الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نفسه، ص 6). إنها الصورة وليست الهيولى، فهى متقلبة وسريعة الزوال (انظر رسالة العقل والمعقول، ص 230 - 232).
تقرر رسالة المادة والصورة (ص 4 - 5) على نحو واضح أن الهيولى يمكن أن تفهم بأربعة طرق:
أ- هيولى الصنعة:
كل جوهر يستخدم كمادة للصانع.
ب- المادة الطبيعية:
أو مادة الطبيعة، وهى العنصر الرابع الذى تتركب منه كل الأجسام الأرضية والتى إليها تعود عندما تفنى.
جـ- مادة الكل:
هيولى الكل هى الجسد المطلق الذى منه يفيض العالم.
د- المادة الأولية:
(أو هنا المادة الأولى) عُرفت كجوهر بسيط معقول لا يمكن إدراكها بالحواس وكصورة لكل شخصية (هوية).
ومن ثم استخدم مصطلح هيولى "للمادة الثانوية"(تشكلت سابقًا) بالإضافة إلى المادة الأولى أو بالأحرى لم يرجع اخوان الصفا إلى هذا التمييز التقليدى، فإن فكرتهم عن الهيولى الأولى ليست هى الفكرة الخاصة بالإمكانية الخالصة.
فى الحقيقة، سلسلة المواد الأربعة التى صوروها بطريقة نابضة للحياة دفعتهمم إلى القول بأن كل شئ موجود له علاقات مختلفة بكل من الصورة والمادة، فكل واحد من الأنواع الأربعة للهيولى هو صورة فيما يتعلق بالنوع الذى يعلوه. فالجسم المطلق هو صورة فى المادة الأولية. . وهذا الأخير (المادة الأولية) هى صورة روحية فائضة (أى صادرة) عن النفس الكلية التى هى بذاتها صورة روحية فائضة عن العقل الكلى الذى يفيض عن الخالق (الرسائل، الجزء الثالث، ص 230).
ووفقا لفكرة الإسماعيلية عن الصورة (انظر أعلاه) فكل صورة حتى الصورة الروحية يمكن أن تختفى، لأنها تحديد والخالق (المبدع) بمفرده يبقى
(المصدر نفسه، ص 232) وكل شئ موجود يعود إليه (المصدر نفسه، ص 232).
هذه السلسلة للدلالات الأربعة للهيولى كمركب على نحو ما قدمها اخوان الصفا تتفق تمامًا بالتالى مع السلسلة التى يقرها ابن عربى إنها ربما تكون فى الحقيقة مصدرها أو واحدة من مصادرها. فى الفتوحات، نجد أن صعودًا ثم هبوطًا، تعدد ينتج مبادئ هذه السلسلة مع إضافة جديرة بالذكر، وتظهر دلالة خامسة تذكر أولا لأنها تعود على الحقيقة العليا: الهيولى كمادة معقولة، سواء خلقت أم لم تخلق، تتعايش مع الموجود ذاته و"حقيقة الحقائق". (انظر تحليل ومرجع اثنين بلاسيوس، المصدر نفسه، ص 112 - 113).
4 -
وبالرغم من كونها عملية فيضية، فإن نسق الفلاسفة لا يتبع بدوره نظرية نشأة الأكوان الإسماعيلية، فالمادة الأولية تفقد وضعها سواء كعنصر مادى وفيض أول (اتجاهات التفكير متأثرة بأنبادوقليس الكاذب) وكفيض ثالث (انظر السجتانى) لصالح فكرة تقريبًا فلسفية؛ فالمادة الأولية هى إمكانية خالصة (قوة) تصبح بالفعل عن طريق الصورة فقط.
وكل من كلمتى المادة والهيولى ينتميان إلى معجم الفلسفة، فتعبير المادة الأولى -الذى يستخدم للدلالة على- المادة الأولية شائع عند الفارابى؛ وموجود أيضا عند ابن سينا (انظر الشفاء، الإلهيات، القاهرة 1390 هـ - 1960 م، ص 279) ففى رسالته فى الحدود (ضمن تسع رسائل فى الحكمة والطبيعيات، القاهرة 1326 هـ، ص 84، الترجمة الفرنسية لـ أ. م. جواشون، مقدمة لابن سينا، باريس 1933 م، ص 81) يعطى ابن سينا كلمة مادة وهيولى نفس المعنى تماما، بينما يبدو أنه فى نفس الوقت يحفظ للمادة تضمنها لمعنى المادة الثانوية (ومع ذلك فهو يستخدم كلمة هيولى أيضا بهذا المعنى الأخير) وبعد ذلك مباشرة يعرف العنصر (العنصر الأولى) بأنه المبدأ الأول (لهذه الأشياء التى هى) موضوعات
متأصلة: خاصة وأنها تشير بكل ما فى الكلمة من معنى إلى المادة الأولى، الهيولى الأولى (المصدر نفسه ص 84 - 85، ص 82).
وهكذا ففى مقابل نظرية نشأة الأكوان الاسماعيلية، نجد عند الفلاسفة (إلى حد ما عند الأفلاطونية والأفلاطونية المحدثة) نوعًا من انتقاض قيمة الهيولى (أو المادة). فالفارابى فى مقالته فى معانى العقل، يسمى المادة الأولية (هنا المادة الأولى)"بأساس الأشياء"(نشرها ديتريص، فيلو، ابهاند، ليدن، 1890، ص 46) فى وصفه لسلسلة الصعود الأنطولوجى (المصدر نفسه) ينبثق عن أدنى المراتب التى هى المادة الأولية، إلى المرتبة الثانية التى تمثلها الطبيعة. هذه "صورة مادية كامنة فى المواد الأولية". وإذن فهذا اتفاق فى تعبير واحد عن المصدرين العربى واليونانى. فأعلى مراتب الموجودات يرتفع عن الموجودات المختلفة (أى ينفصل عن أى مادة).
المادة هى المكان أو الوعاء (محل) الصورة. يقول ابن سينا: "إذا كانت المادة بذاتها وعاء بدون أى تركيب، فإنها تسمى مادة أولية صرف أو الهيولى المطلقة"(النجاة، ص 300)، فالهيولى أو المادة) والصورة نقيضها المتلازم هما المصطلحين المستخدمين للتعبير عن الشئ المادى الأرسطوطاليسى أو بالأحرى الشئ المادى المعاد تركيبه فى رسائل الأفلاطونية المحدثة. فالمادة توجد من أجل الصورة، وفى الموجودات المادية الصورة لأجل المادة (انظر الفارابى، المدينة الفاضلة، نشرها دميتريص، ليدن 1895، ص 20 - 21؛ المصطلح المستخدم هو المادة، ولكن فى مثال واحد، المادة والهيولى متشابهين فى رسالة معانى العقل، ص 46).
وفى سياق آخر يؤكد ابن سينا على أن تفاعل المادة والصورة يعطى الأولية للصورة. "فمن الخطأ القول بأن المادة هى بطريقة ما سبب الصورة. فالصورة بمفردها بواسطة أى مادة توجد بالضرورة". (الشفاء، الإلهيات، ص 85) ويستتبع ذلك القول بأن الصورة سابقة على المادة (هيولى)؛ وليس أنها دائما توجد بالقوة من ذاتها، بل