الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال لادم: اركض برجلك فى هذا الموضع. فركضها، فانفجرت الأرض بإذن الله عين ماء معين؛ فكبّر آدم وحوّاء، وهمّت أن تشرب فمنعها وقال:«حتى يأذن لى ربّى» . فاغتسلت حوّاء، وكان فى ذوائبها بقيّة من مسك الجنّة، ففاحت الدنيا.
ذكر إبناء آدم وزرعه وحرثه
قال: ثم أوحى الله تعالى إلى آدم: «أنك إن لم تعمر هذه الدنيا لم يعمرها أحد من أولادك، فاعمرها» . فبنى له مسكنا يأوى إليه هو وحوّاء؛ ثم أخذ بعد ذلك فى الحرث والزرع وحفر الآبار؛ وجاءه جبريل بالحبة وهى على قدر بيض النّعام، بيضاء فى لون الثلج وأحلى من العسل؛ وجاءه بثورين من ثيران الفردوس وجاءه بالحديد؛ فلمّا نظر آدم إلى الحبّ صاح صيحة عظيمة، وقال: ما لى ولهذا الحبّ الّذى أخرجنى من الجنّة.
قال: «هذا رزقك فى الدنيا، لأنك اخترته فى الجنّة، فهو غذاء لك ولذرّيّتك» .
ثم قال له جبريل: يا آدم، قم فكن حرّاثا زرّاعا، وأتاه بالنار وقد غمسها فى سبعين ماء حتّى اعتدلت وكمنت فى الحديد والحجر، وأمره أن يوقد النار ويلين الحديد، ويتّخذ منه مطرقة وسندانا، ففعل؛ ثم اتخذ مدية يذبح بها، وفأسا يحفر بها ويكسر، ومحراثا يحرث به الأرض، ونيرا؛ كلّ ذلك وجبريل يعلّمه.
قال وهب: أوّل ما اتخذ آدم من الحديد سندان ومطرقة وكلبتان؛ ثم اتخذ بعد ذلك آلة النجارة، وأتاه جبريل بكبش من الجنّة، فنحره آدم، وأكل هو وحوّاء من لحمه، واتخذا مقراضا فجزّا به الصوف من الكبش، وغزلاه، واتخذا منه
جبّتين بغير كمّين، وكساءين، فاكتسى كلّ واحد منهما جبّة وكساء، فلما مسّت جلّدهما خشونة الصوف بكيا شوقا إلى السندس والإستبرق؛ فقيل لهما:«هذا لباس أهل الطاعة فى الدنيا» . وجىء بالأشجار التى ذكرناها فى الفن الرابع من هذا الكتاب، وهو فنّ النباتات؛ وقد قدّمنا ذكرها فيما سلف منه.
وعن كعب أن الذى جاء بالحبّ ميكائيل، لأنّه الموكّل بالحبّ والقطر والنبات.
قال: فقام آدم فعقد النّير على عنقى الثورين؛ ثم حرث وبذر، وكان يقف على الزرع ويقول: متى يدرك؟. فيسمع هاتفا يقول: (خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ)
؛ وكان الزرع فى طول النخل، والسنبلة فى طول مائة ذراع، بيضاء كالفضّة.
قال كعب: فلمّا استحقّ الزرع كان آدم يحصد، وحوّاء تجمع؛ ثم علّم آدم الدّراسة والتذرية والطحن والعجن والخبز؛ ثم أكلا وشربا فأصابتهما النفخة والقرقرة فى بطونهما؛ فتجشّأ آدم جشاء متغيّرا، وتغيّر عليه بدنه وثقل؛ فلمّا ثقلت عليهما بطونهما أمرهما الملك أن يتبرّزا إلى الصحراء لقضاء الحاجة؛ فلمّا رأيا ذلك من أنفسهما بكيا بكاء شديدا، وقالا:«هذا الذى أورثنا ذنبنا» .
ثم أمرهما الملك أن يمسحا بالمدر، ثم يغتسلا بالماء؛ ثم علّمهما الوضوء فتوضا وضوء الإسلام؛ ثم أمرهما بالصلاة، فكان أوّل صلاة صلّاها آدم الظهر.
وكان آدم ربّما اشتغل عن صلاته ولا يعرف الأوقات، فأعطاه الله ديكا ودجاجة، فكان الديك أبيض أفرق «1» أصفر الرجلين، كالثور العظيم، وكان يضرب بجناحه عند أوقات الصلاة ويقول: سبحان من يسبّحه كلّ شىء سبحان الله وبحمده، يا آدم: الصلاة يرحمك الله.