المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ذكر خبر ذهاب موسى- عليه السلام لميقات ربه وطلبه الرؤية وخبر الصاعقة والإفاقة - نهاية الأرب في فنون الأدب - جـ ١٣

[النويري، شهاب الدين]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الثالث عشر

- ‌الفنّ الخامس فى التاريخ

- ‌القسم الأوّل من الفنّ الخامس فى مبدأ خلق آدم وحوّاء- عليهما السلام ودخولهما الجنة، و

- ‌الباب الأوّل- من هذا القسم فى مبدأ خلق آدم وحوّاء- عليهما السلام وما كان من أخبارهما إلى حين وفاتهما

- ‌ذكر خلق آدم عليه السلام

- ‌ذكر سجود الملائكة لآدم

- ‌ذكر خلق حوّاء عليها السلام

- ‌ذكر عرض الأمانة على آدم عليه السلام

- ‌ذكر خبر إبليس والطاوس والحيّة

- ‌ذكر خروج آدم وحوّاء من الجنة

- ‌ذكر سؤال إبليس- لعنه الله تعالى

- ‌ذكر سؤال آدم- عليه السلام

- ‌ذكر سؤال حوّاء- عليها السلام

- ‌ذكر توبة آدم عليه السلام

- ‌ذكر أخذ الميثاق على ذرّية آدم- عليه السلام

- ‌ذكر اجتماع آدم بحوّاء

- ‌ذكر إبناء آدم وزرعه وحرثه

- ‌ذكر حمل حوّاء- عليها السلام وولادتها

- ‌ذكر مبعث آدم- عليه السلام إلى أولاده

- ‌ذكر قتل قابيل هابيل

- ‌ذكر وفاة آدم- عليه السلام

- ‌ذكر وفاة حوّاء

- ‌الباب الثانى من القسم الأوّل من الفنّ الخامس فى خبر شيث ابن آدم- عليهما السلام وأولاده

- ‌ذكر قتال شيث قابيل

- ‌الباب الثالث من القسم الأوّل من الفنّ الخامس فى أخبار إدريس النبى- عليه السلام

- ‌الباب الرابع من القسم الأوّل من الفنّ الخامس فى قصة نوح- عليه السلام وخبر الطوفان

- ‌ذكر مبعث نوح عليه السلام

- ‌ذكر عمل السفينة

- ‌ذكر خبر دعوة نوح على ابنه حام ودعوته لابنه سام

- ‌ذكر وصيّة نوح ووفاته

- ‌ذكر خبر أولاد نوح- عليه السلام من بعده

- ‌الباب الخامس من القسم الأوّل من الفن الخامس فى قصة هود- عليه السلام مع عاد وهلاكهم بالريح العقيم

- ‌ذكر مبعث هود عليه السلام

- ‌ذكر خبر وفد عاد إلى الحرم يستسقون لهم

- ‌ذكر إرسال العذاب على قوم هود

- ‌ذكر خبر مرثد ولقمان

- ‌ذكر خبر إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِوقصّة شديد وشدّاد بنى عاد

- ‌الباب السادس من القسم الأوّل من الفنّ الخامس فى قصة صالح- عليه السلام مع ثمود وعقرهم الناقة وهلاكهم

- ‌ذكر ميلاد صالح- عليه السلام

- ‌ذكر مبعثه- عليه السلام

- ‌ذكر خروج الناقة

- ‌ذكر خبر عقر الناقة وهلاك ثمود

- ‌الباب السابع من القسم الأوّل من الفنّ الخامس فى أخبار أصحاب البئر المعطّلة والقصر المشيد وما كان من أمرهم وهلاكهم

- ‌الباب الثامن من القسم الأوّل من الفنّ الخامس فى خبر أصحاب الرّس وما كان من أمرهم

- ‌وأمّا الرسّ الآخر

- ‌القسم الثانى من الفنّ الخامس فى قصّة إبراهيم الخليل- عليه الصلاة والسلام وخبره مع نمروذ، وقصّة لوط، وخبر إسحاق ويعقوب، وقصّة يوسف وأيّوب وذى الكفل وشعيب

- ‌الباب الأوّل منه فى قصّة إبراهيم الخليل- عليه الصلاة والسلام وخبر نمروذ بن كنعان

- ‌ذكر خبر نمروذ بن كنعان

- ‌ذكر الآيات التى رآها نمروذ قبل مولد إبراهيم- عليه السلام

- ‌ذكر حمل أمّ إبراهيم- عليه السلام وطلوع نجمه

- ‌ذكر ميلاد إبراهيم- عليه السلام

- ‌ذكر خروج إبراهيم- عليه السلام من الغار واستدلاله

- ‌ذكر معجزة لإبراهيم- عليه الصلاة والسلام

- ‌ذكر مبعث إبراهيم- عليه السلام

- ‌ذكر سؤال إبراهيم- عليه السلام فى إحياء الموتى

- ‌ذكر آية لإبراهيم- عليه السلام

- ‌ذكر خبر تكسير إبراهيم الأصنام وإلقائه فى النار

- ‌ذكر خبر صعود نمروذ إلى السماء على زعمه

- ‌ذكر خبر إرسال البعوض على نمروذ وقومه

- ‌ذكر هجرة إبراهيم- عليه السلام

- ‌ذكر خبر ميلاد إسماعيل- عليه السلام ومقامه وأمّه فى البيت المحرّم

- ‌ذكر خبر بشارة إبراهيم بإسحاق- عليهما السلام

- ‌ذكر خبر الذبيح وفدائه

- ‌ذكر وفاة إبراهيم- عليه السلام

- ‌الباب الثانى من القسم الثانى من الفن الخامس فى قصّة لوط- عليه السلام وقلب المدائن

- ‌ذكر خبر نزول العذاب على قوم لوط وقلب المدائن

- ‌الباب الثالث من القسم الثانى من الفن الخامس فى خبر إسحاق ويعقوب- عليهما السلام

- ‌ذكر مبعث يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام

- ‌الباب الرابع من القسم الثانى من الفن الخامس فى قصّة يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام

- ‌ذكر خبر ميلاد يوسف- عليه السلام

- ‌ذكر رؤيا يوسف- عليه السلام وكيد إخوته له

- ‌ذكر رجوع إخوة يوسف إلى يعقوب

- ‌ذكر كلام الذئب بين يدى يعقوب

- ‌ذكر خبر خروج يوسف من الجبّ وبيعه من مالك بن دعر

- ‌ذكر خبر بيع يوسف من عزيز مصر

- ‌ذكر خبر يوسف وزليخا

- ‌ذكر خبر النسوة اللاتى قطّعن أيديهنّ

- ‌ذكر إلهام يوسف- عليه السلام التعبير

- ‌ذكر خبر الخبّاز والساقى

- ‌ذكر رؤيا الملك وتعبيرها وما كان من أمر يوسف وولايته

- ‌ذكر حاجة زليخا إلى الطعام وزواج يوسف بها

- ‌ذكر دخول إخوة يوسف- عليه السلام فى المرّة الأولى

- ‌ذكر خبر دخولهم عليه فى المرّة الثانية

- ‌ذكر خبر دخولهم عليه فى الدفعة الثالثة

- ‌ذكر خبر حديث الصاع

- ‌ذكر دعوة يوسف- عليه السلام وارتحاله عن بلد الريّان

- ‌ذكر خبر وفاة يوسف- عليه السلام

- ‌الباب الخامس من القسم الثانى من الفنّ الخامس فى قصّة أيوب- عليه السلام وابتلائه وعافيته

- ‌ذكر كشف البلاء عن أيّوب- عليه السلام

- ‌الباب السادس من القسم الثانى من الفن الخامس فى خبر (ذى الكفل)

- ‌الباب السابع من القسم الثانى من الفن الخامس فى خبر شعيب النبى عليه السلام

- ‌ذكر مبعث شعيب- عليه السلام

- ‌ذكر خبر الظّلّة

- ‌القسم الثالث من الفنّ الخامس يشتمل على قصة موسى بن عمران عليه السلام وخبره مع فرعون؛ و

- ‌الباب الأوّل من القسم الثالث من الفن الخامس فى قصة موسى بن عمران وهارون- عليهما السلام

- ‌ذكر خبر قتل الملك واستيلاء فرعون على ملكه وما كان من أمره

- ‌ذكر خبر آسية بنة مزاحم وزواج فرعون بها

- ‌ذكر شىء من الايات التى رآها فرعون قبل مولد موسى عليه السلام

- ‌ذكر خبر قتل الأطفال

- ‌ذكر خبر ميلاد موسى وما كان من أمره وإلقائه فى التابوت

- ‌ذكر دخول التابوت فى دار فرعون ورجوع موسى إلى أمّه

- ‌ذكر شىء من عجائب موسى- عليه السلام وآياته

- ‌ذكر خبر القبطىّ وخروج موسى من مصر

- ‌ذكر خبر ورود موسى مدين وما كان بينه وبين شعيب وزواجه ابنته

- ‌ذكر خبر خروج موسى- عليه السلام من أرض مدين ومناجاته ومبعثه إلى فرعون

- ‌ذكر خبر مسير موسى إلى مصر واجتماعه بأخيه هارون وأمّه

- ‌ذكر خبر دخول موسى- عليه السلام إلى فرعون وما كان من أمره معه

- ‌ذكر خبر العصا حين صارت ثعبانا واليد البيضاء

- ‌ذكر خبر السّحرة واجتماعهم وما كان من أمرهم وإيمانهم

- ‌ذكر خبر حزقيل مؤمن آل فرعون

- ‌ذكر خبر بناء الصرح وما قيل فيه

- ‌ذكر خبر الآيات التسع

- ‌ذكر خبر مسخ قوم فرعون

- ‌ذكر خبر قتل الماشطة

- ‌ذكر خبر قتل آسية بنت مزاحم امرأة فرعون

- ‌ذكر خبر انقطاع النيل وكيف أجراه الله عز وجل لفرعون

- ‌ذكر خبر غرق فرعون وقومه

- ‌ذكر خبر ذهاب موسى- عليه السلام لميقات ربه وطلبه الرؤية وخبر الصاعقة والإفاقة

- ‌ذكر خبر الألواح ونزول التوراة والعشر كلمات

- ‌ذكر خبر السامرى واتخاذه العجل وافتتان بنى إسرائيل به

- ‌ذكر خبر رجوع موسى إلى قومه وما كان من أمرهم

- ‌ذكر خبر امتناع بنى إسرائيل من قبول أحكام التوراة ورفع الجبل عليهم وإيمانهم

- ‌ذكر خبر الحجر الذى وضع موسى- عليه السلام ثيابه عليه

- ‌ذكر خبر طلب بنى إسرائيل رؤية الله تعالى وهلاكهم بالصاعقة، وكيف أحياهم الله- عز وجل وبعثهم من بعد موتهم

- ‌ذكر خبر قارون

- ‌ذكر خبر موسى والخضر- عليهما السلام

- ‌ذكر خبر البقرة وقتل عاميل

- ‌ذكر بناء بيت المقدس وخبر القربان والتابوت والسكينة وصفة النار

- ‌ذكر ما أنعم الله تعالى به على بنى إسرائيل بعد خروجهم من مصر

- ‌ذكر مسير موسى- عليه السلام وبنى إسرائيل لحرب الجبّارين ودخولهم القرية

- ‌ذكر خبر مدينة بلقاء وخبر بلعم بن باعورا وما يتّصل بذلك

- ‌ذكر خبر وفاة هارون عليه الصلاة والسلام

- ‌ذكر وفاة موسى بن عمران- عليه الصلاة والسلام

- ‌استدراك

الفصل: ‌ذكر خبر ذهاب موسى- عليه السلام لميقات ربه وطلبه الرؤية وخبر الصاعقة والإفاقة

‌ذكر خبر ذهاب موسى- عليه السلام لميقات ربه وطلبه الرؤية وخبر الصاعقة والإفاقة

حكى أبو إسحاق الثعلبىّ فى تفسير قوله تعالى: وَواعَدْنا مُوسى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْناها بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً.

قال: كان ذلك فى شهر ذى القعدة وعشر من ذى الحجّة.

قال: وذلك أنّ موسى- عليه السلام كان قد وعد بنى إسرائيل وهو بمصر إذا خرجوا منها وهلك عدوّهم أن يأتيهم بكتاب فيه ما يأتون وما يذرون؛ فلمّا أهلك الله تعالى فرعون وقومه واستنقذ بنى إسرائيل من أيديهم، وأمّنهم من عدوّهم، ولم يكن لهم كتاب ولا شريعة ينتهون إليها، قالوا: يا موسى ائتنا بالكتاب الذى وعدتنا به. فسأل موسى ربّه تعالى ذلك؛ فأمره أن يصوم ثلاثين ليلة ثم يتطهّر «1» ويطهّر ثيابه ويأتى طور سيناء ليكلّمه ويعطيه الكتاب؛ فصام ثلاثين يوما؛ فلمّا صعد الجبل أنكر خلوف فمه، فاستاك بعود خرنوب.

وقال أبو العالية: أخذ من لحاء الشجر فمصّه؛ فقالت له الملائكة: كنا نشمّ من فمك رائحة المسك فأفسدته بالسواك. فأوحى الله تعالى إليه أن صم عشرة أيّام أخر، وقال له: أما علمت يا موسى أنّ خلوف فم الصائم أطيب عندى من ريح المسك؟

قال: وكانت فتنة بنى إسرائيل فى العشر ليالى التى زادها الله تعالى؛ فلما مضت أربعون ليلة تطهّر موسى وطهّر ثيابه لميقات ربّه؛ فلمّا أتى طور سيناء كلّمه ربّه وناجاه، وقرّبه وأدناه، كما قال تعالى: وَقَرَّبْناهُ نَجِيًّا.

ص: 210

قال وهب: كان بين الله تعالى وبين موسى سبعون حجابا، فرفعها كلها إلّا حجابا واحدا، فسمع موسى كلام الله تعالى واشتاق إلى رؤيته وطمع فيها، فقال ما أخبر الله- عز وجل به عنه فى كتابه، قال الله تعالى: وَلَمَّا جاءَ مُوسى لِمِيقاتِنا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ

. فقال الله تعالى له: لَنْ تَرانِي

وليس يطيق البشر النظر إلىّ فى الدنيا، من نظر إلىّ مات. قال: إلهى سمعت كلامك فاشتقت إلى النظر إليك، ولأن أنظر إليك ثم أموت أحبّ إلىّ من أن أعيش ولا أراك. فقال له تعالى: انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ

وهو أعظم جبل يقال له: (الزّبير) .

قال: وذلك أنّ الجبال لمّا علمت أن الله تعالى يريد أن يتجلّى لجبل منها تعاظمت وتشامخت رجاء أن يتجلّى الله تعالى لها، وجعل الزّبير يتواضع من بينها فلما رأى الله تعالى تواضعه رفعه من بينها، وخصّه بالتجلّى، قال الله تعالى: وَلكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكانَهُ فَسَوْفَ تَرانِي

. فتجلّى الله تعالى للجبل.

قال: واختلف العلماء فى معنى التجلّى؛ قال ابن عباس: ظهر نوره للجبل.

وقال الضحّاك: أظهر الله تعالى من نور الحجب مثل منخر الثور.

وقال عبد الله بن سلام وكعب: ما تجلّى من عظمة الله تعالى للجبل إلّا مثل سمّ الخياط حتى صار دكّا.

وقال السدّىّ: ما تجلّى منه إلّا قدر الخنصر.

وقال الحسن: أوحى الله تعالى إلى الجبل فقال: هل تطيق رؤيتى؟ فغار الجبل وساخ فى الأرض وموسى ينظر إليه حتى ذهب أجمع.

ص: 211

قال أبو إسحاق: قال أبو بكر محمد بن عمر الورّاق: حكى لى عن سهل بن سعد الساعدىّ أنّ الله تعالى أظهر من سبعين ألف حجاب نورا قدر درهم، فجعل الجبل دكّا.

قال أبو بكر: فعذب إذ ذاك كلّ ماء، وأفاق كلّ مجنون، وبرأ كلّ مريض وزال الشوك عن الأشجار، واخضرّت الأرض واهتزّت. وخمدت نيران المجوس وخرّت الأصنام لوجوهها.

وقال السّدّىّ: ما تجلّى للجبل إلّا مقدار جناح بعوضة، فصار الجبل دكّا.

قال ابن عباس- رضى الله عنهما-: ترابا.

وقال سفيان: ساخ حتى وقع فى البحر.

وقال عطية العوفىّ: صار رملا هائلا.

وقال الكلبىّ: جَعَلَهُ دَكًّا

، أى كسّر جبالا صغارا.

وعن أنس بن مالك- رضى الله عنه- قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم:

فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا

قال: صار بعظمة الله ستّة أجبل، فوقعت ثلاثة بالمدينة: أحد، وورقان «1» ، ورضوى «2» . ووقعت ثلاثة بمكّة: ثور، وثبير وحراء. وَخَرَّ مُوسى صَعِقاً

. قال ابن عبّاس- رضى الله عنهما-:

مغشيّا عليه.

وقال قتادة: ميّتا.

وقال الكلبىّ: خرّ موسى صعقا: يوم الخميس يوم عرفة، وأعطى التوراة يوم الجمعة يوم النحر.

ص: 212

قال الواقدىّ: لمّا خرّ موسى صعقا قالت الملائكة: ما لابن عمران وسؤال الرؤية.

قال وهب: لما سأل موسى الرؤية أرسل الله تعالى الضّباب والصواعق والظّلمة والرعد والبرق فأحاطت بالجبل الّذى عليه موسى، وأمر الله تعالى ملائكة السموات أن يعرضوا على موسى أربعة فراسخ من كلّ ناحية؛ فمرّت ملائكة سماء الدنيا كثيران البقر، تتابع أفواههم التقديس والتسبيح بصوت عظيم كصوت الرعد الشديد؛ ثم أمر الله تعالى ملائكة السماء الثانية: أن اهبطوا على موسى. فهبطوا عليه مثل أسد لهم نحيب بالتسبيح والتقديس؛ ففزع موسى مما رأى وسمع واقشعرّ جلده، ثم قال: ندمت على مسألتى، فهل ينجينى من مكانى الّذى أنا فيه شىء؟ فقال له حبر الملائكة ورأسهم: يا موسى اصبر لما رأيت، فقليل من كثير رأيت. ثم هبطت ملائكة السماء الثالثة كأمثال النسور، لهم قصف ورجف بالتسبيح والتهليل والتقديس كجلب الجيش العظيم وكلهب النار؛ ثم هبطت عليه ملائكة السماء الرابعة لا يشبههم شىء من الّذين مرّوا به قبلهم، ألوانهم كلهب النار، وسائر خلقهم كالثلج الأبيض، أصواتهم عالية بالتسبيح والتقديس لا يقاربهم شىء من أصوات الّذين مرّوا به قبلهم؛ ثم هبطت عليه ملائكة السماء الخامسة فى سبعة ألوان، فلم يستطع موسى أن يتبعهم الطّرف، لم ير مثلهم ولا سمع مثل أصواتهم، وامتلأ جوف موسى فزعا، واشتدّ حزنه وكثر بكاؤه؛ ثم قال له حبر الملائكة ورأسهم: يابن عمران، مكانك حتّى ترى ما لا تصبر عليه؛ ثم أمر الله تعالى ملائكة السماء السادسة أن اهبطوا على عبدى الّذى أراد أن يرانى؛ فعرضوا عليه وفى يد كلّ منهم حربة مثل النخلة الطويلة، نارها أشدّ ضوءا من الشمس، ولباسهم كلهب النّيران، إذا سبّحوا وقدّسوا جاوبهم من كان قبلهم

ص: 213