريقة النبوَّات. . والحق أن هناك جانبا مهما فى الطريقة النقشبندية وهو حيوية التفكير والقدرة على الاختلاف مع السابقين.
وهكذا فإن أهم سمات النقشبندية فى الهند رفضها للبدع ودخولها فى الصراعات السياسية.