الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
*
كان أحد الصحابة يقرؤها قائمًا وقاعدًا وراكبًا وماشيًا فلما توفي نزل جبريل في سبعين ألفًا من الملائكة، ووضع جناحه على الجبال؛ فتواضعت فصلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم وهو بتبوك، ومعه الملائكة عليهم السلام:
عن أبي أمامة:
(177)
قال ابن السني: حدثني عبد الملك بن محمود بن سميع ثنا نوح بن عمرو بن حوي - قال عبد الملك: سألت عنه أبا زرعة فقال: ثقة - حدَّثنا بقية بن الوليد عن محمد بن زياد عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال: "أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم جبريل عليه السلام وهو بتبوك فقال: يا محمد، اشهد جنازة معاوية (بن معاوية) المزني. قال: فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ونزل جبريل عليه السلام في سبعين ألفًا من الملائكة، فوضع جناحه الأيمن على رؤوس الجبال فتواضعت، ووضع جناحه الأيسر على الأرضين فتواضعت حتى نظر مكة والمدينة، فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وجبريل والملائكة عليهم السلام فلما فرغ قال: يا جبريل، بمَ بلغ معاوية هذه المنزلة؟ قال: بقراءته قل هو الله أحد قائمًا وقاعدًا وراكبًا وماشيًا".
تخريجه وطرقه:
أخرجه ابن السني في اليوم والليلة ص 76، والطبراني في الكبير 8/ 136، والأوسط (انظر مجمع الزوائد 3/ 38) وفي مسند الشاميين (انظر الدر 6/ 412)، وأَبو أحمد الحاكم في فوائده (انظر الدر 6/ 412)، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخ دمشق ص 17/ 649، وأيضًا الذهبي في الميزان 4/ 278، وأخرجه الخلال في فضل قل هو الله أحد رقم (91)، وعلقه أَبو نعيم في معرفة الصحابة 186/ ب / 2، ومن طريقه ابن عساكر موصولًا ص 649/ 17، وأخرجه ابن عبد البر 9/ 155 وابن عساكر ص 649/ 17، وعلقه ابن منده (انظر الجوهر النقي 4/ 50).
جميعهم من طريق نوح به.
ورواه عن نوح عبد الملك بن محمود بن سميع، وأحمد بن عمير بن جوصا، وعلي بن سعيد الرازي، وأَبو الدحداح أحمد بن محمد بن إسماعيل الدمشقي.=
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= التحقيق:
هذا إسناد صحيح لا مغمز فيه على الإطلاق، وفيه فوائد ونوادر، وأرجو أنَّ يكون هذا الحديث منقبة لتلك الموسوعة.
أولًا: نوح بن عمرو بن حُوي: المطالع لكتب الرجال ونجيرها مما تكلم عنه، أو عن الحديث يشعر بأن نوحًا فيه نوع فن الجهالة، فقد ذكره الذهبي في الميزان وحمل عليه قولًا لابن حبان قاله في حديث أَنس كما سيأتي بالتفصيل فرد عليه ابن حجر في تحفظ، ولم يذكر شيئًا عن نوح، ولكن بحمد الله وبتوفيقه، وقفت على ترجمة جيدة جدًا لنوح في (تاريخ دمشق) الكتاب العظيم الذي قمت بعمل فهرس لرجاله، وأضفت إليها هذه الفائدة العزيزة التي في هذا الإسناد وهي توثيق أبي زرعة له.
قال الحافظ ابن عساكر: نوح بن عمرو بن حوي بن نافع ويقال: نافع بن محصن، ويقال: محصن بن حبيب بن ثور بن خداش بن سكسك أَبو عبد الله السكسكي.
روى عن بقية بن الوليد، ويزيد بن هارون، وسعيد بن مسلمة بن هشام الأموي، وعقبة بن خالد المجدر، ومالك بن طوق الثعلبي، والنضر بن يحيى أَبو معرور الكلبي.
روى عنه أَبو الدحداح، وعمر بن سلمة بن الغمر أَبو بكر السكسكي، وأَبو زرعة الدمشقي، وأَبو الحسن بن جوصا، وإبراهيم بن عبد الرحمن بن إسماعيل الكوفي، وأحمد ابن معلى القاضي، وعلي بن سعيد بن بشير الرازي، وعبد الصمد بن عبد الله بن أبي يزيد وإسماعيل بن أبان بن حُوي، ويوسف بن موسى المروروذي، وإبراهيم بن محمد بن الحسن ابن معاوية اهـ.
ثم روى الحديث هذا من طريقين، وصحح خطأ لبعض الرواة فقال: كذا قال ابن عمر، وهو ابن عمرو، وقال: الحمصي، وهو دمشقي اهـ.
ثم روى بسنده أنَّ أبا زرعة قال: سمعت نوح بن عمرو بن حوي ينشد.
دع ما يريبك وانتقل عنه إلى ما لا يريبك
…
فليأتينك كنت موفرًا منه نصيبك
ثم روى بسنده عن الدارقطني قال: نوح بن عمرو بن حوى يروى عن سعيد ابن مسلمة وغيره يعد في الشاميين، حدث عنه يوسف بن موسى المروروذي اهـ. وهو بلفظه في المؤتلف والمختلف 1/ 780.
ثم روى عن ابن ماكولا قوله: أما حوي صبهاء مهملة مضمومة وآخره ياء مشددة: =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= نوح بن عمرو بن حوي يروى عن سعيد بن مسلمة وغيره يعد في الشاميين، روى عنه يوسف بن موسى المروروذي اهـ. وهذا النص في الإكمال 2/ 574 ثم قال: بلغني أنَّ نوحًا كان حيًا إلى سنة اثنتين وخمسين ومائتين أو بعدها اهـ. التاريخ ص 649، 650/ 17.
هكذا ترجمه الحافظ في تاريخه، ونخرج من هذه التَّرجمة بفوائد: منها:
1 -
أنَّ هذا الرجل معروف لدى أهل العلم ومشهور، فقد عرفه أَبو زرعة والدارقطني وابن ماكولا وابن عساكر حتَّى إن الحافظ ابن عساكر ذكره بكنيته وبنسبه إلى سكسك.
2 -
أنَّه روى عنه جماعةٌ من أهل العلم وفيهم أئمة كأبي زرعة الدمشقي وابن جوصا.
3 -
أنَّه مع معرفة أهل العلم له ورواية الكبراء عنه لم يذكره أحد بجرح.
4 -
أنَّ ذكر الدَّارَقُطني له ومعرفته إياه ثم عدم ذكره له في كتابه الضعفاء والمتروكين، يعني: عدم وجود ما يضعفه.
5 -
مجالسة أبي زرعة له وسماعه منه الشعر يدل على معرفة له عن قرب فكلامه فيه معتمد.
6 -
البيت الذى أنشده يدل على ورعه ودعوته للبعد عما يرتاب فيه المسلم.
وأضفت إلى هذا توثيق أو زرعة له، وأظنه الدمشقي؛ لأنه ممن روى عنه. ويحتمل أنَّه الرازي فهما متعاصران وكلاهما إمام، وأَبو زرعة الدمشقي من تلاميذ والد عبد الملك ولذا فهو الأقرب، والله أعلم.
وأما ذكر الذهبي له في الميزان؛ فلأنه ظهر لديه أنَّ قول ابن حبان في حديث أَنس الآتي ذكره "سرقه شيخ من أهل الشام فرواه عن بقية عن محمد بن زياد عن أبي أمامة" يعني به نوحًا فلذا ذكره فقال: "هذا حديث منكر قال ابن حبان: يقال: إنه سرق هذا الحديث" فرد عليه الحافظ في اللسان 6/ 174 فقال: وهذا الحديث قد رواه جماعةٌ من غير هذا الوجه، وقد أشرت إليه في ترجمة محبوب بن هلال ولم يترجم ابن حبان نوحًا هذا في الضعفاء ولا سماه، وإنَّما قال في ترجمة العلاء بن محمد الثقفى بعد أنَّ أورد هذا الحديث في ترجمته "وسرقه
…
.. " فذكر ما سبق ثم قال: هذا كلامه، والظاهر أنَّه غير هذا، ولكن لا يحسن الجزم بذلك اهـ.
وسواء قصده ابن حبان أم لم يقصده فلنا أنَّه لم يذكره باسمه، ولم يضمنه كتابه الضعفاء، ولو قصده فهذا يعني عدم معرفته له، ولكنه ظن ظنًا، ومن المعلوم تشدد =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ابن حبان في الجرح.
ولذا قال الهيثمي في المجمع 3/ 38: رواه الطبراني في الكبير والأوسط وفيه نوح بن عمرو، قال ابن حبان: يقال: إنه سرق هذا الحديث قلت: ليس هذا بضعف في الحديث وفيه بقية وهو مدلس، وليس فيه علة غير هذا اهـ. وما قاله الهيثمي متجه؛ لأن بقية عنعن عند الطبراني، ولكنه صرح بالتحديث عند غيره كما سيأتي.
والخلاصة أنَّ نوحًا ثقة لا مطعن فيه، ولا ينظر في الحديث من جهته.
وأما بقية فهو ابن الوليد صدوق كثير التدليس عن الضعفاء، ولكنه صرح بالتحديث عند أبي أحمد الحاكم ومن طريقه ابن عساكر والذهبي، وعند ابن عبد البر من رواية كل من ابن جوصا وأبي الدحداح عن نوح عنه، فزالت بذلك شبهة التدليس، وقال الذهبي: وثقه الجمهور فيما سمعه من الثقات (الكاشف 3/ 39).
وأما محمد بن زياد الألهاني فهو ثقة وهو راوية عن أبي أمامة فالإسناد صحيح لا غبار عليه، ويشهد له ما يأتي، وأما عبد الملك فله ترجمة جيدة في تاريخ دمشق 501/ 10 واسمه كاملًا عبدُ الملك بن محمود بن إبراهيم بن محمد بن عيسى بن القاسم بن سميع أَبو الوليد القرشي روى عنه جماعة من الحفاظ منهم ابن السني وابن حبان وحمزة ابن محمد الكتاني، وقد وصفه ابن عساكر بالفقيه، وأبوه هو الحافظ محمود بن سميع صاحب كتاب الطبقات (انظر تذكرة الحفاظ 1/ 614)، (سير أعلام النبلاء 13/ 55) وقد تابعه على رواية الحديث جماعة كما تقدم.
ملاحظات:
1 -
حصل تصحيفات في بعض الكتب مثل "عمل المسلم" فيه "ابن حرثي" بدلًا من "ابن حوي"، وفي اللسان "ابن مولي" وفي معجم الطبراني "ابن حري"، ووقع في كثير من المراجع "ابن عمر" بدلًا من "ابن عمرو" وفي "عمل المسلم" عبد الملك ابن محمود بن سميح بدلًا من "ابن سميع".
وفي الاستيعاب جاء في الإسناد
…
حدثنا نوح بن محمد بن زياد عن أبي أمامة حدَّثنا بقية بن الوليد قال حدَّثنا محمد بن زياد عن أبي أمامة الباهلي
…
وهو خطأ واضح.
2 -
قول بعض أهل العلم كابن حبان: "ولست أحفظ في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدًا يقال له معاوية بن معاوية الليثي" لا يعني عدم وجوده فإن الصحابي يعرف =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= بطرق عدة: منها ثبوت صحبته برواية صحابي آخر مشهور، وقد ثبتت صحبته بهذا الإسناد إلى أبي أمامة، فلا يضير ذلك عدم حفظ ابن حبان أو غيره.
ولذا فقد صنفه في الصحابة أبو نعيم، والبغوي، وابن منده، وابن عبد البر، وابن الأثير، وابن حجر.
3 -
حديث أبي أمامة في بعض طرقه وكذا ما يأتي من الأحاديث، اتفقت على أنَّ اسم أبي معاوية معاوية، وفي بعضها أنَّه ليثي، والثابت هنا أنَّه مزني.
وجاء في الاستيعاب "ابن مقرن" والحديث من نفس الطَّرِيقِ عند غيره كابن عساكر والذهبي فيبدو أنَّها خطأ من أحد الرواة، والله أعلم.
وقد جزم الحافظ في الإصابة بأن اسمه معاوية بن معاوية المزني، وخطأ من قال الليثي، وهو الصحيح إن شاء الله تعالى.
4 -
وردت زيادة عند الخلال منكرة وهي قوله صلى الله عليه وسلم: "حبيبى" لجبريل ولم أجد هذه اللفظة إلَّا في أحاديث الصوفية المفتعلة الموضوعة، فيبدو أنَّ أحد الرواة زادها من عنده، حيث إنها لم تأت في طريق من الطرق التي جاء بها الحديث إطلاقًا.
عن أنس بن مالك:
(178)
قال سمويه: عن عثمان بن الهيثم عن محبوب بن هلال عن عطاء بن ميمونة عن أَنس بن مالك قال: نزل جبرئيل على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد، مات معاوية بن معاوية المزني أتحب أن تصلي عليه؟ قال: نعم، فضرب بجناحيه، فلم يبق أكمة ولا شجرة إلَّا تضعضعت. فرفع سريره حتَّى نظر إليه فصلى عليه وخلفه .... من الملائكة .... سبعون ألف ملك. فقال:"يا جبرئيل، بم نال معاوية هذه المنزلة؟ " قال: بحب قل هو الله أحد، وقراءته إياها جائيًا وذاهبًا وقائمًا وقاعدًا وعلى كل حال.
تخريجه وطرقه:
أخرجه سمويه في فوائده (انظر الإصابة 9/ 238)، وأَبو يعلى 7/ 258، وابن الضريس ق 114/ أ، والطبراني 19/ 428، وأَبو نعيم في المعرفة 186/ ب / 2، والبيهقي في السنن 4/ 51، والدلائل 5/ 246، وابن عبد البر 9/ 151، 152.
جميعهم من طريق عثمان به.
ورواه عن عثمان سمويه، والأشعث بن شبيب، ومحمد بن إبراهيم، وهشام بن علي، وإسماعيل بن إسحق القاضي، وإبراهيم بن صالح الشيرازي، وأحمد بن محمد العطار، وحذيفة بن غياث.
وأخرجه ابن منده من طريق محبوب به (انظر الإصابة 9/ 238، الجوهر النقي 4/ 50). وأخرجه ابن الضريس 115/ أ، وأحمد بن منيع (انظر إتحاف المهرة 112/ ب/4)، وأَبو يعلى 7/ 256، وابن أبي الدنيا في كرامات الأولياء ص 105، وابن سنجر في مسنده (انظر الإصابة 9/ 238)، ومن طريقه ابن عبد البر 9/ 153، وأخرجه ابن سعد (انظر الدر 6/ 411)، رمن طريقه ابن الجوزى في صفة الصفوة (انظر إتحاف المهرة 112/ ب/4)، وأخرجه أَبو سعيد بن الأعرابى (انظر الإصابة 9/ 238)، ومن طريقه البيهقي في السنن 4/ 50، وفي الدلائل 5/ 245، وأخرجه حاجب الطوسي في فوائده (انظر الإصابة 9/ 238)، ومن طريقه البيهقي في الشعب 1/ 379 القسم الثاني "وأخرجه أَبو نعيم في معرفة الصحابة 186/ ب /2، وابن عبد البر 9/ 153، والعقيلي 3/ 342.
جميعهم من طريق العلاء أو محمد الثقفي عن أَنس به نحوه، وفيه زيادات.=
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ورواه عن العلاء يزيد بن هارون، وعثمان بن مطيع.
وأخرجه ابن منده تعليقًا فن طريق أبي عتاب الدلال عن يحيى بن أبي محمد عن أَنس به نحوه (انظر الجوهر النقي 4/ 50).
ملحوظة:
الحديث رواه أَبو يعلى، كما نقل ذلك ابن كثير في التفسير 8/ 545، فقال: عن محمود أو عبد الله بدلًا من محبوب بن هلال وقد خطأه ابن كثير وذكره من رواية البيهقي على الصواب. وانظر حاشية مسند أبي يعلى فقد ذكر المحقق أنَّه كذلك في المخطوط إلَّا أنَّه قال: محمود بن عبد الله، ثم رجح كونها تصحيف محبوب أبي عبد الله. وهو قريب.
التحقيق:
الطَّرِيقِ الأولى إسنادها لا بأس به، فعثمان بن الهيثم هو المؤذن ثقة تغير فصار يتلقن، وقد حدث عنه بهذا الحديث جماعةٌ منهم سمويه، وهو إمام حافظ متقن. وعثمان أخرج له البخارى تعليقًا ومتابعة، ومحبوب بن هلال قال أَبو حاتم: ليس بالمشهور (انظر الجرح والتعديل 8/ 389)، وذكره ابن حبان في الثقات (7/ 529)، وأما عطاء فهو ثقة.
قال ابن حجر في اللسان (5/ 18) في ترجمة محبوب: وحديثه علم من أعلام النبوة، وله طرق يقوي بعضها بعضًا، وذكرتها في ترجمة معاوية في الصحابة. اهـ.
وقال أيضًا في اللسان (6/ 174): هو أقوى طرق هذا الحديث. اهـ.
وهذا إنما قاله لعدم وقوفه على ترجمة نوح، ولا على توثيق أبي زرعة له كما تقدم في الحديث السابق.
وقد قال ابن كثير في هذا الطَّرِيقِ: "منكر"(انظر البداية 5/ 14)، وقال الذهبي في الميزان في ترجمة محبوب: لا يعرف وحديثه منكر، ومقدار ما يرويه غير محفوظ اهـ.
وقال البخاري: لا يتابع عليه (انظر الكامل 6/ 2436) وهذا كله لعدم ثبوت حديث أبي أمامة عندهم، وإلَّا فلو كان ثابتًا عندهم لما استطاعوا الحكم بنكارته، وليس للذهبي سلف في تضعيف محبوب، بل قول أبي حاتم ليس بالمشهور، يعني: عدم ثبوت ما يجرحه عنده، وقد سبق تعقب ابن حجر للذهبى بقوله: "وحديثه علم من أعلام النبوة
…
" إلخ.=
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ولفظ رواية محبوب لم يخالف لفظ حديث أبي أمامة إلَّا أنَّه قال: صفان في كل صف سبعون ألف ملك، والثابت أنهم كلهم سبعون ألفًا، ولذا حذفنا مخالفته من المتن.
وأما الطَّرِيقِ الثانية فالعلاء، قال البيهقي في السنن (4/ 50): هو ابن زيد، ويقال: ابن زيدل يحدث عن أنس بن مالك بمناكير اهـ. وقال الحافظ: متروك، ورماه أَبو الوليد بالكذب.
وقال ابن كثير: هذا حديث فيه غرابة شديدة ونكارة، والناس يسندون أمرَها إلى العلاء بن زيد هذا، وقد تكلموا فيه (انظر البداية 5/ 14)، وقال في المجمع (9/ 378): فيه العلاء بن زيدل وهو متروك، وذكره ابن حبان في مناكير العلاء، وقال: حديث منكر لم يتابع عليه (انظر المجروحين 2/ 181) والذي في السند هو العلاء أَبو محمد وليس ابن زيدل.
وقد فرق بينهما كل من البخاري، وابن حبان، ولم يتكلم البخاري في راوي حديثنا بل سكت عنه، وكذا فرق بينهما العقيلى (انظر التاريخ الكبير 6/ 507، 520، المجروحين 2/ 180، 181، الضعفاء 3/ 342).
وقال العقيلى: والرواية في هذا فيها لين.
ورجح الحافظ في التهذيب (8/ 183) أنهما واحد، وجزم بذلك في الإصابة فقال: والعلاء أَبو محمد هو ابن زيد الثقفي واهٍ (9/ 238).
ولم يصرح في الرواية بأنه ابن زيد أو ابن زيدل، وعلى أي فالرواية فيها لين، كما قال العقيلي، وفي لفظها مناكير، تفرد بها العلاء عن لفظ رواية محبوب بن هلال، وعن لفظ حديث أبي أمامة، فهذه هي غاية ما يستنكر من رواية العلاء، وأما أصلها فثابت مما سبقها.
وقد ذكر ابن كثير طريقي حديث أَنس هذين كم قال: وروي هذا من طرق أخر تركناها اختصارًا، وكلها ضعيفة (انظر التفسير 8/ 546) وفاته صحة حديث أَبى أمامة.
وأما الطَّرِيقِ الثالثة فلم أقف عليها متصلة.
والحديث بمجموع الطرق الثلاث لا ينزل عن الحسن لغيره، لا سيما وقد تقدمه حديث أبي أمامة.=
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= هذا وفي الباب:
213 -
عن أَبي هريرة:
أخرجه أَبو نعيم في المعرفة 186/ ب/ 2 من طريق القاسم بن مساور عن إسحق ابن بشر عن ابن أبي الزناد عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة وخلف معاوية بن معاوية على المدينة
…
الحديث. وفي إسناده أَبو حذيفة إسحق بن بشر صاحب كتاب المبتدأ، تركوه، وكذبه ابن المديني (انظر لسان الميزان 1/ 354).
وفية من المراسيل:
135 -
عن الحسن البصري:
قال الطبراني 19/ 429: حدَّثنا أحمد بن زهير التستري ثنا أحمد بن منصور الرمادي ثنا يونس بن محمد المعلم ثنا صدقة بن أبي سهل عن يونس عن الحسن عن معاوية بن معاوية أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان غازيًا تبوك فأتاه جبريل عليه السلام فقال: يا محمد، هل لك في جنازة معاوية بن معاوية المزني؛ قال:"نعم"، فقال جبريل بيده هكذا ففرج له عن الجبال والآكام، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشى ومعه جبريل عليه السلام ومع جبريل سبعون ألف ملك فصلى على معاوية ابن معاوية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لجبريل عليه السلام:"بِمَ بلغ معاوية هذا؟ " قال: بكثرة قراءته {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} كان يقرؤها قائمًا وقاعدًا وراقدًا وماشيًا، فهذا بلغ به ما بلغ.
وأخرجه البيهقي في الشعب 379/ 1 القسم الثاني، وابن منده والبغوي في معجمه (انظر الإصابة 9/ 239، والجوهر النقي 4/ 50)، وعلقه أَبو نعيم في المعرفة 186 / ب / 2 من طريق صدقة به.
قال الهيثمي: فيه صدقة بن أبي سهل ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات (المجمع 3/ 38). وصدقة بن أبي سهل البصري له ترجمة في تعجيل المنفعة ص 185، 186، وقد ذكره البخاري في التاريخ 4/ 297، وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل 4/ 434 وسكتا عليه.
وقد ترجمه ابن أبي حاتم باسم: صدقة أَبو سهل الهنائي في موضعين: أحدهما =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= الذي مر آنفًا، والآخر 4/ 431 وفرق بينهما البخاري، فذكر الآخر باسم صدقة أَبو سهل الهنائي 4/ 297، ولم يفرق بينهما الحسينى، وذكر الحافظ ابن حجر في التعجيل: أنَّه فرق بينهما ابن حبان، وكذا البخاري، وابن أبي حاتم وصوّب كلامهم، والذي في الجرح والتعديل يشعر بعدم التفرقة حيث إنه ذكرهما بنفس الاسم.
وصدقة أَبو سهل وثقه ابن معين، وذكره ابن حبان في الثقات فإن كان هو نفسه الراوي عن الحسن هنا فهو ثقة، وإلَّا فلا بأس بالاستشهاد بروايته. وقد قال البيهقي عقب روايته: وقد رويناه في كتاب دلائل النبوة، وفي الجنائز من السنن من وجهين آخرين موصولين، وهذا المرسل شاهد لهما، وقوله عن معاوية ابن معاوية يريد من حديث معاوية بن معاوية (الشعب 1/ 379 القسم الثاني). وقال الحافظ: وليس المراد بقوله "عن" أداة الرواة، وإنَّما تقدير الكلام أنَّ الحسن أخبر عن قصة معاوية المزني (الإِصابة 9/ 239).
136 -
عن سعيد بن المسيب:
أخرجه ابن الضريس 114/ ب قال: أخبرنا يوسف بن واقد ثنا عباءة بن كليب عن جعفر بن عمران الأسدي عن علي بن زيد عن سعيد بن المسيب قال: كان رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقال له معاوية بن معاوية يحبه قال: فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك وهو مريض ثقيل، فسار رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة أيام ثم لقيه جبريل فقال: يا محمد، إن معاوية بن معاوية توفي "فحزن النبي صلى الله عليه وسلم حزنًا شديدًا، فقال: يا محمد، أيسرك أنَّ أريك قبره؟ قال: - "إي والله يا جبريل" قال: فضرب بجناحه اليمين الأرض، وجناحه الأيسر الأرض، فلم يبق جبل إلَّا انخفض حتَّى بدا له قبره فنظر إليه فقال: يا محمد أيسرّك أنَّ تصلى عليه فقال: "إى والله يا جبريل" فاحتمله بجناحه فوضعه بين يدي قبره وكبّر رسول الله صلى الله عليه وسلم وجبريل عن يمينه وصفوف الملائكة سبعين ألفًا، حتَّى إذا فرغ من صلاته قال: "يا جبريل، بم نوِّل معاوية بن معاوية من الله هذه المنزلة؟ " قال: ب قل هو الله أحد، كان يقرؤها قائمًا وقاعدًا وماشيًا ونائمًا، ولقد كنت أخاف على أمتك يا محمد، حتَّى نزلت هذه السورة.=
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وفي إسناده علي بن زيد بن جدعان وهو ضعيف.
وأما يوسف بن واقد فهو الرازي قال أَبو حاتم: صدوق (انظر الجرح والتعديل 9/ 233)، وأما جعفر بن عمران فهو الراوي عن الحسن وهو مترجم في الجرح والتعديل، وسكت عنه (2/ 484)، وقال في الميزان: ثقة (1/ 413).
وعباءة صدوق له أوهام.
137 -
عن الهيثم بن جهم:
أخرجه البيهقى في الدلائل 5/ 246 عن علي بن أحمد بن عبدان عن أحمد بن عبيد الصفار عن هشام بن علي عن عثمان بن الهيثم قال: سألت أبي أين كان النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: بغزوة تبوك بالشام، ومات معاوية بالمدينة، ورفع له سريره حتَّى نظر إليه وصلّى عليه.
على وأحمد إمامان حافظان، وهشام لم أقف عليه، وعثمان تقدم في حديث أَنس.
ملحوظة:
قال ابن عبد البر: "أسانيد هذا الحديث ليست بالقوية، ولو أنَّها في الأحكام لم يكن في شيء منها حجة، وقال: "وفضل قل هو الله أحد لا ينكر" (الاستيعاب 9/ 156).
وقد تبين مما مضى أنَّ هذه الأسانيد قوية، فحديث أبي أمامة صحيح، وحديث أَنس حسن لغيره وله طرق، وفي الباب عن أَبى هريرة مرفوعًا وثلاث مراسيل، فيصح الاحتجاج بها في الأحكام، ولكن ما ورد فيها من الأحكام خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم؛ قرر ذلك ابن عبد البر نفسه في التمهيد حيث قال: أكثر أهل العلم يقولون: هذا مخصوص بالنبي عليه السلام (انظر الجوهر النقي 4/ 50).
وكما استدرك عليه الحافظ حيث قال: "قلت: قد يحتج به من يجيز الصلاة على الغائب، ويدفعه ما ورد أنَّه رفعت الحجب حتَّى شهد جنازته فهذا يتعلق بالأحكام، والله أعلم، (الإصابة 9/ 239).