الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فجعل الجبل يدنو منهم حتى ظنوا أنه يسقط عليهم؛ فآمنوا وخرجوا سجّدا على أنصاف وجوههم وهم ينظرون إلى الجبل بالنصف الاخر؛ فلأجل ذلك سجود اليهود كذلك. وردّ الجبل عنهم.
ذكر خبر الحجر الذى وضع موسى- عليه السلام ثيابه عليه
قال: وكانوا إذا اغتسلوا لا يسترون عوراتهم، وإذا اغتسل موسى يستتر فظنوا أن فى بدنه عيبا، فتكلموا بذلك، وكان موسى- عليه السلام إذا اغتسل وضع ثوبه على حجر وقرعه بعصاه فيتفجر الماء منه، فيغتسل ثم يلبس ثوبه؛ ففعل ذلك فى بعض الأيام، فلما أراد أن يلبس ثوبه انقلع الحجر من موضعه ومر على وجه الأرض وعليه ثوب موسى؛ فعدا موسى خلفه وهو يقول:«ثوبى يا حجر ثوبى يا حجر» ولم يزل يعدو حتى وقف على بنى إسرائيل، فنظروا إلى موسى ولا عيب فيه، فندموا على ما كان منهم؛ قال الله تعالى:(فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قالُوا وَكانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهاً) .
ذكر خبر طلب بنى إسرائيل رؤية الله تعالى وهلاكهم بالصاعقة، وكيف أحياهم الله- عز وجل وبعثهم من بعد موتهم
قال الله تعالى: (وَإِذْ قُلْتُمْ يا مُوسى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ* ثُمَّ بَعَثْناكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) .
وذلك أن الله تعالى أمر موسى- عليه السلام أن يأتيه فى ناس من بنى إسرائيل يعتذرون إليه من عبادة العجل؛ فاختار موسى- عليه السلام سبعين رجلا من قومه من خيارهم، وكان قد اختار من كلّ سبط ستّة نفر، فصاروا اثنين وسبعين، فقال: إنما أمرت بسبعين، فليتخلّف منكم رجلان. فتشاحنوا على
ذلك، فقال موسى: إن لمن قعد مثل أجر من خرج. فقعد يوشع بن نون وكالب ابن يوقنا «1» ، فقال موسى للسبعين: صوموا وتطهروا وطهروا ثيابكم. ففعلوا ذلك فخرج بهم موسى عليه السلام إلى طور سيناء لميقات ربه؛ فلما بلغوا ذلك الموضع قالوا لموسى: اطلب لنا نسمع كلام ربنا. فقال: أفعل. فلما دنا موسى من الجبل وقع عمود الغمام عليه وتغشّى الجبل كلّه، فدخل فى الغمام وقال للقوم: ادنوا.
وكان موسى عليه السلام إذا كلمه ربه عز وجل وقع على وجهه نور ساطع لا يستطيع أحد من بنى آدم أن ينظر إليه؛ فضرب دونه الحجاب، ودنا القوم حتى دخلوا فى الغمام وخرّوا سجّدا، وسمعوه وهو يكلّم موسى يأمره وينهاه؛ فأسمعهم الله تعالى: إنى أنا الله لا إله إلا أنا ذو الملك، أخرجتكم من أرض مصر فاعبدونى ولا تعبدوا غيرى. فلما فرغ موسى وانكشف الغمام أقبل إليهم فقالوا: لن نؤمن لك حتّى نرى الله جهرة، أى لن نصدّقك، فأخذتهم الصّاعقة، وهى نار جاءت من السماء فأحرقتهم جميعا.
وقال وهب بن منبّه: أرسل الله عليهم جندا من السماء، فلما سمعوا حسّها ماتوا فى يوم وليلة.
فلما هلكوا جعل موسى- عليه السلام يبكى ويتضرع ويقول: يا رب ماذا أقول لبنى إسرائيل إذا أتيتهم وقد أهلكت خيارهم، ولو شئت أهلكتهم من قبل وإياى أتهلكنا بما فعل السفهاء منا، فلم يزل يناشد ربه حتى أحياهم الله- عز وجل رجلا بعد رجل ينظر بعضهم إلى بعض كيف يحيون. حكاه الثعلبىّ فى تفسيره.