الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ووضعته فيه، وألقته فى اليمّ؛ وكان أبوه قد مات قبل ذلك ودفن، فلذلك اشتدّ خوف أمّ موسى.
قال الله تعالى: وَأَوْحَيْنا إِلى أُمِّ مُوسى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِ.
قال: فلمّا أتت به لتلقيه فى النيل تصوّر لها إبليس فى صورة حيّة سوداء وقال: إن ألقيته فى اليمّ ابتلعته. فعلمت أنه إبليس؛ فسمعت النداء: وَلا تَخافِي وَلا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ.
قال: فطرحته فى النيل. فقيل: إنه بقى فى الماء أربعين ليلة.
وقيل: ثلاثا.
وقيل: ليلة واحدة.
ذكر دخول التابوت فى دار فرعون ورجوع موسى إلى أمّه
قال: وأصبح فرعون فى اليوم الذى دخل فيه التابوت إلى قصره، فصعد أعلى القصر وأشرف فرأى التابوت والموج يلعب به؛ وكان لفرعون سبع بنات من غير آسية، بكلّ واحدة منهنّ نوع من البلاء والمرض؛ وكان الأطبّاء قالوا له: إنّ دواءهنّ أن يغتسلن فى النيل. فصنع لهنّ نهرا من النيل وأجراه فى وسط القصر يصب فى حوض عظيم؛ فكانت بناته يغتسلن فيه؛ فأمر الله الريح أن تلقى التابوت فى ذلك النهر وبنات فرعون فيه؛ فبادرت الكبرى وفتحته فإذا فيه موسى وله شعاع ونور؛ فلما لمسته أذهب الله ما بها من البلاء والمرض؛ فلمسته بنات فرعون واحدة بعد أخرى، فذهب ما بهنّ من الأمراض؛ وأقبلن بالتابوت إلى آسية؛ فلما رأته قبلته ولم تعلم أنه ابن عمّها؛ ثم أعادته إلى التابوت؛ وحملته جارية معها
ومضت به إلى فرعون؛ فلمّا نظر إليه أرعد منه وقال: يا آسية، إنى أخاف أن يكون هذا عدوّى، ولا بدّلى من قتله. فقالت له: قرّة عين لى ولك لا تقتلوه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا.
وحكى الثعلبىّ أنها لما قالت: قرّة عين لى ولك، قال فرعون: قرّة عين لك، أمّا أنا فلا حاجة لى فيه.
قال أبو إسحاق: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «والذى يحلف به لو أقرّ فرعون أن يكون له قرّة عين كما أقرّت به لهداه الله تعالى كما هدى به امرأته ولكن الله تعالى حرمه ذلك» .
قال الكسائىّ: ولم تزل تتلطّف بفرعون حتى تركه، وأحضرت له المواضع فلم يرضعهنّ. قال الله تعالى: وَحَرَّمْنا عَلَيْهِ الْمَراضِعَ مِنْ قَبْلُ.
وأرسلت أمّ موسى ابنتها كلثم «1» ، قال الله تعالى: وَقالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ.
قال: فدخلت قصر فرعون فرأته فى حجر آسية وقد امتنع أن يرضع؛ فتقدّمت إليها، فقالت هل أدلّكم على أهل بيت يكفلونه لكم وهم له ناصحون.
قال: ولم تعلم آسية أنها ابنة عمّها لرثائة ثيابها، لأنها دخلت فى حلبة المراضع؛ فالتفت إليها فرعون وقال: من هؤلاء القوم الّذين يكفلونه؟ قالت: قوم من آل إبراهيم. قال: اذهبى وائتنى بهم. فرجعت إلى أمّها وأخبرتها؛ فدخلت على فرعون وموسى بين يديه، فعرفتها آسية وقالت: خذى هذا الصبىّ وأرضعيه.
فلما أخذته التقم ثديها ورضع منه، وفرعون لا يعلم أنّها امرأة عمران؛ فقالت لها