الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال: يا موسى، بل نم معى، فإن جاء ربّ البيت غضب علىّ وعليك جميعا. فلمّا ناما أخذ هارون الموت، فلما وجد حسّه قال: يا موسى خدعتنى. فلمّا قبض- عليه السلام رفع ذلك البيت، وذهبت تلك الشجرة، ورفع السرير به إلى السماء، فلما رجع موسى إلى بنى إسرائيل وليس معه هارون، قالوا: إن موسى قتل هارون وحسده لحبّ بنى إسرائيل له. فلمّا أكثروا عليه قام فصلّى ركعتين، ثم دعا الله تعالى، فنزل السرير حتى نظروا إليه بين السماء والأرض؛ فصدّقوه.
وقال الثعلبىّ أيضا. وقال عمرو بن ميمون: مات هارون- عليه السلام فى التّيه، ومات قبل موسى، وكانا خرجا فى التّيه إلى بعض تلك الكهوف، فمات هارون، فدفنه موسى، وانصرف إلى بنى إسرائيل، فقالوا: ما فعل هارون؟ قال:
مات. قالوا: كذبت، ولكنّك قتلته لحبّنا إيّاه- وكان محبّبا فى بنى إسرائيل- فتضرّع موسى إلى الله تعالى وشكا ما لقى من بنى إسرائيل؛ فأوحى الله إليه: أن انطلق بهم إلى قبره، فإنّى باعثه حتى يخبرهم أنه مات موتا وأنك لم تقتله. فانطلق بهم موسى إلى قبره، فنادى: يا هارون. فخرج من قبره ينفض رأسه؛ فقال:
أنا قاتلك؟ قال: لا، ولكنّى متّ. قال: فعد إلى مضجعك. فعاد- عليه السلام وانصرفوا.
ذكر وفاة موسى بن عمران- عليه الصلاة والسلام
-
قال أبو إسحاق الثعلبىّ- رحمه الله قال ابن إسحاق: كان موسى- عليه السلام قد كره الموت وأعظمه، فأراد الله تعالى أن يحبّب إليه الموت ويكره إليه الحياة؛ وكان يوشع بن نون يغدو عليه ويروح، فيقول له موسى: يا نبىّ الله ما أحدث الله إليك. فيقول له يوشع: يا نبىّ الله، ألم أصحبك كذا وكذا سنة، فهل
كنت أسألك عن شىء ممّا أحدث الله إليك حتى تكون أنت تبتدئ به وتذكره؟
ولا يذكر له شيئا.
فلما رأى موسى ذلك كره الحياة وأحبّ الموت.
وعن وهب أنه قال- وذكر من كرامة موسى عليه السلام أنه ضاق ببنى إسرائيل ذرعا لمّا كثّروا عليه؛ فأوحى الله تعالى إلى ألف نبىّ أن يكونوا أعوانا له؛ فلمّا مال الناس إليهم وجد موسى فى نفسه، فأماتهم الله تعالى لكرامته فى يوم واحد.
والذى صحّ لنا من خبر وفاة موسى- عليه السلام ما ثبت فى صحيح البخارىّ وهو ما حدّثنا به الشيخان المسندان المعمّران: شهاب الدين أبو العبّاس أحمد بن أبى طالب نعمة بن حسن بن علىّ بن سنان الشّحنة الصالحىّ الحجّار، وستّ الوزراء أمّ محمد «1» (وزيرة) ابنة الشيخ الإمام العالم شمس الدين أبى حفص عمر ابن القاضى وجيه الدين أسعد بن المنجا التنوخىّ الدمشقيّان، قراءة عليهما، وأنا أسمع بالمدينة المنصوريّة بخطّ (بين القصرين بالقاهرة المعزّيّة) ، وذلك فى يوم السبت السابع من جمادى الأولى سنة خمس عشرة وسبعمائة، بقراءة الشيخ علاء الدين علىّ بن الماردينى، قالا: حدّثنا الشيخ سراج الدين أبو عبد الله الحسين بن المبارك بن محمد بن يحيى الزبيدىّ، قال: أخبرنا الشيخ أبو الوقت عبد الأوّل بن عيسى بن شعيب السّجزىّ الصوفىّ ثم الهروىّ، قال: أخبرنا الإمام جمال الدين أبو الحسن عبد الرحمن بن محمد بن المظفر بن محمد بن داود الداودىّ، قال: أخبرنا الإمام أبو عبد الله محمد بن أحمد بن حمويه التنوخىّ، قال: أخبرنا الإمام أبو عبد الله محمد ابن يوسف بن مطر الفهرىّ، قال: حدّثنا الإمام أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن
إبراهيم بن المغيرة بن الأحنف الجعفىّ مولاهم البخارىّ- رحمه الله قال:
حدّثنا محمود، حدّثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر عن ابن طاوس عن أبيه عن أبى هريرة- رضى الله عنه- قال: أرسل ملك الموت إلى موسى عليه السلام فلما جاءه صكّه، فرجع إلى ربّه فقال: أرسلتنى إلى عبد لا يريد الموت. فردّ الله عليه عينه وقال: ارجع فقل له يضع يده على متن ثور فله بكل ما غطّت به يده بكل شعرة سنة. قال: أى رب ثم ماذا؟ قال: ثم الموت. قال: فالآن. فسأل الله أن يدنيه من الأرض المقدّسة رمية بحجر. قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم: فلو كنت ثم لأريتكم قبره إلى جانب الطريق عند الكثيب الأحمر.
قال الثعلبى: وكان عمر موسى- عليه السلام مائة وعشرين سنة، عشرون منها فى ملك أفريدون، ومائة سنة فى ملك منوجهر، وبعث الله تعالى بعد موسى يوشع عليهما السلام.
كمل الجزء الثالث عشر من كتاب نهاية الأرب فى فنون الأدب لشهاب الدين أحمد بن عبد الوهاب البكرى التيمىّ القرشى المعروف بالنويرىّ- رحمه الله تعالى- ويليه الجزء الرابع عشر، وأوّله: الباب الثانى من القسم الثالث من الفن الخامس فيما كان بعد موسى بن عمران عليهما السلام، وهو أخبار يوشع بن نون وحزقيل وإلياس واليسع وغيلا واشمويل وداود وطالوت وجالوت وسليمان بن داود عليهم السلام.
والحمد لله رب العالمين